الكمال : التمام وهما مترادفان كما وقع في الصحاح وغيره وقد فرق بينهما بعض أرباب المعاني وأوضحوا الكلام في قوله تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " وبسطه في العناية وأوسع الكلام فيه البهاء السبكي في : عروس الأفراح وقيل : التمام : الذي تجزأ منه أجزاؤه كما سيأتي وفيه ثلاث لغات . كمل كنصر وكرم وعلم قال الجوهري : والكسر أردؤها وزاد ابن عباد : كمل يكمل مثل ضرب يضرب نقله الصاغاني كمالا وكمولا فهو كامل وكميل جاءوا به على كمل وأنشد سيبويه :
على أنه بعد ما قد مضى ... ثلاثون للهجر حولا كميلا وجمع كامل كملة كحافد وحفدة . وتكامل الشيء وتكمل ككمل . وأكمله واستكمله وكمله : أتمه وجمله قال الشاعر :
فقرى العراق مقيل يوم واحد ... والبصرتان وواسط تكميله قال ابن سيده : قال أبو عبيد : أراد كان ذلك كله يسار في يوم واحد . وأعطاه المال كملا محركة : أي كاملا هكذا يتكلم به في الجميع والوحدان سواء ولا يثنى ولا يجمع قال : وليس بمصدر ولا نعت إنما هو كقولك أعطيته كله . والكامل : البحر الخامس من بحور العروض وزنه : متفاعلن ست مرات وبيته قول عنترة :
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي قال أبو إسحاق : سمي كاملا لأنه كملت أجزاؤه وحركاته وكان أكمل من الوافر لأن الوافر توفرت حركاته ونقصت أجزاؤه . الكامل أفراس منها : فرس لميمون بن موسى المري هكذا في النسخ والصواب لموسى بن ميمون المرئي من بني امرئ القيس وكان سبق بلال بن أبي بردة فقال رؤبة :
" كيف ترى الكامل يقضي فرقا وقال بعضهم : بل كان لامرئ القيس والصحيح الأول . الكامل : فرس الرقاد بن المنذر الضبي وسيأتي شاهده من قول ابن العائف قريبا . أيضا : فرس الهلقام الكلبي قال شراحيل بن عبد العزى :
ألم تعلموا أني أنا الليث عاديا ... وأن أبي الهلقام فارس كامل ؟ ! أيضا : فرس سنان بن أبي حارثة المري وهو القائل فيه :
وما زلت أجري كاملا وأكره ... على القوم حتى استسلموا وتفرقوا أيضا : فرس زيد الفوارس الضبي وأنشد ابن بري للعائف الضبي وفي العباب لابن العائف :
نعم الفوارس يوم جيش محرق ... لحقوا وهم يدعون يال ضرار
زيد الفوارس كر وابنا منذر ... والخيل يطعنها بنو الأحرار يريمي بغرة كامل وبنحره خطر النفوس وأي حين خطار وأنشد الصاغاني هذا البيت الأخير شاهدا لفرس الرقاد الضبي وهو ابن المنذر المشار إليه بقوله وابنا منذر . أيضا : فرس شيبان النهدي . أيضا : فرس زيد الخيل الطائي وإياه عنى بقوله :
" ما زلت أرميهم بثغرة كامل
والكاملة بنت البعيث : فرس عمرو بن معد يكرب عرضها على سلمان بن ربيعة العامري فهجنها سلمان فقال عمرو :
" إن الهجين يعرف الهجينا وأنشأ يقول :
يهجن سلمان بنت البعي ... ث جهلا لسلمان بالكامله
فإن كان أبصر مني بها ... فأمي لا أمه الثاكله وقال أبو الندى : لا أعرف الكاملة ولا البعيث ولا هذين البيتين . قلت : وقد تقدم للمصنف أن البعيث فرس عمرو بن معد يكرب . الكاملة : فرس ليزيد بن قنان الحارثي . والكاملية : شر الروافض نسبوا لرئيسهم أبي كامل القائل بتكفير الصحابة بترك نصرة علي وتكفير علي بترك طلب حقه رضي الله عن الصحابة ولعن أبا كامل هكذا نقله الفخر الرازي وغيره ووقع للقاضي عياض في الشفاء : الكميلية : من الروافض قالوا بتكفير جميع الأمة بعد موته صلى الله تعالى عليه وسلم قال الخفاجي في شرحه : هكذا وقع والصواب الكاملية ووفق بينهما بأنهم صغروا كاملا على كميل ونسبوا إليه على خلاف القياس تصغير تحقير فهو بضم الكاف بمعنى كامل وهو بعيد نقله شيخنا . والمكمل كمنبر : الرجل الكامل للخير أو الشر عن ابن الأعرابي . والكومل : حصن باليمن . وكمل بالفتح وكمعظم وزبير وجهينة : أسماء منهم كميل بن زياد صاحب سر علي . وكميل بن جعفر بن كميل عن عمه إبراهيم بن كميل عن عبد الله بن هاشم الطوسي . والكملول بالضم : نبات يعرف بالقنابرى قال الخليل : فارسيته برغست حكاه أبو تراب في كتاب الاعتقاب كما في الصحاح وقال غيره : يسمى شجرة البهق يكثر في أول الربيع في الأراضي الطيبة المنبتة للشوك والعوسج لطيف جلاء أنفع شيء للبهق والوضح أكلا وضمادا يذهبه في أيام يسيرة وصالح للمعدة والكبد ملائم للمحرور والمبرود ومملحه مشه للطعام . ومما يستدرك عليه : التكملة : مصدر كمله تكميلا يقال : كملت وفاء حقه تكميلا وتكملة . والتكملات في حساب الوصايا معروف . ويقال : هذا المكمل عشرين والمكمل مائة والمكمل ألفا . والكملول بالضم : مفازة نقله الجوهري وأنشد لحميد :
" حتى إذا ما حاجب الشمس دمج
" تذكر البيض بكملول فلج هكذا رواه منونا قال : وفلج يريد لج في السير وإنما ترك التشديد للقافية ومن لم ينون كملولا قال : هو نبات وفلج : نهر صغير . وأبو الفضل أحمد بن الحسين بن أحمد الكاملي : حدث بصور قال السلفي : سمعت منه بها . وعلي بن هبة الله بن عبد الصمد الكاملي الصوري عن أبي صادق المديني . وحمزة بن مكي الكاملي سمع من أصحاب السلفي . وأبو يعلى حمزة بن محمد بن محمد الكاملي عن المستغفري وغيره نسب إلى جده كامل بن حاتم . ويجمع الكامل على الكمل كسكر وعلى كملة ككتبة
مَلِلْتُه ومَلِلْتُ منه بالكَسْر مَلَلاً مُحَرَّكَةً ومَلَّةً ومَلالَةً ومَلالاً : سَئِمْتُه وبَرِمْتُ به وقال بعضُهم : المَلال : أن تمَلَّ شيئاً وتُعرِضَ عنه قال الشاعر :
" وأُقْسِمُ ما بي مِن جَفاءٍ ولا مَلَلْ وفي مُهِمّاتِ التَّعريف للمُناوِيِّ : المَلالُ : فُتورٌ يَعرِضُ للإنسان من كثرة مُزاوَلَةِ شيءٍ فيُوجِبُ الكَلالَ والإعراضَ عنه . وفي الحديث : " فإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتّى تَمَلُّوا " معناه أَنَّ اللهَ لا يَمَلُّ أَبداً ملَلْتُمْ أَو لمْ تَمَلُّوا فجَرى مَجرى قولِهِم : حتّى يَشيبَ الغُرابُ ويَبْيَضَّ القارُ وأَنَّ الله لا يقطَعُ عنكُم فضلَه حتّى تَمَلُّوا سؤالَه فسَمَّى فِعلَ اللهِ مَلَلاً على طريق الازدِواجِ في الكلامِ وهو بابٌ واسعٌ في العربيَّةِ كثيرٌ في القرآن . وفي حديث الاستِسقاءِ : " فأَلَّفَ اللهُ السَّحابَ ومَلَّتْنا " قال ابنُ الأَثير : كذا جاءَ في روايةٍ لمُسلِم أَي كَثُرَ مَطَرُها حتّى مَلِلْناها وقيل : هي مَلَتْنا بالتَّخفيف من الامْتِلاءِ فخفَّفَ الهَمْزَ . وأَنشدَنا حسَن بنُ مَنصورِ بنِ داوُدَ الحَسَنِيُّ :
أَكْثَرْتَ من زَوْرَةٍ فمَلَّكْ ... وزِدْتَ في الوُدِّ فاسْتَقَلَّكْ
لو كنْتَ مِمَّنْ تَزورُ يَوماً ... لكانَ عندَ اللِّقا أَجَلَّكْ كاسْتَمْلَلْتُهُ قال ابنُ هَرْمَةَ :
قِفا فهَريقا الدَّمْعَ بالمَنزِلِ الدَّرْسِ ... ولا تسْتَمِلاّ أَنْ تَطولَ بهِ عَنْسي وقال آخَرُ :
لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرَى مُجالِسُها ... ولا يَمَلُّ من النَّجْوى مُناجِيها
وهذا كما قالوا : خَلَت الدَّارُ واسْتَخْلَت وعَلا قِرْنَهُ واسْتَعلاهُ . زادَ الزَّمَخشرِيُّ : واسْتَمْلَلْتُ به : تبَرَّمْتُ . وأَمَلَّني إملالاً وأَمَلَّ علَيَّ : أَي أَبرَمَني يقال : أَدَلَّ فأَمَلَّ . فهو مَلٌّ ومَلولٌ ومَلولَةٌ ومالولَةٌ ومَلالَةٌ بالتَّشديد وذو مَلَّةٍ نقله الجَوْهَرِيُّ وأَنشدَ :
إنَّكَ واللهِ لَذو مَلَّةٍ ... يَطْرِفُكَ الأَدْنى عن الأَبعَدِ وفي العُباب : قال جاريَةٌ من الأَنصارِ وأَنشدَ البيتَ هكذا وقال ابنُ بريّ : الشِّعْرُ لِعُمَرَ بنِ أَبي رَبيعَةَ وصوابُ إنشادِهِ : عن الأَقدَمِ وبعدَهُ :
قلتُ لها بلْ أَنْتِ مُعتَلَّةٌ ... في الوَصْلِ يا هِندُ لكَي تَصرِمي وهي مَلولٌ على القِياسِ ومَلولَةٌ على الفِعْلِ . والمَلَلُ مُحرَّكَة : سِمَةٌ على حُرَّةِ الذِّفْرَى خَلْفَ الأُذُنِ عن ابن عَبّادٍ . والمَلَّةُ : الرّمادُ الحارُّ الذي يُحمَى لِيُدْفَنَ فيه الخُبزُ ليَنْضَجَ كالمَلَلِ قال أَبو الأَسود الدُّؤَلِيُّ يَذُمُّ عَمّارَ بنِ عَمْروٍ البَجَلِيَّ وكان بخيلاً :
صَلْدِ النَّدى زاهِدٍ في كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... كأَنَّما ضَيْفُه في مَلَّةِ النّارِ وفي الحديث : " فقال له إنَّما تُسِفُّهُم المَلَّ " . المَلَّةُ أَيضاً : الجَمْرُ وبه فُسِّرَ حديثُ كَعْبٍ : أَنَّه مَرَّ به رِجْلٌ من جَرادٍ فأَخَذَ جرادَتينِ فمَلَّهُما أَي شَواهُما بالمَلَّةِ . المَلَّةُ : عَرَقُ الحُمَّى كالمُلالِ بالضَّمِّ . والمُلَّةُ بالضَّمِّ : الخِياطَةُ الأُولَى قبلَ الكَفِّ وقد مَلَّ الثَّوبَ يَمُلُّهُ مَلاًّ . المِلَّةُ بالكسْرِ : الشريعَةُ أَو الدِّينُ كمِلَّةِ الإسلامِ والنَّصرانِيَّةِ واليَهودِيَّةِ وقيل : هي مُعظَمُ الدِّينِ وجُملَةُ ما يجيءُ به الرُّسُلُ وكلامُ المُصنِّفِ يَشيرُ إلى تَرادُفِ الثّلاثَةِ قال الرّاغِبُ : المِلَّةُ : اسْمٌ لِما شرعَهُ الله تعالى لعِبادِه على لِسانِ أَنبِيائه لِيَتَوَصَّلوا به إلى جِوارِه والفرقُ بينَها وبينَ الدِّينِ إنَّ المِلَّةَ لا تُضافُ إلاّ للنَّبِيِّ الذي تستنِدُ إليه ولا تكادُ توجَدُ مُضافَةً إلاّ إلى الله تعالى ولا إلى آحادِ الأُمَّةِ ولا تَستعمَلُ إلاّ في جُملَةِ الشَّرائعِ دونَ آحادِها . وتَمَلَّلَ وامْتَلَّ : دخَلَ فيها أَي في المِلَّةِ كتَسَنَّنَ واسْتَنَّ من السُنَّةِ . وقال أَبو إسحاقَ : المِلَّةُ في اللُّغَةِ : السُّنَّةُ والطَّريقَةُ ومن هذا أَخْذُ المَلَّة أي الموضع الذي يُخْتَبَزُ فيه لأَنَّهُ يُؤَثَّرُ في مَكانِها كما يؤَثَّرُ في الطَّريقِ قالَ : وكلامُ العَرَبِ إذا تَّفَقَ لفظُه فأَكثَرُهُ مُشْتَقٌّ من بعضٍ . وفي الأَساس : ومنَ المَجاز : المِلَّةُ : الطّريقُ المَسلوكَةُ ومنه : مِلَّةُ إبراهيمَ عليه السّلامُ خَيْرُ المِلَلِ . قال أَبو الهَيثَم : المِلَّةُ : الدِّيَةُ والجَمْعُ مِلَلٌ ومنه حديث عمرَ رضي الله تعالى عنه أَنَّه قال : ليسَ على عربِيٍّ مِلَلٌ . وأَنشدَ أَبو الهَيثَمِ :
" غَنائمُ الفِتيانِ في يَوْمِ الوَهَلْ
" ومِنْ عَطايا الرُّؤساءِ في المِلَلْ ومَلَّ القوسَ أَو السَّهْمَ أَو الرُّمْحَ بالنّارِ : إذا عالجَهُ بها ونَصُّ أَبي حنيفَةَ : في النَّارِ : عالَجَها بها . مَلَّ الشيءَ في الجَمْرِ : أَدْخَلَهُ فيه فهم مَمْلولٌ ومَليلٌ ومنه قولُ كعبِ بنِ زُهَيْرٍ رضي الله تعالى عنه :
" كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنَّارِ مَمْلولُ أَي كأَنَّ ما ظهَرَ منه للشَّمْسِ مَشْوِيٌّ بالمَلَّةِ من شِدَّةِ حَرِّهِ . مَلَّ في المَشْيِ مَلاًّ : أَسرَعَ كامْتَلَّ وذلكَ إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً عن الأَصمَعِيِّ وقال مُصعَبٌ : امْتَلَّ واسْتَلَّ بمعنى واحدٍ كذلكَ تَمَلَّلَ . مَلَّ الثَّوْبَ يَمُلُّهُ مَلاًّ : درَزَهُ عن كُراعٍ وقال غيرُه : خاطَهُ الخِياطَةُ الأَولى قبلَ الكَفِّ . مَلَّ المَلاّلُ الخُبْزَ واللَّحْمَ يَمُلُّها مَلاًّ : أَدخلَهُ في المَلَّةِ أَي الرَّمادِ الحارّ والخُبْزُ يُسَمّى المَليلَ والمَمْلولَ وكذلكَ اللَّحْمُ وأَنشدَ أَبو عُبيدٍ :
تَرى التَّيمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبَى ... إلى تَيْمِيَّةٍ كعَصا المَليلِوفي حديثِ خَيبَرَ : إذا أُناسٌ من يَهودَ مُجتَمِعونَ على خُبزَةٍ يَمُلُّونَها أَي يَجعلونَها في المَلَّةِ . قال الزَّجّاجُ : ملَّ عليه السَّفَرُ مَلاًّ : طالَ كأَمَلَّ عليه . والمُلالُ بالضَّمِّ : خَشَبَةُ قائمِ السَّيْفِ وقيل : ظَهْرُ القَوْسِ كما في العُباب . مُلال : ع قال الشّاعِرُ :
رمَى قلبَهُ البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيَةً ... بذِكْرِ الحِمى وَهْناً فباتَ يَهيمُ المُلالُ : الحَرُّ الكامِنُ في العَظْمِ من الحُمَّى وتَوَهُّجِها كالمَليلَةِ كسفينَةٍ يُقال : رَجُلٌ مَمْلولٌ ومَليلٌ : بهِ مَليلَةٌ وهو مَجازٌ وفي الصِّحاحِ : المَليلَةُ : حرارَةٌ يجِدُها الرَّجُلُ وهي حُمَّى في العَظْمِ انتهى وفي المثَلِ : ذَهَبَت البَليلَةُ بالمَليلَةِ أَي الصِّحَّةُ بالحُمّى وفي الحديثِ : لا تزالُ المَليلَةُ والصُّداعُ بالعبدِ . وقال اللِّحيانِيُّ : مُلِلْتَ مَلاًّ والاسمُ المَليلَةُ كحُمِمْتَ حُمَّى والاسمُ الحُمَّى . المُلالُ : وجَعُ الظَّهْرِ أَنشدَ ثعلَبٌ :
" داوِ بها ظهرَكَ من مُلالِهْ
" مِنْ خُزَراتٍ فيه وانْخِزالِهْ
" كما يُداوَى العَرُّ مِنْ أُكالِهْ المُلالُ : عرَقُ الحُمّى وهذا قد تقدَّمَ له قريباً فهو تَكرارٌ . المُلالُ : التَّقَلُّبُ مرَضاً أَو غَمّاً قال :
وهَمَّ تأْخُذُ النُّجَواءُ مِنْهُ ... يُعَدُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ فِعْلُ الكُلِّ مَلِلْتُ بالكسْرِ مَلاًّ ومَلَّلْتُ بالتَّشديدِ وتَمَلَّلْتُ . منَ المَجاز : تَمَلَّلَ الرَّجُلُ وتَمَلْمَلَ : تقلَّبَ من مرضٍ أَو نحوِهِ كأَنَّه على مَلَّةٍ قاله ابنُ أَبي الحديدِ وأَصْلُهُ تملَّلَ فَفُكَّ بالتَّضْعيفِ وقال شَمِرٌ : إذا نَبا بالرَّجُلِ مَضْجَعُه من غَمٍّ أَو وَصَبٍ قيل : قد تمَلْمَلَ وهو تقلُّبُه على فِراشِه قال : وتَمَلْمُلُه وهو جالسٌ أَنْ يَتَوَكّأَ مرَّةً على هذا الشَّقِّ ومرَّةً يَجْثُو على رُكْبَتَيْهِ والحِرْباءُ تتَمَلْمَلُ من الحَرِّ تصعَدُ رأْسَ الشَّجَرَةِ مَرَّةً وتَبْطُنُ فيها مَرَّةً وتظهَرُ أُخْرى . ومَلَّلْتُهُ أَنا : أَي قلَّبْتُه فهو يتعَدَّى ولا يتعَدَّى . منَ المَجاز : طريقٌ مَليلٌ ومُمَلٌّ بفتح الميم الثّانيَةِ : أَي سُلِكَ كثيراً وطالَ الاختِلافُ عليهِ فهو مُعْلَمٌ لاحِبٌ ومنه أَمَلَّ عليه المَلَوانِ : طال اخْتِلافُهُما عليه وقال ابنُ مُقْبِلٍ :
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ ... أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ أَي أَلَحَّ عليها حتّى أَثَّرَ فيها . وأَمَلَّهُ : قال له فكَتبَ عنهُ وأَمْلاهُ كأَمَلَّهُ على تَحويلِ التَّضْعيفِ وفي التَّنزيلِ : " فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بالعَدْلِ " وهذا من أَمَلَّ وفي التَّنزيلِ أَيضاً : " فهِيَ تُمْلَى عليهِ بُكْرَةً وأَصيلاً " وهذا من أَمْلَى وحَكى أَبو زَيدٍ : أَنا أُمْلِلُ عليه الكِتابَ بإظهارِ التَّضْعيفِ . وقال الفرّاءُ : أَمْلَلْتُ لُغَةُ أَهلِ الحِجازِ وبَني أسَدٍ وأَمْلَيْتُ لُغَةُ بني تَميمٍ وقيسٍ يقال : أَمَلَّ عليه شيئاً يكتُبُه وأَمْلى عليه فنزَلَ القرآن باللُّغتينِ معاً . قال الليثُ : حِمارٌ مُلامِلٌ كعُلابِطٍ وكذا ناقَةٌ مَلْمَلَى على فَعْلَلى : أَي سريعٌ وسريعَةٌ . وهي المَلْمَلَةُ بمعنى السُّرعَةِ وأَنشدَ لأَبي محمَّد الفَقْعَسِيِّ :
" يا ناقَتا مالَكِ تَدْأَلينا
" أَلَمْ تكوني مَلْمَلى ذَقُوناوالمُلْمُولُ بالضَّمِّ : المِكْحالُ وفي الصِّحاحِ : الذي يُكتَحَلُ به وقال أَبو حاتِمٍ : هو الذي يُكْحَلُ ويُسْبَرُ به الجِراحُ ولا يُقال : المِيلُ إنَّما المِيلُ من أَميال الطَّريقِ وكذلك قاله أَبو سعيدٍ وغيره من أَهلِ اللُّغَةِ . المُلْمُولُ : قضيبُ الثَّعْلَبِ عن ابْن دُرَيْدٍٍ قال غيرُه : قضيبُ البَعير أَيضاً . قال الأَزْهَرِيّ : المُلْمُولُ : الحديدَةُ التي يُكْتَبُ بها في أَلواحِ الدَّفْتَرِ . مَلَلُ كجَبَلٍ : ع بينَ الحَرمينِ على سبعةَ عشَرَ مِيلاً من المدينة على ساكِنِها السَّلامُ ومنه حديثُ عائشَةَ رضي الله تعالى عنها : أَصبحَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلَّم بمَلَل ثمَّ راحَ وتَعَشَّى بسَرِف . وقيل : هو على عشرينَ مِيلاً من المدينةِ قيل : إنَّه سُمِّيَ به لأَنَّ الماشِيَ إليهِ من المدينةِ لا يَبلُغُه إلاّ بعدَ مَلَلٍ وجَهْدٍ قاله السُّهَيْلِيُّ في الرَّوضِ . مَليلَةُ كسفينَةٍ : د بالمغربِ قُرْبَ سِبْتَةَ . مَلاّلَةُ كجَبّانَةٍ : ة قُرْبَ بِجايَةَ على ساحِلِ البَحرِ ومنها العَلاّمَةُ محمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ بنِ عُمَرَ بنِ عليٍّ المَلالِيُّ مِمَّن أَخَذَ على الشَّيخِ سيِّدي محمَّد بنِ يوسفَ بنِ عُمرَ بنِ شُعَيْبٍ السَّنوسِيِّ . والمُلَّى كرُبَّى : الخُبزَةُ المُنْضَجَةُ . وهارونُ بنُ مَلّولٍ المِصرِيُّ كتَنُّورٍ شيخُ الطَّبرانِيِّ وقد وقعَ مُصَغَّراً في مُعجَمِ ابنِ شاهينَ فإنَّه قال : حدَّثنا أَحمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ جامِعٍ العَسكَرِيُّ حدَّثنا هارونُ بنُ عيسى بنِ مُلَّيْلٍ وعيسى هو مَلُّول كانَ يُلَقَّبُ به كذا في التَّبصيرِ . وشُعَيْبُ بنُ إسحاقَ المَعروفُ بابنِ أَخي مَلُّولٍ الصَّيرَفِيُّ هكذا يقولُهُ أَصحابُ الحديثِ بالتَّشديدِ : مُحَدِّثانِ . المُلَيْلُ كزُبَيْرٍ : الغُرابُ عن ابن عَبّادٍ . مُلَيْلٌ : اسمٌ منهم مُلَيْلُ بنُ وَبْرَةَ الصَّحابِيُّ رضي الله تعالى عنه بَدرِيٌّ جَليلٌ لا رِوايَةَ له . وأَبو مُلَيْلِ بنُ عبدِ اللهِ الأَنصارِيُّ أَوردَه المُستَغفِرِيُّ . وأَبو مُلَيْلِ بنِ الأَغَرِّ ويُقال : ابنُ الأَزْعَر الأَنصارِيُّ ثمَّ الأَوسِيُّ الضُّبَعِيُّ : بَدْرِيٌّ صحابِيّانِ رضي الله عنهما . وانْمَلَّ مثل انْسَلَّ عن مُصعَبٍ . ومِمّا يستدرَكُ عليه : رَجُلٌ مَلَّةٌ : إذا كانَ يَمَلُّ إخوانَه سريعاً . وكذلكَ ذو أَماليلَ واحدُها إملالٌ وإمْلالَةٌ وأُمْلولَةٌ . وفي حديث المُغيرَةِ : مَليلَةٌ الإرْغاءِ أَي مَمْلولَةُ الصَّوتِ فَعيلَةٌ بمعنى مَفعولَة يصِفُها بكَثرَةِ الكلامِ ورفعِ الصَّوتِ حتّى تُمِلَّ السّامعينَ . وأَمَلَّ الخُبزَةَ في المَلَّةِ : أَدْخَلَها فيها وقال أَبو عُبيدٍ : المَلَّةُ : الحُفرَةُ نفسُها هكذا هو في اللِّسان والعُباب ووقعَ في الصِّحاحِ : الخُبزَةُ نفسُها . ورجلٌ مَليلٌ ومَمْلولٌ : أَحرَقَتْهُ الشَّمْسُ . وتَمَلَّلَ اللَّحْمُ على النّارِ : اضْطَرَبَ . ومَلْمَلْتُ فُلاناً : إذا قَلَّبْتَهُ . وقال أَبو زيدٍ : أَمَلَّ فلانٍ على فُلانٍ : إذا شَقَّ عليه وأَكثرَ في الطَّلَبِ . وبَعيرٌ مُمَلٌّ : أُكْثِرَ رُكوبُه حتّى أَدْبَرَ ظَهرُه قال العَجّاجُ - فأَظْهَرَ التَّضْعيفَ لحاجَته إليه - يصفُ ناقَةً :
" حَرْفٌ كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ
" لا تَحْفِلُ السَّوْطَ ولا قَولي حَلِي
" تشْكو الوَجَى من أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
" من طولِ إمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ ومُلَّ الطَّريق بالضَّمِّ : أَي اتَّضَحَ . وملالة : قريَةٌ بالفَيّومِ . ومَلَّوهُ بالتَّشديدِ : مدينةٌ بالصَّعيدِ الأَوسَطِ . وأَمْلالٌ : أَرْضٌ عن اليزيدِيِّ قال الفضْلُ اللَّهَبِيّ :
" لَيْتَ " بفتح اللام : " كلمةُ تَمَنٍّ " أَي حرفٌ دَالٌّ على التَّمَنِّى وهو طَلَبُ ما لا طَمَعَ فيه أَو ما فيه عُسْرٌ تقول : لَيْتَنِي فعلتُ كذا وكذا وهي من الحُروفِ النّاصبة " تَنْصِبُ الاسمَ وتَرْفَعُ الخَبَرَ " مثل كأَنَّ وأَخواتِها ؛ لأَنّها شابَهت الأَفْعالَ بقُوّةِ أَلفاظِها واتصالِ أَكْثَرِ المُضْمَرات بها وبمعانيها تقولُ : ليتَ زيْداً ذاهبٌ وأَما قول الشاعر :
" يا لَيتَ أَيّامَ الصِّبَا رَواجِعَا فإِنما أَراد يا ليتَ أَيامَ الصّبا لَنا رَواجِعَ نصَبَه على الحالِ كذا في الصّحاح . ووجَدْتُ في الحاشيةِ ما نصّه : رواجعا نُصِب على إِضْمارِ فعْلٍ كأَنه قال : أَقْبَلَتْ أَو عَادَتْ أَو ما يليق بالمعنى كذا قال سيبويه " تَتَعَلّقُ بالمُسْتَحِيلِ غالِباً وبالمُمْكِنِ قَليلاً " وهو نصّ الشيخ ابنِ هِشامٍ في المُغْنى ومثَّلَه بقول الشاعر :
فياليتَ الشَّبابَ يَعُودُ يَوْماً ... فَأُخْبِرَهُ بما فَعَلَ المَشِيبُ وقد نظر فيه الشيخ بهاءُ الدّين السُّبْكِيّ في " عروس الأَفْراحِ " ومنع أَن يكون هذا من المُسْتَحِيل . نقلَه شيخنا . " وقد " حَكى النَّحْوِيُّون عن بعضِ العَربِ أَنها " تُنَزَّلُ مَنْزلَةَ وَجَدْتُ " فيعدِّيها إلى مفعولين ويُجْرِيها مُجْرَى الأَفعال " فيُقالُ : ليتَ زَيْداً شاخِصاً " فيكون البيت على هذه اللغة كذا في الصحاح . قال شيخنا : وهذه لغةٌ مشهورة حكاها الفَرّاءُ وأَصحابه عن العرب ونقلها الشيخُ ابنُ مالكٍ في مُصَنَّفاتِه واستدلوا بشواهد حَمَلَها بقيُّةُ البَصْرِيِّين على التأْويل . " ويُقال : لَيْتِى ولَيْتَنِى " كما قالوا : لَعَلَّنِى ولَعَلِّى وإِنّي وإِنَّنِي قال ابن سِيدَه : وقد جاءَ في الشِّعر لَيْتِى أَنشد سِيبويِه لزَيْدِ الخَيْل :
تَمَنّى مَزْيَدٌ زَيْداً فَلاقَى ... أَخاً ثِقَةً إِذا اخْتَلَفَ العَوالِي
كمُنْيَةِ جَابِرٍ إِذْ قَال لَيْتِى ... أُصادفُه وأُتْلِف بَعْضَ مالِي
قلت : هكذا في النوادر والذي في الصّحاح " أَغْرَمُ جُلَّ مالِي " في المصراعِ الأَخير . وقال شيخنا - عند قولِ المصَنِّف ويقال : لَيْتِى ولَيْتَنِي - : أَراد أَنَّ نونَ الوِقاية تلحقُها كإِلْحاقِها بالأَفعال حِفْظاً لفتحتها ولا تَلْحَقُها إِبقاءً لها على الأَصل وظاهِرُه التَّساوى في الإِلحاقِ وعَدَمهِ وليس كذلك وفي تنظِير الجَوْهَرِيّ لها بلَعَلّ أَنهما في هذا الحُكْمِ سواءٌ وأَنّ النونَ تَلْحَقُ لعلّ كلَيْتَ ولا تَلْحَقُها وليس كذلك بل الصَّوابُ أَنّ إِلحاقَ النّون لليتَ أَكثَرُ بخلاف لعلّ فإِنّ الراجِحَ فيها عدَمُ إِلحاقِ النونِ إِلى آخرِ ما قال . " واللِّيتُ بالكَسْرِ : صَفْحَةُ العُنُق " وقِيل : اللِّيتانِ : أَدْنَى صَفْحَتَىِ العُنُقِ من الرَّأْسِ عليهما بَنْحَدرُ القُرْطانِ وهما وراءَ لِهْزِمَتَيِ اللَّحْيَيْنِ وقيل : هما موضعُ المِحْجَمَتَينِ وقيل : هما ما تحتَ القُرْطِ من العُنُقِ والجمع أَلْياتٌ ولِيتَةٌ وفي الحديث : " يُنْفَخُ في الصُّورِ فلا يَسْمَعُه أَحَدٌ إِلاّ أَصْغَى لِيتاً " أَي أَمالَ صَفْحَةَ عُنُقِه . " ولاَتَهُ يَلِيتُه ويَلُوتُه " لَيْتاً أَي " حَبَسَه عن وَجْهِه وصَرَفَه " قال الراجز :
" ولَيْلة ذاتِ نَدىً سَرَيْتُ
" ولم يَلِتْنِي عن سُرَاها لَيْتُ وقيل : معنى هذا : لم يَلِتْنِي عن سُرَاها أَن أَتَنَدّمَ فأَقولَ : لَيْتَنِي ما سَرَيْتُها . وقيل : معناه : لم يَصْرِفْني عن سُرَاها صارِفٌ أَي لم يَلِتْنِي لائِتٌ فوُضِع المَصْدَرُ موضعَ الاسْمِ . وفي التَّهْذِيب : أي لَمْ يَثْنِني عنها نَقْصٌ ولا عَجْزٌ عنها . " كأَلاَتَهُ " عن وَجْهِه فَعَل وأَفْعَلَ بمعنىً واحدٍ . ولاَتَه حَقَّهُ يَلِيتُه لَيْتاً وأَلاتَهُ : نَقَصَهُ والأَوّل أَعْلَى وفي التنزيل العزيز " وإِنْ تُطيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِن أَعْمَالِكُم شَيْئاً " قال الفَرّاءُ : معناهُ لا يَنْقُصْكُمْ ولا يَظْلِمْكُم من أَعمالِكُم شيْئاً وهو مِن لاَتَ يَلِيتُ قال : والقُرّاءُ مُجْتَمِعُون عليها قال الزَّجّاج : لاتَه يَلِيتُه وأَلاتَهُ يُلِيتُه إِذا نَقَصَه . في اللسانِ : يقال : " ما أَلاَتَه " من عَمَلِه " شَيْئاً : ما نَقَصَه كما أَلَتَه " بكَسْرِ اللامِ وفَتْحِها وقُرىءَ قولُه " ومَا أَلَتْناهُمْ " بكسر اللام " مِنْ عَمَلهِمْ من شَىْءٍ " قال الزّجّاج : لاتَهُ عن وَجْهِه أَي حَبَسَه يَقُول : لا نُقْصانَ ولا زِيادةَ وقيل في قوله - ما أَلَتْناهُم - قال : يَجُوز أَن تكونَ من أَلَتَ ومن أَلاتَ . وقال شَمِرٌ فيما أَنشده من قول عُرْوَةَ بنِ الوَرْد :
" فَبِتُّ أُلِيتُ الحَقَّ والحَقُّ مُبْتَلَىأَي أُحِيلُه وأَصْرِفُه ولاتَه عن أَمره لَيْتاً وأَلاتَهُ : صَرَفَه . وعن ابن الأَعرابيّ : سمعتُ بعضَهم يقول : الحمدُ للهِ الذي لا يُفاتُ ولا يُلاتُ . ولا تَشْتَبِهُ عليه الأَصْواتُ . يُلاتُ : من أَلاتَ يُلِيتُ لغةٌ في لاَت يَلِيتُ إِذا نَقَص ومعناه : لا يُنْقَصُ ولا يُحْبَسُ عنه الدُّعاءُ . وقال خَالدُ بنُ جُنْبَة : لايُلاتُ أَي لا يَأْخُذُ فيه قولُ قائلِ أَي لا يُطِيعُ أَحداً كذا في اللَّسانِ . " والتّاءُ في " قوله تعالى : " ولاتَ حِينَ مَناصٍ " زائِدَةٌ كما " زِيدَت " " في ثُمَّتَ " ورُبَّتَ وهو قول المُؤَرِّج كذا في الصّحاح واللسان " أَو شَبَّهوها " أَي لات " بلَيْسَ " قاله الأَخْفَش كذا بخطّ الجَوْهَرِيّ في الصّحاح وفي الهامش صوابُه : سيبويهِ " فَأُضْمِرَ " وعِبارةَ الصحاح : وأَضْمَرُوا " فيها اسْم الفَاعِلِ . قال : " ولا تَكُون لاتَ إِلاّ مَع حِينَ " قال ابنُ بَرِّيّ : هذا القَوْلُ نسبَه الجوهريّ إِلى الأَخْفَش وهو لسِيبَوَيْه ؛ لأَنه يَرى أَنَّها عامِلَةٌ عَمَل ليس وأَما الأَخْفَشُ فكان لا يُعْمِلُها ويرفَعُ ما بعدَها بالابتداءِ إِن كان مَرْفوعاً وينصبه بإِضمارِ فِعْل إِن كان مَنْصُوباً قال : " وقد تُحْذَفُ " أَي لفظةُ حين في الشعر " وهي " أَي تلكَ اللَّفْظَة " مُرادَةٌ " فتُقَدّر وهو قول الصّاغانيّ والجَوْهَرِيّ وإِياهُما تَبِعَ المًصَنّف " كقول مازِنِ بنِ مَالِكٍ : حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكَ مَقْرُوعُ " فحذفَ الحِينَ وهو يُريدُه . ووجَدْتُ في الهامش أَنَّ هذا ليْسَ بشعرٍ وإِنّما هو كَلامٌ تُمُثِّلَ بِه وله حكايةٌ طويلةٌ قال شيخُنا : وقد تعَقَّبُوه يعني القولَ الذي تبع فيهِ الشَّيْخَيْنِ فقالوا : إِن أَرادُوا الزّمانَ المحذوفَ مَعْمُولُه فلا يَصِحُّ ؛ إِذ لا يَجُوز حَذْفُ معمولَيْها كما لا يجوز جَمْعُهُما وإِن أَرادُوا أَنّها مُهْمَلَةٌ وأَن الزّمان لا بد منه لتصحيح استعمالها فلا يَصِحُّ أَيضاً ؛ لأَنَّ المُهْمَلَة تَدْخُل على غيرِ الزّمان . قلت : هو الذي صَرّحَ به أَئمةُ العربيّة قال أَبو حَيّان - في ارْتِشافِ الضَّرَبِ من لسانِ العَرَبِ - : وقد جَاءَت لاتَ غيرَ مضافٍ إِليها حين ولا مَذْكُورٍ بعدها حين ولا ما رَادَفَهُ في قول الأَوْدِىّ
تَرَكَ الناسُ لنَا أَكْنَافَنَا ... وتَوَلَّوْا لاتَ لَمْ يُغْنِ الفِرارُإِذْ لَوْ كانت عامِلَةً لم يُحْذَف الجُزآنِ بعدَها كما لا يُحْذَفانِ بعد ما ولا العاملَتيْنِ عَملَ ليس وصَرّحَ به ابنُ مالكٍ في التَّسْهيل والكافيةِ وشُروحِهما ثم قال : وقد أَجْحَفُوا بهذا اللّفظِ في حقيقته وعَملِه فكان الأَوْلَى تَرْكَهُ أَو عدمَ التَّعَرُّضِ لبَسْطِ الكلام فيه وإِنما يَقتصرون على قَوْلِهم : ولاتَ النّافيةُ العاملةُ عَملَ ليس . وحاصلُ كلامِ النُّحاةِ فيها يَرجعُ إِلى أَنهم اختَلَفُوا في كلٍّ من حقِيقَتِها وَعَملِها : فقالوا : في حقيقتها أَربعةُ مذاهِبَ : الأَوّل : أَنّها كلمةٌ واحدةٌ وأَنّها فِعْلٌ ماضٍ واختَلَفَ هؤلاءِ على قولين : أَحدهما : أَنّها في الأَصل لاتَ بمعنى نَقَص . ومنه " لا يَلتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُم " ثُمّ استُعْمِلَتْ للنَّفْيِ كَقَلَّ قاله أَبو ذَرٍّ الخُشَنّى في شَرْحِ كتاب سيبويهِ ونَقَلَه أَبو حيَّان في الارْتِشَاف وابنُ هِشامٍ في المُغْنِى وغير واحد . ثانيهما : أَنَّ أَصْلَها لَيِسَ بالسّين كفَرِح فأُبْدِلت سينُها تاءً ثم انْقَلَبت اليَاءُ أَلِفاً ؛ لتحرُّكِها وانفِتاح ما قبلها فلمّا تَغَيَّرتْ اختَصَّتْ بالحِين وهذا نقله المُرادىّ عن ابنِ الرّبيع . والمذهب الثاني : أَنها كلمتان : لا النّافيةُ لحِقَتْها تاءُ التَّانيث ؛ لتأْنيث اللّفظ كما قاله ابنُ هشامٍ والرَّضِىّ أَو لتأْكيد المُبَالَغَةِ في النَّفْيِ كما في شَرْح القَطْرِ لمُصَنِّفه وهذا هو مذهب الجُمهور . الثالث : أَنها حرْفٌ مُستَقِلٌّ ليس أَصلُه ليسَ ولا لا بل هو لَفْظٌ بسيطٌ موضوعٌ على هذه الصّيغة نقله الشيخ أَبو إِسحاقَ الشَّاطِبِىُّ في شرح الخُلاصة ولم يَذْكُرْه غيْرُه من أَهل العَرَبِيّة على كثرةِ استِقْصائِها . الرابع : أَنّها كلمةٌ وبعضُ كَلِمَةٍ لا النافيةُ والتاءُ مزيدةٌ في أَوّل حين ونُسِبَ هذا القول لأَبِي عُبَيْد وابنِ الطَّرَاوَةِ ونقله عنهُما في المُغْنِى وقال : استدَلَّ أَبو عُبيدٍ بأَنه وجَدَها مُتّصِلَة في الإِمام أَي مُصحَف عُثْمان ولا دَلِيلَ فيه ؛ لأَن في خَطّه أَشياءَ خارجة عن القِياس ويشهد للجمُهْور أَنّه يوقف عليها بالتّاءِ والهاءِ وأَنّها تُرْسَم مُنفصلةً من حين وأَنَّ تاءَها قد تُكْسَر على أَصل التقاءِ الساكنين وهو معنى قول الزمخشريّ . وقرئ بالكسر كجَيْرِ ولو كان ماضِياً لم يكن للكَسْرِ وَجْهٌ . قلتُ : وقد حُكِىَ أَيضاً فيها الضَّمُّ وقُرئ بهن ؛ فالفَتْح تخفيفاًن وهو الأَكثرُ والكَسْرُ على أَصل التقاءِ السَّاكنَيْن والضَّمُّ جَبْراً لوَهْنِها بلزومِ حَذْف أًحدِ مَعْمُولَيْها قاله البَدْرُ الدَّمامِينّى في شرح المُغْنِى فهي مثَلَّثةُ التاءِ وإِن أَغْفَلُوه . ثم قال شيخنا : وأَما الاختلاف في عملها ففيه أَربعةُ مَذاهِبَ أَيضاً : الأَول : أَنّها لا تَعملُ شيْئاً ؛ فإِن وَلِيَها مرفوعٌ فمبتدأٌ حُذِف خَبَرُهُ أَو مَنْصُوبٌ فمَفْعُولٌ حُذِف فِعْلُه الناصِبُ له وهو قولُ الأَخفش والتقدير عنده : لا أَرَى حينَ مَنَاصٍ نَصْباً ولا حِينُ مناصٍ كائِنٌ لَهمُ رَفْعاً . والثاني : أَنها تعملُ عَمَلَ إِنّ وهو قَوْلٌ آخَرُ للأَخْفَشِ والكُوفِيّينَ . والثّالث : أَنها حرفُ جَرٍّ عند الفَرّاءِ على ما نقله عنه الرَّضِىّ وابنُ هشامٍ وغيرهما . والرابع : أَنّها تعملُ عملَ لَيْسَ وهو قول الجُمْهُور وقيّده ابنُ هِشام بِشَرْطَيْن : كون معمُولَيْها اسمَىْ زَمَان وحذف أَحدِهما . انتهى
فصل الميم من التاء المثناة الفوقية