" اللَّبْثُ " بالفَتْح " ويُضَمُّ " وهما غير مَقِيسَيْنِ " واللَّبَثُ مُحَرَّكَةَ " وهو المَقِيس " واللَّبَاثُ " كسَحَابٍ " واللُّبَاثُ " كغُرَاب " واللَّبَاثَةُ " كسَحَابَة " واللَّبِيثَةُ " كسَفِينَة وهؤلاءِ كلّها غيرُ مَقيسة ومعنَى الكلّ " : المُكْثُ " . وقال ابنُ سِيدَه : " لَبِثَ " بالمكان " كسَمِعَ " يَلْبَثُ لَبْثاً ولُبْثاً ولَبَثَاناً ولَبَاثَةً ولَبِيثَةً . فزاد لَبَثَاناً كسَحبَانٍ قال الجوهريّ : مصدر لَبِثَ لَبْثاً " وهو نادِرٌ " أَي مخالفٌ للقياس " لأَنَّ المصدَرَ من فَعِلَ بالكَسْرِ قِياسُه " أَن يكونَ " بالتَّحْرِيكِ إِذا لم يَتَعَدّ " مثل تَعِبَ تَعَباً قال : وقد جاءَ في الشِّعْرِ على القياس قال جرير :
وقد أَكُونُ على الحَاجَاتِ ذا لَبَثٍ ... وأَحْوَذِيّا إِذا انْضَمَّ الذَّعالِيبُ وفي عبارة المُصَنّف قَلاقَةٌ ظاهِرَةٌ وتَخْلِيطُ المصادِر القِياسِيّة على غيرها كما لا يَخْفَى . " وهو لابِثٌ ولَبِثٌ " أَيضاً قال الله تعالى " لابِثِينَ فيهَا أَحْقَاباً " قال الفراءُ : النّاس يقرءُونَ : لابِثِينَ ورُوِى عن علقَمَةَ أَنه قَرَأَ : لَبِثينَ قال : وأَجودُ الوَجْهيْن لابِثِينَ قال : واللَّبِثُ : البَطِئُ وهو جائزٌ كما يُقَال : طَامِعٌ وطَمِعٌ بمعنىً واحدٍ ولو قلت : هو طَمِعٌ فيما قِبَلَكَ كان جائزاً . قال ابن سيده : ولَبِث لَبْثاً " وأَلْبَثَهُ ولَبَّثَهُ " تَلْبِيثاً وتَلَبَّثَ : أَقامَ . لي علَى هذا الأَمرِ لُبْثَةٌ " اللُّبْثَةُ بالضَّمّ : التَّوَقُّفُ كالتَّلَبُّثِ " . وقد تَلَبَّثَ تَلَبُّثاً فهو مُتَلَبِّثٌ أَي تَوقَّفَ وأَقامَ . في الحديث : " فاسْتَلْبَثَ الوَحْىُ " . يقال : " اسْتَلْبَثَهُ " إِذا " اسْتَبْطَأَهُ " وهو استَفْعَلَ من اللَّبْثِ وهو الإِبطاءُ والتَّأَخُّر . " وخَبِيثٌ لَبِيثٌ نَبِيثٌ " كلّ ذلك " إِتْبَاعٌ " وفي اللّسان : وقالوا : نَجِيثٌ لَبِيثٌ . وإِتْباع . " وفرس لَبَاثٌ كسَحَاب " هكذا في نسختنا وصوابه وقَوْسٌ بدل فَرَسٍ كما في نسخة أُخرى ففي اللسان : قَوْسٌ لَبَاثٌ " بَطِيئةٌ حكاه أَبو حنيفةَ وأَنشد :
يُكَلِّفُنِي الحَجّاجُ دِرْعاً ومِغْفَراً ... وطِرْفاً كَريماً رائعاً بثَلاثِ وسِتّينَ سَهْماً صِيغَةً يَثْرِبِيَّةً وقَوْساً طَرُوحَ النَّبْلِ غَيْرَ لَباثِ إِنّ المَجْلِسَ ليجمعُ " لَبِيثَةً من النَّاسِ " أَي جَمَاعَةً إِذا كانُوا " من قَبَائِلَ شَتَّى " ليسوا من قَبيلةٍ واحدةٍ
ومما يستدرك عليه : أَلْبِثْ عن فُلانٍ أَي انْتَظِرْه حتى يُبْدِىَ انْتِظارُك إِيّاهْ خَطَأَ رَأْيِهِ نقله الصاغَانيّ
" بَثَّ " الشَّيْءَ و " الخَبَرَ يَبُثُّه " بالضَّمّ " ويَبِثُّه " بالكسر بَثّاً هكذا صَرّحَ به ابنُ منظور وغيرُه فقولُ شيخِنا - : أَما الكَسْر فلم يذكُرْه أَحدٌ من اللُّغَويين ولا من الصَّرْفِيِّين مع استِيعابِهم للشَّواذّ والنَّوَادِر فالظاهر أَنّ المصنّف اشتَبه عليه بِبَتَّ بالمُثَنّاة بمعنى قطَع فهو الذي حَكَوْا فيه الوَجْهَيْنِ وتَبَرّع هو بِزيادَة لُغَةٍ ثالثَة غير معروفة انتهى - مَنْظُورٌ فيه وكفى بابن مَنْظُورٍ صاحِبِ اللسان حُجّةً . " وأَبَثَّهُ " إِبْثاثاً " وَبَثَّثَهُ " بالتشديد للمبالغة . قد يُبْدَل من الثّاءِ الوسطى باءٌ تخفيفاً فيقال : " بَثْبَثَهُ " كما قالوا في حَثَّثْت : حَثْحَثْت كلّ ذلك بمعنى " نَشَرَه وفَرَّقَه " . أَبَثَّه " فانْبَثَّ " : فَرَّقَه فَتَفَرَّق وخَلَقَ اللهُ الخَلْقَ فبَثَّهُمْ في الأَرْضِ وفي التنزيل العَزِيز : " وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً ونِساءً " أَي نَشَر وكَثَّرَ وفي حديثِ أَمِّ زَرْعٍ " زَوْجِي لا أَبُثُّ خَبَرَه " أَي لا أَنْشُرهُ لِقُبْحِ آثارِه . وبَثْبَثَ الخَبَرَ بَثْبَثَةً : نَشَرَه . " وبثَثْتُكَ السِّرَّ " بَثّاً هكَذَا في سائر النُّسَخ والذي صَرّح به غيرُ واحدٍ من أَئمةِ اللّغَة : أَبْثَثْتُ فلاناً سِرّى - بالأَلفِ - إِبثَاثاً أَي أَطْلَعْتُه عليه وأَظْهَرْتُه له . أَمّا " أَبْثَثْتُكَ " فمن البَثِّ بمعنى الحُزْن أي " أَظْهَرْتُه " أَي بَثِّي " لَكَ " وفي الأَساس : ومن المَجَاز : بثَثْتُه ما في نَفْسِي أَبُثُّه وأَبْثَثْتُه إِيّاه : أَظْهَرْتُه لَه وباثَثْتُه سِرّى وباطِنَ أَمْرِي : أَطْلَعْتُه عَلَيْه وبينهما مُبَاثَّةٌ ومُنَافَثَة وبَثٌّ الخَبَرَ فانْبَثَّ . انتهى . " وتَمْرٌ بَثٌّ " ومُنْبَثٌّ إِذا لم يُجَوَّدْ كَنْزُه فَتَفَرَّق وقيل : هو المُنْتَثُر الذي ليس في جِرابٍ ولا وِعاءٍ كفَثٍّ وهو كقولهم : ماءٌ غَوْرٌ . قال الأَصمعيّ : تَمْرٌ بَثٌّ أَي " مُتَفَرِّقٌ " بعضُه من بعض " مَنْثُورٌ " أَي لعدمِ جَوْدَةِ كَنْزِه . " وَبثَّ الغُبَارَ وبَثْبَثَه : هَيَّجَه " وأثارَه . وَبَثْبَثَ التُّرَابَ : استثارَه وكَشَفَه عمّا تَحْتَه . " والمُنْبَثُّ : المَغْشِيُّ عليهِ " من الوَجْدِ والحُزْنِ أَو من الضَّرْبِ وأَما قولُه تعالى " فكانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً " فمعناه أَي غُبَاراً مُنْتَثِراً . " والبَثُّ : الحالُ " والحُزْنُ والغَمُّ الذي تُفْضِى به إِلى صاحِبِك . في حديث أُمّ زَرْع : " لا يُولِجُ الكَفَّ ليَعْلَم البَثَّ " قال الأَزْهَرِيّ : البَثُّ في الأَصل : " أَشَدُّ الحُزْنِ " وفي نسخِ التهذيب : شِدَّةُ الحُزْنِ والمَرَضُ الشَّدِيدُ كأَنَّهُ من شِدَّتِه يَبُثُّه صاحِبَه . المعنى : أَنّه كانَ بجَسَدِهَا عَيْبٌ أَو داءٌ فكان لا يُدْخِل يَدَه في ثَوْبِها فيَمَسَّه ؛ لعِلْمِه أَنّ ذلك يُؤذِيها ؛ تَصِفُه باللُّطْف . وقيل : إِنّ ذلك ذَمٌّ له أَي لا يَتَفَقَّد أُمورَها ومصالِحَها كقولهم : ما أُدْخِلُ يَدي في هذا الأَمْرِ أَي لا أَتَفَقَّدُه . وفي حديث كعبِ بنِ مالك " فلمّا تَوجَّهَ قافِلاً من تَبُوكَ حضَرَنِي بَثِّي " أَي اشْتَدَّ حُزْنِي . " واسْتَبَثَّه إِيّاه : طَلَبَ إِليه أَنْ يَبُثَّه إِيّاهُ " فالسّين للطّلَبِ
ومما يستدرك عليه : بَثَّ الخَيْلَ في الغَارَةِ يَبُثُّها بَثّاً فانْبَثَّتْ . وبَثَّ الصَّيَّادُ كِلابَه يَبُثُّها بَثّاً . وانْبَثَّ الجَرَادُ : انْتَشَرَ . وتَمْرٌ مُنْبَثٌّ : غيرُ مَكْنُوزٍ . وإِبْثِيثُ كِعفْرِيت : اسمُ جَبَل كذا في المُعْجَم . وبَثَّ المَتَاعَ بنَواحِي البَيْتِ : بسَطَه . قالَ الله عزّ وجلّ : " وزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ " أَي مَبْسُوطَة . وقال الفَرّاءُ : مَبْثُوثَةٌ أَي كَثِيرَةٌ . وفي حديثِ عبدِ الله " فلمّا حَضَر اليَهُودِيَّ المَوْتُ قال : بثْبِثُوه " حَكاه الهَرَوِىّ في الغَريبَيْن . وأَبَثَّه الحَديثَ : أَطْلَعَه عليه . قال أَبُو كَبير :
ثمّ انْصَرَفْتُ ولا أَبُثُّكَ حِيبتي ... رَعِشَ البَنَانِ أَطِيشُ مَشْيَ الأَصْوَرِ وبَثْبَثْتُ الأَمْرَ إِذا فَتَّشْتَ عنهُ وتَخَبَّرْتَه