بواسطة حسين
هناك فرق .. بل يكادان يتضادا
والبؤس من بئس وهو الشدة والمشقة والبلاء ومنه البأس قال الله {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدناللظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا} فنرى ما في الآية من الشدة والبأس ثم يقول تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا}
وأما الآلاء ففيها من البأس ما فيها وهي من ألا من الشدة والاستطاعة والقدرة والسلطان والفرقان هكذا يعلمنا القرآن فلم تذكر الآلاء في القرآن إلا في ثلاث سور الأعراف والنجم والرحمن
أول ما قيلت قيلت في قوم عاد الذين قال الله فيهم {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون} يكفي ما في اسمهم من الشدة والعدوان
قال الله {وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهةوإنا لنظنك من الكاذبين قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضبأتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين} نرى ما في الآية من الشدة والبأس والقوة والاستكبار فلقد جاء هود لينذرهم فهل ينذرهم بالنعم أم بالقوة والأخذ والإحاطة
ثم تلت هذه آيات في حق ثمود كلها عتو استكبار من ملأ الكافرين بقوتهم وشدتهم فأنذرهم صالح بأس ربهم الذي جعل لهم هذه القوة يتخذون القصور وينحتون الجبال فاقرأوها وتدبروا
وفي سورة النجم يتشابه السياق فالسورة كلها على القدرة والحكمة أن إلى الله المنتهى وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى وأن عليه النشأة الأخرة وأنه هو أغنى وأقنى وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح فقال الله {فبأي آلاء ربك تتمارى} ثم يتبعها النذير
وأما التي في سورة الرحمن وهي التبس على الكثير أمرها فيكفيها أن جاءت في سورة الرحمن والرحمن اسم ملك وجلال على غير ما يظن الكثير فلربما كاد الرحمن أن يكون ضدا للرحيم يكفي أن مريم لم تلجأ إلا إليه ولم يخوف إبراهيم أباه إلا به ولا يكلأونا بالليل والنهار إلا الرحمن يكفي أن الرحمن على العرش استوى ومن مثل هذا كثير لعلنا نفصل فيها في سؤال آخر فأما الآلاء فلنر ما في سورة الرحمن من الآلاء(حسبان-يسجدان-رفعها-تطغوا-الميزان-القسط-خلق-برزخ-المنشآت-فان-يبقى-الجلال والإكرام-شأن-سنفرغ-استطعتم-انفذوا-سلطان-تنتصران-يؤخذ-هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون) فأين النعم بل هي آلاء الله فبأي آلاء ربكما تكذبان فمن كذب بجهنم كذب بآلاء الله فهي من آلائه
حتى عندما أردا الله أن يذكر ما في الجنة من نعيم بدأ قوله بـ {ولم خاف مقام ربه جنتان} أي أن الجنة ليست إلا لمن خاف
فألو كان في الآلاء نعم ففيها ما فيها مما علمنا ونسأل الله الإصابة ونعوذ به أن يضل سعينا وقد تكون آلاء الله نعمة للمؤمنين إذ يكف الله بها عنهم الكافرين قال الله {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم} والله أعلم