( تَرْتَدُّ ) بِهَذا الضَّبْطِ معناها : الخُرُوجُ مِنَ الإسْلامِ وَتَرْكُهُ ، وَالعَوْدَةُ وَالرُجُوعُ إلى ما كانَ قَبْلَ اعْتِناقِ الإسْلامِ مِنْ دِينٍ وَمُعْتَقَداتٍ وَأَفْكارٍ .

   وَالكَلِمَةُ : فِعْلٌ مُضارِعٌ ، وَهُوَ مَبْدُوءٌ بِتاءِ المُضارَعَةِ ، وَيُمْكِنُ اسْتِبْدالُ التاءِ بِأَيٍّ مِنْ حُروفِ المُضارَعَةِ الأَرْبَعَةِ ، فَتَقُولُ: ( نَرْتَدُّ ) ( يَرْتَدُّ ) ( أَرْتَدُّ ) ، وَهُوَ فِعْلٌ مُضَعَّفُ الآخِرِ ، أَيْ أَنَّ الحَرْفَ الأَخِيرَ مَشْدُودٌ ، وَيُمْكِنُ فَكُّ التَّضْعِيفِ وَتَكْرارُ الحَرْفِ بِجَعْلِ الأَوَّلِ مَكْسُورًا ،نَحْوُ قَوْلِكَ فِي الفِعْلِ اشْتَمَّ ( وَجَدَ رائحَةً ) وَائْتَمَّ ( صَلَّى خَلْفَ إمامٍ ) (يَشْتَمِمُ ، يَأْتَمِمُ ).

   وَمَعْناهَا الأصْلِيُّ: العَوْدَةُ وَالرُجُوْعُ، أَلاَ تَرَى الكُرَةَ عِنْدَ ارْتِطامِهَا  بِالْجِدارِ وَعَوْدَتِهَا إلى مُسَدِّدِهَا (راكِلِهَا) فَإنَّها تُوْصَفُ بِأنَّها مُرْتَدَّةٌ. وَكَذَلِكَ إذا طُلِبَ مِنْ شَخْصٍ أَنْ يُعِيْدَ ما أَخَذَهُ فَإنَّهُمْ يَقُوْلُونَ: (رُدَّ عَلَيْهِ بُسْتانَهُ)، وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي القرآنِ الكَرِيمِ الإرْجاعُ والإعادَةُ إلى الدنْيا بِكَلِمَةِ الرَدِّ ، فِي الآيَتَيْنِ ( 27 28 ) مِنْ سُوْرَةِ الأَنْعامِ ، وَتَتَحَدَّثانِ عَنْ تَمَنِّي عَوْدَةِ الذِينَ سَيَدْخُلُونَ النارَ إلى الدُّنْيا لِيَعْمَلُوا الصّالِحاتِ وَيُرْضُوا اللَهَ فَيَدْخُلُوا الجَنَّةَ ، وَيُخْبِرُ اللَهُ أَنَّهُمْ لَوْ أُرْجِعُوا وَأُعِيْدُوا فَسَيُغْضِبُونَ اللَهَ وَيَسْتَحِقُّونَ النارَ مَرَّةً أُخْرَى ، قالَ تَعالَى : { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }  .

   وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ الرِّدَّةُ بِمَعْنَى الرُجُوعِ عَنِ الإسْلامِ وَالخُروجُ مِنْهُ ، وَقَدْ وَرَدَ بِفَكِّ التَّضْعِيفِ فِي الآيَةِ ( 217 ) مِنْ سُوْرَةِ البَقَرَةِ ، قالَ تَعالَى : { وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . وَوَرَدَ بِالتَّضْعِيفِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الآياتِ مِنْهَا الآيَةُ ( 54 )مِنْ سُورَةِ المائدَةِ ، قالَ تَعالَى :  { يا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِيْنِهِ ... } الآيَةُ .