الأَثَرُ محرَّكَةً : بَقِيَّةُ الشيءِ . ج آثَارٌ وأُثُورٌ الأَخيرُ بالضَّمِّ . وقال بعضُهم : الأثَرُ ما بَقِيَ مِنْ رَسْمِ الشَّيْءِ . الأََتَرُ : الخَبَرُ وجَمْعُه الآثارُ . وفلانٌ من حَمَلَةِ الآثارِ . وقد فَرقَ بينهما أئمَّةُ الحديثِ فقالوا : الخَبَرُ : ما كان عن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والأثَرُ : ما يُرْوَى عن الصَّحَابَة . وهو الذي نَقَلَه ابنُ الصَّلاحِ وغيرُه عن فُقَهاء خُراسانَ كما قاله شيخُنا
الحُسَيْنُ بنُ عبدِ المَلِكِ الخَلاَّلُ ثِقةٌ مشهورٌ تُوِفِّيَ سنةَ 532 ، وعبدُ الكريمِ بنُ منصورٍ العُمَرِيُّ المَوْصِلِيّ عن أَصحاب الأُرمويّ نقله السَّمْعَانِيُّ مات سنةَ 490 ، الأَثَرِيّانِ : مُحَدِّثَانِ
ممَّن اشْتَهَر به ايضاً : أبو بكر سعيدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عليٍّ الطُّوسِيُّ وُلِدَ سنة 413 ، بنَيْسَابُورَ ومحمّدُ بنُ هياج بن مبادر الآثاريُّ الأنصاريُّ التاجر من أهل دِمشقَ وَرَدَ بغدَادَ وبابا جَعْفَرُ ابنُ محمّدِ بنِ حُسَيْن الأثَرِيُّ رَوَى عن أبي بكرٍ الخَزَرِيِّ . يقال : خَرَجَ فلانٌ في إِثْرِهِ بكسرٍ فسكونٍ أَثَرِهٍ مُحَركةً والثاني أَفصحُ كما صَرَّح به غيرُ واحدٍ مع تَأَمُّلٍ فيه وأَوردهما ثعلبٌّ فيما يُقَال بلُغَتَيْن من فَصِيحِه وصَوَّبَ شيخُنا تقديمَ الثّاني على الأوّل . وليس في كلامِ المصنِّف ما يدلُّ على ضَبْطِه قال : فإن جَرَيْنَا على اصطلاحِه في الإطلاق كان الأوّلُ مفتوحاً والثاني مُحْتَملاً لوجوهٍ أظهرُها الكَسْرُ والفَتْحُ ولا قائلَ به إنما يُعْرَفُ فيه التَّحْرِيكُ وهو أَفصحُ اللُّغَتَيْن وبه وَرَدَ القرآنُ : بَعْدَه . هكذا فَسَّرَه ابنُ سِيدَه والزَّمَخْشَرِيُّ . ووقَعَ في شُرُوح الفَصيح بَدَلَه : عَقِبهَ
قال صاحِبُ الواعِي : الأَثَرُ مُحرَّك هو ما يُؤَثِّرُه الرَّجُلُ بِقَدَمِه في الأرض وكذا كلُّ شَيْء مُؤَثَّرٌ أَثَرٌ يُقَال : جئتُكَ على أَثَر فلانٍ كأَنَّكَ جئتَه تَطَأُ أَثَرضه
قال : وكذلك الإِثْرُ ساكنُ الثّاني مكسورُ الهمزةِ فإن فتحتَ الهمزةَ فتحتَ الثّاءَ تقول : جئتُكَ على أَثَره وإِثْرِه والجمع آثارٌ . ائْتَثَرَه : تَبعَ أثَرَه وفي بعض الأُصول : تَتَبَّعَ أَثَرَه وهو عن الفارسيِّ . أَثَّر فيه تَأْثِيراً : تَرَكَ فيه أَثَراً . التَّأْثِيرُ : إبقاءُ الأثَرِ في الشَّيْءِ . الآثارُ : الأعْلاَمُ واحِدُه الأثَرُ . الأثْرُ بفتحٍ فسكونٍ : فِرِنْدُ السَّيْفِ ورَوْنَقُه ويُكْسَرُ وبضَمَّتَيْن على فُعُل وهو واحدٌ ليس بجمْعٍ كالأثِير . ج أُثُورٌ بالضمِّ . قال عَبِيدٌ بنُ الأَبرَصِ :
ونحنُ صَبَحْنَا عامِراً يومَ أَقْبَلُوا ... سُيُوفاً عليهنَّ الأُثُورُ بَواتِكَا . وأنشدَ الأزهريُّ :
كأَنَّهُمْ أَسْيُفُ بيضٌ يَمانِيَةٌ ... عَضْبٌ مَضَارِبُها باقٍ بها الأُثُرُ . أَثْرُ السَّيْفِ : تَسَلْسُلُه ودِيبَاجَتُه فأَمَّا ما أنشدَه ابنُ الأعرابيِّ من قوله :
فإنِّي إنْ أقَعْ بكَ لا أُهَلِّكْ ... كوَقعِ السَّيْفِ ذِي الأَثَرِ الفِرِنْدِ . قال ثعلبٌ : إنّمَا أرادَ ذِي الأَثْر فحَرَّكَه للضَّرورة . قال ابن سِيدَه : ولا ضَرورةَ هنا عندي لأنّه لو قال : ذِي الأَثْر فسَكَّنه على أصلِه لصار مُفَاعَلَتُنْ إلى مَفَاعِيلُنْ : وهذا لا يكْسِر البَيْتَ لكن الشّاعر إنما أرادَ تَوْفِيَةَ الجزْءِ فحَرَّك لذك ومثلُه كثيرٌ وأَبْدَل الْفِرِنْدِ من الأثَر
في الصّحاح : قال يعقوب : لا يَعْرفُ الأصمعيُّ الأثْرَ إلاّ بالفتح قال : وأنشدَنِي عيسى بنْ عُمَر لخُفَافِ بنِ نَدْبَةَ :
جَلاَها الصَّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها ... خِفَافاً كلُّها يَتْقِي بأَثْرِ
أي كلُّها يستقبُلكَ بفرِنْدِه . ويَتْقِي مخفَّف مِن يَتَّقِي أي إذا نَظَر النّاظرُ إليها اتّصلَ شُعَاعُها بعينِه فلم يتَمَكَّن من النَّظَرِ إلِيها . ورَوَى الإيادِيُّ عن أَبي الهَيْثَمِ أنّه كان يقول : الإثْرُ بكَسْر الهَمْزِة لخُلاَصَةِ السَّمْنِ وأَمّا فِرِنْدُ السَّيْفِ فكلُّهُم يقول : أُثْر
عن ابن بُزُرْج : وقالوا : أُثْرُ السَّيْفِ مضمومٌ : جُرْحُه وأَثْرُه مفتوحٌ : رَوْنَقُه الّذي فيه
قلتُ : وزَعم بعضٌ أنّ الضَّمَّ أَفصحُ فيه وأَعرَفُ . في شَرْح الفَصِيح لابن التَّيّانِيِّ : أَثْرُ السَّيفِ مثال صَقْر وأُثُرُه مِثَال طُنُبٍ : فِرنِدُه . وقد ظهرَ بما أَوردنا من النُّصُوص أن الكسْرَ مسموعٌ فيه وأوردَه ابن سيده وغيره فلا يُعَرَّجُ على قول شيخِنَا : إنه لا قائلَ به من أئِمَّة اللغةِ وأهلِ العربيّة . فهو سَهْوٌ ظاهرٌ نَعم الأُثر بضمٍّ على ما أوردَه الجوهَرِيُّ وغيرُه وكذا الأُثُر بضمَّتَيْن على ما أسْلَفْنَا مُسْتَدْرَكٌ عليه وقد أُغْفِلَ شيخُنا عن الثّانية
الأَثِيرُ كأَمِيرٍ الذي ذكرَه المصنِّفُ أغفلَه أَئمَّةُ الغَرِيب . وحَكَى اللَّبْلِيُّ في شرح الفَصِيح : الأُثْرَةُ للسَّيفِ بمعنى الأَثْر جمعُه أُثَر كغُرَفٍ وهو مُستدَركٌ على المصنِّف
الأَثْرُ : نَقْلُ الحديثِ عن القَوم وروايتُه كالأثَارةِ بالفتح والأُثْرَةِ بالضّمِّ وهذه عن اللِّحْيَانيِّ
في المحكم : أَثَرَ الحديثَ عن القومِ يَأْثِرُه أي من حدِّ ضَرَبَ ويَأْثُره : أي من حدِّ نَصَرَ : أنْبأَهم بما سُبِقُوا فيه من الأَثَر وقيل : حَدَّثَ به عنهم في آثَارهم . قال : والصحيحُ عندي أنَّ الأُثْرَةَ الاسمُ وهي المَأْثَرَةُ والمأْثُرَةُ . في حديث عليٍّ في دُعَائِه على الخَوَارج : ولا بَقِيَ منكم آثِرٌ أي مُخْبِرٌ يَرْوِي الحديثَ . في قول أَبي سُفيانَ في حديث قَيْصَرَ : لولا أنْ تَأْثُرُوا عنِّي الكذبَ أي تَرْوُون وتَحكُون . في حديث عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه : " فما حَلَفتُ به ذاكراً ولا آثِراً " يريدُ مُخْبِراً عن غيرهِ أنَّه حَلَفَ به أي ما حلفْتُ به مُبتدِئاً مِن نفسِي ولا رَوَيْتُ عن أحدٍ أنّه حَلَف بها
ومن هذا قيل : حديثٌ مَأْثُورٌ أَي يُخْبِرُ الناسُ به بعضُهم بعضاً أَي يَنقلُه خَلَفٌ عن سَلَفٍ يقال منه : أَثَرْتُ الحديثَ فهو مَأْثُور وأَنا آثر وقال الأَعْشَى :
إنَّ الذي فيه تَمَارَيْتُمَا ... بُيِّنَ للسّامِعِ والآثِرِ . الأَثْر : إكْثَارُ الفَحْلِ مِن ضِرَاب النّاقَة وقد أَثَر يَأْثُر مِن حَدِّ نَصَرَ . الأُثْر بالضّمِّ : أثَرُ الجِرَاحَ يَبقَى بعد البُرْءِ . ومثلُه في الصحاح . في التهذيب : أُثْرُ الجُرْحِ : أَثَرُه يَبقَى بعد ما يَبْرَأُ . وقال الأصمعيُّ : الأُثْرُ بالضّمّ من الجُرْحِ وغيرِه في الجَسَد يَبْرَأُ ويبقَى أَثَرُه . وقال شَمِرٌ : يُقَال في هذا : أَثْرٌ وأُثْرٌ . والجمعُ آثارٌ ووجهُه إِثَارٌ بكسر الألفِ قال : ولو قلتَ أُثُورٌ كنتَ مُصِيباً
في المُحكم : الأُثْر : ماءُ الوجهِ ورَوْنَقُه وقد تُضَمُّ ثاؤُهما مثل عُسْرٍ وعُسُر ورَوَى الوَجْهَيْن شَمِرٌ والجمعُ آثارٌ . وأنشدَ ابنُ سِيدَه :
" عَضْبٌ مَضَارِبُهَا باقٍ بها الأُثُرُ . وأَوردَه الجوهريُّ هكذا : بيضٌ مضاربُهَا قال : وفي الناس مَن يَحْمِلُ هذا على الفِرِنْد
الأُثْر : سِمَةٌ في باطن خُفِّ البعيرِ يُقْتَفَى بها أَثَرُه والجمعُ أُثُور . وقد أَثَرَه يَأْثُره أَثَّراً أَثَّره : حَزَّهرَوَى الإياديُّ عن أبي الهَيْثم أَنه كان يقول : الإثْرُ بالكسر : خُلاصةُ السَّمْنِ إذا سُلِئَ وهو الخِلاصُ وقيل : هو اللَّبَنُ إذا فارَقَه السَّمْنُ . وقد يُضَمُّ وهذا قد أَنْكَره غيرُ واحدٍ من الأَئِمَّة وقالوا : إن المضمومَ فِرِنْدُ السَّيْفِ . الأَثُرُ بضم الثّاءِ كعَجُزٍ والأَثِرُ ككَتِفٍ : رجلٌ يَستأْثِرُ على أصحابِه في القَسْم أَي يَختارُ لنفْسه أشياءَ حَسنةً وفي الصّحاح : أي يحتاجُ لنفسه أَفعالاً وأَخلاقاً حسنة . الاسمُ الأَثَرَةُ محرّكة الأُثْرَةُ بالضّمّ الإِثْرةَ بالكسر والأُثْرَى كالحُسْنَى كلاهما الصَّغَانيِّ . قد أَثِرَ على أَصحابه كفَرِحَ إذا فَعَلَ ذلك . يقال : فلانٌ ذو أُثْرَةٍ بالضمّ إذا كان خاصّاً . ويقال : قد أَخَذَه بلا أَثَرةٍ وبلا إثْرَةٍ وبلا استئثار أي لم يَستأْثِر على غيرِه ولم يَأْخُذ الأَجْوَدَ . وجمْعُ الإِثْرَة بالكسر إِثَرٌ . قال الحُطَيئةُ يمدحُ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه :
ما آثَرُوكَ بها إِذْ قَدَّمُوكَ لها ... لكنْ لأَنْفسِهِمْ كانتْ بكَ الإِثَرُ . أي الخِيَرَةُ والإيثارُ
في الحديث : لما ذُكِرَ له عُثْمَانُ بالخلافةِ فقال : أَخْشَى حَفْدَه وأَثَرَتَه أي إيثارَه وهي الإثْرَةُ وكذلك الأُثْرَةُ والأَثْرَةُ والأُثْرَى قال :
فقلتُ له يا ذئْبُ هل لكَ في أَخٍ ... يُوَاسي بلا أُثْرَى عليكَ ولا بُخْلِ . الأُثْرًةُ بالضّمِّ : المَكْرُمةُ لأنها تُؤْثَر ُ أي تُذْكًر ويًأْثُرها قَرْنٌ عن قَرْنٍ يتحدَّثُون بها . وفي المُحكَم : المَكْرُمةُ المُتَوارَثَة كالمَأْثَرَةِ بفتح الثاءِ والمَأْثُرَةِ بضمهَا ومثلُه من الكلامِ المَيْسَرَة والمَيْسُرة مما فيه الوَجْهَانِ وهي نحو ثلاثين كلمةً جَمَعَها الصّغانّي في ح ب ر
قال أبو زيد : مَأْثُرَةٌ ومآثِرُ وهي القدَمُ في الحَسَب . ومآثِرُ العَرَب : مَكارمُها ومَفاخرُها التي تُؤْثَرُ عنها أي تُذْكَرُ وتُرْوَى . ومثلُه في الأَساس
الأُثْرَةُ : البَقِيَّةُ من العِلْم تُؤْثَرُ أي تُرْوَى وتُذْكَر كالأَثَرَةِ محرَّكَةً والأَثارةِ كسَحَابةٍ . وقد قُرِئَ بها والأَخيرةُ أَعْلَى . قال الزَّجّاج : أَثَارةٌ في معنَى عَلامةٍ ويجوزُ أن يكونَ على معنى بَقِيَّةٍ من عِلْمٍ ويجوزُ أن يكونَ على ما يُؤْثَرُ من العِلْم . ويقال : أوْ شَيْءٌ مَأْثُورٌ من كُتُب الأَوَّلِين فمَن قرأَ : أَثَارَة فهو المصدرُ مثل السَّمَاحة ومَن قرأَ : أَثَرةٍ فإنه بناهُ على الأَثَر مثْل قَتَرَةٍ ومن قَرأَ : أَثْرة فكأَنه أراد مثلَ الخَطْفَةِ والرجْفَة . الأُثْرَة بالضّمّ : الجَدْبُ والحالُ غيرُ المَرْضِيَّة قال الشاعر :
إذا خافَ مِن أَيْدي الحَوَادث أُثْرَةً ... كَفَاهُ حِمَارٌ مِن غنِى مُقَيد . ومنه قولُ النبّيَّ صلَّى الله عليه وسلّم : " إنّكم سَتَلْقَوَن بَعْدِي أُثْرَةً فاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي على الحَوْضِ " . آثَره : أَكرَمه ومنه : رجلٌ أَثِيرٌ أَي مَكِينٌ مُكْرَمٌ . والجمع أُثَراءُ والأُنْثَى أَثِيرَةٌ
الأَثِيرَةُ : الدّابَّةُ العظيمةُ الأَثَرِ الأَرضِ بحاقِرِها وخُفَّيْهَا بَيِّنةُ الإثارةِ
عن ابن الأعرابيّ : فَعَلَ هذا آثِراً مّا وآثِرَ ذِي أَثِيرٍ كلاهما على صِيغَةِ اسمِ الفاعل وكذلك آثِراً بِلا ما . وقال عُرْوَةُ بنُ الوَرْد :
فقالُوا ما تُرِيدُ فقلتُ أَلْهُو ... إلى الإصْباحِ آثِرَ ذي أَثِيرِ . هكَذَا أَنشده الجوهريُّ . قال الصّغَانيُّ : والروايةُ : وقالتْ يَعْنِي امرأَتَه أُمَّ وَهْبٍ واسْمُها سَلْمَى
يُقَال : لَقِيتُه أَوَّلَ ذِي أَثِيرٍ وأَثِيرَةَ ذِي أَثِيرٍ نقله الصَّغانيّ . أُثْرةَ ذي أَثِيرٍ بالضّمِّ وضَبَطَه الصّاغانيُّ بالكَسْر . وقيل : الأَثِيرُ : الصُّبْحُ وذُو أَثِيرٍ : وَقْتُه . حَكَى اللَّحْيَانيُّ : إثْرَ ذِي أَثِيرَيْن بالكَسْر ويُحرَّك وإثْرَةً مّا . عن ابن الأعرابيّ : ولَقِيتُه آثِرَ ذاتِ يَدَيْنِ وذِي يَدَيْنِ أي أَوَّلَ كلِّ شيءٍ . قال الفَرّاءُ : ابْدَأْ بهذا آثِراً مّا وآثِرَ ذِي أَثِيرٍ وأَثِيرَ ذِي أَثِيرٍ أي ابْدَأْ به أَوَّلَ كلِّ شيءٍيُقَال : افْعَلْه آثِراً مّا وأَثِراً مّا أي إن كنتَ لا تفعلُ غيرَه فافْعَلْه
قيلَ : افْعَلْهُ مُؤْثِراً له على غيرِه وما زائدةٌ وهي لازمةٌ لا يجوزُ حذفُها لأَنَّ معناه افعلْه آثِراً مختاراً له مَعْنِيّاً به مِن قولك : آثَرتُ أن أَفعلَ كذا وكذا وقال المبرِّد : في قولِهم : خُذْ هذا آثِراً مّا قال : كَأَنّه يريدُ أَن يأْخذَ منه واحداً وهو يُسَامُ على آخَرَ فيقول : خُذْ هذا الواحِدَ آثِراً أي قد آثرتُكَ به وما فيه حَشْوٌ . يقال : سَيفٌ مأْثورٌ : في مَتْنِه أَثَرٌ وقال صاحبُ الواعِي : سَيفٌ مَأْثُورٌ أُخِذَ من الأَثَر كأَنّ وَشْيَهُ أَثَّرَ فيه أَو مَتْنُه حَدِيدُ أَنِيثٌ وشَفْرَتهُ حَدِيدٌ ذَكَرٌ نَقَلَ القَوْلَيْن الصَّغَانيُّ . أو هو الذي يُقَال إنه يَعْمَلُه الجِنُّ وليس من الأَثْرِ الذي هو الفِرِنْد . قال ابنُ مُقْبِلٍ :
إنِّي أُقَيِّدُ بالمَأْثُورِ راحِلَتِي ... ولا أُبالِي ولو كُنَّا على سَفَرِ . قال ابنُ سِيدَه : وعندي أَنّ المَأْثُورَ مَفْعُولٌ لا فِعْلَ له كما ذهَب إليه أبو عليّ في المَفْؤُود الذي هو الجَبان . وأَثِرَ يَفْعَلُ كذا كفَرِحَ : طَفِقَ وذلك إذا أَبْصَرَ الشَّيءَ وضَرِىَ بمعرِفتِه وحَذِقه وكذلك طَبِنَ وَطَبِقَ ودَبِقَ ولَفِقَ وفَطِنَ كذا في نَوادِر الأَعرابِ
قال ابن شُمَيل : إن أَثِرْتَ أن تَأْتِيَنَا فأْتِنَا يومَ كذا وكذا أي إن كان لا بُدَّ أن تَأْتِيَنَا فَأْتِنَا يومَ كذا وكذا . يُقَال : قد أَثِرَ أَنْ يَفْعَلَ ذلك الأمْرَ أي فَرَغَ له . أَثِرَ على الأَمرِ : عَزَمَ قال أبو زيد : قد أَثِرْتُ أَن أَقولَ ذلك : أي عَزَمْتُ . أَثِرَ له : تَفَرَّغَ وقال اللَّيْثُ : يقال : لقد أَثِرْتُ أن أَفْعَلَ كذا وكذَا وهو هَمٌّ في عَزْمٍ
وآثَرَ : اخْتارَ وفَضَّلَ وقَدَّمَ وفي التنزيل : " تاللهِ لقد آثَرَكَ الله عَلينا " قال الأصمعيُّ : آثرتُكَ إيثاراً أي فَضَّلْتُكَ . آثَرَ كذا بكذا : أتْبَعَه إيّاه ومنه قولُ مُتَمِّمِ بِن نُوَيرةَ يَصفُ الغَيثَ :
فآثَرَ سَيْلَ الوادِيَيْنِ بدِيمَةٍ ... تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً من النَّبْتِ خِرْوَعَا . أَي أَتْبَعَ مَطراً تقدَّم بدِيمَةٍ بعدَه
التُّؤْثُورُ وفي بعض الأُصُول التؤْرُورُ أي على تُفْعُول بالضّمّ : حَدِيدَةٌ يُسْحَى بها باطِنُ خُفِّ البعيرِ ليُقْتَصَّ أَثَرُه في الأرض ويُعْرَفَ كالمِئْثَرِة . ورأَيتُ أُثْرَته أي مَوْضِعَ أَثَرِه من الأرض . وقيل : الأُثْرَةُ والتُّؤْثُورُ والتَّأْثُورُ كلُّها علاماتٌ تَجعلُهَا الأعرابُ في باطنِ خُفِّ البَعيرِ وقد تَقدَّم في كلام المصنِّف . التُّؤْثُورُ : الجِلْوَازُ كالتُّؤْرُورِ واليُؤْرُورِ بالياءِ التَّحْتِيَّة كما سيأْتي في أَرّ عن أَبي عليّ . استأْثرَ بالشيْءِ : استبدَّ به وانفردَ . واستأْثرَ بالشيْءِ على غيرِه : خَصَّ به نفْسَه قال الأَعشى :
استَأْثَرَ اللهُ بالوفاءِ وبال ... عَدْلِ ووَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا . في حديث عُمَرَ : " فو لله ما أَستأْثِرُ بها عليكم ولا آخذُها دُونَكم "
استأْثَرَ اللهُ تعالى فلاناً وبفلانٍ إذا ماتَ وهو مِمَّنْ يُرْجَى له الجَنَّةُ ورُجِىَ له الغُفْرَانُ
وذو الآثارِ : لَقَبُ الأُسوَد بنِ يَعْفُرَ النَّهْشَلِيّ وإنما لُقِّب به لأَنَّه كان إذا هَجَا قَوماً تَرَكَ فيهم آثاراً يُعْرَفُون بها أَو لأَنّ شِعْره في الأَشعار كآثارِ الأَسدِ في آثارِ السِّباع لا يَخْفَى
يقال : فلانٌ أَثِيري أَي من خُلَصَائِي . وفي بعض الأُصول : أَي خُلْصانِي . وفلانٌ أَثِيرٌ عند فلانٍ وذو أُثْرةٍ إذا كان خاصّاً . رجلٌ أَثِيرٌ : مَكِينٌ مُكْرَمٌ . وفي الأَساس : وهو أَثِيرِي أي الذي أُوثِرُه وأُقَدِّمُه . شيْءٌ كَثِيرٌ أَثِيرٌ إِتباعٌ له مثلُ بَثِير . أُثَيْرٌ كزُبَيْرٍ بنُ عَمْروٍ السَّكُونِيُّ الطَّبِيبُ الكُوفيُّ وإليه نُسِبتْ صحراءُ أُثَيْرٍ بالكُوفة
ومُغِيرَةُ بنُ جَمِيلِ بنِ أُثَيْر شَيخٌ لأَبِي سَعِيدٍ عبدِ الله بن سَعِيدٍ الأَشَجِّ الكوفيّ أًحد الأًئمّة . قال ابن القرابِ مات سنة 357 . وجوادُ بنُ أُثَيْرِ بنِ جَوادٍ الحَضْرميّ وغيرهموقَولُ عليٍّ رَضِي اللهُ عنه : " ولستُ بمَأْثُورٍ في دِينِي " أي لستُ ممَّن يُؤْثَرُ عنِّي شَرٌّ وتُهمَةٌ في دِينِي . فيكونُ قد وَضَعَ المَأْثُورَ مَوضِعَ المَأْثُورِ عنه . وقد تقدَّم في أ ب ر ومَرّ الكلامُ هناك
ومما يُستدرَكُ عليه : الأَثَرُ بالتَّحْرِيك : ما بَقِيَ من رَسْمِ الشَّيْءِ والجَمْعُ الآثارُ
الأَثَرُ أَيضاً : مُقَابِلُ العَيْنِ ومعناه العَلامةُ . ومن أَمثالهم : " لا أَثَرَ بعد العَيْنِ " . وسَمَّي شيخُنَا كتابَه : إقرار العَيْنِ ببقاءِ الأَثَرِ بعدَ ذَهابِ العَيْنِ . والمَأْثُور : أَحدُ سُيُوفِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . كما ذَكَره أَهْل السِّيَرِ . وحَكَى اللِّحْيَانيُّ عن الكِسائيِّ : ما يُدْرَى له أَينَ أَثَرٌ ولا يُدْرَى له ما أَثَرٌ أَي ما يُدْرَى أَين أَصْلُه وما أَصْلُه . والإثَارُ ككِتَابٍ : شِبْهُ الشِّمَالِ يُشَدُّ على ضَرْعِ العَنْزِ شِبْهُ كِيسٍ لئلا تُعَانَ . وفي الحديث : " مَنْ سَرَّه أَن يَبْسُطَ اللهُ له في رِزْقِه وَيَنْسَأَ في أَثَرِه فلْيَصِلْ رَحمَه " . الأَثَرُ الأَجَلُ سُمِّيَ به لأَنه يَتْبَعُ العُمرَ قال زُهَيْر :
والمرءُ ما عاشَ مَمْدُودٌ له أَمَلٌ ... لا يَنْتَهِي العُمْرُ حتَّى يَنْتَهِي الأَثَرُ . وأَصلُه مِن أَثَّرَ مَشْيُه في الأَرض فإنَّ مَن ماتَ لا يَبْقَى له أَثَرٌ ولا يُرَى لأَقدامِه في الأَرض أَثَرٌ . ومنه قولُه للَّذِي مَرَّ بين يَدَيْه وهو يُصَلِّي : قَطَعَ صَلاتَنا قَطَعَ اللهُ أَثَرَه دُعَاءٌ عليه بالزَّمَانَة لأنه إذا زَمِنَ انقطعَ مَشْيُه فانقطعَ أَثَرُه . وأَمّا مِيثَرةُ السَّرْجِ فغيرُ مَهْمُوزةٍ . وقولُه عَزَّ وجَلّ : " ونكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وآثَارَهُم " أي نكتُب ما أَسْلَفُوا مِن أَعمالِهم . في اللسان : وسَمِنَت الإِبلُ والنّاقةُ على أَثَارةٍ . أي على عَتِيقِ شَحْمٍ كان قبلَ ذلك قال الشَّمّاخُ :
وذاتِ أَثَارةٍ أَكَلتْ عليه ... نَبَاتاً في أَكِمَّتِه قَفَارَا . قال أَبو منصور : ويُحْتَملُ أن يكونَ قولُه تعالى : " أَو أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ " مِن هذا لأنها سَمِنَتْ على بَقِيَّةِ شَحْمٍ كانت عليها فكأَنَّها حَمَلَتْ شَحْماً على بَقِيَّةِ شَحْمِها . وفي الأَساس : ومنه : أَغْضَبَني فلانٌ عن أَثارةِ غَضَبٍ أَي كان قبل ذلك . وفي المُحْكَم والتَّهْذِيب : وغَضِبَ على أَثَارةٍ قبْلَ ذلك أي قد كان قبْلَ ذلكَ منه غَضَبٌ ثم ازْدادَ بعد ذلك غَضَباً . هذه عن اللِّحْيَانيِّ
وقال ابنُ عَبَّاس : أَو أَثارةً مِنْ عِلْمٍ إِنّه عِلْمُ الخَطِّ الذي كان أُوتِيَ بعض الأَنبياءِ
وأَثْرُ السَّيْفِ : دِيباجَتُه وتَسَلْسُلُه . ويقال : أَثَّرَ بوَجْهِه وبِجَبِينِه السُّجُودُ . وأَثَّرَ فيه السَّيْفُ والضَّرْبَةُ . وفي الأَمثال : يُقال للكاذب : " لا يَصْدُقُ أَثَرُه " أَي أَثَرُ رِجْلِه . ويقال : افعَلْه إثْرَةَ ذِي أَثِيرٍ بالكسر وأَثْرَ ذِي أَثِيرٍ بالفتح . لغتانِ في : آثِر ذي أَثِيرٍ بالمدّ نقلَه الصّاغانيُّ
قال الفَرّاءُ : افْعَلْ هذه أَثَراً مّا محرَّكةً مِثل قولك : آثِراً مّا
واستدرك شيخُنا : الأثِيرُ : كأَمِيرٍ وهو الفَلَكُ التّاسِعُ الأَعْظَمُ الحاكمُ على كلِّ الأفلاكِ لأَنّهُ يُؤَثِّرُ في غيره . وأَبناءُ الأَثِيرِ : الأَئِمَّةُ المَشَاهِيرُ الأخوةُ الثلاثةُ : عِزُّ الدِّين عليُّ بنُ محمّدِ بنِ عبدِ الكريمِ بنِ عبد الواحدِ الشَّيْبَانِيُّ الجَزَرِيُّ اللُّغَوِيُّ المحدِّثُ له التاريخُ والأَنسابُ ومعرفةُ الصَّحابةِ وغيرُها وأَخُوه مَجْدُ الدِّينِ أَبو السَّعَاداتِ له جامعُ الأُصولِ والنِّهَايَةُ وغيرُهما ذَكَرهما الذَّهَبِيُّ في التَّذْكرة وأَخُوهما الثّالثُ ضِياءُ الدِّين أَبو الفَتْحِ نَصْرُ الله له المَثَلُ السّائرُ وغيرُه ذَكَره مع أَخَويْه ابنُ خلِّكانَ في الوَفَيات . قال شيخُنا : ومِن لَطائِفِ ما قِيلَ فيهم :
وَبنُو الأَثِيرِ ثلاثةٌ ... قد حازَ كلٌّ مُفْتَخَرْ
فمُؤَرِّخٌ جَمَع العُلُو ... مَ وآخَرٌ وَلِيَ الوَزَرْ
ومُحَدِّثٌ كَتَب الحَدِي ... ثَ له النِّهَايةُ في الأَثَرْقال : والوَزِيرُ هو صاحبُ المَثَلِ السّائِرِ . وما أَلْطَفَ التَّوْريَةَ في النِّهَاية
وصحراءُ أُثَيْرٍ كزُبَيْرٍ : بالكُوفة حيثُ حَرَقَ أَميرُ المؤمنين عليٌّ رضيَ اللهُ عنه النَّفَرَ الغَالِين فيه
سَأَلَهُ كذا وعن كَذا وبِكَذا : بِمَعْنىً واحِدٍ يُقالُ : سَأَلَهُ الشَّيْءُ وعَنِ الشَّيْءِ وقالَ الأَخْفَشُ : يُقالُ خَرَجْنَا نَسْأَلُ عَن فُلانٍ وبِفُلاَنٍ . وفي اسْتِعْمالِهِ مُتَعَدِّياً بِنَفْسِهِ وبهذِهِ الحُرُوفِ بمَعْنىً واحِدٍ - كما هو ظَاهِرُ كَلامِهِ وهو الذي ذَهَبَ إِليهِ الأَخْفَشُ - اخْتِلاَفٌ في شَرْحِ خُطْبَةِ الشِّفاءِ لِلْخَفاجِيِّ أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وبعَن ومِنْ وفي إِذا كان بمَعْنَى الرَّجاءِ لا الاسْتِعْطافِ وفي تَعْلِيقِ الفَرَائِدِ على تَسْهِيلِ الفَوائِدِ للبدْرِ الدَّمامِينِيِّ أَثْنَاءَ أَفْعَالِ القُلُوبِ أَنَّ سَأَلَ يَتَعَدَّى لِلْمالِ بِنَفْسِهِ ولغيرِهِ بالْجارِّ وفي شِفَاءِ الْغَلِيلِ للشِّهابِ أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلى المَسْئُولِ عنه بِنَفْسِهِ وقد تَدْخُلُ عن عَلى السائِلِ وقد تَدْخُلُ عَلى المَسْئُولِ عنه قالَ شيخُنا : ودُخُولُها عَلى السَّائِلِ لُغَةُ بَنِي عَامِرٍ وقالَ ابنُ بَرِّيٍّ : سَأَلْتُهُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى اسْتَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ وسَأَلْتُهُ عن الشَّيْءِ : اسْتَخْبَرْتُهُ . قُلْتُ : وللرَّاغِبِ في مُفْرَداتِهِ تَحْفِيقٌ حَسَنٌ قالَ : السُّؤالُ اسْتِدْعاءُ مَعْرِفَةٍ أو ما يُؤَدِّي إلى المَعْرِفَةِ واسْتِدْعاءُ الْمَعْرِفةِ جَوابهُ عَلى اللِّسانِ والْيَدُ خَلِيفَةٌ لهُ بالكِتابَةِ أو الإِشَارَةِ واسْتِدْعاءُ المالِ جَوابُهُ على الْيَدِ واللِّسانُ خَلِيفَةٌ لَها إِمَّا بِرَدٍّ أو بِوَعْدٍ أو بِرٍّ والسُّؤالُ لِلْمَعْرِفةِ قد يكونُ لِلاسْتِعلاَمِ وقد يكونُ لِلتَبْكِيتِ قَوْلُهُ : " وإِذَا الْمَوءُودَةُ سُئِلَتْ " والسُّؤَالُ إِذا كانَ لِلتَّعْرِيفِ يُعَدَّى إلى المَفْعُولِ الثَّانِي تَارَةً بِنَفْسِهِ وتَارَةً بِالْجَارِّ تَقولُ سَأَلْتُهُ كَذا وعن كذا وبِكَذا وبِعضن أَكْثَرَ وإِذا كانَ لاسْتِدْعاءِ مالٍ فإِنَّهُ يُعَدَّى بنَفْسِهِ أو بِمِنْ انْتَهَى
وفي المُحْكَمِ : سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالاً كغُرَابٍ وسَأَلَةً بالمَدِّ ومَسْأَلَةً كمَرْحَلَةٍ وقد تُحْذَفُ منهُ الهَمْزَةُ فيُقالُ : مَسَلَةٌ وتَسْآلاً بالفَتْحِ والْمَدِّ وسَأَلَةً مُحَرَّكَةً والأَمْرُ مِن سَالَ كخَافَ : سَلْ بِحَرَكَةِ الحَرْفِ الثَّانِي مِنَ المُسْتَقْبَلِ ومِن سَأَلَ كجَأَرَ : اسْألْ قالَ ابنُ سِيدَه : والعَرَبُ قاطبَةً تَحْذِفُ الهَمْزَ منهُ في الأَمْرِ فإِذا وَصَلُوا بالْفاءِ أو الواوِ هَمَزُوا كقولِكَ : فاسْأَلْ واسْأَلْ يُقالُ على التَّخْفِيفِ البَدَلِيِّ : سالَ يَسالُ كخَافَ يَخافُ وهي لُغَةُ هُذِيْلٍ والعَيْنُ من هذه اللُّغَةِ واوٌ لِمَا حَكاهُ أبو زَيْدٍ مِن قَوْلِهِم : هُما يَتَساوَلانِ كقولِكَ : يَتَقَاوَمَانِ ويَتَقَاوَلانِ وبه قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ ونافِعٌ وابنُ كَثِيرٍ وابنُ عُمَرَ : " سَالَ سَائِلٌ بِعَذابٍ وَاقِعٍ " وقيلَ : مَعْناهُ بغيرِ هَمْزٍ : سَالَ وَادٍ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ وقَرَأَ ابنُ كَثِيرٍ وأبو عَمْرٍو والكُوفِيُّونَ : " سَأَلَ سَائِلٌ " مَهْمُوزاً عَلى مَعْنَى : دَعا دَاعٍ وقالَ الجَوْهَرِيُّ : " سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذابٍ أي عَن عَذابٍ . قال الأَخْفَشُ : وقد يُخَفَّفُ فَيُقالُ : سَالَ يَسالُ قالَ الشَّاعِرُ :
ومُرْهَقٍ سالَ إِمْتاعاً بِأُصْدَتِهِ ... لم يَسْتَعِنْ وحَوَامِي الْمَوْت تَغْشاهُوالسُّؤْالُ بالضَّمِّ مَهْموزاً والسُّؤْلَةُ بالهاءِ وهذه عن ابنِ جِنِّيٍّ ويُتْرَكُ هَمْزُهُما وبِهِما قُرِئَ قَوْلُهُ تعالى : " قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى أي ما سأَلْتَهُ أي أُعْطِيتَ أُمْنِيَتَكَ التي سأَلْتَها . وقالَ الزَّمَخْشرِيُّ : السُّؤْلُ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول كعُرْفٍ ونُكْرٍ وقال ابنُ جِنِّيٍ : أَصْلُ السُّولِ الهَمْزُ عندَ العَرَبِ اسْتَثْقَلُوا ضَغْطَةَ الهَمْزَةِ فيه فَتَكَلَّمُوا به عَلى تَخْفِيفِ الهَمْزَةِ وسيأَتِي في س و ل . وسُؤَلَةٌ كهُمَزَةٍ : الْكَثِيرُ السُّؤَالِ مِنَ النَّاسِ بالهَمْزِ وبِغَيْرِ الهَمْزِ كما سيأْتِي في س و ل . وأَسْأَلَهُ سُؤْلَهُ وسُؤْلَتَهُ ومَسْأَلَتَهُ : أي قَضَى حَاجَتَهُ كذا في العُبابِ واللِّسانِ وأَمَّا قَوْلُ بِلالِ ابنِ جَرِيرٍ :
إذَا ضِفْتَهُمْ أو سَآيَلْتَهُمْ ... وَجَدْتَ بهم عِلَّةً حاضِرَهْ فجَمْعٌ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ كَما قَالَهُ أَحْمَدُ ابنُ يحيى وذلكَ حينَ فَهِمَ وقبْلَ ذلكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ وهما الهَمْزَةُ التي في سَأْلْتُهُ وهي الأَصْلُ والياءُ التي في سَايَلْتُهُ وهي العِوَضُ والفَرْعُ فقد تَراهُ كيفَ جَمَعَ بيْنَهُما في قَوْلِهِ : سَآيَلْتَهُمْ قال : ووَزْنُهُ عَلى هذا فَعَاَلْتَهُمْ قالَ : وهذا مِثالٌ لا نَظِيرَ يُعْرَفُ له في اللُّغَةِ . وتَساءَلُوا : سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وهما يَتَساءَلاَنِ ويَتَسَايَلاَنِ وقولُه تَعالى : " واتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَّاءَلُونَ بهِ والأَرْحَامَ وقُرِئَ : " تَسَاءَلُونَ بِهِ " فَمَنْ قَرَأَ " تَسَّاءَلُونَ " فالأَصْلُ : تَتَساءَلُونَ قُلِبَتِ التَّاءُ سِيناً لِقُرْبِ هذهِ مِن هذهِ ثمَّ أُدْغِمَتْ فيها ومَن قَرَأَ " تَسَاءَلُونَ " فَاَصْلُهُ أيضاً : تَتَساءَلُونَ حُذِفَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ كَراهِيَةً لِلإعَادَةِ ومَعْناهُ : تَطْلُبونَ حُقُوقَكُمْ به . تَنْبشيهٌ : قالَ ابنُ الأَثِيرِ : السُّؤَالُ في كتابِ اللهِ والحديثِ نَوْعانِ : أَحَدُهما ما كانَ على وَجْهِ التَّبْيِينِ والتَّعْلِيم مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فهوَ مُبَاحٌ أو مَنْدُوبٌ أو مَأْمُورٌ به والآخَرُ ما كانَ على طَرِيقِ التَّكْلِّفِ والتَّعَنُّتِ فهوَ مَكْرُوهٌ ومَنْهِيٌّ عَنْهُ فَكُلُّ ما كانَ مِن هذا الوَجْهِ ووَقَعَ السُّكُوتُ عَنْ جَوابِهِ فَإِنَّما هو رَدْعٌ وزَجْرٌ للسَّائِلِ وإِنْ وَقَعَ الْجَوابُ عنه فهو عُقُوبَةٌ وتغْلِيظٌ وفي الحديثِ : كَرِهَ الْمَسائِلَ وعابَها أرادَ الْمَسائِلَ الدَّقيقَةَ التي لا يُحْتاجُ إليها وفي حديثٍ آخَرَ : أَنَّهُ نَهَى عن كَثْرَةِ السُّؤالِ قيلَ : هو مِن هذا وقيلَ : هو سُؤَالُ النَّاسِ أَمْوالَهُم مِن غَيْرِ حاجَةٍ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : رَجُلٌ سَئَّالٌ كشَدَّادٍ وسُؤُولٌ كصَبُورٍ : كثيرُ السُّؤَالِ . وقَوْمٌ سَأَلَةٌ جمعُ سائِلٍن ككَاتِبٍ وكَتَبَةٍ وسُؤَّالٌ كرُمَّانٍ . وساءَلْتُهُ مُسَاءَلَةً قالَ أبو ذُؤَيْبٍ :
أَسَاءَلْتَ رَسْمَ الدَّارِ أم لم تُسائِلِ ... عن السَّكْنِ أَم عَن عَهْدِهِ بالأَوائِلِ وجَمْعُ المَسْأَلَةِ : مَسائِلُ بالهَمْزِ وتَعَلَّمْتُ مَسْأَلةً ومَسائِلَ : اسْتُعِيرَ المَصْدَرُ للمَفْعُولِ وهو مَجازٌ قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وحَكى أبو عَلِيٍّ عن أبي زَيْدٍ قَوْلَهم : اللَهُمَّ أَعْطِنا سَأَلاَتِنَا وُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَ الاِسْمِ ولذلك جُمِعَ . والْفَقِيرِ يُسَمَّى سَائِلاً إذا كانَ مُسْتَدْعِياً لِشَيْءٍ قالَهُ الرَّاغِبُ وبهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعالى : " وأمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ " وفَسَّرَهُ الحَسَنُ بِطَالِبِ العِلْمِفي كتابِ الشُّذُوذِ لابنِ جِنِّيٍّ قِراءَةُ الحَسَنِ : " ثُمَّ سُولُوا الْفِتْنَةَ " مَرْفُوعَةَ السِّينِ قال ابنُ مُجَاهِدٍ : ولا يَجْعَلُ فيها يَاءً ولا يَمُدُّها . قال ابنُ جِنِّيٍّ : سَأَلَ يَسْألُ وسَالَ يَسَالُ : لُغَتَانِ وإِذا أُسْنِدَ الفِعْلُ إلى المَفْعُولِ فالأَقْيَسُ فيهِ أنْ يُقالَ : سِيلُوا كعِيدُوا ولُغَةٌ ثانِيَةٌ هنا وهي إشْمامُ كَسْرَةِ الْفَاءِ ضَمَّةً فيُقالُ : سُولُوا كقُوْلِهِم : قُولَ وبُوعَ وقد سُورَ به وهو على إِخلاصِ ضَمَّةِ فُعْل إلاَّ أنَّهُ أَقَلُّ اللُّغاتِ فهذا أَحَدُ الوَجْهَيْنِ وهو كالسَّاذِجِ وفيهِ وَجْهٌ آخَرُ فيهِ الصَّنْعَةُ وهو أنْ يَكُونَ أرادَ سُئِلُوا فخَفَّفَ الهَمْزَةَ فجَعَلَها بَيْنَ بَيْنَ أي بينَ الهَمْزَةِ والْيَاءِ لأَنَّها مَكْسُورَةٌ فصَارَتْ : سُيْلُوا فلَمَّا قارَبَتِ الياءَ وضَعُفَتْ فيها الكَسْرَةُ شابَهَتِ الْياءَ السَّاكِنَةَ وقَبْلَها ضَمَّةٌ فانْتَحَى بها نَحْوَ قَوْلِهِ : بُوعَ فإِمَّا أَخْلَصَها في اللَّفْظِ واواً لاِنْضِمام ما قَبْلها على رَأْي أبي الحَسَنِ في تَخْفِيفِ الهَمْزَةِ المَكْسُورَةِ إذا انْضَمَّ ما قَبْلَها وإِمَّا بَقَّاها على رَوائِحِ الهَمْزِ الذي فيها فَجَعَلَها بَيْنَ بَيْنَ فخَفِيَتِ الكَسْرَةُ فيها فشَابَهَتْ لانْضِمَامِ ما قَبْلَها الوَاوَ . انْتَهَى