فَهِقَ الإناءُ كفَرِح فَهْقاً بالفَتْحِ على غير قِياس ويُحرَّك على القِياس وقد ذكَرَهُما الجوهريّ : امْتَلأَ حتى يتصبّبَ وكذلك الغَديرُ . وأنشدَ الجوهريُّ للأعشى :
تَروحُ على آلِ المُحلَّقِ جَفْنَةٌ ... كجابِيَةِ الشّيْخِ العِراقيِّ تفْهَقُ ويُرْوى السَّيْح يُريدُ دِجْلَة . قال الصاغانيّ : ومن رَوَى الشّيخ أراد أنّه يجْمَع في جابِيَتِه الماءَ لأنّه يَضْعُفُ عن الاسْتِقاءِ . والفَهْقَة : عظْمٌ عند مُرَكَّب العُنُق وهو أوّلُ الفَقارِ كما في الصِّحاح . زاد غيرُه : يَلي الرّأسَ . أو عظْمٌ عندَ فائِقِ الرّأْس مُشرِفٌ على اللّهاةِ قالَه اللّيثُ وأنشَدَ :
" وتُضْرَبُ الفَهْقَةُ حتّى تنْدلِقْ قُلت : وهو قوْلُ القُلاخ . وفَهَقَه كمنَعه فَهْقاً : أصابَ فهْقَتَه نقله الجوهريّ . والفاهِقَة : الطّعْنَةُ التي تفْهَقُ بالدّم أي : تتصبّبُ . والفاهِقَة : كَيّة على الفَهْقَةِ عن ابنِ عبّاد . وقال اللّيثُ : الفَهْق : اتِّساع كُلِّ شيءٍ ينْبُع منه ماءٌ أو دَمٌ . قال : والفَيْهَقُ كصَيْقَلٍ : الواسِعُ من كلِّ شيْءٍ حتى يُقال مفازَة فَيْهَق . وناقة فَيْهَق وهي : الصِّفِيُّ من النّوق . ويُقال : بِئْر مِفْهاقٌ أي : كَثيرةُ الماءِ . قال حسّان رضيَ الله عنه :
علَى كُلِّ مِفْهاقٍ خَسيف غُروبُها ... تُفرِّغ في حوْضٍ من الماءِ أسْجُلا الغُروبُ هنا : ماؤها . وأفهقَه أي : السِّقاء : ملأَه كأفْحقَه على البدل . وفي حديثِ جابرٍ رضي الله عنه فنزَعْنا في الحوْضِ حتّى أفْهَقنا . وأفْهَقَ البَعيرَ : كَواهُ الفاهِقَةَ نَقله الصّاغانيّ . وأفْهَقَ البَرْقُ وغيرُه : اتّسَعَ كتفهّقَ عن ابنِ الأعرابيّ . وانْفَهَقَ . وفي حديث عليّ رضي الله عنه : في هَواءٍ مُنْفَتِق وجوٍّ مُنْفَهِقٍ وأنْشَدَ ابنُ السّكيت لأعْرابيّ اختلَعَت منه امرأتُه واختارت زوْجاً غيرَه فأضَرّها وضَيّق عليها في المَعيشة فبلَغه ذلك فقال يهْجوها ويَعيبها بما صارَتْ إليه من الشّقاءِ :
" رَغْماً وتَعْساً للشّريمِ الصّهْصَلِقْ
" كانتْ لدَيْنا لا تَبيتُ ذا أرَقْ
" ولا تَشَكّى خَمَصاً في المُرتَزَقْ
" تُضحي وتُمْسي في نَعيمٍ وفَنَقْ
" لم تخشَ عندِي قَطُّ ما إلاّ السّنَقْ
" فالرّسْلُ دَرٌّ والإناءُ مُنْفهِقْ الشّريم : المُفْضاةُ وما هُنا زائِدة . أراد لم تخْشَ عِندي قطّ إلا السّنَق وهو شِبْه البَشَمِ يعتَري من كَثْرةِ شُرْبِ اللّبَن وإنما عيّرها بما صارَتْ إليه بعدَه . وفي الحديث : فإذا دَنا منها انفَهَقَتْ له الجنّة أي : اتّسَعَت . وقال رُؤبة :
" وانْشَقّ عنْها صَحْصَحانُ المُنْفَهَقْ وتَفَيْهَق في كلامِه : إذا تنطّع وتوسّع فيه قاله الفَرّاءُ . وأصلُه الفَهْق وهو الامْتِلاءُ كأنّه مَلأ به فمَه . وفي الحديث : وأبْعَدُكُم منّي مجالِسَ يومَ القِيامةِ الثّرثارونَ المُتَفَيْهِقون قيلَ : يا رسولَ الله وما المُتَفَيْهِقون ؟ قال : المتكبِّرون . وقال الفرزْدَق :
تفَيْهَقَ بالعِراقِ أبو المُثَنّى ... وعلّمَ قومَه أكلَ الخَبيصِ ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : الفِهاقُ بالكَسْر : جمْعُ الفَهْقَة لآخر خَرَزة في العُنُق عن ابنِ الأعرابيّ . وفُهِقَ الصّبيُّ كعُنِيَ : سقَطت فهْقَتُه عن لَهاتِه . وقال ابنُ الأعرابيّ : أرض فَيْهَق وفَيْحَق وهي الواسِعة . وأنشد لرؤبة :
" وإنْ علَوْا من فَيْفِ خرْقٍ فَيْهَقا
" ألْقَى به الآلُ غَديراً دَيْسَقا وقال الأزهريّ : هي أرضٌ تنْفَهِقُ مِياهاً عِذاباً . ويُقال : هو يتَفَيْهَقُ علينا بمالِ غيرِه . وتفَيْهَق في مِشيَتِه : تبخْتَر . وقال قُرّةُ بنُ خالِد : سُئلَ عبدُ الله بن غَنيّ عن المُتَفَيْهِق فقال : هو المُتَفخِّمُ المتفَتِّحُ المتَبَخْتِر