معنى أمن دوام عمل في معجم عربي عربي: معجم لسان العرب
الأَمانُ
والأَمانةُ بمعنى وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان
والأَمْنُ ضدُّ الخوف والأَمانةُ ضدُّ الخِيانة والإيمانُ ضدُّ الكفر والإيمان
بمعنى التصديق ضدُّه التكذيب يقال آمَنَ به قومٌ وكذَّب به قومٌ فأَما آمَنْتُه
المتعدي فهو
الأَمانُ
والأَمانةُ بمعنى وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان
والأَمْنُ ضدُّ الخوف والأَمانةُ ضدُّ الخِيانة والإيمانُ ضدُّ الكفر والإيمان
بمعنى التصديق ضدُّه التكذيب يقال آمَنَ به قومٌ وكذَّب به قومٌ فأَما آمَنْتُه
المتعدي فهو ضدُّ أَخَفْتُه وفي التنزيل العزيز وآمَنَهم من خوف ابن سيده الأَمْنُ
نقيض الخوف أَمِن فلانٌ يأْمَنُ أَمْناً وأَمَناً حكى هذه الزجاج وأَمَنةً
وأَماناً فهو أَمِنٌ والأَمَنةُ الأَمْنُ ومنه أَمَنةً نُعاساً وإذ يَغْشاكم
النعاسُ أَمَنةً منه نصَب أَمَنةً لأَنه مفعول له كقولك فعلت ذلك حَذَر الشر قال
ذلك الزجاج وفي حديث نزول المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام وتقع الأمَنةُ في
الأَرض أَي الأَمْنُ يريد أَن الأَرض تمتلئ بالأَمْن فلا يخاف أَحدٌ من الناس
والحيوان وفي الحديث النُّجومُ أَمَنةُ السماء فإذا ذهبت النجومُ أَتى السماءَ ما
تُوعَد وأَنا أَمَنةٌ لأَصحابي فإذا ذهبتُ أَتى أَصحابي ما يُوعَدون وأََصحابي
أَمَنةٌ لأُمَّتي فإذا ذهبَ أصحابي أَتى الأُمَّةَ ما تُوعَد أَراد بِوَعْد السماء
انشقاقَها وذهابَها يوم القيامة وذهابُ النجومُ تكوِيرُها وانكِدارُها وإعْدامُها
وأَراد بوَعْد أَصحابه ما وقع بينهم من الفِتَن وكذلك أَراد بوعْد الأُمّة
والإشارةُ في الجملة إلى مجيء الشرّ عند ذهابِ أَهل الخير فإنه لما كان بين الناس
كان يُبَيِّن لهم ما يختلفون فيه فلما تُوفِّي جالت الآراءُ واختلفت الأَهْواء
فكان الصَّحابةُ يُسْنِدونَ الأَمرَ إلى الرسول في قول أَو فعل أَو دلالة حال فلما
فُقِدَ قَلَّت الأَنوارُ وقَويَت الظُّلَمُ وكذلك حالُ السماء عند ذهاب النجوم قال
ابن الأَثير والأَمَنةُ في هذا الحديث جمع أَمينٍ وهو الحافظ وقوله عز وجل وإذ
جَعَلْنا البيتَ مثابةً للناس وأَمْناً قال أَبو إسحق أَراد ذا أَمْنٍ فهو آمِنٌ
وأَمِنٌ وأَمِين عن اللحياني ورجل أَمِن وأَمين بمعنى واحد وفي التنزيل العزيز
وهذا البَلد الأَمين أَي الآمِن يعني مكة وهو من الأَمْنِ وقوله أَلم تعْلمِي يا
أَسْمَ ويحَكِ أَنني حلَفْتُ يميناً لا أَخونُ يَميني قال ابن سيده إنما يريد
آمنِي ابن السكيت والأَمينُ المؤتمِن والأَمين المؤتَمَن من الأَضداد وأَنشد ابن
الليث أَيضاً لا أَخونُ يَمِيني أََي الذي يأْتَمِنُني الجوهري وقد يقال الأَمينُ
المأْمونُ كما قال الشاعر لا أَخون أَميني أَي مأْمونِي وقوله عز وجل إن المتقِينَ
في مقامٍ أَمينٍ أَي قد أَمِنُوا فيه الغِيَرَ وأَنتَ في آمِنٍ أَي في أَمْنٍ
كالفاتح وقال أَبو زياد أَنت في أَمْنٍ من ذلك أَي في أَمانٍ ورجل أُمَنَةٌ
يأْمَنُ كلَّ أَحد وقيل يأْمَنُه الناسُ ولا يخافون غائلَته وأُمَنَةٌ أَيضاً
موثوقٌ به مأْمونٌ وكان قياسُه أُمْنةً أَلا ترى أَنه لم يعبَّر عنه ههنا إلا
بمفعول ؟ اللحياني يقال ما آمَنْتُ أَن أَجِدَ صحابةً إيماناً أَي ما وَثِقْت
والإيمانُ عنده الثِّقةُ ورجل أَمَنةٌ بالفتح للذي يُصَدِّق بكل ما يسمع ولا
يُكَذِّب بشيء ورجل أَمَنةٌ أَيضاً إذا كان يطمئنّ إلى كل واحد ويَثِقُ بكل أَحد
وكذلك الأُمَنَةُ مثال الهُمَزة ويقال آمَنَ فلانٌ العدُوَّ إيماناً فأَمِنَ
يأْمَنُ والعدُوُّ مُؤْمَنٌ وأَمِنْتُه على كذا وأْتَمَنْتُه بمعنىً وقرئ ما لَك
لا تأَمَننا على يوسف بين الإدغامِ والإظهارِ قال الأَخفش والإدغامُ أَحسنُ وتقول
اؤتُمِن فلانٌ على ما لم يُسمَّ فاعلُه فإن ابتدأْت به صيَّرْت الهمزة الثانية واواً
لأن كلَّ كلمة اجتمع في أَولها هَمزتانِ وكانت الأُخرى منهما ساكنة فلك أَن
تُصَيِّرها واواً إذا كانت الأُولى مضمومة أَو ياءً إن كانت الأُولى مكسورة نحو
إيتَمَنه أَو أَلفاً إن كانت الأُولى مفتوحة نحو آمَنُ وحديث ابن عمر أَنه دخل
عليه ابنُه فقال إنّي لا إيمَنُ أَن يكون بين الناسِ قتالٌ أَي لا آمَنُ فجاء به
على لغة من يكسر أَوائل الأَفعال المستقبلة نحو يِعْلَم ونِعْلم فانقلبت الأَلف
ياء للكسرة قبلها واسْتأْمَنَ إليه دخل في أَمانِه وقد أَمَّنَه وآمَنَه وقرأَ
أَبو جعفر المدنيّ لستَ مُؤَمَّناً أَي لا نُؤَمِّنك والمَأْمَنُ موضعُ الأَمْنِ
والأمنُ المستجيرُ ليَأْمَنَ على نفسه عن ابن الأَعرابي وأَنشد فأَحْسِبُوا لا
أَمْنَ من صِدْقٍ وَبِرْ وَسَحّْ أَيْمانٍ قَليلاتِ الأَشرْ أَي لا إجارة
أَحْسِبُوه أَعطُوه ما يَكْفيه وقرئَ في سورة براءة إنهم لا إِيمانَ لهم مَنْ
قرأَه بكسر الأَلف معناه أَنهم إن أَجارُوا وأَمَّنُوا المسلمين لم يَفُوا
وغَدَروا والإيمانُ ههنا الإجارةُ والأَمانةُ والأَمَنةُ نقيضُ الخيانة لأَنه
يُؤْمَنُ أَذاه وقد أَمِنَه وأَمَّنَه وأْتَمَنَهُ واتَّمَنه عن ثعلب وهي نادرة
وعُذْرُ مَن قال ذلك أَن لفظه إذا لم يُدْغم يصير إلى صورة ما أَصلُه حرفُ لين
فذلك قولهم في افْتَعَل من الأَكل إيتَكَلَ ومن الإزْرةِ إيتَزَرَ فأَشْبه حينئذٍ
إيتَعَدَ في لغة من لم يُبْدِل الفاء ياء فقال اتَّمَنَ لقول غيره إيتَمَنَ وأَجود
اللغتين إقرارُ الهمزة كأَن تقول ائتمن وقد يُقَدِّر مثلُ هذا في قولهم اتَّهَلَ
واسْتَأْمَنه كذلك وتقول اسْتَأْمَنني فلانٌ فآمَنْتُه أُومِنُهُ إيماناً وفي
الحديث المُؤَذِّنُ مؤتَمَنٌ مُؤْتَمَنُ القوم الذي يثِقون إليه ويتخذونه أَمِيناً
حافظاً تقول اؤتُمِنَ الرجل فهو مُؤْتَمَن يعني أَن المؤذِّنَ أَمينُ الناسِ على
صلاتهم وصيامهم وفي الحديث المَجالِسُ بالأَمانةِ هذا ندْبٌ إلى تركِ إعادةِ ما
يَجْرِي في المجلس من قولٍ أَو فعلٍ فكأَنَّ ذلك أَمانةٌ عند مَن سَمِعه أَو رآه
والأََمانةُ تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثِّقةِ والأَمان وقد جاء في كل
منها حديث وفي الحديث الأَمانةُ غِنًى أَي سبب الغنى ومعناه أَن الرجل إذا عُرِفَ
بها كثُر مُعاملوه فصار ذلك سبباً لِغناه وفي حديث أَشْراطِ الساعة والأَمانة
مَغْنَماً أَي يرى مَن في يده أَمانةٌ أَن الخِيانَة فيها غَنيمةٌ قد غَنِمها وفي
الحديث الزَّرعُ أَمانةٌ والتاجِرُ فاجرٌ جعل الزرع أَمانَةً لسلامتِه من الآفات
التي تقع في التِّجارة من التَّزَيُّدِ في القول والحَلِف وغير ذلك ويقال ما كان
فلانٌ أَميناً ولقد أَمُنَ يأْمُنُ أَمانةً ورجلٌ أَمينٌ وأُمّانٌ أَي له دينٌ
وقيل مأْمونٌ به ثِقَةٌ قال الأَعشى ولَقَدْ شَهِدْتُ التّاجرَ ال أُمّانَ مَوْروداً
شرابُهْ التاجِرُ الأُمّانُ بالضم والتشديد هو الأَمينُ وقيل هو ذو الدِّين والفضل
وقال بعضهم الأُمّان الذي لا يكتب لأَنه أُمِّيٌّ وقال بعضهم الأُمّان الزرّاع
وقول ابن السكيت شَرِبْت مِنْ أَمْنِ دَواء المَشْي يُدْعى المَشُْوَّ طعْمُه
كالشَّرْي الأَزهري قرأْت في نوادر الأَعراب أَعطيت فلاناً مِنْ أَمْنِ مالي ولم
يفسّر قال أَبو منصور كأَنَّ معناه مِنْ خالِص مالي ومِنْ خالص دَواءِ المَشْي ابن
سيده ما أَحْسَنَ أَمَنَتَك وإِمْنَك أَي دِينَكَ وخُلُقَكَ وآمَنَ بالشيء صَدَّقَ
وأَمِنَ كَذِبَ مَنْ أَخبره الجوهري أَصل آمَنَ أَأْمَنََ بهمزتين لُيِّنَت
الثانية ومنه المُهَيْمِن وأَصله مُؤَأْمِن لُيِّنَتْ الثانيةُ وقلبت ياء وقلبت
الأُولى هاء قال ابن بري قوله بهمزتين لُيِّنَتْ الثانية صوابه أَن يقول أُبدلت
الثانية وأَما ما ذكره في مُهَيْمِن من أَن أَصلَه مُؤَأْمِن لُيِّنَتْ الهمزةُ
الثانية وقلبت ياءً لا يصحُّ لأَنها ساكنة وإنما تخفيفها أَن تقلب أَلفاً لا غير
قال فثبت بهذا أَن مُهَيْمِناً منْ هَيْمَنَ فهو مُهَيْمِنٌ لا غير وحدَّ الزجاجُ
الإيمانَ فقال الإيمانُ إظهارُ الخضوع والقبولِ للشَّريعة ولِما أَتَى به النبيُّ
صلى الله عليه وسلم واعتقادُه وتصديقُه بالقلب فمن كان على هذه الصِّفة فهو
مُؤْمِنٌ مُسْلِم غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض واجبٌ
عليه لا يدخله في ذلك ريبٌ وفي التنزيل العزيز وما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لنا أَي
بمُصدِّقٍ والإيمانُ التصديقُ التهذيب وأَما الإيمانُ فهو مصدر آمَنَ يُؤْمِنُ
إيماناً فهو مُؤْمِنٌ واتَّفق أَهلُ العلم من اللُّغَويّين وغيرهم أَن الإيمانَ
معناه التصديق قال الله تعالى قالتِ الأَعرابُ آمَنّا قل لَمْ تُؤْمِنوا ولكن
قولوا أَسْلمنا ( الآية ) قال وهذا موضع يحتاج الناس إلى تَفْهيمه وأَين يَنْفَصِل
المؤمِنُ من المُسْلِم وأَيْنَ يَسْتَويانِ والإسْلامُ إظهارُ الخضوع والقبول لما
أَتى به النبي صلى الله عليه وسلم وبه يُحْقَنُ الدَّمُ فإن كان مع ذلك الإظْهارِ
اعتِقادٌ وتصديق بالقلب فذلك الإيمانُ الذي يقال للموصوف به هو مؤمنٌ مسلمٌ وهو
المؤمنُ بالله ورسوله غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض
واجبٌ عليه وأَن الجِهادَ بنفسِه وماله واجبٌ عليه لا يدخله في ذلك رَيْبٌ فهو
المؤمنُ وهو المسلمُ حقّاً كما قال الله عز وجل إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله
ورسوله ثم لم يَرتابوا وجاهدوا بأَموالهم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم
الصادقون أَي أُولئك الذين قالوا إنّا مؤمنون فهم الصادقون فأَما من أَظهرَ قَبولَ
الشريعة واسْتَسْلَم لدفع المكروه فهو في الظاهر مُسْلمٌ وباطِنُه غيرُ مصدِّقٍ
فذلك الذي يقول أَسْلَمْتُ لأَن الإيمان لا بدّ من أَن يكون صاحبُه صِدِّيقاً لأَن
قولَكَ آمَنْتُ بالله أَو قال قائل آمَنْتُ بكذا وكذا فمعناه صَدَّقْت فأَخْرج
الله هؤلاء من الإيمان فقال ولَمّا يدْخل الإيمانُ في قُلوبِكم أَي لم تُصدِّقوا
إنما أَسْلَمْتُمْ تَعَوُّذاً من القتل فالمؤمنُ مُبْطِنٌ من التصديق مثلَ ما
يُظْهِرُ والمسلمُ التامُّ الإسلامِ مُظْهرٌ للطاعة مؤمنٌ بها والمسلمُ الذي أَظهر
الإسلامَ تعوُّذاً غيرُ مؤمنٍ في الحقيقة إلاّ أَن حُكْمَه في الظاهر حكمُ
المسلمين وقال الله تعالى حكاية عن إخْوة يوسف لأَبيهم ما أَنت بمُؤْمِنٍ لنا ولو
كُنّا صادقين لم يختلف أَهل التفسير أَنّ معناه ما أَنت بمُصدِّقٍ لنا والأَصلُ في
الإيمان الدخولُ في صِدْقِ الأَمانةِ التي ائْتَمَنه الله عليها فإذا اعتقد
التصديقَ بقلبه كما صدَّقَ بلِسانِه فقد أَدّى الأَمانةَ وهو مؤمنٌ ومن لم يعتقد
التصديق بقلبه فهو غير مؤدٍّ للأَمانة التي ائتمنه الله عليها وهو مُنافِقٌ ومَن
زعم أَن الإيمان هو إظهار القول دون التصديقِ بالقلب فإنه لا يخلو من وجهين
أَحدهما أَن يكون مُنافِقاً يَنْضَحُ عن المنافقين تأْييداً لهم أَو يكون جاهلاً
لا يعلم ما يقول وما يُقالُ له أَخْرَجَه الجَهلُ واللَّجاجُ إلى عِنادِ الحقِّ
وتَرْكِ قبولِ الصَّوابِ أَعاذنا الله من هذه الصفة وجعلنا ممن عَلِم فاسْتَعْمل
ما عَلِم أَو جَهِل فتعلّم ممن عَلِمَ وسلَّمَنا من آفات أَهل الزَّيْغ والبِدَع
بمنِّه وكرمه وفي قول الله عز وجل إنما المؤمنون الذين آمَنوا بالله ورسوله ثم
لَمْ يرتابوا وجاهَدوا بأَموالِهِم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم الصادقون ما
يُبَيّنُ لك أَن المؤمنَ هو المتضمّن لهذه الصفة وأَن مَن لم يتضمّنْ هذه الصفة
فليس بمؤمنٍ لأَن إنما في كلام العرب تجيء لِتَثْبيتِ شيءٍ ونَفْيِ ما خالَفَه ولا
قوّةَ إلا بالله وأَما قوله عز وجل إنا عَرَضْنا الأَمانةَ على السموات والأَرضِ
والجبالِ فأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَها وأَشْفَقْنَ منها وحمَلَها الإنسانُ إنه كان
ظَلُوماً جهولاً فقد روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أَنهما قالا الأَمانةُ ههنا
الفرائضُ التي افْتَرَضَها الله تعالى على عباده وقال ابن عمر عُرِضَت على آدمَ
الطاعةُ والمعصيةُ وعُرِّفَ ثوابَ الطاعة وعِقَابَ المعْصية قال والذي عندي فيه
أَن الأَمانة ههنا النِّيّةُ التي يعتقدها الإنسان فيما يُظْهِره باللّسان من
الإيمان ويؤَدِّيه من جميع الفرائض في الظاهر لأَن الله عز وجل ائْتَمَنَه عليها
ولم يُظْهِر عليها أَحداً من خَلْقِه فمن أَضْمر من التوحيد والتصديق مثلَ ما
أَظهرَ فقد أَدَّى الأَمانةَ ومن أَضمَر التكذيبَ وهو مُصَدِّقٌ باللسان في الظاهر
فقد حَمَل الأَمانةَ ولم يؤدِّها وكلُّ مَنْ خان فيما اؤتُمِنَ عليه فهو حامِلٌ
والإنسان في قوله وحملها الإنسان هو الكافر الشاكُّ الذي لا يُصدِّق وهو الظَّلُوم
الجهُولُ يَدُلُّك على ذلك قوله ليُعَذِّبَ اللهُ المُنافقينَ والمُنافقات
والمُشركين والمُشْرِكاتِ ويتوبَ اللهُ على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً
رحيماً وفي حديث ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم الإيمانُ أَمانةٌ ولا دِينَ
لِمَنْ لا أَمانةَ له وفي حديث آخر لا إيمانَ لِمَنْ لا أَمانةَ له وقوله عز وجل
فأَخْرَجْنا مَنْ كان فيها من المؤمنين قال ثعلب المؤمِنُ بالقلب والمُسلِمُ
باللسان قال الزجاج صفةُ المؤمن بالله أَن يكون راجياً ثوابَه خاشياً عقابه وقوله
تعالى يؤمنُ بالله ويؤمنُ للمؤمنين قال ثعلب يُصَدِّق اللهَ ويُصدق المؤمنين
وأَدخل اللام للإضافة فأَما قول بعضهم لا تجِدُه مؤمناً حتى تجِدَه مؤمنَ الرِّضا
مؤمنَ الغضب أَي مؤمِناً عندَ رضاه مؤمناً عند غضبه وفي حديث أَنس أَن النبي صلى
الله عليه وسلم قال المؤمنُ مَن أَمِنَه الناسُ والمسلِمُ من سَلِمَ المسلمون من
لِسانه ويَدِه والمُهاجِرَ من هَجَر السُّوءَ والذي نفسي بيده لا يدخلُ رجلٌ الجنة
لا يَأْمَنُ جارُهُ بوائقَه وفي الحديث عن ابن عمر قال أَتى رجلٌ رسولَ الله صلى
الله عليه وسلم وقال مَنِ المُهاجرُ ؟ فقال مَنْ هجَر السيئاتِ قال فمَن المؤمنُ ؟
قال من ائْتَمَنه الناس على أَموالِهم وأَنفسهم قال فَمَن المُسلِم ؟ قال مَن
سلِمَ المسلمون من لسانِه ويده قال فمَن المجاهدُ ؟ قال مَنْ جاهدَ نفسَه قال
النضر وقالوا للخليل ما الإيمانُ ؟ قال الطُّمأْنينةُ قال وقالوا للخليل تقول أَنا
مؤمنٌ قال لا أَقوله وهذا تزكية ابن الأَنباري رجل مُؤمِنٌ مُصَدِّقٌ لله ورسوله
وآمَنْت بالشيء إذا صَدَّقْت به وقال الشاعر ومِنْ قَبْل آمَنَّا وقد كانَ
قَوْمُنا يُصلّون للأَوثانِ قبلُ محمدا معناه ومن قبلُ آمَنَّا محمداً أَي
صدَّقناه قال والمُسلِم المُخْلِصُ لله العبادة وقوله عز وجل في قصة موسى عليه
السلام وأَنا أَوَّلُ المؤمنين أَراد أَنا أوَّلُ المؤمنين بأَنّك لا تُرَى في
الدنيا وفي الحديث نَهْرانِ مؤمنانِ ونَهْرانِ كافرانِ أَما المؤمنانِ فالنيلُ
والفراتُ وأَما الكافران فدِجْلةُ ونهْرُ بَلْخ جعلهما مؤمنَيْن على التشبيه لأَنهما
يفيضانِ على الأَرضِ فيَسقِيانِ الحَرْثَ بلا مَؤُونةٍ وجعل الآخَرَيْنِ كافِرَيْن
لأَنهما لا يسقِيانِ ولا يُنْتَفَعُ بهما إلا بمؤونة وكُلفةٍ فهذان في الخيرِ
والنفعِ كالمُؤْمِنَيْنِ وهذان في قلَّة النفع كالكافِرَين وفي الحديث لا يَزْني
الزاني وهو مُؤْمِنٌ قيل معناه النَّهْي وإن كان في صورة الخبر والأَصلُ حذْفُ
الياء من يَزْني أَي لا يَزْنِ المؤمنُ ولا يَسْرِقُ ولا يَشْرَبْ فإن هذه
الأَفعال لا تليقُ بالمؤمنين وقيل هو وعيدٌ يُقْصَدُ به الرَّدْع كقوله عليه
السلام لا إيمانَ لمنْ لا أمانة له والمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الناسُ من لِسانِه
ويدِه وقيل معناه لا يَزْني وهو كاملُ الإيمانِ وقيل معناه أَن الهوى يُغطِّي
الإيمانَ فصاحِبُ الهَوى لا يَزني إلاّ هواه ولا ينْظُر إلى إيمانه الناهي له عن
ارتكابِ الفاحشة فكأَنَّ الإيمانَ في تلك الحالة قد انْعَدم قال وقال ابن عباس رضي
الله عنهما الإيمانُ نَزِهٌ فإذا أَذْنَبَ العبدُ فارَقَه ومنه الحديث إذا زَنَى
الرجلُ خرجَ منه الإيمانُ فكان فوقَ رأْسه كالظُّلَّةِ فإذا أَقْلَع رجَع إليه
الإيمانُ قال وكلُّ هذا محمول على المجاز ونَفْي الكمالِ دون الحقيقة ورفع الإيمان
وإِبْطالِه وفي حديث الجارية أعْتِقُها فإنها مُؤمِنةٌ إنما حكَمَ بإيمانِها
بمُجرَّد سُؤاله إياها أَين الله ؟ وإشارَتِها إلى السماء وبقوله لها مَنْ أَنا ؟
فأَشارت إليه وإلى السماء يعني أنْتَ رسولُ الله وهذا القدر لا يكفي في ثبوت
الإسلام والإيمان دون الإقرار بالشهادَتَيْن والتبرِّي من سائر الأَديان وإنما حكم
عليه السلام بذلك لأَنه رأى منها أَمارة الإسلام وكوْنَها بين المسلمين وتحت رِقِّ
المُسْلِم وهذا القدر يكفي علَماً لذلك فإن الكافر إذا عُرِضَ عليه الإسلامُ لم
يُقْتَصَرْ منه على قوله إني مُسْلِمٌ حتى يَصِفَ الإسلامَ بكماله وشرائِطه فإذا
جاءنا مَنْ نَجْهَل حالَه في الكفر والإيمان فقال إني مُسْلِم قَبِلْناه فإذا كان
عليه أَمارةُ الإسلامِ من هَيْئَةٍ وشارةٍ ودارٍ كان قبولُ قوله أَولى بل يُحْكَمُ
عليه بالإسلام وإنْ لم يَقُلْ شيئاً وفي حديث عُقْبة بن عامر أَسْلم الناسُ وآمَنَ
عمرُو بن العاص كأَنَّ هذا إشارةٌ إلى جماعةٍ آمَنوا معه خوفاً من السيف وأنَّ
عَمْراً كان مُخْلِصاً في إيمانه وهذا من العامّ الذي يُرادُ به الخاصّ وفي الحديث
ما مِنْ نبيٍّ إلاَّ أُعْطِيَ منَ الآياتِ ما مثلُه آمَنَ عليه البَشَرُ وإنما كان
الذي أُوتِيتُهُ وحْياً أَوْحاهُ اللهُ إليَّ أَي آمَنوا عند مُعايَنة ما آتاهم من
الآياتِ والمُعْجِزات وأَراد بالوَحْيِ إعْجازَ القرآن الذي خُصَّ به فإنه ليس شيء
من كُتُبِ الله المُنزَّلة كان مُعْجِزاً إلا القرآن وفي الحديث مَنْ حَلَف
بالأَمانةِ فليس مِنَّا قال ابن الأَثير يشبه أَن تكون الكراهةُ فيه لأجل أَنه
أُمِر أَن يُحْلَفَ بأَسماءِ الله وصفاتِه والأَمانةُ أَمرٌ من أُمورِه فنُهُوا
عنها من أَجل التسوية بينها وبين أَسماء الله كما نُهوا أَن يحلِفوا بآبائهم وإذا
قال الحالفُ وأَمانةِ الله كانت يميناً عند أَبي حنيفة والشافعيُّ لا يعدُّها يميناً
وفي الحديث أَسْتَوْدِعُ الله دينَكَ وأمانتَكَ أَي أَهلك ومَنْ تُخَلِّفُه
بَعْدَكَ منهم ومالَكَ الذي تُودِعُه وتستَحْفِظُه أَمِينَك ووكِيلَكَ والأَمينُ
القويُّ لأَنه يُوثَقُ بقوَّتِه وناقةٌ أَمون أَُمينةٌ وثِيقةُ الخَلْقِ قد
أُمِنَتْ أَن تكون ضعيفةً وهي التي أُمِنتْ العِثَارَ والإعْياءَ والجمع أُمُنٌ
قال وهذا فعولٌ جاء في موضع مَفْعولةٍ كما يقال ناقة عَضوبٌ وحَلوبٌ وآمِنُ المالِ
ما قد أَمِنَ لنفاسَتِه أَن يُنْحَرَ عنَى بالمال الإبلَ وقيل هو الشريفُ من أَيِّ
مالٍ كانَ كأَنه لو عَقَلَ لأَمِنَ أَن يُبْذَل قال الحُوَيْدرة ونَقِي بآمِنِ
مالِنا أَحْسابَنا ونُجِرُّ في الهَيْجا الرِّماحَ وندَّعي قولُه ونَقِي بآمِنِ
مالِنا
( * قوله « ونقي بآمن مالنا » ضبط في الأصل بكسر الميم وعليه جرى شارح القاموس حيث
قال هو كصاحب وضبط في متن القاموس والتكملة بفتح الميم )
أَي ونَقِي بخالِصِ مالِنا نَدَّعي ندعو بأَسمائنا فنجعلها شِعاراً لنا في الحرب
وآمِنُ الحِلْم وَثِيقُه الذي قد أَمِنَ اخْتِلاله وانْحِلاله قال والخَمْرُ
لَيْسَتْ منْ أَخيكَ ول كنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ ويروى تَخُون بثامِرِ
الحِلْمِ أَي بتامِّه التهذيب والمُؤْمنُ مِن أَسماءِ الله تعالى الذي وَحَّدَ
نفسَه بقوله وإِلهُكم إِلهٌ واحدٌ وبقوله شَهد الله أَنه لا إِله إِلاَّ هو وقيل
المُؤْمِنُ في صفة الله الذي آمَنَ الخلقَ من ظُلْمِه وقيل المُؤْمن الذي آمَنَ
أَوْلياءَ عذابَه قال قال ابن الأَعرابي قال المنذري سمعت أَبا العباس يقول
المُؤْمنُ عند العرب المُصدِّقُ يذهب إلى أَنَّ الله تعالى يُصدّق عبادَه المسلمين
يومَ القيامة إذا سُئلَ الأُمَمُ عن تبليغ رُسُلِهم فيقولون ما جاءنا مِنْ رسولٍ
ولا نذير ويكذِّبون أَنبياءَهم ويُؤْتَى بأُمَّة محمد فيُسْأَلون عن ذلك
فيُصدِّقونَ الماضِينَ فيصدِّقُهم الله ويصدِّقهم النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم
وهو قوله تعالى فكيفَ إذا جِئْنا بك على هؤُلاء شهيداً وقوله ويُؤْمِنُ للمؤْمنين
أَي يصدِّقُ المؤْمنين وقيل المُؤْمن الذي يَصْدُق عبادَه ما وَعَدَهم وكلُّ هذه
الصفات لله عز وجل لأَنه صَدَّق بقوله ما دعا إليه عبادَه من توحيد وكأَنه آمَنَ
الخلقَ من ظُلْمِه وما وَعَدَنا من البَعْثِ والجنَّةِ لمن آمَنَ به والنارِ لمن
كفرَ به فإنه مصدَّقٌ وعْدَه لا شريك له قال ابن الأَثير في أَسماء الله تعالى
المُؤْمِنُ هو الذي يَصْدُقُ عبادَه وعْدَه فهو من الإيمانِ التصديقِ أَو
يُؤْمِنُهم في القيامة عذابَه فهو من الأَمانِ ضدّ الخوف المحكم المُؤْمنُ اللهُ
تعالى يُؤْمِنُ عبادَه من عذابِه وهو المهيمن قال الفارسي الهاءُ بدلٌ من الهمزة
والياء مُلْحِقةٌ ببناء مُدَحْرِج وقال ثعلب هو المُؤْمِنُ المصدِّقُ لعبادِه
والمُهَيْمِنُ الشاهدُ على الشيء القائمُ عليه والإيمانُ الثِّقَةُ وما آمنَ أَن
يَجِدَ صَحابةً أَي ما وَثِقَ وقيل معناه ما كادَ والمأْمونةُ من النساء
المُسْتراد لمثلها قال ثعلب في الحديث الذي جاء ما آمَنَ بي مَن باتَ شَبْعانَ
وجارُه جائعٌ معنى ما آمَنَ بي شديدٌ أَي ينبغي له أَن يُواسيَه وآمينَ وأَمينَ
كلمةٌ تقال في إثْرِ الدُّعاء قال الفارسي هي جملةٌ مركَّبة من فعلٍ واسم معناه
اللهم اسْتَّجِبْ لي قال ودليلُ ذلك أَن موسى عليه السلام لما دعا على فرعون
وأَتباعه فقال رَبَّنا اطْمِسْ على أَموالِهِم واشْدُدْ على قلوبهم قال هرون عليه
السلام آمِينَ فطبَّق الجملة بالجملة وقيل معنى آمينَ كذلك يكونُ ويقال أَمَّنَ
الإمامُ تأْميناً إذا قال بعد الفراغ من أُمِّ الكِتاب آمين وأَمَّنَ فلانٌ
تأْميناً الزجاج في قول القارئ بعد الفراغ من فاتحة الكتاب آمينَ فيه لغتان تقول
العرب أَمِينَ بِقَصْرِ الأَلف وآمينَ بالمد والمدُّ أَكثرُ وأَنشد في لغة مَنْ
قَصَر تباعَدَ منِّي فُطْحُلٌ إذ سأَلتُه أَمينَ فزادَ اللهُ ما بيْننا بُعْدا
وروى ثعلب فُطْحُل بضم الفاء والحاء أَرادَ زادَ اللهُ ما بيننا بُعْداً أَمين
وأَنشد ابن بري لشاعر سَقَى الله حَيّاً بين صارةَ والحِمَى حِمَى فَيْدَ صَوبَ
المُدْجِناتِ المَواطرِ أَمِينَ ورَدَّ اللهُ رَكْباً إليهمُ بِخَيْرٍ ووَقَّاهُمْ
حِمامَ المقادِرِ وقال عُمَر بن أَبي ربيعة في لغة مَنْ مدَّ آمينَ يا ربِّ لا
تَسْلُبَنِّي حُبَّها أَبَداً ويرْحمُ اللهُ عَبْداً قال آمِينا قال ومعناهما
اللهمَّ اسْتَجِبْ وقيل هو إيجابٌ ربِّ افْعَلْ قال وهما موضوعان في موضع اسْمِ
الاستحابةِ كما أَنَّ صَهْ موضوعٌ موضعَ سُكوتٍ قال وحقُّهما من الإعراب الوقفُ
لأَنهما بمنزلة الأَصْواتِ إذا كانا غيرَ مشتقين من فعلٍ إلا أَن النون فُتِحت
فيهما لالتقاء الساكنين ولم تُكسر النونُ لثقل الكسرة بعد الياء كما فتحوا أَينَ
وكيفَ وتشديدُ الميم خطأٌ وهو مبنيٌ على الفتح مثل أَينَ وكيف لاجتماع الساكنين
قال ابن جني قال أَحمد ابن يحيى قولهم آمِينَ هو على إشْباع فتحةِ الهمزة ونشأَت
بعدها أَلفٌ قال فأَما قول أَبي العباس إنَّ آمِينَ بمنزلة عاصِينَ فإنما يريدُ به
أَن الميم خفيفة كصادِ عاصِينَ لا يُريدُ به حقيقةَ الجمع وكيف ذلك وقد حكي عن
الحسن رحمه الله أَنه قال آمين اسمٌ من أَسماء الله عز وجل وأَين لك في اعتقاد
معنى الجمع مع هذا التفسير ؟ وقال مجاهد آمين اسم من أَسماء الله قال الأَزهري
وليس يصح كما قاله عند أَهل اللغة أَنه بمنزلة يا الله وأَضمر اسْتَجِبْ لي قال
ولو كان كما قال لرُفِعَ إذا أُجْرِي ولم يكن منصوباً وروى الأَزهري عن حُمَيْد بن
عبد الرحمن عن أُمِّه أُمِّ كُلْثومٍ بنت عُقبة في قوله تعالى واسْتَعِينوا
بالصَّبْرِ والصَّلاةِ قالت غُشِيَ على عبد الرحمن بن عوفٍ غَشيةَ ظَنُّوا أَنَّ
نفْسَه خرجت فيها فخرجت امرأَته أُم كلثوم إلى المسجد تسْتَعين بما أُمِرَتْ أَن
تسْتَعينَ به من الصَّبْرِ والصَّلاةِ فلما أَفاقَ قال أَغُشِيَ عليَّ ؟ قالوا
نعمْ قال صدَقْتُمْ إنه أَتاني مَلَكانِ في غَشْيَتِي فقالا انْطلِقْ نحاكِمْكَ
إلى العزيز الأَمين قال فانطَلَقا بي فلقِيَهُما مَلَكٌ آخرُ فقال وأَين تُرِيدانِ
به ؟ قالا نحاكمه إلى العزيز الأمين قال فارْجِعاه فإن هذا ممن كتَب الله لهم
السعادةَ وهم في بطون أُمَّهاتهم وسَيُمَتِّعُ الله به نبيَّه ما شاء الله قال
فعاش شهراً ثم ماتَ والتَّأْمينُ قولُ آمينَ وفي حديث أَبي هريرة أَن النبي صلى
الله عليه وسلم قال آمين خاتَمُ ربِّ العالمين على عباده المؤمنين قال أَبو بكر
معناه أَنه طابَعُ الله على عبادِه لأَنه يَدْفعُ به عنهم الآفات والبَلايا فكان
كخاتَم الكتاب الذي يَصُونه ويمنع من فسادِه وإظهارِ ما فيه لمن يكره علمه به
ووُقوفَه على ما فيه وعن أَبي هريرة أَنه قال آمينَ درجةٌ في الجنَّة قال أَبو بكر
معناه أَنها كلمةٌ يكتَسِبُ بها قائلُها درجةً في الجنة وفي حديث بلال لا
تسْبِقْني بآمينَ قال ابن الأَثير يشبه أَن يكون بلالٌ كان يقرأُ الفاتحةَ في
السَّكتةِ الأُولى من سكْتَتَي الإمام فربما يبقى عليه منها شيءٌ ورسول الله صلى
الله عليه وسلم قد فرَغ من قراءتِها فاسْتَمْهَلَه بلال في التأْمينِ بِقَدْرِ ما
يُتِمُّ فيه قراءةَ بقيَّةِ السورة حتى يَنَالَ بركةَ موافَقتِه في التّأْمين
معنى
في قاموس معاجم
دامَ الشيءُ يَدُومُ
ويَدامُ قال يا مَيّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا في الحُبِّ إن الحُبَّ لن يَدامَا قال
كراع دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ وليس بقَوِيٍّ دَوْماً ودَواماً ودَيْمومَةً
قال أَبو الحسن في هذه الكلمة نظر ذهب أهل اللغة في قولهم دِمْتَ تَدُومُ إلى
دامَ الشيءُ يَدُومُ
ويَدامُ قال يا مَيّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا في الحُبِّ إن الحُبَّ لن يَدامَا قال
كراع دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ وليس بقَوِيٍّ دَوْماً ودَواماً ودَيْمومَةً
قال أَبو الحسن في هذه الكلمة نظر ذهب أهل اللغة في قولهم دِمْتَ تَدُومُ إلى أنها
نادرة كمِتَّ تَموتُ وفَضِلَ يَفْضُلُ وحَضِرَ يَحْضُرُ وذهب أبو بكر إلى أنها
متركبة فقال دُمْتَ تَدُومُ كقُلْتَ تَقُولُ ودِمْتَ تَدامُ كخِفْتَ تَخافُ ثم
تركبت اللغتان فظنّ قوم أن تَدُومُ على دِمْتَ وتَدامُ على دُمْتَ ذهاباً إلى
الشذوذ وإيثاراً له والوَجْه ما تقدم من أَن تَدامُ على دِمْتَ وتَدُومُ على
دُمْتَ وما ذهبوا إليه من تَشْذيذ دِمْتَ تَدومُ أخف مما ذهبوا إليه من تَسَوُّغِ
دُمْتَ تَدامُ إذ الأُولى ذات نظائر ولم يُعْرَفْ من هذه الأخيرة إلاَّ كُدْتَ
تَكادُ وتركيب اللغتين باب واسع كَقَنَطَ يَقْنَطُ ورَكَنَ يَرْكَنُ فيحمله
جُهَّالُ أهل اللغة على الشذوذ وأَدامَهُ واسْتَدامَهُ تأَنَّى فيه وقيل طلب
دوَامَهُ وأَدْومَهُ كذلك واسْتَدَمْتُ الأمر إذا تأَنَّيْت فيه وأنشد الجوهري
للمَجْنون واسمه قَيسُ بن مُعاذٍ وإنِّي على لَيْلى لَزارٍ وإنَّني على ذاكَ فيما
بَيْنَنا مُسْتَدِيمُها أي منتظر أن تُعْتِبَني بخير قال ابن بري وأَنشد ابن
خالويه في مُسْتَديم بمعنى مُنْتَظِر تَرَى الشُّعراءَ من صَعِقٍ مُصابٍ بصَكَّتِه
وآخر مُسْتَدِيمِ وأَنشد أَيضاً إذا أَوقَعْتُ صاعِقةً عَلَيْهِمْ رأَوْا أُخْرَى
تُحَرِّقُ فاسْتَدامُوا الليث اسْتِدامَةُ الأَمرِ الأَناةُ وأَنشد لقَيْسِ ابن
زُهَيرٍ فلا تَعْجَلْ بأَمرِكَ واسْتَدِمْهُ فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ
وتَصْلِيةُ العصا إدارتها على النار لتستقيم واسْتدامتها التَّأَنِّي فيها أي ما
أَحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي وقال شمر المُسْتَدِيمُ المُبالِغُ في الأمر
واسْتَدِمْ ما عند فلان أي انتظره وارْقُبْهُ قال ومعنى البيت ما قام بحاجتك مثلُ
من يُعْنى بها ويحب قضاءها وأَدامه غيرهُ والمُداومَةُ على الأمر المواظبة عليه
والدَّيُّومُ الدائِمُ منه كما قالوا قَيُّوم والدِّيمةُ مطر يكون مع سكون وقيل
يكون خمسة أَيَّامٍ أو ستة وقيل يوماً وليلة أو أكثر وقال خالد بن جَنْبَةَ
الدِّيمةُ من المطر الذ لا رَعْدَ فيه ولا بَرْقَ تَدُومُ يَوْمَها والجمع دِيَمٌ
غُيِّرَت الواو في الجمع لتَغَيُّرِها في الواحد وما زالت السماءُ دَوْماً دَوماً
ودَيْماً دَيْماً الياء على المعاقبة أي دائمة المطر وحكى بعضهم دامَتِ السماءُ
تَدِيمُُ دَيْماً ودَوَّمَتْ وديَّمَتْ وقال ابن جني هو من الواو لاجتماع العرب
طُرّاً على الدَّوامِ وهو أَدْوَمُ من كذا وقال أيضاً من التدريج في اللغة قولهم
دِيمةٌ ودِيَمٌ واستمرار القلب في العين إلى الكسرة قبلها
( * قوله « إلى الكسرة قبلها » هكذا في الأصل ) ثم تجاوزوا ذلك لما كثر وشاع إلى
أن قالوا دَوَّمَتِ السماءُ ودَيَّمَتْ فأَما دَوَّمَتْ فعلى القياس وأما
دَيَّمَتْ فلاستمرار القلب في دِيمَةٍ ودِيَمٍ أَنشد أبو زيد هو الجَوادُ ابنُ
الجَوادِ ابنِ سَبَل إنْ دَيَّمُوا جادَ وإنْ جادُوا وَبَلْ ويروى دَوَّمُوا شمر
يقال دِيمةٌ ودِيْمٌ قال الأَغْلَبُ فَوارِسٌ وحَرْشَفٌ كالدِّيْمِ لا تَتَأَنَّى
حَذَرَ الكُلُومِ روي عن أبي العَمَيْثَلِ أنه قال دِيمَة وجمعها دُيومٌ بمعنى
الدِّيمةِ وأَرض مَدِيمَةٌ ومُدَيَّمَةٌ أصابتها الدِّيَمُ وأَصلها الواو قال ابن
سيده وأَرى الياء معاقبة قال ابن مقبل عَقِيلَةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ
رَخاخَ الثَّرَى والأُقْحُوانَ المُدَيَّمَا وسنذكر ذلك في ديم وفي حديث عائشة رضي
الله عنها أنها سئلت هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفَضِّلُ بعض الأَيام
على بعض ؟ وفي رواية أنها ذكرَتْ عَمَل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان
عَمَلُهُ دِيمَةً شبهتْه بالدِّيمَةِ من المطر في الدَّوامِ والاقتصاد وروي عن
حُذَيْقَة أنه ذكر الفتن فقال إنها لآتِيَتُكُمْ دِيَماً يعني أنها تملأ الأرض مع
دَوامٍ وأَنشد دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ طَبَّقَ الأَرْضَ تَحَرَّى وتَدُرّ
والمُدامُ المَطر الدائم عن ابن جني والمُدامُ والمُدامَةُ الخمر سميت مُدامَةً
لأنه ليس شيء تُستطاع إدامَةُ شربه إلا هي وقيل لإدامتها في الدَّنِّ زماناً حتى
سكنتْ بعدما فارَتْ وقيل سُمِّيَتْ مُدامَةً إذا كانت لا تَنْزِفُ من كثرتها فهي
مُدامَةٌ ومُدامٌ وقيل سميت مُدامَةً لِعتْقها وكل شيء سكن فقد دامَ ومنه قيل
للماء الذي يَسْكن فلا يجري دائِمٌ ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُبالَ في
الماء الدائم ثم يُتَوضَّأَ منه وهو الماء الراكد الساكنُ من دامَ يَدُومُ إذا طال
زمانه ودامَ الشيءُ سكن وكل شيء سكَّنته فقد أَدَمْتَه وظلٌّ دَوْمٌ وماء دَوْمٌ
دائم وصَفُوهُما بالمصدر والدَّأْماءُ البحر لدَوامِ مائه وقد قيل أصله دَوْماء
فإعْلاله على هذا شاذ ودامَ البحرُ يَدُومُ سكن قال أَبو ذؤيب فجاء بها ما شِئْتَ
من لَطَمِيَّةٍ تَدُومُ البحارُ فوقها وتَمُوجُ ورواه بعضهم يَدُومُ الفُراتُ قال
وهذا غلط لأن الدُّرَّ لا يكون في الماء العذب والدَّيْمومُ والدَّيْمومَةُ الفلاة
يَدُومُ السير فيها لبعدها قال ابن سيده وقد ذكرت قول أبي عليّ أنها من الدَّوامِ
الذي هو السخ
( * قوله السخَّ هكذا في الأصل ) والدَّيْمُومةُ الأرض المستوية التي لا أَعلام
بها ولا طريق ولا ماء ولا أنيس وإن كانت مُكْلِئَةً وهنَّ الدَّيامِيمُ يقال
عَلَوْنا دَيْمومةً بعيدة الغَوْرِ وعَلَوْنا أرضاً دَيْمومة مُنكَرةً وقال أبو
عمرو الدَّيامِيمُ الصَّحاري المُلْسُ المتباعدة الأَطرافِ ودَوَّمَتِ الكلابُ
أمعنت في السير قال ذو الرمة حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض راجَعَهُ كِبْرٌ ولو شاء
نَجّى نفسَه الهَرَبُ أي أمعنت فيه وقال ابن الأعرابي أدامَتْهُ والمعنيان مقتربان
قال ابن بري قال الأصمعي دَوَّمَتْ خطأٌ منه لا يكون التَّدْويم إلا في السماء دون
الأرض وقا الأخفش وابن الأعرابي دَوَّمَتْ أبعدت وأصله من دامَ يَدُومُ والضمير في
دَوَّمَ يعود على الكلاب وقال عليُّ بن حمزة لو كان التَّدْويمُ لا يكون إلا في
السماء لم يجز أَن يقال به دُوامٌ كما يقال به دُوارٌ وما قالوا دُومَةُ
الجَنْدَلِ وهي مجتمعة مستديرة وفي حديث الجارية المفقودة فَحَمَلني على خافيةٍ ثم
دَوَّمَ بي في السُّكاك أي أدارني في الجوّ وفي حديث قُسٍّ والجارُود قد دَوَّمُوا
العمائم أي أَداروها حول رؤوسهم وفي التهذيب في بيت ذي الرمة حتى إذا دَوَّمَتْ
قال يصف ثوراً وحشيّاً ويريد به الشمس قال وكان ينبغي له أن يقول دَوَّتْ
فدَوَّمَتْ استكراه منه وقال أبو الهيثم ذكر الأصمعي أن التَّدْويمَ لا يكون إِلا
من الطائر في السماء وعاب على ذي الرمة موضعه وقد قال رؤبة تَيْماء لا يَنْجو بها
من دَوَّما إذا عَلاها ذو انْقِباضٍ أَجْذَما أي أَسرع ودَوَّمَتِ الشمس في كَبِد
السماء ودَوَّمَت الشمس دارت في السماء التهذيب والشمس لها تَدْويمٌ كأنها تدور
ومنه اشْتُقَّتْ دُوّامَةُ الصبي التي تدور كدَوَرانها قال ذو الرمة يصف جُنْدَباً
مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْراض يَرْكُضُهُ والشَّمْسُ حَيْرى لها في الجَوّ
تَدْوِيمُ كأَنها لا تمضي أي قد رَكِبَ حَرَّ الرَّضْراض والرَّمَضُ شدة الحر مصدر
رَمِضَ يَرمَضُ رَمَضاً ويركُضُهُ يضربه برجله وكذا يفعل الجُندَبُ قال أبو الهيثم
معنى قوله والشمس حَيْرى تقف الشمس بالهاجِرَةِ على المَسير مقدار ستين فرسخاً
( * قوله مقدار ستين فرسخاً » عبارة التهذيب مقدار ما تسير ستين فرسخاً ) تدور على
مكانها ويقال تَحَيَّرَ الماء في الروضة إذا لم يكن له جهة يمضي فيها فيقول كأنها
مُتَحَيِّرَة لدَوَرانها قال والتَّدْويمُ الدَّوَرانُ قال أبو بكر الدائم من حروف
الأضداد يقال للساكن دائم وللمتحرِّك دائم والظل الدَّوْمُ الدائم وأَنشد ابن بري
للَقِيط بن زُرارَةَ في يوم جَبَلَة يا قَوْمِ قدْ أحْرَقْتُموني باللَّوْمْ ولم
أُقاتِلْ عامِراً قبلَ اليَوْمْ شَتَّانَ هذا والعِناقُ والنَّوْم والمَشْرَبُ
البارِدُ والظِّلُّ الدَّوْم ويروى في الظل الدَّوْم ودَوَّمَ الطائر إذا تحرك في طَيَرانه
وقيل دَوَّمَ الطائر إذا سَكَّنَ جناحيه كَطَيَرَانِ الحِدَإِ والرَّخَم ودَوَّمَ
الطائرُ واستدامَ حَلَّقَ في السماء وقيل هو أن يُدَوِّمَ في السماء فلا يحرك
جناحيه وقيل أن يُدَوِّمَ ويحوم قال الفارسي وقد اختلفوا في الفرق بين التَّدوِيمِ
والتَّدْوِيَةِ فقال بعضهم التَّدْويمُ في السماء والتَّدْوِيَةُ في الأَرض وقيل
بعكس ذلك قال وهو الصحيح قال جَوَّاسٌ وقيل هو لعمرو بن مِخْلاةِ الحمارِ بيَوْمٍ
ترى الرايات فيه كأَنها عَوافي طيورٍ مُسْتَديم وواقِع ويقال دَوَّم الطائرُ في
السماء إذا جعل يَدُور ودَوَّى في الأرض وهو مثل التَّدْويمِ في السماء الجوهري
تَدْويمُ الطائر تَحْلِيقُهُ في طَيَرانِهِ ليرتفع في السماء قال وجعل ذو الرمة
التَّدْوِيمَ في الأَرض بقوله في صفة الثور حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض ( البيت )
وأَنكر الأصمعي ذلك وقال إنما يقال دَوَّى في الأَرض ودَوَّمَ في السماء كما قدمنا
ذكره قال وكان بعضهم يُصَوِّبُ التَّدْويم في الأرض ويقول منه اشتقت الدُّوَّامَةُ
بالضم والتشديد وهي فَلْكَةٌ يرميها الصبي بخيط فتُدَوِّمُ على الأرض أي تدور
وغيره يقول إنما سُمِّيَت الدُّوَّامَةَ من قولهم دَوَّمْتُ القِدْرَ إذا سكَّنْتَ
غليانها بالماء لأنها من سرعة دَورَانها قد سكنتْ وهَدَأَتْ والتَّدْوامُ مثل
التَّدْويمِ وأنشد الأحمر في نعت الخيل فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها جُنْحَ
النَّواصِي نحْوَ أَلْوِياتها كالطير تَبْقي مُتَداوِماتِها قوله تَبْقي أي تنظر
إِليها أنت وتَرْقُبُها وقوله مُتَداوِمات أي مُدَوِّمات دائرات عائفات على شيء
وقال بعضهم تَدْويمُ الكلب إمعانُهُ في الهَرَبِ وقد تقدم ويقال للطائ إذا صَفّ
جناحيه في الهواء وسَكَّنهما فلم يحركهما كما تفعل الحِدَأُ والرَّخَمُ قد دَوَّمَ
الطائر تَدْوِيماً وسُمِّي تدويماً لسكونه وتركه الخَفَقان بجناحيه الليث
التَّدْويمُ تَحْلِيقُ الطائر في الهواء ودَوَرانه ودُوَّامة الغلام برفع الدال
وتشديد الواو وهي التي تلعب بها الصبيان فَتُدار والجمع دُوَّامٌ وقد دَوَّمْتُها
وقال شمر دُوَّامةٌ الصبي بالفارسية دوابه وهي التي تلعب بها الصبيان تُلَفُّ بسير
أو خيط ثم تُرْمى على الأرض فتَدور قال المُتَلَمِّسُ في عمرو بن هند ألَك
السَّدِيرُ وبارِقٌ ومَرابِضٌ ولَكَ الخَوَرْنَقْ والقَصْرُ ذو الشُّرُفاتِ من
سِنْدادَ والنَّخْلُ المُنَبَّقْ والقادِسِيَّةُ كلُّها والبَدْوُ من عانٍ
ومُطْلَقْ ؟ وتَظَلُّ في دُوَّامةِ ال مولودِ يُظْلَمُها تَحَرَّقْ فَلَئِنْ بَقيت
لَتَبْلُغَنْ أرْماحُنا منك المُخَنَّقْ ابن الأعرابي دامَ الشيءُ إذا دار ودام
إذا وقَف ودام إذا تَعِبَ ودَوَّمَتْ عينُه دارت حدقتها كأنها في فَلْكةٍ وأَنشد
بيت رؤبة تَيْماء لا يَنْجُو بها من دَوَّمَا والدُّوامُ شبه الدُّوارِ في الرأْس
وقد دِيمَ به وأُدِيمَ إذا أخذه دُوارٌ الأَصمعي أخذه دُوَامٌ في رأْسه مثل
الدُّوارِ وهو دُوارُ الرأْس الأَصمعي دَوّمَتِ الخمر شاربها إذا سكر فدارَ وفي
حديث عائشة أنها كانت تَصِفُ من الدُّوامِ سبع تمرات من عَجْوَةٍ في سبع غَدَواتٍ
على الريق الدُّوامُ بالضم والتخفيف الدُّوارُ الذي يَعْرِضُ في الرأْس ودَوَّمَ
المرقةَ إذا أَكثر فيها الإهالة حتى تَدُور فوقها ومرقة داوِمة نادر لأن حق الواو
في هذا أن تقلب همزة ودَوَّمَ الشيء بَلَّةُ قال ابن أحمر هذا الثَّناءُ وأَجْدِرْ
أَن أُصاحِبَهُ وقد يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأَمَلُ أي يبلُّه قال ابن بري يقول
هذا ثنائي على النُّعْمان ابن بشير وأجْدر أن أُصاحبه ولا أُفارقه وأَملي له
يُبْقي ثنائي عليه ويُدَوِّمُ ريقي في فمي بالثناء عليه قال الفراء والتَّدْويمُ
أن يَلُوكَ لسانَه لئلا ييبس ريقُه قال ذو الرُّمَّةِ يصف بعيراً يَهْدِرُ في
شِقْشِقتِه في ذات شامٍ تَضْرِبُ المُقَلَّدَا رَقْشَاءَ تَنْتاخُ اللُّغامَ
المُزْبِدَا دَوَّمَ فيها رِزُّه وأَرْعَدَا قال ابن بري وقوله في ذات شامٍ يعني
في شِقْشِقَةٍ وشامٌ جمع شامةٍ تَضْرب المُقَلَّدَا أي يخرجها حتى تبلغ صفحة عنقه
قال وتَنْتاخُ عندي مثل قول الراجز يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ حُرَّةٍ على إشباع
الفتحة وأَصله تَنْتَخ وتَنْبَعُ يقال نَتَخَ الشوكة من رجله إذا أَخرجها
والمِنْتاخُ المِنْقاش وفي شعره تَمْتاخ أي تخرج والماتِخُ الذي يخرج الماء من
البئر ودَوَّمَ الزعفرانَ دافَهُ قال الليث تَدْوِيمُ الزعفران دَوْفُه وإدارَتُه
في دَوْفِه وأَنشد وهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعفران المُدَوَّمَا وأدامَ القِدْرَ
ودَوَّمَها إذا غَلَت فنضحها بالماء البارد ليسكن غَلَيانها وقيل كَسَرَ غليانها
بشيء وسكَّنَهُ قال تَفُورُ علينا قِدْرُهُمْ فنُدِيمُها ونَفْثَؤُها عَنَّا إذا
حَمْيها غلى قوله نُدِيمُها نُسَكِّنها ونَفْثَؤُها نكسرها بالماء وقال جرير
سَعَرْتُ عليكَ الحَربَ تَغلي قُدورُها فهَلأَّ غَداةَ الصِّمَّتَيْنِ تُدِيمُها
يقال أَدام القِدْرَ إذا سكَّن غَلَيانها بأن لا يُوقدَ تحتها ولا يُنزِلَها وكذلك
دَوَّمَها ويقال للذي تُسَكَّنُ به القدر مِدْوامٌ وقال اللحياني الإدامةُ أن تترك
القدر على الأثافيِّ بعد الفراغ لا ينزلها ولا يوقدها والمِدْوَمُ والمِدْوامُ عود
أو غيره يُسَكَّنُ به غليانها عن اللحياني واسْتَدامَ الرجلُ غريمه رفَق به
واسْتَدْماهُ كذلك مقلوب منه قال ابن سيده وإنما قضينا بأَنه مقلوب لأَنَّا لم نجد
له مصدراً واسْتَدْمَى مَوَدَّته ترقبها من ذلك وإن لم يقولوا فيه اسْتَدام قال
كُثَيِّرٌ وما زِلْتُ أَسْتَدْمِي وما طَرَّ شارِبي وِصالَكِ حتى ضَرَّ نفسي
ضَمِيرُها قوله وما طَرَّ شارِبي جملة في موضع الحال وقال ابن كَيْسانَ في باب كان
وأخواتها أما ما دامَ فما وَقتٌ تقول قُمْ ما دام زيدٌ قائماً تريد قُمْ مُدَّةَ
قيامه وأَنشد لَتَقْرَبَنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا ما دام فيهِنَّ فَصِيل حَيَّا أي
مدَّة حياة فُصْلانها قال وأما صار في هذا الباب فإنها على ضَرْبين بلوغ في الحال
وبلوغ في المكان كقولك صار زيد إلى عمرو وصار زيد رجلاً فإذا كانت في الحال فهي
مثل كان في بابه فأَما قولهم ما دام فمعناه الدَّوامُ لأن ما اسم موصول بدامَ ولا
يُسْتَعْمَلُ إلا ظَرْفاً كما تستعمل المصادر ظروفاً تقول لا أَجلس ما دُمْتَ
قائماً أي دَوامَ قيامِكَ كما تقول ورَدْتُ مَقْدَمَ الحاجّ والدَّوْمُ شجر
المُقْلِ واحدته دَوْمَةٌ وقيل الدَّوْمُ شجر معروف ثَمَرُهُ المُقْلُ وفي الحديث
رأَيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في ظل دَوْمة قال ابن الأثير هي وادة
الدَّوْمِ وهو ضخام الشجر وقيل شجر المُقْلِ قال أَبو حنيفة الدَّوْمَةُ تَعْبُلُ
وتَسْمُو ولها خُوصٌ كخُوصِ النحل وتُخرِجُ أَقْناءً كأَقْناء النخلة قال وذكر أبو
زياد الأعرابي أن من العرب من يسمي النَّبْقَ دَوْماً قال وقال عُمَارَةُ
الدَّوْمُ العظامُ من السِّدْرِ وقال ابن الأَعرابي الدَّوْمُ ضِخام الشجر ما كان
وقال الشاعر زَجَرْنَ الهِرَّ تحت ظلال دَوْمٍ ونَقَّبْنَ العَوارِضَ بالعُيونِ
وقال طُفَيْلٌ أَظُعْنٌ بِصَحْراء الغَبيطَينِ أم نَخْلُ بَدَتْ لك أمْ دَومٌ
بأَكمامِها حَمْلُ ؟ قال ابو منصور والدَّوْمُ شجر يشبه النخل إلاَّ أنه يُثْمِر
المُقْلَ وله لِيفٌ وخُوص مثل ليف النخل ودُومَةُ الجَنْدَلِ موضع وفي الصحاح
حِصْنٌ بضم الدال ويسميه أهل الحديث دَوْمَة بالفتح وهو خطأٌ وكذلك دُوماء
الجَنْدَلِ قال أَبو سعيد الضرير دَوْمَةُ الجَنْدَلِ في غائط من الأرض خمسة
فراسِخَ ومن قِبَلِ مغربه عين تَثُجُّ فتسقي ما به من النخل والزرع قال ودَوْمَةُ
ضاحِيَةٌ بين غائطها هذا واسم حصنها مارِدٌ وسميت دَوْمَةَ الجَنْدَلِ لأن حصنها
مبني بالجندل قال والضاحِيةُ من الضَّحْل ما كان بارزاً من هذا الغَوْطِ والعينِ
التي فيه وهذه العين لا تسقي الضاحية وقيل هو دُومة بضم الدال قال ابن الأثير وقد
وردت في الحديث وتضم دالها وتفتح وهي موضع وقول لبيد يصف بنات الدهر وأَعْصَفْنَ
بالدُّومِيِّ من رأْس حِصْنِهِ وأَنْزَلْنَ بالأَسباب ربَّ المُشَقَّرِ يعني
أُكَيْدِر صاحب دُومَةِ الجَنْدَلِ وفي حديث قصر الصلاة وذكر دَوْمِين قال ابن
الأَثير هي بفتح الدال وكسر الميم قرية قريبة من حِمْص والإدامَةُ تَنْقيرُ السهم
على الإبْهام ودُوِّمَ السهم فُتِل بالأَصابع وأنشد أبو الهيثم للكميت فاسْتَلَّ
أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ عند الإدامَةِ حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ وفي حديث
عائشة رضي الله عنها قالت لليَهُود عليكم السامُ الدامُ أَي الموت الدائم فحذفت
الياء لأجل السام ودَوْمانُ اسم رجل ودَوْمانُ اسم قبيلة ويَدُومُ جبل قال الراعي
وفي يَدُومَ إذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُهُ وذِرْوة الكَوْر عن مَرْوانَ مُعْتزل وذو
يَدُومَ نهر من بلاد مُزَيْنَة يدفع بالعقيق قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ عَرَفْتُ الدار
قد أَقْوَتْ بِرِئْمٍ إلى لأْيٍ فمَدْفَعِ ذي يَدُومِ وأَدام موضع قال أَبو
المُثَلَّمِ لقد أُجْرِي لمصْرَعِهِ تَلِيدٌ وساقَتْهُ المَنِيَّةُ من أَداما قال
ابن جني يكون أَفْعَلَ من دامَ يَدُومُ فلا يصرف كما لا يصرف أَخْزَمُ وأَحمر
وأصله على هذا أدْوَم قال وقد يكون من د م ي وهو مذكور في موضعه والله أعلم
معنى
في قاموس معاجم
قال الله عز وجل
في آية الصَّدَقات والعامِلِين عليها هم السُّعاة الذين يأْخذون الصَّدَقات من
أَربابها واحدهم عامِلٌ وساعٍ وفي الحديث ما ترَكْتُ بعد نَفقة عيالي ومَؤُونة
عامِلي صَدَقةٌ أَراد بعياله زَوْجاتِه وبعامِله الخَلِيفة بعده وإِنما خَصَّ
أَزواجَ
قال الله عز وجل
في آية الصَّدَقات والعامِلِين عليها هم السُّعاة الذين يأْخذون الصَّدَقات من
أَربابها واحدهم عامِلٌ وساعٍ وفي الحديث ما ترَكْتُ بعد نَفقة عيالي ومَؤُونة
عامِلي صَدَقةٌ أَراد بعياله زَوْجاتِه وبعامِله الخَلِيفة بعده وإِنما خَصَّ
أَزواجَه لأَنه لا يجوز نكاحُهُن فجَرَت لهنَّ النفقةُ فإِنهن كالمُعْتَدَّات
والعامِلُ هو الذي يتوَلَّى أُمور الرجل في ماله ومِلْكِه وعمَلِه ومنه قيل للذي
يَسْتَخْرج الزكاة عامِل والعَمَل المِهْنة والفِعْل والجمع أَعمال عَمِلَ عَمَلاً
وأَعْمَلَه غَيرهُ واسْتَعْمَله واعْتَمَل الرجلُ عَمِلَ بنفسه أَنشد سيبويه إِنَّ
الكَرِيمَ وأَبِيك يَعْتَمِل إِنْ لم يَجِدْ يوماً على مَنْ يتَّكِل فيَكْتَسِي
مِنْ بَعْدِها ويكتحِل أَراد مَنْ يَتَّكِلُ عليه فحذف عليه هذه وزاد عَلى
متقدِّمةً أَلا ترى أَنه يَعْتَمُِل إِنْ لم يَجِدْ من يَتَّكِل عليه ؟ وقيل
العَمَلُ لغيره والاعْتِمالُ لنفسه قال الأَزهري هذا كما يقال اخْتَدَم إِذا خَدَم
نَفْسَه واقْتَرَأَ إِذا قَرَأَ السلامَ على نفسه واسْتَعْمَلَ فلان غيرَه إِذا
سَأَله أَن يَعْمَل له واسْتَعْمَلَه طَلَب إِليه العَمَل واعْتَمَل اضطرب في
العَمَل واسْتُعْمِل فلان إِذا وَليَ عَمَلاً من أَعْمالِ السلطان وفي حديث خيبر
دَفَع إِليهم أَرْضَهُم على أَن يَعْتَمِلوها من أَموالهم الاعْتمال افتعال من
العَمَل أَي أَنهم يَقُومون بما يُحْتاج إِليه من عِمارة وزراعة وتَلقيح وحِرَاسة
ونحو ذلك وأَعْمَلَ فلان ذِهْنَه في كذا وكذا إِذا دَبَّره بفهمه وأَعْمَل رَأْيَه
وآلَتَه ولِسانَه واسْتَعْمَله عَمِل به قال الأَزهري عَمِلَ فلان العَمَلَ
يَعْمَلُه عَمَلاً فهو عامِلٌ قال ولم يجيء فَعِلْتُ أَفْعَلُ فَعَلاً متعدِّياً
إِلا في هذا الحرف وفي قولهم هَبِلَتْه أُمُّه هَبَلاً وإِلاَّ فسائر الكلام يجيء
على فَعْلٍ ساكن العين كقولك سَرِطْتُ اللُّقْمَة سَرْطاً وبَلِعْته بَلْعاً وما
أَشبهه ورجلٌ عَمُولٌ إِذا كان كَسُوباً ورجل عَمِلٌ ذو عَمَلٍ حكاه سيبويه وأَنشد
لساعدة بن جُؤَبَّة حَتى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ باتت طِراباً وبات
اللَّيْلَ لم يَنَمِ نَصَب سيبويه مَوْهِناً بعَمِل
( * قوله « نصب سيبويه موهناً بعمل » هي عبارة المحكم وفي المغني وردّ على سيبويه
في استدلاله على إِعمال فعيل بقوله حتى شآها كليل ) ودَفَعَه غيرُه من النحويين
فقال إِنما هو ظرف وهذا حَسَنٌ منه لأَنه إِنما يُحْمَل الشيء على إِعْمال فَعِلٍ
إِذا لم يوجد من إِعْماله بُدٌّ ورجل عَمُولٌ بمعنى رجل عَمِلٌ أَي مطبوع على
العَمَل وتَعَمَّل فلان لكذا والتعميل تولية العَمَل يقال عَمَّلْت فلاناً على
البصرة قال ابن الأَثير قد يكون عَمَّلْته بمعنى وَلَّيته وجعلته عامِلاً وأَما ما
أَنشده الفراء للبيد أَو مِسْحَل عَمِل عِضادَة سَمْحَجٍ بَسَراتِها نَدَبٌ له
وكُلوم فقال أَوقع عَمِل على عِضادَة سَمْحَج قال ولو كانت عامِل لكان أَبْيَنَ في
العربية قال الأَزهري العِضَادة في بيت لبيد جمع العَضُد وإِنما وَصَفَ عَيْراً
وأَتانه فجعل عَمِل بمعنى مُعْمِل
( * قوله « فجعل عمل بمعنى معمل إلخ » عبارة التهذيب في ترجمة عضد ويقال فلان عضد
فلان وعضادته ومعاضده إِذا كان يعاونه ويرافقه وقال لبيد أَو مسحل سنق عضادة إلخ
ثم قال في تفسيره يقول هو يعضدها يكون مرة عن يمينها ومرة عن يسارها لا يفارقها )
أَو عامِل ثم جعله عَمِلاً والله أَعلم واسْتَعْمَل فلان اللَّبِنَ إِذا ما بَنى
به بِناءً والعَمِلةُ العَمَلُ إِذا أَدخلوا الهاء كسروا الميم والعَمِلَة
والعِمْلة ما عُمِلَ والعِمْلة حالَةُ العَمَل ورَجُلٌ خبيثُ العِمْلة إِذا كان
خبيث الكسب وعِمْلةُ الرجل باطِنَته في الشرِّ خاصة وكلُّه من العَمَل وقالت
امرأَة من العرب ما كان لي عَمِلَةٌ إِلا فسادُكم أَي ما كان لي عَمَلٌ والعِمْلَة
والعُمْلَةُ والعَمالة والعُمالة والعمالة الأَخيرة عن اللحياني كله أَجْرُ ما
عُمِل ويقال عَمَّلْت القومَ عُمالَتَهم إِذا أَعطيتهم إياها وفي حديث عمر رضي
الله عنه قال لابن السَّعْدي خُذْ ما أُعْطِيتَ فإِنِّي عَمِلْتُ على عَهْد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فَعَمَّلَني أَي أَعطاني عُمالتي وأُجْرَةَ عَمَلي يقال
منه أَعْملته وعَمَّلْته قال الأَزهري العُمالة بالضم رِزْقُ العامِلِ الذي جُعِل
له على ما قُلِّد من العَمَل وعامَلْتُ الرجلَ أُعامِلُه مُعامَلةً والمُعامَلة في
كلام أَهل العراق هي المُساقاة في كلام الحِجازيين والعَمَلة القومُ يَعْمَلون
بأَيديهم ضروباً من العَمَل في طين أَو حَفْرٍ أَو غيره وعامَلَه سامَه بعَمَلٍ
والعامِلُ في العربية ما عَمِلَ عَمَلاً مَّا فرفَعَ أَو نَصَب أَو جَرَّ كالفِعْل
والناصب والجازم وكالأَسماء التي من شأْنها أَن تَعْمَلَ أَيضاً وكأَسْماء الفِعْل
وقد عَمِلَ الشيءُ في الشيء أَحْدَثَ فيه نوعاً من الإِعراب وعَمِلَ به
العِمِلِّين بالَغ في أَذاه وعَمِلَه به وحكى ابن الأَعرابي عَمِلَ به العِمْلِين
بكسر العين وسكون الميم وقال ثعلب إِنما هو العِمَلِين بكسر العين وفتح الميم
وتخفيفها ويقال لا تَتَعَمَّلْ في أَمْر كذا كقولك لا تَتَعَنَّ وقد تَعَمَّلْت لك
أَي تَعَنَّيْت من أَجلك قال مُزَاحم العُقَيلي تَكادُ مَغانِيها تَقُولُ من
البِلى لِسائِلها عن أَهْلِها لا تَعَمَّل أَي لا تَتَعَنَّ فليس لَكَ فَرَجٌ في
سؤالك وقال أَبو سعيد سَوْفَ أَتَعَمَّل في حاجتك أَي أَتَعَنَّى وقول الجعدي يصف
فرساً وتَرْقبُهُ بعامِلَةٍ قَذُوفٍ سَرِيعٍ طَرْفُها قَلِقٍ قَذَاها أَي تَرْقُبه
بعين بعيدة النَّظَر واليَعْمَلَة من الإِبل النَّجِيبة المُعْتَمَلة المطبوعة على
العَمَل ولا يقال ذلك إِلا للأُنثى هذا قول أَهل اللغة وقد حكى أَبو علي يَعْمَلٌ
ويَعْمَلة واليَعْمَلُ عند سيبويه اسم لأَنه لا يقال جَمَلٌ يَعْمَلُ عند سيبويه
اسم لأَنه لا يقال جَمَلٌ يَعْمَلٌ ولا ناقة يَعْمَلَةٌ إِنما يقال يَعْمَلٌ
ويَعْمَلة فيُعْلَم أَنه يُعْنى بهما البعير والناقة ولذلك قال لا نَعلَم
يَفْعَلاً جاء وصفاً وقال في باب ما لا ينصرف إِن سميته بيَعْمَلٍ جمع يَعْمَلة
فَحَجِّرْ بلفظ الجمع أَن يكون صفة للواحد المذكر وبعضهم يَرُدُّ هذا ويَجْعَلَ
اليَعْمَلَ وصفاً وقال كراع اليَعْمَلَة الناقة السريعة اشتق لها اسم من العَمَل
والجمع يَعْمَلات وأَنشد ابن بري للراجز يا زَيْدُ زَيْدَ اليَعْمَلاتِ الذُّبَّل
تَطاوَلَ اللَّيْلُ عليكَ فانْزِل قال وذكر النحاس في الطبقات أَن هذين البيتين
لعبد الله بن رَوَاحة وناقة عَمِلَةٌ بَيِّنة العَمالة فارهة مثل اليَعْمَلة وقد
عَمِلَتْ قال القَطامِيّ نِعْمَ الفَتى عَمِلَتْ إِليه مَطِيَّتي لا نَشْتَكي جَهْدَ
السِّفار كلانا وحَبْلٌ مُسْتَعْمَلٌ قد عُمِل به ومُهِن ويقال أَعْمَلْت الناقةَ
فَعَمِلَت وفي الحديث لا تُعْمَلُ المَطِيُّ إِلا إِلى ثلاثة مساجد أَي لا تُحَثُّ
ولا تُساق ومنه حديث الإِسْراء والبُراق فعَمِلَتْ بأُذُنَيْها أَي أَسرعت لأَنها
إِذا أَسْرَعَتْ حَرَّكت أُذُنيها لشدَّة السير وفي حديث لقمان يُعْمِل الناقةَ
والسَّاقَ أَخبر أَنه قَوِيٌّ على السير راكباً وماشياً فهو يجمع بين الأَمرين
وأَنه حاذِقٌ بالرُّكُوب والمَشْي وعَمِلَ البَرْقُ عَمَلاً فهو عَمِلٌ دامَ قال
ساعدة بن جُؤَيَّة وأَنشد حَتى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ وعُمِّلَ فلان على
القوم أُمِّرَ والعَوامِلُ الأَرجل قال الأَزهري عَوامِلُ الدابة قوائمه واحدتها
عامِلة والعَوامِل بَقَر الحَرْث والدِّياسة وفي حديث الزكاة ليس في العَوامِل شيء
العَوامِل من البقر جمع عاملة وهي التي يُسْتَقى عليها ويُحْرَث وتستعمل في
الأَشغال وهذا الحكم مطَّرد في الإِبل وعامِلُ الرُّمح وعامِلته صَدْرُه دون
السِّنان ويجمع عَوامِل وقيل عامِلُ الرُّمْح ما يَلي السِّنان وهو دون الثَّعْلب
وطريق مُعْمَلٌ أَي لحْبٌ مسلوك وحكى اللحياني لم أَرَ النَّفَقة تَعْمَل كما
تَعْمَل بمكة ولم يُفَسِّره إِلاَّ أَنه أَتبعه بقوله وكما تُنْفَق بمكة فعسى أَن
يكون الأَول في هذا المعنى وعَمَلٌ اسم رجل قالت امرأَة تُرَقِّص ولدها أَشْبِهْ
أَبا أُمِّك أَو أَشبِهْ عَمَل وارْقَ إِلى الخَيرات زَنْأً في الجَبَل قال ابن
بري قال أَبوه زيد الذي رَقَّصه هو أَبو وهو قيس بن عاصم واسم الولد حكيم واسم
أُمه منفوسة بنت زَيْد الخَيْل وأَما الذي قالته أُمه فيه فهو أَشْبِهْ أَخي أَو
أَشبِهَنْ أَباكا أَمَّا أَبي فَلَنْ تَنالَ ذاكا تَقْصُرُ أَن تَنالَهُ يَداكا
قال الأَزهري والمسافرون إِذا مَشَوْا على أَرجلهم يُسَمَّوْن بني العَمَل وأَنشد
الأَصمعي فذَكَرَ اللهَ وسَمَّى ونَزَل
( * قوله « ونزل » قال في التهذيب أي أقام بمنى )
بِمَنْزِل يَنْزِله بَنُو عَمَل لا ضَفَفٌ يَشْغَلُه ولا ثَقَل وبنو عامِلة وبنو
عُمَيْلة حَيَّان من العرب قال الأَزهري عاملة قبيلة إِليها يُنْسَب عَدِيُّ بن
الرِّقاع العامِليُّ وعامِلة حيٌّ من اليمن وهو عاملة بن سَبإٍ وتزعم نُسَّاب
مُضَر أَنهم من ولد قاسط قال الأَعشى أَعامِلَ حَتَّى مَتى تَذْهَبِين إِلى غَيْرِ
والدِكِ الأَكْرم ؟ ووالِدُكُم قاسِطٌ فارْجِعوا إِلى النسب الأَتْلَد الأَقْدَم
وعَمَلى موضع وفي الحديث سئل عن أَولاد المشركين فقال الله أَعلم بما كانوا عاملين
روى ابن الأَثير عن الخطابي قال ظاهر هذا الكلام يوهم أَنه لم يُفْتِ السائل عنهم
وأَنه رد الأَمر في ذلك إِلى علم الله عز وجل وإِنما معناه أَنهم مُلْحَقون في
الكفر بآبائهم لأَن الله تعالى قد علم أَنهم لو بَقُوا أَحياءً حتى يَكْبَروا
لعَمِلوا عَمَلَ الكفَّار ويدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها قلت فذراريّ
المشركين ؟ قال هم من آبائهم قلت بِلا عَملٍ قال الله أَعلم بما كانوا عاملين وقال
ابن المبارك فيه إِن كل مولود إِنما يُولَد على فِطرته التي وُلد عليها من السعادة
والشقاوة وعلى ما قُدِّر له من كفر وإِيمان فكلٌّ منهم عامِلٌ في الدنيا بالعمل
المشاكل لفِطْرته وصائر في العاقبة إِلى ما فُطِر عليه فمن علامات الشقاوة للطفل
أَن يُولَد بين مُشْرِكَين فيحْمِلانه على اعتقاد دينهما ويُعَلِّمانه إِياه أَو
يموت قبل أَن يَعْقِل ويَصِف الدين فيُحْكَم له بحُكم والديه إِذ هو في حكم
الشريعة تَبَعٌ لهما وهذا فيه نظر لأَنا رأَينا وعلمنا أَن ثَمَّ مَن ولد بين
مُشْركَين وحملاه على اعتقاد دينهما وعَلَّماه ثم جاءت له خاتمة من إِسلامه ودينه
تَعُدُّه من جملة المسلمين الصالحين وأَما الذي في حديث الشَّعْبي أَنه أُتي بشراب
مَعْمول فقيل هو الذي فيه اللَّبن والعَسل والثَّلج