بَلَوْتُ الرجلَ
بَلْواً وبَلاءً وابْتَلَيْته اخْتَبَرْته وبَلاهُ يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه
واخْتَبَره وفي حديث حذيفة لا أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبداً وقد ابْتَلَيْتُه
فأَبْلاني أَي اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرني وفي حديث أُم سلمة إنَّ مِنْ أَصْحابي
مَن
بَلَوْتُ الرجلَ
بَلْواً وبَلاءً وابْتَلَيْته اخْتَبَرْته وبَلاهُ يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه
واخْتَبَره وفي حديث حذيفة لا أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبداً وقد ابْتَلَيْتُه
فأَبْلاني أَي اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرني وفي حديث أُم سلمة إنَّ مِنْ أَصْحابي
مَنْ لا يَراني بَعدَ أَن فارَقَني فقال لها عمر بالله أَمِنْهم أَنا ؟ قالت لا
ولن أُبْلِيَ أَحداً بعدَكَ أَي لا أُخبِر بعدَك أَحداً وأَصله من قولهم أَبْلَيتُ
فُلاناً يميناً إذا حلفتَ له بيمين طَيَّبْتَ بها نفسه وقال ابن الأَعرابي أَبْلى
بمعنى أَخْبَر وابْتَلاه الله امْتَحَنَه والاسم البَلْوَى والبِلْوَةُ
والبِلْيَةُ والبَلِيَّةُ والبَلاءُ وبُلِيَ بالشيء بَلاءً وابْتُلِيَ والبَلاءُ
يكون في الخير والشر يقال ابْتَلَيته بلاءً حسناً وبَلاءً سيِّئاً والله تعالى
يُبْلي العبدَ بَلاءً حسناً ويُبْلِيه بلاءً سيِّئاً نسأَل الله تعالى العفو
والعافية والجمع البَلايا صَرَفُوا فَعائِلَ إلى فَعالى كما قيل في إداوة التهذيب
بَلاه يَبْلُوه بَلْواً إذا ابتَلاه الله ببَلاء يقال ابْتَلاه الله ببَلاء وفي
الحديث اللهم لا تُبْلنا إلاّ بالتي هي أَحسن والاسم البَلاء أَي لا تَمْتَحِنَّا
ويقال أَبْلاه الله يُبْلِيه إبْلاءً حسناً إذا صنع به صُنْعاً جميلاً وبَلاه
اللهُ بَلاء وابْتَلاه أَي اختَبره والتَّبالي الاختبار والبَلاء الاختبار يكون
بالخير والشر وفي كتاب هرقل فَمَشى قَيْصر إلى إيلِياء لمَّا أَبْلاهُ الله قال
القتيبي يقال من الخير أَبْلَيْته إبْلاء ومن الشر بَلَوْته أَبْلُوه بَلاءً قال
والمعروف أَن الابتلاء يكون في الخير والشر معاً من غير فرق بين فعليهما ومنه قوله
تعالى ونَبْلُوكم بالشر والخير فتنة قال وإنما مشى قيصر شكراً لاندفاع فارس عنه قال
ابن بري والبَلاء الإنعام قال الله تعالى وآتيناهم من الآيات ما فيه بَلاء مبين
أَي إنعام بَيِّن وفي الحديث مَنْ أُبْليَ فَذَكَرَ فَقَد شَكَرَ الإبلاء الإنعام
والإحسان يقال بَلَوْت الرجلَ وأَبْلَيْت عندَه بَلاء حسناً وفي حديث كعب بن مالك
ما عَلِمْتُ أَحداً أَبْلاه الله أَحسنَ مِمَّا أَبْلاني والبَلاءُ الاسم ممدودٌ
يقال أَبْلاه اللهُ بَلاءً حسناً وأَبْلَيْته معروفاً قال زهير جَزَى اللهُ
بالإحسانِ ما فَعَلا بِكُمْ وأَبْلاهما خيرَ البَلاء الَّذي يَبْلُو أَي صَنَع
بهما خيرَ الصَّنِيع الذي يَبْلُو به عباده ويقال بُلِيَ فلانٌ وابْتُلِيَ إذا
امْتُحِنَ والبلوَى اسم من بَلاه الله يَبْلُوه وفي حديث حذيفة أَنه أُقِيمَتِ
الصلاةُ فَتَدافَعوها فَتَقدَّمَ حذيفة فلما سَلَّم من صلاته قال لتَبْتَلُنَّ
لَها إماماً أَو لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً قال شمر قوله لتَبْتَلُنَّ لها إماماً يقول
لتَخْتارُنَّ وأَصله من الابتلاء الاختبار من بلاه يبلوه وابتلاه أَي جَرَّبه قال
وذكره غيره في الباء والتاء واللام وهو مذكور في موضعه وهو أشبه ونزلت بلاءِ على
الكفار مثل قَطامِ يعني البلاءَ وأَبْلَيْت فلاناً عُذراً أَي بَيَّنت وجه العذر
لأُزيل عني اللوم وأَبْلاه عُذراً أَدَّاه إليه فقبله وكذلك أَبْلاه جُهْدَه
ونائِلَه وفي الحديث إنما النذْرُ ما ابْتُلِيَ به وجه الله أَي أُريد به وجههُ
وقُصِدَ به وقوله في حديث برّ الوالدين أَبْلِ الله تعالى عُذْراً في بِرِّها أَي
أَعْطِه وأَبْلِغ العُذرَ فيها إليه المعنى أَحسن فيما بينك وبين الله ببرك إياها
وفي حديث سعد يوم بدر عَسَى أَن يُعْطَى هذا مَن لا يُبْلي بَلائي أَي يعملُ مثلَ
عملي في الحرب كأَنه يريد أَفعل فعلاً أُخْتَبَر به فيه ويظهر به خيري وشري ابن
الأَعرابي ويقال أَبْلَى فلان إذا اجتهد في صفة حرب أَو كرم يقال أَبْلَى ذلك
اليومَ بَلاءً حسناً قال ومثله بالَى يُبالي مُبالاةً وأَنشد ما لي أَراكَ قائماً
تُبالي وأَنتَ قد قُمْتَ من الهُزالِ ؟ قال سمعه وهو يقول أَكلْنا وشربْنا
وفعَلْنا يُعَدِّد المكارمَ وهو في ذلك كاذب وقال في موضع آخر معناه تبالي تنظر
أَيهم أَحسن بالاً وأَنت هالك قال ويقال بالَى فلانٌ فلاناً مُبالاةً إذا فاخَرَه
وبالاهُ يُباليهِ إذا ناقَصَه وبالَى بالشيء يُبالي به إذا اهْتَمَّ به وقيل
اشتقاقُ بالَيْتُ من البَالِ بالِ النفسِ وهو الاكْتِراثُ ومنه أَيضاً لم يَخْطُرْ
بِبالي ذلك الأَمر أَي لم يُكْرِثْني ورجلٌ بِلْوُ شَرٍّ وبِلْيُ خَيرٍ أَي
قَوِيٌّ عليه مبتَلًى به وإنه لَبِلْوٌ وبِلْيٌ من أَبْلاء المالِ أَي قَيِّمٌ
عليه ويقال للراعي الحسنِ الرِّعْيَة إنه لَبِلْوٌ من أَبْلائها وحِبْلٌ من
أَحْبالِها وعِسْلٌ من أَعسالها وزِرٌّ من أَزرارِها قال عمر بن لَجَإ فصادَفَتْ
أَعْصَلَ من أَبْلائها يُعْجِبُه النَّزْعُ على ظمائها قلبت الواو في كل ذلك ياء
للكسرة وضعف الحاجز فصارت الكسرة كأَنها باشرت الواو وفلان بِلْيُ أَسفارٍ إذا كان
قد بَلاهُ السفر والهَمُّ ونحوهما قال ابن سيده وجعل ابن جني الياء في هذا بدلاً
من الواو لضعف حجز اللام كما ذكرناه في قوله فلان من عِلْيَةِ الناس وبَلِيَ
الثوبُ يَبْلَى بِلًى وبَلاء وأَبْلاه هو قال العجاج والمَرْءُ يُبْلِيهِ بَلاءَ
السِّربالْ كرُّ الليالي وانْتِقالُ الأَحوالْ أَراد إبلاء السربال أَو أَراد
فيَبْلى بَلاء السِّربال إذا فَتَحتَ الباء مَدَدْتَ وإذا كَسرْتَ قَصَرْتَ ومثله
القِرى والقَراءُ والصِّلى والصَّلاءُ وبَلاَّه كأَبْلاهُ قال العُجَير السلولي
وقائِلَةٍ هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ به أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهور رَأَتْني
تجاذَبْتُ الغَداةَ ومَن يَكُنْ فَتًى عامَ عامَ الماء فَهْوَ كَبير وقال ابن
أَحمر لَبِسْتُ أَبي حتى تَبَلَّيْتُ عُمْرَه وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ
خالِيا يريد أَي عشت المدة التي عاشها أَبي وقيل عامَرتُه طُول حياتي وأَبْلَيْتُ
الثَّوبَ يقال للمُجِدِّ أَبْلِ ويُخْلِفُ الله وبَلاَّهُ السَّفَرُ وبَلَّى عليه
وأَبْلاه أَنشد ابن الأَعرابي قَلُوصانِ عَوْجاوانِ بَلَّى عَليهِما دُؤوبُ
السُّرَى ثم اقْتِداحُ الهَواجِر وناقَةٌ بِلْوُ سفرٍ بكسر الباء أَبلاها السفر
وفي المحكم قد بَلاَّها السفر وبِلْيُ سَفَر وبِلْوُ شَرّ وبِلْيُ شرّ ورَذِيَّةُ
سَفَرٍ ورَذِيُّ سَفَر ورَذاةُ سَفَرٍ ويجمع رَذِيَّات وناقة بَلِيَّة يموت صاحبها
فيحفر لديها حفرة وتشدّ رأْسها إلى خلْفها وتُبْلَى أَي تترك هناك لا تعلف ولا
تسقى حتى تموت جوعاً وعطشاً كانوا يزعمون أَن الناس يحشرون يوم القيامة ركباناً
على البلايا أَو مُشاة إذا لم تُعْكسَ مَطاياهم على قبورهم قلت في هذا دليل على
أَنهم كانوا يرون في الجاهلية البعث والحشر بالأَجساد تقول منه بَلَّيتُ
وأَبْلَيْت قال الطرماح مَنازِل لا تَرَى الأَنْصابَ فيها ولا حُفَرَ المُبَلّي
لِلمَنون أَي أَنها منازل أَهل الإسلام دون الجاهلية وفي حديث عبد الرزاق كانوا في
الجاهلية يَعْقِرُون عندَ القبر بَقَرة أَو ناقة أَو شاةً ويُسمُّون العَقِيرَة
البَلِيَّة كان إذا مات لهم من يَعِزّ عليهم أَخذوا ناقة فعقلوها عند قبره فلا
تعلف ولا تسقى إلى أَن تموت وربما حفروا لها حفيرة وتركوها فيها إلى أَن تموت
وبَلِيَّة بمعنى مُبْلاةٍ أَو مُبَلاَّة وكذلك الرَّذِيَّة بمعنى مُرَذَّاة فعِيلة
بمعنى مُفْعَلة وجمعُ البَلِيَّةِ الناقةِ بَلايا وكان أَهل الجاهلية يفعلون ذلك
ويقال قامت مُبَلِّيات فلان يَنُحْنَ عليه وهن النساء اللواتي يقمن حول راحلته
فيَنُحْنَ إذا مات أَو قُتل وقال أَبو زُبيد كالبَلايا رُؤُوسُها في الوَلايا
مانِحاتِ السَّمومِ حُرَّ الخُدود المحكم ناقة بِلْوُ سفر قد بلاها السفر وكذلك
الرجل والبعير والجمع أَبلاءٌ وأَنشد الأَصمعي لجَندَل بن المثنى ومَنْهَلٍ من
الأَنيس ناء شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ داوَيْتُه بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ ابن
الأَعرابي البَلِيُّ والبَلِيَّةُ والبَلايا التي قد أَعْيت وصارت نِضْواً هالكاً
ويقال فاقتك بِلْوُ سفر إذا أَبلاها السفر المحكم والبَلِيَّة الناقة أَو الدابة
التي كانت تُعْقَلُ في الجاهلية تُشدّ عند قبر صاحبها لا تعلف ولا تسقى حتى تموت
كانوا يقولون إن صاحبها يحشر عليها قال غَيْلان بن الرَّبعِي باتَتْ وباتُوا
كَبَلايا الأَبْلاءُ مُطْلَنْفِئِينَ عِندَها كالأَطْلاءْ يصف حَلْبة قادها
أَصحابها إلى الغاية وقد بُلِيت وأَبْلَيْت الرجلَ أَحلفته وابْتَلَى هو استَحْلف
واستَعْرَف قال تُبَغّي أَباها في الرِّفاقِ وتَبْتَلي وأَوْدَى به في لُجَّةِ
البَحرِ تمسَحُ أَي تسأَلهم أَن يحلفوا لها وتقول لهم ناشدتكم الله هل تعرفون
لأَبي خبراً ؟ وأَبْلى الرجلَ حَلَف له قال وإني لأُبْلي الناسَ في حُبّ غَيْرها
فأَمَّا على جُمْلٍ فإنَي لا أُبْلي أَي أَحلف للناس إذا قالوا هل تحب غيرها أَني
لا أُحب غيرها فأَما عليها فإني لا أَحلف قال أَبو سعيد قوله تبتلي في البيت
الأَول تختبر والابتلاء الاختبار بيمين كان أَو غيرها وأَبلَيْت فلاناً يميناً
إبْلاء إذا حلفت له فطيَّبت بها نفسه وقول أَوس بن حَجَر كأَنَّ جديدَ الأَرضِ
يُبْليكَ عنهُمُ تَقِيُّ اليَمينِ بعدَ عَهْدكَ حالِفُ أَي يحلف لك التهذيب يقول
كأَن جديد أَرض هذه الدار وهو وجهها لما عفا من رسومها وامَّحَى من آثارها حالفٌ
تَقِيّ اليمين يحلف لك أَنه ما حل بهذه الدار أَحد لِدُروس معاهدها ومعالمها وقال
ابن السكيت في قوله يبليك عنهم أَراد كأَنّ جديد الأَرض في حال إبلائه إياك أَي
تطييبه إياك حالفٌ تقيّ اليمين ويقال أَبْلى الله فلانٌ إذا حلف قال الراجز
فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا أَو يُبْلِيَ الله يَميناً صَبْرا ويقال
ابتَلَيْت أَي استَحْلَفتُ قال الشاعر تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي ومنْ
دُونِ ما يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ أَبو بكر البِلاءُ هو أَن يقول لا أُبالي ما
صَنَعْتُ مُبالاةً وبِلاءً وليس هو من بَليَ الثوبُ ومن كلام الحسن لم يُبالِهِمُ
اللهُ بالَةً وقولهم لا أُباليه لا أَكْتَرِثُ له ويقال ما أُباليهِ بالةً وبالاً
قال ابن أَحمر أَغَدْواً واعَدَ الحَيّ الزِّيالا وشَوْقاً لا يُبالي العَيْنَ
بالا وبِلاءً ومُبالاةً ولم أُبالِ ولم أُبَلْ على القصر وفي الحديث وتَبْقَى
حُثالَةٌ لا يُباليهمُ اللهُ بالةً وفي رواية لا يُبالي بهم بالةً أَي لا يرفع لهم
قدراً ولا يقيم لهم وزناً وأَصل بالةً باليةً مثل عافاه عافيةً فحذفوا الياء منها
تخفيفاً كما حذفوا من لم أُبَلْ يقال ما بالَيته وما باليت به أَي لم أَكترث به
وفي الحديث هؤلاء في الجنة ولا أُبالي وهؤلاء في النار ولا أُبالي وحكى الأَزهري
عن جماعة من العلماء أَن معناه لا أَكره وفي حديث ابن عباس ما أُباليه بالةً وحديث
الرجل مع عَمَله وأَهلِه ومالِهِ قال هو أَقَلُّهم به بالةً أَي مبالاة قال
الجوهري فإذا قالوا لم أُبَلْ حذفوا الأَلف تخفيفاً لكثرة الاستعمال كما حذفوا
الياء من قولهم لا أَدْر كذلك يفعلون بالمصدر فيقولون ما أُبالِيه بالةً والأَصل
فيه بالية قال ابن بري لم يحذف الأَلف من قولهم لم أَبل تخفيفاً وإنما حذفت
لالتقاء الساكنين ابن سيده قال سيبويه وسأَلت الخليل عن قولهم لَمْ أُبَلْ فقال هي
من باليت ولكنهم لما أَسكنوا اللام حذفوا الأَلف لئلا يلتقي ساكنان وإنما فعلوا
ذلك بالجزم لأَنه موضع حذف فلما حذفوا الياء التي هي من نفس الحرف بعد اللام صارت
عندهم بمنزلة نون يكن حيث أُسكنت فإسكان اللام هنا بمنزلة حذف النون من يكن وإنما
فعلوا هذا بهذين حيث كثر في كلامهم حذف النون والحركات وذلك نحو مذ ولد وقد علم
وإنما الأَصل منذ ولدن وقد علم وهذا من الشواذ وليس مما يقاس عليه ويطرد وزعم أَن
ناساً من العرب يقولون لَمْ أُبَلِهِ لا يزيدون على حذف الأَلف كما حذفوا
عُلَبِطاً حيث كثر الحذف في كلامهم كما حذفوا أَلف احمَرَّ وأَلف عُلَبِطٍ وواو
غَدٍ وكذلك فعلوا بقولهم بَلِيّة كأَنها بالية بمنزلة العافية ولم يحذفوا لا
أُبالي لأَن الحذف لا يقوى هنا ولا يلزمه حذف كما أَنهم إذا قالوا لم يكن الرجل
فكانت في موضع تحرك لم تحذف وجعلوا الأَلف تثبت مع الحركة أَلا ترى أَنها لا تحذف
في أُبالي في غير موضع الجزم وإنما تحذف في الموضع الذي تحذف منه الحركة ؟ وهو
بِذِي بِلِّيٍّ وبَلَّى وبُلَّى وبِلَّى وبَلِيٍّ وبِلِيّانٍ وبَلَيانٍ بفتح الباء
واللام إذا بعد عنك حتى لا تعرف موضعه وقال ابن جني قولهم أَتى على ذي بِلِيّانَ
غير مصروف وهو علم البعد وفي حديث خالد بن الوليد أَنه قال إن عمر استعملني على
الشام وهو له مُهِمٌّ فلما أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه
( * قوله « وصار ثنيه » كذا بالأصل ) عزلني واستعمل غيري فقال رجل هذا والله
الفِتْنةُ فقال خالد أَما وابنُ الخطاب حيٌّ فلا ولكن ذاك إذا كان الناس بِذِي
بِلِّيٍّ وذِي بَلَّى قوله أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه أَي قَرَّ
قَرارُهُ واطْمَأَنَّ أَمرُه وأَما قوله إذا كان الناس بذي بِلِّيٍّ فإن أَبا عبيد
قال أَراد تفرّق الناس وأَن يكونوا طوائف وفرقاً من غير إمام يجمعهم وكذلك كل من
بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بلَّيّ وهو من بَلَّ في الأَرض إذا ذهب أَراد
ضياع أُمور الناس بعده وفيه لغة أُخرى بذي بِلِّيان قال وكان الكسائي ينشد هذا
البيت في رجل يطيل النوم تَنامُ ويَذْهبُ الأَقْوامُ حَتَّى يُقالَ أُتَوا على ذي
بِلِّيانِ يعني أَنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى الموضع الذي
لا يعرف مكانهم من طول نومه قال ابن سيده وصرفه على مذهبه ابن الأَعرابي يقال فلان
بذي بليّ وذي بليّان إذا كان ضائعاً بعيداً عن أَهله وتَبْلى وبَلِيٌّ اسما
قبيلتين وبَلِيٌّ حي من اليمن والنسبة إليهم بَلَوِيٌّ الجوهري بَلِيٌّ على فعيل
قبيلة من قضاعة والنسبة إليهم بَلَوِيّ والأَبْلاءُ موضع قال ابن سيده وليس في
الكلام اسم على أَفعال إلاّ الأَبواء والأَنْبار والأَبْلاء وبَلَى جواب استفهام
فيه حرف نفي كقولك أَلم تفعل كذا ؟ فيقول بلى وبلى جواب استفهام معقود بالجحد وقيل
يكون جواباً للكلام الذي فيه الجحد كقوله تعالى أَلستُ بربكم قالوا بلى التهذيب
وإنما صارت بلى تتصل بالجحد لأَنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق فهو بمنزله بل وبل
سبيلها أَن تأَتي بعد الجحد كقولك ما قام أَخوك بل أَبوك وما أَكرمت أَخاك بل
أَباك قال وإذا قال الرجل للرجل أَلا تقوم ؟ فقال له بلى أَراد بل أَقوم فزادوا
الأَلف على بل ليحسن السكوت عليها لأَنه لو قال بل كان يتوقع كلاماً بعد بل فزادوا
الأَلف ليزول عن المخاطَب هذا التوهم قال الله تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا
أَياماً معدودة ثم قال بلى من كسب سيئة والمعنى بل من كسب سيئة وقال المبرد بل
حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جحد أَو إيجاب قال وبلى يكون إيجاباً للمنفي لا
غير الفراء قال بل تأْتي لمعنيين تكون إضراباً عن الأَول وإيجاباً للثاني كقولك
عندي له دينار لا بل ديناران والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها
وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه قال الفراء والعرب تقول بَلْ
والله لا آتيك وبَنْ والله يجعلون اللام فيها نوناً قال وهي لغة بني سعد ولغة كلب
قال وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ ابن سيده وقوله عز وجل بَلَى قد
جاءتك آياتي جاء ببلى التي هي معقودة بالجحد وإن لم يكن في الكلام لفظ جحد لأَن
قوله تعالى لو أَن الله هداني في قوّة الجحد كأَنه قال ما هُدِيتُ فقيل بلى قد جاءتك
آياتي قال ابن سيده وهذا محمول على الواو لأَن الواو أَظهر هنا من الياء فحملت ما
لم تظهر فيه عى ما ظهرت فيه قال وقد قيل إن الإمالة جائزة في بلى فإذا كان ذلك فهو
من الياء وقال بعض النحويين إنما جازت الإمالة في بلى لأَنها شابهت بتمام الكلام
واستقلاله بها وغنائها عما بعدها الأَسماء المستقبلة بأَنفسها فمن حيث جازت إمالة
الأَسماء جازت أَيضاً إمالة بلى أَلا ترى أَنك تقول في جواب من قال أَلم تفعل كذا
وكذا بلى فلا تحتاج لكونها جواباً مستقلاً إلى شيء بعدها فلما قامت بنفسها وقويت
لحقت في القوة بالأَسماء في جواز إمالتها كما أُميل أنَّى ومتى الجوهري بلى جواب
للتحقيق يوجب ما يقال لك لأَنها ترك للنفي وهي حرف لأَنها نقيضة لا قال سيبويه ليس
بلى ونعم اسمين وقال بلْ مخففٌ حرفٌ يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه مثل
إعرابه وهو الإضراب عن الأَول للثاني كقولك ما جاءني زيد بل عمرو وما رأَيت زيداً
بل عمراً وجاءني أَخوك بل أَبوك تعطف بها بعد النفي والإثبات جميعاً وربما وضعوه
موضع رب كقول الراجز بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ يعني رب مهمه كما
يوضع الحرف موضع غيره اتساعاً وقال آخر بَلْ جَوْز تَيْهاءَ كظَهْرِ الحَجَفَتْ وقوله
عز وجل ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق قال الأَخفش عن بعضهم إن
بل ههنا بمعنى إنّ فلذلك صار القسم عليها قال وربما استعملته العرب في قطع كلام
واستئناف آخر فينشد الرجل منهم الشعر فيقول بل ما هاجَ أَحزاناً وشَجْواً قَدْ
شَجَا ويقول بل وبَلْدَةٍ ما الإنسُ منْ آهالِها( بني ) بَنَا في الشرف يَبْنُو وعلى هذا تُؤُوِّلَ قول
الحطيئة أُولَئِكَ قومٌ إنْ بَنَوا أَحْسنُوا البُنا قال ابن سيده قالوا إنه جمعُ
بُنوَة أَو بِنْوَة قال الأَصمعي أَنشدت أَعرابيّاً هذا البيت أَحسنوا البِنا فقال
أَي بُنا أَحسنوا البُنَا أَراد بالأَول أَي بُنَيّ والابنُ الولد ولامه في الأَصل
منقلبة عن واو عند بعضهم كأَنه من هذا وقال في معتل الياء الابنُ الولد فَعَلٌ
محذوفة اللام مجتلب لها أَلف الوصل قال وإنما قضى أَنه من الياء لأَن بَنَى
يَبْنِي أَكثر في كلامهم من يَبْنُو والجمع أَبناء وحكى اللحياني أَبناءُ أَبنائهم
قال ابن سيده والأُنثى ابنة وبنتٌ الأَخيرة على غير بناء مذكرها ولامِ بِنْت واو
والتاء بدل منها قال أَبو حنيفة أَصله بِنْوَة ووزنها فعلٌ فأُلحقتها التاءُ
المبدلة من لامها بوزن حِلْسٍ فقالوا بِنْتٌ وليست التاء فيها بعلامة تأَنيث كما
ظن من لا خِبْرَة له بهذا اللسان وذلك لسكون ما قبلها هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح
وقد نص عليه في باب ما لا ينصرف فقال لو سميت بها رجلاً لصرفتها معرفة ولو كانت
للتأْنيث لما انصرف الاسم على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في الكتاب فقال
في بِنْت هي علامة تأْنيث وإنما ذلك تجوّز منه في اللفظ لأَنه أَرسله غُفْلاً وقد
قيده وعلله في باب ما لا ينصرف والأَخذ بقوله المُعَلَّل أَقوى من القول بقوله
المُغْفَل المُرْسَل ووَجهُ تجوُّزه أَنه لما كانت التاء لا تبدل من الواو فيها
إلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة تأْنيث قال وأَعني بالصيغة فيها بناءها على فِعْل
وأَصلها فَعَلٌ بدلالة تكسيرهم إياها على أَفعال وإبدالُ الواو فيها لازمٌ لأَنه
عمل اختص به المؤنث ويدل أَيضاً على ذلك إقامتهم إياه مقام العلامة الصريحة
وتعاقُبُها فيها على الكلمة الواحدة وذلك نحو ابنةٍ وبنتٍ فالصيغة في بنت قائمة
مقام الهاء في ابنةٍ فكما أَن الهاء علامة تأْنيث فكذلك صيغة بنتٍ علامة تأْنيثها
وليست بنتٌٌ من ابنةٍ كصَعب من صَعْبة إنما نظيرُ صعبة من صعب ابنَةٌ من ابن ولا
دلالة لك في البُنُوَّة على أَن الذاهب من بنت واو لكن إبدال التاء من حرف العلة
يدل على أَنه من الواو لأَن إبدال التاء من الواو أَضعف من إبدالها من الياء وقال
ابن سيده في موضع آخر قال سيبويه وأَلحقوا ابْناً الهاء فقالوا ابْنة قال وأَما
بِنتٌ فليس على ابْنٍ وإنما هي صيغة على حدة أَلحقوها الياء للإلحاق ثم أَبدلوا
التاء منها وقيل إنها مُبدلة من واو قال سيبويه وإنما بِنْتٌ كعِدْل والنسب إلى
بِنْت بَنَوِيٌّ وقال يونس بِنْتِيٌّ وأُخْتِيٌّ قال ابن سيده وهو مردود عند
سيبويه وقال ثعلب العرب تقول هذه بنت فلان وهذه ابنةُ فلان بتاء ثابتة في الوقف
والوصل وهما لغتان جيدتان قال ومن قال إبنةٌ فهو خطأٌ ولحن قال الجوهري لا تقل
ابِنة لأَن الأَلف إنما اجتلبت لسكون الباء فإذا حركتها سقطت والجمعُ بَناتٌ لا
غير قال الزجاج ابنٌ كان في الأَصل بِنْوٌ أَو بِنَوٌ والأَلف أَلف وصل في الابن
يقال ابنٌ بيِّنُ البُنُوَّة قال ويحتمل أَن يكون أَصله بَنَياً قال والذين قالوا
بَنُونَ كأَنهم جمعوا بَنَياً بَنُونَ وأَبْنَاء جمْعَ فِعْل أَو فَعَل قال وبنت
تدل على أَنه يستقيم أَن يكون فِعْلاً ويجوز أَن يكون فَعَلاً نقلت إلى فعْلٍ كما
نقلت أُخْت من فَعَل إلى فُعْلٍ فأَما بناتٌ فليس بجمع بنت على لفظها إنما ردّت
إلى أَصلها فجمعت بَناتٍ على أَن أَصل بِنْت فَعَلة مما حذفت لامه قال والأَخفش
يختار أَن يكون المحذوف من ابن الواو قال لأَنه أَكثر ما يحذف لثقله والياء تحذف
أَيضاً لأَنها تثقل قال والدليل على ذلك أَن يداً قد أَجمعوا على أَن المحذوف منه
الياء ولهم دليل قاطع مع الإجماع يقال يَدَيْتُ إليه يَداً ودمٌ محذوف منه الياء
والبُنُوَّة ليس بشاهد قاطع للواو لأَنهم يقولون الفُتُوَّة والتثنية فتيان فابن
يجوز أَن يكون المحذوف منه الواو أَو الياء وهما عندنا متساويان قال الجوهري
والابن أَصله بَنَوٌ والذاهب منه واو كما ذهب من أَبٍ وأَخ لأَنك تقول في مؤنثه
بنتٌ وأُخت ولم نر هذه الهاء تلحق مؤنثاً إلا ومذكره محذوف الواو يدلك على ذلك
أَخَوات وهنوات فيمن ردّ وتقديره من الفعل فَعَلٌ بالتحريك لأَن جمعه أَبناء مثل
جَمَلٍ وأَجمال ولا يجوز أَن يكون فعلاً أَو فُعْلاً اللذين جمعهما أَيضاً أَفعال
مثل جِذْع وقُفْل لأَنك تقول في جمعه بَنُون بفتح الباء ولا يجوز أَيضاً أَن يكون
فعلاً ساكنة العين لأَن الباب في جمعه إنما هو أَفْعُل مثل كَلْب وأَكْلُب أَو
فعول مثل فَلْس وفُلوس وحكى الفراء عن العرب هذا من ابْناوَاتِ الشِّعْبِ وهم حيّ
من كَلْب وفي التنزيل العزيز هؤلاء بناتي هنَّ أَطْهَرُ لكم كنى ببناتِه عن نسائهم
ونساء أُمةِ كل نبيّ بمنزلة بناته وأَزواجُه بمنزلة أُمهاتهم قال ابن سيده هذا قول
الزجاج قال سيبويه وقالوا ابْنُمٌ فزادوا الميم كما زيدت في فُسْحُمٍ ودِلْقِمٍ
وكأَنها في ابنم أَمثَلُ قليلاً لأَن الاسم محذوف اللام فكأَنها عوض منها وليس في
فسحم ونحوه حذف فأَما قول رؤبة بُكاءَ ثَكْلى فَقَدَتْ حَميما فهي تَرَنَّى بأَبا
وابناما فإنما أَراد وابْنِيما لكن حكى نُدْبَتها واحتُمِل الجمع بين الياء
والأَلف ههنا لأَنه أَراد الحكاية كأَنَّ النادبة آثرت وا ابْنا على وا ابْني لأَن
الأَلف ههنا أَمْتَع ندباً وأَمَدُّ للصوت إذ في الأَلف من ذلك ما ليس في الياء
ولذلك قال بأَبا ولم يقل بأَبي والحكاية قد يُحْتَمل فيها ما لا يحتمل في غيرها
أَلا ترى أَنهم قد قالوا مَن زيداً في جواب من قال رأَيت زيداً ومَنْ زيدٍ في جواب
من قال مررت بزيد ؟ ويروى فهي تُنادي بأَبي وابنِيما فإذا كان ذلك فهو على وجه وما
في كل ذلك زائدة وجمع البِنْتِ بَناتٌ وجمع الابن أَبناء وقالوا في تصغيره
أُبَيْنُون قال ابن شميل أَنشدني ابن الأَعرابي لرجل من بني يربوع قال ابن بري هو
السفاح بن بُكير اليربوعي مَنْ يَكُ لا ساءَ فقد ساءَني تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غير
راع إلى أَبي طَلحةَ أَو واقدٍ عمري فاعلمي للضياع
( * قوله « عمري فاعلمي إلخ » كذا بالأصل بهذه الصورة ولم نجده في كتب اللغة التي
بأيدينا )
قال أُبَيْني تصغير بَنِينَ كأَنَّ واحده إبن مقطوع الأَلف فصغره فقال أُبين ثم
جمعه فقال أُبَيْنُون قال ابن بري عند قول الجوهري كأَنَّ واحده إبن قال صوابه
كأَنَّ واحده أَبْنى مثل أَعْمَى ليصح فيه أَنه معتل اللام وأَن واوه لام لا نون
بدليل البُنُوَّة أَو أَبْنٍ بفتح الهمزة على ميل الفراء أَنه مثل أَجْرٍ وأَصله
أَبْنِوٌ قال وقوله فصغره فقال أُبَيْنٌ إنما يجيء تصغيره عند سيبويه أُبَيْنٍ مثل
أُعَيْمٍ وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم أُبَيْنى لا ترموا جَمْرة
العَقَبة حتى تَطْلُعَ الشمس قال ابن الأَثير الهمزة زائدة وقد اختلف في صيغتها
ومعناها فقيل إنه تصغير أَبْنى كأَعْمَى وأُعَيْمٍ وهو اسم مفرد يدل على الجمع
وقيل إن ابْناً يجمع على أَبْنَا مقصوراً وممدوداً وقيل هو تصغير ابن وفيه نظر
وقال أَبو عبيد هو تصغير بَنِيَّ جمع ابْنٍ مضافاً إلى النفس قال وهذا يوجب أَن
يكون صيغة اللفظة في الحديث أُبَيْنِيَّ بوزن سُرَيْجيّ وهذه التقديرات على اختلاف
الروايات
( * قوله وهذه التقديرات على اختلاف الروايات يشعر ان في الكلام سقطاً ) والاسم
البُنُوَّةُ قال الليث البُنُوَّةُ مصدر الابن يقال ابنٌ بَيّنُ البُنُوَّة ويقال
تَبَنيْتُه أَي ادَّعيت بُنُوَّتَه وتَبَنَّاه اتخذه ابناً وقال الزجاج تَبَنَّى
به يريد تَبَنَّاه وفي حديث أَبي حذيفة أَنه تَبَنَّى سالماً أَي اتخذه ابناً وهو
تَفَعُّلٌ من الابْن والنسبة إلى الأَبناء بَنَوِيٌّ وأَبناوِيٌّ نحو الأَعرابيِّ
ينسب إلى الأَعراب والتصغير بُنَيٌّ قال الفراء يا بُنيِّ ويا بُنَيَّ لغتان مثل
يا أَبتِ ويا أبَتَ وتصغير أَبْناء أُبَيْناء وإن شئت أُبَيْنونَ على غير مكبره
قال الجوهري والنسبة إلى ابْنٍ بَنَوِيّ وبعضهم يقول ابْنِيّ قال وكذلك إذا نسبت
إلى أَبْناء فارس قلت بَنَوِيّ قال وأَما قولهم أَبْناوِيّ فإنما هو منسوب إلى
أَبناء سعد لأَنه جعل اسماً للحي أَو للقبيلة كما قالوا مَدايِنِيٌّ جعلوه اسماً
للبلد قال وكذلك إذا نسبت إلى بِنْت أَو إلى بُنَيّاتِ الطَّريق قلت بَنَوِيّ لأَن
أَلف الوصل عوض من الواو فإذا حذفتها فلا بد من رد الواو ويقال رأَيت بَناتَك
بالفتح ويُجرونه مُجْرَى التاء الأَصلية وبُنَيَّاتُ الطريق هي الطُّرُق الصغار
تتشعب من الجادَّة وهي التُّرَّهاتُ والأَبناء قوم من أَبناء فارس وقال في موضع
آخر وأَبناء فارس قوم من أَولادهم ارتهنتهم العرب وفي موضع آخر ارْتُهِنُوا باليمن
وغلب عليهم اسم الأَبناء كغلبة الأَنصار والنسب إليهم على ذلك أَبْناوِيٌّ في لغة
بني سعد كذلك حكاه سيبويه عنهم قال وحدثني أَبو الخطاب أَن ناساً من العرب يقولون
في الإضافة إليه بَنَوِيٌّ يَرُدّونه إلى الواحد فهذا على أَن لا يكون اسماً للحي
والاسم من كل ذلك البُنُوَّةُ وفي الحديث وكان من الأَبْناء قال الأَبْناء في
الأَصل جمع ابْنٍ ويقال لأَولاد فارس الأَبْناء وهم الذين أَرسلهم كِسرى مع سَيْفِ
بنِ ذيِ يَزَنَ لما جاء يستنجدهم على الحَبَشة فنصروه وملكوا اليمن وتَدَيَّرُوها
وتزوّجوا في العرب فقيل لأَولادهم الأَبناء وغلب عليهم هذا الاسم لأَن أُمهاتهم من
غير جنس آبائهم وللأَب والابن والبنت أَسماء كثيرة تضاف إليها وعَدَّدَ الأَزهري
منها أَشياء كثيرة فقال ما يعرف بالابن قال ابن الأَعرابي ابْنُ الطِّينِ آدمُ
عليه السلام وابن مِلاطٍ العَضُدُ وابْنُ مُخدِّشٍ رأْسُ الكَتِفِ ويقال إنه
النُّغْضُ أَيضاً وابن النَّعامة عظم الساقِ وابن النَّعامة عِرْق في الرِّجْل وابنُ
النَّعامة مَحَجَّة الطريق وابن النَّعامة الفرَس الفاره وابن النَّعامة الساقي
الذي يكون على رأْس البئر ويقال للرجل العالم هو ابنُ بَجْدَتِها وابن بُعْثُطِها
وابن سُرْسُورها وابنُ ثَراها وابن مَدينتها وابن زَوْمَلَتِها أَي العالم بها
وابن زَوْمَلَة أَيضاً ابن أَمة وابن نُفَيْلَة ابن أَمة وابن تامُورها العالم بها
وابنُ الفأْرة الدَّرْصُ وابن السِّنَّورِ الدِّرْصُ أَيضاً وابن الناقةِ البابُوس
قال ذكره ابن أحمر في شعره وابن الخَلَّة ابن مَخاضٍ وابن عِرْسٍ السُّرْعُوبُ
وابنُ الجَرادةِ السِّرْو وابن اللَّيلِ اللِّصُّ وابن الطريق اللِّصُّ أيضاً وابن
غَبْراء اللص أَيضاً وقيل في قول طرفة رأَيْتُ بني غَبْراءَ لا يُنْكرُونَني إن
بني غَبْراء اسم للصَّعاليك الذين لا مال لهم سُمُّوا بني غَبْراء للزُوقهم
بغَبْراء الأَرض وهو ترابها أَراد أَنه مشهور عند الفقراء والأَغنياء وقيل بنو
غبراء هم الرُّفْقَةُ يَتَناهَدُون في السفر وابن إلاهَةَ وأَلاهَةَ ضَوْءُ الشمس
وهو الضِّحُّ وابن المُزْنةِ الهلالُ ومنه قوله رأَيتُ ابنَ مُزْنَتِها جانِحَا
وابن الكَرَوانِ الليلُ وابن الحُبارَى النهارُ وابن تُمَّرةَ طائر ويقال
التُّمَّرةِ وابنُ الأَرضِ الغَديرُ وابن طامِرٍ البُرْغُوث وابنُ طامِرٍ
الخَسِيسُ من الناس وابن هَيَّانَ وابن بَيَّانَ وابن هَيٍّ وابن بَيٍّ كُلُّه
الخَسِيسُ من الناس وابن النخلة الدَّنيء
( * قوله « وابن النخلة الدنيء » وقوله فيما بعد « وابن الحرام السلا » كذا بالأصل
) وابن البَحْنَة السَّوْط والبَحْنة النخلة الطويلة وابنُ الأَسد الشَّيْعُ
والحَفْصُ وابنُ القِرْد الحَوْدَلُ والرُّبَّاحُ وابن البَراء أَوَّلُ يوم من
الشهر وابنُ المازِنِ النَّمْل وابن الغراب البُجُّ وابن الفَوالي الجانُّ يعني
الحيةَ وابن القاوِيَّةِ فَرْخُ الحمام وابنُ الفاسِياء القَرَنْبَى وابن الحرام
السلا وابن الكَرْمِ القِطْفُ وابن المَسَرَّة غُصْنُ الريحان وابن جَلا
السَّيِّدُ وابن دأْيةَ الغُراب وابن أَوْبَرَ الكَمْأةُ وابن قِتْرةَ الحَيَّة
وابن ذُكاءَ الصُّبْح وابن فَرْتَنَى وابن تُرْنَى ابنُ البَغِيَّةِ وابن أَحْذارٍ
الرجلُ الحَذِرُ وابن أَقْوالٍ الرجُل الكثير الكلام وابن الفَلاةِ الحِرباءُ وابن
الطَّودِ الحَجَر وابنُ جَمِير الليلةُ التي لا يُرى فيها الهِلالُ وابنُ آوَى
سَبُغٌ وابن مخاضٍ وابن لَبُونٍ من أَولادِ الإبل ويقال للسِّقاء ابنُ الأَدِيم
فإذا كان أَكبر فهو ابن أَدِيمَين وابنُ ثلاثةِ آدِمَةٍ وروي عن أَبي الهَيْثَم
أنه قال يقال هذا ابْنُكَ ويزاد فيه الميم فيقال هذا ابْنُمك فإذا زيدت الميم فيه
أُعرب من مكانين فقيل هذا ابْنُمُكَ فضمت النون والميم وأُعرب بضم النون وضم الميم
ومررت بابْنِمِك ورأَيت ابنْمَك تتبع النون الميم في الإعراب والأَلف مكسورة على
كل حال ومنهم من يعربه من مكان واحد فيعرب الميم لأَنها صارت آخر الاسم ويدع النون
مفتوحة على كل حال فيقول هذا ابْنَمُكَ ومررت بابْنَمِك ورأَيت ابْنَمَكَ وهذا
ابْنَمُ زيدٍ ومررت بابْنَمِ زيدٍ ورأَيت ابْنَمَ زيدٍ وأَنشد لحسان وَلَدْنا بَني
العَنقاءِ وابْنَيْ مُحَرِّقٍ فأَكْرِم بنا خالاً وأَكْرِم بنا ابْنَما وزيادة
الميم فيه كما زادوها في شَدْقَمٍ وزُرْقُمٍ وشَجْعَمٍ لنوع من الحيات وأَما قول
الشاعر ولم يَحْمِ أَنْفاً عند عِرْسٍ ولا ابْنِمِ فإنه يريد الابن والميم زائدة
ويقال فيما يعرف ببنات بناتُ الدَّمِ بنات أَحْمَرَ وبناتُ المُسْنَدِ صُروفُ
الدَّهْر وبناتُ معًى البَعَرُ وبناتُ اللَّبَن ما صَغرَ منها وبناتُ النَّقا هي
الحُلْكة تُشبَّهُ بِهنَّ بَنانُ العَذارَى قال ذو الرمة بناتُ النَّقا تَخْفَى
مِراراً وتَظْهَرُ وبنات مَخْرٍ وبناتُ بَخْرٍ سحائبُ يأْتين قُبُلَ الصَّيْفِ
مُنْتَصباتٍ وبناتُ غَيرٍ الكَذِبُ وبناتُ بِئْسَ الدواهي وكذلك بناتُ طَبَقٍ
وبناتُ بَرْحٍ وبناتُ أَوْدَكَ وابْنةُ الجَبَل الصَّدَى وبناتُ أَعْنَقَ النساءُ
ويقال خيل نسبت إلى فَحل يقال له أَعنَقُ وبناتُ صَهَّالٍ الخَيلُ وبنات شَحَّاجٍ
البِغالُ وبناتُ الأَخْدَرِيّ الأُتُنُ وبناتُ نَعْش من الكواكب الشَّمالِيَّة
وبناتُ الأَرض الأَنهارُ الصِّغارُ وبناتُ المُنى اللَّيْلُ وبناتُ الصَّدْر
الهُموم وبناتُ المِثالِ النِّساء والمِثالُ الفِراش وبناتُ طارِقٍ بناتُ المُلوك
وبنات الدَّوِّ حمير الوَحْشِ وهي بناتُ صَعْدَة أَيضاً وبناتُ عُرْجُونٍ
الشَّماريخُ وبناتُ عُرْهُونٍ الفُطُرُ وبنتُ الأَرضِ وابنُ الأَرضِ ضَرْبٌ من
البَقْلِ والبناتُ التَّماثيلُ التي تلعب بها الجَواري وفي حديث عائشة رضي الله
عنها كنت أَلعب مع الجواري بالبَناتِ أَي التماثيل التي تَلْعَبُ بها الصبايا
وذُكِرَ لرؤبة رجلٌ فقال كان إحدَى بَناتِ مَساجد الله كأَنه جعله حَصاةً من حَصَى
المسجد وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه سأَل رجلاً قَدِمَ من الثَّغْر فقال هل
شَرِبَ الجيشُ في البُنَيَّاتِ الصِّغار ؟ قال لا إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء
فيَتَداولوه حتى يشربوه كلُّهم البُنَيَّاتُ ههنا الأَقْداح الصِّغار وبناتُ
الليلِ الهُمومُ أَنشد ثعلب تَظَلُّ بَناتُ الليلِ حَوْليَ عُكَّفاً عُكُوفَ
البَواكي بينَهُنَّ قَتِيلُ وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهُذَليّ فسَبَتْ بَناتِ
القَلْبِ فهي رَهائِنٌ بِخِبائِها كالطَّيْر في الأَقْفاصِ إنما عنى ببناته طوائفه
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي يا سَعْدُ يا ابنَ عمَلي يا سَعْدُ أَراد من يَعْملُ
عَمَلي أَو مِثْلَ عمَلي قال والعرب تقول الرِّفْقُ بُنَيُّ الحِلْمِ أَي مثله
والبَنْيُ نَقيضُ الهَدْم بَنى البَنَّاءُ البِناءَ بَنْياً وبِنَاءً وبِنًى مقصور
وبُنياناً وبِنْيَةً وبِنايةً وابتَناه وبَنَّاه قال وأَصْغَر من قَعْبِ الوَليدِ
تَرَى به بُيوتاً مُبَنَّاةً وأَودِيةً خُضْرا يعني العين وقول الأَعْوَرِ
الشَّنِّيِّ في صفة بعير أَكراه لما رَأَيْتُ مَحْمِلَيْهِ أَنَّا مُخَدَّرَيْنِ
كِدْتُ أَن أُجَنَّا قَرَّبْتُ مِثْلَ العَلَمِ المُبَنَّى شبه البعير بالعَلَمِ
لعِظَمِه وضِخَمِه وعَنى بالعَلَمِ القَصْرَ يعني أَنه شبهه بالقصر المَبْنيّ
المُشيَّدِ كما قال الراجز كَرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ والبِناءُ المَبْنيُّ والجمع
أَبْنِيةٌ وأَبْنِياتٌ جمعُ الجمع واستعمل أَبو حنيفة البِنَاءَ في السُّفُنِ فقال
يصف لوحاً يجعله أَصحاب المراكب في بناء السُّفُن وإنه أَصلُ البِناء فيما لا ينمي
كالحجر والطين ونحوه والبَنَّاءُ مُدَبِّرُ البُنْيان وصانعه فأَما قولهم في المثل
أَبناؤُها أَجْناؤُها فزعم أَبو عبيد أَن أَبْناءً جمع بانٍ كشاهدٍ وأَشهاد وكذلك
أَجْناؤُها جمع جانٍ والبِنْيَةُ والبُنْيَةُ ما بَنَيْتَهُ وهو البِنَى والبُنَى
وأَنشد الفارسي عن أَبي الحسن أُولئك قومٌ إن بَنَوْا أَحْسَنُوا البُنى وإن
عاهَدُوا أَوْفَوْا وإن عَقَدُوا شَدُّوا ويروى أَحْسَنُوا البِنَى قال أَبو إسحق
إنما أَراد بالبِنى جمع بِنْيَةٍ وإن أَراد البِناءَ الذي هو ممدود جاز قصره في
الشعر وقد تكون البِنايةُ في الشَّرَف والفعل كالفعل قال يَزيدُ بن الحَكَم
والناسُ مُبْتَنيانِ مَحْ مودُ البِنايَةِ أَو ذَمِيمُ وقال لبيد فبَنى لنا
بَيْتاً رفيعاً سَمْكُه فَسَما إليه كَهْلُها وغُلامُها ابن الأَعرابي البِنى
الأَبْنِيةُ من المَدَر أَو الصوف وكذلك البِنى من الكَرَم وأَنشد بيت الحطيئة
أُولئك قوم إن بنوا أَحسنوا البِنى وقال غيره يقال بِنْيَةٌ وهي مثل رِشْوَةٍ
ورِشاً كأَنَّ البِنْيةَ الهيئة التي بُنِيَ عليها مثل المِشْيَة والرِّكْبةِ
وبَنى فلانٌ بيتاً بناءً وبَنَّى مقصوراً شدّد للكثرة وابْتَنى داراً وبَنى بمعنىً
والبُنْيانُ الحائطُ الجوهري والبُنَى بالضم مقصور مثل البِنَى يقال بُنْيَةٌ
وبُنًى وبِنْيَةٌ وبِنًى بكسر الباء مقصور مثل جِزْيةٍ وجِزًى وفلان صحيح
البِنْيةِ أَي الفِطْرة وأَبنَيْتُ الرجلَ أَعطيتُه بِناءً أَو ما يَبْتَني به
داره وقولُ البَوْلانيِّ يَسْتَوقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ ويَصْ طادُ نُفوساً
بُنَتْ على الكرَمِ أَي بُنِيَتْ يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ التهذيب أَبنَيْتُ
فلاناً بَيْتاً إذا أَعطيته بيتاً يَبْنِيه أَو جعلته يَبْني بيتاً ومنه قول
الشاعر لو وصَلَ الغيثُ أَبنَيْنَ امْرَأً كانت له قُبَّةٌ سَحْقَ بِجادْ قال ابن
السكيت قوله لو وصل الغيث أَي لو اتصل الغيث لأَبنَيْنَ امرأً سَحْقَ بجادٍ بعد
أَن كانت له قبة يقول يُغِرْنَ عليه فيُخَرِّبْنَه فيتخذ بناء من سَحْقِ بِجادٍ
بعد أَن كانت له قبة وقال غيره يصف الخيل فيقول لو سَمَّنَها الغيثُ بما ينبت لها
لأَغَرْتُ بها على ذوي القِبابِ فأَخذت قِبابَهم حتى تكون البُجُدُ لهم أَبْنيةً
بعدها والبِناءُ يكون من الخِباء والجمع أَبْنيةٌ والبِناءُ لزوم آخر الكلمة ضرباً
واحداً من السكون أَو الحركة لا لشيء أَحدث ذلك من العوامل وكأَنهم إنما سموه بناء
لأَنه لما لزم ضرباً واحداً فلم يتغير تغير الإعراب سمي بناء من حيث كان البناء
لازماً موضعاً لا يزول من مكان إلى غيره وليس كذلك سائر الآلات المنقولة المبتذلة
كالخَيْمة والمِظَلَّة والفُسْطاطِ والسُّرادِقِ ونحو ذلك وعلى أَنه مذ أَوقِع على
هذا الضرب من المستعملات المُزالة من مكان إلى مكان لفظُ البناء تشبيهاً بذلك من
حيث كان مسكوناً وحاجزاً ومظلاًّ بالبناء من الآجر والطين والجص والعرب تقول في
المَثَل إنَّ المِعْزى تُبْهي ولا تُبْنى أَي لا تُعْطِي من الثَّلَّة ما يُبْنى
منها بَيْتٌ المعنى أَنها لا ثَلَّة لها حتى تُتَّخذ منها الأَبنيةُ أَي لا تجعل
منها الأَبنية لأَن أَبينة العرب طِرافٌ وأَخْبيَةٌ فالطِّرافُ من أَدَم والخِباءُ
من صوف أَو أَدَمٍ ولا يكون من شَعَر وقيل المعنى أَنها تَخْرِق البيوت بوَثْبِها
عليها ولا تُعينُ على الأَبنيةِ ومِعزَى الأَعراب جُرْدٌ لا يطُول شعرها فيُغْزَلَ
وأَما مِعْزَى بلاد الصَّرْدِ وأَهل الريف فإنها تكون وافية الشُّعور والأَكْرادُ
يُسَوُّون بيوتَهم من شعرها وفي حديث الاعتكاف فأَمَر ببنائه فقُوِّضَ البناءُ
واحد الأَبنية وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحراء فمنها الطِّراف والخِباء
والبناءُ والقُبَّة المِضْرَبُ وفي حديث سليمان عليه السلام من هَدَمَ بِناءَ
ربِّه تبارك وتعالى فهو ملعون يعني من قتل نفساً بغير حق لأَن الجسم بُنْيانٌ خلقه
الله وركَّبه والبَنِيَّةُ على فَعِيلة الكعْبة لشرفها إذ هي أَشرف مبْنِيٍّ يقال
لا وربِّ هذه البَنِيَّة ما كان كذا وكذا وفي حديث البراء بن مَعْرورٍ رأَيتُ أَن
لا أَجْعَلَ هذه البَنِيَّة مني بظَهْرٍ يريد الكعبة وكانت تُدْعَى بَنيَّةَ
إبراهيم عليه السلام لأَنه بناها وقد كثر قَسَمُهم برب هذه البَنِيَّة وبَنَى
الرجلَ اصْطَنَعَه قال بعض المُوَلَّدين يَبْني الرجالَ وغيرهُ يَبْني القُرَى
شَتَّانَ بين قُرًى وبينَ رِجالِ وكذلك ابْتناه وبَنَى الطعامُ لَحْمَه يَبنِيه
بِناءً أَنْبَتَه وعَظُمَ من الأَكل وأَنشد بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُّ
كما بَنَى بُخْتَ العِراقِ القَتُّ قال ابن سيده وأَنشد ثعلب مُظاهِرة شَحْماً
عَتِيقاً وعُوطَطاً فقد بَنَيا لحماً لها مُتبانِيا ورواه سيبويه أَنْبَتا وروى
شَمِر أَن مُخَنثاً قال لعبد الله بن أَبي أَميَّةَ إن فتح الله عليكم الطائفَ فلا
تُفْلِتَنَّ منك باديةُ بنتُ غَيْلانَ فإنها إذا جلستْ تَبَنَّتْ وإذا تكلمت
تَغَنَّتْ وإذا اضطجعت تَمنَّتْ وبَيْنَ رجلَيها مثلُ الإناء المُكْفَإ يعني ضِخَم
رَكَبِها ونُهُودَه كأَنه إناء مكبوب فإذا قعدت فرّجت رجليها لضِخَم رَكَبها قال
أَبو منصور ويحتمل أَن يكون قول المخنث إذا قعدت تَبَنَّتْ أَي صارت كالمَبْناةِ
من سمنها وعظمها من قولهم بَنَى لَحْمَ فلان طعامُه إذا سمَّنه وعَظَّمه قال ابن
الأَثير كأَنه شبهها بالقُبَّة من الأدَم وهي المَبْناة لسمنها وكثرة لحمها وقيل
شبهها بأَنها إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَت انْفَرَجَتْ وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرشت
رجليها وتَبَنَّى السَّنامُ سَمِنَ قال يزيد بن الأَعْوَر الشَّنِّيُّ
مُسْتَجمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى وقول الأَخفش في كتاب القوافي أَما غُلامي إذا
أَردتَ الإضافة مع غلامٍ في غير الإضافة فليس بإيطاء لأَن هذه الياء أَلزمت الميم
الكسرة وصيرته إلى أَن يُبْنَى عليه وقولُك لرجل ليس هذا الكسر الذي فيه ببناء قال
ابن جني المعتبر الآن في باب غلامي مع غلام هو ثلاثة أَشياء وهو أَن غلام نكرة
وغلامي معرفة وأَيضاً فإن في لفظ غلامي ياء ثابتة وليس غلام بلا ياء كذلك والثالث
أَن كسرة غلامي بناء عنده كما ذكر وكسرة ميم مررت بغلام إعراب لا بناء وإذا جاز
رجل مع رجل وأَحدهما معرفة والآخر نكرة ليس بينهما أَكثر من هذا فما اجتمع فيه
ثلاثة أَشياء من الخلاف أَجْدَرُ بالجواز قال وعلى أَن أَبا الحسن الأَخفش قد يمكن
أَن يكون أَراد بقوله إن حركة ميم غلامي بناء أَنه قد اقْتُصِر بالميم على الكسرة
ومنعت اختلافَ الحركات التي تكون مع غير الياء نحو غلامه وغلامك ولا يريد البناء
الذي يُعاقب الإعرابَ نحو حيث وأَين وأمس والمِبْناة والمَبْناةُ كهيئة السِّتْرِ
والنِّطْعِ والمَبْناة والمِبْناة أَيضاً العَيْبةُ وقال شريح بن هانئ سأَلت عائشة
رضي الله عنها عن صلاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لم يكن من
الصلاةِ شيءٌ أَحْرَى أَن يؤخرها من صلاة العشاء قالت وما رأَيته مُتَّقِياً
الأَرض بشيء قَطُّ إلا أَني أَذكرُ يومَ مطَرٍ فإنَّا بَسَطْنا له بناءً قال شمر قوله
بناءً أَي نِطَعاً وهو مُتَّصل بالحديث قال ابن الأَثير هكذا جاء تفسيره في الحديث
ويقال له المَبْناةُ والمِبْناة أَيضاً وقال أَبو عَدْنان يقال للبيتِ هذا بِناءُ
آخرته عن الهوازني قال المَبْناةُ من أَدَم كهيئة القبة تجعلها المرأَة في كِسْر
بيتها فتسكن فيها وعسى أَن يكون لها غنم فتقتصر بها دون الغنم لنفسها وثيابها ولها
إزار في وسط البيت من داخل يُكِنُّها من الحرِّ ومن واكِفِ المطر فلا تُبَلَّلُ هي
وثيابُها وأَنشد ابن الأَعرابي للنابغة على ظَهْرِ مَبْناةٍ جديدٍ سُيُورُها
يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطيمة بائعُ قال المَبْناة قبة من أَدَم وقال الأَصمعي
المَبْناة حصير أَو نطع يبسطه التاجر على بيعه وكانوا يجعلون الحُصُرَ على
الأَنْطاع يطوفون بها وإنما سميت مَبناة لأَنها تتخذ من أَدم يُوصَلُ بعضُها ببعض
وقال جرير رَجَعَتْ وُفُودُهُمُ بتَيْمٍ بعدَما خَرَزُوا المَبانيَ في بَني
زَدْهامِ وأَبْنَيْتُه بَيْتاً أَي أَعطيته ما يَبْني بَيْتاً والبانِيَةُ من
القُسِيّ التي لَصِقَ وتَرُها بكَبدها حتى كاد ينقطع وترها في بطنها من لصوقه بها
وهو عيب وهي الباناةُ طائِيَّةٌ غيره وقوسٌ بانِيَةٌ بَنَتْ على وترها إذا
لَصِقَتْ به حتى يكاد ينقطع وقوسٌ باناةٌ فَجَّاءُ وهي التي يَنْتَحِي عنها الوتر
ورجل باناةٌ مُنحنٍ على وتره عند الرَّمْي قال امرؤ القيس عارِضٍ زَوْراءَ من
نَشَمٍ غَيْرَ باناةٍ على وَتَرِهْ وأَما البائِنَةُ فهي التي بانَتْ عن وتَرها
وكلاهما عيب والبَواني أَضْلاعُ الزَّوْرِ والبَواني قوائمُ الناقة وأَلْقَى
بوانِيَه أَقام بالمكان واطمأَنّ وثبت كأَلْقى عصاه وأَلْقى أَرْواقَه والأَرواق
جمع رَوْقِ البيت وهو رِواقُه والبَواني عِظامُ الصَّدْر قال العجاج بن رؤبة فإنْ
يكنْ أَمْسَى شَبابي قد حَسَرْ وفَتَرَتْ مِنِّي البَواني وفَتَر وفي حديث خالد
فلما أَلقى الشامُ بَوانِيَهُ عَزَلَني واستَعْمَلَ غيري أَي خَيرَه وما فيه من
السَّعةِ والنَّعْمةِ قال ابن الأَثير والبَواني في الأَصل أَضلاعُ الصَّدْر وقيل
الأَكتافُ والقوائمُ الواحدة بانِيةٌ وفي حديث عليّ عليه السلام أَلْقَت السماءُ
بَرْكَ بَوانيها يريد ما فيها من المطر وقيل في قوله أَلقى الشامُ بَوانِيَه قال
فإن ابن حبلة
( * قوله « ابن حبلة » هو هكذا في الأصل ) رواه هكذا عن أَبي عبيد بالنون قبل
الياء ولو قيل بَوائنه الياء قبل النون كان جائزاً والبَوائِنُ جمع البُوانِ وهو
اسم كل عمود في البيت ما خَلا وَسَط البيت الذي له ثلاث طَرائق وبَنَيتُ عن حالِ
الرّكِيَّة نَحَّيْتُ الرِّشاء عنه لئلا يقع الترابُ على الحافر والباني العَرُوس
الذي يَبْني على أَهله قال الشاعر يَلُوحُ كأَنه مِصْباحُ باني وبَنَى فلانٌ على
أَهله بِناءً ولا يقال بأَهله هذا قول أَهل اللغة وحكى ابن جني بَنى فلان بأَهله
وابْتَنَى بها عَدَّاهما جميعاً بالباء وقد زَفَّها وازْدَفَّها قال والعامة تقول
بَنَى بأَهله وهو خطأٌ وليس من كلام العرب وكأَنَّ الأَصلَ فيه أَن الداخل بأَهله
كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله ليدخل بها فيها فيقال بَنَى الرجلُ على أَهله فقيل
لكل داخل بأَهله بانٍ وقد ورد بَنَى بأَهله في شعر جِرَانِ العَوْدِ قال بَنَيْتُ
بها قَبْلَ المِحَاقِ بليلةٍ فكانَ مِحَاقاً كُلُّه ذلك الشَّهْرُ قال ابن الأَثير
وقد جاءَ بَنى بأَهله في غير موضع من الحديث وغير الحديث وقال ال