أَصَّهُ كمَدَّهُ : كَسَرَه . وأَيْضاً مَلَّسَهُ والمُسْتَقْبَلُ مِنْهُمَا يَؤُصُّ كما في العُبابِ . وأَصَّ الشَّيْءُ يَئِصُّ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ بَرَقَ عن أَبِي عُمَرَ الزّاهِدِ . وأَصَّتِ النّاقَةُ تَؤُصُّ بالضَّمِّ قاله أَبُو عَمْروٍ وحَكَاهُ عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وتَئِصُّ - بالكَسْرِ أَصِيصاً وهذِه عن أَبِي عَمْروٍ أَيْضاً كَمَا نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وضَبَطَه وقالَ أَبو زَكَرِيّا عِنْدَ قَوْلِ الجَوْهَرِيِّ تَؤُصُّ بالضَّمِّ : الصَّوابُ تَئِصُّ بالكَسْرِ ؛ لأَنَّه فِعْلٌ لازِمٌ وقَالَ أَبُو سَهْلٍ النَّحْوِيُّ : الَّذِي قَرَأْتُه عَلَى أَبِي أُسَامَةَ في الغَرِيبِ المُصَنَّفِ : أَصَّت تَئِصُّ بالكَسْرِ وهُوَ الصَّوَابُ لأَنَّهُ فِعْلٌ لازِمٌ . قُلْتُ : وقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الصّاغَانِيُّ وقَلَّدَه المُصَنِّفُ - إِذا اشْتَدَّ لَحْمُها وتَلاحَكَتْ أَلْوَاحُهَا . قالَ شَيْخُنَا : لَمْ يَذْكُرْه غَيْرُ المُصَنِّفِ فهو إِمّا أَنْ يُسْتَدْرَكَ بِه على الشَّيْخِ ابن مالكٍ في الأَفْعَالِ الَّتِي أَوْرَدَها بالوَجْهَيْنِ أَو يُتَعَقَّب المُصَنّفُ بِكَلامِ ابنِ مالكٍ وأَكْثَرِ الصَّرْفِيِّينَ واللُّغَوِيِّين حَتَّى يُعْرَف مُسْتَنَدُه . انتهى . قُلْتُ : الصَّوابُ أَنَّه يُسْتَدْرَكُ به على ابنِ مالكٍ ويُتَعَقَّب فإِنّ الضّمَّ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبِى عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عَمْروٍ والكَسْرَ نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عن أَبِي عَمْروٍ أَيْضاً وصَوَّبَه أَبُو زَكريّا وأَبُو سَهْلٍ فَهُمَا روايَتَان وهذا هُوَ المُسْتَنَدُ فتأَمّلْ . وقِيلَ : أَصَّتِ النّاقَةُ إِذا غَزُرَتْ قِيلَ : ومِنْهُ أَصْبَهَانُ للبَلَدِ المَعْرُوفِ بِالعَجَمِ أَصْلُه : أَصَّتْ بَهَانُ قالُوا : بَهَان كقَطَام : اسْمُ امْرَأَةٍ مبنِيٌّ أَوْ مُعْرَبٌ إِعْرَابَ ما لا يَنْصَرِفُ أَي سَمِنَتْ المَلِيحَةُ سُمِّيَتْ المَدِينَةُ بذلِكَ لحُسْنِ هَوَائِهَا وعُذُوبَةِ مائهَا وكَثْرَةِ فَواكِههَا فخُفِّفَتْ اللَّفْظَةُ بحَذْفِ إِحْدى الصّادَيْنِ والتّاء وبَيْنَ سَمِنَتْ وسُمَّيَتْ جِنَاسٌ وأَمّا ماذَكَرَه مِنْ صِحَّةِ هَوَائِهَا إِلَى آخِرِه فقَالَ مِسْعَرُ ابنُ مُهَلْهِلِ : أَصْبَهَانُ صَحِيحَةُ الهَوَاءِ نَقِيَّةُ الجَوّ خالِيَةٌ مِنَ جَمِيعِ الهَوَامِّ لا تَبْلَى المَوْتَى في تُرْبَتِهَا ولا تَتَغَيّر فِيهَا رَائِحَةُ اللَّحْمِ ولَوْ بَقِيَتِ القِدْرُ بعدَ أَنْ تُطْبَخَ شَهْرَاً ورُبَّمَا حَفَرَ الإِنْسَانُ بها حَفِيرَةً فيَهْجُم على قَبْرٍ لَهُ أُلُوفُ سِنينَ والمَيِّتُ فيها عَلَى حالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وتُرْبَتُهَا أَصَحُّ تُرَبِ الأَرْضِ ويَبْقَى التُّفّاحُ بِها غَضّاً سَبْعَ سِنينَ ولا تُسَوِّسُ بِهَا الحِنْطَةُ كَمَا تُسَوّسُ بِغَيْرِها قالَ ياقُوت : وهِيَ مَدِينَةٌ مَشْهُورَةٌ من أَعْلامِ المُدُنِ ويُسْرِفُون في وَصْفِ عِظَمِهَا حَتَّى يَتَجَاوَزُوا حَدَّ الاقْتِصَادِ إِلَى غَايَةِ الإِسْرَافِ وهُوَ اسْمٌ للإِقْلِيمِ بأَسْرِه . قال الهَيْثَمُ بن عَدِيٍّ : وهي سِتَّةَ عَشَرَ رُسْتَاقاً كُلُّ رُسْتَاقٍ ثَلاثُمائَةٍ وسِتُّونَ قَرْيَةٍ قَدِيمةَ سِوَى المُحْدَثَةِ ونَهْرُها المَعْرُوفُ بِزَيْدَ رُوذ في غايَةِ الطِّيبِ والصِّحَّةِ والعُذُوبَةِ وقَدْ وَصَفَتْهُ الشُّعَرَاءُ فقَال بَعْضُهُم :
لَسْتُ آسَى مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى شَيْ ... ءٍ سِوَى مَائِهَا الرَّحِيقِ الزُّلاَلِ
ونَسِيمِ الصَّبَا ومُنْخَرقِ الرِّي ... حِ وجُوٍّ صافٍ على كُلِّ حالِ
ولَها الزَّعْفَرَانُ والعَسَلُ الما ... ذِيُّ والصّافِنَاتُ تَحْتَ الجِلاَلِولذلكَ قال الحَجّاجُ لبَعْضِ مَنْ وَلاّهُ أَصْبَهَان : قد وَلَّيْتُكَ بَلْدَةً حَجَرُهَا الكُحْلُ وذُبَابُهَا النَّحْلُ وحَشِيشُهَا الزَّعْفَرَانُ . قالُوا : ومن كَيْمُوسِ هَوَائِهَا وخاصّيَّتِه أَنْهُ يٌبْخِّلُ فَلا تَرَى بِهَا كَرِيماً وفي بَعْضِ الأَخْبَارِ أَنّ الدّجّالَ يَخْرُجُ من أَصْبَهَانَ . والصَّوَابُ أَنّهَا كَلِمَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ وهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الجَمَاهِيرُ وصَوَّبَه شَيْخُنا قالَ : فحِينَئذٍ حَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ في باب النُّونِ وفُصْل الهَمْزَةِ لأَنّها صارَتْ كَلِمَةً وَاحدَةً عَلَماً عَلَى مَوْضعٍ مُعَيَّنٍ حُرُوفُهَا كُلُّهَا أَصْلِيَّة ولا يُنْظَرُ إِلَى ما كَانَتْ مُفْرَداتُهَا وقَدْ تُكْسَرُ هَمْزَتُهَا قالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْضِ : هكَذَا قَيَّدَه البَكْرِيُّ في كِتَابهِ المُعْجَم . قلتُ : وتَبعَه ابنُ السَّمْعَانِيّ قال ياقُوت : والفَتْحُ أَصَحُّ . وأَكْثَرُ وقد تُبْدَلُ باؤُهَا فاءً فيُقَالُ : أَصْفَهانُ فِيهِمَا أَيْ في الكَسْرِ والفَتْحِ . قُلْتُ : وقد تُحْذَفُ الأَلِفُ أَيْضا فيَقُولُون : صَفَاهان كما هو جَارٍ الآنَ عَلَى ألَسْنِتَهِم قال شيخُنَا : إِنْ أُرِيدَ من الأَجْنَاد الفُرْسَانَ كَمَا مالَ إِلَيْه السُّهَيْلِيُّ وحَرَّرهُ فَهُوَ ظاهِرٌ وباؤُه حينَئذٍ خالصةٌ وإِلاَّ فَفِيه نَظَرٌ . قُلْتُ : الَّذِي قالَهُ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ في ذِكْرِ حَدِيثِ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه : كُنْتُ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَان ما نَصُّه : وأَصْبَه بالعَرَبِيّة فَرَسٌ وقِيلَ : هُو العَسْكَرِ فمَعْنَى الكَلِمَةِ : مَوْضِعُ العَسْكَرِ أَو الخضيْل أَو نَحْو هذا . انْتَهَى فلَيْسَ فيه ما يَدُّلُّ على أَنّه أَرادَ من الأَجْنَادِ الفُرْسَانَ ولا مَيْله إِلَيْه فتَأَمَّلْ . ثُمَّ قَولُ السُّهَيْلِيّ : مَوْضِعُ العَسْكَرِ أَو الخَيْل يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ في اللَّفْظِ ما يَدُلُّ عَلَى المَوْضِعِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بحَذْفِ مُضَافٍ ثم قَالَ شَيْخُنَا : وفي كَلام ابنِ أَبي شَرِيفٍ وجَمَاعَةٍ أَنَّهَا تُقَالُ بَيْنَ الباءِ والفَاءِ وقالَ جَمَاعَةٌ : إِنَّهَا تُقَالُ بالبَاءِ الفَارِسيَّةِ قال شَيْخُنَا : قُلْتُ : وهُوَ المُرَادُ بأَنَّهَا بَيْنَ الباءِ والفَاءِ . وتَعَقَّبُوه بنَاءً على مَا بَنَوْا عَلَيْه مِنْ أَنَّ المُرَادَ الفُرْسَانُ والأَسْبُ حينَئِذٍ هُوَ الخَيْلُ بالبَاءِ العَرَبِيَّةِ ولكِنْ بالسِّين ِلا الصّادِ ففِيهِ نَظَرٌ منْ هذَا الوَجْه فَتَأَمَّلْ : انْتَهَى . قُلْتُ : ما ذَكَرَه ابنُ أَبِي شَرِيفٍ : وقال جَمَاعَةٌ مع ما قَبْلَهُ قولٌ واحِدٌ كَمَا نَبَّه عَلَيْه شَيْخُنَا عَلَى الصَّوَابِ وأَمّا قَوْلُ شَيْخُنَا في التَّعْقُّبِ عَلَيْه : والأَسْبُ حينَذٍ إِلخ فَفِيه نَظَرٌ ؛ لأَنَّ الأَسْبَ اسْمٌ بمَعْنَى الفَرَسِ بالبَاءِ العَجَمِيَّة لا العَرَبِيَّةِ وتَعْبِيرُه بالخَيْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنّه اسْمُ جَمْعٍ ولَيْسَ كَذلِكَ وفي عِبَارَةِ السُّهَيْلِيّ : وأَصْبَه بالعَرَبِيَّةِ : الفَرَسُ كَما تَقَدَّم فظَهَرَ بذلكَ أَنَّهُ يُقَال أَيْضا بالصَادِ وكَأَنَّهُ عنْدَ التَّعْرِيبِ فتَأَمَّلْ . وأَصْلُهَا إِسْبَاهانْ جَمْعُ إِسْباه بالكَسْرِ وهَان عَلامَةُ الجَمْعِ عِنْدَهُم : أَي الأَجْنَادُ لأَنَّهُم كانُوا سُكّانَهَا وقال ابنُ دُرَيْدٍ : أَصْبَهَان اسْمٌ مُرَكَّبٌ ؛ لأَنَّ الأَصْبَ البَلَدُ بلسَانِ الفُرْس وهان اسمُ الفارِسِ فكَأَنَّهُ بِلادُ الفُرْسانِ وقَدْ رَدّ عَلَيْهِ ياقُوت فقَالَ : الصَّوَابُ أَنَّ الأَصْبَ بلُغَةِ الفُرْسِ هو الفَرَسُ وهان كَأَنَّهُ دَلِيلُ الجَمْعِ فمَعْنَاهُ الفُرْسَانُ والأَصْبَهيُّ : الفارِسُ . قُلْتُ : وهذا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْه ياقُوت هُوَ ما يُعْطِيهِ حَقُّ اللَّفْظِ وقَدْ أَصَابَ المَرْمَى وما أَخْطَأ أَوْ لأَنَّهُمْ كانُوا سُكّانَها أَي الأَجْنَاد فسُمِّيَتْ بهم بحَذْفِ مُضَافٍ أَي مَوْضِع الأَجْنَادِ كَمَا تَقَدَّم في قَوْلِ السُّهَيْلِيِّ . قُلْتُ : والمُرَادُ بتلْكَ الأَجْنَاد هيَ الَّتي خَرَجَتْ عَلَى الضَّحّاكِ وأَجابَتْهُمالنّاسُ حَتَّى أَزالُوه وأَخْرَجُوا أَفْريدُونَ جَدَّ بَني سلسَانَ مِنْ مَكْمَنِه وجَعَلُوه مَلِكاً وتَوَّجُوه في قصَّةٍ طَوِيلَةٍ ذكَرَها أَرْبَابُ التَّوَارِيخِ ذاتِ تَهَاوِيلَ وخُرَافاتٍ ولِذَا لَمْ يَكُنْ يَحْمِلُ لوَاءَ مُلوكِ الفُرْس مِنْ آلِ سَاسَانَ إِلاَّ أَهْلُ أَصْبَهَانَ أَشارَ إِلَيْه ياقُوت . أَوْ لأَنَّهُم لَمّا دَعَاهُمْ نُمْرُوذُ إِلَى مُحَارَبَةِ مَنْ في السَّمَاءِ في قصّةٍ ذَكَرَهَا أَهْلُ التَّوَارِيخِ كَتَبُوا في جَوَابِه : أَسْبَاه آنْ نَه كِهْ باخد اجَنْكْ كُنَد أَيْ هذا الجُنْدُ ليسَ مِمَّنْ يُحَارِبُ اللهَ فآنْ مَمْدُواً : اسْمُ الإِشَارَة ونَهْ بالفَتْحِ : عَلاَمَةُ النّفْيِ وكِهْ بالكَسْرِ : بمعْنَى الَّذِي وبَاخُدَا أَي مَعَ اللهِ وخُدَا بالضّمِّ اسمُ اللهِ وأَصْلُه خُودَاي ويَعْنُون بذلِكَ وَاجِبَ الوُجُودِ وجَنْك بالفَتْح : الحَرْبُ وكُنَد بالضّمِّ وفتحِ النّون : تأْكيدٌ لِمَعْنَى الفِعْلِ ويُعَبَّرُ بِهِ عن المُفْرَد أَي لَيْسَ مِمّن ولَوْلاَ ذلِكَ لَكَانَ حَقُّه كُنَنْد بنُونَيْنِ نظراً إِلَى لَفْظ أَسْباهان بمَعْنَى الأَجْنَادِ فتَأَمَّلْ . ثُمَّ إِنَّ هذا القَوْلَ الَّذِي ذَكَرَه المُصَنِّفُ نَقَلَه ابنُ حَمْزَةَ وحَكَاه ياقُوت وقَالَ : قد لَهِجَتْ به العَوَامُّ ونَصُّ ابنِ حَمْزَةَ : أَصْلُه أَسْبَاهْ آن أَيْ هُمْ جُنْدُ الله قالَ يَاقُوت : وما أُشَبِّهُ قَوْلَهُ هذا إِلاَّ باشْتِقاقِ عَبْدِ الأَعْلَى القاصّ حِينَ قِيلَ لَهُ : لِمَ سُمِّىَ العُصْفُور عُصْفُوراً ؟ قالَ : لأّنَهُ عَصَى وفَرّ قِيلَ لَهُ : فالطَّفَيْشَلُ ؟ قالَ : لأَنَّهُ طَفَا وشَالَ . أَوْ مِنْ أَصْب هكذا في سائِرِ النُّسَخِ وقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّه بمَعْنَى الفَرَسِ وبالسَّينِ أَكْثَرُ في كَلاَمِهِمْ ثم قالَ شَيْخُنَا : فعِنْدِي أَنَّه يُسَلَّمُ عَلَى ما نَقَلُوه ويُجْعَلُ كُلّه لَفْظاً وَاحِداً ويُذْكَرُ في البَابِ الَّذِي يَكُونُ آخِرَ حَرْفٍ منه واللهُ أَعْلَمُ ومَا عَدَاه فكُلّه رَجْمٌ بالغَيْب ووُقُوع في عَيْب . انتَهَى . وقَدْ ذَكَرَ حَمْزَةُ بنُ الحَسَنِ في اشْتِقَاقِ هذه الكَلِمَةِ وَجْهاً حَسَناً وهُوَ أَنَّه اسْمٌ مُشْتَقٌّ من الجُنْدِيَّة وذلِكَ أَنَّ لَفْظَ أَصْبَهَانَ إِذا رُدَّ إِلَى اسْمِه بالفَارِسِيَةِ كَان : أَسْبَاهان وهِيَ جَمْعُ أَسْبَاه وأَسْبَاه : اسْمٌ للجُنْدِ والكَلْبِ وكَذلِكَ سَك اسمٌ للجُنْدِ والكَلْبِ وإِنّمَا لَزِمَهُمَا هذان الاسْمَانِ واشْتَرَكَا فِيهِمَا لأَنّ أَفْعَالَهُمَا وَفْقٌ لأَسْمَائِهِمَا وذلِكَ أَنّ أَفْعَالَهُمَا الحِرَاسِةُ فالكَلْبُ يُسَمَّى في لُغَةٍ : سَك وفي لُغَةٍ : أَسْبَاه ويُخَفّف فيُقَال : اسْبَهْ فعَلَى هذا جَمَعُوا هذَيْن الاسْمَيْنِ وسَمَّوْا بهما بَلَدَيْنِ كانَا مَعْدِنَ الجُنْدِ الأَسَاوِرَةِ فقالُوا لأَصْبَهَانَ : أَسْبَاهَان ولِسِجِسْتَانَ سِكَان وسِكِسْتَان . قُلْتُ : وهذا الَّذي نَقَلَه أَنّ أَسْبَاهَ : اسْمٌ لِلْكَلْبِ وأَنَ سَكْ اسْمٌ للجُنْدِ لَيْسَ ذلكَ مَشْهُوراً في لُغَتِهم الأَصْلِيّة كمَا راجَعْتُه في البُرْهَانِ القاطِع للتَّبْرِيزِيّ الَّذِي هو في اللُّغةِ عِنْدَهم كالقامُوسِ عندَنا فلمْ أَجِدْ فيهِ هذا الإِطْلاق اللّهُمَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بضَرْبٍ من المَجَازِ فتَأَمَّلْ . والَّذِي تمِيلُ نفْسِي إِلَيْهِ ما ذَكَرَهُ أَصحابُ السِّيَرِ أَنّها سُمِّيَتْ بأَصْبَهانَ ابنِ فَلوج بنِ لنطي بنِ يُونانَ بنِ يافِث وقال ابنُ الكَلْبِيّ : سُمِّيَتْ بأَصْبَهانَ بنِ الفَلُوجِ بن سامِ ابنِ نُوحٍ وقدْ أَغْفَلَه المُصَنِّفُ قُصُوراً ولمْ يتَنبَّه لِذلِكَ مَنْ تَكَلَّم في هذِه اللَّفْظة كالبَكْرِيّ والسُّهيْليّ والمِزِّيّ وابنِ أَبي شَرِيفٍ وشيْخِنا وغَيْرِهِمْ فاحْفَظْ ذلِكَ والله أَعْلَم . قالَ ياقُوت : وقد خَرَجَ مِنْ أَصْبَهانَ مِنَ العُلمَاءِ والأَئمَّةِ في كُلِّ فَنٍّ ما لَمْ يَخْرُجْ من مَدِينَةٍ من المُدُنِ وعَلى الخُصُوص عُلُوِّ الإِسْنادِ ؛ فإِنَّ أَعْمَارَ أَهْلِها تَطُولُ ولَهُمْ مَع ذلِكَ عِنَايَةٌ وَافِرَةٌ لِسِمَاعِالحَدِيثِ وبها من الحُفّاظ خَلْقٌ لا يُحْصَوْنَ ولها عِدّةُ تَوارِيخَ وقَدْ فَشَا الخرَابُ في هذا الوَقْتِ وقَبْلَه في نَواحِيها لِكَثْرَةِ الفِتَنِ والتّعَصُّبِ بَيْنَ الشّافِعِيّة والحَنَفِيَّة والحُرُوبِ المُتَّصِلَةِ بَيْنَ الحزْبَيْنِ فكُلَّمَا ظَهَرَتْ طائِفَةٌ نَهَبَتْ مَحَلَّةَ الأُخْرَى وأَحْرَقَتها وخَرَّبَتْها لا يِأْخُذُهم في ذلِكَ إِلٌّ ولا ذِمَّة ومع ذلِكَ فَقلَّ أَنْ تَدُومَ بِها دَوْلَةُ سُلْطانِ أَو يُقِيمَ بِها فيُصْلِحَ فاسِدَها وكذلِكَ الأَمْرُ في رَسَاتِيقِها وقُرَاهَا الَّتِي كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْها كالمَدِينةِ . قُلْتُ : وهذا الَّذِي ذكرَه ياقُوت كان في سَنةِ سِتِّمِائَةٍ من الهِجْرَةِ وأَمَّا الآن وقَبْلَ الآنَ من عَهْدِ الثَّمانِمائةِ قَدْ غَلَبَ عَلَى أَهْلِها الرَّفْضُ والتّشَيُّعُ وطُمِسَت السُّنّةُ فِيها كأَسْتَراباذ ويَزْدَ وقُمَّ وقاشانَ وقَزْوِين وغَيْرِهَا من البِلادِ فلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ العَليِّ العَظِيمِ . وأَصَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً : زَحَمَ ومِنْهُ الأَصِيصَةُ . والأَصُوصُ كصَبُورٍ : النّاقةُ الحَائِلُ السَّمِينةُ عن أَبِي عَمْروٍ ومِنْهُ المَثَلُ أَصُوصٌ عليها صُوصٌ الصُّوصُ : اللَّئيمُ يُضْرَبُ لِلأَصْلِ الكرِيمِ يَظْهرُ منه فرعٌ لئِيمٌ وقال امْرُؤُ القَيْس : وبها من الحُفّاظ خَلْقٌ لا يُحْصَوْنَ ولها عِدّةُ تَوارِيخَ وقَدْ فَشَا الخرَابُ في هذا الوَقْتِ وقَبْلَه في نَواحِيها لِكَثْرَةِ الفِتَنِ والتّعَصُّبِ بَيْنَ الشّافِعِيّة والحَنَفِيَّة والحُرُوبِ المُتَّصِلَةِ بَيْنَ الحزْبَيْنِ فكُلَّمَا ظَهَرَتْ طائِفَةٌ نَهَبَتْ مَحَلَّةَ الأُخْرَى وأَحْرَقَتها وخَرَّبَتْها لا يِأْخُذُهم في ذلِكَ إِلٌّ ولا ذِمَّة ومع ذلِكَ فَقلَّ أَنْ تَدُومَ بِها دَوْلَةُ سُلْطانِ أَو يُقِيمَ بِها فيُصْلِحَ فاسِدَها وكذلِكَ الأَمْرُ في رَسَاتِيقِها وقُرَاهَا الَّتِي كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْها كالمَدِينةِ . قُلْتُ : وهذا الَّذِي ذكرَه ياقُوت كان في سَنةِ سِتِّمِائَةٍ من الهِجْرَةِ وأَمَّا الآن وقَبْلَ الآنَ من عَهْدِ الثَّمانِمائةِ قَدْ غَلَبَ عَلَى أَهْلِها الرَّفْضُ والتّشَيُّعُ وطُمِسَت السُّنّةُ فِيها كأَسْتَراباذ ويَزْدَ وقُمَّ وقاشانَ وقَزْوِين وغَيْرِهَا من البِلادِ فلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ العَليِّ العَظِيمِ . وأَصَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً : زَحَمَ ومِنْهُ الأَصِيصَةُ . والأَصُوصُ كصَبُورٍ : النّاقةُ الحَائِلُ السَّمِينةُ عن أَبِي عَمْروٍ ومِنْهُ المَثَلُ أَصُوصٌ عليها صُوصٌ الصُّوصُ : اللَّئيمُ يُضْرَبُ لِلأَصْلِ الكرِيمِ يَظْهرُ منه فرعٌ لئِيمٌ وقال امْرُؤُ القَيْس :
فَدَعْها وسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بجَسْرَةٍ ... مُدَاخَلَةٌ صُمُّ العِظامِ أَصُوصُ وقِيلَ : هِيَ الَّتِي قد حُمِلَ عَلَيْها فلمْ تَلْقَحْ . وعن ابنِ عَبّادٍ : الأَصُوصُ : اللِّصُّ يُقَال : أَصُوصٌ عَلَيْها أَصُوصٌ ج أُصُصٌ بِضَمَّتَيْنِ . والأَصُّ مُثَلَّثَةً عن ابنِ مالِكٍ الكَسْرُ عن الجَوْهَرِيِّ والفَتْحُ عن الأَزْهَرِيّ : الأَصْلُ وقِيل : الأَصْلُ الكَرِيمُ ج : آصَاصٌ بالمَدّ كحِمْلٍ وأَحْمَالٍ وأَنْشد ابنُ دُرَيْدٍ :
قِلالُ مَجْدٍ فَرَعَتْ آصَاصَا ... وعِزَّةٌ قعْسَاءُ لنْ تُناضى وكذلِك العَصُّ بالعَيْنِ كمَا سَيأْتي . والأَصِيصُ كأَمِيرٍ : الرَّعْدَةُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ . والأَصِيصُ الذُّعْرُ يُقال : أَفْلَتَ ولَهُ أَصِيصٌ أَي رِعْدَةٌ ويُقال : ذُعْرٌ وانْقِبَاضٌ . والأَصِيصُ أَيْضاً : مَا تَكَسَّرَ من الآنِيَةِ أَوْ وفي الصّحاحِ وهُوَ نِصْفُ الجَرَّةِ أَوِ الخابِيَةِ تُزْرَعُ فِيهِ الرَّياحينُ وأَنْشَدَ قَوْلَ عَدِيٍّ ابنِ زَيْدٍ :
يا ليْت شِعْرِي وأَنا ذُو عَجَّةٍ ... مَتىَ أَرَى شَرْباً حَوَالَيْ أَصِيصْوفي رواية ذُو ضجَّةٍ وفي أُخْرَى آنَ ذُو عَجَّةٍ . قُلْتُ : وهِي لُغَةٌ في أَنا وهي أَرْبَعُ لُغاتٍ : يُقال : أَنّ قُلْتُ وأَنا قُلْتُ وآنَ قُلْتُ وأَنْ قُلْت كذا وَجَدْتُه في بَعْضِ حَوَاشِي الصّحاح . قال الجَوْهَرِيُّ يَعْنِى به أَصْلَ الدَّنِّ . وقِيل : الأَصِيصُ : مِرْكَنٌ أَو بَاطِيَةٌ شِبْهُ أَصْلِ الدَّنِّ يُبَالُ فِيهِ . وقال خالِدُ بنُ يَزِيدَ : الأَصِيصُ : أَسْفَلُ الدَّنِّ كانَ يُوضَعُ ليُبالَ فِيهِ وأَنْشَدَ قولَ عَدِيٍّ السابق وقال أَبُو الهَيْثَمِ : كانُوا يَبُولُون فِيه إِذا شَرِبُوا وأَنْشَدَ :
تَرَى فِيهِ أَثْلامَ الأَصيصِ كأَنَّهُ ... إِذا بالَ فِيهِ الشَّيْخُ جَفْرٌ مُغَوَّرُ وقَالَ عَبْدَةُ بن الطَّبِيبِ :
لَنَا أَصِيصٌ كجَذْم الحَوْضِ هَدَّمَه ... وَطْءُ الغَزَالِ لَدَيْهِ الزِّقُّ مَغْسُولُ والأَصِيصُ : البِنَاءُ المُحْكَمُ كالرَّصيص . والأَصِيصُ : شَيْءٌ كالجَرَّةِ لَهُ عُرْوَتَانِ يُحْمَلُ فِيهِ الطِّينُ كما في اللِّسَانِ والعُبَاب . والأَصِيصَةُ مِنَ البُيُوتِ المُتَقَارِبَةُ بَعْضُها بِبَعْضٍ ويُقَالُ : هُمْ أَصِيصَةٌ وَاحِدٌَة أَي مُجْتَمِعُونَ كالبُيُوتِ المُتَلاصِقَةِ . والتَّأْصِيصُ : الإِيثاقُ كالتَّأْسِيسِ . والتَّأْصِيصُ : التَّشْدِيدُ والإِحْكَامُ وإِلْزَاقُ بَعْضِ ببَعْضِ . و عَن ابنِ عَبّاد : يُقَال : تَأَصَّصُوا إِذا اجْتَمَعُوا وتَزَاحَمُوا كائْتَصُّوا ائْتِصاصاً . وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه : نَاقَةٌ أَصُوصٌ : شَدِيدَة مُوَثَّقَةُ الخَلْقِ وقِيل : كَرِيمَةٌ . والأَصُوصُ : البَخِيلُ . ويُقَال جِئْ بهِ من إِصِّكَ أَيْ من حَيْثُ كان . وإِنّه لأَصِيصٌ كَصِيصٌ أَيْ مُنْقَبِضٌ . ولَهُ أَصِيصٌ أَيْ تَحَرُّكٌ والْتِوَاءٌ من الجَهْدِ . و آصُ بالمَدّ : من مُدُنِ التُّرْكِ وقد نُسِبَ إِلَيْهَا جماعَةٌ
بَدَلُ الشّيءِ مُحَرَّكةً وبالكسرِ لُغتان مِثْل شَبَهٍ وشِبهٍ ومَثَلٍ ومِثْلٍ وَنَكَلٍ ونِكْلٍ قال أبو عُبيدة : ولم نسمع في فَعَلٍ وفِعْلٍ غيرَ هذه الأحْرُف . بَدِيلٌ كأمِيرٍ : الخَلَفُ مِنه وهو غيرُه . ج : أَبْدالٌ أمّا المُحَرَّكُ والمكسورُ فَظَاهِرٌ كجَبَلٍ وأَجبالٍ ومَثَلٍ وأَمْثالٍ وأمَّا جَمعُ بَدِيلٍ فهو قلَيلٌ إذ ليس في كلامهم فَعِيلٌ وأَفعْالٌ مِن السالِم إلاَّ أَحْرُفٌ وهي شَرِيفٌ وأَشْرافٌ ويَتِيمٌ وأَيْتامٌ وفَنِيقٌ وأَفْناقٌ وبَدِيلٌ وأَبْدالٌ قاله ابنُ دُرَيْد . قلت : وكذلك شَهِيدٌ وأَشْهادٌ . وتَبَدَّلَهُ وبهِ واسْتَبدَلَه وبهِ وأَبْدَلَهُ مِنه بغَيرِه وَبَدّلَهُ مِنه : اتَّخَذَه مِنه بَدَلاً . قال ثَعْلَبٌ : يُقال : أَبْدَلْتُ الخاتَمَ بالحَلْقَةِ : إذا نَحَّيْتَ هذا وجَعَلْتَ هذا مكانَه وبَدَّلْتُ الخاتَمَ بالحَلْقَةِ : إذا أَذَبْتَه وسَوَّيْتَه حَلْقَةً وبَدَّلْتُ الحَلْقَةَ بالخاتَمِ : إذا أَذَبْتَها وجَعلتَها خاتَماً . قال : وحَقيقتُه أنّ التَّبديلَ تَغييرُ الصُّورَةِ إلى صُورةٍ أخرَى والجَوهَرَةُ بعَينِها والإِبدالُ : تَنْحِيَةُ الجَوهَرةِ واستئناف جَوْهَرةٍ أُخْرَى . قال أبو عمرو : فعَرضْتُ هذا على المُبَرِّد فاستحسنَه وزاد فيه فقال : وقد جَعلت العربُ بَدَّلْتُ مكانَ أَبْدَلْتُ وهو قولُ اللّه عزّ وجلّ : " فأُولئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ " ألا تَرَى أنه قد أزال السَيِّئاتِ وجعلَ مكانَها حَسَناتٍ وأمّا ما شَرَطَهُ ثَعْلَبٌ فهو معنى قولِه تعالى : " كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُم جُلُوداً غَيرَهَا " قال : فهذه هي الجَوْهَرةُ وتَبديلُها : تغيير صُورتِها إلى غيرِها ؛ لأنها كانت ناعمةً فاسْودَّتْ مِن العذاب فرُدَّتْ صُورةُ جُلودِهم الأولى لَمّا نَضِجَتْ تلك الصُّورَةُ فالجوهرةُ واحدة والصّورةُ مختلفةٌ . وحُرُوفُ البَدَلِ أربعةَ عَشَرَ حرفاً : حُروفُ الزِّيادة ما خلا السِّينَ والجيمُ والدالُ والطاء والصاد والزاي يجمعُها قولُك : أنْجَدْتُه يومَ صالَ زُطٌّ . وحُروفُ البدَلِ الشائِعِ في غير إدغام أحَدٌ وعشرون حرفاً يجمعُها قولُك : بِجِدٍّ صَرفُ شَكِثٍ أَمِنَ طَىَّ ثَوْبِ عِزَّتِهِ . والمرادُ بالبَدَل : أن يُوضَعَ لفظٌ مَوضعَ لفظٍ كوضعِك الواوَ موضِعَ الياء في : مُوقِنٍ والياءَ موضِعَ الهمزةِ في : ذِيب لا ما يُبدَلُ لأجلِ الإدغام أو التَّعويضِ من إعلالٍ . وأكثرُ هذه الحروفِ تصرفاً في البَدَلِ حُروفُ اللِّين وهي يُبْدَلُ بعضُها ويُيدَلُ مِن غيرِها كما في العُباب . قلت : وأمّا البَدَلُ عندَ النَّحويِّين فهو : تابعٌ مَقْصودٌ بما نُسِبَ إلى المَتبُوعِ دُونَه . فخَرَج بالقَصْدِ : النَّعْتُ والتوكيدُ وعطفُ البَيان لأنها غيرُ مقصودَةٍ بما نُسِب إلى المَتْبُوع . وبادَلَهُ مُبادَلَةً وبدالاً بالكَسْرِ : أعطاه مِثْلَ ما أَخَذَ مِنه وأنشد ابنُ الأعرابِي :
" قال أبي خَوْن فقِيلَ لا لا
" ليس أباكَ فاتْبَعِ البِدالاوقال ابنُ دُرَيْدٍ : بادَلْتُ الرَّجُلَ : إذا أعطيتَه شَروَى ما تَأخُذُ مِنه . والأَبْدالُ : قَوْمٌ من الصالِحين لا تَخْلُو الدّنيا مِنهم بِهم يُقِيمُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ الأرضَ . قال ابن درَيْدٍ : هُم سَبْعُونَ رَجُلاً فيما زَعَمُوا لا تخلو منهم الأرضُ أَرْبَعُونَ رَجُلاً منهم بالشّامِ وثَلاثونَ بغَيرِها . قال غيرُه : لا يَمُوتُ أَحدُهُم إلا قامَ مَكانَه آخَرُ مِن سائرِ النَّاسِ . قال شيخُنا : الأَوْلَى : إلاَّ قام بَدَلَهُ ؛ لأنهم لذلك سُمُّوا أَبْدالاً . قلتُ : وعِبارَةُ العُبابِ : إذا مات منهم واحِدٌ أَبْدَلَ اللّهُ مَكانَه آخَرَ . وهي أخْصَرُ مِن عبارةِ المُصنِّفِ . واختُلِفَ في واحِدِه فقِيل : بَدَلٌ مُحرَّكةً صَرَّح به غيرُ واحدٍ وفي الجَمْهَرة : واحِدُهم : بَدِيلٌ كأمِيرٍ وهو أَحَدُ ما جاء على فَعِيلٍ وأفْعالٍ وهو قَليلٌ كما تقدَّم . ونَقل المُناوِيُّ عن أبي البَقاءِ قال : كأنهم أرادوا أَبْدالَ الأنبياءِ وخُلَفائهم وهم عندَ القَوْمِ سَبعةٌ لا يَزِيدُون ولا يَنْقُصُونَ يَحفَظُ اللّهُ بهم الأقاليمَ السَّبعةَ لِكُلِّ بَدَلٍ إِقْليمٌ فيه وِلايَتُه منهم واحِدٌ على قَدَمِ الخَلِيل وله الإقْلِيمُ الأوّلُ والثاني على قَدَمِ الكَلِيمِ والثالث على قَدَمِ هَارُونَ والرابعُ على قَدَمِ إدْرِيسَ والخامسُ على قَدَمِ عِيسى والسابعُ على قَدَمِ آدَم عليهم السَّلامُ على ترتيب الأقالِيم . وهم عارِفُون بما أودَعَ اللّه في الكَواكِبِ السّيّارةِ مِن الأسرار والحَرَكاتِ والمَنازِل وغيرِها . ولهم مِن الأسماء أسماءُ الصِّفاتِ وكُلّ واحدٍ بحَسَبِ ما يُعْطِيه حَقِيقةُ ذلك الاسمِ الإلهي مِن الشُّمُولِ والإحاطةِ ومنه يكونُ تَلَقِّيه . انتهى . وقال شيخُنا : عَلَامَتُهم أن لا يُولَدَ لَهم قالوا : كان منهم حَمّادُ بن سَلَمَة بن دِينار تزوَّج سبعين امرأةً فلم يُوْلَدْ له كما في الكَواكِب الدَّرارِي . قلتُ : وفي شَرح الدَّلائِل لِلفاسِي في ترجمة مؤلِّفها ما نَصُّه : وجدتُ بخَطِّ بعضِهم أنه لم يَترُكْ ولداً ذكَراً . انتهى . وأفاد بعضُ المُقَيِّدين أن هذا إشارَةٌ إلى أنه كان مِن الأبدال . ثم قال شيخُنا : وقد أفردَهم بالتَّصنيفِ جماعةٌ منهم السَخاوِيُّ والجَلال السُّيوطِيُّ وغيرُ واحدٍ . قلتُ : وصنَّف العِزُّ بن عبد السلام رِسالةً في الرَّدِّ على مَن يقول بوُجُودهِم وأقام النَّكِيرَ على قولِهِم : بهم يحفظُ اللّهُ الأرضَ . فَلْيُتَنَبَّهْ لذلِك . وبَدَّلَهُ تَبدِيلاً : حَرَّفَهُ وغَيَّره بغَيرِه . وتَبَدَّلَ : تَغَيَّرَ وقولُه تعالى : " يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيرَ الأَرْضِ وَالسَّمَواتُ " قال ابن عَرفة : التَّبدِيلُ : تَغْييرُ الشيء عن حالِه . وقال الأزهريُّ : تَبدِيلُها : تَسيِيرُ جِبالِها وتَفْجِيرُ بِحارِها وكونُها مُستَويةً لا تَرَى فِيها عِوَجاً ولا أَمْتاً . وتَبدِيلُ السمواتِ : انْتِثارُ كواكِبها وانفِطارُها وتَكْوِيرُ شَمسِها وخُسُوفُ قَمرِها . وقولُه تعالى : " مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ " قال مُجاهِدٌ : يقولُ : قَضَيتُ ما أنا قاضٍ . ورَجُلٌ بِدْلٌ بالكسر ويُحَرَك : شَرِيفٌ كَرِيمٌ الأَوَّلُ عن كُراعٍ وفيه لَفٌّ ونَشْرٌ غيرُ مُرَتَّب . ج : أَبْدالٌ كطِمْرٍ وأَطْمارٍ وجَبَلٍ وأَجْبالٍ . والبَدَلُ مُحَرَّكَةً : وَجَعُ المَفاصِلِ واليَديْنِ . وفي العُبابِ : وَجَعٌ في اليَدينِ والرِّجْلَين وقد بدِلَ كفَرِحَ فهو بَدِلٌ ككَتِفٍ وأنشد يعقوبُ في الألفاظ :
فَتَمَذَّرَتْ نَفْسِي لِذَاكَ ولَم أَزَلْ ... بَدِلاً نَهارِي كُلَّهُ حَتَّى الأُصُلْوالبَأْدَلَة : لَحْمَةٌ بَيْنَ الإِبْطِ والثَّنْدُوَةِ وقِيل : ما بينَ العُنُقِ والتَّرْقُوَةِ والجَمْعُ : بآدِلُ . وقد ذُكِر في أَوّلِ الفَصْل على أنه رُبَاعِيٌّ وأعاده ثانياً على أنه ثُلاثيٌّ . بَدِلَ كفرِحَ بَدَلاً : شكاهَا على حُكْمِ الفِعل المَصُوغِ مِن ألفاظ الأعضاء لا عَلَى العامَّة . قال ابنُ سِيدَهْ : وبذلك قَضَينا على همزتِها بالزِّيادة وهو مَذهبُ سِيبَوَيه في الهمزة إذا كانت الكلمةُ تَزِيد على الثَّلاثة . والبَدَّالُ كشَدَّادٍ : بَيَّاعُ المَأْكُولاتِ مِن كُلِّ شيءٍ منها هكذا تقوله العَربُ قال أبو حاتِمٍ : سُمِّيَ به لأنه يُبَدِّلُ بَيعاً ببَيعٍ فيبيعُ اليومَ شيئاً وغداً شيئاً آخَر . قال أبو الهَيثَم : والعامَّةُ تقولُ : بَقَّالٌ وسيأتي ذلك أيضاً في ب - ق - ل . وبادَوْلَى بفتحِ الدال مَقْصوراً وعلَى هذا اقتصرَ الصاغانيُّ في التَّكْمِلة وتُضَمُّ دالُه أيضاً : ع في سَوادِ بَغدادَ قال الأعْشى :
حَلَّ أَهْلِي ما بَيْنَ دُرْتَى فبادَوْ ... لَى وَحَلَّتْ عُلْوِيَّةٌ بالسِّخالِوقِيل : بادَوْلىَ : موضِعٌ ببَطْنِ فَلْج مِن أرضِ اليَمامة فمَن قال هذا رَوى بيتَ الأعشى : دُرْنَى بالنُّون لأنه موضِعٌ باليَمامة . كذا في المُعْجَم . وكزُبَيرٍ : بُدَيْلُ بنُ وَرقاءَ بنِ عبد العُزَّى بنِ رَبِيعِة هِن كِبار مُسلِمة الفَتْح . وبُدَيْلُ بنُ مَيسَرَةَ بنِ أُمِّ أَصْرَمَ الخُزاعِيَّانِ هكذا في سائرِ النُّسَخ . قال شيخُنا : والذي في الرَوْضِ الأُنُفِ : أنّ بدَيْلَ بنَ أُمِّ أَصْرَمَ هو بُدَيْلُ بن سَلَمَةَ وكلامُ المُصنِّف صريحٌ في أنه غيرُه وأنه وابنُ مَيسَرَةَ سَواءٌ فتأمَّلْ . قلتُّ : والَّذي في العُباب : وبُدَيْلُ بنُ ورقاءَ وبُدَيْلُ بنُ سَلَمَةَ الخُزاعِيّانِ رضي اللّه تعالَى عنهما لَهُما صُحْبَةٌ . في مُعْجَمِ ابنِ فَهْدٍ : بُدَيْلُ بنُ سَلَمَةَ بني خَلَفٍ السَّلُولِيُ وقِيل : بُدَيْلُ بنُ عبدِ مَناف بنِ سَلَمَةَ قِيل : لَه صُحْبَةٌ وفي مُخْتَصر تهذيب الكَمال للذَّهَبي : بُدَيْلُ بنُ مَيْسَرَةَ العُقَيلِي عن صفِيَّةَ بنتِ شَيبَةَ وأنَسٍ وعنه شُعْبَةُ وحمّادُ بن زيدٍ وخَلْقٌ ثِقَةٌ مات سنةَ 213 ، وهو من رِجال مُسلِمٍ والأَربعةِ . فسِياقُ المُصنِّفِ فيه خطأٌ مِن وُجُوهٍ : الأول : جَعْله ابنَ مَيسَرَةً وابن أمِّ أَصْرَمَ سَواءٌ وهما مُختلِفان والصَّوابُ في ابن أُمِّ أَصْرَمَ : هو ابنُ سَلَمَة . وثانياً : جَعْلُه خُزاعِيّاً وليس هو كذلك بل هو عُقَيلِي وإنما الخُزاعِيٌّ الثاني هو ابن عمرو بن كُلْثُوم الآتِي . وثالثاً : عَدُّه مِن الصَّحابة وابن مَيسَرَةَ تابِعِيٌ كما عَرفْتَ فتأمَّلْ . بُدَيْلُ بنُ عمرو بنِ كُلْثُوم وقِيل : بُدَيْلُ بنُ كُلْثُوم الخُزاعِيُ له وِفادَةٌ . بُدَيْلُ بنُ مارِيَةَ مَوْلَى عمرِو بن العاص رَوى عنه ابنُ عبّاسٍ والمُطَّلِبُ بن أبي وَداعَةَ قِصَّةَ الجامِ لَمّا سافر هو وتَمِيمٌ الدّارِيّ وكذا قال ابنُ مَنْدَهْ وأبو نُعَيم وإنما هو : بُزَيْلٌ . بُدَيْلٌ آخَرُ غيرُ مَنْسُوبٍ قال موسى بنُ علي بنِ رَباح عن أبيه عنه رضي اللّه عنه : أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم يَمْسَحُ على الخُفَّين . مِصْرِيٌّ : صَحابِيُّونَ رضي اللّه عنهم . وفاتَه : بُدَيْلُ بنُ عمرو الأنصاري الخَطْمِيُّ رضي اللّه تعالَى عنه عَرَض على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللّه عليه وسلَّم رُقْيَةَ الحَيَّةِ . جاء مِن وَجْهٍ غَريب . وأحمدُ بنُ بُدَيْلٍ الإِيامِيُّ وجَماعَةٌ آخَرُون ضُبطُوا هكهذا . وكأَمِيرٍ : بَدِيل بنُ عَلِيٍّ عن يوسُفَ بنِ عبد الله الأَرْدُبِيلِيِّ هكهذا نَصَّ الذَّهبيُّ وغيرُه وسِياقُ المُصنِّف يَقتضِي أن يكون بَدِيلٌ هو الأَرْدُبِيلِيَّ وهو خطأٌ إنما هو شيخُه مع أنه لم يتعرَّضْ لأَرْدُبِيلَ في موضعِه وهو غَرِيبٌ . بَدِيلُ بنُ أحمدَ الهَرَوِيُّ الحافِظُ عن أبي العبّاسِ الأَصَمِّ . بَدِيلُ بن أبي القاسِمِ الخُوَيِّيُّ هكذا في النُّسَخ بضَمّ الخاء المعجَمة وفتحِ الواو وياءان إحداهما مُشدّدة للنِّسبة وفي بعض النُّسَخ : الخرمى وهو غَلَطٌ وهو أبو الوفاء بَدِيلُ بن أبي القاسم بن بَدِيلٍ الإِمْلِيُّ بكسر الهمزة تَقدَّمِ ذِكرُه في أ - م - ل . وصالِحُ بنُ بَدِيلٍ عن أبي الغَنائِم بن المَأْمُون مُحَدِّثُون رحمهم اللَّهُ تعالى
ومِمّا يُستَدْرَك عليه : قال أبو عبيدة : هذا بابُ المَبدُولِ مِن الحُرُوف والمُحَوَّل ثم ذكَر : مَدَهْتُه أي مَدَحْتُه . قال الأزهريُّ : وهذا يَدُلَّ على أن : بَدَلْتُ مُتَعَدٍّ . وبَدَلانُ مُحَرَّكَةً أو كقَطِران : جَبَلٌ قال امرؤ القيس :
دِيارٌ لهِو والرَّبابِ وفَرْتَنَى ... لَيالِينَا بالنَّعْف مِن بَدَلانِضُبِط بالوَجْهين . وَتَبدِيلُ الشيء : تَغْييرُه وإن لم تأتِ ببَدَلٍ . وأبو المُنِير بَدَلُ بنُ المُحَبَّر البَصْريُّ محدِّثٌ . قلت : هو من بني يَرْبُوع روى عن شُعْبَةَ وطائفةٍ وعنه البُخارِيُّ والكَجِّيُّ والدَّقِيقِيُّ ثِقَةٌ تُوفي سنةَ 215 . والبَدَّالَةُ : قَريةٌ بمِصْرَ مِن أعمال الدَّقَهْلِيَّة وقد رأيتُها . وتَبادَلا : بادَلَ كُل واحدٍ صاحِبَه . والبُدَلاءُ : الأَبْدالُ . وأبو البُدَلاءِ : سَيِّدي محمد أَمغار الحَسَنِيُّ الصِّنْهاجِيُّ والبُدَلاءُ أولادُه سبعةٌ : أبو سعيد عبد الخالق وأبو يعقوب يوسف وأبو محمد عبد السلام العابِدُ وأبو الحسن عبد الحَيِّ وأبو محمد عبد النُّور وأبو محمد عبد الله وأبو عمرو مَيمُون . قال في أُنْسِ الفَقِير : وهذا البيتُ أكبرُ بيتٍ في المَغْرِب في الصَّلاح فإنهم يَتوارثُونه كما يُتوارَثُ المالُ . وبُدالَةُ كثُمامَةٍ : مَوضِعٌ في شِعر عبدِ مَناف الهُذَلِيِّ :
أَنَّى أُصادِفُ مِثلَ يومِ بُدالَةٍ ... ولِقاءُ مِثْلِ غَداةِ أمسِ بَعِيدُ والبادِلِيَّةُ : نَخْلٌ لِبَني العَنْبَرِ باليَمامة عن الحَفْصِيّ . وفي كتاب الصِّفات لأبي عُبيد : البَأْدَلَةُ : اللَّحْمَةُ في باطِنِ الفَخِذِ . وقال نُصَير : البَأْدَلَتانِ : بُطُونُ الفَخِذَيْنِ . ويُقال للرَّجُل الذي يأتي بالرأي السَّخِيف : هذا رأيُ الجَدَّالِين والبَدَّالِين
" بِسَبْحَلِ الدَّفَّيْنِ عَيْسَجُورِ وقال ابنُ جِنِّيٍّ : أراد بسِبَحْل فَأَسْكَنَ الْباءَ وحَرَّكَ الحاءَ وَغَيَّرَ حَرَكَةَ السِّينِ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : س ب د ل
السَّبَنْدَلُ كسَفَرْجَلٍ أَهْمَلَهُ الْجَماعَةُ وقالَ كُرَاعٌ : هوَ السَّمَنْدَلُ بالمِيمِ عَلى ما يَأْتِي بَيانُهُ