يَتِيبُ كيَغِيبُ أَهملَه الجوهريُّ ورجَّح شيخُنَا نقلاً عن الأَعْلام المُطابَة للمصنِّف أَنه بالمُثَنّاة الفَوْقِيَّة من أَوله بَدَلَ اليَاءِ التَّحْتيَّة . ورأَيءت في كتاب نَصْر بالفَوقية ثم المُوَحَّدَة : جَبَلٌ بالمَدينَة علَى سَمْتِ الشَّام وقد شُدِّدَ وَسَطُهُ للضرورة أَي على القَوْلِ الأَخير وأَما الذي ذَكَره المُؤَلِّفُ فَمَوْضِعٌ آخَرُ جاءَ ذكرُه في شِعْرٍ
والتَّابَةُ كالغَابَة وقد تقدَّمَ في ذكر المَصَادر أَنه بمعنى التَّوْبَة وتقدَّمَ الإَِنْشَادُ أيضاً فَلاَ أَدْرِي ما سبب إعَادَتِه هنا أَوْ أنه أشارَ إلى أَنَّ أَلِفه منقلبةٌ عن يَاءٍ فليس له دليلٌ عليه ولا مادَّةٌ ولا أَصلٌ يُرْجعُ إليه . كذا قالَه شيخُنا
فصل الثَّاءِ مَعَ البَاءِ
تَابَ إلَى الله تَعَالَى مِنْ كَذَا وعَنْ كذَا تَوْباً وتَوْبةً ومتَاباً وتَابَةً كغَابَةٍ قَال الشَّاعرُ :
" تُبْتُ إلَيْكَ فَتَقَبَّلْ تَابَتِي
" وصُمْتُ رَبِّي فَتَقَبَّلْ صَامَتِي وَتَتْوِبَةً عَلَى تَفْعلَة شَاذٌّ مِنْ كِتَاب سيبويه : أَنَاب ورَجَعَ عنِ المَعْصيَة إلَى الطَّاعَةِ وهُو تَائِبٌ وتَوَّابٌ : كَثيرُ التَّوْبَةِ والرُّجُوع وقَوْلُهُ عزَّ وَجَلَّ " غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ " يَجُوزُ أَنْ يكُونَ عَنَى به المصْدَرَ كالقَوْلِ وأَنْ يَكُونَ جَمْعَ تَوْبَة كَلَوْزٍ ولَوْزَةٍ وَهُوَ مَذْهبُ المُبَرِّدِ وقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ : أَصْلُ تَابَ : عادَ إلى اللهِ ورَجَعَ وأَنَابَ وتَابَ اللهُ عَلَيْهِ أَيْ عَاد بالمَغْفِرَةِ أَوْ وَفَقَّهُ للتَّوْبَة أَوْ رَجَعَ به مِن التَّشْديد إلى التَّخْفِيف أَوْ رجَع عليه بفَضْلِه وَقَبُولِه وكُلُّها معانِ صَحِيحَةٌ وَارِدَةٌ وهُوَ أي اللهُ تَعَالى تَوَّابٌ يَتُوبُ عَلَى عِبَادِه بفَضْله إذَا تَابَ إليه منْ ذَنْبِه
وأَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوبَ التَّائِبُ الأَنْطَاكِيُّ مُقْرِىءٌ كَبِيرٌ مُتَقَدِّمٌ مِنْ طَبَقَةِ ابنِ مُجَاهِدِ سَمِعَ أَبَا أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيَّ وقَرَأَ بالرِّوَايَات وَبَرَعَ فيهَا والتَّائِبُ لَقَبُهُ
والشِّهَابُ أَحْمدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ ابنِ عِيسَى الشَّابُّ التَّائِبُ حدَّثَ ووَعَظَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الوَفَاةِ ذَكَره الخُضيريّ في طَبَقَاتِهِ
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي التَّائِبِ : مُحَدِّثٌ مُتَأَخِّرٌ قَالَ الذَّهَبيُّ : شَيْخٌ مُعَمَّرٌ في وَقْتِنَا شَاهِدٌ يَرْوِي الكَثيرَ قَالَ الحَافظُ : وأَخُوهُ إسْمَاعيلُ وجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِه حَدَّثُوا
وتَوْبَةُ اسْم مِنْهُمْ تَوْبَةُ البَاهِلِيُّ العَنْبَرِيُّ بَصْرِيٌّ مِنَ التَّابِعِينَ وغَيْرُهُ . وتَلُّ تَوْبَةَ : قَرْيَةٌ قُرْبَ المَوْصِلِ بأَرْضِ نِينَوَى فيه مَشْهَدٌ يُزَارُ قيلَ إنَّ أَهْلَ نِينَوَى لَمَّا وَعَدَهُمْ يُونُسُ العَذَابَ خَرَجُوا إلَيْهِ فَتَابُوا فَسُمِّيَ بذلكَ نقله شيخُنَا عن المراصد
واسْتَتَابَه : عَرَضَ عَلَيْه التَّوْبَةَ مِمَّا اقْتَرَفَ أَيِ الرُّجَوعَ والنَّدَمَ عَلَى مَا فَرَطَ منه والمُرْتَدُّ يُسْتَتَابُ كَذَا في الأَسَاس وغيرِه واسْتَتَابَهُ أَيْضاً : سَأَلَه أَنْ يَتُوبَ
وذَكَرَ الجَوْهَريُّ في هذِه التَّرْجَمَة التَّابُوت : هو الصُّنْدُوقُ فَعْلُوتٌ من التَّوْبِ فإنَّهُ لاَ يَزَالُ يَرْجِعُ إليه مَا يَخْرُجُ منه قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ وابنُ جِنِّي وتَبِعَهما الزمخشريّ وقيلَ : هو الأَضْلاَعُ وما تَحْوِيه من قَلْبٍ وغيرِه ويُطْلَق عَلَى الصُّنْدُوقِ نقله في التوشيح كذا قاله شيخُنَا أَصْلُه تَأْبُوَةٌ كتَرْقُوَةٍ وهو فَعْلُوَةٌ سُكِّنت الوّاوُ فَانْقَلَبَتْ هَاءُ التَّأْنيث تَاءً وقال القَاسِمُ بنُ مَعْن : لَمْ تَخْتَلفْ لُغَةُ قُرَيْشٍ والأَنْصَارِ في شَيْءٍ منَ القُرْآنِ إلاَّ في التَّابُوتِ فلُغَةُ قُرَيْش بالتَّاءِ ولُغَة الأَنْصَارِ التَّابُوهُ بالهَاءِ قال ابنُ بَرِّيّ : التَّصْرِيفُ الذي ذكره الجوهريُّ في هذه اللَّفْظَةِ حَتَّى رَدَّهَا إلى تَابُوت تصريفٌ فاسدٌ قال : والصَّوَابُ أَن يُذكر في فصل ت ب ت لأَنَّ تاءَه أَصليّةٌ ووزْنُه فاعُولٌ مثل عَاقُول وحَاطُوم والوقفُ عليها بالتَّاءِ في أَكثرِ اللغاتِ ومَنْ وَقَفَ عليها بالهاءِ فإنه أَبْدَلَها منَ التَّاءِ كما أَبدلها في الفُرَاتِ حينَ وقفَ عليها بالهاء وليست التاء في الفُرَاتِ بتاءِ تأْنيث وإنما هي أَصليّةٌ من نَفْسِ الكَلمةِ وقال أَبو بكرِ بنُ مُجَاهِدِ : التَّابُوتُ بالتَّاء قراءَةُ الناسِ جميعاً ولغةُ الأَنصارِ : التَابُوهُ بالهاءِ هذه عبارة لسان العرب قال شيخنا : والذي ذكره الزمخشريُّ أَنَّ أَصْلَهُ تَوْبُوتٌ فَعْلُوتٌ تَحَرَّكَتِ الوَاوُ وانْفَتَحَ مَا قَبْلها فقُلِبَت أَلِفاً أَقْربُ للقَوَاعدِ وأجْرَى عَلَى الأُصُولِ وتَرَجَّحَتْ لُغةُ قُريشٍ لأَنَّ إبدالَ التَاءِ هاءً إذا لم تكن للتأْنيث - كما هو رأْيُ الزمخشريّ - شَاذٌّ في العربية بخلاف رأْي المصنِّف والجوهريِّ وأَكثر الصرفيّين