زَمَخْشَرُ كسَفَرْجَل : ة صغيرة بنَواحِي خُوَارَزْمَ وقال الزَّمَخْشَرِىّ في الرِّسالة التي كَتَبها لأَبي طاهرٍ السِّلَفِيِّ جَواباً عن استِدْعَائه له قال في آخرِه . وأَما المَوْلِدُ فقَرْيَةٌ مَجهولةٌ من خُوارَزْمَ تُسمَّى زَمَخْشَر قال : وسَمِعتُ أَبِي - رحمه اللّه - يقول : اجْتَازَ بِها أَي مَرَّ بها ووقع في نُسْخَةِ شَيْخِنا اجتازَها أَعرابِيّ فسأَلَ عن اسْمِها واسْمِ كبيرِهَا أَي رئيسها فقيل اسمُ القَرْيةِ زَمَخْشَرُ واسم كَبِيرِهِمَا الرَّدَّادُ . فقال : لا خَيرَ في شَرٍّ ورَدٍّ . رجعَ ولم يُلْمِمْ بِها أَي لم يَدْخُل مِن أَلَمَّ بالمكان إِذَا وَرَدَه . منها عَلاَّمة الدُّنْيا جارُ اللّهِ لُقِّب به لِطُوله في مُجَاوَرة مَكَّة المُشرَّفة . وكُنيتُه أَبُو القاسِم مَحْمُودُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّد بنِ أَحْمَد الخُوَارَزْميّ النَّحويّ اللُّغَويّ المتكلِّم المُفَسِّر وُلدَ سنة 467 في رجب وتُوفِّيَ يومَ عرفَةَ سنة 538 ، قَدِمَ بغدَادَ فسمعَ من أَبِي الخَطَّاب بن البَطِر وابن مَنْصُورٍ الحارِثيّ وغيرهما وحَدَّث وأَخذَ الأَدبَ عن أَبِي الحَسَن النَّيْسَابُورِيّ وغيرِه كان إِمامَ الأَدبِ ونَسَّابةَ العَرَب وأَجاز السِّلفِيّ وزَينبَ الشعريّة . وفيه يقول أَميرُ مَكَّة الشريفُ الأَجلُّ ذو المناقب أَبو الحَسَن عُلَيُّ - بالتَّصْغِير - بنُ عِيسَى بنِ حَمْزَة بن سُلَيْمَان بن وَهَّاس بنِ دَاوودَ بن عَبْدِ الرَّحْمن بن عَبْدِ اللّه بنِ دَاوود بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عبَدِْاللّه بنُ مُوسَى الجَوْن بن عبد اللّه المَحْض بن الحَسَن المُثَنَّى بن الحَسَن السِّبْط بن عليّ بن أَبي طالب السُّلَيْمَانِيّ الحَسَنيُّ وقوله : أَمِير مَكَّة فيه تَجَوُّزٌ . ولم يَصِفْه الزَّمَخْشَرِىّ في رسالته التي كتبها كالإِجازة لأَبي طاهر السِّلَفِيّ إِلاّ بالشَّرِيف الأَجلّ ذِي المَنَاقِب وبالإِمام أَبِي الحَسَن ولم يَلِ مَكَّةَ هو ولا أَبوه وإِنما وَلِيهَا جَدّه حَمْزَةُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ وَهَّاس ولم يَلِهَا من بني سُلَيْمَانَ بْنِ عَبدِ اللّه سِوَاه وكانَت وِلاَيتُه لها بعدَ وَفاةِ الأَمِير أَبي المَعَالي شُكْرِ بن أَبِي الفتوح وقَامت الحَرْبُ بين بَنِي مُوسى الثَّانِي وبين بني سُلَيْمَان مُدَّةَ سَبْعِ سنوات حتى خَلَصت مَكَّةُ للأَمير مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بنِ عبدِ اللّه بنِ أَبي هاشِم الحَسَنيّ ومَلكَها بعده جماعةٌ من أَولاده كما هو مُفَصَّل في كُتُب الأَنساب . وأَما الأَمير عِيسَى فكان أَميراً بالمِخْلاف السُّلَيْمَانيّ . قتلَه أَخوه أَبو غَانم يَحْيَى وتأَمَّر بالمِخْلاف بَعْدَه وهَربَ ابنُه عَلِيّ بنُ عيسَى هذا إِلى مَكَّة وأَقام بها وكان عالِماً فاضِلاً جَوَاداً مُمَدَّحاً وفي أَيّام مُقَامِه وَرَدَ مَكَّةَ الزَّمَخْشَرِىّ وصَنَّف باسمه كِتابه الكَشَّاف ومدَحَه بقَصائِدَ عِدَّة مَوْجُودَة في دِيوانه فمنها قَصِيدَته التي يَقُولُ فيها :
وكَمْ للإِمامِ الفَرْدِ عِندِيَ من يَدٍ ... وهَاتِيك مِمَّا قد أَطَابَ وأَكْثَرَا
أَخِي العَزْمةِ البَيْضاءِ والهِمَّةِ التي ... أَنافَتْ به عَلاّمة العَصْرِ والوَرَى
جَمِيعُ قُرَى الدُّنْيا سِوَى القَرْيةِ التي ... تَبَوَّأَهَا دَاراً فِدَاءُ زَمَخْشَرَا
" وأَحْرِ بِأَنْ تُزْهَى زَمَخْشَرُ بامْرِئإِذَا عُدَّ في أُسْدِ الشَّرَى زَمَخَ الشَّرَا
فلَولاَه ما طنّ البلاد بِذِكْرِهَا ... ولا طَارَ فِيهَا مُنْجِداً ومُغَوِّرَا
فليس ثَنَاها بالعِرَاق وأَهلهِ ... بأَعرَفَ منه في الحِجَازِ وأَشْهَرَا
إِمَامٌ قَلَبْنا مَنْ قلَبْنا وكُلَّما ... طَبَعْنَاه سَبْكاً كان أَنضَرَ جَوْهَرَا في أَبيات غَيْرهَا كما أَوردَها الإِمامُ المَقَّرِيّ في نَفْخِ الطِّيب نَقْلاً عن رِسَالة الزَّمَخْشَرِىّ التي أَرسلها لأَبي طَاهِر السِّلَفِيّ . ومن أَقواله فيه :
ولوْ وَزَنَ الدُّنْيَا تُرَابُ زَمَخْشَرٍ ... لإِنَّك منها زادَه اللّهُ رُجْحَانَاقال شيخُنَا : وفي القَوْلَيْن جَراءةٌ عظِيمة وانتِهَاكٌ ظاهرٌ كما لا يَخْفَى . وقوله : سِوَى القَرْيَة هي مَكَّة المشرّفة : وأَحْرِ بالحاءِ المهملة جِيءَ به للتَّعَجُّب . كأَنَّه يقول ما أَحْر بأَن تُزْهَى . من قولهم : هو حَرٍ بكَذَا أَي حَقِيقٌ به وجَدِيرٌ . وقد خَبَطوا فيه خَبْطَ عَشْوَاءَ فمنهم من ضَبَطَه بالجِيمِ وزاد ياءً تحتيّة وبعضهم بالخاءِ . وفي بعض النُّسَخ وحَسْبُك أَن تُزْهَى وتُزْهَى مَجْهولاً من الزَّهْو وهو الأَنَفَة والنَّخْوة . كأَنَّه يقول : ما أَحْرَى وأَحَقَّ وأَجْدَر هذه القَرْيَةَ المُسَمَّاةَ زَمَخْشر بأَن تَتبخْتَر بنِسْبة هذا الشَّخْصِ إِليها وهو إِذَا عُدَّ أَي عَدَّهُ عَادٌّ في أُسْدِ الشَّرَى وهيَ مَأْسَدَةٌ مَشهورة زَمَخَ أَي تَكَبَّر وازْدَهَى ذلك الشَّرَى وأَظْهَر في مَقَام الإِضمار لإِظهار الاعتناءِ أَو التَّلذُّذ أَو غير ذلك من نِكَاتِ الإِظهارِ في مَحَلّ الإِضمار واللّه أَعلم . كذا حَقَّقه شيخُنَا وأَطَال فأَطاب أَحلَّه اللّهُ خيرَ مآب