السَّجْلُ : الدَّلْوُ الضَّخْمَةُ الْعَظِيمَةُ مَمْلُوءَةً ماءً مُذَكَّرٌ وقيلَ : هوَ مٍلْءُ الدَّلْوِ وقيلَ : إذا كانَ فيهِ ماءٌ قَلَّ أو كَثُرَ ولا يُقالُ لَها فَارِغَةً : سَجْلٌ ولَكِنْ : دَلْوٌ وفي التَّهْذِيبِ : ولا يُقالُ له وهو فارِغٌ سَجْلٌ ولا ذَنُوبٌ وقالَ ابنُ بَرِّيٍّ : السَّجْلُ اسْمُها مَلأَى ماءً والذَّنُوبُ إِنَّما يكونُ فيها مِثْلُ نِصْفِها ماءً وفي حديثِ بَوْلِ الأَعْرابِيِّ في المَسْجِدِ : ثُمَّ أَمَرَ بِسَجْلٍ مِن ماءٍ فَأُفْرِغَ عَلى بَوْلِهِ وقالَ الشَّاعِرُ :
" السَّجْلُ والنُّطْفَةُ والذَّنُوبُ
" حتَّى يرى مَرْكُوّها يَثُوبُ والسَّجْلُ : الرَّجُلُ الْجَوادُ عن أبي العَمَيْثَلِ الأَعْرابِيِّ . والسَّجْلُ : الضَّرْعُ العَظِيمُ ج : سِجَالٌ بالكَسْرِ وسُجُولٌ بالضَّمِّ قالَ لَبِيدٌ :
" يُجِيلُونَ السَّجالَ على السِّجالِ وأَنْشَدَ أَعْرابِيٌّ :
أُرْجِّي نَائِلاً منْ سَيْلِ رَبٍّ ... لَهُ نُعْمَى وذَمَّتُهُ سِجالُ الذَّمَّةُ : البِئْرُ القَلِيلَةُ الْماءِ والسِّجَالُ : الدِّلاءُ المَلأَى والمَعْنَى قَلِيلُهُ كَثِيرٌ ورَواهُ الأَصْمَعِيُّ : وذِمَّتُهُ بالكَسْرِ أي عَهْدُهُ مُحْكَمٌ مِنْ قَوْلِكَ : سَجَّلَ القَاضِي لِفُلاَنٍ بِمَالِهِ أي اسْتَوْثَقَ لَهُ بهِ . ولهم مِنَ الْمَجْدِ سَجْلٌ سَجِيلٌ : أي ضَخْمٌ مُبَالَغَةً . وأِسْجَلَهُ : أَعْطَاهُ سَجْلاً أو سَجْلَيْنِ وقيلَ : إِذا كَثَّرَ لَهُ العَطاءَ . وقالُوا : الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ سِجالٌ ككِتَابٍ : أي سَجْلٌ منها عَلى هؤلاءِ وآخَرُ عَلى هؤلاءِ وأَصْلُهُ أَنَّ المُسْتَقِيَيْنِ بسَجْلَيْنِ مِنَ الْبِئْرِ يَكُونُ لِكُلِّ واحِدٍ منهما سَجْلٌ أي دَلْوٌ مَلآنُ ماءً وقَدْ جاءَ ذِكْرُهُ في حَدَِيثِ أبي سُفْيانَ : لَمَّا سَأَلَهُ هِرَقْلُ فقالَ : ذلكَ مَعْناهُ : أنَّا نُدَالُ عَلَيْهِ مَرَّةً ويُدَالُ عَلَيْنَا أُخْرى . ودَلْوٌ سَجِيلٌ وسَجِيلَةٌ : أي ضَخْمَةٌ قال : بِئْسَ مَقَامُ الشَّيْخِ لابَنِيْ لَهْ
" خُذْها وأَعْطِ عَمَّكَ السَّجِيلَهْ
" إنْ لَمْ يَكُنْ عَمُّكَ ذا حَلِيلَهْ أي بِئْسَ مَقامُ الشَّيْخِ الذي لا بَنِينَ له هذا المَقامُ الذي يُقالُ له هذا الْكَلام . وخُصْيَةٌ سَجِيلَةٌ : بَيِّنَةُ السَّجالَةِ مُسْتَرْخِيَةُ الصّفَنِ واسِعَتُهُن . وضَرْعٌ سَجِيلٌ : طَوِيلٌ وأَسْجَلُ : مُتَدَلٍّ واسِعٍ وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ : ضَرْعٌ أَسْجَلُ هو الواسِعُ الرِّخْوُ المُضْطَرِبُ الذي يَضْرِبُ رِجْلَيْها مِن خَلْفِها ولا يَكُونُ إِلاَّ مِنْ ضُرُوعِ الشّاءِ ونَاقَةٌ سَجْلاءُ : عَظِيمَةُ الضَّرْعِ . ومِنَ المَجازِ : سَاجَلَهُ مُساجَلَةً إِذا بَاراهُ وفاخَرَهُ بَأنْ صَنَعَ مِثْلَ صُنْعِهِ في جَرْيٍ أَو سَقْيٍ وأَصْلُهُ في الاِسْتِقَاءِ وهما يَتَساجَلانِ أي يَتَبارَيانِ قالَ الفَضْلُ بنُ عَبَّاسٍ اللَّهَبِيُّ :
مَنْ يُساجِلْنِي يُساجِلْ مَاجِداً ... يَمْلأُ الدَّلْوَ إِلى عَقْدِ الْكَرَبْ قالَ ابْنُ بَرِّيٍّ : أَصْلُ المُساجَلَةِ أَنْ يَسْتَقِيَ سَاقِيانِ فيُخْرِجَ كُلُّ واحِدٍ منهما في سَجْلِهِ مِثْلَ ما يُخْرِجُ الآخَرُ فَأيُّهُما نَكَلَ فقد غُلِبَ فضَرَبَتْهُ العَرَبُ مَثَلاً لِلْمُفاخَرَةِ فإذا قيلَ : فُلانٌ يُساجِلُ فُلاناً فمَعْناهُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الشَّرَفِ مِثْلَ ما يُخْرِجُهُ الآخَرُ فَأيُّهُما نَكَلَ فد غُلِبَ وتَساجَلُوا : تَفاخَرُوا قال ابنُ أبي الحَدِيدِ في شَرْحِ نَهْجِ الْبَلاغَةِ : وقد نَزَلَ القُرْآنُ عَلى مَخْرَج كَلامِهِم في المُساجَلَةِ فقال : " فإِنَّ لِلَّذِين ظَلَمُوا ذَنُوباً " الآية والذَّنُوبُ : الدَّلْوُ
وأَسْجَلَ الرَّجُلُ : كَثُرَ خَيْرُهُ وبِرُّهُ وعَطاؤُهُ لِلنَّاسِ وأْسَجَلَ النَّاسَ : تَرَكَتُهم وأَسجَلَ لَهُمْ الأَمرَ : أَطْلَقَهُ لهُم ومنه قَوْلُ محمدِ بنِ الحَنَفِيَّةِ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : " هَلْ جَزَاءُ الإِحْسانِ إِلاَّ الإِحْسانُ " قال : هيَ مُسَجَلَةٌ لِلْبَرِّ والفَاجِرِ . يَعْنِي مُرْسَلَةٌ مُطْلَقَةٌ في الإِحْسانِ إلى كُلِّ أَحَدٍ لَمْ يُشْتَرَطْ فيها بَرٌّ دُونَ فاجِرٍ وفي الحديثِ : ولاَ تُسْجِلُ أَنْعامَكُم أي لا تُطْلِقُوهَا في زُرُوعِ النَّاسِ . وأَسْجَلَ الحَوْضَ : مَلأهُ قالَ :
وغَادَرَ الأُخْذَ والاَوْجَاذًَ مُتْرَعَةً ... تَطْفُو وأَسْجَلَ أَنْهاءً وغُدْرَانَا ويُقالُ : فَعَلْنَاه والدَّهْرُ مُسْجَلٌ كمُكْرَمٍ والذي في اللِّسانِ : والدَّهْرُ سجل : أي لا يَخافُ أَحَدٌ أَحَداً . والمُسْجَلُ كمُكْرَمٍ : الْمَبْذُولُ الْمُباحُ لِكُلِّ أَحَدٍ وأَنْشَدَ الضَّبِّيُّ :
" أَنَخْتُ قَلُوصِي بِالْمُرَيْرِ ورَحْلُهالِمَا نَابَهُ مِنْ طَارِقِ اللَّيْلِ مُسْجَلُأَرادَ بالرَّحْلِ المَنْزِلَ . وسَجَّلَ الرَّجُلُ تَسْجِيلاً : أي أَنْعَظَ . وسَجَّلَ بِهِ إِذا رَمَى بهِ مِنْ فَوْقُ كسَجَلَ سَجْلاً . وكَتَبَ السِّجِلَّ بِكَسْرَتَيْنِ وتَشْدِيدِ اللاَّمِ وهوَ الصَّكُّ : اسْمٌ لِكِتابِ الْعَهْدِ ونَحْوِهِ قالَ اللهُ تَعالى : " كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ " ج : سِجِلاَّتٌ وهو أَحَدُ الأَسْماءِ المُذَكَّرَةِ المَجْمُوعَةِ بالتَّاءِ ولها نَظائِرُ ومنه الحَدِيثِ : فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ في كِفَّةٍ وهو أَيْضاً : الْكاتِبُ وقد سَجَّلَ له وبهِ فُسِّرَتِ الآيَةُ وقيلَ : هوَ الرَّجُلُ بِالْحَبَشيَّةِ ورُوِيَ عن أبي الجَوْزَاءِ أنَّهُ قالَ : السِّجِلُّ اسْمُ كاتِبٍ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وتَمامُ الْكَلامِ لِلْكِتَابِ قالَ الصّاغَانِيُّ : وذَكَرَهُ بَعْضُهم في الصَّحابَةِ ولا يَصِحُّ . قلتُ : هكذا أوْرَدَهُ الذَّهَبِيُّ في التَّجْرِيدِ وابنُ فَهْدٍ في مُعْجَمِهِ وقالا : فيهِ نَزَلَتْ الآيَةُ المَذْكُورَةُ وقيل : اسْمُ مَلَكٍ . والسِّجْلُ بالكسْرِ : هو السِّجِلُّ لُغَةٌ لِلْكِتابِ رُوِيَ ذلك عن عيسى بنِ عُمَرَ الكُوفِيِّ وبهِ قَرَأَ ولو قَالَ : وبالكَسْرِ : الصَّحِيفَةُ كانَ أَخْصَرَ . والسُّجْلُ بالضَّمِّ : جَمْعٌ لِلنَّاقَةِ السَّجْلاءِ لِلْعَظِيمَةِ الضَّرْعِ . والسّجِيلُ كأَمِيرٍ : النَّصِيبُ قالَ ابْن الأَعْرابِيِّ : هو فَعِيلٌ مِنَ السَّجْلِ الذي هو الدَّلْوُ الْمَلأَى قال : ولا يُعْجِبُنِي . والسَّجِيلُ : الصُّلْبُ الشَّدِيدُ . والسِّجِّيلُ كَسِكِّيتٍ : حِجَارَةٌ كالْمَدَرِ قالَ اللهُ تَعالى : " تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِن سِجِّيلٍ " وهو مَعَرَّبٌ دَخِيلٌ أَصْلُهُ بالْفَارِسِيَّةِ سَنْكِ وَكِل أي الحَجَرُ والطِّينِ والواوُ عَاطِفَةٌ فَلَمَّا عُرِّبَ سَقَطَتْ أو كانَتْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ طُبِخَتْ بِنَارِ جَهَنَّمَ وكُتِبَ فيها أَسْماءُ الْقَوْمِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : " لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِن طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ " وهذا قَوْلُ الجَوْهَرِيُّ وقالَ أبو إِسْحاقَ : لِلنَّاسِ في السِّجِّيلٍ أَقْوالٌ وفي التَّفْسِيرِ أنَّها مِن جِلٍّ وطينٍ وقيلَ : مِنْ جِلٍّ وحِجَارَةٍ وقالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : هذا فَارِسِيٌّ والعَرَبُ لا تَعْرِفُ هذا قالَ الأَزْهَرِيُّ : والذي عِنْدَنا واللَّهُ أَعْلَمُ أنَّهُ إِذا كانَ التَّفْسِيرُ صَحِيحاً فهوَ فَارِسِيٌّ أُعْرِبَ لأَنَّ اللهَ تَعالى قد ذَكَرَ هذه الْحِجارَةَ في قِصَّةِ قَوْمِ لُوطٍ عَليْهِ السَّلامُ وقالَ : " لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ " فقد بَيَّنَ لِلْعَرَبِ ما عَنَى بِسِجِّيلٍ ومِنْ كَلام الْفُرْسِ ما لا يُحْصَى مِمَّا قد أَعْرَبَتْهُ العَرَبُ نَحْوَ جَامُوسٍ ودِيبَاجٍ ولا أُنْكِرُ أَنْ يَكونَ هذا مِمَّا قد أَعْرَبَتْهُ العَرَبُ وقالَ أبو عُبَيْدَةَ : مِنْ سِجِّيلٍ " تَأْوِيلُهُ : كَثِيرَةٌ شَدِيدَةٌ وقالَ : إِنَّ مِثْلَ ذلكَ قَوْلُ ابنِ مُقْبِلٍ :
" ورَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ عَنْ عُرُضٍضَرْباً تَواصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَاقال : وسِجِّينٌ وسِجِّيلٌ بمَعْنىً واحِدٍ وقال بعضهُم : سِجِّيلٌ مِنْ أَسْجَلْتُهُ أي أَرْسَلْتُهُ فكأَنَّها مُرْسَلَةٌ عليهم . قال أبو إِسْحاقَ : وقالَ بعضُهُم : مِن أَسْجَلْتُ إِذا أَعْطَيْت وجَعَلَهُ مِنَ السَّجْلِ أو قَوْلُه تَعالى : " مِنْ سِجِّيلٍ " أي مِن سِجِلٍّ أي مَمَّا كُتِبَ لهم أنَّهُم يُعَذَّبُونَ بها قالَ الأَزْهَرِيُّ : وهذا القَوْلُ إِذا فُسِّرَ فهو أَبْيَنُها لأَنَّ مِن كَتَابِ اللهِ دَلِيلاً عليْه قالَ اللهُ تعالى : " كَلاً إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّين وما أدْرَاكَ ما سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ويْلٌ يَوْمَئِذٍ للمُكَذِّبينَ " والسِّجِّيلُ بِمَعْنَى السَّجِّينِ والمَعْنَى أنَّها حَجَارَةٌ مِمَّا كَتَبَ اللهُ أنَّهُ يُعَذِّبُهم بها قالَ الأَزْهَرِيُّ : وهذا أَحْسَنُ ما مَرَّ فِيها أي في الآيَةِ عنْدِي وهكذا نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ عنه أيضاً وسَلَّمَهُ وقَلَّدَهُ المُصَّنِّفُ وزادَ : وأَثْبَتُهَا فَتَأَمَّلْ ذلك . والسَّاجُولُ والسَّوْجَلُ والسَّوْجَلَةُ : غِلاَفُ الْقَارُورَةِ عن كُرَاعٍ والجمعُ سَواجِيلُ ونَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ عن ابنِ عَبَّادٍ وغَلَّطَهُ وقالَ : الصَّوَابُ : السَّاحوُلُ بالْحَاءِ المُهْمَلَةِ . والسِّجَنْجَلُ : الْمِرآةُ رُوِمِيٌّ مُعَرَّبٌ قالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ :
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ ... تَرَائِبُها مَصْقُولَةٌ كالسَّجَنْجلِ وذكَرَهُ الأَزْهَرِيُّ في الخُمَاسِيِّ قال : وقالَ بَعْضُهم : زَجَنْجَلٌ وقد تقدَّم . وأيضاً : الذَّهَبُ ويُقالُ : سَبائِكُ الْفِضَّةِ وقِطَعُها عَلى التَّشْبِيهِ بالمِرْآةِ . ويُقالُ : الزَّعْفَرانُ ومَن قالَ ذلكَ رَوَى قَوْلَ امْرِئِ القَيْسِ : بالسَّجَنْجَلِ وفَسَّرَهُ به . وسَجَلَ الْماءَ سَجْلاَ فانْسَجَلَ : صَبَّهُ صَبّاً مُتَّصِلاً فانْصَبَّ قالَ ذُو الرُّمَّةِ :
وأَرْدَفَتِ الذِّراعَ لَها بِعَيْنٍ ... سَجُومِ الْماءِ فَانْسَجَلَ انْسِجَالاً وعَيْنٌ سَجُولٌ : غَزِيرَةٌ هكذا في النُّسَخِ والصَّوابُ : عَنْزٌ سَجُولٌ كما هوَ نَصُّ العُبابِ . والسَّجْلاءُ : الْمَرْأَةُ الْعَظِيمَةُ الْمَأْكَمَةِ والجَمْعُ السُّجْلُ بالضَّمِّ . وسِجالْ سِجَالْ بالكَسْرِ : دُعَاءٌ لِلْنَّعْجَةِ لِلْحَلْبِ وبهِ تُسَمَّى قالَهُ ابْنُ عَبَّادٍ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : سَجَّلَ القاضِي لِفُلانٍ بِمَالِهِ : اسْتَوْثَقَ له به وقيلَ : سَجَّلَهُ به : حَكَمَ به حُكْماً قَطْعِيّاً هكذا فَسَّرَهُ الشَّرِيفُ وقيلَ : قَرَّرَهُ وأَثْبَتَهُ كما في الْعِنايَةِ وسَجَّل عليْهِ بكذا : شَهَرَهُ ووَسَمَهُ قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ في شَرْحِ الْمَقاماتِ له . وسَجَلَ الْقِراءَةَ سَجْلاً : قَرَأَها قِرَاءَةً مُتَّصِلَةً وأَسْجَلْتُ الْكَلامَ : أَرْسَلتُهُ . ولَهُ بِرٌّ فَائِضُ السِّجَالِ . وأُسْجِلَتِ البَهِيمَةُ مَعَ أُمِّها وأَرْحَلَتْ : إِذا أُرْسِلَتِ . قال أبو زَيْدٍ : وَقَرَأَ بَعْضُهم : " كَطَيِّ السَّجْلِ " بالفَتْحِ وقالَ : هُوَ مَلَكٌ . قُلْتُ : وهيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وفَسَّرَهُ بَأَنَّهُ رَجُلٌ . والسَّوْجَلُ : الأَوَّلُ المُتَقَدِّمُ يُقالُ : خَلِّ سَوْجَلَ القَوْمِ نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ وقَرأَ أبو زُرْعَةَ عَلى أبي هُرَيْرَةَ : " السُّجُلِّ " بالضَّمِّ وتَشْدِيدِ اللاَّمِ وهي لُغَةٌ أُخْرَى للصَّحِيفَةِ . وسِجِلِّينُ : قَرْيَةٌ بِعَسْقَلاَنَ منها عبدُ الجَبَّارِ بنُ أبي عامِرٍ السِّجِلِّينِيُّ عنهُ أبو القاسِمِ الطّبَرَانِيُّ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : س ج ب ل
النَّفْسُ : الرُّوحُ وسَيَأْتِي الكلامُ عليها قَريباً . وقال أَبو إِسحَاقَ : النَّفْسُ في كلامِ العَرَبِ يَجْرِي على ضَرْبَيْن : أَحَدُهما قولُك : خَرَجَتْ نَفْسُه أَي رُوحُه والضَّرْبُ الثانِي : مَعْنَى النَّفْسِ فيه جُملةُ الشْيءِ وحقِيقتُه كما سَيَأْتِي في كَلاَمِ المصنِّف وعلى الأَوّلِ قالَ أَبو خِراشٍ :
نَجَا سالِمٌ والنفْسُ مِنْهُ بشِدْقِهِ ... ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرَاً
أَي بِجَفْنِ سَيْفٍ ومِئْزَرٍ كذا في الصّحاحِ قال الصّاغَانِيُّ : ولم أَجِدْه في شِعْر أَبي خِراشٍ . قلتُ : قال ابنُ بَرِّيّ : إعْتَبَرْتُه في أَشْعَارِ هُذَيْلٍ فوَجَدْتُه لحُذَيفَةَ بنِ أَنَسٍ وليسَ لأَبِي خِراشٍ والمَعْنَى : لم يَنْجُ سالِمٌ إِلاّ بجَفْنِ سَيْفه ومِئْزَرِه وانْتِصَابُ الجَفْنِ على الإسْتِثْنَاءِ المنْقَطِع أَي لم يَنْجُ سالمٌ إِلاّ جَفْنَ سَيْفٍ وجَفْنُ السَّيْفِ مُنْقَطِعٌ منه . ومِن المجاز : النَّفْسُ : الدَّمُ يقال : سالَتْ نَفْسُه كما في الصّحاحِ وفي الأَسَاس : دَفَق نَفْسَه أَي دَمَه . وفي الحَدِيث : ما لا نَفْسَ لَهُ وَقَع في أُصُولِ الصّحاحِ : ما لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ فإِنّه لا يُنَجِّسُ المَاءَ إِذا مَاتَ فيه . قلت : وهذا الِّذي في الصّحاحِ مُخَالِفٌ لِمَا في كُتُبِ الحَدَيثِ وفي رَوَايَةِ أُخْرَى : مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ ورُويَ عن النَّخَعِيّ أَنّه قال : كُلُّ شّيْءٍ له نَفْسٌ سائِلَةٌ فماتَ في الإِنَاءِ فإِنّه يُنَجِّسُه وفي النِّهَايَةِ عنه : كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فإِنه لا يُنَجِّسُ الماءَ إِذا سَقَطَ فيه أَي دَمٌ سائِلٌ ولذَا قالَ بعضُ مَن كَتَبَ على الصِّحّاحِ : هذا الحَدِيثُ لم يَثْبُتْ قال ابنُ بَرِّيّ : وإِنّمّا شاهِدُه قولُ السَّمَوْأَلِ :
تَسِيلُ عَلى حَدِّ الظُّبَاةِ نُفُوسُنَا ... ولَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّباة تَسِيلُ قال وإِنّمَا سُمِّيَ الدَّمُ نَفْساً لأَنّ النَّفْسَ تَخْرُج بخُرُوجِه . والنَّفْسُ : الجَسَدُ وهو مَجَازٌ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ يُحَرِّضُ عَمْرو بنَ هِنْدٍ عَلى بَنِي حَنِيفَةَ وهم قَتَلَةُ أَبيه المُنْذِر بنِ ماءِ السماءِ يومَ عَيْنِ أَبَاغٍ ويزْعُم أَن عَمْروَ بن شَمِرَ الحَنَفِيّ قَتَله :
نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا ... أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِفَلَبِئْسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمْروٍ رَهْطَهُ شَمِرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ والتامُورُ : الدّمُ أَي حَمَلُوا دَمَه إِلى أَبْيَاتِهِم . والنَّفْسٌ : العَيْنُ التي تُصِيبُ المَعِينَ وهو مَجَازٌ . ويُقَال : نَفَسْتُه بنَفْسٍ أَي أَصّبْتُه بِعَيْنٍ وأَصابَتْ فُلاناً نَفْسٌ أَي عَيْنٌ وفي الحَديث عن أَنَسٍ رَفَعَهُ : أَنَّه نَهَى عَنِ الرُّقْيَةِ إِلاّ فِي النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنِّفْسِ أَي العَيْنِ والجَمْعُ أَنْفُسٌ ومنه الحديث : أَنه مَسَح بَطْنَ رافِعٍ فأَلْقَى شَحْمَةً خَضْرَاءَ فقال : إِنه كانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ يريدِ عُيُونَهُم . ورَجُلٌ نافِسٌ : عائِنٌ وهو مَنْفُوسٌ : مَعْيُونُ . والنَّفْسُ : العِنْدُ وشَاهِدُه قولُه تعالَى حِكَايَةً عن عِيسَى عَليه وعلى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ " أَي تَعْلَمُ ما عِنْدِي ولا أَعْلَمُ ما عِنْدَكَ ولكن يَتَعَيَّن أَنْ تَكُونَ الظَّرفِيَّةُ حِينَئذٍ ظرفيَّةَ مَكَانَةٍ لا مَكَانٍ أَو حَقِيقَتي وحَقِيقَتَكَ قال ابنُ سِيْدَه : أَي لا أَعْلَمُ ما حَقِيقَتُك ولا ما عِنْدَك عِلْمُه فالتَّأْوِيلُ : تَعْلَمُ ما أَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ ما تَعْلَمُ والأَجْوَدُ في ذِلك قولُ ابنِ الأَنْبَارِيّ : إِنَّ النَّفْسَ هنا الغَيْبُ أَي تَعْلَمُ غَيْبي لأَنَّ النَّفْسَ لمّا كانتْ غائِبَةً أُوقِعَتْ على الغَيْبِ ويَشْهدُ بصِحَّتِه قولُه في آخرِ الآيَة " إِنَّك أَنْت عَلاَّمُ الغُيُوبِ " كأَنّه قال : تعْلمُ غيْبِي يا عَلاَّم الغُيُوبِ . وقال أَبو إِسْحاق : وقدْ يُطْلَقُ ويُرَادُ به جُمْلةُ الشَّيْءِ وحَقِيقتُه يُقال : قَتلَ فُلانٌ نَفْسَه وأَهْلكَ نَفْسَه : أَي أَوْقَعَ الهَلاَكَ بذَاتِه كُلِّهَا وحَقِيقَتِه . قلتُ : ومنه أَيضاً ما حكاهُ سِيبُوَيْهِ من قَولِهِمْ : نَزَلْتُ بَنَفْسِ الجبَلِ ونَفْسُ الجَبَلِ مُقَابِلِي . والنَّفْسُ : عَيْنُ الشَّيْءِ وكُنْهُه وجَوْهَرُه يُؤَكَّدُ به يُقَالُ : جَاءَنِي المَلِكُ بِنَفْسِه ورأَيْتُ فلاناً نَفْسَه . وقَوْله تَعَالى : " الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِهَا " رُوِيَ عنِ ابنِ عَبّاس رضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قالَ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ العَقْلِ الذي يكونُ به التَّمْيِيزُ والأَخْرى نَفْسُ الرُّوحِ الَّذي به الحَيَاةُ . وقال ابن الأَنباريّ : من اللُّغَويِّينَ مَن سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ وقَالَ : هما شَيْءٌ وَاحِدٌ إِلاّ أَن النفْسَ مؤنثَةٌ والرُّوحَ مُذكَّرَةٌ وقال غيرُهُ : الرُّوحُ الّذي به الحَيَاةُ والنَّفْسُ : التي بها العَقْلُ فإِذا نامَ النائمُ قَبَضَ اللهُ نَفْسَه ولم يَقْبِضْ رُوحَه ولا تُقْبَضُ الرُّوحَ إِلاّ عنَدِ المَوْت قال : وسُمِّيَت النَّفْسُ نَفْساً لتَوَلُّد النَّفْس منها وإتّصَاله بها كما سَمَّوَا الرُّوحَ رُوحاً لأَنَّ الرُّوْحَ مَوجُودٌ به . وقالَ الزَّجَّاجُ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ التِّمْييز وهي الّتي تُفَارِقُه إِذا نامَ فلا يَعْقِلُ بهَايَتَوَفَّاهَا الله تَعَالَى والأُخْرَى : نَفْسُ الحَيَاة وإِذَا زَالَت زالَ مَعَهَا النَّفِسُ والنَّائمَ يَتَنَفَّسُ قال : وهذا الفَرْقُ بينَ تَوفِّي نَفْسِ النائِم في النَّوْم وتَوَفِّي نَفْسِ الحَيِّ . قال : ونَفْسُ الحَيَاة هي الرُّوحُ وحَرَكَةُ الإِنْسَان ونُمُوُّه يكون به . وقال السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : كَثُرت الأَقَاويلُ في النَّفْس والرُّوح هل هُمَا وَاحِدٌ ؟ أَو النَّفْسُ غيرُ الرُّوح ؟ وتَعَلَّقَ قومٌ بظَوَاهرَ من الأَحاديثِ تدُلُّ على أَنَّ الرُّوحَ هي النَّفْسُ كقول بلالٍ أَخَذَ بِنَفْسِك مع قولهِ صَلَّى الله عليه وسَلَّم : " إِنّ الله قَبضَ أَرْوَاحَنا " وقولِه تعالَى : : الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ " والمَقْبُوضُ هو الرُّوحُ ولم يَفَرِّقُوا بَيْنَ القَبْضِ والتَّوَفِّي وأَلْفَاظُ الحَدِيثِ مُحْتَملَةُ التَّأْويلِ ومَجَازَاتُ العَرَبِ وإتِّسَاعاتُها كَثِرَةٌ : والحَقُّ أَنَّ بَيْنَهما فَرْقاً ولو كانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنىً وَاحِدْ كاللَّيْثِ والأَسَدِ لَصَحَّ وُقُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهما مكانَ صاحِبِه كقوله تعالى : " ونَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوِحِي " ولم يَقْلْ : مِن نَفْسِي . وقوله : " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي " ولم يَقُلْ : ما فِي رُوحي . ولا يَحْسُنُ هذا القَولُ أَيضاً مِن غيرِ عِيسَى عليه السَّلامُ . " ويَقُولُونَ في أَنْفُسهمْ " ولاَ يَحْسَن في الكلام : يَقُولُون في أَرْوَاحهم . وقال : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ " ولم يقَل : أَنْ تَقُولَ رُوحٌ ولا يَقُولُه أَيْضاً عَرَبيٌّ فَأَيْنَ الفَرَقُ إِذا كَانَ النَّفْسُ والروَّحُ بمَعْنىً وَاحدٍ ؟ وإِنّمَا الفَرْقُ بينَهما بالإعْتبَارَاتِ ويَدُلُّ لذلك ما رَوَاهُ ابنُ عَبْد البَرِّ في التَّمْهِدِ الحَديث : إِن اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وجَعَلَ فِيه نَفْساً ورُوحاً فمن الرُّوحِ عَفَافُه وفَهْمُه وحِلْمُه وسَخاؤُه ووَفَاؤُه ومِن النَّفْسِ شَهْوَتُه وطَيْشُه وسَفَهُه وغَضَبُه فلا يُقَالُ في النَّفْسِ هي الرُّوحَ عَلى الإِطْلاق حَتَّى يُقَيَّدَ ولا يُقَال في الرُّوحِ هي النَّفْسُ إِلاّ كما يُقَالُ في المَنِيِّ هو الإِنْسَانُ أَو كما يُقَالُ للمَاءِ المُغَذِّي لِلكَرْمَةِ هو الخَمْرُ أَو الخَلُّ على معنَى أَنه سيُضَافُ إِليه أَوصَافٌ يُسَمَّى بها خَلاًّ أَو خَمْراً فتَقَيُّدُ الأَلْفَاظِ هو مَعْنَى الكلامِ وتَنْزِيلُ كُلِّ لَفْظٍ في مَوْضِعه هو مَعْنَى البَلاغةِ إِلى آخِر ما ذَكرُه . وهو نَفِيسٌ جداً وقد نَقَلْتُه بالإخْتصَار في هذا المَوْضع لأَنّ التَّطْويِلَ كَلَّتْ منه الهِمَمُ لاسَّيمَا في زَماننا هذا . والنَّفْسُ : قَدْرُ دَبْغَةٍ وعَلَيْه اقتصر الجَوْهَرِيُّ وزاد غيرُه : أَو دَبْغَتَيْن . والَّدِبْغَةُ بكسر الدال وفتحها ممَّا يُدْبَغُ به الأَديمُ من قَرَظٍ وغيره يُقَال : هَبْ لي نَفْساً مِن دِبَاغٍ قال الشَّاعِرُ :
" أَتَجْعَلُ النَّفْسَ الَّتِي تُدِيرُ
" فِي جِلْدِ شاةٍ ثُمَّ لا تَسِيرُ قال الجَوْهَرِيُّ : قال الأَصْمَعِيُّ : بَعثَت امرأَةٌ مِن العربِ بِنْتاً لها إِلى جارَتِهَا فقالت لها : تقولُ لك أُمِّي : أَعْطِينِي نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بِه مَنِيئَتي فإِنِّي أَفِدَةٌ . أَي مُسْتَعْجِلَةٌ لا أَتفرَّغُ لإتِّخاذِ الدِّباغِ مِن السُّرْعَةِ . انتَهَى . أَرَادَتْ : قَدْرَ دَبْغَة أَو دَبْغَتَيْن من القَرَظ الّذِي يُدْبَغُ به . المَنِيئَةُ : المَدْبَغَةُ وهي الجُلُودُ الّتِي تُجْعَلُ في الدِّباغ . وقيل : النَّفْسُ مِن الدِّباغِ : مِلْءُ الكَفِّ والجَمْعُ : أَنْفُسٌ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ بِهِ ... عَلَى المَاءِ إِحْدَى اليّعْمَلاتِ العَرامِسِيَعْنِي الوَطْبَ مِن اللبَنِ الذِي طُبَخَ بهذا القَدْرِ مِن الدِّبَاغِ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : النَّفْسُ : العَظَمَةُ والكِبْرُ والنَّفْسُ : العِزَّةُ . والنَّفْسُ : الأَنْفَةُ . والنَّفْسُ : العَيْبُ هكذا في النُّسخِ بالعَيْنِ المُهْمَلَة وصَوَابُه بالغَيْنِ المُعْجَمَةُ وبه فَسَّر ابْنُ الأَنْبَارِيّ قوله تعالَى : " تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي " الآيَةَ وسَبَقَ الكلامُ عليه . والنَّفْسُ : الإِرادَةُ . والنَّفْسُ : العُقُوبَةُ قيل : ومنه قولُه تَعَالَى : " وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ " أَي عُقُوبَتَه وقال غيرُه : أَي يُحَذِّرُكم إِيّاه . وقد تَحَصَّل مِن كلامِ المصنِّف رحمَه الله تعالى خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنىً للنَّفْسِ وهي : الرُّوح 1 ، والدَّمُ 2 ، والجَسَدُ 3 ، والعَيْنُ 4 ، والعِنْدُ 5 ، والحَقِيقَةُ 6 ، وعَيْنُ الشَّيْءِ 7 ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ 8 ، والعَظَمَةُ 9 ، والعِزَّةُ 10 ، والهِمَّةُ 11 ، والأَنَفَةُ 12 ، والغَيْبُ 13 ، والإِرادَةُ 14 ، والعُقُوبةُ 15 ، ذَكر منها الجَوْهَرِيُّ : الأَوّلَ والثّانِي والثالثَ والرّابِعَ والسابِعَ والثامنَ وما زدْناه على المُصَنِّف رحِمَه الله فسيأْتي ذِكْرُه فيما اسْتُدْرِك عليه . وجَمْعُ الكُلِّ : أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ . والنَّفَسُ بالتَّحْرِيك : وَاحِدُ الأَنْفَاسِ وهو خُرُوجُ الرِّيحِ من الأَنْفِ والفَمِ ويُرَادُ به السَّعَةُ يُقَال : أَنتَ في نَفَسٍ مِن أَمْرِك أَي سَعَةٍ قاله الجَوْهَرِيُّ وهو مَجازٌ وقال اللِّحْيَانِيُّ : إِنَّ في الماءِ نَفَساً لِي ولَكَ وأَي مُتَّسَعاً وفَضْلاً . ويُقَال : بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَفَسٌ أَي مُتَّسَعٌ . والنَّفَسُ أَيضاً : الفُسْحَةُ فِي الأَمْرِ يقال : إعْمَلْ وأَنْتَ في نَفَسٍ أَي فُسْحَةٍ وسَعَةٍ قَبْلَ الهَرَمِ والأَمْرَاضِ والحَوَادِثِ والآفاتِ . وفِي الصّحاح : النَّفَسُ : الجَرْعَةُ يُقَال : اكْرَعْ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ أَي جُرْعَةً أَو جُرْعَتَيْنِ ولا تَزِدْ عليه . والجَمْع : أَنْفَاسٌ كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ قال جَرِيرٌ :
تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنِيهَا ... بأَنْفَاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِإنتَهَى . قال مُحَمدُ بن المُكَرّم : وفي هذا القَوْل نَظَرٌ . وذلك لأَن النَّفسَ الوَاحدَ يَجْرَع فيه الإِنْسَان عِدَّةَ جُرَعٍ يَزيدُ ويَنْقصُ علَى مقْدَار طُولِ نَفَسِ الشّارب وقَصِره حتّى إِنّا نَرَى الإِنْسَانَ يَشربُ الإِنَاءِ الكَبِيرَ في نَفَسٍ وَاحِدٍ على عِدَّةِ جُرَعٍ . ويُقَال : فُلانٌ شَرِبَ الإِنَاءَ كُلَّه عَلَى نَفَسٍ وَاحدٍ . والله تَعَالَى أَعْلَم . وعن ابن الأَعْرَابِيِّ : النَّفَسُ الرِّيّ وسيأْتي أَيْضاً قريباً . والنَّفَسُ : الطَّويل من الكَلام وقد تَنَفَّسَ . ومنه حديث عَمّارٍ : لقد أَبْلَغْتَ وأَوْجَزْتَ فلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ أَي أَطَلْت . وأَصْله : أَنَّ المَتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ إستأْنَفَ القَوْل وسَهُلَت عليه الإِطالَة . وقال أَبُو زَيْدٍ : كَتَبْت كِتَاباً نَفَساً أَي طِويلاً . وفي قَوْله صلَّى الله تعالَى عليه وسلم : ولاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ الوَاو زائدة وليست في لَفْظ الحَديث فإِنَّهَا منْ نَفَسِ الرحْمن . وكذا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : " أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكمْ " وفي رِوايَة : نَفَسَ الرَّحْمن وفي أَخرَى : إِنّي لأَجدُ منْ قِبَل اليَمَن قَال الأَزْهَريُّ : النَّفَسُ في هذين الحَديثَيْن : اسْمٌ وُضَعَ مَوْضِعَ المَصْدَر الحَقيقيِّ مِن نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفيساً ونَفَساً أَي فَرَّجَ عنه الهَمَّ تَفْريجاً كأَنَّه قال : تَنْفيسَ رَبِّكم من قِبَل اليَمَنِ . وإِنَّ الرِّيحَ مِن تَنْفِيسِ الرَّحْمنِ بها عن المَكْرُوبِينَ فالتَّفْرِيج : مَصْدّرٌ حقيقيّيٌّ والفَرَجُ اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المصدرِ والمَعْنَى : أَنَّهَا أَي الرِّيحُ تُفَرِّجُ الكَرْبَ وتُنْشِيءُ السَّحابَ وتَنْشُرُ الغَيْثَ وتُذْهِبُ الجَدْبَ قال القُتَيْبِيُّ : هَجَمْتُ على وَادٍ خَصِيبٍ وأَهْلُه مُصْفَرَّةٌ أَلوَانُهُم فسأَلْتُهُم عن ذلك فقال شيخٌ منهم : ليسَ لنا رِيحٌ . وقولُه في الحَدِيثِ : مِن قِبَل اليَمَن المُرَادُ واللهُ أَعْلَمُ : مَا تَيَسَّر له صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ منْ أَهْل المَدينَةِ المُشَرَّفَة وهَم يَمَانُونَ يَعْني الأَنْصارَ وهم من الأَزْد والأَزْدُ من اليَمَن من النُّصْرَةِ والإِيواءِ له والتَّأْييد له برِجَالهم وهو مُسْتَعَارٌ من نَفَس الهَوَاءِ الَّذي يُرَدِّدُه المُتَنَفِّسُ إِلى الجَوْف فيُبَرِّدُ من حَرَارتِه ويُعَدِّلُها أَو من نَفَسَ الرِّيح الّذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِحُ إِليه ويُنَفِّس عنه أَو من نَفَس الرَّوْضة وهو طِيبُ رَوائحها فيَنْفَرجُ به عنه . ويقال : شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ : فيه سَعَةٌ ورِيٌّ قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ وقد تقدَّم للمصنِّف ذِكْرُ مَعْنَى السَّعِةِ والرِّيِّ فلو ذَكَرَ هذا القولَ هناك كانَ أَصابَ ولعلَّه أَعادَه ليُطَابقَ مع الكَلام الّذي يَذْكُرُه بَعْدُ وهو قوله : ومِن المَجازِ : يقال شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ أَي كَرِيه الطِّعْمِ آجِنٌ مُتَغَيِّرٌ إِذا ذاقَه ذائِقٌ لم يَتَنَفَّسْ فِيه وإِنَّمَا هي الشَّرْبَةُ الأُولَى قَدْرَ مَا يُمْسِك رَمَقَه ثُمَّ لا يَعُودُ له قال الرَّاعِي ويُرْوَي لأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيَ :
وشَرْبَةٍ مِنْ شَرَابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ ... في كَوْكَبٍ مِن نُجُومِ القَيْظِ وَهّاج
سَقَيْتُهَا صَادِيَاً تَهْوِي مَسامِعُهُ ... قدْ ظَنَّ أَنْ لَيْسَ مِن أَصْحَابِهِ نَاجِي أَي في وَقْتِ كَوْكَبٍ ويُرْوَي : في صَرَّةٍ . والنَّافِسُ : الخَامِسُ مِن سَهَام المَيْسِرِ قال اللِّحْيَانِيُّ : وفيه خَمْسَةُ فُرُوضٍ وله غُنْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِن فازِ وعَلَيْه غُرْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِنْ لم يَفُزْ ويُقَالُ : هُو الرابِعُ وهذا القَوْلُ مَذْكورٌ في الصّحاح والعَجَبُ من المُصَنِّفِ في تَرْكِه . وشَيءٌ نَفِيسٌ ومَنْفُوسٌ ومُنْفِسٌ كمُخْرِجٍ إِذا كانَ يُتَنَافَسُ فيه ويُرْغَبُ إِليه لِخَطَرِه قال جَرِيرٌ :
" لَوْ لَمْ تُرِدْ قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍمِمَّا يُخَالِطُ حَبَّ القَلْبِ مَنْفُوسِ المُطَّرَف : المُسْتَطْرَف . وقال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ رضي الله تَعالَى عنه :لا تَجْزَعِي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... فَإِذَا هَلَكْتُ فعِنْدَ ذلِكَ فاجْزَعِيوقد نَفُسَ ككَرُمَ نَفَاسَةً بالفَتْحِ ونِفَاساً بالكَسْرِ ونَفَساً بالتَّحْرِيك ونُفُوساً بالضّمّ . والنَّفِيسُ : المالُ الكَثِيرُ الّذِي له قَدْرٌ وخَطَرٌ كالمُنْفِسِ قالَه اللِّحْيَانِيُّ وفي الصّحاحِ : يُقَال : لفُلانٍ مُنْفِيٌ ونَفِيسٌ أَي مالٌ كَثِيرٌ . وفي بعض النُّسَخ : مُنْفِسٌ نَفِيسٌ بغير واوٍ . ونَفِسَ به كفَرِحَ عَن فُلانٍ : ضَنَّ عَلَيْه وبه ومنه قَوْلَه تَعَالَى " ومَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسه " والمَصْدَرُ : النَّفَاسَةُ والنَّفَاسِيَةُ الأَخيرَةُ نادرَةٌ . ونَفِسَ عَلَيْه بخَيْرٍ قَليلٍ : حَسَدَ ومنه الحَديثُ : لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ فما نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ . ونَفِسَ عَلَيْه الشَّيْءَ نَفَاسَةً : ضَنَّ به ولم يَرَهُ يَسْتَأْهِلُه أَي أَهْلاً لَهُ ولم تَطِبْ نَفْسُه أَنْ يَصِلَ إِليه . ومِن المَجَازِ : النِّفَاسُ بالكَسْر : وِلاَدَةُ المَرْأَة وفي الصّحاحِ وِلاَدُ المَرْأَةِ مَأْخُوذٌ مِن النَّفْسِ بمَعْنَى الدَّمِ فإِذا وَضَعَتْ فيهي نُفَسَاءُ كالثُّؤَبَاءِ ونَفْسَاءُ بالفَتْح مِثَالُ حَسْنَاءُ ويُحَرِّكُ وقَال ثَعْلِبٌ : النُّفَساءُ : الوَالِدَةُ والحَامِلُ والحَائِضُ و ج نُفَاسٌ ونُفُسٌ كجِيَادٍ ورُخَالٍ نَادِراً أَي بالضّمّ ومِثْل كُتُبٍ بضَمَّتَيْن ومِثْل كُتْبٍ بضمٍّ فسُكُون . ويُجْمَعُ أَيضاً على نفساءَ ونُفَسَاوَاتٍ وامْرَأَتَانِ نُفَسَاوَانِ أَبْدَلُوا من هَمْزَة التّأْنِيثِ وَاواً قال الجَوْهريُّ : ولَيْسَ في الكَلامِ فُعَلاءُ يُجْمَع على فِعَالٍ بالكَسْرِ غَيْرَ نُفَسَاءَ وعُشَراءَ انتهى . وليس لهم فُعَلاَءُ يُجْمَع عَلى فُعَال أَي بالضَّمّ غَيْرَهَا أَي غيرَ النُّفَسَاءِ ولذا حُكِمَ عليه بالنُّدْرَة . وقد نُفِسَتِ المَرْأَةُ كسَمِعَ وعُنِيَ نَفَساً ونَفَاسَةً ونِفَاساً أَي وَلَدَتْ وقال أَبو حَاتِمٍ : ويُقَال : نُفِسَتْ على لم يُسَمَّ فاعِلُه . وحَكَى ثَعْلَبٌ : نُفِسَتْ وَلَداً على فِعْل المَفْعُول والوَالَدُ مُنْفُوسٌ ومنه الحَدِيث : مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ أَي مَوْلُودةٍ وفي حَدِيث ابنِ المُسَيِّبِ : لا يَرِثُ المَنْفُوسُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخاً أَي حَتّى يُسْمَعَ له صَوْتٌ ومنه قَوْلُهم : وَرِثَ فُلانٌ هذا قبل أَن يُنْفَسَ فُلانٌ أَي قبلَ أَن يُولَدَ . ونُفِسَتِ المَرْأَةَ إِذا حَاضَتْ رُوِيَ بالوَجْهَيْن ولكِن الكَسْر فيه أَكْثَرُ وأَمّا قولُ الأَزْهَرِيّ : فأَمّا الحَيْضُ فلا يُقَال فيه إِلاّ نَفِسَتْ بالفَتْح : فالمُرَاد به فَتْحُ النُّونِ لا فَتْحُ العَيْنِ في لماضِي . ونَفِيسُ بنُ مُحَمِّدٍ مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ وقَصْرُه علَى مِيلَيْنِ مِن المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ على ساكنِها أَفْضَلُ الصّلاةِ والسلامِ وقد قدَّمْنا ذِكْرَه في القُصُور . ويقال : لَكَ في هذا الأَمْرِ نُفْسَةٌ بالضّمّ أَي مُهْلَةٌ ومُتَّسَعٌ . ونُفُوسَةُ بالفَتْح : جِبَالٌ بالمَغْرِبِ بَعْدَ إِفريقِيَّةَ عاليةٌ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ في اَقلَّ من ذلِك أَهْلُهَا إِباضِيَّةٌ وطُولُ هذا الجَبَلِ مَسِيرةُ سِتَّةِ أَيامٍ من الشَّرْقِ إِلى الغَربِ وبينَه وبينَ طَرَابُلُسَ ثلاثَةُ أَيّامٍ وإِلى القَيْروَانِ سِتَّةُ أَيّامٍ وفي هذا الجَبلِ نَخْلٌ وزَيْتُونٌ وفَوَاكِهُ وإفْتَتَح عَمْرُو ابن العاصِ رضيَ الله تعالى عنه نَفُوسَةَ وكانُوا نَصَارَى . نَقَلَه ياقُوت . وأَنْفَسهُ الشَّيْءُ : أَعْجَبَهُ بنَفْسَه ورَغَّبَه فيها وقال ابنُ القَطّاعِ : صار نَفِيساً عِنْدَه ومنه حَدِيثُ إِسماعِيلَ عليه السّلاَمُ : أَنَّهُ تَعَلَّم العَرَبَيَّةَ وأَنْفَسَهُم . وأَنْفَسَه في الأَمْرِ : رَغَّبَهُ فيه . ويُقَالُ منه : مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفِسٌ كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ : أَي نَفِيسٌ وقيلَ : كَثِيرٌ وقيل : خَطيرٌ وعَمَّه اللِّحْيَانِيُّ فقال : كُلُّ شيْءٍ له خَطَرٌ فهو نَفِيسٌ ومُنْفِسٌ . ومِن المَجَازِ : تَنَفَّسَ الصُّبْحُ أَي تَبَلَّجَ وامتدَّ حتى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى " والصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ " قال :إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ : إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ :ثَلاَثَةُ أَنْفُسِ وثَلاَثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ جارَ الزَّمَانُ علَى عِيَالِي وقَولُه تعَالَى : " الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " يَعْنَي آدَم وزوجها يعني حَوَّاءَ عليهِمَا السلام . ويقال : ما رأَيتُ ثَمَّ نَفْساً أَي أَحَداً . ونَفَسُ السَّاعَةِ بالتَّحْرِيك : آخِرُ الزَّمَانِ عن كُراع . والمُتّنَفِّسُ : ذو النَّفَسُ ورَجُلٌ ذو نَفس أَي خُلُقٍ . وثَوْبٌ ذو نَفسٍ أَي جَلَدٍ وقُوَّةٍ . والنَّفُوسُ كصَبُورٍ والنَّفْسَانِيُّ : العَيُونُ الحَسُودُ المُتّعَيِّنُ لأَموالِ النَّاسِ لِيُصِيبَها وهو مَجَازٌ وما أَنْفَسَهُ أَي ما أَشَدَّ عَيْنَه هذهِ عن اللِّحْيَانِيّ وما هذا النَّفَسُ ؟ أَي الحَسَدُ وهو مَجَازٌ . والنَّفَسُ : الفَرَجُ مِن الكَرْبِ ونَفَّسَ عنه : فَرَّج عنه ووَسَّع عليه ورَفَّه له وكُلُّ تَرَوُّحٍ بَيْنَ شَرْبَتَيْن : نَفَسٌ . والتَّنَفُّسُ : إستِمْدادُ النَّفَسِ وقد تَنَفَّسَ الرجُلُ وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ . وكُلُّ ذِي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ودَوَابُّ الماءِ لا رِئَاتِ لَهَا . ودَارُكَ أَنْفَسُ مِن دَارِي أَي أَوْسَعُ وهذا الثَّوبُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَعْرَضُ وأَطْوَلُ وأَمْثَلُ . وهذا المكانُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَبْعَدُ وأَوسَعُ . وتَنَفَّس في الكلامِ : أَطالَ وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ : زادَ ماؤُها . وزِدْنِي نَفَساً في أَجَلِي أَي طَوِّلِ الأَجَلَ . عن اللِّحْيَانِيّ وعنه أَيضاً : تَنَفَّسَ النَّهَارُ : إنتصَفَ وتَنَفَّس أَيضاً : بعد . وتَنَفَّسَ العَمْرُ مِنْه إِمّا تَرَاخَى وتَبَاعَدَ وإِمّا إتَّسَع . وجَادَتْ عينْه عَبْرَةً أَنْفَاساً أي ساعةً بَعْدَ ساعةٍ . وشيءٌ نافِسٌ : رَفُعَ وصارَ مَرْغُوباً فيه وكذلِكَ رجُلٌ نافِسٌ ونَفِيس والجَمْع : نِفَاس . وأَنْفَسَ الشَّيْءُ : صار نَفِيساً . وهذا أَنْفَسُ مالِي أَي أَحَبُّه وأَكْرَمُه عِنْدِي وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفَاساً . ونَفَّسَنِي فيه : رَغَّبَني عن ابنِ الأَعْرَابِيّ وأَنْشَدَ :
بأَحْسَنَ مِنْه يَوْمَ أَصْبَحَ غادِياً ... ونَفَّسَنِي فِيه الحِمَامُ المَعَجَّلُ قلت : هو لأُحَيْحَةَ بنِ الجُلاحِ يَرْثِي ابْناً له أَو أَخاً له وقد مَرَّ ذِكْرُه في هبرز . ومالٌ نَفِيسٌ : مَضْنُونٌ بِه . وَبلَّغَكَ اللهُ أَنْفَسَ الأَعْمَارِ . وفي عُمُرِه تَنَفُّسٌ ومَتَنَفَّسٌ . وغائِطٌ مُتَنَفِّسٌ : بَعِيدٌ وهو مَجَازٌ . ويُجْمَعُ النُّفسَاءُ أَيضاً علَى نُفَّاسٍ ونُفَّسٍ كرُمّانٍ وسُكَّرٍ الأَخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيّ . وتَنَفَّسَ الرجُلُ : خَرَجَ مِن تَحْتِه رِيحٌ وهو على الكِنَايَةِ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : نَفَّسَ قَوْسَه إِذا حَطَّ وَتَرَهَا وتَنَفَّسَ القِدْحُ كالقَوْسِ وهو مَجازٌ . وأَنْفٌ مُتَنَفِّسٌ : أَفْطَسَ وهو مَجازٌ . وفُلانٌ يُؤامِرُ نَفْسَيْهِ : إِذا اتَّجَه له رَأْيَانِ وهو مَجازٌ قالَه الزَّمَخْشَرِيُّ . قلتُ : وبَيَانُه أَنَّ العَرَبَ قد تَجعلُ النَّفْسَ الّتي يكونُ بها التَّمْيِيزُ نَفْسَيْن وذلِكَ أَنَّ النَّفْسَ قد تَأْمُره بالشَّيْءِ أَو تَنْهَاه عنه وذلِكَ عندَ الإِقْدامٍ على أَمْرٍ مَكْرُوه فجَعَلُوا الّتِي تَأْمُره نَفْساً والّتِي تَنْهَاه كأَنَّهَا نَفْسٌ أُخْرَى وعلى ذلك قولُ الشاعِرِ :
يُؤامِرُ نَفْسَيْه وفي العَيْش فُسْحَةٌ ... أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبانَ أَمْ لاَ يَطُورُها وأَبُو زُرْعَةَ محمّدُ بنُ نُفَيْسٍ المَصيصِيُّ كزُبَيْرٍ كتَبَ عنه أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ بحَلَبَ . وأَمّ القاسِمِ نَفِيسَةُ الحَسَنِيَّةُ صاحِبةُ المَشْهَدِ بمِصْرَ معروفةٌ وإِليها نَسِبَت الخِطَّةُ . وبنُو النَّفِيسِ كأَمِيرٍ : بَطْنٌ من العَلَويِّينَ بالمَشْهَدِ . ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرّزَّاقِ بنِ نَفِيسٍ الدِّمَشْقِيُّ سَمِع علَى الزَّيْنِ العِراقِيّ ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : نُفْيَاسُ بالضّمّ : قَرْيَةٌ بَشَرقِيَّة مِصْرَ ونُفْيُوسُ : أُخْرَى مِن السَّمَنُّودِيَّةِ