فَقَدَهُ يَفْقِدُه فَقْداً بفتح فسكون وفِقْداناً بالكسر وفُقْدَناً بالضمّ زاده المصنَّف في البصائر له وذكره شيخنا عِوضَ الكَسْرِ اعتماداً على الشُّهْرَة وقاعِدة المصادِر وفُقُوداً بالضَمِّ وهذه عن ابنِ دُرَيْدٍ كذا في البصائر وأَنشدَ لعَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ :
فإِن يَبرأْ فلَمْ أَنْفُثْ عَلَيْهِ ... وإِن يُفْقَدْ فَحُقَّ له الفُقُودُ عَدِمَهُ والفاءُ والقاف والدال تَدُلُّ على ذَهَابِ شيءٍ ويضَياعهِ وفي المُفْرَدات للراغب : الفَقْدُ أَخَصُّ من العَدَمِ لان العَدَم بعْدَ الوُجُودِ أَي فهو أَعَمُّ كما قال شيخنا فهو فَقِيدٌ ومَفْقُودٌ وعلى الثاني اقتصَرَ صاحِبُ اللسانِ قال شيخنا : والفاعِل : فاقِدٌ على القِيَاسِ ولذا لم يحتَجْ لذِكْره . قلتُ : ومن سَجَعَاتِ الأَساس : أَنا مُنْذُ فارَقْتَنِي كالفاقِد أُمِّ الواحِد . وأَفقدَهُ اللهُ إِيَّاهُ وأَفقدَه اللهُ كُلَّ حَمِيمٍ . والفاقِدُ من النساء : التي ماتَ زوجها أو وَالَدُها أو حَمِيمُها . وقال أبو عُبَيْدٍ : الفاقِدُ : الثَّكُول وأَنشد الليثُ :
كأَنَّها فاقِدٌ شَمْطَاءُ مُعْوِلَةٌ ... ناحَتْ وجَاوَبَها نُكْدٌ مَنَاكِيدُ أَو هي المُتَزَوِّجَةُ بعدَ موتِ زَوْجِهَا قاله اللِّحْيَاني وقال والعربُ تقول : لا تتزوَّجَنَّ فاقداً وتَزَوَّجْ مُطَلَّقَة . وظَبْيَةٌ فاقِدٌ وبَقَرةٌ فاقِدٌ : سُبِعَ وَلَدُهَا وكذلك : حَمامةٌ فاقِدٌ وأَنشد الفارسيّ :
إِذا فاقِدٌ خَطْبَاءُ فَرْخَيْنِ رَجَّعَتْ ... ذَكَرتُ سُلَيْمَى في الخَلِيطِ المُنَايِنِ قال ابن سيده : هكذا أَنشدَه سيبويه بتقديم خطباءَ على فَرْخَيْنِ مقَوِّياً بذلكَ أَنَّ اسمَ الفاعِلِ إذا وصف قرب من الاسم وفارق شَبَهَ الفِعْلِ . وافتَقَدَهُ وتَفَقَّده : طَلَبَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ قالك
فلا أُخْتٌ فَتْبكِيه ... ولا أُمٌّ فَتَفْتَقِدُهْ وفي التنزيل " وتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فقالَ ماليَ لا أَرَى الهُدْهُدَ " . وفي المفردات للراغب : التّفَقُّد : تَعْرُّفُ فِقْدَانِ الشيءِِ والتعَهُّد : تَعرُّفُ العَهْد المتقدّم . ووافقَه كثيرٌ من أَهل اللُّغة ومنهم من استعملَ كُلاّ منها في محَلِّ الآخرِ . وفي حديث عائشة رضي الله عنها : " افتقدْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلةً " أَي لم أَجِدْه . ويقال : ما افْتَفَدْتُه منْذُ افْتَقَدْتُه أَي ما تَفَقَّدتُه منذُ فَقَدتُه . كذا في البصائر . وروى عن أَبي الدرداءِ أنه قال : من يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ ومن لا يُعِدَّ الصَّبْرَ لِفَواجع الأمور يَعْجِزْ أَقْرِضْ من عَرَضِكَ ليوم فَقْرِك . قل ابنُ منظور : أَي من تَفَقَّدَ الخَيْرَ وطَلَبَه في النّاسِ فَقَدَه ولم يَجِدْه وذكل أَنَّه رأَى الخَيْرَ في النادِرِ من النَّاِِ ولم يَجِدْه فاشياً موجوداً . وفي البصائر للمصنّف : أَي من يَتَفَقَّدْ أَحوالَ الناسِ ويَتَعَرَّفْها عَدِمَ الرِّضا فإِن ثَلَبَك أَحدٌ فلا تَشْتَغِلْ بمعارضَتِه ودع ذلك قَرْضاً عليه ليوم الجَزَاءِ . انتهى
وقد أنشدَنَا بعضُ الأصحاب :
تَفَقُّدُ الخِلاَّنِ مُسْتَحْسَنٌ ... فَمَنْ بَدَاهُ فنِعمّاً بَدَا
سَنَّ سُلَيْمَانُ لنا سُنَّةً ... فكان فيما سَنَّهُ المُقْتَدَى
تَفَقَّدَ الطَّيْرَ على رأْسِهِ ... فقال ما لِي لا أَرى الهُدْهُدَا
ويقال : ماتَ غيرَ فَقِيدٍ ولا حَمِيدٍ وزاد الزَّمَخْشَرِيُّ وغيرَ مَفْقُودٍ ولا محمودٍ أَي غير مُكْتَرَثٍ لِفِقْدَانِهِ . والفَقْدُ بفتح فسكون ولا يُحَرَّك ووَهِمَ الأزهريُّ صاحِبُ التهذيب قل الصاغانيُّ : وقع في نسخ الأزهريِّ : الفَقَد بالتحريك والصواب سكونُ القاف : نَباتٌ يُشْبِه الكَشْوثَى قاله اللَّيْث وشَرَابٌ يُتَّخَذُ من زَبِيبٍ أَو عَسَلٍ عن ابنِ الأَعْرَابي أَو كَشُوثٍ يُنْبَذُ في العَسَلٍ فيُقَوِّيه ويُجِيدُ إِسكارَه وكونُه اسماً للنَباتِ والشّرَابِ المتَّخذِ منه ذكَره أَبو حنيفة في كتاب النبات . وعن ابن الأعرابي : الفَقْدَةُ : الكَشُوُ . وقال الليث : ويقال إِن العَسَلَ يُنْبَذُ ثم يُلْقَى فيه الفَقْدُ فَيُشَدِّده كالفُقْدُدِ بالضّمّ في التهذيب في الرباعيّ عن أبي عمرو : الفُقْدُد : نَبِيذُ الكَشُوثِ . وتَفاقَدوا : فَقَدَ بعضهم بعضاً وفي حديث الحَسَنِ أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا هو أَن يَفْقِد بَعضُهُم بعْضاً . وقال ابن مَيَّادة :
تَفَاقَدَ قَوْمِي إذا يَبِيعُون مُهْجَتي ... بجارِيَةٍ بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرَا ومما يستدرك عليه : فَقَّدَ إذا أَكَل الكَشُوثَ . نقله الصاغاني
القَدُّ : القَطْعُ مطلقاً ومنه قَدَّ الطريقَ يَقُدُّه قَدًّا : قَطَعَه وهو مجازٌ وقيل : القَدُّ : هو القَطْع المُسْتَأْصِل أَو هو القَطْع المُسْتَطِيل وهو قولُ ابنِ دُريد أَو هو الشَّقُّ طُولاً وفي بعض كُتب الغَريب : القَدُّ : القَطْعُ طُولاً كالشَّقِّ . وفي حديث أَبي بكرٍ رضي اللهُ عنه يوم السَّقِيفة : الأَمْرُ بَينَنا وبينكم كقَدِّ كقَدِّ الأُبْلُمَةِ أَي كشَقِّ الخُوصةِ نِصْفَيْنِ وهو على المَثَلِ . وفي الأَساس : قَدَّ القَلَمَ وقَطَّه القَدُّ : الشَّقُّ طُولاً : وقَطَّه : قَطَعَهُ عَرْضاً . وتقول إِذا جَادَ قَدُّك وقَطُّكَ فقد استوَى خَطُّكَ كالاقْتِدَادِ والتَّقْدِيدِ في الكُلّ وضَرَبه بالسَّيْفِ فقَدَّه بنصفينِ . وفي الحديث أَنّ عَليًّ رضي اللهُ عنه كان إِذا اعتَلَى قَدَّ وإِذا اعْتَرَضَ قَطَّ . وفي رواية : كان إِذا تَطَاوَلَ قَدَّ وإِذا تَقَاصَرَ قَطَّ أَي قَطَعَ طُولاً وقَطَعَ عَرْضاً . واقْتَدَّه وقَدَّدَه . كذلك وقد انْقَدَّ وتَقَدَّدَ . والقَدُّ : جِلْدُ السَّخْلة وقيل : السَّخْلَةُ الماعِزَةُ . وقال ابنُ دُرَيْد : هو المَسْكُ الصغيرُ فلم يُعَيِّن السَّخْلَة . وفي الحديث أَنّ امرأَةً أَرسَلَتْ إِلى رَسُولِ الله صلى اللهُ عَليه وسلَّمَ بِجَدْيَيْنِ مَرْضُوفَيْنِ وقَدٍّ أَرادَ سِقاءً صَغِيراً مُتَّخَذاً من جِلْد السَّخْلةِ فيه لَبَنٌ وهو بفتْحِ القاف . وفُلانٌ ما يَعْرِفُ القِدَّ مِنَ القَدِّ أَي السَّيْرَ مِن مَسْكِ السَّخْلَة ومنه المثل ما يَجْعَلُ قَدَّكَ إلى أَدِيمكِ أَي ما يَجْعَلُ الشيءَ الصغيرَ إِلى الكبيرِ ومعنى هذا المثل أَيْ أَيُّ شَيْءٍ يُضِيف صَغيرَك إِلى كَبِيرِك أَيْ أَيّ شيء يَحْمِلك أَن تَجعل أَمْرَك الصغيرَ عَظيماً يُضْرَب للمُتَعَدِّي طَوْرَهُ ولمَن يَقيس الحَقِيرَ بالخَطيرِ . أَي ما يَجْعَلُ مَسْكَ السَّخْلَة إِلى الأَدِيم وهو الجِلْدُ الكامِلُ وقال ثعلب : القَدُّ هُنا : الجِلْدُ الصغير . والقَدُّ : السَّوْطُ ومنه الحديثُ لَقَابُ قَوْسِ أَحدِكم ومَوْضِع قَدِّه في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها وفي أُخرَى لَقِيدُ قَوْسِ أَحَدِكم أي قدر سوط أحدكم المَوضِع الذي يَسَعُ سَوْطَه من الجَنّة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها . القَدُّ : القَدْرُ أَي قَدْرُ الشيءِ القَدُّ : قَامَةُ الرَّجُلِ . والقَدُّ : تَقْطِيعُه أَي الرَّجُل والأَوْلَى إِرجاعه إِلى الشيءِ القَدُّ : اعْتِدالُه أَي الرَّجُل ولو قال : وقَدْرُ الشيءِ وتَقْطِيعُه وقَامَةُ الرَّجُلِ واعتدالُه كان أَحْسَنَ في السَّبْكِ وفي حديث جابرٍ أُتِي بالعَبَّاسِ يومَ بَدْرٍ أَسيراً ولم يَكُنْ عليه ثَوْبٌ فنظَر له النبيُّ صلى اللهُ عَليه وسلَّمَ قميصاً فوَجَدُوا قَميصَ عبد الله بن أُبَيٍّ يقَدَّد عليه فكساه إِيّاه أَي كان الثوبُ عَلى قَدْرِه وطُولِه . وغُلامٌ حَسَنُ القَدِّ أَي الاعتدالِ والجِسْمِ . وشيءٌ حَسَنُ القَدِّ أَي حَسَنُ القَدِّ أَي حَسَنُ التقطِيع يقال : قُدَّ فُلانٌ قَدَّ السَّيْفِ أَي جُعِل حَسنَ التقْطِيع وفي الأَساس : ومن المَجَازِ : جارِيَةٌ حَسَنَةٌ القَدِّ أَي القامَةِ والتقطِيعِ وهي مَقْدُودةٌ ج أَقُدٌّ كأَشُدٍّ وهو الجَمْعُ القَليلُ في القَدِّ بمعنى جِلْدِ السَّخْلَة والقامةِ في الكثير قِدَادٌ بالكسر وأَقِدَّةٌ نادر وقُدُودٌ بالضم في القَدِّ بمعنى القامَةِ والقَدْرِ . القَدُّ : خَرْقُ الفَلاَةِ يقال : قَدَّ المسافِرُ المفازَة وقَدَّ الفَلاَةَ قَدًّا : خَرَقَهُما وقَطَعَهما وهو مَجاز . القَدُّ : قَطْعُ الكَلامِ يقال : قَدَّ الكلامَ قَدًّا : قَطَعَه وشَقَّه . وفي حديثِ سَمُرَةَ : نَهَى أَن يُقَدَّ السَّيْرُ بين أَصْبعينِ أَي يُقطَع ويُشَقّ لئلاَّ يَعْقِرَ الحَدِيدُ يَدَهُ وهو شَبِيهُ بِنَهْيِه أَن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولاً . القُدُّ بالضم : سَمَكٌ بَحْرِيٌّ وفي التكملة : أَن أَكْلَه يَزِيد في الجِمَاعِ فيما يقال . القِدُّ بالكسر : إِناءٌ من جِلْدٍ يقولون : مالَه قِدٌّ ولا قِحْفٌ القِدُّ : إِناءٌ من جِلد القحف إناء من خشب وفي حديث عُمَر رضي اللهُ عنه كانوا يَأْكلون القِدَّ يريد جِلْدَ السَّخْلَة في الجَدْب . القِدُّ : السَّوْطُ وكلاهمالُغَة في الفتح القِدُّ : السَّيْرُ الذي يُقَدُّ من جِلْدٍ غيرِ مَدْبُوغٍ غير فَطِيرٍ فيُخْصَف به النِّعالُ وتُشَدُّ به الأَقتابُ والمَحَامِلُ . والقِدَّةُ واحِدُه أَخصُّ منه وقال يَزيد بن الصَّعِقِ : في الفتح القِدُّ : السَّيْرُ الذي يُقَدُّ من جِلْدٍ غيرِ مَدْبُوغٍ غير فَطِيرٍ فيُخْصَف به النِّعالُ وتُشَدُّ به الأَقتابُ والمَحَامِلُ . والقِدَّةُ واحِدُه أَخصُّ منه وقال يَزيد بن الصَّعِقِ :
" فَرَغْتُمْ لِتَمْرِينِ السِّيَاطِ وكُنْتُمُيُصَبُّ عَلَيْكُمْ بِالقَنَا كُلَّ مَرْبَعِ فأَجابه بعْضُ بني أَسَدٍ :
أَعِبْتُم عَلَيْنَا أَنْ نُمَرِّنَ قِدَّنَا ... ومَنْ لَمْ يُمَرِّنْ قِدَّهُ يَتَقَطَّعِ والجمع أَقُدٌّ . والقِدَّةُ : الفِرْقَة والطَّرِيقَة من الناس . والقِدَّة : ماءٌ لِكِلابٍ هكذا في النُّسخ وهو غلطٌ والصواب اسمُ ماءِ الكُلاَبِ والكُلاَب بالضمّ تَقدَّم في الموحَّدة وأَنه اسمُ ماءٍ لهم ونصُّ التكملة : ماءٌ يُسمَّى الكُلاَب ويُخَفَّفُ في الأخير عن الصاغانّي . القِدَّةُ : الفِرْقَةُ مِن الناسِ إِذا كان هَوَى كُلِّ واحدٍ عَلَى حِدَةٍ ومنه قوله عزّ وجلّ كُنَّا طَراَئِقَ قِدَداً قال الفرَّاءُ : يقول حكاية عن الجِنّ أَي كنا فِرَقاً مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُهَا وقال الزّجّاج : قِدَداً : مُتفرِّقينَ مُسلِمينَ وغيرَ مُسلمينَ قال : وقولُه وأَنَّا منَّا المُسْلِمُونَ ومِنَّا القَاسِطُونَ هذا تفسير قولهم كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً وقال غيرُه : قِدَداً جمع قِدَّة . وصار القَوْمُ قِدَداً : تَفرَّقَتْ حالاَتُهم وأَهواؤُهم وقد تَقَدَّدُوا تَفَرَّقُوا قِدَداً وتَقَطَّعُوا . والمِقَدُّ كمِدَقٍّ هكذا بالكسر مضبوطٌ في سائر النُّسخ التي بأَيدينا وضَبَطه هكذا بعضُ المُحَشِّين ومثلُه في التكملة بخطّ الصاغانيّ وشَذَّ شيخُنا فقال : الصّوابُ أَنه بالضمّ لأَن ذلك هو لمشهور المعروف فيه لأَنه مُسْتَثْنًى من المكسور كمحل وما معه فضَبْطُ بعض أَربابِ الحَواشِي له بالكَسْرِ لأَنَّه آلَةٌ وَهَمٌ ظاهِرٌ انتهى والذي في اللسان والمِقَدَّةُ حَدِيدَةٌ يُقَدُّ بها الجِلد . المَقَدُّ كمَرَدٍّ أَي بالفتح : الطَّرِيقُ لكَوْنِه مَوضِعَ القَدِّ أَي القَطْع وقَدَّتْه الطَرِيقُ : قَطَعَتْه وقَدَّ المفازَةَ : قَطَعَها ومَفازَةٌ مُستقِيمَةٌ المَقَدِّ أَي الطريق وهو مَجازٌ كما في الأَساس
المَقَدُّ بالفتح : القاعُ وهو المَكَانُ المُسْتَوِي المَقَدُّ : بالأُردُنِّ يُنْسَب إِليها الخَمْرُ وقيل : هي في طَرَف حَوْرَانَ قُرْبَ أَذْرِعَاتٍ كما في المَراصِد والمُعْجَم قال عَمْرُ بن مُعْدِ يكَرِبَ :
وَهُمْ تَركُوا ابْنَ كَبْشَةَ مُسْلَحِبًّا ... وهُمْ مَنَعُوهُ مِنْ شُرْبِ المَقَدِّي وغَلِطَ الجَوْهَرِيُّ في تَخْفِيفِ دَالِهَا وذَكَرها في مَقَد ونصّه هناك : المَقَدِيّ مُخفّفة الدال : شرابٌ مَنسوبٌ إِلى قَرْيَةٍ بالشامِ يُتَّخَذُ مِن العَسَلِ قال الشاعِرُ :
عَلِّل القَومَ قَلِيلاً ... يَا ابْنَ بِنْتِ الفَارِسِيَّهْ
إِنَّهُمْ قَدْ عَاقَرُوا الْيَوْ ... مَ شَرَاباً مَقَدِيَّهْ انتهى قال الصاغانيّ : وقد غلِط في قوله : قَرْيَةٌ بالشام . والقريَةُ بتشديد الدالِ . والشَّرَابُ المَقَدِيُّ بالتخفيف غير المَقَدِّيِّ بالتشديد يُتّخَذُ من العَسلِ وهو غير مُسْكِرٍ قال ابن قُيْسِ الرُّقَيَّات :
مَقَدِيَّا أَحلَّه اللهُ لِلنَّا ... سِ شَرَاباً وما تَحِلُّ الشَّمُولُوقال شَمِرٌ : وسمعْتُ رَجاءَ بن سَلمة يقول : المَقَدِّي طِلاَءٌ مُنَصَّفٌ يُشَبَّه بما قُدَّ بِنِصْفَيْنِ . انتهى نصُّ الصاغانيِّ وفي النهاية والغَرِيبَين : المَقَدِّي طِلاَءٌ مُنَصَّفٌ طُبِخَ حتى ذَهَب نِصْفُه تشبيهاً بشيءٍ قُدَّ بِنِصْفَيْنِ وقد تُخَفَّفُ دالهُ وهكذا رواه الأَزْهريُّ عن أَبي عمرٍو أَيضاً . القُدَادُ كغُرَابٍ : وَجَعٌ في البَطْنِ وقدْ قُدَّ وفي الأَفعال لابن القطَّاع : وأَقدَّ علَيْه الطَّعَامُ من القُدَادِ وقَدَّ أَيضاً وهو داءٌ يصيب الإِنسانَ في جَوْفِه وفي حديث ابنِ الزُّبير قال لمعاويةَ في جوابٍ رُبَّ آكِلِ عَبِيطٍ سَيُقَدُّ عَلَيْه وشارِبِ صَفْوٍ سَيَغَصُّ به هو من القُدَاد . ويدعُو الرجُلُ على صاحِبه فيقول : حَبَناً قُدَاداً . وفي الحديث : فَجَعَلَه اللهُ حَبَناً وقُدَاداً . والحَبَنُ : الاستسقاءُ . قُدَادُ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ مُعَاويةَ بنِ زَيد بن الغَوْث بن أَنْمَار : بَطْنٌ مِن بَجِيلَةَ قالَه ابنُ حبيب . قَدَادٌ كسَحَابٍ : القُنْفُذُ واليَرْبَوعُ . وفي التكملة : القَدَادُ : من أَسماءٍ القَنَافِذِ واليَرابيعِ . قُدْقُدٌ كَفُلْفُلٍ : جَبَلٌ به مَعْدِنُ البِرَامِ بالكسر جمع بُرْمَةٍ وهي القِدْرُ من الحِجَارة . القُدَيْد كزُبَيْر مُسَيْحٌ صغيرٌ تصغيرُ مِسْحٍ بالكسر يَلْبَسه أَطرافُ الناسِ القُدَيْد : اسمُ رَجُل . القُدَيْد اسم وَادٍ بعَيْنِه وفي الصّحاح : وقُدَيْدٌ : ماءٌ بالحجازِ وهو مصغَّر وقد ورَدَ ذِكرُه في الحديث . قال ابن الأثير : هو بين مكَةَ والمدينةِ وقال ابنُ سِيدَه : وقُدَيْدٌ : مَوْضِعٌ وبعضهم لا يَصرِفه يجعله اسماً للبُقْعَة ومنه قولُ عيسى بن جَهْمَةَ الليثيِّ وذَكرَ قَيْسَ بن ذَرِيح فقال : كان رجُلاً مِنَّا وكان ظريفاً شاعراً وكان يكون بمكَّةَ وذَوِيها من قُدَيْدَ وسَرِفَ وحَوْلَ مَكَّةَ في بوادِيها كُلِّهَا . قُدَيْد : فَرسُ قَيْس بن عبد الله وفي اللسان عَبْس بن جِدَّان الغَاضِرِيّ إِلى غاضِرةَ بَطنٍ من قَيْسٍ وقيل : الوائليّ
وقُدْقُدَاءُ بالضمّ ممدودٌ عن الفارسيْ قد يُفْتَح : من البلاد اليَمَانِية قال :
" عَلَى مَنْهَلٍ مِنْ قُدْقُدَاءَ ومَوْرِدِوالقَدِيدُ : اللَّحْمُ المُشَرَّرُ الذي قُطِعَ وشُرِّرَ المُقَدَّد أَي المَمْلُوحِ المُجَفَّفُ في الشمس أَو هو ما قُطِع منه طِوَالاً . وفي حديث عُرْوَةَ كان يَتَزّوَّدُ قَدِيدَ الظِّبَاءِ وهو مُحْرِمٌ . فَعِيل بمعنى مفعول . القَدِيد : الثَّوْبُ الخَلَقُ . والتَّقدِيد : فِعْلُ القديد . رُويَ عن الأَوْزَاعِيِّ في الحديث أَنه قال لا يُقْسَم مِنَ الغَنِيمَةِ للعَبْدِ ولا للأَجِيرِ ولا للقَدِيدِيِّينَ القَدِيدِيُّونَ بالفتح ولا يُضَمُّ : هم تُبَّاعُ العَسْكَرِ مِن الصُّنَّاعِ كالشَّعَّابِ والحَدَّاد والبَيْطَارِ معروفٌ في كلام أَهلِ الشام قال ابنُ الأَثير : هكذا يُرْوَى بالقاف وكسر الدال وقيل بضمّ القافِ وفَتْح الدَّالِ كأَنَّهم لخِسَّتِهم يَكتَسُون القَدِيدَ وهو مِسْحٌ صَغيرٌ وقيل : هو من التقَدُّدِ والتفَرُّقِ لأَنهم يَتفرَّقُون في البلادِ للحاجَةِ وتَمَزُّقِ ثِيَابِهِم وتَصْغِيرُهم تَحْقيرٌ لشأْنِهم ويُشْتَم الرجلُ فيقال يا قَدِيدِيُّ ويا قُديْدِيّ قال الصاغاني : وهو مُبْتَذَلٌ في كلام الفُرْس أَيضاً . أَبو الأَسود وقيل : أَبو عَمْرو وقيل أَبو سَعِيدٍ مِقْدَادُ بنُ عُمْرٍو ابنُ الأَسْوَدِ الكِنْدِيّ وعَمْرٌو هو أَبوه الأَصليُّ الحقيقيُّ الذي وَلَدَه وأَما الأُسودُ فكان حالَفَه وَتَبَنَّاه لمَّا وَفَدَ مَكَّةَ فنُسِب إِليه نِسْبَة وَلاءِ وَتَربيَةٍ لا نِسْبَةَ وِلادَةٍ وهو المِقْدادُ بن عَمْرِو ابن ثَعْلَبَةَ بن مالِكِ بن ربيعةَ بنِ عامرِ ابن مَطْرُودٍ البَهْرَانِيّ وقيل : الحَضْرَمِيّ قال ابن الكَلْبيّ ؛ كان عَمرو بن ثَعْلَبةَ : أَصابَ دماً في قَوْمِه فلَحِق بحَضرَموتَ فحالَفَ كِنْدَةَ فكان يقال له الكِنْدِيّ وتزوَّجَ هناكَ امرأَةً فَوَلَدَتْ له المِقْدَادَ فلما كَبِرَ المقدادُ وَقَعَ بينه وبين أَبي شِمْرِ بن حُجْرٍ الكِنْديّ مُنَافَرَةٌ فضَرَب رِجْلَه بالسّيف وهَرَب إِلى مَكّةَ فحالَفَ الأَسودَ بن عبدِ يَغوثَ الزُّهْرِيَّ وكتبَ إِلى أَبيه فقدِمَ عليه فتَبَنَّى الأَسْوَدُ المِقْدَادَ وصَارَ يقالُ له : المِقْدادُ ابنُ الأَسودِ وغلَبَ عليه واشتهرَ به فلما نَزَلَتْ ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ قيل له : المقداد ابن عمرٍو صَحَابِيُّ تَزَوَّجَ ضُبَاعَةَ بنتَ الزُّبَيْرِ بن عَبْدِ المطَّلِب ابنةَ عمِّ النّبيِّ صلى اللهُ عَليه وسلَّمَ وهَاجَرَ الهِجْرتينِ وشَهِدَ بَدْراً والمَشَاهِدَ بعدَهَا . والأَسْوَدُ بن عَبْدِيَغُوثَ الزُّهْريُّ رَبَّاهُ أَو تَبَنَّاه فنُسِبَ إِليه كما أَشرنا إِليه آنفاً وقد يَلْحَن فيه قُرَّاءُ الحَدِيث ظَنًّا منهم أَنَّه أي الأَسودَ جَدُّه أَي إِذا ذُكِرَ في عَمود نَسبهِ بعدَ أَبيه عَمرٍو كما ذَكَرَه المصنِّفُ كأَنَّهُم يَجْعَلُونَ ابنَ الأَسود نعْتاً لعمرٍو وهو غَلَطٌ كما قال : إِنما ابنُ الأَسوَدِ نعتٌ للمقدادِ بُنُوَّةُ تَرْبِيَة وحِلْفٍ لا بُنَوَّةُ وِلادةٍ كما هو مشهور . والقَيْدُودُ : الناقَةُ الطَّوِيلةُ الظَّهْرِ . قَيَادِيدُ يقال : اشتقاقُه من القَوْدِ مثل الكَيْنُونة من الكَوْنِ كأَنَّهَا في مِيزَانِ فَيْعُولٍ وهي في اللَّفظ فَعْلُولٌ وإِحدَى الدالَيْنِ من القَيْدُودِ زائدةٌ وقال بعضُ أَهلِ التصريف : إِنما أَرادَ تَثْقيِل فَيْعُولٍ بمنزلَةِ حَيْدٍ وحَيْدُودٍ وقال آخرون : بل تُرِك على لَفْظِ كُونُونَة فلما قَبُحَ دخُولُ الواوينِ والضَّمَّات حَوَّلوا الواوَ الأُولَى ياءً لِيُشَبِّهُوها بِفَيْعُولٍ ولأَنه ليس في كلام العربِ بناءٌ على فُوعُولٍ حَتّى أَنهم قالوا في إِعراب نَوْرُوز نَيْرُوز فِراراً من الواوِ كذا في اللسانوتَقَدَّدَ الشيْءُ : يَبِسَ . وتَقَدَّدَ القَوْمُ : تَفَرَّقُوا قِدَداً . تَقَدَّدَ الثَّوْبُ : تَقَطَّعَ وبَلِي تَقَدَّدَت النَّاقَةُ : هُزِلَتْ بعْضَ الهُزَالِ أَو تَقدَّدَتْ : كانَتْ مَهزُولةً فسَمِنَتْ وعن ابن شُمَيل : ناقَةٌ مُتَقَدِّدَة : إِذا كانتْ بين السِّمَنِ والهُزَالِ وهي التي كانت سَمِينَةً فَخفَّتْ أَو كانت مَهزولةً فابتَدَأَتٍْ في السِّمَنِ . من المَجاز : اقْتَدَّ الأُمورَ : اشتقَّها ودَبَّرَها وفي بعض الأمَّهاتِ : تَدَبَّرَهَا ومَيَّزَها . من المَجاز : اسْتَقَدَّ له : استْتَمَرَّ . اسْتَقَدَّ الأَمْرُ : اسْتَوَى . اسْتَقَدَّتِ الإِبلُ : استقَامَتْ على وَجْهٍ واحِدٍ واستَمَرَّتْ على حالِها . وقَدْ مُخَفَّفة كلمةٌ معناها التَّوقُّع حَرْفِيَّة واسْمِيَّة وهي أَي الاسميّة على وَجْهَيْنِ . الأَوّلْ اسمُ فِعْلٍ مُرَادِفَةٌ لِيَكْفِي قال شيخنا : فهي بمنزِلة الفِعْل الذي تَنوب عنه فتلْزَمُها نُون الوِقَايَة نحو قولك : قَدْكَ دِرْهَمٌ وقَدْ زَيْداً دِرْهَمٌ أَي يَكْفِي فالاسمُ بعدَها يَلْزَم نَصْبُه مفعولاً كما في يَكفِي . الثاني اسْمٌ مُرَادِفٌ لِحَسْبُ وتُسْتَعْمَل مْبنِيَّةً غَالِباً أَي عند البصريّين على السُّكون لشَبهها بقَد الحَرفيّة في لفظها وبكثير من الحروف الموضوعة على حَرفينِ كعَنْ وبَلْ ونحوهما مثل قَدْ زَيْدٍ دِرْهَمٌ بالسكون أَي بسكون الدّالِ على أَصلِه مَحْكيًّا تُستعمل مُعْرَبَةً أَي عند الكوفيّين نحو قَدُ زَيْدٍ دِرْهَمٌ بالرفع أَي برفع الدال
أَمّا قَدْ الحَرْفِيَّةُ فإِنها مُخْتَصَّة بالفِعْل أَعمّ من أَن يكون ماضياً أَوْ مضارعاً المُتَصَرِّفِ فلا تَدخل على فِعْلٍ جامدٍ وأَما قولُ الشاعر :
لَوْلاَ الحَيَاءُ وأَنَّ رَأْسِيَ قَدْ عَسَى ... فِيهِ المَشِيبُ لَزُرْتُ أُمَّ القَاسِمِفعَسَى فيه ليست الجامِدَة بل هي فِعْلٌ متصرِّفٌ معناه اشتَدَّ وظهرَ وانتَشَر كما سيأْتي الخَبَرِيِّ خرجَ بذلك الأَمرُ فإِنه إِنشاءٌ فلا تَدخل عليه المُثَبَتِ اشترطه الجماهيرُ المُجَرَّدِ مِن جَازِمٍ وناصِبٍ وحَرْفِ تَنْفِيسٍ قال شيخُنا : هذه كلُّها شُرُوطٌ في دُخولها على المضارِع لأَن غالِبَ النواصبِ والجوازم تَقتضي الاستقبالَ المَحْضَ وكذلك حَرْفَا التنفيسِ قد موضوعة للحال كما بُيّن في المُطَوَّلات . ولها سِتَّةُ مَعَانٍ : الأَوّل التَّوَقُّعُ أَي كون الفِعْل مُنْتَظَراً مُتَوَقَّعاً فتَدخل على الماضي والمضارع . نحو قد يَقْدَمُ الغائبُ فتدُلّ على أَن قُدومَ الغائب منتظَرٌ وقد أَحْجَف المُصنِّف فلم يأْتِ بمثالِ الماضي بناءً على زَعْمِه أَنَّهَا لا تكون للتوقُّعِ مع الماضي لأَن التوقُّعَ هو انتظارُ الوُقُوعِ والماضي قد وَقَعَ وقد ذَهَبَ إِلى هذا القولِ جماعَةٌ من النُّحاةِ وقال الذين أَثبتوه : معنَى التوقُّعِ مع الماضي أَنها تَدُلُّ على أَنه كان مُنْتَظَراً تقول : قد رَكِبَ الأَميرُ . لِقومٍ كانوا يَنتظرون هذا الخبر ويَتوقَّعُون ثُبوتَ الفِعْل كما قاله ابنُ هِشام . الثاني تَقْرِيبُ الماضِي مِن الحَالِ وهو مُقْتَضَى كلامِ الشيخِ ابنِ مالك أَنها مع الماضي تُفِيد التقريبَ كما جزمَ به ابنُ عُصفورٍ وأَنء من شَرْطِ دُخولِها كَوْنَ الفِعْل مُتَوقَّعاً نحو قد قام زَيْدٌ وقال أَبو حيّان في شرْح التَّسهيل : لا يَتحقَّق التَّوقُّع في قَدْ مع دخوله على الماضي لأَنه لا يُتَوَقَّع إِلا المُنتَظَرُ وهذا قد وَقعَ وأَنكرَه ابنُ هِشامٍ في المُغنِى فقال : والذي يَظهر لي قولٌ ثالِثٌ وهو أَنها لا تُفيد التَّوقُّعَ أَصْلاً فراجِعْه قال شيخنا : والذي تَلقَّيْنَاه من أَفواهِ الشيوخِ بالأَندَلس أَنها حَرْفُ تَحقيقٍ إِذا دخلَتْ على الماضِي وحرْفُ تَوقُّعٍ إِذا دخلَتْ على المستقبَل وأَقَّره صاحب هَمْع الهوامِع وعليه مُعْتَمَدُ الشيوخ الثالث التَّحْقِيقُ وذلك إِذا دخلَتْ على الماضي كما ذُكر قريباً نحو قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وزاد ابنُ هِشَام في المغنى : وعلى المضارع كقوله تعالى قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ الرابع النَّفْيُ فِي اللسان نقلاً عن ابنِ سيدَه : وتكون قَدْ بمنزلةِ ما فيُنْفَى بها سُمِعَ بعض الفصحاءِ يقول قد كُنْتَ فِي خَيْرٍ فَتَعْرِفَه بنصب تَعْرِف قال في المغنى : وهذا غرِيبٌ وإِليه أَشار في التسهيل بقوله : ورُبَّمَا نُفِعَ بقد فنُصِب الجوابُ بعدها . الخامس التَّقْلِيل ذكره الجماهيرُ وأَنْكره جماعةٌ قال في المغنى : هو ضَرْبَانِ : تَقلِيلُ وُقُوعِ الفعلِ نحو قَدْ يَصْدُق الكَذُوبُ وقد يَجُودُ البَخيلُ وتَقْلِيلُ مُتَعَلَّقِةِ نحو قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْه أَي ما هو عليه هو أَقلُّ معلوماتِه قال شيخنا : وزعمَ بعضُهم أَنها في هذه الأَمثلة ونحوِها للتحقيق وأَن التقليلَ في المِثَالينِ الأَوّلينِ لم يُسْتَفَدْ مِن قَدْ بل من قولِكَ : البخيل يجود والكذوب يصدق فإِنه إِن لم يُحْمَل على أَنّ صُدُورَ ذلك منهما قليلٌ كان فاسداً إِذ آخِرُ الكلامِ يُناقِض أَوَّلَه . السادس التَّكْثِيرُ في اللسان : وتكون قَدْ مع الأَفعال الآتِيَةِ بمنْزِلَة رُبَّما قال الهذليُّ :
قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أَنامِلهٌ ... كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادِ قال ابن بَرِّيّ : البيتُ لعَبيد بن الأَبرص انتهى وقاله الزَّمخشريُّ في قوله تعالى قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ قال : أَي رُبَّمَا نَرى ومعناه تَكثيرُ الرُّؤْية ثم استشهد ببيت الهُذليّ . قال شيخنا : واستشهد جَمَاعَةٌ من النّحويين على ذلك بيت الَعروضِ :
" قَدْ أَشْهَدُ الغَارَةَ الشَّعْوَاءَ تَحْمِلُنيجَرْدَاءُ مَعْرُوقَةُ اللَّحْيَيْنِ سُرْحُوبُوفي التهذيب : وقد حَرْفٌ يُوجَبُ به الشيءُ كقولك قد كان كذا وكذا والخبر أَن تقول : كان كذا وكذا فاُدْخِلَ قَدْ توكيداً لتصديق ذلك قال : وتكون قدْ في موضعٍ تُشبِه رُبَّما وعندها تَمِيلُ قَدْ إِلى الشَّكّ وذلك إِذا كانت مع الياءِ والتاءِ والنون والأَلف في الفِعْل كقولك : قد يكون الذي تقول . انتهى . وفي البصائر للمصنِّف : ويجوزُ الفَصْل بينه وبين الفِعْل بالقَسَمِ كقولك : قد والله أَحْسَنْت وقد لَعَمْرِي بتّ ساهراً . ويجوز طَرْحُ الفِعْل بَعَدَهَا إِذَا فُهِم كقولِ النابعة :
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا ... لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالنَا وكَأَنْ قَدِ أَي كأَن قَدْ زَالَت وانتهى . وفي اللسان : وتكون قَدْ مثل قَطْ بِمنزلة حَسْب تقول : مالَك عندي إِلاَّ هذا فَقَدْ أَي فَقَطْ حكاه يَعقوبُ وزعم أَنه بَدَلٌ . وقَوْلُ الجَوْهَرِيِّ : وإِنْ جَعَلْتَهُ اسْماً شَدَّدْتَه فتقول كتَبْتُ قَدًّا حَسَنَةً وكذلك كَيْ وهُو ولَوْ لأَن هذه الحروف لا دَلِيلَ على ما نَقَص منها فيَجِبُ أَن يُزَادَ في أَواخِرِهَا ما هو جِنْسها وتُدْغَم إِلاَّ في الأَلف فإنك تَهْمِزُها ولو سمَّيْتَ رَجُلاً بلا أَوما ثم زِدْت في آخِره أَلفاً هَمَزْتَ لأَنك تُحَرِّك الثانِيةَ والأَلف إِذا تَحَرَّكَتْ صارَتْ هَمزةً هذا نصُّ عبارةِ الجوهريِّ وهو مَذْهَب الأَخفشِ وجَمَاعَةٍ من نُحَاةِ البَصْرَةِ ونَقلَه المُصِّنف في البصائر له وأَقرَّه وقال ابنُ بَرِّيٍّ : وهذا غَلَطٌ منه وإِنَّما يُشَدَّدُ ما كانَ آخِرُه حَرْفَ عِلَّةٍ . وعبارةُ ابنِ بَرِّيٍّ : إِنما يكون التَّضْعِيفُ في المُعْتَلِّ تَقُولُ في هُو اسم رجل : هذا هُوّ وفي لَوْ : هذا لَوْ وفي في هذا فِيّ وإِنَّمَا شُدِّدَ لئلاَّ يَبْقَى الاسمُ على حَرْف واحد لسكون حَرْفِ العِلَّةِ مع التَّنْوِينِ وأَمِّا قَدْ إِذا سَمَّيْتَ بها تَقولُ هذا قَدٌ ورأَيتُ قَداً ومررتُ بِقَدٍ في مَنْ : هذا مَنٌ في عَنْ هذا عَنٌ بالتخفيفِ في الكُلِّ . إلا غير ونظيره يدوم وشبهه تقول : هذه يَدٌ ورأَيتُ يَداً ومررْت بِيَدٍ وقد تَحَامَلَ شيخُنَا هنا على المُصَنِّف ونَسبه إِلى القُصور وعَدمِ الاطِّلاعِ على حَقِيقةِ مَعْنَى كلام الجوهريّ ما يقضي به العَجَب سامَحه اللهُ تعالى وتجاوز عن تَحامُله
ومما يستدرك عليه : القِدُّ بالكسر : الشيْءُ المَقْدُودُ بَعَيْنِه . والقِدُّ : النَّعْلُ لم يُجَرَّد من الشَّعَر ذكرهما المُصنّف في البصائر له . قلت : وفي اللسان بعد إِيراد الحَدِيث لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكم إِلى آخره : وقال بعضُهم : يجوز أَن يكون القِدُّ النَّعْلَ سُمِّيت قِدًّا لأَنها تُقَدُّ مِن الجِلْدِ وروى ابنُ الأَعرابيّ :
" كسِبْتِ اليَمَانِي قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ بالجيمِ أَي لم يُجَرَّد من الشَّعْرِ فيكون أَلْيَنَ له ومن روَى : قَدُّه بالفتح ولم يُحَرَّد بالحاءِ أَراد : مِثَالُه لم يُعَوَّج والتحّرِيد : أَن تَجْعَلَ بعضَ السَّيْرِ عَريضاً وبعضَه دَقيقاً وقد تَقَدَّم في موضعه . والمَقَدُّ بالفتح : مَشَقُّ القُبُل . وقولُ النابِغَة
" ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ فِي المَجْدِ لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ قال أَبو عُبيد : هما رَجلانِ في بني أَسَدٍ . وفي حديث أُحُدٍ : كان أَبو طَلْحَةَ شَدِيدَ القَدِّ إِنْ رُوِيَ بالكَسر فيريد به وَتَرَ القَوْسِ وإِن رُوِيَ بالفتح فهو المَدُّ والنَّزْعُ في القَوْسِ وقول جَريرٍ :
" إِنَّ الفَرَزْدَقَ يَا مِقْدَادُ زَائِرُكُمْيا وَيْلَ قَدٍّ عَلى مَنْ تُغْلَقُ الدَّارُأَراد بقوله يا وَيْلَ قَدٍّ يا ويل مِقْدَادٍ فاقتصر على بَعْضِ حُروفِه وله نظائرُ كَثيرةٌ . وذَهبتِ الخَيْلُ بِقِدَّان . قال ابنُ سيدَه : حكاه يعقوبُ ولم يُفَسِّرْه . والشريف أَبو البركات أَحمد بن الحسن بن الحسين بن أَبي قَدَّادٍ الهاشميّ ككَتَّان عن أَبي محمّد الجوهريّ . وكغُرَاب قُدَادُ بنُ ثَعلبَةَ الأنمارِيُ جاهِليٌّ . وقَدِيدَةُ كسَفينة : لقبُ أَبي الحسن موسى بن جعفر بن محمد البَزَّاز مات سنة 295 . وبالتصغير عَلِيُّ بن الحَسَن بن قُدَيْدِ المِصرِيّ روى عنه ابنُ يُونس فأَكْثَرَ وكَأَمِيرٍ قَدِيدُ القلمطاي أَحد أُمراءِ مِصرَ حَجَّ أَمِيراً وولدُه رُكنُ الدينِ عُمرُ بن قَدِيد قَرَأَ على العِزِّ بن جَمَاعَةَ وغيرِه مولده سنة 785