الهَيْفُ : شِدَّةُ العَطَشِ من إصابَةِ الرِّيحِ الحارّةِ . والهَيْفُ والهُوفُ : رِيحٌ حارَّةٌ تَأْتِي مِن نَحْوِ اليَمَنِ وهي نَكْباءُ بَيْنَ الجَنُوبِ والدَّبُورِ من تَحْتِ مَجْرَى سُهَيْلٍ تُيَبِّسُ النَّباتَ وتُعَطِّشُ الحَيَوانَ وتُنَشِّفُ المِياهَ قالَ ذُو الرُّمَّةِ :
وَصَوَّحَ البَقْلَ نَئّاجٌ تَجِيءُ بهِ ... هَيْفٌ يَمانِيَةٌ في مَرِّها نَكَبُ
وقال ابنُ الأَعرابِيِّ : نَكْباءُ الصَّبا والجَنُوبِ مِهيافٌ مِلْواحٌ مِيباسٌ للبَقْل وهي التي تَجِيءُ بين رِيحَيْنِ وقال الأَصْمَعِيُّ : الهَيْفُ : الجَنُوبُ إذا هَبَّتَّ بِحَرٍّ وقِيلَ : إنّ الهَيْفَ : ريحٌ بارِدَةٌ تَجِيءُ من قِبَلِ مَهَبِّ الجَنُوبِ ويُقال : إنّ هذا لا يُوافِقُ الاشْتِقاقَ قال الأَزْهرِيُّ : والذَّيِ قالَه اللَّيْثُ : إن الهَيْفَ ريحٌ بارِدَةٌ لم يَقُلْه أَحدٌ والهَيْفُ لا تَكُونُ إلاّ حارَّةً . وفي المَثَلِ : ذَهَبَتْ هَيْفٌ لأَدْيانِها أَي : لعاَدَاتِها وإنّما جمع الأَدْيانَ ؛ لأَنَّ الهْيفَ اسمُ جِنْسٍ وجاءَ بالَّلام على معْنَى إلى أَي : رجعَتْ إلى عادَاتِها وقالَ أَبو عُبَيْدٍ : الهَيْفُ : السَّمُوم وقَوْلُهم : لأَدْيانِها : أَي لعادَاتِها لأَنَّها تُجَفِّفُ كُلَّ شيءٍ وتُيَبَّسُه يُضْرَبُ عندَ تَفَرُّقِ كُلِّ إنْسانِ لشأْنِه أَو لِمَنْ لَزِمَ عادَتَه ولم يُفارِقْها . وهَيْفٌ : وادِ باليَمَنِ . وفي الصِّحاح : تَهَيَّفَ منه كتَشَتَّى : من الشِّتاءِ وكذلك تَصَيَّفَ : من الصّيْفِ . والهافَةُ : النّاقَةُ التي تَعْطَشُ سَرِيعاً وإبلٌ هافَةٌ كذلك كالمِهيْافِ كمِحْرابٍ وكذلِك المِهْيامُ نقَلَه الجوهرِيُّ وهو قولُ الأَصْمَعِيِّ . والهَيَفُ مُحَرّكَةً : ضَمَرُ البَطْنِ ورِقَّةُ الخَاصِرَة ِوقد هَيِفَ وهاف كفَرِحَ وخافَ هَيْفاً وهَيَفاً الأَخِيرةُ لغةُ تَمِيمٍ فهو أَهْيفُ وامْرأَةٌ هيْفاءُ وفَرسٌ هَيْفاءُ مِنْ نِسْوةٍ وأَفْراسٍ هِيفٍ وكذلِكَ قومٌ هِيفٌ . وهافَ العَبْدُ يهافُ : أَبَقَ نَقَلَه الجوْهَرِيُّ وابنُ عَبّادٍ أَي اسْتَقْبلَ الرِّيحَ . وهافَت الإِبِلُ هِيافاً بالكَسْرِ والضّمِّ : إذا اسْتَقْبَلتْ هُبُوبَ الهَيْفِ بوُجُوهِها فاتِحَةً أَفْواهَها من شدَّةِ العَطَشِ وهِيَ إِبِلٌ هائِفَةٌ كما في اللِّسانِ . والمِهْيافُ من الإِبِلِ : المِعْناقُ نقَلَه ابنُ عبّادٍ . والمِهْيافُ مِنّا : السَّرِيعُ العطَشِ عن الأَصْمَعِيِّ وأَنَشدَ للشَّنْفَرَي :
ولَسْتُ بمهِيْافٍ يُعَشِّى سَوامَه ... مُجَدَّعَةً سُقْبانُها وهي بُهَّلُ أَو الشَّدِيدُة أَي العَطَشِ كالهائِفِ والهَيُوفِ والهَيْفانُ وهو الذَّيِ لا يَصْبِرُ على العَطَشِ . ورَجُلٌ هَيْفانُ ومهُيْافٌ كمُشْتاقٍ أَي : عَطْشانُ الأوُلىَ عن الأَصْمَعِيِّ والثانِيَةُ ضَبْطُها غريبٌ لم أرَ مَن تَعَرَّضَ له والظاهِرُ أَنه مِهْيافٌ كمِحْرابٍ أَو الصواب مُهْتافٌ من اهتْافَ وحِينَئذٍ يصحُّ الوَزْنُ بمُشْتاقٍ فتأَمّلْ . وأَهافُوا : عَطِشَتْ إِبِلُهُم نقله الجَوْهَرِيُّ وأَنشَد للرّاجِزِ :
" وقد أَهافُوا زَعَمُوا وأَنْزَعُوا ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : هافَ وَرَقُ الشَّجَرِ يَهِيفُ : سَقَطَ . وهافَ واسْتَهافَ : أَصابَتْه الهَيْفُ فعَطِشَ أَنشَدَ ثَعْلَبٌ :
لَهِفَ كفَرِحَ يَلهَفُ لَهَفاً : حَزِنَ وتَحَسَّرَ كتَلَهَّفَ عليهِ كما في الصَّحاح وقال غيرُه : اللَّهَفُ : الأَسَى والحُزْنُ والغَيظُ وقِيلَ : الأْسَى على شَيءٍ يَفُوتُكَ بعدَما تُشْرِفُ عليهِ قال الزَّفَيانُ :
" يا ابْنَ أَبِي العاصِي إلَيْكَ لَهِفَتْ
" تَشْكُو إلِيكَ سَنَةً قد جَلَّفَتْ
" أَمْوالَنا من أَصْلِها وجَرَّفَتْ وقوْلُهم : يا لَهْفَةُ : كلمَةٌ يُتَحَسَّرُ بِها على فائِتِ نقَلَه الجَوْهرِيُّ . وأَمّا ما أَنْشَدَه ابنُ الأَعرابِيِّ والأخْفَشُ من قَوْلِ الشاعِر :
فلَسْتُ بمُدْركٍ ما فاتَ مِنِّي ... بلَهْفَ ولا بِلَيْتَ ولا لَوانِّي
فإِنَّما أَرادَ بأَنْ أَقُولَ : والَهْفَا ؟ فحذَفَ الأَلِفَ . وقالَ الفَرّاءُ : يُقال : يا لَهْفِي عَلَيْكَ ويالَهْفَ عَلَيْكَ ويالَهْفَا عليكَ وأَصلُه يا لَهْفِي عليكَ ثم جُعِلَت ياءُ الإِضافَةِ أَلِفاً كقَوْلِهم : يا وَيْلاَ عليهِ وياوَيْلِي عليه كلُّ ذلِكَ مثلُ يا حَسْرَتِي عليهِ ويا لَهْفَ أَرْضِي وسَمائِي عَلَيْكَ ويُقال : يا لَهْفاهُ ويا لَهْفَتاه ويالَهْفَتِياهُ . والمَلْهُوف واللَّهِيفُ واللَّهْفانُ والَّلاهِفُ : المَظْلُومُ المُضْطَرُّ يَسْتَغِيثُ ويَتَحَسَّرُ وفيهِ لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ ففِي الصِّحاح : المَلُهُوفُ : المَظْلُوم يَسْتَغِيثُ واللَّهِيفُ : المُضْطَرُّ واللَّهْفانُ : المُتَحَسِّرُ وفي الحَدِيثِ : " اتَّقُوا دَعْوَةَ اللَّهْفانِ " هو المَكْرُوبُ وفي الحَدِيث : " كانَ يُحِبُّ إِغاثَةَ اللَّهْفانِ " . ويُقال : لَهِفَ لَهَفاً فهو لَهْفانُ ولُهِفَ فهو مَلْهُوفٌ وفي الحديث : " أَجِبِ المَلْهُوفَ " وفي آخرَ : " تُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ " وشاهِدُ اللَّهِيفِ قولُ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ :
صَبَّ اللَّهِيفُ لَها السُّبُوبَ بطَغْيَةٍ ... تُنْبِي العُقابَ كَما يُلَطُّ المِجْنَبُ وامْرَأَةٌ لاهِفٌ بلا هاءِ وزادَ ابنُ عبّاِد ولاهِفَةٌ ولَهْفَى كسَكْرَى ونِسْوَةٌ لَهافَي كسَكارَى ولِهافٌ بالكسر . ويُقالُ : هُوَ لَهِيفُ القلْب ولا هِفُه ومَلْهُوفُه : أَي هو مُحْتَرقُه كذا في نَوادِرِ الأعرابِ . واللَّهِيفُ كأَمِيرٍ هكذا في سائِر النُّسَخ والصَّوابُ كصَبُورٍ كما هو نَصُّ العَيْنِ واللِّسانِ والمحيطِ : الطَّوِيلُ . قال ابنُ عَبّادٍ : والغَلِيظُ أيضاً . قال : والإلْهافُ : الحِرْصُ والشَّرَهُ . وقال اللَّيْثُ : لَهَّفَ فلانٌ نفْسَه وأُمَّهُ تَلْهِيفاً : إِذا قالَ : وا نَفْسَاهُ وا أُمَّياهُ وا لَهْفَاهُ وا لهَفْتاهُ وا لَهْفَتياهُ . وقال شَمِرٌ : لَهَّفَ فلانٌ أُمَّهُ وأُمَّيْه : أَي أَبَوَيْه قالَ النابغةُ الجَعْدِيُّ رضي الله عنه :
أَشْلَى ولَهَّفَ أُمَّيْهِ وقَدْ لَهِفَتْ ... أُمّاهُ والأُمُّ مِمّا تُنْحَلُ الخَيَلاَ يُرِيدُ أَباه وأُمَّه قالَ شيخُنا : الأمّانِ : تَثْنِيَهُ أُمٍّ والقاعِدَةُ هي تَغْلِيبُ المُذَكَّرِ على المُؤَنَّث والمُفْرَدِ على المُرَكّب وهنا جاءَ خِلافَ ذلك فغَلَّبَ الأُنْثَى على الذَّكَرِ وثَنَّى أُمَّا وأباً على أُمَّيْنِ ولم يَقُلْ أَبَوَيْهِ ووَجْهُه أَن المَقْصُودَ هُنا من يَكْثُرُ لَهَفُه وحُزْنُه وهذا الوَصْفُ في النِّساءِ أَكثرُ منه في الرِّجالِ فلمّا كانت الأُمُّ أَشَدَّ شَفَقَةً وأَكْثَرَ حُزْناً عَلى وَلَدِها كانَتْ هُنا أَوْلَى من الأَبِ بالحُزْنِ والتَّلَهُّفِ وهو ظاهِرٌ والله أعلم . وقال ابنُ عَبّادٍ : الْتَهَفَ : الْتَهَبَ
ومما يُستدركُ عليه : اللَّهْفُ بالفتح : لغةٌ في اللَّهَفِ مُحَرَّكَةً بمعانِيه . ورَجُلٌ لَهِفٌ ككَتِفِ : أَيْ لَهِيفٌ . ونِسْوَةٌ لُهُفٌ بضَمَّتَيْنِ كلَهَافَى . ومن أَمْثالِهمْ : إلى أُمِّه يَلْهَفُ اللَّهْفانُ قال شمِرُ : يُقالُ ذلِكَ لمَنْ اضْطُرَّ فاسْتغاثَ بأَهْلِ ثِقَتِه . واسْتعارَ بعضهم المَلْهُوفَ للرُّبَعِ من الإِبلِ فقالَ :
" إِذا دَعاهَا الرُّبَعُ المَلْهُوفُ
" نَوَّهَ منْها الزَّجِلاتُ الحُوفُ كأَنّ هذا الرُّبَع ظُلِمَ بأَنَّه فُطِمَ قبلَ أَوانِه أو حِيلَ بينَهُ وبينَ أُمِّهِ بأَمْرٍ آخَرَ غيرِ الفَطامِ كما في اللِّسانِ