تَرَكَه يَتْرُكُه تَركاً وتِركاناً بالكسر وهذه عن الفَرّاءِ واتَّرَكَه كافْتَعَلَه وفي الصِّحاح قال فيه : فما اتَّرَكَ أي : ما تَرَكَ شَيئاً وهو افْتَعَل : ودَعَهَ . قال شيخُنا : وفيه اسْتِعْمالُ الذي أَماتُوه . قلتُ : وفَسَّره الجَوْهرِيُّ بخَلاّه وكذلك في الأَساطيرِ وِالعُبابِ قال شَيخُنا : وفَسَّره أَهلُ الأفْعال بِطَرَحَه وخَلاه . قلت : ولَفَظُ الوَدْعِ وَقَع في المُحْكَم فإِنَّه قال : التَّركُ : وَدْعُكَ الشَّيءَ تَرَكَه يَتْرُكُه تَركاً . قالَ شيخُنا : وقد يُعَلَّقُ التَّركُ باثْنَين فيكونُ مُضَمَّناً معنَى صَيَّر فيَجْرِي على نَمَطِ أَفْعالِ القُلوبِ كتَرَكَهُم في ظُلُماتٍ قاله الزَّمَخْشَريُّ والبَيضاوِيُ قال المُلاّ عَبدُ الحَكِيم في حواشِيه : فما في التَّسهِيلِ من أنّه كصَيَّر وفي القامُوسِ أَنّه بمَعْنَى جَعَلَ بيانٌ للاسْتِعْمال فاعْتِراضُ بعضِهم على عَبدِ الغَفُورِ قُبَيل بَحْثِ المَبني غيرُ مُتَّجِهٍ فتأَمّلْ . انتهى
وقال الرّاغِبُ : تَرَكَ الشيءَ : رَفَضَه قَصْداً واخْتِياراً أَو قَهْراً واضْطِراراً فمن الأَوّلِ قولُه : " وتَرَكْنا بَعْضَهُم يَوْمَئذٍ يَمُوجُ في بَعْض " وقوله : " واتْرُكِ البَحْرَ رَهْواً " ومن الثّاني : " كَم تَرَكُوا من جَنّاتٍ وعُيُونٍ " ومنه تَرِكَةُ فلانٍ : لما يُخَلِّفُه بعدَ مَوْتِه وقد يُقال في كُلِّ فِعْلٍ يَنْتَهِي إِلى حالَة ما : تَرِكَتُه كذا . وتَتارَكُوا الأَمْرَ بَينَهُم تَفاعُلٌ من التَّركِ . وتَرِكَةُ الرَّجُلِ المَيِّتِ كفَرِحَة : مِيراثُه وهو الذي يُخَلِّفُه بعدَ المَوْتِ وهو فَعِلَةٌ بمعنى المَفْعُولِ أي : الشيءُ المَتْرُوكُ وكذلك الطَّلِبَةُ للمَطْلُوب . والتَّرِيكَةُ كسَفِينَة : امْرَأَةٌ تُتْرَكُ لا تُزَوَّجُ أي لا يَتَزَوَّجُها أَحدٌ كما هو نَص الصِّحاح وأَنْشَدَ للكُمَيتِ :
إِذْ لا تَبِضُّ إِلى التَّرا ... ئِكِ والضَّرائِكِ كَف جازِرْ قال اللِّحْياني : ولا يقالُ ذلك للذَّكَرِ . والتَّرِيكَةُ : رَوْضَةٌ يغْفَلُ عن رَعْيِها وقِيلَ : هو المَرتَعُ الذي كانَ الناسُ رَعَوه إِما في فلاة وإِما في جَبَل فأَكَله المالُ حتى أَبقَى منه بَقايَا من عوَذ . قالَ ابنُ بَرِّيّ : وقد اسْتَعْمَله الفَرَزْدَقُ في ما تَرَكَه السَّيل من الماء فقالَ :
كأَنَّ تَرِيكَةً من ماءِ مُزْنٍ ... ودارِيَّ الذَّكِيِّ من المُدامِ وقالَ أيضاً :
سُلافَةُ جَفْنِ خالَطَتْها تَرِيكَةٌ ... على شَفَتَيها والذَّكِيّ المُشَوَّفُ والتَّرِيكَةُ : البَيضَةُ بعْدَ أَنْ يَخْرُجَ منها الفَرخُ قال ابنُ سِيدَه : أَو يُخَصُّ بالنَّعامِ تَتْرُكُها بالفَلاةِ بعدَ خُلُوِّها مما فِيها وقِيلَ : هي بَيضُ النَّعامِ المُفْرَدَةِ وأَنشَدَ ابنُ بَرِّي للمُخَبَّلِ :
كتَرِيكَةِ الأدْحِىِّ أدْفَأَها ... قَرِدٌ كأَنّ جَناحَه هِدْمُ والتَّرِيكَةُ : بَيضَةُ الحَدِيدِ للرَّأْسِ قال ابنُ سِيدَه : وأُراها على التَّشْبِيه بالتَّرِيكَةِ الّتِي هي البَيضَة كالتَّركَةِ فِيهما أي في بَيضَةِ النَّعامِ والحَدِيدِ . ترائِكُ وتَرِيكٌ وتَرك وأَنْشَد الجَوْهَرِيُّ للأَعْشى :
ويَهْماءَ قَفْرٍ تَحرَجُ العَيْنُ وَسطَها ... وتَلْقَى بِها بَيض النَّعامِ تَرائِكَا وأَنْشَدَ أيضاً للَبِيدٍ شاهِداً على ترك الحديد :
فَخْمَة ذَفْراء تُرتَى بالعُرَا ... قُردُمانِياً وتَركاً كالبَصَلْقال ابنُ شُمَيِل : التَّركُ : جماعَةُ البَيضِ وإِنّما هي شَقِيقَةٌ واحِدَةٌ وهي البَصَلَة . وقال أَبُو حَنِيفَة : التَّرِيكَةُ : الكِباسَةُ بعد أَنْ يُنْفَضَ ما عَلَيها وتُتْرَكَ والجمعُ التَّرائِكُ . قال : والتَّرِيكُ كأَمِيرٍ : العُنْقُودُ إِذا أكِلَ ما علَيه . وقالَ مَرَةً : التَّرِيكُ : العِذْق إِذا نُفِضَ فلم يَبق فيه شَيءٌ . وقولُهم : لا بارَكَ اللَّهُ فيهِ ولا تارَكَ ولا دَارَكَ كُلُّ ذلك اتْباعٌ والمَعْنَى واحِدٌ . وقالَ اللّيثُ : التَّركُ : الجَعْلُ في بَعْضِ الكَلامِ يقال : تَرَكْتُ الحَبلَ شَدِيداً أي : جَعَلْتُه شَديداً قال ابنُ فارِسٍ : ما أَحْسِبُ هذا من كَلامِ الخَلِيل وقال ابنُ سِيدَه : ولا يُعْجِبني وقالَ الأصْبَهانيُ في المُفْرداتِ : ويَجْرِي مَجْرَى جَعَلْته كذا نحو : تَرَكتُ فلاناً وقيذاً ونقل الصاغانِيُ الحَدِيثَ شاهداً له وهو حدِيثُ يومِ حُنَيْن قال : فرَجَعَ الناسُ بعدَ ما تَوَلَّوْا حَتّى تأَشَّبُوا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عليه وسَلّمَ حَتّى تَرَكُوهُ في حَرَجَةِ سَلَمٍ وهوَ عَلَى بَغْلَتِه والعَبّاسُ رضي اللَّهُ عنه يَشْتَجِرُها بلِجامِها أي حَتّى جَعَلُوه وكأنه ضِدٌّ . قالَ ابنُ عَرَفَةَ : التَّركُ على ضربَين : مُفارَقَةُ ما يكونُ للإِنْسانِ فيه رَغْبَةٌ وتَركُ الشّيءِ رَغْبَةً عنهُ وقوله تعالى : " وتَرَكْنَا عَلَيهِ في الآخِرِينَ " أي : أَبْقينا له ذِكْراً حَسَناً . والتّركُ بالضمِّ : جِيلٌ من النّاسِ الواحِدُ تُركِيٌّ كرُومٍ ورُومِيِّ وَزِنج وزِنجي أَتْراكٌ يُقال : إِنَّهُم بَنُو قَنْطُوراءَ وهي أَمَةُ الخَلِيلِ عليه السّلامُ والمَشْهُور أَنّهم أَولادُ يافِثَ بنِ نُوح وقيل : إِنّهم الدَّيلَمُ ومنهم التّتارُ وقِيل : نَسلُ تُبَّع قاله الجَلالُ في التَّوْشِيح . وفي الحَدِيثِ : اتْرُكُوا التُّركَ ما تَرَكُوكم قلتُ : وقد اعْتَمَدَ النَّمَرِيُّ النّسّابَةُ على أَنّهم من أَولادِ يافِثَ كما ذَكَرَه ابنُ الجَوّاني في المُقَدِّمة
وقال ابنُ الأَعرابي : ترِكَ الرجلُ كسَمِعَ إِذا تَزَوَّجَ تَرِيكَةً من النِّساءِ وهي العانِسُ في بيتِ أَبَويْها . وقال ابنُ عَبّادٍ : التَّركَةُ بالفتح : المَرأَةُ الرَّبْعَةُ والجمع تَركات . وفي الحَدِيثِ الذي رواه سَعِيدُ بنُ جُبَيِرِ - وذَكَر قِصَّةَ إِسماعِيل وما كانَ من إِبراهِيمَ صَلَواتُ اللَّهِ عليهما في شأنِه حينَ تَرَكه بمكَّةَ مع أُمِّه وأَنّ جُرهُمَ زَوَّجُوه لمّا شَبَّ وتَعَلَّمَ العَرَبيَّةَ - ثم إِنّه جاءَ الخَلِيلُ صلّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّم إِلى مَكَّةَ يُطالِعُ تَركَتَه أي هاجَرَ وَوَلَدَها إِسماعِيلَ وهيِ في الأَصْلِ بَيضَةُ النَّعامِ فاستعارَها ؛ لأنَّ النَّعامةَ لا تَبِيضُ في السنةِ إِلاّ واحِدَةً في كلِّ سَنَةٍ ثمّ تَتْرُكُها وتَذْهَبُ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ في الفائِق : هكذا الرِّوايَةُ بسكونِ الراءِ ولو رُوِيَ بكسر الرّاءِ كان وَجْهاً . من التَّرِكَة بمَعْنَى الشيءِ المَتْرُوكِ هكذا نَقَله عنه الصّاغاني في العُبابِ وابنُ الأَثِيرِ في النَّهايَةِ
ورَوْضَة التَّرِيكِ كأَمِيرٍ : باليَمَنِ من أَسافِلِ البِلادِ وقالَ نَصْرٌ : تَرِيك : مُجْتَمَع مياهٍ ومَغايِضَ بأَسْفَلِ اليَمَنِ . وبَنُو تُركانَ بالضمِّ : أَهْلُ بَيت من واسِطَ ذَكَرَهُم ابنُ السِّمْعانِيِّ في الأَنسابِ
وأَبُو التُّرَيْكِ مُحمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُوسَى بنِ إِسْحاقَ الأَطْرابُلُسِي كزُبَيرٍ شيخٌ لابنِ جُمَيعٍ الغَسّانِي وهو من أَطْرابُلُسِ الشّام وقد حَدَّثَ عن أبي عُتْبَةَ كذا رأَيت في مُعْجَم شُيُوخِه قلتُ : وكذا عن الحَسَنِ بنِ أحْمَدَ بنِ مُسْلِمٍ . وعبدُ المُحْسِنِ بنُ تُرَيْكٍ الأَزَجِيُ سَمِع من ابنِ النَّرسِيِّ وعنه الشيخُ البَهاءُ المَقْدِسِيّ : مُحَدِّثانِ . وفاتَه : أَبُو التُّرَيْكِ حَسَنُ بنُ عَلِيِّ بن داودَ المُطَرز : محدِّثٌ أَوردَه الحافِظُ . وتُركَةُ بالضمِّ : اسم رَجُلٍ واشتهر به عَبدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ تُركَةَ عن مُحَمّدِ بنِ حُمَيدٍ الرّازِيّ . وهُبَيرَةُ بنُ الحَسَنِ بنِ تُركَةَ عن الحَسَنِ بنِ سَوّارٍ البَغَوِيِّومُعَلَّى بنُ تُركَةَ عن المَسعُودِيِّ . وأَحْمَدُ بنُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ محمد بن سَلَمَةَ بنِ تُركَةَ البَغْدادِيُّ كتَبَ عنه عَبدُ الغَني بنُ سَعِيدٍ . وقابُوس بنُ تُركَة من عُلَماءِ سِجِستانَ في المائةِ الرّابِعَةِ . وزَيْدٌ ويَزِيدُ ابْنا تُركِيِّ : شاعِرانِ نَقَلَهُما الصاغاني
ومما يُستدرَكُ عليه : تارَكْتُه في البَيعِ مُتارَكَةً . وتَراكِ تَراكِ صُحْبَةَ الأَتْرِاكِ بمعنى اتْرُكْ وهو اسمٌ لفِعْلِ الأمْرِ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لطُفَيل بن يَزِيدَ الحارثيِّ :
" تَراكِها من إِبِلٍ تَراكِها
" أَمَا تَرَى المَوْتَ لَدَى أَوْراكِها وفي كتابِ أَيّامِ العَرَبِ لأبي عُبَيدَةَ أَنّ الرجزَ لبَكْرِ بنِ وائِلٍ وكانُوا يَرتَجِزُونَ به في القِتالِ يوم الزَّوْرَيْنِ . وقالَ يُونُسُ في كِتابِ اللُّغاتِ : تَراكِها ومَناعِها : لُغَتانِ في الكسر وهذا في حالِ الإِضافَةِ وإِذا نَزَعْتَ الإضافَةَ فليسَ إلاّ الكسر . وفي الحَدِيثِ : إِنَّ لِلَّه تَرائِكَ في خَلْقِه أي : أموراً أَبْقاهَا في العِبادِ من الأَمَلِ والغَفْلَةِ حتّى يَنْبَسِطُوا بها إِلى الدُّنْيا . وقال ابنُ الأَعرابي : تارَكَ : أَبْقَى . وقالَ ابنُ عَبّادٍ : التَّركُ : القَدَحُ الذي يَحْمِلُه الرَّجُلُ بيَدَيْه . وتُركٌ الحَذّاءُ : من القُرّاءِ : اسمُه مُحَمّدُ بنُ حَربٍ قرأَ على سُلَيم . ومُحَمّدُ بنُ تُركٍ العَطّارُ وأُخته زُهْرَةُ : حَدَّثا بالإِجازَةِ عن أبي شُجاعٍ الوَراقِ . ومُحَمّدُ بنُ يُوسُفَ التُّركِيُ من شُيُوخِ الطَّبَرانِي روى عن عِيسَى بن إِبراهِيم . وأَبُو القاسِم الحَسَنُ بنُ محمَّدِ بنِ إبْراهِيمَ الأَنْبارِيُّ التِّرَكِيُ بكسرٍ ففَتْح هَكذا ضَبَطه تِلْمِيذُه أَبو نَصْر الوائِلِيُ السِّجْزِيّ . وعبد الرَّحْمنِ بنُ إِبْراهِيمَ الأَنْدَلُسِي يُعْرَف بابنِ تارِك روى عن أصْبَغَ بنِ الفَرَج وغيرِه
رَكَزَ الرُّمْحَ يَرْكُزُه بالضَّمِّ ويَرْكِزُه بالكَسْر رَكْزاً : غَرَزَه في الأَرضِ مُنتصِباً وكذا غير الرُّمح والمَوضِع مُرْكَزٌ كركَّزَه تَرْكِيزاً أَنشد ثعلب :
وأَشْطانُ الرِّماح مُرَكَّزاتٌ ... وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلُولُ رَكَزَ العِرْقُ : اخْتلَج كارْتَكَزَ نقله الصَّاغانِيّ . والمَرْكَزُ : وسَطُ الدائرَةِ . منَ المَجاز : المَرْكَز : مَوضِع الرَّجُل ومَحَلُّه . يقال : حَلَّ فلانٌ بمَرْكَزِه المَرْكَزُ أَيضاً : حيثُ أُمِرَ الجُنْدُ أَن يَلزَمُوه وأَن لا يَبرَحُوه يقال : أَخَلَّ فلانٌ بمركزه وهو مَجاز أَيضاً . في التَّنْزِيل : " أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزا " قال الفرَّاء : الرِّكْز : بالكسر : الصَّوْت وقيل هو الصوت ليس بالشَّديد وقيل : هو صوت الإنسان تسمَعُه من بَعيد نَحو رِكْزِ الصَّائدِ إذا ناجَى كِلابَه وأَنشد :
وقد توَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بنَبْأَةِ الصَّوْتِ ما في سَمعِه كَذِب
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى : " فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ " قال : هو رِكْزُ الناس قال : الرِّكْز : الصَّوت الخَفيّ والحِسُّ فجعَلَ القَسْوَرَةَ نفسَها رِكْزاً لأَنَّ القَسْوَرَة جماعةُ الرِّجال وقيل : هو جماعة الرُّماة فسمَّاهم باسم صَوْتِهم وقد ذُكِر في مَوضِعه . الرِّكْزُ أَيضاً : الرَّجُل العالِمُ العاقِلُ الحَليم السَّخِيّ الكريم قاله أَبو عَمْرو وليس في نصِّه ذِكر العالِم ولا ذِكْر الكَريم . منَ المَجاز : الرِّكْزَةُ بهاءٍ : ثَباتُ العَقْلِ ومُسْكَتُه . قال الفرّاء : سمعت بعض بني أَسَد يقول : كلَّمْت فلاناً فما رأَيْتُ له رِكْزَةً أَي ليس بثابت العقل . الرِّكْزَةُ أَيضاً واحِدَةُ الرِّكَازِ ككِتاب وهو ما رَكَزه الله تعالى في المعادن أَي أَحْدَثَه وأَوجدَه وهو التِّبْرُ المَخلوقُ في الأَرضِ وهذا الذي توقَّفَ فيه الإمام الشَّافِعيّ رضي الله عنه كما نقله عنه الأَزْهَرِيّ وجاء في الحديث عن عَمرو بن شُعيب أَنَّ عَبْداً وجَدَ رِكْزَةً على عهد عُمَر رضي الله عنه فأَخذها منه عُمَر . ويقال الرِّكْزَةُ : القِطعة من جَواهِر الأَرضِ المَركوزَةُ فيها كالرَّكيزة . وقال أحمد بن خالد : الرِّكاز جَمْع والواحدة رَكِيزَة كأَنَّه رُكِزَ في الأَرْض رَكْزاً . قال الشَّافعيّ رضي الله عنه : والذي لا أَشُكُّ فيه أَنَّ الرُّكاز دَفِينُ أَهل الجاهليَّة أَي الكَنز الجاهِليّ وعليه جاء الحديثُ : " وفي الرِّكازِ الخُمْس " وهو رأْيُ أَهل الحِجاز قال الأَزْهَرِيّ : وإنَّما كان فيه الخُمُسُ لكَثرَة نَفعِه وسُهُولَةِ أَخْذِه . قلتُ : وقد جاء في مُسند أَحمد بن حَنبل في بعض طُرُق هذا الحديث : " وفي الرَّكائزِ الخُمُسُ " وكأَنَّها جمع رَكيزَة أَو رِكَازَة ونقل أبو عُبيد عن أَهل العراق في الرِّكازِ : المَعادِنُ كلُّها فما اسْتُخرِجَ منها شيءٌ فَلِمُسْتَخْرِجِه أَربعةُ أَخماسِه ولِبيت المالِ الخُمُس . قالوا : وكذلك المال العاديّ يوجدُ مَدفُوناً هو مثل المعدن سواءً قالوا : وإنَّما أَصلُ الرِّكازِ المَعدِن والمال العاديّ الذي قد ملكَه الناس مُشَبَّه بالمَعدِن . قيل : الرِّكاز : قِطَع عِظامٌ مِثْل الجلاميد من الفِضَّة والذَّهب تُخرَجُ من الأَرض أَو من المَعدِن وهو قول الليث وهذا يُعضِّد تفسير أَهلِ العِراق . وقال بعض أَهلِ الحِجاز : الرِّكاز : هو المال المَدفُون خاصَّةً مما كنزَه بنو آدمَ قبلَ الإسْلام وأَما المعادن فليست برِكَاز وإنّما فيها مثلُ ما في أَموال المُسلِمين من الزَّكاةِ إذا بلَغَ ما أَصابَ مائَتي دِرْهَمٍ كان فيها خمسة دراهم وما زاد فبِحِسابِ ذلك وكذلك الذَّهب إذا بلغَ عشرين مِثقالاً كان فيه نصف مِثقالٍ . قلتُ : وهذا القول تَحتَمِلُه اللُّغة لأَنَّه مَركوزٌ في الأَرض أَي ثابتٌ ومَدفُون وقد رَكَزَه رَكْزاً إذا دَفَنَه . وأَرْكَزَ الرَجُلُ : وجدَ الرِّكَازَ . عن ابن الأَعرابيّ : الرّكازُ : ما أَخرَجَ المَعْدِن وقد أَركَزَ المَعْدِنُ : صارَ ونَصّ النَّوادر : وُجِدَ فيه رِكَازٌ وقال غيرُه : أَركَزَ صاحبُ المَعدِن إذا كَثُرَ ما يَخرُجُ منه له من فِضَّةٍ وغيرها . وقال الشّافعيّ رضي الله عنه : يقال للرَّجل إذا أصابَ في المَعدِن بَدْرَةً مُجْتَمِعة : قد أَركَزَ . منَ المَجاز : ارْتَكَزَ إذا ثبَتَ في مَحَلِّه . يقال : دخَلَ فلانٌ فارْتَكَزَ في محَلِّه لا يَبرَحُ . منَ المَجاز : ارْتَكَزَ على القَوْسِ ارْتِكازاً إذا وضَعَ سِيَتَهَا على الأَرض ثم اعتمد عليها كما في الأَساس . والرَّكْزَة بالفتح كما هو مُقتضى اصطلاحِه وهو خطأٌ وصَوابُه بالكسْر كما ضبطَه الصَّاغانِيّ : النَّخْلَة . وفي بعض الأُصول : الفَسيلَة تُجْتَثُّ وتُقْتَلَع من الجِذْع وفي بعض الأُصول : عن الجِذع كذا عن أَبي حنيفة . وقال شَمِر : النخلةُ التي تَنْبُتُ في جِذْع النَّخلة ثمَّ تُحَوَّل إلى مكانٍ آخَر هي الرِّكْزَة . وقال بعضهم : هذا رِكْزٌ حَسَنٌ وهذا وَدِيٌّ حسَنٌ وهذا قَلْعٌ حسَنٌ ويقال رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ . ومَرْكُوزٌ : ع قال الرَّاعي :
بأَعلامِ مَرْكُوزٍ فعَنْزٍ فغُرَّبٍ ... مَغانِيَ أُمِّ الوَبْرِ إذْ هي ما هِياوالرَّكيزة في اصطلاح الرَّملييّن هي العتَبَةُ الدَّاخِلَةُ زوجٌ وثلاثُ أَفرادٌ وهكذا صورَتُه : وإنَّما سُمِّيَت لأَنَّها دليل الكُنُوزِ والدَّفائن والخَزائِن والمُخَبَّآت . ومما يُستدرك عليه : رَكَزَ الحَرُّ السَّفا يَرْكُزُه رَكْزاً : أَثبتَه في الأَرض . قال الأَخطل :
فلمَّا تَلَوَّى في جَحَافِلِه السَّفَا ... وأَوجعَه مَرْكُوزُه والأَسافِلُ والمَركوز : المَدْفُون . والرَّكِيزَة : المَرْكَز . ورَكَزَ الله المَعادِنَ في الجبال : أَثْبَتَها . وهذا مَركَز الخَيْل وهو مَجاز وكذلك قولُهم : عِزُّه راكِزٌ أَي ثابِتٌ وإنَّه مَرْكُوزٌ في العُقول . والمُرْتَكِز من يابس الحَشيش أَن تَرى ساقاً وقد تَطايَرَ عنها وَرَقُها وأَغْصانُها قاله الليث