الجَرْمُ
القَطْعُ جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً قطعه وشجرة جَرِيمَةٌ مقطوعة وجَرَمَ
النَّخْلَ والتَّمْرَ يَجْرِمه جَرْماً وجِراماً وجَراماً واجْتَرَمه صَرَمَه عن
اللحياني فهو جارمٌ وقوم جُرَّمٌ وجُرَّام وتمر جَرِيم مَجْرُوم وأَجْرَمَ حان
جِرامُه وقول ساعدة بن جؤية
( * قوله « وقول ساعدة بن جؤية » أي يصف سحاباً كما في ياقوت وقبله
أفعنك لا برق كأنّ وميضه ... غاب تشيمه ضرام مثقب
قال الأزهري ساد أي مهمل وقال أَبو عمرو السادي الذي يبيت حيث يمسي وتجرم أي قطع
ثمانياً في البضيع وهي جزيرة بالبحر يلوي بماء البحر أي يحمله ليمطره ببلده )
سَادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثمانِياً يَلْوِي بعَيْقاتِ البحار ويَجْنُبُ يقول
قطع ثماني ليال مقيماً في البضيع يشرب الماء والجَرِيم النَّوَى واحدته جَرِيمة
وهو الجَرامُ أَيضاً قال ابن سيده ولم أَسمع للجَرام بواحد وقيل الجَرِيمُ
والجَرامُ بالفتح التمر اليابس قال يَرَى مَجْداً ومَكْرُمَةً وعِزّاً إذا عَشَّى
الصَّديِقَ جَرِيمَ تمرِ والجُرامَة التمر المَجْرُوم وقيل هو ما يُجْرَمُ منه
بعدما يُصْرَمُ يُلْقَطُ من الكَرَب وقال الشماخ مُفِجُّ الحَوامِي عن نُسُورٍ
كأَنَّها نَوَى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيم مُلَجْلَجِ
( * قوله « عن نسور » الذي في نسخة التهذيب من بالميم )
أَراد النوى وقيل الجَرِيم البُؤْرَةُ التي يُرْضَحُ فيها النَّوَى أَبو عمرو
الجَرام بالفتح والجَرِيمُ هما النوى وهما أَيضاً التمر اليابس ذكرهما ابن السكيت
في باب فَعِيل وفَعالٍ مثل شَحاجٍ وشَحيج وكَهامٍ وكَهِيم وعَقامٍ وعَقِيمٍ
وبَجَالٍ وبَجِيل وصَحاحِ الأَدِيم وصَحِيح قال وأَما الجِرام بالكسر فهو جمع
جَرِيم مثل كريم وكرام يقال جِلَّةٌ جَرِيمٌ أي عِظامُ الأَجْرام والجِلَّة الإبلُ
المَسانُّ وروي عن أَوْس بن حارثَةَ أنه قال لا والذي أَخْرَجَ العِذْقَ من
الجَريمة والنارَ من الوثِيمةِ أَراد بالجريمة النواةَ أَخرج الله تعالى منها
النخلة والوَثِيمةُ الحجارة المكسورة والجَريمُ التمر المَصْرُوم والجُرامةُ
قِصَدُ البُرِّ والشعير وهي أَطرافه تُدَقُّ ثم تُنَقَّى والأعرفُ الجُدَامَة
بالدال وكله من القَطْع وجَرَمَ النَّخْلَ جَرْماً واجْتَرَمَه خَرَصَه وجَرَّه
والجِرْمةُ القومُ يَجْتَرِمون النخلَ أي يَصْرِمُون قال امرؤ القيس عَلَوْنَ
بأَنْطاكِيَّةٍ فَوْقَ عَقْمَةٍ كجِرْمةِ نَخْلٍ أو كجَنَّة يَثْرِبِ الجِرْمَةُ
ما جُرِمَ وصُرِمَ من البُسْر شبه ما على الهودج من وَشْيٍ وعِهْنٍ بالبُسْر
الأَحمر والأَصفر أو بجنة يثرب لأنها كثيرة النخل والعَقْمةُ ضرب من الوَشْيِ
الأصمعي الجُرامة بالضم ما سقط من التمر إذا جُرِمَ وقيل الجُرامة ما الْتُقِطَ من
التمر بعدما يُصْرَمُ يُلْقَط من الكَرَبِ أَبو عَمْرو جَرِمَ الرجل
( * قوله « أبو عمرو جرم الرجل إلخ » عبارة الازهري عمرو عن أبيه جرم إلخ ) إذا
صار يأْكل جُرامة النخل بين السَّعَفِ ويقال جاء زمنُ الجِرامِ والجَرام أي صِرامِ
النخل والجُرَّامُ الذي يِصْرِمونَ التمر وفي الحديث لا تَذْهَبُ مائةُ سنةٍ وعلى
الأرض عَيْنٌ تَطْرِفُ يريد تَجَرُّم ذلك القَرْنِ يقال نَجَرَّم ذلك القَرْنُ أي
انْقَضَى وانْصَرَم وأصله من الجَرْم القَطْعِ ويروى بالخاء المعجمة من الخَرْم
وهو القطع وجَرَمْتُ صُوفَ الشاة أَي جَزَزْته وقد جَرَمْتُ منه إذا أَخذت منه مثل
جَلَمْتُ والجُرْمُ التَّعدِّي والجُرْمُ الذنب والجمع أَجْرامٌ وجُرُومٌ وهو
الجَرِيَمةُ وقد جَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً واجْتَرَمَ وأَجْرَم فهو مُجْرِم
وجَرِيمٌ وفي الحديث أَعظمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من سأَل عن شيء لم
يُجَرَّمْ عليه فَحُرِمَ من أجل مسألته الجُرْم الذنب وقولُه تعالى حتى يَلِجَ
الجَمَلُ في سَمِّ الخياط وكذلك نَجْزي المُجْرِمين قال الزجاج المُجْرِمون ههنا
والله أعلم الكافرون لأن الذي ذكر من قِصَّتهم التكذيب بآيات الله والاستكبار عنها
وتَجَرَّم عَليَّ فُلانٌ أي ادَّعَى ذنباً لم أفعله قال الشاعر تَعُدُّ عَليَّ
الذَّنْبَ إنْ ظَفِرَتْ به وإلاَّ تَجِدْ ذَنْباً عَليَّ تَجَرَّم ابن سيده
تَجَرَّم ادَّعَى عليه الجُرْمَ وإن لم يُجْرِم عن ابن الأَعرابي وأَنشد قد
يُعْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّم وقالوا اجْتَرَم الذنبَ فَعَدَّوْه قال الشاعر
أَنشده ثعلب وتَرَى اللبيبَ مُحَسَّداً لم يَجْتَرِمْ عِرْضَ الرجالِ وعِرْضُه
مَشْتُومُ وجَرَمَ إليهم وعليهم جَرِيمة وأَجْرَم جَنَى جِناية وجَرُمَ إذا عَظُمَ
جُرْمُه أي أَذنب أَبو العباس فلان يَتَجَرَّمُ علينا أي يَتَجَنَّى ما لم نَجْنه
وأَنشد ألا لا تُباتلي حَرْبَ قَومٍ تَجَرَّمُوا قال معناه تَجَرَّمُوا الذنوب
علينا والجَرِمَةُ الجُرْمُ وكذلك الجَرِيمَةُ قال الشاعر فإنَّ مَوْلايَ ذو
يُعَيِّرُني لا إحْنَةٌ عِنْدَه ولا جَرِمَهْ وقوله أَنشده ابن الأعرابي ولا
مَعْشَرٌ شُوسُ العُيون كأَنَّهم إليَّ ولم أجْرِمْ بهم طالِبُو ذحْلِ قال أَراد
لم أجْرِم إليهم أَو عليهم فأَبدل الباء مكان إلى أو على والجُرْم مصدر الجارِم
الذي يَجْرِم نَفْسَه وقومه شَرّاً وفلان له جَرِيمةٌ إليَّ أَي جُرْم والجارمُ
الجاني والمُجْرِم المذنب وقال ولا الجَارِمُ الجاني عليهم بمُسْلَم قال وقوله عز
وجل ولا يَجْرِمَنَّكم شنَآنُ قوم قال الفراء القُرّاءُ قرؤوا ولا يَجْرِمَنَّكم
وقرأَها يحيى بن وَثَّابٍ والأَعْمَشُ ولا يُجْرِمَنَّكم من أَجْرَمْتُ وكلام
العرب بفتح الياء وجاء في التفسير ولا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قوم أن تَعْتَدُوا قال
وسمعت العرب يقولون فلان جَريمَة أَهله أي كاسبهم وخرج يَجْرِمُ أَهْلَه أي
يَكْسبهم والمعنى فيهما متقارب لا يَكْسِبَنَّكم بُغْضُ قوم أن تعتدوا وجَرَمَ
يَجْرِمُ واجْتَرم كَسَبَ وأنشد أبو عبيدة للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص
بني سَعْد طَريدُ عَشِيرةٍ ورهينُ جُرْمٍ بما جَرَمَتْ يَدي وجنَى لِساني وهو
يَجْرِمُ لأَهله ويَجْتَرِمُ يَتَكَسَّبُ ويطلب ويَحْتالُ وجَريمةُ القوم كاسِبُهم
يقال فلان جارِمُ أَهْلِهِ وجَريمَتُهم أي كاسبهم قال أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يصف
عُقاباً تَرْزُق فَرخَها وتَكْسِبُ له جَريمَةُ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ تَرى
لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا جَريمَةُ بمعنى كاسبة وقال في التهذيب عن هذا البيت
قال يصف عُقاباً تصيد فَرْخَها الناهضَ ما تأْكله من لحم طير أكلته وبقي عظامه
يسيل منها الودك قال ابن بري وحكى ثعلب أن الجَريمة النَّواة وقال أَبو إسحق يقال
أَجْرَمَني كذا وجَرَمَني وجَرَمْتُ وأَجْرَمْت بمعنى واحد وقيل في قوله تعالى لا
يُجْرِمنَّكم لا يُدْخِلَنَّكم في الجُرم كما يقال آثَمْتُه أي أَدخلته في الإثم
الأَخفش في قوله ولا يَجْرِمَنَّكم شَنآنُ قوم أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأن قوله لا
جَرَمَ أن لهم النار إنما هو حَقٌّ أن لهم النار وأَنشد جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها
أن يَغْضَبوا يقول حَقَّ لها قال أَبو العباس أما قوله لا يُحِقَّنَّ لكم فإنما
أَحْقَقْتُ الشيءَ إذا لم يكن حَقّاً فجعلته حقّاً وإنما معنى الآية والله أَعلم
في التفسير لا يَحْملَنَّكُم ولا يَكْسبَنَّكم وقيل في قوله ولا يَجْرِمَنَّكم قال
لا يَحْمِلَنَّكم
( * قوله « وقيل في قوله ولا يجرمنكم قال لا يحملنكم » هذا القول ليونس كما نص
عليه الأزهري ) وأنشد بيت أبي أَسماء والجِرْمُ بالكسر الجَسَدُ والجمع القليل
أَجرام قال يزيدُ بن الحَكَمِ الثَّقَفيُّ وكم مَوْطِنٍ لَوْلاي طِحْتَ كما هَوى
بأَجْرامِه من قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي وجَمَعَ كأنه صَيَّر كل جزء من جِرْمه
جِرْماً والكثير جُرُومٌ وجُرُم قال ماذا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ سُودِ
الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ التهذيب والجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد وجُثْمانه
وأَلقى عليه أَجْرامه عن اللحياني ولم يفسره قال ابن سيده وعندي أنه يريد ثَقَلَ
جِرْمِه وجمع على ما تَقَدَّم في بيت يزيد وفي حديث عليّ اتّقُوا الصُّبْحة فإنها
مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم قال ثعلب الجِرْمُ البَدَنُ ورجل جَريمٌ عظيم الجِرْم
وأَنشد ثعلب وقد تَزْذَري العينُ الفَتى وهو عاقِلٌ ويُؤفَنُ بَعْضُ القومِ وهو
جَريمُ ويروى وهو حزيم وسنذكره والأُنثى جَريمة ذات جِرْم وجِسْم وإبل جَريمٌ
عِظامُ الأَجْرام حكى يعقوب عن أَبي عمرو جِلَّةٌ جَريمٌ وفسره فقال عِظام
الأَجْرام يعني الأَجسام والجِرْم الحَلْقُ قال مَعْنُ بن أَوْسٍ لأسْتَلّ منه
الضِّغْنَ حتى اسْتَلَلْتُه وقد كانَ ذا ضِغْنٍ يَضِيقُ به الجِرْمُ يقول هو أمر
عظيم لا يُسِيغُه الحَلْقُ والجِرْمُ الصوت وقيل جَهارَتُه وكرهها بعضهم وجِرْمُ
الصوت جَهارته ويقال ما عرفته إلا بِجِرْم صوته قال أَبو حاتم قد أُولِعَتِ
العامَّةُ بقولهم فلان صافي الجِرْم أي الصوت أو الحَلْق وهو خطأٌ وفي حديث بعضهم
كان حَسَنَ الجِرْم قيل الجِرْم هنا الصوت والجِرْمُ البَدَنُ والجِرْم اللَّوْنُ
عن ابن الأعرابي وجَرِمَ لونُه
( * قوله « وجرم لونه » وكذلك جرم إذا عظم بدنه وبابهما فرح كما ضبط بالأصل
والتهذيب والتكملة وصوّبه السيد مرتضى على قول المجد وأَجرم عظم لونه وصفا ) إذا
صفا وحَوْلٌ مُجَرَّمٌ تامٌّ وسنة مُجَرَّمة تامَّة وقد تَجَرَّم أَبو زيد العامُ
المُجَرَّمُ الماضي المُكَمَّلُ وأَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة ولكنَّ حُمَّى
أَضْرَعَتْني ثلاثَةً مُجَرَّمةً ثم اسْتَمَرَّتْ بنا غِبَّا ابن هانئ سَنَةٌ
مُجَرَّمةٌ وشهر مُجَرَّمٌ وكَريتٌ فيهما ويوم مُجَرَّمٌ وكَريتٌ وهو التام الليث
جَرَّمْنا هذه السنةَ أي خَرَجْنا منها وتَجَرَّمَتِ السنةُ أي انقضت وتَجَرَّمَ
الليلُ ذهب قال لبيد دِمَنٌ تَجَرَّم بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها حِجَجٌ خَلَوْنَ
حَلالُها وحَرامُها أي تَكَمَّل قال الأَزهري وهذا كله من القَطْع كأَنّ السنة لما
مضت صارت مقطوعة من السنة المستقبلة وجَرَّمْنا القومَ خرجنا عنهم ولا جَرَم أي لا
بدّ ولا محالة وقيل معناه حَقّاً قال أَبو أسماء بن الضَّريبَةِ ولقد طَعَنْتُ أبا
عُيَيْنَةَ طَعْنَةً جَرَمَتْ فَزارةَ بعدَها أن يَغْضَبُوا أي حَقَّتْ لها
الغَضَبَ وقيل معناه كسَبَتْها الغَضَبَ قال سيبويه فأما قوله تعالى لا جَرَمَ
أنَّ لهم النارَ فإن جَرَم عَمِلَتْ لأَنها فعل ومعناها لقد حَقَّ أن لهم النار
وقول المفسرين معناها حَقّاً أن لهم النارَ يَدُلُّك على أنها بمنزلة هذا الفعل
إذا مثَّلْتَ فَجَرَمَ عَمِلَتْ بعدُ في أَنّ والعرب تقول لا جرم لآتِيَنَّك لا جَرَم
لقد أَحْسَنْتَ فتراها بمنزلة اليمين وكذلك فسرها المفسرون حَقّاً أنهم في الآخرة
هم الأَخْسَرُون وأصلها من جَرَمْتُ أي كَسَبْتُ الذنبَ وقال الفراء وليس قول من
قال إن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْتُ بشيء وإنما لَبَّس عليه قولُ الشاعر
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدها أن يَغْضَبُوا فرفعوا فَزارة وقالوا نجعل الفعل لفَزارة
كأَنها بمنزلة حَقَّ لها أو حُقَّ لها أن تَغْضَبَ قال وفزارة منصوب في البيت
المعنى جَرَمَتْهُم الطعنةُ الغَضَبَ أي كَسَبَتْهم وقال غير الفراء حقيقة معنى لا
جَرَم أن لا نَفْيٌ ههنا لَمَّا ظنوا أنه ينفعهم فرُدَّ ذلك عليهم فقيل لا ينفعهم
ذلك ثم ابتدأ فقال جَرَم أنهم في الآخرة هم الأَخْسَرونَ أي كَسَبَ ذلك العملُ لهم
الخُسْرانَ وكذلك قوله لا جَرَم أن لهم النارَ وأنهم مُفْرَطُونَ المعنى لا ينفعهم
ذلك ثم ابتدأ فقال جَرَم إفْكُهم وكَذِبُهم لهم عذابَ النار أي كَسَبَ بهم
عَذابَها قال الأزهري وهذا من أَبْيَن ما قيل فيه الجوهري قال الفراء لا جَرَم
كلمةٌ كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة فَجَرتْ على ذلك وكثرت حتى تَحَوَّلتْ
إلى معنى القَسَم وصارت بمنزلة حقّاً فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن
القسم ألا تراهم يقولون لا جَرَم لآتينك ؟ قال وليس قول من قال جَرَمْتُ حَقَقْتُ
بشيء وإنما لبس عليه الشاعر أَبو أَسماء بقوله جَرَمْتَ فَزارة وقال أَبو عبيدة
أَحَقّت عليهم الغضَبَ أي أَحَقَّتْ الطعنةُ فزارة أن يغضبوا وحَقَّتْ أيضاً من
قولهم لا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كذا أي حَقّاً قال ابن بري وهذا القول ردٌّ على
سيبويه والخليل لأنهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارةَ الغضَبَ أي بالغَضَبِ فأسقط
الباء قال وفي قول الفراء لا يحتاج إلى إسقاط حرف الجرّ فيه لأن تقديره عنده
كسَبَتْ فَزارةَ الغضبَ عليك قال والبيت لأَبي أَسماء بن الضَّريبة ويقال لعَطِية
بن عفيف وصوابه ولقد طعنتَ أَبا عُيَيْنة بفتح التاء لأَنه يخاطب كُرْزاً
العُقَيليَّ ويَرْثيه وقبل البيت يا كُرْزُ إنَّك قد قُتِلْتَ بفارسٍ بَطَلٍ إذا
هابَ الكُماةُ وجَبَّبُوا وكان كُرْزٌ قد طعن أبا عيينة وهو حِصْنُ بن حذيفة بن
بَدْر الفَزاريّ ابن سيده وزعم الخليل أن جَرَم إنما تكون جواباً لما قبلها من
الكلام يقول الرجل كان كذا وكذا وفعلوا كذا فتقول لا جَرَمَ أنهم سيندمون أو أَنه
سيكون كذا وكذا وقال ثعلب الفراء والكسائي يقولان لا جَرَمَ تَبْرِئةٌ ويقال لا
جَرَم
( * قوله « ويقال لا جرم إلخ » زاد الصاغاني لا جرم بضم فسكون ولا جرم بوزن كرم
ومعنى لا ذا جرم ولا أن ذا جرم استغفر الله والاجرام متاع الراعي والاجرام من
السمك لونان مستدير بلون وأسود له أجنحة ) ولا ذا جَرَم ولا أنْ ذا جَرَم ولا عَنْ
ذا جَرَم ولا جَرَ حذفوه لكثرة استعمالهم إياه قال الكسائي من العرب من يقول لا ذا
جرم ولا أن ذا جرم ولا عن ذا جرم ولا جَرَ بلا ميم وذلك أنه كثر في الكلام فحذفت
الميم كما قالوا حاشَ للهِ وهو في الأصل حاشَى وكما قالوا أَيْشْ وإنما هو أيُّ
شيء وكما قالوا سَوْ تَرَى وإنما هو سوفَ تَرَى قال الأزهري وقد قيل لا صلة في جَرَم
والمعنى كَسَبَ لهم عَمَلُهم النَّدَم وأَنشد ثعلب يا أُمَّ عَمْرٍو بَيِّني لا أو
نَعَمْ إن تَصْرمِي فراحةٌ ممن صَرَمْ أو تَصِلِي الحَبْلَ فقد رَثَّ ورَمّ قُلْتُ
لها بِينِي فقالت لا جَرَمْ أنَّ الفِراقَ اليومَ واليومُ ظُلَمْ ابن الأعرابي لا
جَرَ لقد كان كذا وكذا أي حقّاً ولا ذا جَرَ ولا ذا جَرَم والعرب تَصِلُ كلامها
بذي وذا وذو فتكون حَشْواً ولا يُعْتَدُّ بها وأَنشد إن كِلاباً والِدِي لا ذا
جَرَمْ وفي حديث قَيْس بن عاصم لا جَرَمَ لأَفُلَّنَّ حَدَّها قال ابن الأَثير هذه
كلمة تَرِدُ بمعنى تحقيق الشيء وقد اختلف في تقديرها فقيل أصلها التبرئة بمعنى لا
بُدَّ وقد استعملت في معنى حقّاً وقيل جَرَمَ بمعنى كَسَب وقيل بمعنى وَجَبَ
وحَقَّ ولا رَدٌّ لما قبلها من الكلام ثم يبتدأُ بها كقوله تعالى لا جَرَم أن لهم
النار أي ليس الأْمْرُ كما قالوا ثم ابتدأَ وقال وَجَبَ لهم النار والجَرْمُ
الحَرُّ فارسي معرَّب وأَرض جَرْمٌ حارّة وقال أَبو حنيفة دَفِيئةٌ والجمع جُرُومٌ
وقال ابن دُرَيْدٍ أَرْضٌ جَرْمٌ توصف بالحرِّ وهو دخيل الليث الجَرْمُ نَقِيض
الصَّرْد يقال هذه أَرض جَرْمٌ وهذه أَرض صَرْدٌ وهما دخِيلان
( * قوله « وهما دخيلان إلخ » عبارة التهذيب دخيلان مستعملان ) في الحرِّ والبرد
الجوهري والجُروُمُ من البلاد خلافُ الصُّرُودِ والجَرْمُ زَورَقٌ من زوارقِ
اليَمَن والجمع من كل ذلك جُرُومٌ والمُدّ يُدْعَى بالحجاز جَرِيماً يقال أَعطيته
كذا وكذا جَرِيماً من الطعام وجَرْمٌ بَطْنانِ بطنٌ في قُضاعة وهو جَرْمُ بنُ
زَيَّانَ والآخر في طيِّء وبنو جارِمٍ بطنانِ بطنٌ في بني ضَبَّة والآخر في بني
سَعْدٍ الليث جَرْمٌ قبيلة من اليمن وبَنُو جارِمٍ قومٌ من العرب وقال إذا ما
رَأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ إلى رَمْلِها والجارمِيُّ عَمِيدُها
( * قوله « إذا ما إلخ » تقدم في عمد شمساً بدل حرباً والجلهمي بدل الجارميّ والذي
هناك هو ما في المحكم )
عَبُ الشَّمْس ضَوْءُها وقد يثقل وهو أَيضاً اسم قبيلة
معنى
في قاموس معاجم
مِثل كلمةُ
تَسْوِيَةٍ يقال هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه وشَبَهُه بمعنى قال ابن بري
الفرق بين المُماثَلة والمُساواة أَن المُساواة تكون بين المختلِفين في الجِنْس
والمتَّفقين لأَن التَّساوِي هو التكافُؤُ في المِقْدار لا يزيد ولا ينقُص وأَما
المُما
مِثل كلمةُ
تَسْوِيَةٍ يقال هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه وشَبَهُه بمعنى قال ابن بري
الفرق بين المُماثَلة والمُساواة أَن المُساواة تكون بين المختلِفين في الجِنْس
والمتَّفقين لأَن التَّساوِي هو التكافُؤُ في المِقْدار لا يزيد ولا ينقُص وأَما
المُماثَلة فلا تكون إِلا في المتفقين تقول نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه
كلونِه وطعمُه كطعمِه فإِذا قيل هو مِثْلة على الإِطلاق فمعناه أَنه يسدُّ مسدَّه
وإِذا قيل هو مِثْلُه في كذا فهو مُساوٍ له في جهةٍ دون جهةٍ والعرب تقول هو
مُثَيْلُ هذا وهم أُمَيْثالُهم يريدون أَن المشبَّه به حقير كما أَن هذا حقير
والمِثْل الشِّبْه يقال مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بمعنى واحد قال ابن جني وقوله
عز وجل فَوَرَبِّ السماء والأَرض إِنه لحقٌّ مثل ما أَنَّكم تَنْطِقون جَعَل مِثْل
وما اسماً واحداً فبنى الأَولَ على الفتح وهما جميعاً عندهم في موضع رفعٍ لكونهما
صفة لحقّ فإِن قلت فما موضع أَنكم تنطِقون ؟ قيل هو جر بإِضافة مِثْلَ ما إِليه
فإِن قلت أَلا تعلم أَن ما على بِنائها لأَنها على حرفين الثاني منهما حرفُ لِينٍ
فكيف تجوز إِضافة المبني ؟ قيل ليس المضاف ما وحدَها إِنما المضاف الاسم المضموم
إِليه ما فلم تَعْدُ ما هذه أَن تكون كتاء التأْنيث في نحو جارية زيدٍ أَو كالأَلف
والنون في سِرْحان عَمْرو أَو كياء الإِضافة في بَصْرِيِّ القومِ أَو كأَلف
التأْنيث في صحراء زُمٍّ أَو كالأَلف والتاء في قوله في غائلاتِ الحائِر
المُتَوّهِ وقوله تعالى ليس كَمِثْلِه شيء أَراد ليس مِثْلَه لا يكون إِلا ذلك
لأَنه إِن لم يَقُل هذا أَثبتَ له مِثْلاً تعالى الله عن ذلك ونظيرُه ما أَنشده
سيبويه لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ أَي مَقَقٌ وقوله تعالى فإِن آمنوا
بمثل ما آمنتم به قال أَبو إِسحق إِن قال قائل وهل للإِيمان مِثْل هو غير الإِيمان
؟ قيل له المعنى واضح بيِّن وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تصديقكم في
إِيمانكم بالأَنبياء وتصديقكم كتوحيدكم
( * قوله « وتصديقكم كتوحيدكم » هكذا في الأصل ولعله وبتوحيد كتوحيدكم ) فقد
اهتدوا أَي قد صاروا مسلمين مثلكم وفي حديث المِقْدام أَن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتاب ومِثْلَه معه قال ابن الأَثير يحتمل وجهين
من التأْويل أَحدهما أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن غيرِ المَتْلُوِّ مثل ما
أُعطيَ من الظاهر المَتْلُوِّ والثاني أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي من
البَيان مثلَه أَي أُذِنَ له أَن يبيِّن ما في الكتاب فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد
وينقُص فيكون في وُجوب العَمَل به ولزوم قبوله كالظاهِر المَتْلوِّ من القرآن وفي
حديث المِقْدادِ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه
قبلَ أَن يقولَ كلمته أَي تكون من أَهل النار إِذا قتلتَه بعد أَن أَسْلَمَ
وتلفَّظ بالشهادة كما كان هو قبل التلفُّظ بالكلمة من أَهل النار لا أَنه يصير
كافراً بقتله وقيل إِنك مِثْله في إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قبل أَن يُسْلِم
مُباحُ الدم فإِن قتله أَحد بعد أَن أَسلم كان مُباحَ الدم بحقِّ القِصاصِ ومنه
حديث صاحب النِّسْعةِ إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قال ابن الأَثير جاء في رواية
أَبي هريرة أَنَّ الرجلَ قال والله ما أَردت قَتْله فمعناه أَنه قد ثَبت قَتْلُه
إِياه وأَنه ظالم له فإِن صَدَقَ هو في قوله إِنه لم يُرِد قَتْله ثم قَتَلْتَه
قِصاصاً كنتَ ظالماً مثلَه لأَنه يكون قد قَتَلَه خطأً وفي حديث الزكاة أَمَّا
العبَّاس فإِنها عليه ومثلُها مَعها قيل إِنه كان أَخَّرَ الصَّدَقة عنه عامَيْن
فلذلك قال ومثلُها معها وتأْخير الصدقةِ جائز للإِمام إِذا كان بصاحبها حاجةٌ
إِليها وفي رواية قال فإِنها عَليَّ ومثلُها معها قيل إِنه كان اسْتَسْلَف منه
صدقةَ عامين فلذلك قال عَليَّ وفي حديث السَّرِقة فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه هذا
على سبيل الوَعِيدِ والتغليظِ لا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عنه وإِلاّ فلا
واجبَ على متلِف الشيء أَكثر من مِثْلِه وقيل كان في صدْر الإِسلام تَقَعُ
العُقوباتُ في الأَموال ثم نسِخ وكذلك قوله في ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها ومثلُها
معها قال ابن الأَثير وأَحاديث كثيرة نحوه سبيلُها هذا السبيل من الوعيد وقد كان
عمر رضي الله عنه يحكُم به وإِليه ذهب أَحمدُ وخالفه عامَّة الفقهاء والمَثَلُ
والمَثِيلُ كالمِثْل والجمع أَمْثالٌ وهما يَتَماثَلانِ وقولهم فلان مُسْتَرادٌ
لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عليه وقيل
معناه مُسْتَراد مِثْله أَو مِثْلها واللام زائدة والمَثَلُ الحديثُ نفسُه وقوله
عز وجل ولله المَثَلُ الأَعْلى جاء في التفسير أَنه قَوْلُ لا إِله إِلاَّ الله
وتأْويلُه أَن الله أَمَر بالتوحيد ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ وهي الأَمثال قال ابن
سيده وقد مَثَّلَ به وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ به وتَمَثَّله قال جرير
والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا على أَن
هذا قد يجوز أَن يريد به تمثَّل بالأَمْثال ثم حذَف وأَوْصَل وامْتَثَل القومَ
وعند القوم مَثَلاً حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد بيتاً ثم آخَر ثم آخَر وهي
الأُمْثولةُ وتمثَّل بهذا البيتِ وهذا البيتَ بمعنى والمَثَلُ الشيء الذي يُضرَب
لشيء مثلاً فيجعل مِثْلَه وفي الصحاح ما يُضرَب به من الأَمْثال قال الجوهري ومَثَلُ
الشيء أَيضاً صفته قال ابن سيده وقوله عز من قائل مَثَلُ الجنَّةِ التي وُعِدَ
المُتَّقون قال الليث مَثَلُها هو الخبر عنها وقال أَبو إِسحق معناه صِفة الجنة
وردّ ذلك أَبو علي قال لأَن المَثَلَ الصفة غير معروف في كلام العرب إِنما معناه
التَّمْثِيل قال عمر بن أَبي خليفة سمعت مُقاتِلاً صاحبَ التفسير يسأَل أَبا عمرو
بن العلاء عن قول الله عز وجل مَثَل الجنة ما مَثَلُها ؟ فقال فيها أَنْهار من
ماءٍ غير آسِنٍ قال ما مثلها ؟ فسكت أَبو عمرو قال فسأَلت يونس عنها فقال مَثَلُها
صفتها قال محمد ابن سلام ومثل ذلك قوله ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في
الإِنجيل أَي صِفَتُهم قال أَبو منصور ونحوُ ذلك رُوي عن ابن عباس وأَما جواب أَبي
عمرو لمُقاتِل حين سأَله ما مَثَلُها فقال فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ ثم
تكْريرُه السؤال ما مَثَلُها وسكوت أَبي عمرو عنه فإِن أَبا عمرو أَجابه جواباً
مُقْنِعاً ولما رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سكت عنه لما وقف من غلظ فهمه وذلك أَن
قوله تعالى مَثَل الجنة تفسير لقوله تعالى إِن الله يُدْخِل الذين آمنوا وعملوا
الصالحاتِ جناتٍ تجري من تحتها الأَنهار وَصَفَ تلك الجناتِ فقال مَثَلُ الجنة
التي وصفْتُها وذلك مِثْل قوله ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل أَي
ذلك صفةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأَصحابِه في التوراة ثم أَعلمهم أَن صفتهم في
الإِنجيل كَزَرْعٍ قال أَبو منصور وللنحويين في قوله مثل الجنة التي وُعِد المتقون
قولٌ آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب قال التقدير فيما يتلى عليكم
مَثَلُ الجنة ثم فيها وفيها قال ومَنْ قال إِن معناه صِفةُ الجنةِ فقد أَخطأَ لأَن
مَثَل لا يوضع في موضع صفة إِنما يقال صفة زيد إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ ويقال
مَثَلُ زيد مثَلُ فلان إِنما المَثَل مأْخوذ من المِثال والحَذْوِ والصفةُ
تَحْلِية ونعتٌ ويقال تمثَّل فلانٌ ضرب مَثَلاً وتَمَثَّلَ بالشيء ضربه مَثَلاً
وفي التنزيل العزيز يا أَيُّها الناسُ ضُرِب مَثَل فاستَمِعوا له وذلك أَنهم
عَبَدُوا من دون الله ما لا يَسْمَع ولا يُبْصِر وما لم ينزِل به حُجَّة فأَعْلَم
اللهُ الجوَاب ممَّا جعلوه له مَثَلاً ونِدًّا فقال إِنَّ الذين تَعْبُدون من دون
الله لن يخلُقوا ذُباباً يقول كيف تكونُ هذه الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالاً للهِ
وهي لا تخلُق أَضعفَ شيء مما خلق اللهُ ولو اجتمعوا كلُّهم له وإِن يَسْلُبْهُم
الذُّبابُ الضعيفُ شيئاً لم يخلِّصوا المَسْلوبَ منه ثم قال ضَعُفَ الطالِبُ
والمَطْلوبُ وقد يكون المَثَلُ بمعنى العِبْرةِ ومنه قوله عز وجل فجعلناهم سَلَفاً
ومَثَلاً للآخرين فمعنى السَّلَفِ أَنا جعلناهم متقدِّمين يَتَّعِظُ بهم
الغابِرُون ومعنى قوله ومَثلاً أَي عِبْرة يعتبِر بها المتأَخرون ويكون المَثَلُ
بمعنى الآيةِ قال الله عز وجل في صفة عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام وجعلناه
مَثَلاً لبني إِسرائيل أَي آيةً تدلُّ على نُبُوّتِه وأَما قوله عز وجل ولَمَّا
ضُرِب ابنُ مريم مثلاً إِذا قومُك منه يَصُدُّون جاء في التفسير أَن كفَّارَ قريشٍ
خاصَمَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فلما قيل لهم إِنكم وما تعبُدون من دون الله
حَصَبُ جهنم قالوا قد رَضِينا أَن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكةِ الذين
عُبِدوا من دون الله فهذا معنى ضَرْبِ المَثَل بعيسى والمِثالُ المقدارُ وهو من
الشِّبْه والمثل ما جُعل مِثالاً أَي مقداراً لغيره يُحْذَى عليه والجمع المُثُل
وثلاثة أَمْثِلةٍ ومنه أَمْثِلةُ الأَفعال والأَسماء في باب التصريف والمِثال
القالَِبُ الذي يقدَّر على مِثْله أَبو حنيفة المِثالُ قالَِب يُدْخَل عَيْنَ
النَصْل في خَرْق في وسطه ثم يُطْرق غِراراهُ حتى يَنْبَسِطا والجمع أَمْثِلةٌ
وتَماثَل العَليلُ قارَب البُرْءَ فصار أَشْبَهَ بالصحيح من العليل المَنْهوك وقيل
إِن قولَهم تَماثَل المريضُ من المُثولِ والانتصابِ كأَنه هَمَّ بالنُّهوض
والانتصاب وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها رضوان الله عليهما فَحَنَتْ له قِسِيَّها
وامْتَثَلوه غَرَضاً أَي نَصَبوه هَدَفاً لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم وهو افتَعل
من المُثْلةِ ويقال المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولاً وانتصاباً ثم جعل
صفة للإِقبال قال أَبو منصور معنى قولهم المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن حالاً
من حالةٍ كانت قبلها وهو من قولهم هو أَمْثَلُ قومه أَي أَفضل قومه الجوهري فلانٌ
أَمْثَلُ بني فلانٍ أَي أَدناهم للخير وهؤلاء أَماثِلُ القوم أَي خيارُهم وقد
مَثُل الرجل بالضم مَثالةً أَي صار فاضِلاً قال ابن بري المَثالةُ حسنُ الحال ومنه
قولهم زادك الله رَعالةً كلما ازْدَدْتَ مَثالةً والرَّعالةُ الحمقُ قال ويروى
كلما ازْددْت مَثالة زادك اللهُ رَعالةً والأَمْثَلُ الأَفْضَلُ وهو من أَماثِلِهم
وذَوِي مَثَالَتِهم يقال فلان أَمْثَلُ من فلان أَي أَفضل منه قال الإِيادي وسئل
أَبو الهيثم عن مالك قال للرجل ائتني بقومك فقال إِن قومي مُثُلٌ قال أَبو الهيثم
يريد أَنهم سادات ليس فوقهم أَحد والطريقة المُثْلى التي هي أَشبه بالحق وقوله
تعالى إِذ يقول أَمْثَلُهم طريقةً معناه أَعْدَلُهم وأَشْبهُهم بأَهل الحق وقال
الزجاج أَمْثَلُهم طريقة أَعلمهم عند نفسه بما يقول وقوله تعالى حكاية عن فرعون
أَنه قال ويَذْهَبا بطريقتكم المُثْلى قال الأَخفش المُثْلى تأْنيثُ الأَمْثَل
كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى وقال أَبو إِسحق معنى الأَمْثَل ذو الفضل الذي يستحق
أَن يقال هو أَمثل قومه وقال الفراء المُثْلى في هذه الآية بمنزلة الأَسماء
الحُسْنى وهو نعت للطريقة وهم الرجال الأَشراف جُعِلَتِ المُثْلى مؤنثةً لتأْنيث
الطريقة وقال ابن شميل قال الخيل يقال هذا عبدُ الله مِثْلك وهذا رجل مِثْلك لأَنك
تقول أَخوك الي رأَيته بالأَمس ولا يكون ذلك في مَثَل والمَثِيلُ الفاضلُ وإِذا
قيل مَنْ أَمْثَلُكُم قلت كُلُّنا مَثِيل حكاه ثعلب قال وإِذا قيل مَنْ أَفضلكُم ؟
قلت فاضِل أَي أَنك لا تقول كلُّنا فَضيل كما تقول كُلُّنا مَثِيل وفي الحديث
أَشدُّ الناس بَلاءً الأَنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ
والأَعلى فالأَعلى في الرُّتبةِ والمنزلة يقال هذا أَمثلُ من هذا أَي أَفضلُ
وأَدنَى إِلى الخير وأَماثِلُ الناس خيارُهم وفي حديث التَّراويح قال عمر لو
جَمَعْت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثلَ أَي أَولى وأَصوب وفي الحديث أَنه قال
بعد وقعةِ بَدْر لو كان أَبو طالب حَيّاً لَرَأَى سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل
قال الزمخشري معناه اعتادت واستأْنستْ بالأَماثِل وماثَلَ الشيءَ شابهه
والتِّمْثالُ الصُّورةُ والجمع التَّماثيل ومَثَّل له الشيءَ صوَّره حتى كأَنه
ينظر إِليه وامْتَثله هو تصوَّره والمِثالُ معروف والجمع أَمْثِلة ومُثُل ومَثَّلت
له كذا تَمْثيلاً إِذا صوَّرت له مثالة بكتابة وغيرها وفي الحديث أَشدُّ الناس
عذاباً مُمَثِّل من المُمَثِّلين أَي مصوِّر يقال مَثَّلْت بالتثقيل والتخفيف إِذا
صوَّرت مِثالاً والتِّمْثالُ الاسم منه وظِلُّ كل شيء تِمْثالُه ومَثَّل الشيء
بالشيء سوَّاه وشبَّهه به وجعله مِثْلَه وعلى مِثالِه ومنه الحديث رأَيت الجنةَ
والنار مُمَثَّلَتين في قِبْلةِ الجِدار أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما ومنه الحديث
لا تمثِّلوا بنَامِيَةِ الله أَي لا تشبهوا بخلقه وتصوِّروا مثل تصويره وقيل هو من
المُثْلة والتِّمْثال اسم للشيء المصنوع مشبَّهاً بخلق من خلق الله وجمعه
التَّماثيل وأَصله من مَثَّلْت الشيء بالشيء إِذا قدَّرته على قدره ويكون تَمْثيل
الشيء بالشيء تشبيهاً به واسم ذلك الممثَّل تِمْثال وأَما التَّمْثال بفتح التاء
فهو مصدر مَثَّلْت تمثيلاً وتَمْثالاً ويقال امْتَثَلْت مِثالَ فلان احْتَذَيْت
حَذْوَه وسلكت طريقته ابن سيده وامْتَثَلَ طريقته تبِعها فلم يَعْدُها ومَثَلَ
الشيءُ يَمْثُل مُثُولاً ومَثُل قام منتصباً ومَثُل بين يديه مُثُولاً أَي انتصب
قائماً ومنه قيل لِمَنارة المَسْرَجة ماثِلةٌ وفي الحديث مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل
له الناس قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده من النار أَي يقوموا قِياماً وهو جالس
يقال مَثُل الرجل يَمْثُل مُثولاً إِذا انتصب قائماً وإِنما نهى عنه لأَنه من
زِيِّ الأَعاجم ولأَن الباعث عليه الكِبْر وإِذلالُ الناس ومنه الحديث فقام النبي
صلى الله عليه وسلم مُمْثِلاً يروى بكسر الثاء وفتحها أَي منتصباً قائماً قال ابن
الأَثير هكذا شرح قال وفيه نظر من جهة التصريف وفي رواية فَمَثَلَ قائماً
والمَاثِلُ القائم والماثِلُ اللاطِيءُ بالأَرض ومَثَل لَطِئَ بالأَرض وهو من
الأَضداد قال زهير تَحَمَّلَ منها أَهْلُها وخَلَتْ لها رُسومٌ فمنها مُسْتَبِينٌ
وماثِلُ والمُسْتَبِين الأَطْلالُ والماثلُ الرُّسومُ وقال زهير أَيضاً في الماثِل
المُنْتَصِبِ يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمس ماثِلاً على الجِذْل إِلا أَنه لا
يُكَبِّرُ وقول لبيد ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ صادِرٍ وَهْمٍ صُوَاه كالمَثَلْ
فسَّره المفسِّر فقال المَثَلُ الماثِلُ قال ابن سيده ووجهه عندي أَنه وضع
المَثَلَ موضع المُثُولِ وأَراد كَذِي المَثَل فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه
مقامه ويجوز أَن يكون المَثَلُ جمع ماثِل كغائب وغَيَب وخادِم وخَدَم وموضع الكاف
الزيادة كما قال رؤبة لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ أَي فيها مَقَقٌ
ومَثَلَ يَمْثُل زال عن موضعه قال أَبو خِراش الهذلي يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيجُ
لِما يَرى فمنه بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ
( * قوله « يقربه النهض إلخ » تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما هنا ) أَبو
عمرو كان فلان عندنا ثم مَثَل أَي ذهب والماثِلُ الدارِس وقد مَثَل مُثولاً
وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احتذاه قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن رَبَاعٍ لها مُذْ
أَوْرَقَ العُودُ عنده خُماشاتُ ذَحْلٍ ما يُراد امتِثالُها ومَثَلَ بالرجل
يَمْثُل مَثْلاً ومُثْلة الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ومَثَّل كلاهما نكَّل به وهي
المَثُلَة والمُثْلة وقوله تعالى وقد خَلَت من قبلهمُ المَثُلاتُ قال الزجاج الضمة
فيها عِوَض من الحذف وردّ ذلك أَبو علي وقال هو من باب شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ
لَجِبات الجوهري المَثُلة بفتح الميم وضم الثاء العقوبة والجمع المَثُلات التهذيب
وقوله تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المَثُلات يقول
يستعجلونك بالعذاب الذي لم أُعاجلهم به وقد علموا ما نزل من عُقوبَتِنا بالأُمَمِ
الخالية فلم يعتبروا بهم والعرب تقول للعقوبة مَثُلَه ومُثْلة فمن قال مَثُله
جمعها على مَثُلات ومن قال مُثْلة جمعها على مُثُلات ومُثَلات ومُثْلات بإِسكان
الثاء يقول يستعجلونك بالعذاب أَي يطلبُون العذاب في قولهم فأَمطر علينا حجارةً من
السماء وقد تقدم من العذاب ما هو مُثْلة وما فيه نَكالٌ لهم لو اتَّعظوا وكأَن
المَثْل مأْخوذ من المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ في عُقوبته جعله مَثَلاً وعَلَماً
ويقال امْتَثَل فلان من القوم وهؤُلاء مُثْلُ القوم وأَماثِلُهم يكون جمع أَمْثالٍ
ويكون جمع الأَمْثَلِ وفي الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُمَثَّل
بالدوابِّ وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بها وهو أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع
أَطرافها وهي حَيَّة وفي الحديث أَنه نهى عن المُثْلة يقال مَثَلْت بالحيوان
أَمْثُل به مَثْلاً إِذا قطعت أَطرافه وشَوَّهْت به ومَثَلْت بالقتيل إِذا جَدَعت
أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شيئاً من أَطرافه والاسم المُثلة فأَما مَثَّل
بالتشديد فهو للمبالغة ومَثَلَ بالقتيل جَدَعه وأَمْثَله جعله مُثْلة وفي الحديث
من مَثَلَ بالشَّعَر فليس له عند الله خَلاق يوم القيامة مُثْلة الشَّعَر حَلْقُه
من الخُدُودِ وقيل نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد وروي عن طاووس أَنه قال جعله الله
طُهْرةً فجعله نَكالاً وأَمْثَلَ الرجلَ قَتَلَه بقَوَدٍ وامْتَثَل منه اقتصَّ قال
إِن قَدَرْنا يوماً على عامِرٍ نَمْتَثِلْ منه أَو نَدَعْهُ لكْم وتَمَثَّل منه
كامْتَثَل يقال امْتَثَلْت من فلان امْتِثالاً أَي اقتصصت منه ومنه قول ذي الرمة
يصف الحمار والأُتن خُماشات ذَحْلٍ ما يُرادُ امْتِثالُها أَي ما يُراد أَن
يُقْتَصَّ منها هي أَذل من ذلك أَو هي أَعز عليه من ذلك ويقول الرجل للحاكم
أَمْثِلْني من فلان وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي أَقِصَّني منه وقد أَمْثَله الحاكم
منه قال أَبو زيد والمِثالُ القِصاص قال يقال أَمْثَله إِمْثالاً وأَقصَّه
إِقْصاصاً بمعنى والاسم المِثالُ والقِصاصُ وفي حديث سُويد بن مقرّن قال ابنُه
معاوية لَطَمْتُ مَوْلىً لنا فدَعاه أَبي ودعاني ثم قال امْثُل منه وفي رواية
امْتَثِل فعَفا أَي اقتصَّ منه يقال أَمْثَلَ السلطانُ فلاناً إذا أَقادَه وقالوا
مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ عن ابن الأعرابي وأَنشد مَن لا يَضَعْ
بالرَّمْلةِ المَعاوِلا يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ
والتَّلاتِلا عنى بالتَّلاتِل الشدائد والمِثالُ الفِراش وجمعه مُثُل وإِن شئت
خفَّفت وفي الحديث أَنه دخل على سعد وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي فِراش خَلَق وفي
الحديث عن جرير عن مغيرة عن أُم موسى أُم ولد الحسين بن علي قالت زوَّج علي بن
أَبي طالب شابَّين وابْني منهما فاشترى لكل واحد منهما مِثالَيْن قال جرير قلت
لمُغيرة ما مِثالان ؟ قال نَمَطان والنّمَطُ ما يُفْترش من مَفارش الصوف الملوَّنة
وقوله وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي فِراش خلَق قال الأَعشى بكلِّ طُوَالِ
السَّاعِدَيْنِ كأَنما يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثالَ المُمَهَّدا وفي حديث عكرمة
أَن رجلاً من أَهل الجنة كان مُسْتَلْقِياً على مُثُله هي جمع مِثال وهو الفِراش
والمِثالُ حجَر قد نُقِر في وَجْهه نَقْرٌ على خِلْقة السِّمَة سواء فيجعل فيه طرف
العمود أَو المُلْمُول المُضَهَّب فلا يزالون يَحْنون منه بأَرْفَق ما يكون حتى
يَدخل المِثال فيه فيكون مِثْله والأَمْثال أَرَضُون ذاتُ جبال يشبه بعضُها بعضاً
ولذلك سميت أَمْثالاً وهي من البَصرة على ليلتين والمِثْل موضع
( * قوله « والمثل موضع » هكذا ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة ولكن في
القاموس ضبط بالضم )
قال مالك بن الرَّيْب أَلا ليت شِعْري عل تَغَيَّرَتِ الرَّحَى رَحَى المِثْل أَو
أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَا ؟