الثَّبْرُ : الحَبْسُ كالتَّثْبِير ثَبَره يَثْبُرُهُ ثَبْراً وثَبَّرَه كلاهما حَبَسَه قال :
" بنعْمانَ لم يُخْلَقْ ضَعِيفاً مُثَبَّرَا . الثَّبْرُ : المَنْعُ والصَّرْفُ عن الأمْرِ . وفي حديثِ أبي مُوسَى : " أَتَدْرِي مَا ثَبَرَ الناس ؟ " أي ما الذي صَدَّهم وَمَنَعهم مِن طاعَةِ اللهِ ؟ وقيل : ما بَطُؤَ بهم عنها ؟ . وقال أبو زيد : ثَبَرْتُ فلاناً عن الشَّيْءِ أَثْبُرُهُ : رَدَدْتُه عنه . وقولُه تعالَى : " وإنِّي لأَظُنَّكَ يا فِرْعَونُ مَثْبُوراً " قال الفَرَّاءُ : أي مغلوباً ممنوعاً عن الخير . وعن ابن الأعرابيِّ : والعربُ تقولُ : ما ثَبَرَكَ عنْ هذا ؟ أَي ما مَنَعَكَ منه ؟ ما صَرَفَك عنه ؟ الثَّبْرُ : التَّخْيِيبُ واللَّعْنُ والطَّرْدُ
وقال ابن الأعْرَابِيِّ : المَثْبُورُ : المَلْعُونُ المَطْرُودُ المُعَذَّبُ وقال الكُمَيْت :
ورَأَتْ قُضاعَةُ في الأيَا ... مِنِ رَأْىَ مَثْبُورٍ وثابِرْ . أي مَخْسُورٍ وخاسِر يَعْنِي في انتسابِها إلى اليَمَن . الثَّبْرُ : جَزْرُ البَحْرِ عن الصّغانّي
الثُّبُورُ : بالضمّ : الهَلاكُ والخُسْرَانُ . قال مُجاهد : مَبْثُوراً أي هالِكاً . وفي حديث الدُّعاءِ : " أَعُوذُ بكَ مِن دَعْوَةِ الثُّبُورِ " هو الهَلاكُ . وقال الزَّجّاج في قوله تعالى : " دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً " بمعنَى : هَلاكاً ونَصْبُه على المَصْدَرِ كأنَّهم قالوا : ثَبَرْنا ثُبُوراً ثم قال لهم " لا تَدْعُوا اليومَ ثُبُوراً " مَصْدَرٌ فهو للقليل والكثيرِ على لفظٍ واحدٍ . الثُّبُورُ : الوَيْلُ والإهلاكُ وبه فَسَّرَ قَتَادةُ الآيَةَ وقال : ومَثَلٌ للعَرَب إلى أُمّه يَأْوِي مَن ثُبِرَ أي مَن أُهْلِكَ . وقد ثَبَرَ يَثْبُرُ ثُبُوراً وثَبَرَه اللهُ : أهْلَكَه إهلاكاً لا يَنْتَعِشُ بعده فَمِنْ هنالِكَ يَدْعُو أهلُ النارِ : واثُبُوراه . وثَابَرَ على الأمْرِ : وَاظَبَ ودَاوَمَ وهو مُثَابِرٌ على التَّعَلُّمِ . وفي الحديث : " مَن ثابَرَ على ثِنْتَيْ عَشْرَةَ ركعةً مِن السُّنَّة " قال ابن الأثِير : المُثَابَرَةُ : الحِرْصُ على القَوْل والفِعْل ومُلازَمَتُها . وتَثابَرَا في الحَرْب : تَواثَبَا . والثَّبْرَةُ بفتحٍ فسكونٍ : الأرضُ السَّهْلَةُ وقيل : أرضٌ ذاتُ حجارةٍ بيضٍ . وقال أبو حَنِيفَةَ : هي حجارةٌ بيضٌ تُقَوَّمُ ويُبْنَى بها ولم يَقُلْ : إنّها أرضٌ ذاتُ حجارةٍ
الثَّبْرَةُ : تُرَابٌ شَبِيةٌ بالنُّورَةِ يكونُ بين ظَهْرِي الأرضِ فإذا بَلَغَ عِرْقُ النَّخْلَةِ إليه وَقَفَ . يُقال : لَقيَتْ عُرُوقُ النَّخْلَةِ ثَبْرَةً فَرَدَّتْها . الثَّبْرَةُ : الحُفْرَةُ : في الأرضِ يَجتمعُ فيها الماءُ
وثَبْرَةُ : وادٍ بدِيَارِ ضَبَّةَ وقيل : في أرضِ بني تَمِيم قريبٌ مِن طُوَيْلع لبني مَنافِ بنِ دارِم أو لبني مالِكِ بنِ حَنْظلةَ على طريق الحاجَّ إذا أخَذُوا على المُنْكَدِرِ
الثَّبْرَةُ بالضمّ : الصُّبْرَةُ لَثْغَة
تقول : لا أَفْعَلُ وربِّ الأثْبِرَةِ الغُبْرِ وهو جَمْعُ ثَبِير وثَبِيرُ الأثْبِرَةِ قيل : هو أعظمُها وثَبِيرُ الخَضْراءِ وثَبِيرُ النِّصْعِ بالكَسْر كأَنَّه لبَياضِ فيه وهو جبلُ المُزْدَلِفَةِ وثَبِيرُ الزِّنْج قيل : سُمِّيَ به لأنّ الزِّنج كانوا يجتمهون عنده لَلَهْوِهم ولَعِبِهم وثَبيرُ الأُعْرَجِ هكذا في النُّسَخ وفي بعض الأُصول : الأَعْوَج وثَبِيرُ الأحْدَبِ قيل : هو المرادُ في الأحَادِيثِ المُخْتَلَفُ فيه : هل هو عن يَمِين الخارِجِ إِلى عَرَفةَ في أثناءِ مِنىً أو عن يَسارِه ؟ وفيه ورد : " أشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ " وثَبِيرُ غَيْنَاءَ بالغَيْن المُعْجَمة وهي قُلَّةٌ على رَأْسِه : جِبالٌ بظاهِرِ مكةَ شَرَّفَها اللهُ تعالَى أي خارِجاً عنها . وقولُ ابنِ الأثيرِ وغيرِه : بمكَّةَ إِنَّمَا هو تَجَوُّزٌ أي بقُرْبِها
قال شيخُنَا : ذَكَرُوا أنّ ثَبِيراً كان رجلاً مِن هُذَيْل مات في ذلك الجَبَل فعُرِفَ به قيل : كان فيه سُوقٌ من أسواقِ الجاهليّة كعُكَاظ وهو على يَمِين الذاهِبِ إلى عَرَفَةَ في قول النَّوَوِيِّ وهو الذي جَزَمَ به عِياضٌ في المَشَارِقِ وتَبِعَه تلميذُه ابنُ قرقول في المَطَالع وغيرُهما أو على يَسارِه كما ذَهَب إليه المُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ومَن وافَقَه وانْتَقَدُوه وصَوَّبُوا الأوَّلَ حتى ادَّعَى أقوامٌ أنّهُمَا ثَبِيرَانِ : أحدُهما عن اليَمِين والآخَرُ عن اليَسَارِ واستَبْعَدُوه . وفي المَراصِد والأساس : الأثْبِرَةُ : أربعةٌ . قلتُ : وقد عَدَّهم صاحبُ اللِّسان هكذا : ثَبِيرُ غَيْنَاءَ وثَبِيرُ الأعْرَجِ وثَبِيرُ الأحْدَبِ وثَبِيرُ حِرَاءَ وقال أبو عُبَيْدٍ البكريُّ : وإذا ثُنِّيَ ثَبِيرٌ أُرِيدَ بهما ثَبِيرٌ وحِرَاءٌ . وقال أبو سعيدٍ السُّكَّرِيُّ في شرح ديوانِ هُذَيْلٍ في تفسيرِ قول أَبي جُنْدَب :
لقد عَلِمَتْ هُذَيْلٌ أن جَارِي ... لَدَى أَطْرافِ غَيْنَا مِن ثَبِيرِ . قال : غَيْنَا : غَيْضَةٌ كثيرةُ الشَّجَرِ . وثَبِيرٌ : ماءَةٌ بدِيارِ مُزَيْنَةَ أقْطَعَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ تعالَى عليه وسلَّم شَرِيسَ بنَ ضَمْرَةَ المُزَنِيَّ حِين وَفَدَ عليه وسَأَلَه ذلك وسَمَّاه شُرَيْحاً وهو أوَّلُ مَن قَدِمَ بِصَدَقاتِ مُزَيْنَةَ . والمَثْبِرُ كمَنْزِلٍ : المَجْلِسُ وهو مستعارٌ مِن مَثْبِرِ النَّاقَةِ
المَثْبِرُ : المَقْطَعُ والمَفْصِلُ . المَثْبِرُ : المَوْضِعُ الذي تَلِدُ فيه المرأَةُ وفي حديثِ حَكِيمِ بنِ حِزَامِ : أنَّ أُمَّه وَلَدَتُه في الكَعْبَة وأنّه حُمِلَ في نِطْع وأُخِذَ ما تحت مَثْبِرِها فغُسِل عند حَوْضِ زَمْزَمَ . المَثْبِرُ : مَسْقَطُ الوَلَدِ أو تَضَعُ النّاقَةُ مِن الأرضِ وليس له فِعْلٌ . قال ابن سِيدَه : أُرَي إنَّما هو من باب المخْدَعِ . وفي الحديث : " أَنَّهُم وجدوا النّاقَةَ المُنْتِجَةَ تَفْحَصُ في مَثْبِرِهَا "
المَثْبِرُ أيضاً : مَجْزِرُ الجَزُورِ وفي بعض النُّسَخ : ويُجْزَرُ فيه الجَزُورُ . قال نُصَيْرٌ : مَثْبِرُ النَاقةِ أيضاً حيث تُنْحَرُ . قال أبو منصور : وهذا صَحِيح ومِن العَرَب مسموعٌ ورُبَّمَا قِيل لمَجْلِسِ الرَّجلِ : مَثْبِر . وقال ابنُ الأثِير : وأكثرُ ما يُقَال في الإبل . وثَبِرَتِ القَرْحَةُ كفَرِحَ : انْفَتَحَتْ ونَفِجَتْ وسالَتْ مِدَّتُهَا . وفي حديث مُعَاوِيَةَ : " أَنَّ أبا بُرْدَةَ قال : دَخلتُ عليه حِينَ أصابَتْه قَرْحَةٌ فقال : هَلُمَّ يا ابنَ أَخِي فانْظُرْ قال : فنظرتُ فإذا هي قد ثَبِرَتْ فقلتُ : ليس عليكَ بَأْسٌ يا أميرَ المؤمنين . واثْبارَرْتُ عنه : تَثَاقَلْتُ وكذا ابْجَارَرْتُ وقد تقدَّم كذا في نَوادِر الأعراب
يُقَال : هو عَلَى صِيرِ أمرٍ وثِبَارِ أَمْرٍ ككِتَابٍ أي على إشْرَافٍ مِن قَضَائِه
ومّما يُستدرك عليه : الثَّبْرَةُ : النُّقْرَةُ تكونُ في الجَبَل تُمْسِكُ الماءَ يَصْفُو فيها كالصَّهْرِيج إذا دَخَلَها الماءُ خَرَجَ فيها عن غُثائِه وصَفَا قال أبو ذُؤَيْب :
فَثَجَّ بها ثَبَراتِ الرِّصَا ... فِ حتَّى تَفَرَّقَ رَنْقُ المَدَرْوفي التَّهْذِيب : والثَّبْرَةُ : النُّقْرَةُ في الشَّيْءِ والهَزْمَةُ ومنه قِيل للنُّقْرة في الجَبَل يكونُ فيها الماءُ : ثَبْرَةٌ . وفي مُعْجَم أبي عُبَيْد : ثُبْرُ بالضمّ أبارِقَ : مِن بلاد نُمَيْر . والثّابِرِيَّةُ ويقال : التَّابِرِيَّةُ . بالفَوْقِيَّةِ في قول أبي ذُؤَيب :
فأَعْشَيْتُه مِن بَعْدِ ما راثَ عِشْيُه ... بِسَهمٍ كَسَيْرِ الثّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ . لم أجِدْه في ديوانه . قيل : هو منسوبٌ إلى أرضٍ أو حَيٍّ . وثَبْرَرَةُ فيما أنشدَه ابنُ دُرَيد :
" أيُّ فَتىً غادَرْتُمُ بِثَبْرَرَهْ . قيل إنما أراد : بِثَبْرةَ فزاد راءً ثانيةً للوَزْنِ . ويَثْبِرَةُ : اسمُ أرضٍ قال الرّاعِي :
" أوْ رَعْلَةٍ مِن قَطَا فَيْحانَ حَلأَّهَاعَنْ ماءٍ يَثْبِرَةَ الشُّبَّاكُ والرَّصَدُ . هكذا في اللِّسَان . والذي في مُعجَم ياقُوت : يَثْرِبَةُ وأنشدَ قول الراعي فلْيُنْظَرْ . وثِبَارٌ ككِتَابٍ : موضعٌ على ستّةِ أميالٍ مِن خَيْبَرَ هنالك قَتَلَ عبدُ اللهِ بنُ أُنيسٍ أُسَيْرَ بنَ رازمٍ اليهوديَّ وذَكَرَه الواقِدِيُّ بطُولِه وقيل بفتح الثّاءِ وليس بشيْءٍ . والمُثَبَّرُ كمُعَظَّم : المَحْدُودُ والمَحْرُومُ . وامرأَةٌ ثَبْرَى كسَكْرَى أي غَيْرَى . وثَبِرَ كفَرِحَ : هَلَكَ لغةٌ في تَبِرَ بالتّاءِ نقلَه الصّغانيُّ
نَثَرَ الشيءَ يَنْثُرُه بالضمّ ويَنْثِرُه بالكسر نَثْرَاً بالفتح ونِثاراً بالكسر : رَماه بيدِه مُتَفَرِّقاً مثل نَثْرِ الجَوْزِ واللَّوْز والسُّكَّر وكذلك نَثْرُ الحَبِّ إذا بُذِرَ . ودُرٌّ مَنْثُور . كنَثَّرَه تَنْثِيراً فانْتَثَر وتَنَثَّر وتَناثَر ودُرٌّ مُتَناثِر ومُنَثَّر كمُعَظَّم شُدِّد للكثرة . ويقال : شَهِدْتُ نِثارَ فلانٍ وكنّا في نِثاره بالكسر وهو اسمٌ للفِعل كالنثر . والنُّثارَة بالضمّ والنَّثَرُ بالتَّحريك : ما تَناثَر منه أو الأُولى تُخَصُّ بما يَنْتَثِرُ من المائدةِ فيُؤكل للثواب خصَّه به اللَّحْيانيّ . وفي التهذيب : والنُّثار : فُتَات ما يَتَناثَر حوالَيِ الخِوانِ من الخبز ونحو ذلك من كلِّ شيء . وقال الجَوْهَرِيّ : النُّثَار بالضمّ : ما تَناثَر من الشيء . وقيل : نُثارَةُ الحِنطَةِ والشَّعير ونحوهما : ما انْتَثَر منه . وشيءٌ نَثَرٌ : مُنْتَثِر وكذلك الجميع : فإهمال المصنِّف النُّثار أمرٌ غريب وقد جمعها الزَّمَخْشَرِيّ فقال : والتقط نُثارَ الخِوان بالضمّ ونُثارَتَه وهو الفُتاتُ المُتَناثِر حولَه . من المَجاز : تَناثَروا : مرِضوا فماتوا وفي الأساس : مَرِضوا فتَناثَروا مَوْتَاً . منَ المَجاز : النَّثور كصَبور : الامرأةُ الكثيرةُ الوَلَدِ وكذلك الرجُل يقال رجلٌ نَثورٌ وامراةٌ نثور وسيأتي للمصنّف قريباً ذلك في قوله : وَنَثَر الكلامَ والولَد : أَكْثَره . وقد نَثَرَت ذا بَطْنِها وَنَثَرت بَطْنَها . وفي الحديث : " فلمّا خلا سِنِّي وَنَثَرْتُ له ذا بَطْنِي " أرادت أنّها كانت شابَّةً تَلِدُ الأولاد عندَه . وقيل لامرأةٍ : أيُّ البُغاةِ أحبّ إليكِ ؟ فقالت : التي إنْ غَدَتْ بَكَرَتْ . وإنْ حدَّثَتْ نَثَرَتْ . وكل ذلك مَجاز, منَ المَجاز : النَّثُور : الشاةُ تَعْطِس وتَطْرَحُ من أَنْفِها الأذى كالدُّود كالنَّاثِر وقد نَثَرَتْ . وقال الأصمعيُّ : النَّافِر والنَّاثِر : الشاةُ تَسْعُل فيَنْتَثِرُ من أَنْفِها شيءٌ . منَ المَجاز : النَّثُور : الشاةُ الواسِعةُ الإحْليل كأنّها تَنْثُر اللَّبَنَ نَثْرَاً وبه فُسِّر حديث أبي ذَرٍّ : " أيُواقِفُكم العَدُوُّ حَلْبَ شاةٍ نثور " والنَّيْثُران كرَيْهُقان والنَّثِر ككَتِف والمِنْثَر كمِنْبَر : الكثيرُ الكلام والأُنثى نَثِرَة فقط . والأُولى ذَكَرَها الصَّاغانِيّ . قد نَثَرَ الكلامَ وكذلك الوَلَدَ إذا أَكْثَرَه فهو نَثُورٌ في الأخير ومِنْثَرٌ ونَثِرٌ ونَيْثَران في الأوّل . وكلُّ ذلك مجاز . منَ المَجاز : النَّثْرَة بالفتح : الخَيْشوم وما والاه قال ابْن الأَعْرابِيّ : النَّثْرَة : طَرَفُ الأنْفِ أو هي الفُرْجَة ما بَيْنَ الشارِبَيْنِ حِيالَ وَتَرَةِ الأنفِ وكذلك هي من الأسَد وقيل : هي أَنْفُ الأسَد وهو مَجاز . منه النَّثْرَة : كَوْكَبان بَيْنَهما قَدْرُ شِبْرٍ وفيهما لَطْخُ بَياضٍ كأنّه قِطعةٌ سَحاب وهي أَنْفُ الأسَد يَنْزِلُها القمرُ كذا في الصّحاح . قال الزَّمَخْشَرِيّ : كأنّ الأسَد مَخَطَ مَخْطَةً . وفي التهذيب : النَّثْرَة : كوكبٌ في السَّماءِ كأنّه لَطْخُ سَحابٍ حِيالَ كَوْكَبَيْن تُسمِّيه العربُ نَثْرَة الأسد . وهي من مَنازِل القمر قال : وهي في علم النُّجوم من بُرجِ السَّرَطان . قال أبو الهيثم : النَّثْرَة : أَنْفُ الأسدِ ومَنْخراه وهي ثلاثة كواكبَ خِفِيَّة مُتقارِبَة والطَّرْفُ : عَينا الأسد كَوْكَبان الجَبْهَةُ أمامها وهي أربعةُ كواكب . منَ المَجاز : أَخَذَ دِرْعاً فَنَثَرها على نَفْسِه أي صبَّها ومنها النَّثْرَة وهي الدِّرْعُ السَّلِسَةُ المَلْبَس أو الواسعة ويقال لها نَثْرَةٌ ونَثْلَةٌ . قال ابن جنّي : ينبغي أن تكون الراءُ في النَّثْرَة بدَلاً من اللام لقولهم : نَثَلَ عليه دِرْعَه ولم يقولوا نَثَرَها واللام أعمُّ تَصَرُّفاً وهي الأصل يعني أنّ باب نَثَلَ أكثرُ من بابِ نَثَرَ . وقال شَمِرٌ في كتابه في السِّلاح : النَّثْرَة والنَّثْلَة : اسمٌ من أسماءِ الدُّروع قال : وهي المَنْثُولة وأنشد :
وضاعَفَ مِن فَوْقِها نَثْرَةً ... تَرُدُّ القَواضِبَ عنها فُلولاوقال ابنُ شُمَيْل : النَّثْل : الأدْراع يقال : نَثَلَها عليه وَنَثَلها عنه أي خَلَعَها ونَثَلَها عليه إذا لَبِسَها . قال الجَوْهَرِيّ : يقال نَثَرَ دِرْعَه عنه إذا ألقاها عنه ولا يقال نَثَلَها . قلتُ : والذي قاله أبو عُبَيْدة في كتاب الدِّرْع له ما نصّه : وللدِّرْع أسماءٌ من غيرِ لفظِها فمن ذلك قَوْلُهم : نَثْلَة وقد نَثَلْتُ دِرْعي عني أي ألقيْتُها عني ويقولون : نَثْرَة ولا يقولون نَثَرْتُ عنّي الدِّرْع فتراهم حَوَّلوا اللامَ إلى الراء كما قالوا : سَمَلْت عَيْنَه وسَمَرْت عَيْنَه . ونُرى أنّ النَّثْلَة هي الأصل لأنّ لها فِعْلاً وليس للنُّثْرَة فِعلٌ . انتهى وهو يُخالف ما ذهب إليه الجَوْهَرِيّ وأُرى الزَّمَخْشَرِيّ قد اشتقَّ من النَّثْرَةِ فِعلاً فتأمَّل . النَّثْرَةُ للدوابِّ : شِبه العَطْسَة وفي حديث ابنِ عبَّاس : " الجَرادُ نَثْرَةُ الحُوتِ " أي عَطْسَتُه وفي حديث كَعْب : " إنّما هو نَثْرَةُ حُوتٍ " . والنَّثير كأمير للدَّوابِّ والإبل كالعُطاسِ لنا زادَ الأَزْهَرِيّ . إلاّ أنه ليس بغالب ولكنّه شيءٌ يفعله هو بأنفِه وقد نَثَرَ الحمارُ وهو يَنْثِر نَثِيراً وأنشد ابْن الأَعْرابِيّ :
فما أَنْجَرَتْ حتى أَهَبَّ بسُدْفَةٍ ... عَلاجيمَ عَيْرِ ابْنيْ صُباح نَثِيرُها واسْتَنْثَرَ الإنْسان : اسْتَنْشَقَ الماءَ ثم اسْتَخْرَج ذلك بنَفْسِ الأنف وهو مَجاز كانْتَثَر وقال ابْن الأَعْرابِيّ : الاسْتِنْثار هو الاسْتِنْشاق وتَحريكُ النَّثْرَةِ وهي طَرَفُ الأنف . وقال الفَرَّاء : نَثَرَ الرجلُ وانْتَثَر واسْتَنْتثَر إذا حرَّك النَّثْرَةَ في الطَّهارة . قال الأَزْهَرِيّ : وقد رُوي هذا الحرفُ عن أبي عُبَيْد أنه قال في حديث النبيِّ صلّى الله عليه وسلَّم : " إذا تَوَضَّأْتَ فأَنْثِر " من الإنْثار إنّما يقال : نَثَرَ يَنْثِر وَنَثَر يَنْتَثِر وانْتَثَر يَسْتَنْثِر . وفي حديثٍ آخر : " إذا تَوَضَّأَ أحدُكم فليَجْعل الماءَ في أَنْفِه ثم ليَنْثِرْ " قال الأَزْهَرِيّ : هكذا رواه أهلُ الضَّبْطِ لألفاظِ الحديث . قال : وهو الصحيح عندي . وقال الأَزْهَرِيّ : فأَنْثِرْ بقَطعِ الألفِ لا يَعْرِفه أهلُ اللغة . وقال ابنُ الأَثير : نَثَرَ يَنْثِر بالكسر إذا امْتَخَط واسْتَنْثَر اسْتَفْعَل منه : اسْتَنْشَق الماءَ ثم استخرجَ ما في الأنف ويُروى : فأَنْثِرْ بألف مقطوعة وأهلُ اللُّغَة لا يُجيزونه . والصَّوابُ بألفِ الوصل . قلت : ووُجِد بخطِّ الأَزْهَرِيّ في حاشية كتابه في الحديث : " من توضَّأَ فليَنْثِر " بالكسر . يقال : نَثَرَ الجَوز والسُّكَّر يَنْثُر بالضم وَنَثَر من أَنْفِه يَنْثِر بالكسر لا غير . قال : وهذا صحيح كذا حَفِظَه علماءُ اللُّغَة . وقال بعضُ أهل العلم : إنّ الاسْتِنْثارَ غَيْرُ الاستِنْشاق فإنّ الاسْتنشاق هو إدْخال الماءِ في الأنف . والاستنثار هو اسْتِخراج ما في الأنف من أذىً أو مخاط ويدلُّ لذلك الحديث : " أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلَّم كان يَسْتَنْشِقُ ثلاثاً في كلِّ مرِّةٍ يَسْتَنْثِر " فجعل الاسْتِنْثار غيرَ الاستنشاق . ويَقرُب من ذلك قَوْلُ مَن فسَّره باستِخراج نَثِير الماءِ بنفَسِ الأنف . والمِنْثار بكسر الميم : نَخْلَةٌ يَتَنَاثَرُ بُسْرُها . وفي الأساس : تَنْفُضُ بُسْرَها كالنَّاثِر وهو مَجاز . منَ المَجاز : قولُ الشاعر :
إنَّ عليها فارِساً كَعَشَرَهْ ... إذا رأى فارِسَ قَوْمٍ أَنْثَرَهْقال الجَوْهَرِيّ : طَعَنَه فَأَنْثرَه أي أَرْعَفَه . وقال غيرُه : طَعَنَه فَأَنْثرَه عن فرسِه : أَلْقَاهُ على نَثْرَتِه أي خَيْشُومِه وذكرَهما الزَّمَخْشَرِيّ في الأساس إلاّ أنه قال في الأوّل : ضَرَبَه وفي الثاني : طَعَنَه . أَنْثَر الرجلُ : أَخْرَجَ ما في أَنْفِه من الأذى والمُخاط عند الوُضوء مثل نَثَرَ يَنْثِر بالكسر نقله الصَّاغانِيّ أو أخرجَ نَفَسَه من أَنْفِه وكلاهما مَجاز . وقد عَلِمْتَ ما فيه من أقوالِ أئمّة اللُّغَة فإنّهم لا يُجيزون ذلك إلاّ أنّه قلَّدَ الصَّاغانِيّ . قيل : أَنْثَر : أَدْخَلَ الماءَ في أَنْفِه كانْتَثَر واسْتَنْثَر وهو مَرْجُوحٌ عند أئمّة اللُّغَة وقد تقدّم ما فيه ونَبَّهْنا على أنّ الصحيح أنّ الاسْتِنْثارَ غيرُ الاسْتِنْشاق . منَ المَجاز : المُنَثَّر كمُعَظَّم : الرجلُ الضَّعيفُ الذي لا خَيْرَ فيه شُدّد للكثرة . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : دُرٌّ نَثير ومُنَثَّر ومَنْثُور . وانْتَثَرَتِ الكَواكِبُ : تفَرَّقت أو تَناثَرت كالحَبِّ . والنَّثِرُ ككَتِف : المُتساقِط الذي لا يَثْبُت هكذا فسَّر ابنُ سِيدَه ما أنشده ثَعْلَبٌ :
هِذْرِيانٌ هَذِرٌ هَذَّاءَةٌ ... مُوشِكُ السَّقْطَةِ ذو لُبٍّ نَثِرْ ووجَأَه فَنَثَر أمعاءَه : وهو مَجاز . والنَّثَر بالتحريك : كَثْرَةُ الكلامِ وإذاعةُ الأسرار . ويقولون : ما أَصَبْنا من نَثَرِ فلانٍ شيئاً وهو اسم المَنْثور من نحو سُكَّرٍ وفاكِهَةٍ كالنّثَار . وَنَثَر يَنْثِر بالكسر إذا امْتَخَط . والنَّثْرُ : هو الكلامُ المُقَفَّى بالأسْجاع ضدّ النَّظْم . وهو مَجاز على التشبيه بنَثْرِ الحَبِّ إذا بُذِر . والمَنْثور : نَوْعٌ من الرَّياحين . وفي الوَعيد : لأَنْثُرَنَّكَ نَثْرَ الكَرِشِ . ويقال : نَثَرَ كِنانَتَه فَعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فَوَجَدني أَصْلَبَها مَكْسِراً فرماكمْ بي . وَنَثَر قِراءَته : أَسْرَع فيها . وتفرَّقوا وانْتَثَروا وتَنَثَّروا . ورأيتُه يُناثِره الدُّرَّ إذا حاورَه بكلامٍ حسنٍ . وأبو الحسن محمد بن القاسم بن المَنْثور الجُهَنِيّ الكُوفيّ مات سنة 476 وابنُه أبو طاهرٍ الحَسَن روى عنه ابنُ عساكر . وَنَثْرَةُ بالفتح : مَوْضِعٌ نقله الصَّاغانِيّ . والنَّثُور كصَبُور : الاسْت . وروى الزَّمَخْشَرِيّ في ربيع الأبرار عن أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه : كان من دُعائِه : اللَّهُمَّ إنّي أسأَلُك ضِرْساً طَحُوناً ومَعِدَةً هَضوماً ودُبُراً نَثُوراً . وَنَثْرة بالفتح : مَوْضِع ذَكَرَه لبيد بنُ عُطارِدِ بن حاجِب بن زُرارة التَّميميّ وقال :
تَطاوَلَ ليلي بالإثْمدَيْنِ ... إلى الشَّطْبَتَيْن إلى نَثْرَهْ قاله ياقوت