جَلَسَ يَجْلِسُ جُلوساً بالضَّمِّ ومَجْلَساً كمَقْعَدٍ ومنه الحديث : " فإذا أَبَيْتُمْ إلاَّ المَجْلَسَ فأَعْطُوا الطَّرِيقَ حقَّه " قال الأَصبهانيُّ في المُفردات وتبعه المصنِّف في البصائر : إنَّ الجُلوسَ إنَّما هو لِمَنْ كان مُضْطَجِعاً والقُعودُ لِمَنْ كانَ قائماً باعتبار أَنَّ الجالِسَ مَن كان يقصد الارتفاعَ أَي مَكاناً مُرتفِعاً وإنَّما هذا يُتَصَوَّرُ في المُضْطَجِعِ والقاعِدُ بخِلافِه فيُناسِبُ القائمَ . وأَجْلَسْتُه يتعَدَّى بالهَمزَةِ . والمَجْلِسُ مَوضِعُه كالمَجْلِسَةِ بالهاءِ حكاهُما اللِّحيانِيُّ قال : يُقال : ارْزُنْ في مَجْلِسِكَ ومَجْلِسَتِكَ ونقله الصَّاغانِيُّ عن الفَرّاءِ وقال : هو كالمَكانِ والمَكانَةِ قال شيخُنا وأَغرَب في الفَرْقِ من المَجلِسِ بكسر اللام : البيْت وبالفتحِ : مَوضِعُ التَّكرِمَةِ المَنْهِيِّ عن الجُلوس عليها بغير إذْنٍ قال : ولا يَظْهَرُ للفتحِ فيه وَجْهٌ بل الصَّوابُ فيه بالكَسْر لأَنَّه اسمٌ لما يُجْلَسُ عليه . في الصِّحاح : الجِلْسَةُ بالكَسْرِ : الحالَةُ التي يكون عليها الجالِسُ ويُقالُ : هو حسن الجِلْسَة وقال غيرُه : الجِلْسَةُ : الهَيئةُ التي يُجْلَسُ عليها بالكسْر على ما يَطَّرِدُ عليه هذا النَّحْوُ . الجُلَسَةُ كتُؤَدَةٍ : الرَّجُلُ الكثيرُ الجُلوسِ . يُقال : هذا جِلْسُكَ بالكسْرِ وجَليسُك كأَميرٍ كما تقولُ خِدْنُك وخَدِينُك وجِلِّيسُكَ كسِكِّيتٍ كما في نُسخَتِنا وقد سقطَ من بعضِ الأُصولِ أَي مُجالِسُك وقيل : الجِلْسُ : يقع على الواحد والجَمْعِ والمُؤَنَّث والمُذَكَّر والجَليسُ للمُذَكَّرِ والأُنْثَى جَليسَةٌ . وجُلاّسُكَ : جُلَساؤُكَ الذينَ يُجالِسونَك . والجَلْسُ بالفتح : الغَليظُ من الأَرضِ هذا هو الأَصلُ في المادَّةِ ومنه سُمِّيَ الجُلوسُ وهو أَن يضَعَ مَقْعَدَهُ في جَلْسٍ من الأَرْضِ كما صرَّح به أَربابُ الاشتِقاقِ وذِكْرُ الفتح مُستدرَكٌ . الجَلْسُ : الشَّديد من العَسَلِ ويقال : شُهْدٌ جَلْسٌ : غَليظٌ . الجَلْسُ : الغليظُ من الشَّجَرِ . الجَلْسُ : النّاقةُ الوَثيقَةُ الجِسْمِ الشَّديدةُ المُشرِفَةُ شُبِّهَتْ بالصَّخْرَةِ والجَمْعُ أَجْلاسٌ قال ابنُ مُقبِلٍ :
فأَجْمَعُ أَجلاساً شِداداً يَسُوقُها ... إليَّ إذا راحَ الرِّعاءُ رِعائِيا والكثيرُ جُلاّسٌ . وجَمَلٌ جَلْسٌ كذلكَ والجَمع جُلاّسٌ وقال اللِّحيانِيُّ : كلُّ عظيمٍ من الإبلِ والرِّجالِ جَلْسٌ وناقَةٌ جَلْسٌ وجَمَلٌ جَلْسٌ : وثيقٌ جَسيمٌ قيل : أَصلُه جَلْزٌ فقلبَت الزَّايُ سِيناً كأَنَّه جُلِزَ جَلْزاً أَي فُتِلَ حتّى اكْتَنَزَ واشْتَدَّ أَسْرُه وقالت طائفَةٌ : يُسَمَّى جَلْساً لطُولِه وارتِفاعِه . الجَلْسُ : بَقِيَّة العَسَلِ تبقى في الإناءِ قال الطِّرِمّاحُ :
وما جَلْسُ أَبكارٍ أَطاعَ لِسَرْحِها ... جَنَى ثَمَرٍ بالوادِيَيْنِ وشُوعُ الجَلْسُ : المَرأَة تَجلِسُ في الفِناءِ لا تَبرَحُ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ يُخاطِبُ امرأَةً فقالت له : ما طَمِعَ أَحَدٌ فيَّ قَطُّ فذَكَرَت أَسبابَ اليأْسِ منها فقالت :
أَمّا لَيالِيَ كُنتُ جارِيَةً ... فحُفِفْتُ بالرُّقَباءِ والحَبْسِ
حتَّى إذا ما الخِدْرُ أَبْرَزَنِي ... نُبِذَ الرِّجالُ بزَوْلَةٍ جَلْسِ
وبِجارَةٍ شَوْهاءَ تَرْقُبُنِي ... وحَمٍ يَخِرُّ كمَنْبَذِ الحِلْسِالجَلْسُ : ما ارتفَعَ من الغَوْرِِ وزادَ الأَزْهَرِيّ : فخَصَّصَ بلادَ نَجْدٍ وفي المُحكَم : والجَلْسُ : نَجْدٌ سُمِّيَت بذلك . حكَى اللِّحيانِيُّ : إنَّ المَجْلِسَ والجَلْسَ ليَشْهَدونَ بكذا وكذا يريد أَهلَ المَجْلِس قال ابن سِيده : وهذا ليس بشيءٍ إنما هو على ما حكاهُ ثعلبٌ من أَنَّ المَجلِسَ : الجَماعةُ من الجُلوسِ وهذا أَشبَه بالكلام لقوله : الجَلْسَ الذي هو لا محالَةَ اسمٌ لجمعِ فاعِلٍ في قياس قول سيبويه أَو جَمْعٌ لهُ في قياس قول الأَخفشِ . الجَلْسُ : الغَديرُ عن ابنِ عَبَّادٍ . الجَلْسُ : الوَقتُ هكذا في النُّسَخ بالتَّاءِ المُثَنَّاةِ والصَّوابُ : الوَقْبُ بالمُوَحَّدةِ كما في المُحيط . الجَلْسُ : السَّهْمُ الطَّويلُ عن ابن عَبَّادٍ . قلت وهو خِلافُ النِّكسِ قال الهُذَلِيُّ :
كمَتْنِ الذِّئْبِ لا نِكْسٌ قَصيرٌ ... فأُغْرِقَه ولا جَلْسٌ عَمُوجُ الجَلْسُ : الخَمْرُ العَتيقُ . الجَلْسُ : الجَبَلُ وقيل : وهو العالي الطَّويل قال الهُذَلِيُّ :
أَدْفَى يَظَلُّ على أَقْذافِ شاهِقَةٍ ... جَلْسٍ يَزِلُّ بها الخُطَّافُ والحَجَلُ عن ابن الأَعرابيِّ : الجِلْسُ بالكَسر : الرجلُ الفَدْمُ الغَبِيُّ . وبلا لامٍ جِلْسُ بن عامِرِ بنِ ربيعةَ بنِ تَدُولَ بنِ الحارِث بن بَكرِ بن ثعلبَةَ بنِ عُقْبَةَ بنِ السَّكونِ أَبو قبيلَةٍ من السَّكونِ . والجِلْسيُّ بالكسْر وضبطَه الصَّاغانِيّ بالفتح ضَبْطَ القلَم : ما حولَ الحَدَقَةِ وقيل : ظاهِرُ العَيْنِ قال الشَّمّاخ :
فأَضْحَتْ على ماءِ العُذَيْبِ وعَينُها ... كوَقْبِ الصَّفا جِلْسِيُّها قَدْ تَغَوَّرا الجُلاسُ كغُرابٍ : ابنُ عَمْروٍ الكِندِيُّ يروي زيد بنُ هِلالِ بنِ قُطْبَةَ الكِندِيُّ عنه إن صَحَّ . الجُلاسُ بنُ سُوَيْدِ بنِ الصَّامِتِ بنِ خالدٍ الأَوسِيُّ : صحابيَّانِ . وفاتَه : الجُلاسُ بنُ صَلْتٍ اليَربُوعِيُّ له صُحْبَةٌ روَت عنه بنْتُه أُمُّ مُنْقِذٍ في الوُضوءِ . والجُلَّسانُ بتشديد اللام المَفتوحةِ مع ضَمِّ الجيمِ : نِثارُ الوَردِ في المَجلِسِ مُعرَّب كُلْشَنَ وقال الجَوْهَرِيُّ : كُلْشانَ ومثلُه قول الليث وكلاهما صحيحٌ وقيل : الجُلَّسانُ : الوردُ الأَبيَضُ وقيل : هو ضَرْبٌ من الرُّيْحانِ وبه فُسِّرَ قولُ الأَعشَى :
لنا جُلَّسانٌ عِندَها وبَنَفْسَجٌ ... وسِيسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَما
وآسٌ وخِيرِيٌّ ومَرْوٌ وسَوْسَنٌ ... يُصَبِّحُنا في كُلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما وقال الأَخفشُ : الجُلَّسانُ : قُبَّةٌ يُنثَرُ عليها الوَرْدُ والرَّيحانُ ومثلُه لابن الجَواليقيِّ في المُعَرَّبِ وفي كتاب السَّامي في الأَسامي للمَيدانِيِّ : الجُلَّسانُ مُعَرَّبُ كُلْشانَ هكذا ذكرَه مع الصُّفَّةِ والدّكّةِ وما يجري مَجراهُما ومن سَجَعاتِ الأَساسِ : كأَنَّه كِسرى مع جُلَسائه في جُلَّسانِه قال : وهي قُبَّةٌ كانت له يُنثَرُ عليه من كُوَّةٍ في أَعلاها الوَرْدُ . فإذا عرَفْتَ ذلكَ ظهَرَ لكَ القصورُ في عبارةِ المُصنِّف . ومُجالِسٌ بالضَّمِّ : فرَسٌ كان لبَني عُقَيْلٍ أَو بني فُقَيْمٍ . قاله أَبو النَّدى هكذا ذكره الصَّاغانِيّ هنا وسيأْتي أَيضاً في خلس مثل ذلكَ فليُتَأّمَّلْ . والقاضي الجَليسُ كأَميرٍ : لقَبُ عبد العزيز بن الحُسين بن عبد الله بنِ أَحمدَ التَّميميِّ السّعديّ عُرِفَ بابنِ الحُبابِ وهو لقَبُ جَدِّه عَبْد الله وإنَّما لُقِّبَ بذلك لأَنَّه كان يُجالِسُ الخليفةَ وللقاضي الفاضلِ فيه مَدائحُ كثيرةٌ وقد حدَّثَ هو وجَماعَةٌ من أَهلِ بيتِه فأَوَّلُهم : أَخوه عبد الرَّحمنِ بنِ الحسينِ أَبو القاسمِ حدَّثَ عن مُحَمَّد ابنِ أَبي الذِّكْرِ الصِقِلِّيّ وابنُه إبراهيم بن عبد الرَّحمن حدَّثَ عن السَّلَفيّ وعبدُ القَويّ بن عبد العزيزِ سَمِعَ من ابنِ رِفَاعَةَ وابنُ أَخيهِ أَبو الفضْلِ أَحمد بن مُحَمَّد بنِ عبدِ العزيزِ سَمِعَ السِّلَفِيَّ وغير هؤلاءِ . ومما يُستدرَكُ عليه : المَجْلِسُ : النّاسُ حكاه شيخُنا عن أَبي عليٍّ القالي وأَنشدَ :نُبِّئْتُ أَنَّ النَّارَ بعدَكَ أُوْقِدَتْ ... واسْتَبَّ بعدَكَ يا كُلَيْبُ المَجْلِسُ الشِّعرُ لمُهَلْهَلٍ . قلتُ : وأَحسَنُ من هذا ما قالَه ثَعلَبٌ : إنَّ المَجْلِسَ جَماعَةُ الجُلوسِ وأَنشدَ :
لَهُمْ مَجْلِسٌ صُهْبُ السِّبالِ أَذِلَّةٌ ... سَواسِيَةٌ أَحرارُها وعَبيدُها وفي الحديث : " وإنَّ مَجْلِسَ بَني عَوْفٍ يَنظُرونَ إليه " أَي أَهلَ المجلس على حَذْف المُضافِ . وفي الأَساسِ : رأَيتُهم مَجْلِساً أَي جالسين . وجالَسَه مُجالَسَةً وجِلاساً . وذكر بعض الرجالِ فقال : كريمُ النِّحاسِ طَيِّبُ الجِلاس . وتَجالَسوا فتآنَسوا ولا تُجالِسْ من لا تُجانِس . وجلس الشيءُ : أَقامَ قال أَبو حنيفةَ : الوَرْسُ يُزْرَعُ سنةً فيجلِسُ عشْرَ سنينَ أَي يقيمُ في الأَرضِ ولا يتعطَّلُ . وابْنا جالِسٍ وسَميرٍ : طريقان يُخالف كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه قال الشَّاعِرُ :
فإنْ تَكُ أَشْطانُ النَّوَى اخْتَلَفَتْ بنا ... كما اختلَفَ ابنا جالِسٍ وسَمِيرِ وهو مَجاز . وجلسَت الرَّخَمَةُ : جَثَمَتْ . عن أَبي الهَيْثَمِ وفلانٌ جليسُ نفسِه : يُقال ذلك لمَن كانَ من أَهلِ العُزْلَةِ وهو مَجاز ذكرَه الزَّمخشريُّ . والجَلْسُ : الصَّخرة العظيمةُ الشَّديدةُ قيل : وبه شُبِّهَت النّاقةُ . وجلَسَ القَومُ يَجلِسونَ جَلْساً : أَتَوا الجَلْسَ وفي التَّهذيب : أَتَوا نَجْداً قال الشاعِر وهو العَرْجِيُّ :
شِمالَ مَن غارَ به مُفْرِعاً ... وعَن يَمينِ الجالِسِ المُنْجِدِ وقال مروان بن الحَكَمِِ :
قُلْ للفَرَزْدَقِ والسَّفاهَةُ كاسمِها ... إنْ كنتَ تارِكَ ما أَمَرْتُكَ فاجْلِسِ أي ائْتِ نَجداً وأَنشدَ الزَّمخشريُّ لدُرَيْد :
حَرامٌ عليها أَن تُرَى في حياتِها ... كمِثْلِ أَبي جَعْدٍ فغُوري أَو اجْلِسي ورأَيْتُهُم يَعْدُونَ جالِسينَ أَي مُنجِدين . وجلَسَ السَّحابُ : أَتى نَجداً قال ساعِدَةُ بنُ جُؤيَّةَ :
ثمَّ انتهى بصَري وأَصبح جالِساً ... منهُ لِنَجْدٍ طائقٌ مُتَغَرِّبُ وعَدَّاه باللام لأَنَّه في معنى عامِداً له وفي الحديث أنه أَقطَعَ بلالَ بنِ الحارثِ مَعادِنَ القَبَلِيَّةِ غَوْرِيَّها وجَلْسِيَّها . قلتُ : وهي في ناحية الفُرْعِ . وقِدْحٌ جَلْسٌ : طويلٌ خِلافُ نِكْسٍ وقد تقدَّم . وقد سَمَّوا جَلاّساً ككَتَّانٍ . وفي الأَساس : رَآني قائماً فاسْتَجْلَسَني . قلتُ : وهذا على خِلاف ما ذَكَرناه من الفرق في أَوَّل المادَّة . وأَبو الجُلاسِ عُقْبَةُ بنُ يَسارٍ الشَّامِيّ روَى عن عليِّ بنِ شَمَّاخ على خِلافٍ وعنه عبد الوارث أَبو سعيدٍ ذكره المِزِّيُّ في الكُنَى وعُلاثَةُ بنُ الجُلاسِ الحَنْظَلِيُّ : فارسٌ شاعِرٌ . وأَجْلَسْتُه في المكانِ : مكَّنْتُه في الجُلوسِ
النَّجْسُ بالفتح وبه قَرَأَ بَعْضُهُم . إِنّما قَيَّدَه لِجَمْعِ اللُّغَاتِ الَّتِي يَذْكُرها بَعْدُ وهي النِّجْسُ بالكسرِ قالَ أَبو عُبَيْدٍ : زعم الفَرَّاءُ أَنَّهُم إِذَا بَدَءُوا بالنَّجَسِ ولم يَذْكُرُوا الرِّجْسِ فَتَحُوا النُّونَ والجِيمَ وإِذا بَدءَوا بالرِّجْسِ ثُمَّ أَتْبَعُوا بالنّجس كَسَرُوا النونَ فهُمْ إِذا قالُوه مع الرِّجْسِ أَتْبَعُوه إِيّاه وقالُوا : رِجْسٌ نِجْسٌ كَسَرُوا لمَكانِ رِجْس وثَنَّوْا وجَمَعُوا كما قالُوا : جاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ فإِذا أَفْرَدُوا قالُوا : بالطَّمِّ ففَتَحُوا . قالَ ابنُ سِيدَه : وكذلِكَ يَعْكِسُونَ فيَقُولُونَ : نِجْسٌ رِجْسٌ فيَقُولُونها بالكسرِ لمَكانِ رِجْسٍ الذي بَعْدَه فإِذا أَفْرَدُوه قالُوا : نَجَسٌ وأَمّا رِجْسٌ مُفْرَداً فمَكْسُورٌ على كُلِّ حالٍ هذا على مَذْهَبِ الفَرّاءِ . قال شَيْخُنا : وإعْتَمدَ الحَرِيرِيُّ في دُرَّةِ الغَوَّاصِ أَنه لا يَجِيءُ إِلاّ إِتْبَاعاً لِرِجْسٍ والحَقُّ أَنَّه أَكْثَريٌّ لقرَاءَةِ ابنِ حَيْوَةَ به في " إِنَّمَا المُشْركُونَ نجسٌ " . قلتُ : وهو أَيْضاً قراءَةُ الحَسنِ بنِ عِمْرَانَ ونُبَيْحٍ وأَبِي وَاقِدٍ والجَرّاحِ وابنِ قُطَيْبٍ كما صَرَّح به الصّاغانِيُّ في التَّكْمِلَة والعُبَابِ والمُصَنِّف في البَصَائِر . والنَّجَسُ بالتَّحْرِيك . والنَّجِسُ ككَتِفٍ وبه قَرَأَ الضَّحَاكُ قِيلَ : النَّجَسُ بالتَّحْرِيكِ يكونُ للواحِدِ والإثْنين والجَمْعِ والمؤنَّثِ بلُغةٍ وَاحدَةٍ رجُلٌ نَجَسٌ ورجُلانِ نَجَسٌ وقَوْمٌ نَجَسٌ . قال الله تعالى : " إِنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ " فإِذا كَسَرُوا ثَنَّوْا وجَمَعُوا وأَنَّثُوا فقالُوا : أَنْجَاسٌ ونَجِسَةٌ . وقال الفَرّاءُ : نَجَسٌ لا يُجْمَع ولا يُؤَنَّث . وقال أَبو الهَيْثَمِ في قَوْلِه تَعالَى : " إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ " أَي أَنْجَاسٌ أَخْبَاثٌ . والنَّجُسُ مثْلُ عَضُدٍ قال الشِّهَابُ الخَفَاجيُّ كما وُجِدَ بخَطِّه بَعْدَ ما سَاقَ عِبَارَةَ المُصَنِّف هذه أَقول : بَيَّنَ أَنَّ نُونَه تُفْتَح وتُكْسَر مع سُكُونِ الجِيم بقَرِينَةِ قولِه بالتَّحْرِيك أَي تَحْرِيكِ الجيمِ بفَتْحٍ لأَنّ التَّحْرِيك المُطْلَقَ ينصرفُ للفَتْحِ عنْدَ اللُّغَويِّينَ والقُرَّاء وإسْتَغْنَى عن التَّصْرِيح بالسُّكُون لِدَلالَة مَفْهُومِ التَّحْرِيك مع أَنّه الأَصْلُ فحاصِلُه أَنَّ فيه خَمْسَ لُغَاتٍ : فَتْح النُّون وكَسْرهَا مع سُكُونِ الجيم والحَرَكَات الثَّلاث في الجِيم مع فَتْحِ النُّون . وتَوْضِيحُه ما في العُبَاب وعبارته : النَّجَسُ بفتحتين والنَّجِسُ بفتحٍ فكسرٍ والنَّجُسُ بفتحٍ فضَمٍّ والنَّجْسُ بفتحٍ فسُكونٍ والنِّجْسُ بكسرٍ فسُكُون : ضِدُّ الطاهِرِ وقد نَجُسَ ثَوْبُه كسَمِعَ وكَرُمَ نَجْساً ونَجَاسَةً . وقال الرّاغبُ في المُفْرَدات وتَبِعَه المصنِّفُ في البَصّائِر : النَّجاسَةُ ضَرْبَانِ : ضَرْبٌ يُدْرَكُ الحَاسَّةِ وضَرْبٌ يُدْرَك بالبَصِيرَةِ وعلى الثّانِي وَصَفَ اللهُ به المُشْرِكِينَ في الآيَة المُتَقّدِّمة . قلْتُ : وذكرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّه مَجَازٌ . وأَنْجَسَهُ غَيْرُه ونَجَّسَه تَنْجِيساً فتَنَجَّسَ والفُقَهَاءُ يُفَرِّقُون بَيْنَ النَّجِسِ والمُتنَجِّسِ كما هو مُصَرَّحٌ به في مَحَلِّه . وفي الحَدِيثِ عن الحَسَنِ في رَجُلٍ زَنَى بامْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا فقال : هُو أَنْجَسَهَا وهو أَحَقُّ بِهَا . ودَاءٌ نَاجِسٌ ونَجِيسٌ ككَرِيم وكذا داءٌ عُقَامٌ إِذا كان لا يُبْرَأُ منه . وقال الزَّمْخْشَرِيُّ : أَعْيَا المُنَجِّسِين . قال الشاعِر :
" وداءٍ قَدَ أَعْيَا بالأَطباءِ ناجِسُ وقال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ :
والشَّيْبُ دَاءٌ نَجِيسٌ لا شِفَاءَ لَهُ ... للْمَرْءِ كَانَ صَحِيحاً صائِبَ القُحَمِوتَنَجَّسَ : فَعَلَ فِعْلاً يَخْرُجُ به عِنِ النَّجَاسَةِ كما قيل : تَأَثَّمَ وتَحَرَّجَ وتَحَنَّثَ إِذا فَعَل فِعْلاً يَخْرُجُ به عن الإِثْمِ والحَرَجِ والحِنْثِ . والتَّنْجِيسُ : اسمُ شَيْءٍ كانَت العَرَبُ تَفْعَلُه : وهو تَعْلِيقُ شيْءٍ من القَذَرِ أَوْ عِظَام المَوْتَى أَو خِرْقَةِ الحائضِ كان يُعَلَّقُ علَى مَن يُخَافُ عَلَيْه من وَلُوعِ الجِنِّ بِه كالصِّبْيَان وغيرِهم ويَقُولُون : الجِنُّ لا تَقْرَبُهَا . وعِبَارَة الصّحاحِ : والنَّنْجِيسُ : شْيءٌ كانَت العربُ تفعلُه كالعُوذَةِ تَدْفَعُ بها العِيْنَ ومنه قَولُ الشاعر :
" وعَلَّقَ أَنْجاساً عَلَىَّ المُنَجِّسُ قلْتُ : وصَدْرُه :
" ولو كانَ عِنْدِي كاهِنَانِ وحَارِسٌ وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : من المَعَاذَاتِ : التَّميمَةُ والجُلْبَةُ والمُنَجّسَة . ويقال : المُعَوَّذُ مُنَجَّسٌ قال ثَعْلَبٌ : قلت له : لِمَ قِيلَ للمُعّوَّذِ : مُنَجَّسٌ وهو مأْخُوذٌ من النَّجَاسَة ؟ فقالَ : لأَنَّ للعَرَبِ أَفْعَالاً تُخَالِفُ مَعانِيهَا أَلْفَاظَهَا يُقَال : فُلانٌ يَتَنَجَّسُ إِذا فَعل فِعْلاً يَخْرُج به مِن النَّجَاسَة وسَاقَ العِبَارَةَ الَّتي سُقْنَاهَا آنِفاً . قلتُ : وسَبَقَ أَيضاً إِنْشَادُ قولِ العَجّاج في ح م س :
" وَلَمْ يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَحْمَسَا
" ولاَ أَخَاً عَقَدٍ ولا مُنَجِّساً ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس : إِذا جاءَ القَدَرُ لَم يُغْنِ المُنَجِّمُ ولا المُنَجِّسُ ولا الفَيْلَسُوفُ ولا المُهَنْدِس . قالَ وهو الَّذِي يُعَلِّقُ على الَّذِي يُخافُ عليه الأَنْجَاسَ مِن عِظَامِ المَوْتَى ونَحْوِهَا لِيَطْرُدَ الجنَّ : لنُفْرَتِهَا من الأَقْذَارِ . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : النَّجْسُ بالفَتْحِ وككَتِفٍ : الدَّنِسُ القَذِرُ مِن النّاسِ . ودَاءٌ نَجِسٌ ككَتِفٍ : عَقِيمٌ وقد يُوصَفُ به صاحِبُ الداءِ وكذلِكَ في أَخَواتِه الِّتي ذَكَرَها المصنِّف . والنَّجْسُ بالفَتْح : إتِّخَاذُ عُوِذَةِ الصَّبِيِّ وقد نَجَسَ له ونَجَّسه : عَوَّذَه . والنِّجَاسُ بالكَسْرِ : التَّعْوِيذُ عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ قالَ : كأَنَّهُ الإسْمُ من ذلِكَ . قالَ : والنُّجُسُ : بضَمَّتَيْنِ : المُعَوِّذُون وفي بعض النُّسَخِ : المُعَقِّدُون والمَعْنَى وَاحِدٌ : وهم الّذِين يَرْبِطُون على الأَطْفَالِ ما يَمْنَع العيْنَ والجِنَّ . ومِن المجازِ : نَجَّسَتْه الذُّنُوبُ . والنَّاسُ أَجْنَاسٌ وأَكثَرُهم أَنْجَاس . وتقول : لا تَرَى أَنْجَسَ من الكافِر ولا أَنْحَسَ من الفاجِر كما في الأَساس . والمَنْجَسُ : جُلَيْدَةٌ تُوضَعُ على حَزِّ الوَتَرِ