قَرَضَهُ يَقْرِضُهُ قَرْضاً : قَطَعَهُ هذا هو الأَصلُ فيه ثمَّ اسْتُعملَ في قَطْعِ الفَأْرِ والسَّلَفِ والسَّيرِ والشِّعْرِ والمُجازاة ويُقَالُ : قَرَضَهُ قَرْضاً جازاهُ كقَارَضَهُ مُقارَضَةً . ومن الأَخيرِ قَوْلُ أَبي الدَّرْداءِ : إنْ قارَضْتَ النَّاسَ قارَضُوكَ وإنْ تركتَهُمْ لمْ يَتْرُكوكَ وإنْ هَرَبْتَ منهمْ أَدْرَكوكَ . وقد سبقَ ذِكرُ الحديثِ في ع ر ض يقول : إنْ فعلتَ بهم سوءاً فَعَلوا بكَ مِثْلَهُ وإنْ تركتَهُمْ لم تسلَمْ منهمْ ولم يَدَعوكَ وإنْ سبَبْتَهُمْ سَبُّوكَ ونِلتَ مِنْهُم ونالوا مِنْك . ذَهَبَ به إِلَى القولِ فيهِمْ والطَّعْن عَلَيْهِم وهذا من القَطْع . وقَرَضَ الشِّعْرَ قَرْضاً : قالَهُ خاصَّةً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وهو قَوْلُ أَبي عُبيدٍ . قالَ شَيْخُنَا : ومن قالَ : إنَّ قَرْضَ الشِّعْر من قَرَضَ الشَّيْءَ إِذا قَطَعَهُ كالسَّيِّدِ قُدِّسَ سرُّه في حواشيهِ عَلَى شرح المِفْتاح فَقَدْ أَبعدَ كما أَوْضحتُه في حاشية المُخْتَصَرِ . انْتَهَى . قُلْتُ : لم يُبعد السَّيِّدُ فيما قالَهُ فإِنَّ القَرْضَ أَصلُه في القَطْعِ ثمَّ تُفرَّعُ عَلَيْهِ المعاني كلُّها بحسَبِ المراتبِ ويشهدُ لذلك قَوْل الصَّاغَانِيُّ في العُبَاب . والتَّركيبُ يدلُّ عَلَى القَطْعِ وكذلك قَوْل أَبي عُبيدٍ : القَرْضُ في أَشْياءَ فذكرَ فيها قَرْضَ الفأْرِ وسَيْر البلادِ وقَرْضَ الشِّعْر والسَّلف والمُجازاةِ فإذا شُبِّه الشِّعْرُ بالثَّوبِ وجُعلَ الشَّاعرُ كَأَنَّهُ يَقْرِضُهُ أَي يَقْطَعُهُ ويُفصِّلُه ويُجزِّئهُ فأَيّ بُعْدٍ فيه ؟ فَتَأَمَّلْ . قالَ شَيْخُنَا ثمَّ ظاهِرُ المُصَنِّفِ كالصّحاح وغيرِهِ أنَّ قَرْضَ الشِّعْر هو قَوْلُهُ . والذي ذَكَرَه أَئمَّةُ الأَدب كحَازِمٍ وغيرِهِ أَنَّ قَرْضَ الشِّعْر هو نَقْدُه ومعرفَةُ جَيِّدِه مِنْ رَديئه قَوْلاً ونَظَراً . قُلْتُ : هذا الَّذي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عن أئمَّةِ الأَدبِ إنَّما هو في التَّقْريضُ دونَ القَرْضِ كما سَيَأْتِي فتأَمَّلْ
ومن المَجازِ : جاءَنا وقد قَرَضَ رِباطَه ذَكَرَ الجَوْهَرِيّ هذا اللَّفظَ عَقِيبَ قولهِ : قَرَضْتُ الشَّيْءَ أَقْرِضُه بالكَسْرِ قَرْضاً : قَطَعْتُه ثمَّ قالَ : يُقَالُ : جاءَ فلانٌ وقد قَرَضَ رِباطَهُ . والفأْرَةُ تَقْرِضُ الثَّوبَ هذا سِياقُ كلامِه فهذا يدلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرادَ بقولِهِ قَرَضَ رِباطَهُ تَبْيينَ القَرْضِ بمَعْنَى القَطْعِ وتأكيدَه وليسَ كَذلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ كما قالهُ ابنُ الأَعْرَابيّ أَي ماتَ . والرِّباطُ : رِباطُ القلبِ ومن قُطعَ رِباطُ قلبِهِ فَقَدْ هَلَك . أَو مَعْنَاهُ : إِذا جاءَ مَجْهوداً وَقَدْ أَشرفَ عَلَى الموتِ . وهو قَوْل أَبي زيدٍ كما نَقَلَهُ الأّزْهَرِيّ . وقال غيرُهُ : أَي جاءَ في شدَّةِ العَطَشِ والجوعِ . وقَرَضَ في سيرِهِ يُقْرِضُ قَرْضاً : عدلَ يُمنةً ويُسرةً وقالَ الجَوْهَرِيّ : ويقولُ الرَّجُلُ لصاحِبه : هلْ مَرَرْتَ بمكانِ كذا وكَذا فيقولُ المسؤول : قَرَضْتُهُ ذاتَ اليمينِ ليلاً . يُقَالُ : قَرَضَ المكانَ يَقْرِضُهُ قَرْضاً : عَدَلَ عنه وتَنَكَّبَهُ وأَنْشَدَ لذي الرُّمَّة :
إِلَى ظُعُنٍ يقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِفٍ ... شِمالاً وعَنْ أَيْمانِهِنَّ الفَوَارِسُ
ومُشرفٌ والفَوارسُ موضِعان . يَقُولُ : نظرتُ إِلَى ظُعُنٍ يَجُزْنَ بَيْنَ هذينِ المَوْضِعَيْنِ . انْتَهَى . وقال الفَرَّاءُ : العربُ تقول : قَرضْتُهُ ذاتَ اليمينِ وقَرَضْتُهُ ذاتَ الشِّمالِ وقُبُلاً ودُبُراً أَي كنتُ بِحِذائِه من كلِّ ناحيةٍ . وقَرَضَ الرَّجُلُ : ماتَ هَكَذا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ كقَرِضَ بالكَسْرِ وهذه عن ابنُ الأَعْرَابيّ . وَقَدْ جمعَ بَيْنَهما الصَّاغَانِيُّ في العُبَاب ونبَّه عَلَيْهِ في التَّكْمِلَة أَيْضاً . ومن أَمثالِهمْ : " حال الجَريضُ دُونَ القَرِيضِ " قاله عَبِيد بنُ الأَبرص حينَ أَرادَ المُنذِرُ قتلَهُ فقالَ : أَنْشِدْني مِنْ قولكَ فقالَ ذلك وَقَدْ تَقَدَّم في ج ر ض قيلَ : الجَريضُ : الغُصَّةُ . والقَريضُ : مَا يردُّهُ البَعيرُ من جِرَّتهِ كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . وقالَ اللَّيْثُ : القَريضُ : الجِرَّةُ لأنَّهُ إِذا غُصَّ لم يقْدِرْ عَلَى قَرْضِ جِرَّتِهِ . وقال ابنُ سِيدَه : قَرَضَ البعيرُ جِرَّتهُ يَقْرِضُها قَرْضاً وهي قَريضٌ : مَضَغَها أَو ردَّها . وقال كُراع : إنَّما هي الفَريضُ بالفاءِ وَقَدْ تَقَدَّم في موضِعِهِ . وقيل الجرِيضُ في المثَلِ : الغَصَصُ والقَريضُ الشِّعْرُ كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أَيْضاً أَي حالَ مَا هالهُ دُون شِعْره ولذا صارَ يَقُولُ :
" أَقْفَرَ من أَهْلِهِ عَبِيدُ
" فاليَوْمَ لا يَبْدِي ولا يَعيدُ والشِّعْرُ قَريضٌ فَعيلٌ بمَعْنَى مفْعولٍ كالقَصيدِ ونَظَائِرِه . قالَ ابنُ بَرِّيّ : وَقَدْ فرَّقَ الأَغْلبُ العِجْلِيُّ بَيْنَ الرَّجَزِ والقَريضِ بقَوْله :
" أَرجزاً تُريدُ أَمْ قَرِيضا
" كِلَيْهِما أُجِيدُ مُسْتَرِيضَا والقُراضَةُ : بالضَّمِّ : مَا سقطَ بالقَرْضِ أَي بقَرْضِ الفأْر من خُبزٍ أَو ثوبٍ أَو غيرِهِما وكذلك قُراضاتُ الثَّوبِ التي يَقْطَعُها الخيَّاطُ ويَنْفيها الجَلَمُ وكَذلِكَ قُراضَةُ الذَّهبِ والفِضَّةِ . والمِقْراضُ : واحدُ المقاريضِ هَكَذا حكاه سيبويه بالإِفْراد . وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لعَدِيٍّ بنِ زَيْدٍ :
كلُّ صعْلٍ كأَنَّما شَقَّ فيهِ ... سَعَفَ الشرْيِ شَفْرَتَا مِقْراضِ وقالَ ابنُ مَيَّادَةَ :
" قَدْ جُبْتُها جَوْبَ ذِي المِقْراضِ مِمْطَرَةًإِذا اسْتَوَى مُغْفِلاتُ البِيدِ والحدَب وقال أَبو الشِّيص :
وجنَاحِ مقْصُوصٍ تَحيَّفَ ريشَهُ ... رَيْبُ الزَّمانِ تَحَيُّفَ المِقْراضِ فقالوا مِقْراضاً فأَفْرَدوه . وقال ابنُ بَرِّيّ : ومثلُهُ المِفْراصُ بالفاءِ والصَّاد وَقَدْ تَقَدَّم في موضعه . وهما مِقْراضانِ تثنيَةُ مِقْراض . وقال غيرُ سِيبَوَيْه من أَئمَّةِ اللُّغةِ : المِقْراضانِ : الجَلَمانِ لا يُفردُ لهما واحدٌ . والقَرْضُ بالفَتْحِ كما هو المشهور ويُكسرُ وهذه حكاها الكِسائِيُّ كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . وقال ثعلبٌ : القَرْضُ المصدر والقَرْضُ الاسمُ . قالَ ابنُ سِيدَه : لا يُعْجِبُني . وفي اللّسَان : هو مَا يَتَجازَى به النَّاسُ بَيْنَهم ويَتَقاضَوْنَهُ وجمْعُهُ قُرُوضٌ . قالَ الجَوْهَرِيّ : هو مَا سلَّفْتَ مِنْ إِساءةٍ أَوْ إِحسان وهو مَجازٌ عَلَى التَّشبيهِ وأَنْشَدَ للشَّاعرِ وهو أُميَّةُ ابنُ أَبي الصَّلْتِ :
" كُلُّ امرئٍ سوفَ يُجْزَى قَرْضَهُ حَسَناًأَوْ سَيِّئاً أَوْ مَدِيناً مِثْلَ مَا دَانَا وأَنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ لِلَبيدٍ رَضِيَ الله عَنْه :
وإذا جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِهِ ... إنَّما يَجْزِي الفَتَى لَيْسَ الجَمَلْوفي اللّسَان : مَعْنَاهُ إِذا أُسدِيَ إليكَ معروفٌ فكافِئْ عَلَيْهِ . وفي الصّحاح : القَرْضُ : مَا تُعْطيهِ من المالِ لتُقْضَاهُ . وقال أَبو إسحاقَ النَّحَوِيُّ في قَوْله تَعَالَى " مَنْ ذَا الَّذي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً " قالَ : معنى القَرْضِ : البلاءُ الحَسَنُ . تقولُ العربُ : لكَ عندِي قَرْضٌ حسنٌ وقَرْضٌ سيِّئٌ . وأَصلُ القَرْضِ : مَا يُعطيهِ الرَّجُلُ أَو يفعلَهُ ليُجازَى عَلَيْهِ . والله عَزَّ وَجَلّ لا يَسْتَقْرِضُ مِنْ عَوَزٍ ولكنَّه يبلو عبادَهُ فالقَرْضُ كما وَصَفْنا . قالَ : وهو في الآية اسمٌ لكُلِّ مَا يُلْتَمَسُ عَلَيْهِ الجَزاءُ ولو كانَ مصدراً لكانَ إِقْراضاً . وأَمَّا قَرَضْتُهُ قَرْضاً فمعناهُ جازَيْتُهُ وأَصلُ القَرْضِ في اللُّغة القَطْعُ . وقال الأَخْفَشُ في قَوْله تَعَالَى " يُقْرِضُ " أَي يفعلُ فعلاً حَسَناً في اتِّباعِ أَمرِ اللهِ وطاعَتِه . والعربُ تقولُ لكلِّ من فعلَ إِلَيْه خيراً : قَدْ أَحْسَنْتَ قَرْضِي وَقَدْ أَقْرَضْتَني قَرْضاً حسناً . في الحَدِيث : " أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِك ليَوْمِ فَقْرِكَ " يَقُولُ : إِذا اقْتَرَضَ عِرِضَكَ رَجُلٌ فلا تُجازِهِ ولكن اسْتَبْقِ أَجرَهُ موْفوراً لكَ قَرْضاً في ذِمَّتهِ مِنْهُ يومَ حاجَتِكَ إِلَيْه . وقَوْلُه تَعَالَى : " وإذا غَرَبتْ تُقْرِضُهُم ذاتَ الشِّمالِ " في الصّحاح : قالَ أَبو عُبَيْدَة كذا في أَكثرِ النُّسخِ وفي بعضِها : أَبو عُبَيْدٍ : أَي تُخَلِّفُهُمْ شِمالاً وتجاوِزُهُمْ وتقطَعُهُمْ وتترُكهم عَلَى شِمالِها نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وَقَدْ تَقَدَّم مَا يتعلَّقُ به قَريباً عند قوله : قَرَضَ المكانَ : عَدَلَ عنه وتَنَكَّبَه ولوْ ذَكَرَ الآيَةَ هُناك كانَ أَحسنَ وأَشْمَلَ . وقَرضَ الرَّجُلُ كسَمِعَ : زالَ من شيءٍ إِلَى شيءٍ عن ابنُ الأَعْرَابيّ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ وصاحبُ اللّسَان وَقَدْ تَقَدَّم عنهُ أَيْضاً قَرِضَ بالكَسْرِ إِذا ماتَ فالمُصَنِّفُ فرَّقَ قوْلَيْهِ في محَلَّيْنِ . والمَقارِضُ : الزَّرْعُ القليلُ عن ابنِ عبَّادٍ قالَ : وهي أَيْضاً المواضِعُ الَّتي يَحْتاجُ المُسْتَقِي إِلَى أَنْ يَقْرِضَ أَي يَميحَ الماءَ منها . قالَ : وشِبْهُ مَشَاعِلَ يُنْبَذُ فيها ونحوها مِنْ أَوعيَةِ الخمرِ قالَ : والجِرارُ الكِبارُ : مَقَارِضُ أَيْضاً . وأَقْرَضَهُ المالَ وغيرَهُ : أَعطاهُ إيَّاهُ قَرْضاً قالَ الله تعالى : " وأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً " ويُقَالُ : أَقْرَضْتُ فلاناً وهو مَا تُعطيهِ ليَقْضِيَكَهُ ولم يقلْ في الآيَةِ إقْراضاً إلاَّ أَنَّهُ أَرادَ الاسمَ وَقَدْ تَقَدَّم البحثُ فيه قريباً . وقال الشَّاعر :
فَيَا لَيْتَني أَقْرَضْتُ جَلْداً صَبَابَتِي ... وأَقْرَضَني عن الشَّوْقِ مُقْرِضُ وأَقْرَضَهُ : قَطَعَ له قِطعةً يُجازِي عليها نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ وَقَدْ يكونُ مُطاوِعَ اسْتَقْرضَهُ . والتَّقْريضُ مثلُ التَّقْريظ : المَدْحُ أَو الذَّمُّ فهو ضِدٌّ . ويُقَالُ التَّقْريضُ في الخيرِ والشَّرِّ والتَّقْريظُ في المَدْحِ والخَيرِ خاصَّةً كما سَيَأْتِي . وانْقَرَضوا : دَرَجوا كلُّهم وكَذلِكَ قَرضُوا وعِبَارَةُ الصّحاح : وانْقَرَضَ القومُ : دَرَجوا ولم يبقَ مِنْهُم أَحَدٌ فاخْتَصَرَها بقولهِ : كلُّهُم وهو حَسَنٌواقْتَرَضَ مِنْهُ أَي أَخَذَ القَرْضَ . واقْتَرَضَ عِرْضهُ : اغْتابَهُ لأنَّ المُغْتاب كَأَنَّهُ يقطَعُ من عِرْضِ أَخيهِ . ومِنْهُ الحديث : " عِبادَ الله رفَعَ اللهُ عنَّا الحَرَجَ إلاَّ منِ اقْتَرَضَ امْرأً مُسلِماً " وفي رواية : " منِ اقْتَرَضَ عِرْضَ مُسْلِمٍ " . أَراد قطَعَه بالغِيبة والطَّعن عَلَيْهِ والنَّيْلِ مِنْهُ وهو افْتِعالٌ من القَرْضِ . والقِراضُ والمُقارَضَةُ عند أَهلِ الحِجازِ : المُضارَبَةُ ومِنْهُ حديث الأّزْهَرِيّ : " لا تَصْلُحُ مُقارَضَةُ مَنْ طُعْمتُهُ الحَرامُ " كَأَنَّهُ عقدٌ عَلَى الضَّربِ في الأَرضِ والسَّعْيِ فيها وقطْعِها بالسَّيرِ . من القرض في السير وقال الزَّمَخْشَرِيّ : أَصلُها من القَرْضِ في الأَرضِ وهو قطْعُها بالسًّيْرِ فيها . قالَ : وكَذلِكَ هي المُضارَبَةُ أَيْضاً من الضَّرْبِ في الأَرضِ . وفي حديثِ أَبي مُوسى : " اجْعَلْهُ قِراضاً " وصُورتُهُ أَي القِراض أَنَ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مالاً ليَتَّجِرَ فيه والرِّبْحُ بَيْنَهما عَلَى مَا يَشْتَرِطانِ والوَضيعَةُ عَلَى المالِ وَقَدْ قارَضَه مُقارَضَةً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ هكَذَا . وقال أَيْضاً : هُما يَتَقارَضَانِ الخيرَ والشَّرَّ وأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِر :
إِنَّ الغَنِىَّ أَخُو الغَنِيِّ وإِنَّما ... يَتَقَارَضَانِ ولا أَخَا للمُقْتِرِ وقال غيرُه : هُما يَتَقَارَضانِ الثَّناءَ بَيْنَهُمْ أَي يَتَجَازَيانِ . وقال ابنُ خالَويْه : يُقَالُ : يَتَقَارَظَانِ الخيرَ والشَّرَّ . بالظَّاء أَيْضاً وقال أَبو زيدٍ : هُما يَتَقارَظانِ المَدْحَ إِذا مَدَحَ كلُّ واحدٍ منهُما صاحبهُ ومثلهُ يتقارضان بالضَّاد وسَيَأْتِي . قالَ الجَوْهَرِيّ : والقِرْنانِ يَتَقارَضَانِ النَّظَر أَي ينظُرُ كلٌّ منهُما إِلَى صاحبهِ شَزْراً . قُلْتُ : ومِنْهُ قَوْل الشَّاعر :
يَتَقارَضونَ إِذا الْتَقَوْا في مَوْطِنٍ ... نَظَراً يُزيلُ مواطِئَ الأَقْدامِ أَرادَ ينظُرُ بعضُهُمْ إِلَى بعضٍ بالعَداوَةِ والبَغْضاءِ . وكانتِ الصَّحابَةُ وهو مأْخوذٌ مِنْ حديثِ الحَسَنِ البَصْرِيّ قيلَ لهُ : أَكانَ أَصحابُ رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عليه وسَلّم يَمْزَحون ؟ قالَ : نعم ويَتَقارَضون وهو منَ القَرِيضِ للشِّعرِ أَي يقولون القَرِيضَ ويُنْشِدونَه . وأَمَّا قَوْلُ الكُميت :
يُتَقَارَضُ الحَسَنُ الجمِي ... لُ من التَّآلُفِ والتَّزاوُرْفمَعْناهُ أنَّهُمْ كانوا مُتَآلِفينَ يَتَزاوَرون ويَتَعاطَوْنَ الجميلَ كما في العُبَاب . وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : التَّقْريضُ : القَطْعُ قَرَضَهُ وقَرَّضَهُ بمعنًى كما في المُحكم . وابنُ مِقْرِضٍ : دُويْبَّةٌ يُقَالُ لها بالفارِسِيَّة دَلَّهْ وهو قَتَّالُ الحَمَام كما في الصحاح وضبطه هَكَذا كمِنْبَر وفي التَّهْذيبِ : قالَ اللَّيْثُ : ابنُ مِقْرِضٍ . ذو القَوائمِ الأرْبَعِ الطَّويلُ الظَّهْرِ قَتَّالُ الحَمَامِ . ونقل في العُبَاب أَيْضاً مثله . وزادَ في الأَساس : أَخَّاذٌ بحُلُوقِها وهو نوعٌ من الفيرانِ . وفي المُحكم تَخْرِقُها وتَقْطَعُها . والعَجَبُ من المُصَنِّفِ كَيْفَ أَغفلَ عن ذِكرِهِ . وقارَضَهُ مِثْلُ أَقْرَضَهُ كما في اللّسَان . واسْتَقْرَضْتُ مِنْ فلانٍ : طلبتُ مِنْهُ القَرْضَ فأَقْرَضَني نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . والقُراضَةُ تكونُ في العملِ السيِّئِ والقولِ السَّيِّئِ يَقْصِدُ الإِنسانُ بهِ صاحِبُهُ . واسْتَقْرَضَهُ الشَّيْءَ : اسْتَقْضاهُ فأَقْرَضَهُ : قَضَاهُ . والمَقْروضُ : قَرِيضُ البَعير . نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . والقَرْضُ : المَضْغُ . والتَّقْريضُ : صِناعَةُ القَرِيضِ وهو معرفَةُ جَيِّدِهِ مِنْ رَديئِهِ بالرَّوِيَّةِ والفِكْرِ قولاً ونَظَراً . وقَرَضْتُ قَرْضاً مِثْلُ حَذَوْتُ حَذْواً . ويُقَالُ : أَخَذَ الأَمر بقراضَتِه أَي بطَرَاءَتِهِ كما في اللّسَان . ويُقَالُ : مَا عَلَيْهِ قِراضٌ ولا خِضَاضٌ أَي مَا يقْرِضُ عنه العُيونَ فيَسْتُرُه نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عن ابنِ عبَّادٍ . وذكَرَ اللَّيْثُ هنا التَّقْريضَ بمَعْنَى التَّحْزِيزِ . قالَ الأّزْهَرِيّ : وهو تَصْحِيفٌ والصَّوابُ بالفاءِ وهكذا روى بَيْت الشَّمّاخ وَقَدْ تَقَدَّم في ف ر ض . وقُراضَةُ المالِ : رَديئُه وخَسيسُه . والقَرَّاضَةُ بالتَّشديد المُغْتابُ للنَّاسِ وأَيضاً دُوَيْبَّةٌ تَقْرِضُ الصُّوفَ . ومن المَجازِ قولهم : لِسانُ فلانٍ مِقْراضُ الأَعْراضِ . والمَقْروضَةُ : قريةٌ باليمنِ ناحِيةَ السّحول ومنها أَبو عَبْدِ اللهِ محمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يحيَى الهَمْدانيُّ الفَقيهُ
النَّقْضُ في البناءِ والحَبْلِ والعَهْدِ وغيرِه : ضدُّ الإِبْرامِ كالانْتِقاضِ والتَّناقُضِ وفي المُحكم : النَّقْضُ : إِفْسادُ مَا أَبْرَمْتَ من عقْدٍ أَو بِناءٍ وذَكَرَ الجَوْهَرِيّ الحَبْلَ والعَهْدَ . ونَقْضُ البِناءِ هدْمُه . وجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ نَقْضَ العَهْدِ من المَجازِ وهو ظاهرٌ . والمُرادُ من قولِه : وغيرِه كالنَّقْضِ في الأَمْرِ وفي الثُّغورِ وما أَشْبَههما . ونَقَضَهُ يَنْقُضُهُ نَقْضاً وانْتَقَضَ وتَناقَضَ . وانْتَقَضَ الأَمْرُ بعدَ الْتِئامِهِ وانْتَقَضَ أَمرُ الثَّغْرِ بعد سَدِّه . والنِّقْضُ بالكَسْرِ : المَنْقوضُ أَي المَهْدومُ مثْل النَّكْثِ بمَعْنَى المَنْكوثِ . والنِّقْضَ أَيْضاً : النِّفْضُ بالفاءِ وهو العَسَلُ المُسَوِّسُ الَّذي يُلطَخُ به موضِعُ النَّحْل عن الهَجَرِيّ وهو الصَّوَابُ وذِكْرُهُ في الفاءِ تصحيفٌ . والنِّقْضُ أَيْضاً : المَهْزولُ من السَّيْرِ وفي الصّحاح : هو الَّذي أَنْضاه السَّفَرُ زاد في العباب وسُوفِرَ عَلَيْهِ مرَّةً بعد أُخرى ناقَةً أَو جمَلاً . وقال السِّيرافيُّ : كأَنَّ السَّفَرَ نَقَضَ بنْيَتَه . قُلْتُ : فإِذَنْ هو مَجاز . أَو هي النَّاقَةُ نِقْضَةٌ بهاءٍ قالَ رُؤْبَةُ :
" إِذا مَطَوْنا نِقْضَةً أَو نِقْضَا
" أَصْهَبَ أَجْرَى نِسْعَه والغَرْضَا والنِّقْضُ أَيْضاً : مَا نُكِثَ من الأَخْبيَةِ والأَكسيَةِ فغُزِلَ ثانيةً وهذا بعيْنِه المَنْقوضُ وداخلٌ تحتَه ولذا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيُّ ويشهَدُ لذلك قوله : ويُحرَّكُ . فإِنَّ نَصَّ الصَّاغَانِيُّ : والنِّقْضُ أَيْضاً المَنْقوضُ مِثْلُ النِّكْثِ وكَذلِكَ النَّقَضُ بالتَّحريكِ ولم يَذكُرِ الجَوْهَرِيّ المُحرَّك فتأَمَّل . وفي المُحْكَمِ : النِّقْضُ : قِشْرُ الأَرضِ المُنْتَفِضُ عن الكَمْأَةِ وفي الصّحاح : الموضِعُ الَّذي يَنْتَفِضُ عن الكَمْأَةِ ومثلُه في العُبَاب أَي إِذا أَرادَت أَنْ تخرُجَ نَقَضَت وَجْهَ الأَرْضِ نَقْضاً فانْتَقَضتِ الأَرْضُ . الجمع أَنْقاضٌ وهو جمعُ النِّقْضِ بمَعْنَى النَّاقَة والجَمل قالَ سِيبَوَيْه : ولا يُكَسَّر عَلَى غير ذلك أَمَّا في النِّقْضِ بمَعْنَى الجَمَلِ فظاهِرٌ وأَمَّا جمعُ النِّقْضَةِ وهي النَّاقة فهو أَيْضاً أَنْقاضٌ كجمعِ المُذكَّرِ عَلَى تَوَهُّم حذفِ الزَّائد وأَنْشَدَ اللَّيْثُ :
" فأَتَتْكَ أَنْقاضاً عَلَى أَنْقاضِ وأَمَّا شاهدُ الأَنْقاضِ جمع النِّقْضِ بمَعْنَى مُنْتَقِض الكَمْأَةِ فقولُ الشَّاعر :
كأَنَّ الفُلانِيَّاتِ أَنْقاضُ كَمْأَةٍ ... لأَوَّلِ جانٍ بالعَصَا يَسْتَثيرُها ويُجمعُ أَيْضاً عَلَى نُقُوضٍ نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه في جمْعِ النِّقْضِ بمَعْنَى مُنْتَقِض الكَمْأَةِ . والنِّقْضُ من الفراريجِ والعَقْرَبِ والضِّفدعِ والعُقابِ والنَّعامِ والسُّمانَى والبازِيّ والوَبْر والوَزَغِ ومَفْصِل الآدَميِّ : أَصْواتُها هكَذَا في سَائِرِ النُّسَخِ وهو غَلَطٌ فاحشٌ والصَّوَابُ : النَّقِيضُ كأَميرٍ كما في الصّحاح والمُحكم والعُبَاب والتَّهذيب . ونصُّ المُحْكَمِ : والنَّقيضُ من الأَصواتِ يَكُونُ لمَفاصِلِ الإِنْسانِ والفَراريجِ والعقرَبِ ثمَّ ساقَ العِبارَةَ المذكورَةَ إِلَى آخِرها ويشهدُ لذلك قولُه : وَقَدْ انْقَضُوا . وفي الصّحاح : انْقَضَتِ العُقابُ أَي صوَّتَتْ وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيّ :
" تُنْقِضُ أَيْدِيها نَقيضَ العِقْبانْ قال : وكذلك الدجاجة قال الراجز
" تنقض إنقاض الدجاج المخض ومثلُه في الأَساس واللّسَان وقال ذو الرُّمَّة - وشَبَّه أَطِيطَ الرِّحالِ بأَصْواتِ الفَراريجِ - :
كأَنَّ أَصْواتَ من إِيغالِهِنَّ بِنا ... أَواخِرِ الميْسِ إِنْقاضُ الفَراريجِ قالَ الأّزْهَرِيّ : هَكَذا أَقْرَأَنيه المُنْذِرِيُّ روايةً عن أَبي الهَيْثَمِ وفيه تقديمٌ أُريدُ التَّأْخيرُ أَرادَ كأَنَّ أَصْواتَ أَواخرِ الميْسِ إِنْقاضُ الفَراريجِ إِذا أَوْغَلَتِ الرِّكابُ بنا أَي أَسرَعَتْ . وقال أَبو عُبَيْدٍ : أَنْقَضَ الفرْخُ إِنْقاضاً إِذا صأَى صَئِيًّا وأَنْشَدَ غيرُه في نَقيضِ الوَزَغِ :
فَلَمَّا تَجَاذَبْنا تفَرْقَعَ ظَهْرُهُ ... كما تُنْقِضُ الوِزْغانُ زُرْقاً عيُونُهَا والنُّقْضُ بالضَّمِّ : مَا انْتَقَضَ من البُنْيانِ أَي انهَدَم فهو كالنِّقْضِ بالكَسْرِ . والنُّقَضُ كصُرَدٍ : نوعٌ من الأَخْذِ في الصِّراع نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عن ابنِ عبَّادٍ . ومن المَجَازِ : نَقِيضُ الأَدَمِ والرَّحْلِ والوَتَرِ والنِّسْعِ والرِّحالِ والمَحَامِلِ والأَصابِعِ والأَضْلاعِ والمَفَاصِلِ : أَصْواتُها وفي العِبارَةِ تَطْويلٌ مُخِلٌّ فإِنَّ ذِكْرَ الرَّحلِ يُغْني عن النِّسْعِ وتقدَّم له صوتُ المَفاصِلِ عند ذِكرِ نَقِيضِ الحَيَوانِ وفيما تَقَدَّم كُلُّها حَقائِقُ إلاَّ صوت المَفْصِل وهُنا كُلُّها مَجازات . وكلُّ صوتٍ لمَفْصِلٍ وإِصْبَعٍ فهو نَقِيضٌ وفي الصحاح النَّقِيضُ : صوْتُ المحامِلِ والرِّحالِ قالَ الرَّاجِزُ :
" شَيَّبَ أَصْدَاغِي فهُنَّ بِيضُ
" مَحَامِلٌ لِقِدِّها نَقِيضُ وفي العُبَاب : يُقَالُ : سمعتُ نَقِيضَ النِّسْعِ والرَّحْلِ إِذا كانَ جَديداً . وقال اللَّيْثُ : النَّقيضُ : صوتُ المَفَاصِلِ والأَصابعِ والأَضلاع . وشاهِدُ أَنْقَضتِ الأَضْلاعُ قَوْلُ الشَّاعرِ :وحُزْن تُنْقِضُ الأَضْلاعُ مِنْهُ ... مُقِيم في الجَوَانِحِ لَنْ يَزُولا ومن المَجَازِ : النَّقيضُ من المِحْجَمَةِ : صوتُ مَصِّكَ إِيَّاها أَي إِذا شدَّها الحَجَّامُ بمَصِّه يُقَالُ : أَنْقَضَتِ المِحْجَمَة قالَ الأَعْشَى :
" زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ نَقِيضُ المَحَاجِمِ وَقَدْ يأتي النَّقيضُ بمَعْنَى مُطْلَقِ الصَّوْتِ ومِنْهُ الحَديث : " أَنَّهُ سَمْعَ نَقِيضاً مِنْ فَوْقِه " أَي : صَوْتاً . أَو الإِنْقاضُ في الحَيَوانِ والنَّقْضُ في المَوَتانِ . والفعلُ أَي من النَّقْضِ كنَصَرَ وضربَ نَقَضَ يَنْقُضُ ويَنْقِضُ نَقْضاً : صَوَّتَ . وأَنْقَضَ أَصابِعَهُ : ضَرَبَ بها لتُصَوِّتَ يُقَالُ : رَأَيْتُه يُنْقِضُ أَصابِعَهُ . قُلْتُ : إِنْ كانَ المُرادُ به الفرْقَعَةَ فهو مَكْروهٌ أَو التَّصْفيقَ فلا . وأَنْقَضَ بالدَّابَّةِ : أَلْصَقَ لِسانَهُ بالحنَكِ أَي الغارِ الأَعْلى ثمَّ صوَّتَ في حافتَيْهِ من غيرِ أَن يرفَعَ طَرَفَه عن مَوْضعه قالَه اللَّيْثُ إلاَّ أَنَّهُ قالَ : أَنْقَضْتُ بالحِمارِ وقال الأَصْمَعِيّ : يُقَالُ : أَنْقَضْتُ بالعَيْرِ والفَرَسِ وقال : كلُّ مَا نَقَرْتَ به فَقَدْ أَنْقَضْتَ به . وأَنْقَضَتِ العُقابُ : صوَّتَتْ وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيّ :
" تُنْقِضُ أَيْدِيها نَقيضَ العِقْبانْنَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وَقَدْ تَقَدَّم . وأَنْقَضَ الكَمْأَةَ أَي أَخْرَجها من الأَرْضِ وكذا أَنْقَضَ عنها كما في المُحْكَمِ . وأَنْقَضَ بالمَعزِ : دَعا بها نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ والجَوْهَرِيّ عن أَبي زَيْدٍ وصاحب اللّسَان عن الكِسَائِيّ . وأَنْقَضَ العِلْكَ : صَوَّتَهُ وهو مَكْروهٌ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ والجَماعَةُ . ونَقَّضَ الفَرَسُ تَنْقيضاً إِذا أَدلَى ولم يستَحْكِمْ إِنْعاظُهُ ومثلُه رَفَّضَ وسيأَ وأَساب وشَوَّلَ وسيَّحَ وسَمَّلَ وانْساحَ وماسَ كذا في النَّوادر . والنُّقاضَةُ بالضَّمِّ : مَا نُقِضَ من حَبْلِ الشَّعرِ كما في العُبَاب . وفي اللّسَان : مَا نُقِضَ من الأَكسِيَةِ والأَخبيَةِ الَّتِي نُكِثَتْ ثمَّ غُزِلَتْ ثانيةً . وقال اللَّيْثُ : النُّقَّاضُ كرُمَّانٍ : نباتٌ ولم يذكُرْه أَبو حَنِيفَةَ قالَهُ الصَّاغَانِيُّ . قُلْتُ : وَقَدْ تَقَدَّم في ن ف ض أَنَّهُ إِذا رَعَتْه الغَنَمُ ماتَتْ عن ابنِ عبَّادٍ إِنْ لم يكُن أحدهُما تَصْحيفاً عن الآخرِ فتأَمَّلْ . والنَّقَّاضُ كشَدَّادٍ : لَقَبُ الفَقيهِ أَبي شُرَيْحٍ إسماعيلَ ابنِ أَحمدَ بنِ الحَسَنِ الشَّاشيّ ثِقَة صَدُوق روى عن أَبي الحَسَنِ محمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمن الدَّبَّاسِ وعنه أَبو عَبْدِ اللهِ الفراوِيّ وأَبو القاسِم السُّحامِيُّ ماتَ سنة أربعمائة وسبعين أَو قبلَهَا . قُلْتُ : وإِنَّما لُقِّبَ به لأنَّه كانَ يَنْقُض الدِّمَقْسَ . وفي التَّنزيل العزيزِ " ووَضَعْنا عنكَ وِزْرَكَ الَّذي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ " قالَ ابنُ عَرفَةَ : أَي أَثْقَلَهُ حتَّى جعلَهُ نِقْضاً أَي مهْزولاً وهو الَّذي أَتعَبَهُ السَّفَرُ والعَمَل فنَقَضَ لَحْمَه أَو أَثْقَلَهُ حتَّى سُمِعَ نَقيضُهُ أَي صوتُهُ وهذا قَوْلُ الأّزْهَرِيّ . وقال الجَوْهَرِيّ : وهو من أَنْقَضَ الحِمْلَ ظَهْرَه أَي أَثْقَلَهُ وأَصلُه الصَّوْتُ . قُلْتُ : هو قَوْلُ مُجاهِدٍ وقَتادَةَ والأَصْلُ فيه أَنَّ الظهْرَ إِذا أَثْقَلَهُ الحمْلُ سُمِعَ له نَقيضٌ أَي صوتٌ خَفِيٌّ كما يُنْقِضُ الرَّجُلُ لِحِمارِه إِذا ساقَهُ . والنَّقيضَةُ : الطَّريقُ في الجَبَلِ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ . ومن المَجَازِ : نَقِيضَةُ الشِّعْر وهو أَن يقولَ شاعرٌ شِعْراً فيَنْقُضَ عَلَيْهِ شاعرٌ آخرُ حتَّى يجيءَ بغيرِ مَا قالَ قالَهُ اللَّيْثُ والاسم النَّقيضَةُ وفعلُهما المُناقَضَةُ وجمعُ النَّقيضَة : النَّقائضُ ولذلك قالوا : نَقَائِضُ جَريرٍ والفَرَزْدَقِ . والإِنْقِيضُ كإِزْميلٍ : الطِّيبُ الَّذي له رائحةٌ طَيِّبَةٌ خُزاعِيَّةٌ نَقَلَهُ أَبو زَيْدٍ كذا نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ . وفي اللّسَان : هو رائِحَةُ الطِّيبِ . وتَنَقَّضَ الدَّمُ : تَقَطَّرَ هكَذَا في سَائِرِ النُّسَخِ وما أَحْراهُ بالتَّحْريف والتَّصحيف ففي المُحْكَمِ : تَنَقَّضَتِ الأَرضُ عن الكمْأَةِ أَي تَفَطَّرَتْ وقال ابنُ فارسٍ : انْتَقَضَت القَرْحَةَ كأَنَّها كانت تَلاءَمتْ ثمَّ انْتَقَضَت وتَنَقَّضَتْ عنها : تَفطَّرَت . ومن المَجَازِ : تَنَقَّضَت عِظامُهُ أَي صوَّتَتْ عن ابنِ فارسٍ . وتَنَقَّضَ البَيْتُ : تشَقَّقَ فسُمِعَ له صوتٌ وفي حديثِ هِرَقْل : " لَقَدْ تَنَقَّضَت الغُرفَةُ " أَي تشَقَّقَتْ وجاءَ صوتُها . ومن المَجَازِ : المُناقَضَةُ في القولِ : أَنْ يتكلَّمَ بما يِتِناقَضُ معناه أَي يَتَخالَفُ . والتَّناقُضُ : خلاف التَّوافُقِ كما في العُبَاب وهو مُفَاعَلَةٌ من نَقْضِ البِناءِ وهو هَدْمُه ويُرادُ به المُراجعَةُ والمُراوَدَة ومِنْهُ حديثُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ " فنَاقَضَنِي وناقَضْتُه " . وناقَضَهُ مُناقَضَةً : خالَفَهُ . وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : النِّقْضُ بالكَسْرِ : المَهْزولُ من الخَيْلِ عن السِّيرَافيِّ قالَ : كأَنَّ السَّفرَ نَقَضَ بنْيَتَه والجمعُ : أَنْقاضٌ . والنَّقَّاضُ ككَتَّانٍ : من يَنْقُضُ الدِّمَقْسَ وحرْفَتُه النِّقاضَةُ بالكَسْرِ وقال الأّزْهَرِيّ : وهو النَّكَّاثُ . والنِّقَاضُ ككِتابٍ : المُناقَضَةُ . قالَ الشَّاعر :
وكانَ أَبو العَيُوفِ أَخاً وجَاراً ... وذَا رَحِمٍ فقلتُ له نِقَاضَاأَي ناقَضْتُه في قوله وهَجْوِه إِيَّايَ . ومن المَجَازِ : الدَّهرُ ذُو نَقْضٍ وإِمْرارٍ أَي مَا يُمِرُّه يَعودُ عَلَيْهِ فيَنْقُضُه ومِنْهُ قَوْلُ الشَّاعر :
" إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ ذا نَقْضٍ وإِمْرارِ ونَقِيضُك : الَّذي يُخالِفُك والأُنْثَى بالهاءِ . وأَنْقَضَ الكَمْءُ ونَقَّضَ : تَقَلْفَعَتْ عنه أَنْقاضُهُ قالَ :
" ونَقَّضَ الكَمْءَ فأَبْدَى بَصَرَهْ والإِنْقاضُ : صوتُ صِغارِ الإِبِلِ قالَ شِظَاظٌ وهو لصٌّ من بني ضَبَّةَ :
" رُبَّ عجُوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ
" عَلَّمْتُها الإِنْقاضَ بعدَ القَرْقَرَهْ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وَقَدْ تَقَدَّم تفسير البيت في ق ر ر . وأَنْقَضَ الرَّحْلُ إِذا أَطَّ . ونَقِيضُ السَّقْف : تَحْريكُ خَشَبِه . وأَنْقَضَ به : صفَّقَ بإِحْدى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرى حتَّى سُمِعَ لها نَقِيضٌ قالَه الخَطَّابيّ . وأَنْقَضَتِ الأَرْضُ : بَدَا نَباتُها . والأَنْقاضُ : صُوَيْتٌ مِثْلُ النَّقْرِ . ونَقْضَا الأُذُنَيْنِ : مُسْتَدارهُمَا . وأَنْقَضَ به : صوَّتَ به كما تُنْقَرُ الشَّاةُ اسْتِجْهالاً له . وتَنَقَّضَ البِناءُ مِثْلُ نَقَضَ . ومن المَجَازِ : وفي كلامه تَناقُضٌ إِذا ناقَضَ قولُه الثَّاني الأَوَّلَ . وذَا نَقِيضُ ذا إِذا كانَ مُنَاقِضَهُ . وتَنَاقَضَ الشَّاعِرانِ . وانْتَقَضَ عَلَيْهِ الثَّغْرُ . وانْتَقَضَت الأُمورُ والعُهُودُ . ونَقَضَ فلانٌ وِتْرَهُ إِذا أَخَذَ ثَأْرَهُ . وكلُّ ذلك مَجَازٌ