الفَيْقُ أهملَه الجوهريّ وهو صوْتُ الدّجاج وهو تصْحيف وصوابُه القَيْق بقافَين عن ابنِ الأعرابيّ كما في العُباب وسيأتي . والفِيقُ بالكَسْر : الجبَلُ المُحيطُ بالدُنْيا وهذا أيضاً تصْحيف والمنْقول عن ابن الأعرابيّ بقافَيْن كما سيأتي أيضاً . والفِيقُ : الرّجُلُ الطّويل وهذا أيضاً تصحيفٌ والصّواب بقافَيْن مع أنّه تقدّم له أيضاً في ف و ق مثلُ ذلك بعَيْنه وهو غلَطٌ كما سيأتي أيضاً . وفِيق بِلا لام : ع وهو البَلَدُ الذي بينَ دمَشقَ وطبَريّة الذي نُسِبَ إليه العَقَبة وقد سبقَ له في ف و ق أنّه من كَلام العامّة فإن كان هو هو فكيفَ يقولُ للبَلَدِ إنّهُ موضِع ؟ أو كيفَ ينكرُه أوّلاً ثم يُثبِتُه ثانياً فتأمّل فإنّه عجَبٌ . وإن أرادَ به موْضِعاً آخرَ فهو تصحيفٌ والصوابُ بقافَيْن كما سيأتي . وقال ابنُ الأعرابيّ : فاقَ الرّجُل يَفيقُ : جادَ بنَفسِه لُغةٌ في يَفوقُ . وأفْيَقَ الشاعِر : أفْلَق عن أبي تُرابٍ السُّلَميِّ وقد مرّ ذكرُه في ف و ق أيضاً وقيل : هو إتْباعٌ له كما صرّح به الصاغاني . وعَقَبةُ أفِيق كأمير يائيٌّ واوِيٌّ أي : له مدْخَلٌ في التّركيبَيْن وكذلك الفِيقَةُ للّذي يجتَمِعُ في الضّرْعِ بينَ الحَلْبَتَيْن يائيّ واوِيّ
فصل القاف مع نفسها
الوَفيقُ من الرّجال كأمير : الرّفيقُ . يُقال : رَفيقٌ وَفيق قاله أبو زيد . ووَفيقٌ بلا لام : عَلَمٌ . والوَفْقُ من المُوافَقَة بين الشّيْئَيْن كالالْتِحام . يُقال : حَلوبَتُهُ وَفْقُ عِيالِه أي : لَبَنُها قدْر كِفايَتِهم لا فَضْلَ فيه كما في الصّحاح . وقيل : قَدْر ما يَقوتُهم . قال الراعي :
أمّا الفَقيرُ الذي كانت حَلوبَتُه ... وَفْقَ العِيال فلم يُتْرَكْ له سَبَدُ ويُقال : أتيتُك لوَفْقِ الأمرِ وتوْفاقِه وتَيْفاقِه وتِيفاقِه بالكسْر وكذا : لتَوْفيقِه كله بمعْنى . ويقال : أتيتُك لتوْفيقِ الهِلال وتوْفاقِه وتِيفاقِه بالفَتْح والكسْر وميفاقِه بالكسْر وتوَفُّقِه الأولى والأخيرة - وهما التّوفيقُ والتّوَفُّق - عن اللّحْياني وما عَداهُما عن الأحْمَر أي : حينَ أهَلّ الهِلالُ أي : وقت طَلَع الهِلال . وفي حَديثِ عليٍّ رضي الله عنه وسُئلَ عن البيتِ المَعْمور فقال : هو بيْتٌ في السّماءِ تِيفاقَ الكعْبَةِ بالكسْر ويُفْتَحُ أي : حِذاءَها ومُقابِلَها . وأصلُ الكلِمة الواوُ والياءُ زائِدَةٌ وقد ذكَره المُصنِّفُ أيضاً في ت ف ق . والصّوابُ أنّ موضعَه هنا . ووَفِقْتَ أمْرَك تفِقُ بالكسْر فيهما كرَشِدْتَ أمرَك أي : صادفْتَه مُوافِقاً . قال شيخُنا : الأوْلَى وزنه بوَرِثْتَ ؛ لأنّ أخوه وأمّا رشِد فالأفْصَح فيه فتْح الماضي وضمُّ المُضارع ككتَب وربّما قيل رَشِدَ بالكسر والحديثُ إنما رُوي كنَصَر كما وقَع في مُناظَرَةِ الدّمياطيّ وابنِ المُرَحَّلِ وعليه اقتَصَر سيبَوَيْهِ في الكِتابِ وابنُ هِشامٍ وغيرُ واحد فلا مُشابَهَة بيْنه وبين وَفِقَ حتى يزِنَه به انتهى . قل : الأمرُ كما ذكره شيخُنا وكأنّ المُصنِّفَ نظَر الى اتِّحادِهما في المَعْنى مع اشْتراكِهما في الضّبطِ ولو على غيْرِ الأفْصحِ ويدُلّ لذلك نصُّ الجوهري والصاغانيّ قالا : يُقال : وفِقْتَ أمْرَك تفِقُ بالكسر فيهما أي : صادَفْتَه موافِقاً وهو من التّوفيق كما يُقال : رشِدْتَ أمْرَك . قُلت : وهكذا هو نصّ الكِسائيّ . يُقال : رشِدْتَ أمْرَكَ ووَفِقْتَ رأيَك . ومعْنى وَفِق أمرَه : وجَدَه مُوافِقاً فتأمّل ذلك . وأوفَقَ السّهْمَ وأوْفَق بهِ : إذا وضَع الفُوقَ في الوَتَر ليَرْميَ كأنّه قلْبُ أفْوق . ولا يُقال أفْوَق كما في الصّحاح واشتُقّ هذا الفعل من مُوافقَة الوَتَر مَحَزَّ الفوق . قال الأزهريّ : الأصل أفْوَق ومن قال : أوْفَق فهو مقْلوبٌ . وأنشدَ الأصمعيّ :
" وأوْفَقَتْ في الرّمْيِ حَشْراتُ الرَّشَقْ
وقد مضى شيءٌ من ذلك . وقال ابنُ بُزُرجَ : أوفَقَ القومُ لفُلان : إذا دَنَوْا منه واجتَمَعت كلِمَتُهم عليه . قال : وأوفَقَت الإبِلُ أي : اصطفّتْ واستَوَتْ مَعاً كذا في اللّسان والعُباب . ويُقال : أُوفِقَ لزَيد لقاؤُنا بالضمّ أي : كان لِقاؤه فجْأة ومُصادَفةً نقله الصاغانيّ . ووافَقْتُ السّهْمَ بالسّهْمِ أي : قصدتُ له به نقَله الصاغانيّ . ووافَقتُ فُلاناً بموضِع كذا أي : صادَفْتُه . وكذا وافَقْتُه على كذا أي : اتّفَقْنا عليه مَعاً كما في الأساس . والتّوافُق : الاتفاق والتّظاهُر . يُقال : وافَقَه مُوافَقَة ووِفاقاً واتّفَق معه وتَوافَقا . وقد تَوافَقوا بالنّبل . واتّفَقا : تَقارَبا واجْتَمعا على أمْرٍ واحدٍ . والمُتَوَفِّقُ : مَنْ جمَع الكلامَ وهيّأَه نقَله الصاغانيّ . واستوفَقْتُ اللهَ جلّ وعزّ : سألْتُه التّوفيق أي : الإلهامَ للخَيْر . وإنّه لمُسْتَوفَقٌ له بالحُجّة بفتْح الفاء ومُفيق له : إذا أصابَ فيها . ويُقال : وفّقَه اللهُ توفيقاً : ألْهَمَه للخَير أو جعلَه رشيداً . ويُقال : لا يتوفّقُ عبْدٌ إلاّ بتوْفيقِه وهو مأخوذٌ من الحديث : لا يتوفّقُ عبْدٌ حتى يوفِّقَه الله . ومما يُستَدْرَكُ عليه : الوِفاقُ بالكسْر : المُوافَقَةُ وقولُه تعالى : ( جَزاءً وِفاقاً ) أي : جَزاءً وافَقَ أعْمالَهم . وقال مُقاتِلٌ : وافَقَ العذابُ الذّنبَ فلا ذنْبَ أعْظمُ من الشِّرْكِ . وتقول : هذا وَفْقُه ووِفاقُه وفيقُه وفوقه وسيُّه وعِدْلُه واحد . قال اللّيثُ : الوَفْقُ : كلُّ شيءٍ يكونُ متّفِقاً - على تيفاقٍ واحِد - فهو وَفْق كقوله :
" يهْوِين شتّى ويَقَعْنَ وَفْقا ومنه المُوافَقَة . وقال عُوَيْفُ القَوافي :
" يا عَمرَ الخيْرِ المُلَقّى وَفْقَهْ
" سُمّيت بالفاروقِ فافْرُق فَرْقَهْ قلت : ومنه الوَفْق عند أئمّة الحرْف لتَوافُق أضلاعِه وأقْطاره والجمْع أوفاقٌ . ووافَقَه على أمرٍ : اتّفَقَ معه عليه . وجاءَ القومُ وَفْقاً أي : مُتوافِقِين . وكُنتُ عندَ وَفْقِ طَلَعَتِ الشّمسُ أي : حين طلَعت أو ساعةَ طلَعَت عن اللّحيانيّ . والوَفْق : التّوفيقُ . وإنّ فلاناً موَفَّقٌ أي : رَشيدٌ . وكُنّا من أمرنا على وِفاقٍ . ووفّق بيْن الأشياءِ المُختلفة : إذا ضمّها بالمُناسَبة . ووفِق الأمرُ يفِق - بالكسْر فيهما - : كان صَواباً مُوافِقاً للمُراد كما في الأساس . وقيل : حسُن كما في شرْح لامِيّة الأفعالِ لابْنِ النّاظِم . وقال اللّحياني : وَفِقه بالكسْر : إذا فهِمه قال : ونظيرُه ورِع يرِع ووَثِق يثِق . وفي النّوادِر : فلانٌ لا يفِقُ لكَذا وكَذا أي : لا يقْدِر له لوقْتِه . وحَكى اللّحياني : أتَيْتُك لوَفْقِ تفْعَل ذلِك وتَوْفاق وتيفاق وميفاق أي : لحين فعْلِك ذلِك . ووَفِقْتَ أمرَك : صادَفْتَه مُوافِقاً لإرادَتِك . ووُفِّقْتَ أمْرَك : أُعطيتَه مُوافِقاً لمُرادِك كما في الأساس . وقد سمّوا مُوفَّقاً ووِفاقاً كمُعَظَّم وكِتاب . والمُوفَّقُ كمُعَظَّم : لقَبُ عبد العزيز بن عبد الرّحمن الثّعالبيّ قاضي القُضاة بالمَغْرب
فَوْق : نَقيض تحْت يكونُ اسماً وظرْفاً مبنيُّ فإذا أُضيفَ أُعْرِبَ . وحَكى الكِسائيّ : أفَوْقَ تَنامُ أم أسفَلَ ؟ بالفتحِ علَى حذْفِ المُضاف وترْك البِناءِ . وقال اللّيثُ : منْ جعَلَه صِفةً كان سَبيلُه النّصْبَ كقولك : عبدُ الله فوقَ زيْد ؛ لأنّه صفة فإن صيّرتَه اسماً رفعتَه فقلت : فوْقُه رأسُه صار رَفْعاً ههنا لأنّه هو الرّأسُ نفسفه ورفعتَ كُلَّ واحدٍ منهما بصاحِبه الفَوْقُ بالرّأسِ والرأس بالفَوْقِ . وتَقول فوقَه قَلَنسُوتُه نصَبْت الفَوْق ؛ لأنّه صِفَةُ عيْنِ القَلَنسُوة وقوله تعالى : ( فخَرّ علَيْهِم السّقْفُ من فَوقِهم ) لا تَكادُ تظْهر الفائِدةُ في قوله من فوقِهِم لأنّ عليهم قد تنوبُ عنْها . قال ابنُ جِنّي : قد يكونُ قولُه : من فوقِهِم هُنا مُفيداً وذلِك أنّه قد تُستَعْملُ في الأفعالِ الشّاقّة المُستَثْقَلَة على تقول : قد سِرْنا عَشْراً وبَقِيَتْ علينا لَيْلَتانِ وقد حفِظْتُ القُرآنَ وبَقيَتْ عليَّ منه سورَتان وكذا يُقالُ في الاعْتِدادِ على الإنسانِ بذُنوبه وقُبْح أفعاله : قد أخْربَ عليَّ ضَيْعَتي وأعْطَب عليّ عَواملي فعلَى هذا لو قيلَ : فخَرّ علَيْهِمُ السّقفُ ولم يقُل : من فوْقِهم لَجازَ أن يُظَنّ بهِ أنّه كقولك : قد خرِبَتْ عليهم دارُهم وقد هلَكَتْ عليهِم مَواشِيهم وغِلالُهم فإذا قال : من فوقِهم زال ذلِك المعنى المُحْتَمَل وصارَ معْناه أنّه سَقَطَ وَهُمْ من تحْتِه فهذا معْنىً غيرُ الأول الى آخرِ ما قالَ وهو تحْقيقٌ نَفيسٌ جداً . وقولُه تعالى : ( لا تأكُلوا من فوقِهم ومِنْ تحتِ أرجُلِهم ) أراد تَعالى لأَكَلوا من قَطْرِ السماءِ ومن نَباتِ الأرضِ وقيل : قد يكونُ هذا من جهة التّوسِعَة . كما تقول : فلانٌ في خيْر من فَرْقه الى قَدَمِه وقولُه تعالى : ( إذْ جاءوكم من فوْقِكم ومِنْ أسفلَ منْكُم ) عَنى الأحزابَ وهم قُرَيشٌ وغَطَفانُ وبَنو قُرَيظةَ . وكانت قُرَيْظةُ قد جاءَتْهُم من فوْقِهم وجاءَتْ قُرَيشٌ وغَطَفانُ من ناحِيَة مكّةَ من أسْفَل منهم . وقولُه تعالى : ( إنّ اللهَ لا يَسْتَحي أن يضرِبَ مثَلاً مّا بَعوضَةً فما فوْقَها ) . قال أبو عُبيدة أي : في الصِّغَر أي : فما دونَها كما تقولُ : إذا قيلَ لك فُلانٌ صَغيرٌ تقول : وفَوْقَ ذلِك أي : أصْغَرُ من ذلك وقيل في الكِبَر أي : أعظَم منها يعْني الذُبابَ والعَنْكَبوتَ وهو قوْلُ الفَرّاء كما في الصِّحاح . وفاقَ أصحابَه يَفوقُهم فوْقاً وفَواقاً أي : عَلاهُم بالشّرَفِ وغلَبَهم وفَضَلهم وفي الحَديث : حُبِّبَ إليّ الجَمالُ حتّى ما أُحِبُّ أن يَفوقَني أحَدٌ بشِراكِ نَعْلٍ يُقال : فُقْتُ فُلاناً أي : صِرْتُ خيْراً منه وأعْلى وأشرَف كأنّك صِرتَ فوقَه في المرتَبةِ ومنه حديثُ حُنَيْن :
فما كان حِصْنٌ لا حابِسٌ ... يَفوقانِ مِرْداسَ في مجْمَعِ وفاقَ الرجلُ يَفوق فُواقاً بالضمِّ : إذا شخَصَت الرّيحُ من صدْرِه . وفاقَ بنَفْسه يَفوق فُؤوقاً وفُواقاً بضمِّهما : إذا كانَتْ نفسُه على الخُروجِ مثلُ : يَريقُ بنفسِه . أو فاقَ بنفْسِه : ماتَ . أو فاقَ بنَفْسِه : جادَ بِها . وقال ابنُ الأعرابيّ : الفَوْق : نفْسُ المَوتِ . وفاقَتِ النّاقَةُ تَفوقُ فُواقاً : اجتَمَعَت الفِيقَةُ في ضرْعِها . وفيقَتُها بالكَسْرِ : دِرّتُها كما سيأتي . والفائِقُ : الخِيارُ من كلِّ شَيْءٍ والجيّدُ الخالِصُ في نوْعِه . والفائِقُ : مَوْصِلُ العُنُقِ والرّأْسِ . وفي العُباب : في الرّأس فإذا طالَ الفائِقُ طالَ العُنُق ومثلُه في اللّسان . وقال ابنُ الأعرابيّ : الفَوَقَة مُحرَّكة : الأُدَباءُ الخُطَباءُ . وقال اللّيثُ : الفاقُ : الجَفْنَةُ المملوءَةُ طَعاماً وأنْشَد :
" تَرى الأضْيافَ ينتَجِعون فاقِي كذا في التّهذيب . والفاقُ : الزّيتُ المطْبوخُ . قال الشّمّاخُ يصِفُ شَعْرَ امرأة :
قامَتْ تُريكَ أثيثَ النّبْتِ مُنسَدِلاً ... مثلَ الأساوِدِ قدْ مُسِّحْنَ بالفاقِ
وقيل : أرادَ الأنفاق وهو الغَصُّ من الزّيت . ورواه أبو عَمْرو : قد شُدِّخْن بالفاقِ . وقال : الفاقُ هو الصّحراءُ . وقال مرّة : هي أرْضٌ واسِعَة . وقولُه : الفاقُ : الطّويلُ المُضْطَرِبُ الخَلْقِ كالفُوقِ والفوقَة بضمِّهِما . والفِيقِ بالكَسْر . والفُواقِ والفُياقِ بضمِّهما الى هُنا الصّواب فيه بقافَيْن كما سيأتي له أيضاً هُناك ولم يذكُر أحدٌ من أئِمّة - اللّغَة هذه الألفاظَ بهذا المعنَى . وكذا قولُه : الفاقُ : طائِرٌ مائِيٌّ طَويلُ العُنُقِ فإنه أيضاً بقافَيْن على الصّحيح كما سيأتي له أيضاً وقد تصحّفَ على المُصنِّفِ في هذه الألفاظِ فلْيُتَنَبَّه لذلِك . والفاقَةُ : الفَقْرُ والحاجةُ ولا فِعْلَ لها . وروى الزّجّاجيّ في أمالِيه بسَنَدِه عن أبي عُبيدَة قال : خرجَ سامةُ بنُ لؤيّ بنِ غالِب من مكّة حتى نَزَل بعُمان وأنشأ يَقول :
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رَسولاً ... إنّ نفْسي إليهِما مُشتاقَهْ
إن تكُنْ في عُمانَ دارِي فإنّي ... غالِبيٌّ خرَجْتُ من غيْرِ فاقَهْ ويُروَى :
" ماجِدٌ ما خَرَجْتُ من غير فاقَهْ ثمّ خرجَ يَسيرُ حتّى نزَل على رجُل من الأزْدِ فقَراهُ وباتَ عندَه فلما أصبَح قعَدَ يسْتَنّ فنظَرَت إليه زوْجَةُ الأزْديّ فأعجَبَها فلما رَمى سِواكَه أخذَتْها فمصّتْها فنظر إليها زوجُها فحلَبَ ناقَةً وجعل في حِلابِها سُمّاً وقدّمه الى سامَة فغَمَزَتْه المرأَةُ فهَراقَ اللّبنَ وخرجَ يسيرُ فبَيْنا هو في موضِع يُقال له : جوفُ الخَيلَةِ هوَتْ ناقَتُه الى عرْفَجَة فانتَشَلَتْها وفيها أفْعى فنَفَحَتْها فرَمَتْ بِها على ساقِ سامَة فنهَشَتْها فماتَ فبلغَ الأزْدِيّة فقالت ترْثيه :
عينُ بَكِّي لسامَةَ بنِ لُؤَيٍّ ... علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلاّقَهْ
لا أرى مثلَ سامةَ بن لُؤيٍّ ... حملَتْ حتْفَه إليه النّاقَهْ
رُبّ كأسٍ هرَقْتَها ابنَ لُؤيٍّ ... حذَرَ الموْتِ لم تكُنْ مُهراقَهْ
وحُدوسَ السُّرَى تركْتَ رَديئاً ... بعدَ جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَهْ
وتَعاطَيْتَ مَفْرَقاً بحُسامٍ ... وتجنّبْت قالَةَ العَوّاقَهْ ومَحالةٌ فَوْقاءُ : إذا كان لكُلّ سِنٍّ منْها فُوقانِ كفوقَي السّهْم . والفَوْقاءُ : الكَمَرة المُحَدَّدةُ الطّرَف كالحَوْقاءِ . وقال النّضْرُ : فُوقُ الذّكَر بالضّم : أعْلاه يُقال : كمَرةٌ ذاتُ فُوق وأنشد :
" يا أيُّها الشيخُ الطّويلُ المُوقِ
" اغْمِزْ بهِنّ وضَحَ الطّريقِ
" غَمزَكَ بالحَوْقاءِ ذاتِ الفوقِ
" بينَ مَناطَيْ ركَبٍ مَحْلوقِ وقال أبو عَمْرو : الفُوقُ : الطّريقُ الأوّل وهو مَجاز . ويُقال : رمَيْنا فُوقاً واحداً أي : رِشْقاً واحداً وهو مجاز . ويُقال للرّجُل إذا ولّى : ما ارتدّ على فُوقِه أي : مضَى ولم يرْجِعْ . والفُوقُ : طائِرٌ مائِيٌّ صوابُه بقافَيْن كما سيأتي وقد تصحّفَ على المُصَنِّف . والفُوق : الفَنّ من الكَلام جمعه فُوَق كصُرَد . قال رؤبة :
" كَسّر من عيْنَيْه تقويمُ الفُوَقْ
" وما بعَيْنَيْه عَواوِيرُ البَخَقْ وفي الأساس : يُقال للرجلِ إذا أخذَ في فَنٍّ من الكَلامِ : خُذْ في فُوقٍ أحسَنَ منه وهو مجاز . وقال ابنُ عبّاد : الفُوق : فرْج المَرْأة . وقال الأصمعيّ : هو بالقاف وسيأْتي . وقيل : هو طَرَفُ اللسان . أو هو مخْرَج كذا في النّسخ والصّواب : مَفرجُ الفَمِ وجوْبَتُه كما في نصّ المُحيط . والفُوقُ : موضِعُ الوَتَرِ من السّهْم كالفُوقَة . وقال اللّيْثُ : هو مَشَقُّ رأسِ السّهْمِ حيث يقَعُ الوَتَر . وحرْفاه : زَنَمتاه . أو الفُوقان : الزَّنَمَتانِ في لُغة هُذَيْل . قال عَمرو بن الدّاخِل الهُذَليّ : قالَه الجُمحيّ وأبو عَمرو وأبو عبْد الله . وقال الأصمَعيّ : هو الدّاخِلُ بنُ حَرام أحَدُ بني سَهْمِ بن مُعاوِية :
كأنّ الرّيشَ والفُوقَيْن منه ... خِلالَ النّصْلِ سِيطَ به مَشيجُ منه أي : من السّهْم . وقال أبو عُبَيدَة : أرادَ فُوقاً واحِداً فثنّاه . ج : فُوَق وأفْواق كصُرَد وأصْحاب ومنه قولُ رُؤْبَة :
" كسّر من عَيْنَيْه تقْويمُ الفُوَق وقال غيرُه :فأقْبِلْ على أفواق سهْمِك إنّما ... تكلّفتَ مِلْ أشْياءِ ما هو ذاهِبُ وذهبَ بعضُهم الى أنّ فُوقاً جمع فُوقَة . وقال ابنُ السّكيت . يقال : فُوَقَةٌ وفُوَقٌ وأفواقٌ وأنشدَ بيت رؤبَة أيضاً وقال : هذا جمعُ فُوقَة . ويُقال : فُقْوَة وفُقاً مقْلوبة قال الفِنْد الزِّمانيّ :
ونَبْلي وفُقاهَا ك ... عَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ وفي حَديث ابنِ مسْعود رضيَ الله عنه : فأمّرْنا عُثْمانَ ولم نأْلُ عن خيْرِنا ذا فوقٍ يقول : إنّه خيْرُنا سَهْماً تامّاً في الإسْلامِ والفَضْلِ والسّابِقَة . وذو الفُوقِ : سَيْفُ مَفْروقٍ أبي عبْدِ المَسيح . قال عبدُ المَسيح بنُ مَفْروق : أضْرِبُهم بذي الفُوق سيفِ أبينا مَفْروق بالوِتْر غير مَسْبوق أخْلُص لابنِ مَطْروق . وفُوقٌ : ملِك للرّوم نُسِب إليه الدّنانيرُ الفُوقِيّة أو الصّواب بالقَافَيْن قلت : والذي صوّبه هو الصّواب وسيأتي ذِكرُه في موضِعه والرّواية الثانيةُ هي بالقافِ والفاءِ من القَوْفِ : الإتْباع . وأمّا بالفاءِ والقاف الذي أوردَه المُصنّف هُنا فإنه غلَطٌ مَحْضٌ وتصْحيفٌ فليُتَنبّه لذلِك . وفُقْتُ السّهمَ أفوقه : كسَرْتُ فوقَه فهو سَهْم أفوقُ مَكْسور الفُوق والجمعُ فُوق وهو مجاز . قال ابنُ الأعرابي : الفُوق : السِّهامُ الساقِطاتُ النّصول . وفاقَ الشيءَ يَفوقُه : كسَره . قال أبو الرُّبَيْس :
يكادُ يَفوقُ المَيْسَ ما لم يرُدَّها ... أمينُ القُوَى من صُنْعِ أيمَنَ حادِرِ أمينُ القُوَى : الزِّمام . وأيمَنُ : اسم رجُل . وحادِر : غَليظ . والفَوَقُ مُحَرّكة : مَيَل وانْكِسار في أحَدِ زَنَمَتي الفُوق . أو فِعلُه فاقَ السّهمُ يَفاقُ فَاقاً وفَوْقاً بالفَتْح مثل خاف يَخاف خوْفاً ثم حُرِّك الواوُ وأُخرِج مُخْرَج الحَذَر ؛ لأنّ هذا الفِعْلَ على فَعِل يفعَلُ بكَسْر العينِ في الماضي وفتْحِها في المضارع . والفُواقُ كغُراب : الذي يأخُذُ المُحْتَضَر عند النَّزْع . وفي الصِّحاح الإنسانُ بَدَل المُحْتَضَر . ومن المَجاز : الفُواقُ : الرّيحُ التي تشْخَصُ من الصّدْرِ . ومن المَجازِ : الفُواقُ أيضاً : ما بَين الحَلْبَتَيْن من الوقْت لأنّها تُحْلَب ثم تُترَك سُوَيْعَة يرضَعُها الفَصيلُ لتَدِرّ ثم تُحلَب . يقال : ما أقامَ عنده إلا فُواقاً ويفتح . وقرأ الكوفيّون غيرَ عاصِم : ( ما لَها من فُواق ) بالضّم والباقون بالفَتْح . قال أبو عُبَيدَة : مَنْ قرأ بالفَتْحِ أرادَ مالَها من إفاقَةٍ ولا راحَة ذهَب بها الى إفاقَةِ المَريض ومن ضمَّها جعَلَها من فُواقِ الناقَة يريدُ ما لَها من انتِظار . وقال قَتادة : ما لَها من مرْجوعٍ ولا مَثْنَويةٍ ولا ارْتِداد . وقال ثعْلبٌ : أي ما لَها من فَتْرة . ويقال : فُواق النّاقة وفَواقُها : رجوعُ اللّبَن في ضرْعِها بعد حَلْبِها . يُقال : لا تنْتَظِرْه فُواقَ ناقَة وأقام فُواقَ ناقة جعلُوه ظَرْفاً على السّعةِ وهو مجازٌ . وفي حَديثِ عليٍّ رضي الله عنه : قال له الأسيرُ : أنظِرْني فُواقَ ناقَةٍ أي أخِّرْني قدرَ ما بين الحَلْبَتَيْن . وفي الحديث المرفوع : أنّه قَسَم الغَنائِم يومَ بَدْرٍ عن فُواق يُضَمُّ ويُفتَح أي : قَسَمها في قَدْرِ فُواقِ ناقَة من الرّاحَة وقيلَ : أرادَ التّفْضيلَ في القِسْمة كأنّه جعلَ بعضَهم أفْوَقَ من بعْض على قَدْرِ غَنائِمِهم وبلائِهم . القَولُ الأولُ مالَ إليه الأزهريّ والثاني مالَ إليه ابنُ سِيدَه . أو فُواقُ النّاقَة : ما بَيْن فَتْحِ يدِك وقبْضِها على الضّرْع أو إذا قَبَض الحالِبُ على الضّرْع ثم أرسَلَه عندَ الحَلْب . ج : أفْوِقَة كجَواب وأجْوِبة وغُراب وأغرِبَة وآفِقَةٌ نقَلَه الصاغانيّ . وقال الفَرّاء : يُجمَع الفُواقُ أفْيِقَة . والأصل أفْوِقة فنُقِلت كَسْرة الواو لِما قبْلَها فقُلِبت ياءً لانكسار ما قَبلَها ومثله : أقِيموا الصّلاةَ . الأصلُ أقْوِموا قال : وهذا ميزانٌ واحد ومثله مُصيبَةٌ . ويُجمعُ الأفْوقة على أفْوِقات ومنه قَولُ الرّاجز :
" ألا غُلامٌ شبّ من لِداتِها
" مُعاوِدٌ لشُرْبِ أفْوِقاتِها والفِيقَة بالكَسْر : اسمُ اللّبَن يجْتَمعُ في الضّرْع بيْن الحَلْبَتَيْن والأصْلُ فِوقَة صارت الواوُ ياءً لكسرةِ ما قبلها . قال الأعشى يصِفُ بَقَرة :حتّى إذا فِيقَةٌ في ضرْعِها اجْتَمَعت ... جاءَتْ لتُرضِعَ شِقَّ النّفْسِ لو رَضَعا وفي بعضِ روايات حَديث أمِّ زرع : وتُشبِعُه ذِراعُ الجُفْرة وترويه فِيقَةُ اليَعْرة . ج : فِيقٌ بالكَسْر وفِيَقٌ كعِنَب وفِيقاتٌ ويُجمَع أيضاً أفْواق كشِبْرٍ وأشْبارٍ ثم جج جمع الجَمْعِ أفاوِيقُ . قال عبدُ الله بنُ همّام السَّلوليّ :
يذمّون دُنْيانا وهم يَرْضَعونَها ... أفاوِيقَ حتى ما يَدُرُّ لها ثَعْلُ وقال ابنُ بَرّي : قد يَجوزُ أن يجمعَ فِيقَة على فِيَق ثم يُجْمَع فِيَق على أفْواقٍ فيكون مثل شِيعَة وشِيَع وأشْياع . وشاهِدُ أفْواقٍ قولُ الشاعر :
تعْتادُه زَفَراتٌ حين يذكُرُها ... يَسْقينَه بكُؤوس الموْتِ أفْواقا ومن المَجاز : الأفاوِيقُ : ما اجْتَمَع في السَّحاب من ماءٍ فهو يُمطِرُ ساعَةً بعْد ساعةٍ . قال الكُمَيْت يصِفُ ثوْراً وحْشِياً :
فباتَتْ تثِجُّ أفاويقُها ... سِجالَ النِّطافِ عليه غِزارا قال ابنُ سيدَه : أراهم كسّروا فُوقاً على أفواق ثم كسّروا أفْواقاً على أفاوِيق . ومن المَجاز : الأفاويق من اللّيل : أكثَرُه . يُقال : خرجْنا بعدَ أفاوِيقَ من اللّيل أي : بعدَ ما مَضَى عامّةُ اللّيْلِ قاله اللِّحياني . وقيلَ : هو كقَوْلِك بعد أقْطاع من اللّيل رَواه ثَعْلب . وأفِيقُ كأمِير : ة باليَمَن من نَواحي ذِمار وقد ذكَرها المُصنِّفُ أيضاً في أ ف ق وأفَله ياقوت والصاغانيّ . وأفِيقُ : د بين دِمَشْقَ وطَبَريّة من أعْمال حَوْران . ولعَقَبَتِه ذِكْرٌ في أخْبارِ المَلاحِم وهي عَقَبةٌ طويلة نحو مِيلَيْن والبلد المذْكور في أول العَقَبةِ يُنْحَدَرُ منها الى غوْر الأردنّ ومنها يُشْرَف على طبرِيّة ولا تقُل فِيق كالعامّة . نبَّه عليه الصاغانيّ وياقوت وقد ذكره المُصنِف في أ ف ق ومعنى قولِ حسّان بنِ ثابِت رضيَ الله عنه هُناك . وفي المُعجَم ما نَصُّهُ : وفي كتابِ الشّام عن سَعيد بنِ هاشِم بن مَرْثَد قال : أخْبَرونا عن مُنخَّل المَشْجعيّ قال : رأيتُ في المنامِ قائِلاً يقول لي : إن أردتَ أن تدخُلَ الجنةَ فقُلْ كما يقولُ مؤذِّنُ أفِيق قال : فسِرْتُ الى أفِيق فلمّا أذّن المؤذّن قُمتُ إليه فسألْتُه عما يَقول فقال : لا إله إلا الله وحدَه لا شَريكَ له له المُلْك وله الحَمْدُ يفحيي ويُميتُ وهو حيٌّ لا يموت بيَدِه الخيْرُ وهو على كُلّ شَيْءٍ قَدير أشهَدُ بها مع الشّاهِدين وأحمِلُها مع المُجاهِدين وأعدُّها الى يومِ الدّين وأشهَدُ أنّ الرّسولَ كما أُرسِل والكِتابَ كما أُنزِل وأنّ القَضاءَ كما قدّر وأنّ الساعةَ آتِيةٌ لا ريبَ فيها وأنّ اللهَ يبْعثُ مَنْ في القُبور عليها أحيَا وعليها أمُوت وعليها أبعَث إنْ شاءَ الله تَعالَى . ومن المَجازِ : أتيتُه فِيقَة الضُّحَى بالكَسْر . قال ابنُ عبّاد : ارتِفاعُها . وقال الزّمَخشَريّ : مَيْعَتُها أي : أوّلها . وأفَقْتُ السّهْمَ أي : وضَعْتُ فُوقَه في الوَتَر لأرمِيَ به كأوْفَقْته كما في الصِّحاح وكذا أوفَقْت به كلاهُما على القَلب . وفي التّهذيب : فإنْ وضعْتَه في الوَتَر لتَرْميَ به قُلت : فُقْتُ السّهْمَ وأفْوَقْتُه . وقيل : يُقال : فُقتُ السّهمَ . وأما أفْوَقْتُه فنادِر . وأفاقَتِ النّاقَة تُفيقُ إفاقَة أي : اجتَمَعَت الفِيقَةُ في ضَرْعِها فهِي مُفيقٌ ومُفيقَةٌ : دَرَّ لبَنُها . وقال الأصمعيّ : أفاقَت الناقةُ فاحلُبْها . وقال ابنُ الأعرابيّ : أفاقَت الناقةُ تُفيقُ إفاقةً وفُواقاً : إذا جاءَ حينُ حلْبِها . وقال ابنُ شُمَيْل : الإفاقَةُ للناقةِ : أن ترِدَ من الرّعْيِ وتُتْركَ ساعةً حتى تسْتَريحَ وتُفيقَ . وقال زيدُ بنُ كُثَوة : إفاقةُ الدّرَّة : رجوعُها . وغِرارُها : ذهابُها . ج : مَفاويقُ نقَله الجوهريُّ ومَفاوِق . أيضاً عن الأخفش . وأفاقَ من مرَضه ومن غشْيَته يُفيق إفاقَةً وفُواقاً أي : رجَعَت الصّحّة إليهِ أو رجَع الى الصّحّة ومنه قولُه تَعالَى : ( فلمّا أفاقَ ) وكُلُّ مَغْشِيٍّ عليه أو سَكْرانَ معْتوهٍ إذا انْجَلَى ذلِك عنه قِيلَ : قد أفاق كاسْتَفاقَ وقيل : أفاقَ العَليلُ واستَفاق : إذا نَقِه . والاسمُ الفُواقُ . قال عَديُّ بنُ زَيْد :بَكَرَ العاذِلونَ في وضَحِ الصُّبْ ... حِ يقولونَ لي : ألا تَسْتَفيقُ ؟ ! وقالت الخَنساء :
هَريقي من دُموعِكِ واستَفيقي ... وصَبْراً وإن أطَقْتِ ولن تُطيقي ومن المَجاز : أفاقَ الزّمانُ أي : أخْصَب بعْد جَدْب . قال الأعْشى :
المُهينينَ ما لَهم في الزّمانِ السّوْ ... ءِ حتّى إذا أفاقَ أفاقُوا يقول : إذا أفاق الزّمان بالخِصْبِ أفاقُوا من نَحْرِ إبلِهِمْ . وقال نُصَيْر : يُريد : إذا أفاقَ الزمانُ سهْمَه ليَرْميَهُم بالقَحْطِ أفاقُوا له سِهامَهُم بنَحْرِ إبلِهمْ . وقال بعضُهم : الإفاقَةُ : الرّاحَةُ من الفُواق . وهو الرّاحَةُ بيْن الحَلْبَتَين . وسِياقُ المُصنِّف يقتَضي أنّ الإفاقَة هي الرّاحة بين الحَلبَتيْن والصّحيحُ أنّه من مَعْنَى الفُواقِ ومنه الإفاقَة . وفَوّق السّهمَ تفْويقاً : جعَل له فُوقاً كما في العُباب وهو قوْلُ الأصمَعيّ . وفي الأساس : أي جعَلَ الوَتَر في فُوقِه عندَ الرّمْي . ومنه قَولُهم : لازِلْتَ للخيْرِ مُوفَّقاً وسهمُك في الكَرَم مُفوَّقاً . وفوّق الرّاعي الفَصيلَ تفْويقاً : إذا سَقاهُ اللّبنَ فُواقاً فُواقاً . وقال ابنُ الأعرابيّ : المُفَوَّق كمُعظَّم : ما يُؤخَذ قَليلاً قَليلاً من مأكول ومَشْروب وهو مَجازٌ . وتفوّق على قوْمِه : ترفّع عليهم . وتفوّق الفَصيلُ : شرِب اللّبنَ فُواقاً فُواقاً كما في الصِّحاح . وتفوّق زيْدٌ ناقَتَه : حلَبَها كذلِك أي : فُواقاً بعدَ فُواق . قال الجوهريّ : ومنه حديثُ أبي موسَى : أنه تذاكَرَ هو ومُعاذٌ - رضيَ الله عنهما - قِراءَةَ القُرْآنِ فقال أبو موسَى : أمّا أنا فأتفوَّقُهُ تفوّقَ اللَّقوح أي : لا أقرأُ جُزْئي بمَرّةِ ولكن أقرأ منه شَيْئاً بعد شيءٍ في لَيْلي ونَهاري وهو مَجازٌ : قال الشاعر :
تفوّقْتُ مالِي من طَريفٍ وتالدٍ ... تفوُّقِيَ الصّهْباءَ من حَلَبِ الكَرْمِ وقد ذكَر سيبَوَيْه : يتجرَّعُه ويتفوّقهُ فيما ليسَ مُعالَجَةً للشّيءِ بمرةٍ ولكنه عمَلٌ بعدَ عمَل في مُهلَة . وفي حديث عليّ رضيَ الله عنه : إن بَني أميّة ليُفَوِّقونَني تُراثَ محمّدٍ تَفْويقاً أي يُعْطونَني من المالِ قَليلاً قَليلاً كاسْتَفاقَها إذا نفّسَ حلبها حتّى تجْتَمِعَ دِرَّتُها . ويُقال : استَفِق النّاقَةَ أي : لا تحْلُبْها قبْلَ الوقْتِ . ورجُل مُستَفيقٌ : كثير النّوْم عن ابنِ الأعرابيّ : وهو غَريب . وفلانٌ ما يسْتَفيقُ من الشّرابِ أي ما يكُفُّ عنه أو لا يشرَبُه في الوقْت وقيل : لا يجْعل لشُرْبِه وقتاً وإنما يشرَبُه دائِماً ومنه قولُ الحَريريّ :
لا يَسْتَفيق غَراماً ... لها وفَرْطَ صَبابَهْ وانْفاقَ الجَمَلُ انْفِياقاً : هُزِل انْفِعال من فاق الشيءَ : إذا كسَره . وقيل : هلَك ومن ذلك انفاقَ السّهمُ : إذا تكسّر فُوقُه أو انْشَقّ . وافْتاقَ الرجلُ : إذا افتَقَر افْتِعال من الفَقَة ولا يُقال : فاقَ فإنّه لا فِعْلَ للفاقَةِ قالَه الجوهريّ . أو افْتاق : إذا مات بكَثرةِ الفُواقِ نقله الصاغاني . وشاعِرٌ مُفيقٌ ومُفْلِق بالياءِ واللام بمَعْنىً واحد رواه السُّلَميُّ وهو أبو تُراب . ومما يُستَدرك عليه : جاريةٌ فائِقَة : فاقَت في الجَمال . ورجَع فلانٌ الى فُوقِه بالضم أي : مات عن أبي عمْرو وأنشد :
" ما بالُ عِرْسي شرِقَت بِريقِها
" ثُمّتَ لا يرجِعْ لها في فُوقِها أي : لا يرْجعُ ريقُها الى مجْراهُ . وفاق فُؤوقاً وفُواقاً : أخذه البُهْرُ . والفُواقُ : تَرديد الشّهْقَة العالِيَة . وحَكَى كُراع : فَيْقة النّاقَةِ بالفَتْح . قال ابنُ سيدَه : ولا أدْري كيفَ ذلك . وفوّقَ الناقةَ أهلُها تفْويقاً : نفّسوا حلبَها ؛ لتجْتَمع إليها الدِّرّة . وحَكى أبو عَمرو في الجُزء الثالث من نوادِرِه بعد أن أنشدَ لأبي الهيْثَم التّغْلِبيّ يصِف قِسِيّاً :
لَنا مسائِحُ زُورٌ في مراكِضِها ... لِينٌ وليْسَ بها وَهْيٌ ولا رَقَقُ
شُدّتْ بكُلِّ صُهابِيٍّ تَئطُّ بهِ ... كما تَئطُّ إذا ما رُدّت الفُيُقُقال : الفُيُق : جمع مُفيق وهي التي يرجِع إليها لبَنُها بعد الحَلْب . قال ابن بَرّي : قوله : الفُيُق جمع مُفيق قياسُه جمع ناقة فَيُوق وأصلُه فَوُوق فأبدَلَ من الواوِ ياء استِثْقالاً للضّمّةِ على الواو ويُرْوَى الفِيَقُ وهو أقيسُ . والفَواق كسَحاب : ثائِبُ اللّبن بعد رَضاعٍ أو حِلابٍ . وتفوّق شَرابَه : شَرِبه شَيْئاً بعد شيءٍ وهو مجاز . وأعلاهُم فُوقاً بالضم أي : أكثَرُهم حَظّاً ونَصيباً من الدِّين وهو مُستَعارٌ من فُوقِ السّهْمِ . وفي المثَلِ رَددتُه بأفوقَ ناصِلٍ : إذا أخْسَسْتَ حظّه . ورجع فُلانٌ بأفوقَ ناصِل : إذا خسّ حظُّه أو خاب . ومثَلٌ للعَرَب يُضرَبُ للطّالب لا يجِدُ ما طَلَبَ : رجَعَ بأفْوقَ ناصِل أي : بسَهْمٍ مُنْكَسِر الفُوقِ لا نَصْلَ له . ويُقال : له من كذا سَهْم ذو فُواقٍ أي : حظٍّ كاملٍ . وفوّقَه تفْويقاً : فضّلَه . ويُقال : فوّقَني الأمانيَّ تَفْويقاً . وأرْضَعَني أفاويقَ بِرّه وهو مَجازٌ . ويقولون : أقبِل على فُوقِ نبْلِك أي : على شأنِك وما يعْنيك . وفُوقُ الرّحِمِ : مشَقُّه على التّشْبيه . والفاقُ : البانُ . وأيضاً المُشْط عن ثعْلب وبَيتُ الشَّماخ الذي تقدم ذِكرُه مُحتَمِل لهما . ويقال : ارجِعْ إنْ شِئْتَ في فُوقي أي : لِما كُنّا عليه من المُؤاخاةِ والتّواصُلِ عن ابنِ عبّادٍ والزّمخشَري وهو مَجازٌ . وكان فُلانٌ لأوَّل فُوقٍ أي : أوّل مَرْمِيٍّ وهالِكٍ وهو مَجازٌ . وفائِقُ السّامانيّ : محدِّث رَوَى عن عبدِ الله بنِ محمد بنِ يعْقوب السّامانيّ . والفَوْقانيُّ : ما يلبَسهُ الإنسانُ فوْقَ شِعاره مكيّة مولَّدة