رَضَعَ الصبيُّ أمَّهُ كسَمِعَ وضَرَبَ الثانيةُ لغةُ نَجدٍ والأُولى لغةُ تِهامَة كما في الصحاحِ والعُبابِ واللِّسان . وفي المِصباحِ بعَكسِ ذلك قال الجَوْهَرِيّ : قال الأَصْمَعِيّ : أَخْبَرَني عيسى بنُ عمرَ أنّه سَمِعَ العربَ تُنشِدُ هذا البيتَ - لابنِ هَمّام السَّلُوليِّ - على هذه اللُّغَة :
وذَمُّوا لنا الدُّنيا وهمْ يَرْضِعونَها ... أفاويقَ حتى ما يَدِرُّ لها ثُعْلُ وفي العُباب : هو قَوْلُ عَبْد الله بنِ هَمّامٍ يُخاطبُ النعمانَ بنَ بشيرٍ - رَضِيَ اللهُ عنهما - :
فَقَبْلَكَ ما كانتْ تَلينا أَئِمَّةٌ ... يُهِمُّهُمُ تَقْوِيمُنا وهمُ عُضْلُ
يَذُمُّونَ دُنْياهمْ وهمْ يَرْضِعونَها ... أفاويقَ حتى ما يَدِرُّ لها ثُعْلُ هكذا بكسرِ الضاد رَضْعَاً بالفَتْح مصدر رَضَعَ كَضَرَبَ ويُحرَّك مصدر رَضِعَ كسَمِع ورَضاعاً ورَضاعَةً بفَتحِهما أمّا الأوّلُ فمصدر رَضِعَ رَضاعاً كسَمِع سَماعاً ونقله الجوهري ويكسران قال اللهُ تعالى : " أنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ " بفَتحِ الراء وقرأَ أبو حَيْوَةَ وأبو رَجاء والجارودُ وابنُ أبي عَبْلَةَ : " أن يُتِمَّ الرِّضاعَةَ " بكسرِ الراء ورَضِعاً ككَتِفٍ فهو راضِعٌ ج : رُضَّعٌ كرُكَّعٍ وهو رَضِعٌ ككَتِفٍ ج : رُضُعٌ كعُنُق : امْتصَّ ثَدْيَها . وفي الحديث : " انْظُرْنَ ما إخوانِكُنَّ فإنّما الرَّضاعةُ من المَجاعة " قال ابنُ الأثير : الرَّضاعةُ بالفَتْح والكَسرِ : الاسمُ من الإرضاع فأما من الرَّضاعة : اللُّؤْمِ فالفَتح فقط . وتفسيرُ الحديث : أنَّ الرَّضاعَ الذي يُحَرِّمُ النِّكاحَ إنّما هو في الصِّغَرِ عند جُوعِ الطِّفل فأمّا في حالِ الكِبَرِ فلا . والرُّضوعة التي تُرْضِعُ وَلَدَها وخَصَّ أبو عُبَيْدةَ به الشاة تُرْضِع . والرّاضِعَتان : ثَنِيَّتا الصبيِّ المُتَقدِّمَتانِ اللتانِ يَشْرَبُ عليهما اللبَنَ . ج : رَواضِع وقيل : الرَّواضِعُ : ما نَبَتَ من أسنانِ الصبيِّ ثمّ سَقَطَ في عَهْدِ الرَّضاع يقال منه : سَقَطَت رَواضِعُه ويقال : الرَّواضِعُ : سِتٌّ من أَعْلَى الفَمِ وسِتٌّ من أَسْفَلِه . منَ المَجاز : رَضُعَ الرجلُ ككَرُمَ نَقَلَه الجَوْهَرِيّ والزَّمَخْشَرِيّ وقال ابنُ عَبّادٍ : رَضَعَ الرجلُ أيضاً مثل مَنَعَ رَضاعَةً بالفَتْح لا غيرُ . ومنه رَجَزٌ يُروى لفاطمةَ - رَضِيَ اللهُ عنها - :
" ما بي مِن لُؤْمٍ ولا رَضاعَهْ قال الجَوْهَرِيّ : قالوا : رَضُعَ الرجلُ بالضَّمّ كأنّه كالشيءِ يُطبَع عليه وقال الزَّمَخْشَرِيّ : ولمّا نُقِلَ إلى معنى المُبالَغةِ في اللُّؤْمِ بَنَوْا فِعلَه على فَعُلَ فقالوا : رَضُعَ رَضاعَةً فهو راضِعٌ ورَضِعٌ ورَضّاعٌ كشَدَّادٍ مِن قومٍ رُضَّعٍ ورُضَّاعٍ كرُكَّعٍ وكُفَّارٍ أي لَؤُمَ أي صارَ لَئيماً ومنه قَوْلُ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَع رضي الله عنه :
" واليومُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
أي : اليومُ يَوْمُ هَلاكِ اللِّئامِ . وفي حديثِ ثَقيفٍ : قالتْ عجوزٌ منهم : أَسْلَمَها الرُّضَّاعَ وتركوا المِصَاعَ . أي اللِّئام والمِصَاع : المُضارَبَةُ بالسيفِ والاسمُ : الرَّضَع مُحرّكةً وككَتِفٍ . قال اليَماميُّ : الرَّاضِع : اللئيمُ الذي رَضَعَ اللؤْمَ من ثَدْيِ أمِّه يريدُ أنّه وُلِدَ في اللؤْم . وهو مَجاز . قيل : الرّاضِع : الرّاعي الذي لا يُمسِكُ معه مِحْلَباً فإذا سُئِلَ اللبَنَ اعتلَّ بذلك أي بأنّه لا مِحلَبَ له وإذا أرادَ الشُّربَ رَضَعَ حَلُوبَتَه . قيل : اللئيمُ الرّاضِع : مَن يأكلُ الخُلاَلَةَ من بَيْنِ أَسْنَانِه لُؤْماً لئلاّ يَفوتَهُ شيءٌ . قال ابنُ عَبّادٍ : اللئيمُ الرّاضِع : مَن يَرْضَعُ الناسَ أي يَسْأَلُهم . قلتُ : وبه فَسَّرَ ابْن الأَعْرابِيّ قَوْلَ جَريرٍ :
ويَرْضَعُ مَن لاقى وإنْ يَرَ مُقْعَداً ... يَقودُ بأَعْمى فالفَرَزْدَقُ سائِلُهْ قال : أي يَسْتَعْطيه ويطلبُ منه أي لو رأى هذا لَسَأَلَه . وهذا لا يكون ؛ لأنّ المُقعَدَ لا يَقْدِرُ أن يقومَ فيقودَ الأعمى . وفي الأساس وتَقُولُ : استعِذُ باللهِ مِنَ الرَّضاعةَ كما تَستعيذُ به مِنَ الضَّراعَة . ونَقَل ابن الأثيرِ أيضاً مثل ذلك . وفي الصِّحاح : قَوْلَهَم : لئيمٌ راضعٌ أَصلهُ زعموا أنَّ رجلاً كانَ يَرْضَعُ إبلَهُ ولا يَحْتلُبُها لئلا يُسمعَ صَوْتُ حَلْبهِ فَيُطْلَبَ منه . وقالَ ابنُ دُرَيدْ : كان هذا في الحدِيثِ في العمالِقَةِ فَكَثُرَ حتَّى صارَ كُلُ لئيم رَاضِعاً فَقلَ ذلك الفِعْلَ أو لمْ يَفْعَلْ . قالَ وأَصْلُ الحديثِ أنَّ رَجُلاً مِنَ العَمالِيقِ طَرَقَهُ ضَيِفٌ لَيلاً فَمضَّ ضِرْعَ شَاتِه لئلا يَسْمَعَ الضَّيفُ صَوْتَ الشَّخَبِ . قال : والرَّضاعَة : كَسَحَابةٍ : اسمُ الدَّبُور أو رِيحٌ بَيْنَها وبَيْنَ الجَنوبِ وذلك لأنّها إذا هَبَّتْ على اللِّقاحِ رَضَعَتْ أَلْبَانُها أي قَلَّت وهو مَجاز . قال : والرِّضْع بالكَسْر : شجَرٌ تَرْعَاهُ الإبلُ كما في العُباب . تقول : هذا رَضيعُكَ أي أخوكَ من الرَّضاعةِ بالفَتْح كما في الصحاح كما تقول : أَكيلُكَ قال الأعْشى :
رَضيعَيْ لِبَانٍ ثَدْيَ أمٍّ تَقاسَما ... بأَسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نَتَفَرَّقُ قال ابْن الأَعْرابِيّ : الرَّضَع مُحرّكةً : صِغارُ النَّحْل واحدِتُها رَضَعَة كالرَّصَع بالصاد وقد تقدّم عن الأَزْهَرِيّ أنّه بالصادِ المهملة تَصحيفٌ . وأَرْضَعَتِ المرأةُ فهي مُرْضِعٌ أي لها ولَدٌ تُرضِعُه ومنه قولُ امرئِ القَيسِ :
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ ... فَأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائمَ مُحْوِلِويُروى مُرْضِعاً ويُروى مُغْيلٍ أي ذاتِ رَضيعٍ فإن وَصَفْتَها بإرضاعِ الولَدِ أَلْحَقْتَ الهاءَ . وقلتَ : مُرْضِعَة كما في الصحاحِ والعُباب ومنه قَوْله تَعالى : " يَوْمَ تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ عمّا أَرْضَعَتْ " وفي الحديثِ حين ذكر الإمارةَ فقال : " نِعْمَتِ المُرْضِعَةُ وبِئْسَتِ الفاطِمَةُ " ضَرَبَ المُرضِعَةَ مَثَلاً للإمارةِ وما تُوَصِّلُه إلى صاحبِها من الأَحْلاب يعني المَنافع والفاطِمَةَ مثلاً للمَوتِ الذي يَهْدِمُ عليه لَذّاتِه ويقطعُ مَنافِعَها . قال ثعلبٌ : المُرْضِعَة : التي تُرْضِعُ وإنْ لم يكن لها ولَدٌ أو كان لها ولَدٌ والمُرْضِع : التي ليس مَعَهَا ولَدٌ وقد يكون معها ولَدٌ . وقال مَرّةً : إذا أدخلَ الهاءَ أرادَ الفِعلَ وجَعَلَه نَعْتَاً وإذا لم يُدخِل الهاءَ أرادَ الاسمَ . وقال الفَرّاء : المُرْضِعُ والمُرْضِعَة : التي معها صبيٌّ تُرْضِعُه قال : ولو قيلَ في الأمِّ : مُرْضِعٌ - لأنّ الرَّضاعَ لا يكونُ إلاّ من الإناثِ كما قالوا : امرأةٌ حائِضٌ وطامِثٌ - كان وَجْهَاً . قال : ولو قيلَ في التي معها صَبيٌّ : مُرْضِعَةٌ كان صَواباً . وقال الأخفَشُ : أَدْخَلَ الهاءَ في المَرْضِعَةِ لأنّه أرادَ - واللهُ أَعْلَم - الفِعلَ ولو أرادَ الصِّفةَ لقال : مُرْضِعٌ . وقال أبو زَيْدٍ : المُرْضِعة : التي تُرْضِعُ وثَدْيُها في فَمِ ولَدِها وعليه قَوْله تَعالى : " تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ " قال : والمُرضِع : التي دنا لها أن تُرْضِعَ ولم تُرْضِع بعد والمُرْضِع : التي معها الصبيُّ الرَّضيع . وقال الخليل : امرأةٌ مُرضِعٌ : ذاتُ رَضيع كما يقال : امرأةٌ مُطْفِلٌ : ذاتُ طِفلٍ بلا هاءٍ لأنّك تَصِفُها بفِعلٍ منها واقِعٍ أو لازمٍ فإذا وَصَفْتَها بفِعلٍ هي تَفْعَلُه قلتَ : مُفْعِلَةٌ كقولِه تعالى : " تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ عمّا أَرْضَعَتْ " وَصَفَها بالفِعلِ فأدخلَ الهاءَ في نَعْتِها ولو وَصَفَها بأنّ مَعَهَا رَضيعاً قال : كلُّ مُرضِعٍ . وقال ابنُ بَرّي : أمّا مُرضِعٌ فَعَلَى النَّسَبِ أي ذاتُ رَضيعٍ كما تقول : ظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ أي ذاتُ شادِنٍ وعليه قولُ امرئِ القَيسِ :
" فمِثلِكِ... الخ فهذا على النَسَب وليس جارِياً على الفِعلِ كما تقول : رجلٌ دارِعٌ تارِسٌ أي معه دِرعٌ وتُرْسٌ ولا يقال منه : دَرِعٌ ولا تَرِسٌ فلذلك يُقَدَّرُ في مُرْضِعٍ أنّه ليس بجارٍ على الفِعلِ وإن كان قد استُعمِلَ منه الفعلُ . وقد يَجيءُ مُرضِعٌ على معنى ذاتِ إرْضاعٍ أي لها لبَنٌ وإن لم يكن لها رَضيع هذا خُلاصَةُ ما قاله النَّحَوِيُّون . وراضَعَ فلانٌ ابْنَه أي دَفَعَه إلى الظِّئْرِ . نَقَلَه الجَوْهَرِيّ وأنشد لرُؤْبَة :
إنَّ تَميماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا ... وَلَمْ تَلِدْهُ أمُّهُ مُقَنَّعا أي وَلَدَتْه أمُّه مكشوفَ الأمرِ ليس عليه غِطاءٌ . قال الجَوْهَرِيّ : ارْتَضَعَتِ العَنزُ أي شَرِبَتْ لَبَنَ نَفْسِها وأنشدَ للشاعر وهو عَمْرُو بنُ أَحْمَرَ الباهِليُّ :
إنِّي وَجَدْتُ بَني أَعْيَا وجاهِلَهُم ... كالعَنْزِ تَعْطِفُ رَوْقَيْها فَتَرْتَضِعُهكذا هو في الصحاح ويُروى : بَني سَهمٍ وجامِلَهم ويُروى وعِزَّهُم يريدُ تَرْضَعُ نَفْسَها يصِفُهم باللُّؤْم والعَنزُ تفعلُ ذلك . واسْتَرضَعَ : طَلَبَ مُرضِعَةً ومنه قَوْله تَعالى : " وإن أردتُم أنْ تَسْتَرْضِعوا أولادَكم فلا جُناحَ عليكم " أي : تَطْلُبوا مُرضِعةً لأولادِكم . قال ابنُ بَرّيّ : وتقول : اسْتَرْضَعْتُ المرأةَ ولَدي أي طَلَبْتُ منها أن تُرضِعَه قال اللهُ تعالى : " أن تَسْتَرْضِعوا أولادَكم " والمَفعولُ الثاني محذوفٌ أي أن تَسْتَرْضِعوا أولادَكم مَراضِع والمحذوفُ في الحقيقةِ المفعولُ الأوّل ؛ لأنّ المُرضِعةَ هي الفاعِلَةُ بالولَدِ ومنه فلانٌ المُسْتَرْضِع في بَني تَميم وحكى الحوفِيُّ في البُرهانِ في أحَدِ القولَيْن : أنّه مُتَعَدٍّ إلى مفعولَيْن والقولُ الآخَر : أن يكونَ على حَذْفِ اللام أي لأولادِكُم . قال الأَزْهَرِيّ : قَرَأْتُ بخطِّ شَمِرٍ : رُبَّ غلامٍ يُراضَع . قال : والمُراضَعَة : أن يَرْضَعَ الطفلُ أمَّه وفي بَطْنِها ولَدٌ قال : ويقال لذلك الولَدِ الذي في بَطْنِها : مُراضَعٌ ويجيءُ مُخْتَلاًّ ضاوِيَّاً سَيِّئَ الغِذاء ونقله الصَّاغانِيّ عن النَّضْر . المُراضَعَة : أن يَرْضَعَ معه آخَرُ كالرِّضاع بالكَسْر يقال : راضَعَه مُراضَعَةً ورِضاعاً . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : رَضَعَ الصبيُّ ثَدْيَ أمِّه كَمَنَعَ لغةٌ حكاها صاحبُ المِصباحِ وابنُ القَطّاع واستَدْركَه شَيْخُنا . وارْتَضعَ كَرَضَعَ . والرَّاضِع : ذاتُ الدَّرِّ واللبَن على النَّسَب . وتَراضَعا : رَضَعَ كلٌّ منهما مع الآخَر . والرَّضيع : المُراضِع والجمعُ رُضَعاء . وجَمعُ المُرْضِع : المَراضِع قال اللهُ تعالى : " وحَرَّمْنا عليه المَراضِع " . والمَراضيع على ما ذهب إليه سيبويهِ في هذا النحوِ قال الهُذَليُّ :
ويَأْوي إلى نِسْوَةٍ عُطَّلٍ ... وشُعْثٍ مَراضيعَ مِثلِ السَّعالي واستعارَ أبو ذُؤَيْبٍ المَراضيعَ للنَّحْلِ فقال :
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ ... مَراضيعُ صُهْبُ الرِّيشِ زُغْبٌ رِقابُها والرَّاضِعون : اللِّئام . وهو يَرْضَعُ الدنيا ويَذُمُّها وهو مَجاز . ويقال : بينهما رِضاعُ الكَأْسِ وهو مَجاز أيضاً . وفي حديثِ قُسٍّ : رَضيعُ أَيْهُقان . قال ابنُ الأَثير : فَعيلٌ بمعنى المَفعولِ يعني أنَّ النَّعَامَ في ذلك المكانِ يَرْتَع هذا النَّبتَ ويمصُّه بمَنزِلَةِ اللبَن ؛ لشِدَّةِ نُعومَتِه وكَثرَةِ مائِه . ويُروى بالصادِ المُهمَلة وقد تقدّم . والراضِع : الشَّحَّاذ لأنّه يَرْضَعُ الناسَ بسؤالِه وهو مَجاز . والرَّضَع مُحرّكةً : سِفادُ الطائرِ عن كُراعٍ والمعروفُ بالصادِ المُهمَلة
هَدَأَ كمَنَعَ يَهْدَأُ هَدْءاً وهُدُوءاً : سَكَنَ يكون في الحركةِ والصَّوْتِ وغيرِهما قال ابنُ هَرْمَةَ :
لَيْتَ السِّبَاعَ لنا كانتْ مُجاوِرَةً ... وأَنَّنا لا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدَا
إنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَى عن فَرَائِسِها ... والنَّاسُ ليسَ بِهَادٍ شَرُّهُمْ أَبَدَا أَرادَ : لَتَهْدَأُ وبِهَادِئٍ فأَبدَلَ الهمزةَ إبدالاً صحيحاً وذلك أَنَّه جعلها ياءً فأَلْحَقَ هَادِئاً برَامٍ وسامٍ وهذا عند سيبويه إِنَّما يُؤْخَذُ سماعاً ولو خفَّفَها تخفيفاً قياسيًّا لجعلها بينَ بينَ فكان ذلك يكسِرُ البيتَ والكسرُ لا يجوز وإِنَّما يجوز الزِّحافُ . والاسمُ الهَدْأَةُ عن اللّحيانيّ . وأَهْدَأْتُهُ : سكَّنْتُهُ . ومن المجاز : أَهْدَأْتُ الثَّوْبَ : أَبليتُه كذا في الأَساس . وهَدَأَ عنه : سَكَنَ وهَدَأَ بالمكان : أَقامَ فسكن وتَساقَطوا إلى بلدِ كذا فهَدُؤُوا أَي أَقاموا وهو مجازٌ . وهَدَأَ فلانٌ يَهْدَأُ هُدُوءاً : ماتَ وفي حديث أُمِّ سُلَيْمٍ قالت لأبي طلحَةَ عن ابْنِها : هو أَهْدَأُ ممَّا كانَ أَي أَسْكَنُ كَنَتْ بذلك عن الموتِ تَطْييباً لقَلْبِ أَبيه . ولا أَهْدَأَهُ الله أَي لا أَسْكَنَ عَناءهُ تعبه ونَصَبَهُ . وأَتانا ولو قال : أَتى كانَ أَخْصَرُ بعد هُدْءٍ بالضَّمِّ من اللَّيْلِ أَو العَيْنِ وهَدْءٍ بالفتح وهَدْأَةٍ كتَمْرَةٍ ومَهْدَإٍ كمَسْكَنٍ وهَدِيءٍ كأَميرٍ وهُدُوءٍ فُعُولٍ أَي بعد هَزيعٍ من اللَّيْلِ ويكون هذا الأَخيرُ مصدراً وجمعاً ويُروى بيتُ عَدِيِّ بن زيدٍ :
شَئِزٌ جَنْبِي كأَنِّي مَهْدَأً ... جَعَلَ القَيْنُ على الدَّفِّ الإِبَرْ
بفتح الميم نصباً على الظرفِ أَي حين سكنَ الناسُ . وقد هَدَأَ اللَّيْلُ عن سيبويه وأَتانا وقد هَدَأَت الرِّجْلُ أَي بعد ما سكنَ الناسُ باللَّيْلِ وأَتانا بعد ما هَدَأَت الرِّجْلُ والعَيْنُ أَي سكنت وسكن الناسُ باللَّيْلِ وأَتانا وقد هَدَأَتِ العُيونُ وأَتانا هُدُوءاً إِذا جاءَ بعد نَوْمَةٍ وبعد ما هَدَأَ النَّاسُ أَي ناموا وهو مجازٌ أَو الهَدْءُ بالفتح من أَوَّل اللَّيْلِ إلى ثُلُثِهِ وذلك ابتداءُ سُكونِه وفي حديث سَوادِ بنِ قارِبٍ " جاءَني بعدَ هَدْءٍ من اللَّيْلِ " أَي بعد طائفةٍ ذهبتْ منه . وقال أَبو الهيثم : يقال : نَظَرْت إلى هَدْئِهِ بالهمز هو السِّيرَةُ كالهَدْيِ بالياءِ وإِنَّما أَسقطوا الهمزَةَ فجعلوا مكانها الياءَ وأَصلُها الهمزُ من هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سَكَنَ يقال : مررتُ برجلٍ هَدْئِكَ من رجلٍ عن الزجَّاجيّ والمعروف هَدّك من رَجُل وقد يأتي . والهَدْأَةُ بهاءٍ : ع بينَ الطَّائِفِ ومكَّةَ سُئل أَهلُها : لمَ سُمِّيت هَدْأَةً ؟ فقالوا : لأنَّ المَطَر يُصيبُها بعد هَدْأَةٍ من اللَّيْلِ و : ةُ بأَعلى مَرِّ الظَّهْرانِ ويقال في النسبة إليهما هو هَدَوِيٌّ شاذٌّ على غيرِ قياسٍ من وجهين : أَحدهما تحريك الدَّال والآخر قَلْبُ الهمزة واواً . وما له هِدْأَةُ ليلَةٍ بالكسر عن اللّحيانيّ ولم يفسِّره قال ابنُ سيده : وعندي أنَّ معناه قُوتُها أَي ما يَقُوتُه ويسَكِّنُ جوعَه أَو سَهَرَهُ أَو همَّهُ . وهَدِئَ كفَرِحَ هَدَأً فهو أَهْدَأُ : جَنِئَ بالجيم أَي انحنى يقال : مَنْكِبٌ أَهْدَأُ وأَهْدَأَهُ الكِبَرُ أَو الضَّرْبُ . والهَدَأُ محرَّكةً : صِغَرُ السَّنامِ يَعْتَري الإبلَ من كَثْرَةِ الحَمْلِ وهو دون الجَبَبِ والهَدَأَةُ بهاءٍ : ضَرْبٌ من العَدْوِ نقله الصاغاني والأَهْدَأُ من المَنَاكِبِ : المَنْكِبُ الذي دَرِمَ أَعلاهُ كفَرِح : امتلأَ شحماً ولحماً واسترخى حَمْلُه كذا في النُّسخ وفي بعضٍ حَبْلُه وقد أَهْدَأَهُ اللهُ . والهُدَّاءةُ كرُمَّانةٍ : الفَرَسُ الضامِرُ قيل : خاصٌّ بالذُّكورِ هو الذي نقله الجُمهور وقيل : عامٌّ صرَّح به جماعةٌ قاله شيخنا . ويقال تَرَكْتُهُ على مُهَيْدِئَتِهِ أَي على حالِه كذا في النُّسخ وفي بعضها حالتِه التي كانَ عليها تصغيرُ المَهْدَأَةِ نقله الجوهريّ عن الأَصمَعِيّ وسيأْتي في المعتلِّ له أيضاً وذكر هناك أَنَّه لا مُكَبَّرَ لها . والأَهْدَأُ من الرِّجالِ : أَحْدَبُ بيِّنُ الهَدَإِ قال الراجز في صفةِ الرَّاعي :
" أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيَةَ الظَّلِيم وروى الأَزهريُّ عن الليث وغيره : الهَدَأُ مصدرُ الأَهْدَأ رجلٌ أَهْدَأُ وامرأةٌ هَدْآءُ وذلك أَن يكون مَنِكِبُه مُنْخَفِضاً مُستوياً أَو يكون مائلاً نحو الصَّدْرِ غير منتصبٍ يقال : مَنْكِبٌ أَهْدَأُ وقال الأَصمَعِيّ رجلٌ أَهْدَأُ : إِذا كانَ فيه انحناءٌ . كذا صرَّح به ابنُ منظورٍ وغيرُه . والهَدْآءُ من النُّوقِ : ناقةٌ هَدِئَ أَي جَنِئَ سَنامُها من الحملِ ولَطَأَ عليه وبَرُهُ ولم يُجْرَحْ . وممَّا يستدرك عليه : هَدَأْتُ الصَّبيَّ إِذا جَعَلْتَ تَضْرِبُ عليه بكَفِّكَ وتُسَكِّنُهُ ليَنامَ . وأَهْدَأْتُه إِهْداءً . وقال الأَزهريُّ : أَهْدَأَتِ المرأَةُ صَبِيَّها إِذا قارَبَتْهُ وسَكَّنَتْهُ لينامَ فهو مُهْدَأٌ . وروي عن ابن الأَعْرابِيّ أَنَّ المُهْدَأُ في بيتِ عَدِي ابنِ زيدٍ هو الصَّبِيُّ المُعَلَّلُ لينام وجعلَه غيرُه في الرِّوايَةِ مصدراً