الدُّبْرُ بالضَّمّ وبِضَمَّتَيْن : نَقِيضُ القُبُلِ . الدُّبُر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ : عَقِبهُ ومُؤَخَّرُه . ومن المَجاز : جِئْتُكَ دُبُرَ الشَّهْرِ أَي آخِرَه على المَثَل . يقال : جِئْتك دُبُرَ الشَّهْر وفِيهِ أَي في دُبُره وَعَلَيْهِ أَي عَلى دُبُره والجَمْع من كُلّ ذلك أدْبَارٌ . يقال : جئتُك أدْبَارَه وفِيهَا أَي في الأَدْبار أَي آخِرَه . و الأَدْبارُ لذَوات الظِّلف والمِخْلَب : ما يَجْمَع الاسْت والحَيَاءِ . وخَصّ بعضُهُم به ذَواتِ الخُفِّ والحَيَاءِ الواحِدُ دُبُرٌ . والدُّبُر والدُّبْر : الظَّهْرُ وبه صَدَّرَ الزَّمَخْشَرِىّ في الأساس والمصنِّف في البصائر وزاد الاستدلالَ بقوله تعالى : " وَيُوَلُّوَن الدُّبُر " قال : جَعَله للجماعة كقوله تعالى : " لا يَرْتَدُّ إلَيْهِم طَرُْهُمْ " والجمعُ أَدْبَارٌ . قال الفَرّاءُ : كان هذا يوم بَدْرٍ . وقال ابن مُقْبِل :
" الكاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ
وإدْبَارُ النُّجُومِ : تَوَالِيهَا وأَدْبارُهَا أخْذُهَا إلى الغَرْب للغُرُوب آخِرَ اللَّيْل . هذه حِكايَةُ أهل اللُّغَة قال ابنٌ سِيدَه : ولا أدرِي كَيْف هذا لأَنَّ الأَدْبَارَ لا يَكُون الأَخْذَ إِذ الأَخْذُ مَصْدرٌ والأَدْبَارُ أَسماءٌ وأَدْبار السُّجُودِ وإِدبارُه : أَواخِرُ الصَّلوَاتِ . وقد قُرِئَ : وأَدْبار وإِدْبار فمَنْ قرأَ وأَدْبَار فمِن بابِ خَلْفَ ووَرَاء ومَن قَرأَ وإِدْبَار فمِن بابِ خُفُوق النَّجْم . قال ثعلب في قوله تعالى " وإِدْبَار النُّجُوم " " وأَدْبَار السُّجُود " قال الكسَائيّ : إِدبار النجوم أَن لها دُبُراً وحداً في وقت السحر وأَدْبَار السجود لأنَّ مع كل سَجْدة إِدْباراً
وفي التهذيب مَنْ قرأَ : " وأَدْبار السُّجُود " . بفتح الَألف جمع على دُبُر وأَدْبَار وهما الرَّكْعَتَان بعد المَغْرِب رُوِىَ ذلِك عن عَلِيّ بن أَبِي طالِبٍ رضي الله عَنْه . قال : وأَما قوله " وإِدبار النُّجُوم " في سورة الطُّور فهما الرَّكْعَتَان قبل الفجر قال : ويُكسرَان جميعا ويُنْصَبانِ جائزانِ . و الدُّبُر : زَاوِيَةُ البَيْتِ ومُؤَخَّرُه . والدَّبْر بالفَتْحِ : جَماعَةُ النَّحْلِ ويقال لها الثَّوْلُ والخَشْرَمُ ولا وَاحِدَ لشْيءٍ من هذا قاله الأَصمَعِيّ . روَى الأَزْهَرِيّ بسنده عن مُصعَب بن عبد الله الزُّبَيْرِيّ : الدَّبْر : الزَّنَابِيرُ ومن قال النَّحْل فقد أَخطأَ قال : والصواب ما قاله الأَصمَعِيّ . وفَسَّر أَهلُ الغَرِيبِ بهما في قصّة عاصم بن ثابتٍ الأَنصاريّ المعروف بِحَمِىِّ الدَّبْرِ أُصِيبَ يومَ أُحُدٍ فمَنَعت النَّحْلُ الكُفَّارُ منه ؛ وذلك أَن المشركين لمَّا قَتلُوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلَّطَ الله عليهم الزَّنابيرَ الكِبَارَ تَأْبِر الدَّارِعَ فارتَدَعوا عنه حتى أَخَذَه المُسْلِمُون فَدَفَنُوه وفي الحَدِيث " فأَرْسلَ اللهُ عليهم مِثْلَ الظُّلْمَةِ مِن الدَّبْرِ " قيل : النَّحْل وقيل : الزَّنابير . ولقد أَحسنَ المُصنِّف في البَصَائر حيث قال : الدَّبْر : النَّحْل والزّنابِير ونَحْوُهَما مما سِلاحُها في أَدْبَارِها . وقال شَيْخُنَا نَقْلاً عن أَهْل الاشْتِقَاق : سُمِّيَت دَبْراً لتَدْبِيرها وتَأَنُّقِها في العَمَل العَجِيب ومنه بِنَاءُ بُيوتِها ويُكْسَر فِيهمِا عن أَبي حَنِيفَة وهكذا رُوِىَ قولُ أبي ذُؤَيب الهُذَليّ :
بأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفرِدَ خِشْفُهَا ... وقد طُرِدَتْ يَوْمَيْن وهْي خَلُوجُ عَنَى شُعْبَةً فيها دَبْر
وفي حديث سُكَيْنةَ بنتِ الحُسَيْن " جاءَت إلى أُمّها وهي صغيرة تَبْكِي فقالت لها : مالَكِ ؟ فقالتْ : مَرَّت بي دُبَيْرة فلسَعَتْني بأُبَيْرة " وهي تصغير الدَّبْرة النّحلة ج أَدْبُرٌ ودُبُورٌ كفَلْس وأَفْلُسٍ وفُلُوس . قال لبيد :
بأَشْهَبَ من أَبْكارِ مُزْنِ سَحَابةٍ ... وأَرْىِ دُبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ أَراد : شارَه من النَّحْل أَي جَناه . قال ابنٌ سِيدَه : ويجوز أَن يكون جمْع دَبْرة كصَخْرَة وصُخُور ومَأْنَة ومُؤُون . والدَّبْرُ : مَشَارَاتُ المَزْرَعَةِ أَي مَجَارِي مائِها كالدِّبَارِ بالكَسْرِ واحِدُهُما بِهَاءٍ وقيل : الدِّبَار جمْع الدَّبْرة قال بِشْر بن أَبِي خَازِم :
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْر عن جُرَشِيَّةٍ ... علَى جِرْبةٍ يَعْلُو الدِّبَارَ غُرُوبُهاوقيل الدِّبَار : الكُرْدَة من المَزْرعَة الواحِدَة دِبَارَةٌ . والدِّبَاراتُ : الأَنْهَار الصِّغَار التي تَتَفَجَّر في أَرض الزَّرْع واحدتها دَبْرة قال ابنٌ سِيدَه : ولا أَعْرف كيف هذا إِلاَّ أَن يكون جمعَ دَبْرَة على دِبَار ثمّ أُلْحِق الْهاءُ للجَمْع كما قالُوا الفِحَالَة ثُمَّ جُمِع الجَمْعُ جَمْعَ السَّلاَمة . والدَّبْر أَيضاً : أَوْلادُ الجَرَادِ عن أَبي حَنِيفَة : ونصّ عبارته : صِغَار الجَرَادِ ويُكْسَرُ . والدَّبْر : خَلْفُ الشَّيْءِ ومنه : جَعَلَ فُلانٌ قَوْلَكَ دَبْرَ أُذُنِهِ أَي خَلْف أُذُنه . وفي حديث عُمَر : " كُنْتُ أَرجو أَن يَعيشَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى يَدْبُرَنا " أَي يَخْلُفنا بعد مَوْتِنَا يقال : دبَرْتُ الرَّجُلَ دَبْراً إِذَا خَلَفْتَه وبَقِيتَ بَعْدَه . والدَّبْر : المَوْتُ ومنه دَابَر الرَّجُلُ : ماتَ عن اللِّحْيَانيّ وسيأْتي . والدَّبْر : الجَبَلُ بلسانِ الحَبشة . ومِنْه حَدِيثُ النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الحَبَشةِ أَنه قال : " ما أُحِبُّ أَن لِي دَبْراً ذَهَباً وأَنِّى آذَيْتُ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِين " . قال الصَّغانِيّ : وانْتِصَاب ذَهَباً على التَّمْيِيز ومثله قولُهم : عندي راقُودٌ خَلاًّ ورِطْلٌ سَمْناً والواو في وأَنّى بمعنى مَعَ أَي ما أُحِبّ اجْتِمَاع هذَيْنِ انْتَهَى وفي رواية " دَبْراً من ذَهبٍ " . وفي أخرى : " ما أُحَبُّ أَن يكون دَبْرَى لي ذَهَباً " وهكذا فَسَّروا فهو في الأَوَّل نَكِرة وفي الثَّاني مَعْرفة . وقال الأَزْهَرِيّ : لا أَدْرِي أَعرَبِيّ هو أَم لا ؟ . و الدَّبْر : رُقَادُ كُلِّ سَاعَة وهو نحْو التَّسبيح والدَّبْر الاكْتِتابُ وفي بعض النسخ الالتتاب باللام وهو غَلَط . قال ابنٌ سِيدَه : دَبَرَ الكِتَابَ يَدْبُره دَبْراً : كَتَبَه عن كُراع . قال : والمعروف ذَبَره ولم يَقُل دَبَرَه إلاّ هو . والدَّبْر : قِطْعَةٌ تَغْلُظُ في البَحْرِ كالجَزِيرَة يَعْلوهَا الماءُ ويَنْصَبُّ عنها هكذا في النُّسَخ وهو مُوافِقٌ لِما في الأُمَّهات اللُّغَوِيَّة . وفي بعض النُّسخ : يَنضُب من النضب وكلاها صَحِيح . والدَّبْر : المَالُ الكَثِيرُ الذي لا يُحصَى كَثْرة واحدُه وجَمْعُه سَوَاءٌ ويُكْسَرُ يقال : مَالٌ دَبْر ومَالانِ دَبْر وأَمْوالٌ دَبْرٌ . قال ابنٌ سِيدَه : هذا الأَعْرف قال : وقد كُسِّر على دُبُور ومثلْه مال دَثْر . وقال الفَرّاءُ : الدَّبْرُ : الكَثِير من . الضَّيْعَة والمَالِ . يقال : رجلٌ كَثِيرُ الدَّبْرِ إِذَا كانَ فاشِيَ الضَّيْعَة ورجُل ذو دَبْرٍ : كثيرُ الضَّيْعَةِ والمال حكاه أَبو عُبَيْد عن أَبِي زَيْد . والدَّبْرُ : مُجَاوَزَةُ السَّهْمِ الهَدَفَ كالدُّبُورِ بالضَّمّ يقال : دَبَرَ السَّهْمُ الهَدَفَ يَدْبُره دَبْراً ودبُوُراً جاوَزَه وسَقَطَ وَراءَه . وقولُهم : جَعَلَ كَلاَمَكَ دَبْرَ أُذُنِه أَي خَلْفَ أُذُنه وذلِك إِذَا لم يُصْغِ إلَيْهِ ولم يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَي لم يَعْبَأْ به وتَصَامَمَ عنه وأَغْضَى عنه ولم يَلتفِتْ إليه قال الشاعر :
يَدَاهَا كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذَا مَشَتْ ... ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْن طَرُوحُوالدَّبْرَةُ : نَقِيضُ الدَّوْلِة فالدَّوْلةُ في الخَيْر والدَّبْرَة في الشَّرّ . يقال : جَعَل اللهُ عليك الدَّبْرَة . قاله الأَصمَعِيّ . قال ابنٌ سِيدَه : وهذا أَحْسَنُ ما رأَيْتُه في شَرْح الدَّبْرَةِ وقيل : الدَّبْرَةُ : العَاقِبَةُ ومنه قَولُ أبَيِ جهل : لابْنِ مَسْعودٍ وهو صَرِيعٌ جَريحٌ لِمَنِ الدَّبْرةُ ؟ فقال لِلّه ولرسُولِه يا عَدُوَّ الله . ويقال : جَعَلَ اللهُ عليهم الدَّبْرةَ أَي الهَزِيمة في القِتَالِ وهو اسْمٌ من الإِدْبَار ويُحَرَّك كما في الصّحاح وذَكَرَه أَهْلُ الغَرِيب . وعن أَبي حَنِيفةَ : الدَّبْرَةُ : البُقْعَةُ من الأَرْض تُزْرَعُ والجَمْع دِبَارٌ . ومن المَجَاز : الدِّبْرَة : بالكَسْرِ خِلاَفُ القِبْلَةِ . ويقال : مالَهُ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ أَي لَمْ يَهْتَدِ لجِهَةِ أَمْرِهِ . وقَوْلُهم : فُلانٌ مَا يَدْرِي قِبَالَ الأَمر من دبِارِه أَي أوَّلَه من آخِرِه . ليس لِهذا الأَمرِ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذَا لم يُعْرَف وَجْهُه . والدَّبَرَة : بالتَّحْرِيكِ : قَرْحَةُ الدَّابَّةِ والبَعِيرِ ج دَبَرٌ مُحَرَّكةً وأَدْبَارٌ مثل شَجَرة وشَجَر وأَشْجَار . وفي حديث ابْنِ عَبّاس " كانُوا يَقولون في الجاهليّة : إِذَا بَرَأَ الدَّبَر وَعَفَا الأَثَر " . وفسّروه بالجُرْح الذي يكون في ظَهْر الدّابّة . وقيل : هو أَن يَقْرَح خُفُّ البَعِير وقد دَبِرَ البَعِيرُ كفَرِحَ يَدَْر دَبَراً وأَدْبَرَ واقتصر أَئِمَّة الغَرِيب الأَوَّل فهو أَي البَعِيرُ دَبِرٌ ككَتِف وأَدْبَرُ والأُنثَى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ وإبِلٌ دَبْرَى . وفي المَثَل : " هَاَن عَلَى الأَمْلَسِ ما لَاقَى الدَّبِرُ " ذَكَرَه أَهلُ الأَمْثَال في كُتُبِهم وقالوا : يُضْرَبُ في سُوءِ اهْتِمَامِ الرَّجُلِ بِصَاحِبِه وهكذا فَسَّرَه شُرَّاحُ المَقَامَات . وأَدْبَرَهُ الحِمْلُ والقَتَبُ فدَبِرَ . ودَبَرَ الرَّجلُ دَبْراً : وَلَّى كأَدْبَرَ إدْبَاراً ودُبْراً وهذا عن كُرَاع . قال أَبو مَنْصُور : والصَّحيح أَن الإدْبارَ المَصْدَرُ والدُّبْر الاسْمُ . وأَدْبَرَ أَمرُ القَوْمِ وَلَّى لِفَسَادٍ وقَوْلُ الله تعالى : " ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِين " هذا حالٌ مُؤَكّدة لأنه قد عُلِم أَن مع كُلِّ تَوْلِيَة إِدباراً فقال : مُدْبِرِين مُؤَكّداً . وقال الفَرّاءُ : دَبَرَ النَّهَارُ وأَدْبَرَ لُغَتانِ وكذلك قَبَلَ وأَقْبَلَ فإِذا قالوا : أَقْبَلَ الرَّاكبُ أَو أَدْبَرَ لم يقولوا إلاّ بالأَلف . قال ابنٌ سِيدَه : وإِنَّهُمَا عندي في المعَنى لَواحِدٌ لا أُبْعِدُ أَن يَأْتِيَ في الرِّجَال ما أَتَى في الأَزْمِنَة . وقرأَ ابن عَبَّاس ومُجَاهِدٌ " واللَّيْلِ إذْ أَدْبَرَ " مَعْنَاه وَلَّى ليَذْهَب . ودَبَر بالشَّيْءِ : ذَهَبَ بِهِ . ودَبَر الرَّجُلُ : شَيَّخَ وفي الأَساس شَاخَ وهو مَجَاز وقيل ومنه قَوْلُه تعالى : " واللَّيْلِ إِذ أَدْبَر " . ودَبَرَ الحَدِيث عن فُلانٍ : حَدَّثَه عَنْه بَعْدَ مَوْتِهِ وهو يَدْبُر حَدِيثَ فُلانٍ أَي يَرْوِيه . ورَوَى الأَزْهَرِيّ بسَنَده إلى سَلاَّم بنِ مِسْكين قال : سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحدِّث عن فلانٍ يَروِيه عن أَبي الدَّرْدَاءِ يَدْبُرُه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما شَرَقَتْ شَمْسٌ قطُّ إلاّ بجَنْبِهَا مَلَكَانِ يُنادِيَان إنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقلَيْن الجِنِّ والإِنْس : أَلاَ هَلُمُّوا إلى رَبّكم فإِنَّ ما قَلَّ وكَفَي خَيْرٌ مما كَثُروا وأَلْهَى الّلهُمَّ عَجِّل لمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّل لمُمْسِك تَلَفاً " . قال شَمِرٌ : ودبَرَتْ الحَدِيث غيْرُ مَعروف وإِنما هو يُذْبُره بالذّال المُعْجَمَة أَي يُتْقِنه قال الأَزْهَرِيّ : وأَما أَبو عُبَيْد فإِن أَصحابَه رَوَوْا عنه : يَدْبُرُه كما تَرَىدَبَرَت الرِّيحُ : تَحَوَّلتَ وفي الأَسَاس : هَبَّت دَبُوراً وفي الحَدِيث . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نُصِرْت بالصَّبَا وأُهلِكَت عادٌ بالدَّبُور " وهي - أَي الدَّبور كصَبُور وفي نسخة شَيْخنا " وهو بتَذْكِير الضَّمِير وهو غَلَطٌ كما نَبَّه عليه إذ أَسماءُ الرِّيَاح كُلِّهَا مُؤَنَّثةٌ إلاَّ الإِعْصَارَ - ريِحٌ تُقَابِل الصَّبَا . والقَبَولُ : رِيحٌ تَهُبّ من نَحْو المَغْرب والصَّبَا يُقَابِلها من ناحِيَة المَشْرِق كذا في التَّهْذِيب . وقيل : سُمِّيَت بالدَّبُور لأَنَّهَا تأْتِي من دبُرُ الكَعبة ممّا يَذْهَب نحو المَشْرق وقد رَدَّه ابنُ الأَثِير وقال : ليس بشْيءٍ وقيل : هي التي تَأْتِي من خَلْفِك إِذَا وَقفْت في القِبْلَة
وقال ابنُ الأَعرابيِّ : مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطَّائرِ إلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ . وقال أَبو عَلِيّ في التّذْكِرَة : الدَّبُور : يكون اسْماً وصِفَةً فمِنَ الصِّفة قَولُ الأَعْشَى :
لها زَجَلٌ كحَفِيف الحَصَا ... دِ صادَف باللَّيْل رِيحاً دَبُورَا ومن الاسم قولُه أَنشَده سِيبَوَيْهِ لرجُل من باهِلَة :
رِيحُ الدَّبُور مع الشَّمَالِ وتارَةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائِبُ التَّهْتانِ قال : وكَونُها صِفَةً أَكثرُ . والجمع دُبُرٌ ودَبائِرُ . وفي مجمع الأمثال للمَيْدانيّ : وهي أَخْبَثُ الرِّياح يقال إنَّهَا لا تُلِقح شَجراً ولا تُنْشِيُء سَحاباً . ودُبِرَ الرّجلُ كعُنِىَ فهو مَدْبُورٌ : أصابَتْه رِيحُ الدًّبُورِ . وأَدْبَرَ : دَخَل فِيهَا وكذلِك سائِرُ الرِّيَاح . عن ابنِ الأَعرابيِّ : أَدْبَرَ الرَّجلُ إِذَا سافَر في دُبَارٍ بالضَّمّ يومِ الأَرْبَعَاءِ . كما سيأْتِي للمُصَنِّف قريباً وهو يَومُ نَحْسٍ وسُئِل مُجَاهِدٌ عن يوم النَّحْس فقال : هو الأَربعاءُ لا يَدُور في شَهْرِه
من المَجاز : قال ابنُ الأَعرابيِّ : أَدْبَرَ الرّجلُ إِذَا عَرَفَ قَبِيلَه مِنْ دَبِيرِه هكذا في النُّسَخ ونَصُّ ابنِ الأَعرابيِّ : دَبِيرَه من قَبِيله ومن أَمْثَالهم : " فُلانٌ ما يَعْرِف قَبِيلَه من دَبِيرِه " أَي ما يَدْرِي شيئاً . وقال اللَّيْث : القَبِيل : فَتْل القُطْنِ والدَّبِير : فَتْل الكَتّانِ والصُّوفِ . قال أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيّ : مَعْنَاهُ طَاعَته من مَعْصِيتَه . ونصّ عِبارته : مَعْصِيتَه من طَاعَتِه كما في بَعْض النُّسَخ أَيضاً وهو مُوافِقٌ لنَصِّ ابْنِ الأَعرابيِّ . وقال الأَصمَعِيّ : القَبِيلُ : ما أَقْبَلَ مِن الفاتِل إلى حَقْوِه والدَّبِير : ما أَدْبَر به الفاتِلُ إلى رُكْبَته . وقال المُفَضَّل : القَبِيلُ : فَوْزُ القِدَاح في القِمَار والدَّبِيرُ : خَيْبَةُ القِدَاحِ وسيُذْكَر من هذا شَيْءٌ في قبل أَن شَاءَ اللهُ تعالى وسيأْتي أَيضاً في المَادَّة قَرِيباً للمُصنِّف ويَذْكُر ما فَسَّر به الجَوْهَرِيّ ونقل هنا قَوْلَ الشّيبَانِيّ وتَرَكَ الأَقْوَالَ البقَيِة تَفَقُّنناً وتَعْمِيَةً على المُطالِع . أَدْبَرَ الرَجلُ إِذَا مَاتَ كدَابَرَ الأَخير عن اللِّحْيَانيّ وأَنْشَد لأُميَّةَ بنِ أَبي الصَّلْت :
زَعَمَ ابنُ جُدْعَانَ بنِ عَمْ ... رٍو أَنَّني يَوْماً مُدابِرْ
ومُسَافِرٌ سَفَراً بَعِي ... داً لا يَؤُوبُ له مُسَافِرْأَدْبَر إِذَا تَغَافَلَ عَنْ حاجَةِ صَدِيقِه كأَنَّه وَلَّى عنه . وأَدْبَرَ إِذَا دَبِرَ بَعِيرُهُ كما يقولون أَنْقَبُ إِذَا حَفِىَ خُفُّ بَعِيرِه وقد جُمِعَا في حَدِيث عُمَر قال لامرأَة : " أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ " أَي دَبِرَ بَعِيرُك وحَفِي وفي حَدِيث قَيْسِ بنِ عاصمِ إنّي لأُفْقِرُ " البَكْرَ الضَّرَعَ والنّابَ المُدِبرَ " قالوا : التَّي أَدْبَرَ خَيْرُهَا . أَدَبَر الرجُلُ : صَارَ له دَبْر أَي مَالٌ كَثِيرٌ . عن ابنِ الأَعرابيِّ : أَْدَبَر إِذَا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذُنِ النَّاقَةِ إِذَا نُحِرَت إلى ناحِيَة القَفَا وأَقْبَلَ إِذَا صارتْ هذه الفَتْلَةُ إلى ناحِيَةِ الوَجْهِ . من المَجاز : شَرُّ الرَّأْي الدَّبَرِيّ وهو مُحرّكةً : رَأْيٌ يَسْنَحُ أَخِيراً عنْد فَوْتِ الحَاجَةِ أَي شَرُّه إِذَا أَدْبَر الَأمرُ وفَاتَ . وقيل : الرَّأيُ الدَّبَرِيّ : الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه وكذلك الجَوَابُ الدَّبَرِيّ . من المَجاز : الدَّبرِيّ : الصّلاةُ في آخِرِ وَقْتِها . قلت : الّذي وَرَدَ في الحَدِيث : " لا يَأْتِي الصَّلاةَ إلاَّ دَبَرِيّاً " . وفي حَدِيثٍ آخَرَ : " لا يَأْتِي الصَّلاةَ إلا دَبُرْاً " يَروَى بالضَّمّ وبالفَتْح . قالوا : يقال : جاءَ فُلانٌ دَبَرِيّاً أَي أَخيراً وفُلانُ يُصَلِّي إلاَّ دَبَرِياً بالفَتْح أَي في آخِر وَقْتها وفي المحكم : أَي أخيراً رَواه أَبوعُبَيدٍ عن الأَصمَعِيّ . وتُسَكَّنُ الباءُ رُوِىَ ذِلك عن أَبي الهَيْثَم وهو مَنْصُوب على الظَّرف . ولا تَقُلْ دُبُرِياً بِضَمَّتَيْن فإنَّه مِنْ لَحْنِ المُحَدِّثِين كما في الصّحاح . وقال ابنُ الأَثِير : هو منسوبٌ إلى الدَّبْرِ آخِرِ الشْيءِ وفَتْح الباءِ من تَغْييرات النَّسب ونَصْبُه على الحَالِ من فاعلِ يَأْتِي . وعِبارة المُصَنِّف لا تَخْلو عن قَلاقَهٍ . وقَولُ المُحَدِّثين : دُبُرِيّاً أَن صَحَّت رِوِايَتُه بسَمَاعِهم من الثِّقات فلا لَحْنَ وأَمّا مِن حَيْثُ اللُّغَة فصَحِيحٌ كما عَرَفْت وفي حَدِيثٍ آخرَ مَرْفُوعٍ أَنه قال : " ثَلاثَةٌ لا يَقْبَل اللهُ لهُم صَلاَةً : رَجُلٌ أَتَى الصَّلاةَ دِبَاراً ورَجلٌ اعتَبَدَ مُحَرَّراً ورُجلٌ أَمَّ قَوماً هم له كارهون " قال الإِفْرِيقيّ راوِي هذا الحَدِيث : معنَى قوله : دِبَاراً أَي بعدَ ما يَفُوت الوَقْتُ
وفي حديثِ أَبي هُرَيْرَة : " أَن النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال : أَن للمُنافقِين عَلاماتٍ يُعْرَفُون بها تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ وطَعَامُهم نُهْبَةُ لا يَقْرَبُون المساجدَ إلاَّ هَجْراً ولا يَأْتُون الصلاةَ إلا دَبْراً مُسْتَكْبِرِين لا يَأْلَفون ولاَ يُؤْلَفُون خُشُبٌ باللَّيْل صُخُب بالنَّهَار " قال : ابن الأَعرابيِّ : قوله : " دبِاراً " في الحَدِيث الأَوّل جمع دَبْرٍ ودَبَرٍ وهو آخِر أَوقاتِ الشَّيْءِ : الصّلاِة وغَيْرِهَا . والدَّاِبرُ يقال للمُتَأَخِّرِ والتّابِع إمَّا باعْتِبَار المَكَانِ أَو بِاعْتِبَارِ الزّمَان أَو باعْتِبَار المَرْتَبَة . يقال : دَبَرَه يَدْبُره ويَدْبِره دُبُوراً إِذَا اتَّبَعه مِنْ ورائِه وتَلاَ دُبُرَه وجاءَ يَدْبُرهُم أَي يَتْبَعُهم وهو من ذلك . الدّابِر : آخِرُ كُلِّ شَيْءٍ قاله ابن بُزُرْج وبه فسُرِّ قولُهُم : قَطَع اللهُ دابِرَهم أَي آخِرَ مَنْ بَقِىَ منهم وفي الكتاب العَزِيز : " فقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الذَّيِنَ ظَلَمُوا " أَي اسُتؤصِلِ آخِرُهم وقال تَعَالى في مَوضع آخَرَ " وقضَيَنْاَ إلَيْه ذلِك الأمْرَ أَن دَابِرَ هؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِين " وفي حَدِيث الدّعَاءِ " وابْعَث عَلَْهم بأْساً تَقْطَع به دَابِرَهم أَي جَمِيعَهم حتَّى لا يَبْقَى منهم أحَدٌَ . قال الأَصمَعِيّ وغيره : الأَصْلُ . ومَعْنَى قَوْلهم : قَطَع اللهُ داِبرَه أَي أَذْهَبَ اللهُ أَصْلَه وأَنشد لوَعْلَةَ :
فِدًى لَكْمَا رِجْلَيّ أُمِّي وخَالَتِي ... غَداةَ الكُلاَبِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُأي يُقتَل القَومُ فتَذْهَب أُصُولُهم ولا يَبْقَى لهم أَثَرٌ . الدَّابِر : سَهْمٌ يَخْرُجُ من الهَدَفِ وَيْسُقط وَرَاءَه وقد دَبَرَ دُبُوراً . وفي الأَسَاس : ما بَقِيَ في الكِنَانة إلا الدَّابِرُ وهو آخِرُ السِّهَام . الدَّابِرُ : قِدْحٌ غَيْرُ فَائِز وهو خِلافُ القَابِل وصاحِبُه مُدَابِرٌ قال صَخْرُ الغَيِّ الهُذَلِيّ يَصِف ماءً وَرَدَه :
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّه ... خِيَاضَ المُدَابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا المُدَابِر : المَقْمُور في المَيْسِر . وقيل هو الِّي قُمِرَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فيُعَاوِدُ ليَقْمُرَ وقال أَبو عُبيد : المُدابِر : الذي يَضْرِب بالقِداح . الدَّابِر : البِنَاءُ فَوْقَ الحِسْيِ عن أبي زَيْد قال الشَّمَّاخ :
ولمَّا دَعَاهَا مِنْ أَبَاطِحِ وَاِسطٍ ... دَوَابِرُ لم تُضْرَبْ علَيْهَا الجَرَامِزُ الدَّابِر : رَفْرَفُ البِنَاءِ عن أَبي زَيْد . الدَّابِرَةُ بهاءٍ : آخِرُ الرَّمْلِ عن الشَّيْبَانِيّ يقال : نَزَلوا في دَابِرَةِ الرَّمْلةَِ وفي دَوابِرِ الرِّمَال وهو مَجَاز . عن ابن الأَعرابيِّ : الدَّاِبَرةُ : الهَزِيمَةُ كالدَّبْرَةِ . الدّابِرَةُ : المَشْئُومَةُ عنه أَيضاً . يقال : صَكَّ دَابِرَتَهَ هي مِنْكَ عُرْقُوبُكَ قال وَعْلَةُ
" إذ تُحَزُّ الدَّواِبرُ الدَّابِرَةُ : ضَرْبٌ من الشَّغْزَبِيَّة في الصِّرَاع . دابِرةُ الحافِرِ : مُؤَخَّرُه وقيل : ماحاذَى مَوْضِعَ الرُّسْغِ كما في الصّحاح وقيل : هي التَّي تَلِي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ وجَمْعُهَا الدَّوَابِرُ . والمَدْبُورُ : المَجْرُوحُ وقد دُبِرَ ظَهْرُه . والمَدْبُور : الكَثِيرُ المَالِ يقال : هو ذو دَبْرٍ ودِبْرٍ كما تقدَّم . والدَّبَرَانُ مُحَرَّكَةً : نَجْمٌ بَينَ الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ ويقال له التَّابِعُ والتُّوَيْبع وهو مَنْزِلٌ للقَمر سُمِّىَ دَبَرَاناً لأنَّه يَدْبُر الثُّرَيَّا أَي يَتْبَُه . وفي المُحْكَم : الدَّبَرَانُ : نَجْمٌ يَدْبُر الثُّرَيَّا لَزِمته الأَلفُ واللامُ لأَنَّهم جَعَلوه الشَّيْءَ بعَيْنه وفي الصّحاح : الدَّبَرَانُ : خَمْسَةُ كَوَاكِبَ من الثَّوْرِ يقال إنّه سَنَامُه
ورجُلٌ أُدَابِرٌ بالضَّمّ : قاطِعٌ رَحِمَه كأُبَاتِر . رجل أُدَابِرٌ : لا يَقْبَلُ قولَ أَحَدٍ ولا يَلْوِي على شْيءٍ . وقال ابنُ القَطَّاع : هو الّذِي لا يَقْبَل المَوْعِظَةَ . قال السِّيَرافِيّ : وحكَى سِيبويهِ أُدابِراً في الأَسماءِ ولم يُفْسِّره أَحَدٌ على أَنّه اسمٌ لكنّه قد قَرَنهَ بأٌُحامِرٍ وأُجارِدٍ وهما مَوْضعانِ فعَسَى أَن يكون أُدَابِرٌ مَوْضِعاً . وذَكَر الأَزْهَرِيّ أُخَايِل وهو المُخْتَالُ وهو أَحَدُ النَّظائر التِّسْعَةِ التي نَبَّهْنا عليها في جرد وبتر . في الصّحاح : الدَّبِيرُ : ما أَدْبَرَتْ به المَرْأَةُ من غَزْلِها حينَ تَفْتلُه وبه فُسِّرَ : فُلانٌ ما يَعْرِف دَبِيرَه مِن قَبِيلِه قال يَعْقُوب : القبيل : ما أَقْبلتَ به إلى صَدْرِك والدَّبِيرُ : مَا أَدْبَرْتَ به عن صَدْرِك يقال : فُلانٌ ما يَعْرِف قَبِيلاً من دَبِير . وهو مَجَاز
يقال : هو مُقَابَلٌ ومُدابَرٌ أَي مَحْضٌ مِنْ أَبَوَيْهِ كَريمُ الطَّرَفَيْن وهو مَجَاز قال الأَصمَعِيّ : وأَصلُه من الإقْبالَةِ والإدْبَارَةِ وهو شَقٌّ في الأُذُن ثم يُفْتَلُ ذلك فإنْ - وفي اللسان : فإذا - أُقْبِلَ بِهِ فَهو إِقْبَالَةٌ وإن - وفي اللِّسَان : وإذا - أُدْبِرَ بِهِ فإِدْبَارَةٌ . والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ مِن الأُذُنِ هي الإِقبالَةُ : والإِدْبَارَةُ كأَنَّهَا زَنَمَةٌ . والشّاةُ مُقَابَلَةٌ ومُدَابَرَةٌ وقد دابَرْتُها - والَّذي في اللسان : وقد أَدْبَرْتُها - وقَابَلْتُها . والّذِي عند المُصَنِّف أَصْوَبُونَاقَةٌ ذاتُ إِقْبَالَةٍ وإِدبارَةٍ وناقةٌ مُقَابَلَةٌ مُدَابَرَةٌ أَي كَريمةُ الطَّرفَيْنِ من قِبَلِ أَبِيهَا وأُمِّهَا وفي الحَدِيث " أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بمُقَابَلَةٍ أَو مُدَابَرَة " . قال الأَصمَعِيّ : المُقَابَلَة : أَن يُقْطَع من طََف أُذُنِهَا شَيْءٌ ثمّ يُتْرَك مُعَلَّقاً لا يَبِينُ كأَنَّه زَنَمةٌ ويقال لِمِثل ذلك من الإِبلِ : المُزَنَّمُ ويُسَمَّى ذلك المُعَلَّقُ : الرَّعْلَ والمُدَابَرَةُ : أَن يُفْعَل ذلك بمُؤَخَّرِ الأُذُنِ من الشّاةِ . قال الأَصمَعِيّ وكذلك أَن بان ذِلك من الأُذُن فيه مُقَابَلَة ومُدَابَرة بعد أَن كان قُطِعَ . وِدُبَارٌ كُغَرابٍ وكِتَابٍ : يَومُ الأَربعاءِ . وفي كِتَاب العَيْن للخَلِيل ابنِ أَحْمَد : ليلَتُه ورَجَّحَه بَعْضُ الأَئِمَّة عاِديَّة من أَسمائهم القديمةِ . وقال كُرَاع : جاهِلِيةَّ وأَنشد :
أُرَجِّى أَن أَعِيَش وأَنَّ يَوِمى ... بِأَوّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبَار
أَو التّالي دُبَارِ فإِن أَفُتْه ... فمُؤنْسِ أو عَرُوبَةَ أَو شِيَارِ أَوَّلٌ : الأَحَد وشِيَارٌ : السَّبْت . وكلّ منها مَذْكُور في مَوْضِعه
الدِّبَارُ : بالكَسْرِ : المُعَادَاةُ من خَلْفٍ كالمُدابَرَةِ يقال : دَابَرَ فلانٌ فُلاناً مُدَابَرةً ودبِاراً : عَادَاه وقَاطَعَه وأَعَرضَ عنه . والدِّبَارُ : السَّواِقي بَيْنَ الزُّرُوعِ واحدتها دَبْرةٌ وقد تقدّم . قال بِشْرُ بنُ أَبِي خازِم :
تَحَدَّرَ ماءُ البِئْر عن جُرَشِيَّة ... على جِرْبةٍ تَعلُو الدِّبَارَ غُرُوبُهَا وقد يُجْمَع الدِّبَار على دِبَاراتٍ وتقدّم ذِلك في أَوّل المَادّةِ . والدِّبَار : الوَقَائِعُ والهَزَائِمُ جمْعُ دَبْرة . يقال : أَوْقَعَ اللهُ بهم الدِّبَارَ وقد تقدّم أَيضاً . قال الأَصمَعِيّ : الدَّبَارُ بالفَتْحِ : الهَلاَكُ مثل الدَّمَار . وزادَ المصنِّف في البَصائر : الّذِي يَقْطَع دابِرَهم ودَبَرَ القَوْمُ يَدْبُرُون دبَاراً : هَلَكُوا ويقال : عَلَيْهِ الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذَا دَعَوْا عَلَيْه بأَن يَدْبُرَ فلا يَرْجع ومثله : عَلَيْهِ العَفَاءُ أَي الدَّرُوسُ والهَلاكُ . والتَّدْبِيرُ : النَّظَرُ في عاقِبَةِ الأَمْر أَي إلى ما يَؤُول إلِيه عاِقَبُته كالتَّدَبُّير وقيل : التَّدَبُّر التَّفكُّر أَي تَحْصِيل المَعْرِفَتَيْنِ لتَحْصِيل مَعْرِفةٍ ثالثة ويقال عَرَف الأَمرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ . قال جَرِير :
ولا تَتَّقُون الشَّرَّ حتَّى يُصِيبَكُمْ ... ولا تَعْرِفون الأَمرَ إلاَّ تَدَبُّرَا وقال أَكَثمُ بن صَيْفِيّ لبَنِيه : يا بَنِيّ لا تَتَدَبَّروا أَعْجازَ أُمُورٍ قد وَلَّتْ صُدُورُها . التَّدْبِير : عِتْقُ العَبْدِ عَنْ دُبُرٍ هو أَن يَقُول له : أنت حُرٌّ بعد مَوْتِي وهو مُدَبَّر ودَبَّرْتُ العَبْدَ إِذَا عَلَّقْتَ عِتْقَه بمَوْتِك . التَّدْبِير : رِوَايَةُ الحَدِيث ونَقْلُه عن غَيْرِك هكذا رواه أَصْحَابُ أَبِي عُبَيْد عَنْه وقد تَقَدَّم ذلك . وتَدَابَرُوا : تَعَاوَدْا وتَقاطَعُوا . وقِيلَ : لا يَكُون ذلِك إلاّ في بَنِى الأَبِ وفي الحَدِيث " لا تَدَابَرُوا ولا تَقاطَعُوا " قال أَبو عُبَيْد : التَّدَابُر : المُصَارَمَة والهِجْرَانُ مأْخُوذٌ من أَن يُوَلِّىَ الرجلُ صاحبَه دُبُرَه وقَفَاه ويُعِرضَ عنه بوَجْهه ويَهْجُرَه وأنشد :
" أَأَوْصَى أَبُو قَيْسٍ بأَنْ تَتَواَصُلواوأَوْصَى أَبُوكُم وَيْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا وقيل في معنَى الحَدِيث : لا يَذْكُرْ أَحَدُكم صاحِبَه من خَلْفِه . واسْتَدَْبَر : ضِدُّ استَقْبَلَ يقال استَدْبَرَه فَرَمَاه أَي أَتَاه من وَرائِه . واستدَبَر الأَمْرَ : رَأَى في عاقِبَتِه ما لَمْ يَرَ في صَدْرِهِ . ويقال : أَن فُلاناً لو استَقْبَلَ من أَمْرِه ما استَدْبَره لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لو عَلِمَ في بَدْءِ أَمِره ما علِمَه في آخِرِه لاسْتَرْشَدَ لأَمْره
اسَتْدَبَر : اسَتْأَثَر وأنشد أبو عُبَيْدةَ للأَعْشَى يَصِف الخَمْر :
تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسَتْدِبرٍ ... علَى الشَّرْبِ أو مُنْكِرٍ ما عُلِمْقال : أَي غير مُستَأْثِر وإِنما قيلَ للمُسْتَأْثِر مُسْتَدبِر لأَنَّه إِذَا استأْثَر بشُرْبها استَدْبَر عنهم ولم يَسْتَقْبِلهم لأَنَّه يَشرَبُها دُونَهُم ويُوَلِّى عنهم . في الكتَاب العَزِيز " أَفَلَم يَدَّبَّرُوا القَوْلَ " أَي أَلم يَتَفَهَّموا ما خُوطِبُوا به في القُرآن " وكذلك قوله تعالى " أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ " أَي أَفَلاَ يَتَفَكَّرُون فيَعتبِروا فالتَّدبُّر هو التَّفَكُّر والتَّفَهُّم وقوله تعالى " فالمُدَبِّرَاتِ أَمْراً " يَعِنى ملائِكَةً مُوَكَّلَةً بتَدْبِير أُمورٍ . ودُبَيْر كزُبَيْر : أَبو قَبِيلَة من أَسَدٍ وهو دُبَيْر بن مالِك بنِ عَمْرو بن قُعَيْن ابن الحارِث بن ثَعْلَبَة بنِ دُودَانَ بْنِ أسدٍ واسمه كَعْب وإِليه يَرْجِع كُلُّ دُبَيْريّ وفيهم كَثْرةٌ دُبَيْر : اسْمُ حِمَارٍ . دُبَيْرَةُ بِهاءٍ : ة بالبَحْرَين لبَنِي عَبْدِ القَيْس . وذَاتُ الدَّبْر بفتح فسكون : ثَنِيَّةٌ لِهُذَيْل قال ابنُ الأَعرابيِّ وقد صَحَّفه الأَصمَعِيّ فقال : ذات الدَّيْر قال أبو ذُؤَيب :
بأَسْفلِ ذاتِ الدَّبْرِ أُفرِدَ خِشْفها ... وقد طُرِدَت يَوْمَيْنِ فهْيَ خَلُوجُ ودَبْرٌ بفتح فسكون : جَبَلٌ بَينَ تَيْمَاءَ وجَبَلَىْ طَيِّئ . ودَبِيرٌ كأَمِيرٍ : ة بنَيْسَابُورَ على فَرْسَخ مِنهَا أبو عبد الله مُحَمَّد بن عبدِ اللهِ بن يُوسفَ بن خُرْشِيد الدَّبِيْرِيّ ويقال الدَّوِيرِيّ أَيضاً وذكره المُصنّف في دار وسيأْتي وهنا ذَكَره السَّمْعَانيّ وغيره رَحَل إلى بَلْخَ ومَرْو وكتَبَ عن جماعةٍ وستأْتي ترجمته . دَبِير : جَدُّ مُحَمَّد بن سُليمانَ القَطَّانِ المحدِّثِ البَصْرِيّ عن عَبدِ الرَّحمن بنِ يُونس السَّرّاج تُوفِّيَ بعد الثلاثمائة وكان ضَعِيفاً في الحَدِيث . ودَبِيرَا : ة بالعِراقِ من سَوادِه نقله الصّغانِيّ . دَبَرُ كجَبَل . ة باليَمَنِ من قُرَى صَنْعَاءَ منها أَبو يَعْقُوب إسحاقُ بن إبراهِيمَ بن عبَّادٍ المحدِّثُ راوِى كُتُب عبد الرزّاق بن هَمَّام روى عنه أبو عَوانَةَ الأَسْفَرَاينيّ الحافظ وأبو القَاسم الطَّبَرانّي وخَيْثَمَة بنُ سَلْمَان الأَطْرابُلُسّي وغَيْرُهم . والأَدْبَرُ : لقَبُ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ الكِنْدِىّ نُبِزَ به لأَن السِّلاح أَدْبَرَت ظَهَرْه وقيلَ : لأَنّه طُعِنَ مُوَلِّياً قاله أبو عَمْرو . وقال غيرُه : الأَدْبَرُ : لَقَبُ أَبِيه عَدِيٍّ وقد تقدّم الاخْتِلاف في ح ج ر فراجِعْه
الأَدْبَر أيضاً : لَقَبُ جَبَلَةَ بن قَيْسٍ الكِنْدِيّ قِيلَ إنه أَي هذا الأَخير صَحَابيّ ويقال هو جَبَلَةُ ابنُ أَبي كَرِبِ بنِ قَيْسٍ . له وِفَادَةٌ قاله أَبو موسَى . قُلْت : وهو جَدُّ هانِئِ بْنِ عَدِيِّ ابن الأَدْبر . دُبَيْرٌ كَزُبَيْر : لَقَبُ كَعْبِ ابن عَمْرِو بن قُعَيْن بن الحَارث بن ثَعْلَبَةَ بن دُودَانَ بن أَسَد الأَسَدِيِّ لأَنه دبُرِ َمن حَمْل السِّلاح وقال أَحمدُ بنُ الحباب الحِمْيَريّ النَّسّابة : حَمَلَ شيئاً فَدبَرَ ظَهْرَه . وفي الروض أَنه تَصْغِير أَدبَر على التَّرخِيم ولا يَخْفَى أنه بعَيْنه الذي تقدَّم ذِكْرُه وأَنه أَبو قَبِيلَةٍ من أَسد فلو صَرَّحَ بذلِك كان أحَسنَ كما هو ظاهرٌ . والأُدَيْبِرُ مُصَغَّراً : دُوَيْبَّة وقيل : ضَرْبٌ مِنَ الحَيَّاتِ . ويقال : لَيْسَ هُوَ من شَرْجِ فُلان ولا دَبُّوِرِهِ أَي من ضَرْبِه وزِيِّهِ وشَكْلِه . ودَبُّورِيَةُ : د قُربَ طَبَرِيَّةَ وفي التَّكْمِلَة : من قُرَى طَبَرِيَّةَ وهي بتَخْفِيف الياءِ التحتيةّ
ومما يستدرك عليه :دَابِرُالقَوْمِ : آخِرُ مَنْ يَبْقَى منهم ويَجِيئُ في آخِرِهم كالدَّابِرَة وفي الحَدِيث : " أَيُّمَا مُسْلِمٍ خَلَفَ غازِياً في دابَِته : أَي مَنْ يَبْقَى بعدَه . وعَقِبُ الرَّجُلِ : دابِرُه . ودَبَرَه : بَقِىَ بَعْدَه . ودابِرةُ الطّائر : الإِصْبَعُ الَّتي من وَراءِ رِجْله وبها يَضرِب البازِي يقال : ضَرَبَه الجارِحُ بدَابِرَتِه والجوارِحُ بدُوابِرِها والدّابِرة للدِّيك : أسَفْل ُمن الصِّيصِيَة يَطَأُ بها . وجاءَ دَبَرِيّاً أَي أخيراً والعِلْم قَبلِىّ وليس بالدَّبَرِيّ قال أبو العَبَّاس : معناه أَن العالم المُتْقِنَ يُجِيبُك سَرِيعاً والمُتَخَلِّف يقول : لي فيها نَظَرٌ : وتَبِعْتُ صاحبِي دَبَرِياً إِذَا كنتَ معه فتَخَلَّفْت عنه ثم تَبِعْتَه وأنتَ تَحْذَر أَن يَفُوتَك كذا في المحكم . والمَدْبَرَة بالفَتْح : الِإْدبار . أَنشدَ ثَعْلبٌ :
هذا يُصَادِيك إِقبَالاً بمَدْبَرَةٍ ... وذَا يُنَادِيك إدْبَاراً بإْدبارِ وأَمْسِ الدَّابِرُ : الذّاهِبُ الماضي لا يَرْجِع أَبداً . وقالوا : مَضَى أَمْسِ الدّابِرُ وأَمْسِ المُدْبِرُ وهذا من التَّطوّع المُشَام للتَّوكيد لَأن اليوم إِذَا قيل فيه أَمْسِ فمعلوم أَنَّه دَبَرَ لكنه أَكَّده بقوله : الدَّابِر قال الشاعر :
وأَبِى الَّذي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهمْ ... بصُهَابَ هامِدَةً كأَمْسِ الدَّابِرِ وقال صَخْرُ بن عَمْرِو بن الشَّرِيد السُّلَمِيّ :
ولقدْ قَتَلْتكُمُ ثُنَاءَ ومَوْحَداً ... وتَرَكْتُ مُرَّة مِثْلَ أَمسِ المُدْبِرِ ورجل خاسِرٌ دَابِرٌ إتْبَاعٌ . ويقال : خاسِرٌ دامِرٌ على البَدَل وِإن لم يَلْزم أَن يكون بَدَلاً وسيأتي . وقال الأَصمَعِيّ : المُدابِرُ : المُوَلِّى المُعْرِض عن صاحِبِه . ويقال : قَبَحَ اللهُ ما قَبَلَ منه وما دَبَرَ . والدّلْوُ بَينَ قابِلٍ ودابِرٍ : بين مَنْ يُقبِل بها إلى البِئْر ومَنْ يُدْبِر بها إلى الحَوْض . ومالَهُم من مُقْبَلٍ و مُدْبَرٍ أَي من مَذْهِب في إِقبال ولا إدبار . وأَمْرُ فُلانٍ إلى إقبالٍ وإلى إدبارٍ . وعن ابْنِ الأَعرابيِّ : دَبَرَ : رَدَّ ودَبَرَ : تأَخَّر
وقالوا : إِذَا رأَيتَ الثُّريَّا تُدْبِر فشَهْرُ نَتَاجٍ وشَهْرُ مَطَرٍ . وفلان مُسْتَدْبَرُ المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كَريم أَوّل مَجْدِهِ وآخِره وهو مَجَاز . ودَابَر رَحِمَه : قَطَعها . والمُدَابَرُ من المَناِزل خِلاُف المُقَابَلِ . وأَدْبَرَالقَوْمُ إِذَا وَلَّى أَمرُهُم إلى آخِرِه فلم يَبْقَ منهم باقِيَةٌ . ومن المَجَاز : جَعَلَه دَبْرَ أُذُنِه إِذَا أَعْرضَ عنه ووَلَّى دُبُرَه : انهزمَ . وكانت الدَّبْرةُ له : انْهزمَ قِرْنُه وكانت الدَّبْرَة عليه : انهزمَ هو وََلّوا دُبُرَهم مُنْهَزِمين ودَبَرَتْ له الرِّيحُ بعد ما قَبَلَتْ ودََر بعد إِقبال وتقول : عَصَفَت دَبُورُه وسَقَطت عَبُورُه وكلّ ذلك مَجَاز . وكَفْر دَبُّور كتنَوّر : قرَية بمصر . والدَّيْبور : موضع في شعر أبي عباد ذكره البَكْرِيّ . ودَبْرَةُ بفتح فسكون ناحيةٌ شاميّة
النَّفْسُ : الرُّوحُ وسَيَأْتِي الكلامُ عليها قَريباً . وقال أَبو إِسحَاقَ : النَّفْسُ في كلامِ العَرَبِ يَجْرِي على ضَرْبَيْن : أَحَدُهما قولُك : خَرَجَتْ نَفْسُه أَي رُوحُه والضَّرْبُ الثانِي : مَعْنَى النَّفْسِ فيه جُملةُ الشْيءِ وحقِيقتُه كما سَيَأْتِي في كَلاَمِ المصنِّف وعلى الأَوّلِ قالَ أَبو خِراشٍ :
نَجَا سالِمٌ والنفْسُ مِنْهُ بشِدْقِهِ ... ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرَاً
أَي بِجَفْنِ سَيْفٍ ومِئْزَرٍ كذا في الصّحاحِ قال الصّاغَانِيُّ : ولم أَجِدْه في شِعْر أَبي خِراشٍ . قلتُ : قال ابنُ بَرِّيّ : إعْتَبَرْتُه في أَشْعَارِ هُذَيْلٍ فوَجَدْتُه لحُذَيفَةَ بنِ أَنَسٍ وليسَ لأَبِي خِراشٍ والمَعْنَى : لم يَنْجُ سالِمٌ إِلاّ بجَفْنِ سَيْفه ومِئْزَرِه وانْتِصَابُ الجَفْنِ على الإسْتِثْنَاءِ المنْقَطِع أَي لم يَنْجُ سالمٌ إِلاّ جَفْنَ سَيْفٍ وجَفْنُ السَّيْفِ مُنْقَطِعٌ منه . ومِن المجاز : النَّفْسُ : الدَّمُ يقال : سالَتْ نَفْسُه كما في الصّحاحِ وفي الأَسَاس : دَفَق نَفْسَه أَي دَمَه . وفي الحَدِيث : ما لا نَفْسَ لَهُ وَقَع في أُصُولِ الصّحاحِ : ما لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ فإِنّه لا يُنَجِّسُ المَاءَ إِذا مَاتَ فيه . قلت : وهذا الِّذي في الصّحاحِ مُخَالِفٌ لِمَا في كُتُبِ الحَدَيثِ وفي رَوَايَةِ أُخْرَى : مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ ورُويَ عن النَّخَعِيّ أَنّه قال : كُلُّ شّيْءٍ له نَفْسٌ سائِلَةٌ فماتَ في الإِنَاءِ فإِنّه يُنَجِّسُه وفي النِّهَايَةِ عنه : كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فإِنه لا يُنَجِّسُ الماءَ إِذا سَقَطَ فيه أَي دَمٌ سائِلٌ ولذَا قالَ بعضُ مَن كَتَبَ على الصِّحّاحِ : هذا الحَدِيثُ لم يَثْبُتْ قال ابنُ بَرِّيّ : وإِنّمّا شاهِدُه قولُ السَّمَوْأَلِ :
تَسِيلُ عَلى حَدِّ الظُّبَاةِ نُفُوسُنَا ... ولَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّباة تَسِيلُ قال وإِنّمَا سُمِّيَ الدَّمُ نَفْساً لأَنّ النَّفْسَ تَخْرُج بخُرُوجِه . والنَّفْسُ : الجَسَدُ وهو مَجَازٌ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ يُحَرِّضُ عَمْرو بنَ هِنْدٍ عَلى بَنِي حَنِيفَةَ وهم قَتَلَةُ أَبيه المُنْذِر بنِ ماءِ السماءِ يومَ عَيْنِ أَبَاغٍ ويزْعُم أَن عَمْروَ بن شَمِرَ الحَنَفِيّ قَتَله :
نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا ... أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِفَلَبِئْسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمْروٍ رَهْطَهُ شَمِرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ والتامُورُ : الدّمُ أَي حَمَلُوا دَمَه إِلى أَبْيَاتِهِم . والنَّفْسٌ : العَيْنُ التي تُصِيبُ المَعِينَ وهو مَجَازٌ . ويُقَال : نَفَسْتُه بنَفْسٍ أَي أَصّبْتُه بِعَيْنٍ وأَصابَتْ فُلاناً نَفْسٌ أَي عَيْنٌ وفي الحَديث عن أَنَسٍ رَفَعَهُ : أَنَّه نَهَى عَنِ الرُّقْيَةِ إِلاّ فِي النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنِّفْسِ أَي العَيْنِ والجَمْعُ أَنْفُسٌ ومنه الحديث : أَنه مَسَح بَطْنَ رافِعٍ فأَلْقَى شَحْمَةً خَضْرَاءَ فقال : إِنه كانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ يريدِ عُيُونَهُم . ورَجُلٌ نافِسٌ : عائِنٌ وهو مَنْفُوسٌ : مَعْيُونُ . والنَّفْسُ : العِنْدُ وشَاهِدُه قولُه تعالَى حِكَايَةً عن عِيسَى عَليه وعلى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ " أَي تَعْلَمُ ما عِنْدِي ولا أَعْلَمُ ما عِنْدَكَ ولكن يَتَعَيَّن أَنْ تَكُونَ الظَّرفِيَّةُ حِينَئذٍ ظرفيَّةَ مَكَانَةٍ لا مَكَانٍ أَو حَقِيقَتي وحَقِيقَتَكَ قال ابنُ سِيْدَه : أَي لا أَعْلَمُ ما حَقِيقَتُك ولا ما عِنْدَك عِلْمُه فالتَّأْوِيلُ : تَعْلَمُ ما أَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ ما تَعْلَمُ والأَجْوَدُ في ذِلك قولُ ابنِ الأَنْبَارِيّ : إِنَّ النَّفْسَ هنا الغَيْبُ أَي تَعْلَمُ غَيْبي لأَنَّ النَّفْسَ لمّا كانتْ غائِبَةً أُوقِعَتْ على الغَيْبِ ويَشْهدُ بصِحَّتِه قولُه في آخرِ الآيَة " إِنَّك أَنْت عَلاَّمُ الغُيُوبِ " كأَنّه قال : تعْلمُ غيْبِي يا عَلاَّم الغُيُوبِ . وقال أَبو إِسْحاق : وقدْ يُطْلَقُ ويُرَادُ به جُمْلةُ الشَّيْءِ وحَقِيقتُه يُقال : قَتلَ فُلانٌ نَفْسَه وأَهْلكَ نَفْسَه : أَي أَوْقَعَ الهَلاَكَ بذَاتِه كُلِّهَا وحَقِيقَتِه . قلتُ : ومنه أَيضاً ما حكاهُ سِيبُوَيْهِ من قَولِهِمْ : نَزَلْتُ بَنَفْسِ الجبَلِ ونَفْسُ الجَبَلِ مُقَابِلِي . والنَّفْسُ : عَيْنُ الشَّيْءِ وكُنْهُه وجَوْهَرُه يُؤَكَّدُ به يُقَالُ : جَاءَنِي المَلِكُ بِنَفْسِه ورأَيْتُ فلاناً نَفْسَه . وقَوْله تَعَالى : " الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِهَا " رُوِيَ عنِ ابنِ عَبّاس رضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قالَ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ العَقْلِ الذي يكونُ به التَّمْيِيزُ والأَخْرى نَفْسُ الرُّوحِ الَّذي به الحَيَاةُ . وقال ابن الأَنباريّ : من اللُّغَويِّينَ مَن سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ وقَالَ : هما شَيْءٌ وَاحِدٌ إِلاّ أَن النفْسَ مؤنثَةٌ والرُّوحَ مُذكَّرَةٌ وقال غيرُهُ : الرُّوحُ الّذي به الحَيَاةُ والنَّفْسُ : التي بها العَقْلُ فإِذا نامَ النائمُ قَبَضَ اللهُ نَفْسَه ولم يَقْبِضْ رُوحَه ولا تُقْبَضُ الرُّوحَ إِلاّ عنَدِ المَوْت قال : وسُمِّيَت النَّفْسُ نَفْساً لتَوَلُّد النَّفْس منها وإتّصَاله بها كما سَمَّوَا الرُّوحَ رُوحاً لأَنَّ الرُّوْحَ مَوجُودٌ به . وقالَ الزَّجَّاجُ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ التِّمْييز وهي الّتي تُفَارِقُه إِذا نامَ فلا يَعْقِلُ بهَايَتَوَفَّاهَا الله تَعَالَى والأُخْرَى : نَفْسُ الحَيَاة وإِذَا زَالَت زالَ مَعَهَا النَّفِسُ والنَّائمَ يَتَنَفَّسُ قال : وهذا الفَرْقُ بينَ تَوفِّي نَفْسِ النائِم في النَّوْم وتَوَفِّي نَفْسِ الحَيِّ . قال : ونَفْسُ الحَيَاة هي الرُّوحُ وحَرَكَةُ الإِنْسَان ونُمُوُّه يكون به . وقال السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : كَثُرت الأَقَاويلُ في النَّفْس والرُّوح هل هُمَا وَاحِدٌ ؟ أَو النَّفْسُ غيرُ الرُّوح ؟ وتَعَلَّقَ قومٌ بظَوَاهرَ من الأَحاديثِ تدُلُّ على أَنَّ الرُّوحَ هي النَّفْسُ كقول بلالٍ أَخَذَ بِنَفْسِك مع قولهِ صَلَّى الله عليه وسَلَّم : " إِنّ الله قَبضَ أَرْوَاحَنا " وقولِه تعالَى : : الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ " والمَقْبُوضُ هو الرُّوحُ ولم يَفَرِّقُوا بَيْنَ القَبْضِ والتَّوَفِّي وأَلْفَاظُ الحَدِيثِ مُحْتَملَةُ التَّأْويلِ ومَجَازَاتُ العَرَبِ وإتِّسَاعاتُها كَثِرَةٌ : والحَقُّ أَنَّ بَيْنَهما فَرْقاً ولو كانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنىً وَاحِدْ كاللَّيْثِ والأَسَدِ لَصَحَّ وُقُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهما مكانَ صاحِبِه كقوله تعالى : " ونَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوِحِي " ولم يَقْلْ : مِن نَفْسِي . وقوله : " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي " ولم يَقُلْ : ما فِي رُوحي . ولا يَحْسُنُ هذا القَولُ أَيضاً مِن غيرِ عِيسَى عليه السَّلامُ . " ويَقُولُونَ في أَنْفُسهمْ " ولاَ يَحْسَن في الكلام : يَقُولُون في أَرْوَاحهم . وقال : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ " ولم يقَل : أَنْ تَقُولَ رُوحٌ ولا يَقُولُه أَيْضاً عَرَبيٌّ فَأَيْنَ الفَرَقُ إِذا كَانَ النَّفْسُ والروَّحُ بمَعْنىً وَاحدٍ ؟ وإِنّمَا الفَرْقُ بينَهما بالإعْتبَارَاتِ ويَدُلُّ لذلك ما رَوَاهُ ابنُ عَبْد البَرِّ في التَّمْهِدِ الحَديث : إِن اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وجَعَلَ فِيه نَفْساً ورُوحاً فمن الرُّوحِ عَفَافُه وفَهْمُه وحِلْمُه وسَخاؤُه ووَفَاؤُه ومِن النَّفْسِ شَهْوَتُه وطَيْشُه وسَفَهُه وغَضَبُه فلا يُقَالُ في النَّفْسِ هي الرُّوحَ عَلى الإِطْلاق حَتَّى يُقَيَّدَ ولا يُقَال في الرُّوحِ هي النَّفْسُ إِلاّ كما يُقَالُ في المَنِيِّ هو الإِنْسَانُ أَو كما يُقَالُ للمَاءِ المُغَذِّي لِلكَرْمَةِ هو الخَمْرُ أَو الخَلُّ على معنَى أَنه سيُضَافُ إِليه أَوصَافٌ يُسَمَّى بها خَلاًّ أَو خَمْراً فتَقَيُّدُ الأَلْفَاظِ هو مَعْنَى الكلامِ وتَنْزِيلُ كُلِّ لَفْظٍ في مَوْضِعه هو مَعْنَى البَلاغةِ إِلى آخِر ما ذَكرُه . وهو نَفِيسٌ جداً وقد نَقَلْتُه بالإخْتصَار في هذا المَوْضع لأَنّ التَّطْويِلَ كَلَّتْ منه الهِمَمُ لاسَّيمَا في زَماننا هذا . والنَّفْسُ : قَدْرُ دَبْغَةٍ وعَلَيْه اقتصر الجَوْهَرِيُّ وزاد غيرُه : أَو دَبْغَتَيْن . والَّدِبْغَةُ بكسر الدال وفتحها ممَّا يُدْبَغُ به الأَديمُ من قَرَظٍ وغيره يُقَال : هَبْ لي نَفْساً مِن دِبَاغٍ قال الشَّاعِرُ :
" أَتَجْعَلُ النَّفْسَ الَّتِي تُدِيرُ
" فِي جِلْدِ شاةٍ ثُمَّ لا تَسِيرُ قال الجَوْهَرِيُّ : قال الأَصْمَعِيُّ : بَعثَت امرأَةٌ مِن العربِ بِنْتاً لها إِلى جارَتِهَا فقالت لها : تقولُ لك أُمِّي : أَعْطِينِي نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بِه مَنِيئَتي فإِنِّي أَفِدَةٌ . أَي مُسْتَعْجِلَةٌ لا أَتفرَّغُ لإتِّخاذِ الدِّباغِ مِن السُّرْعَةِ . انتَهَى . أَرَادَتْ : قَدْرَ دَبْغَة أَو دَبْغَتَيْن من القَرَظ الّذِي يُدْبَغُ به . المَنِيئَةُ : المَدْبَغَةُ وهي الجُلُودُ الّتِي تُجْعَلُ في الدِّباغ . وقيل : النَّفْسُ مِن الدِّباغِ : مِلْءُ الكَفِّ والجَمْعُ : أَنْفُسٌ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ بِهِ ... عَلَى المَاءِ إِحْدَى اليّعْمَلاتِ العَرامِسِيَعْنِي الوَطْبَ مِن اللبَنِ الذِي طُبَخَ بهذا القَدْرِ مِن الدِّبَاغِ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : النَّفْسُ : العَظَمَةُ والكِبْرُ والنَّفْسُ : العِزَّةُ . والنَّفْسُ : الأَنْفَةُ . والنَّفْسُ : العَيْبُ هكذا في النُّسخِ بالعَيْنِ المُهْمَلَة وصَوَابُه بالغَيْنِ المُعْجَمَةُ وبه فَسَّر ابْنُ الأَنْبَارِيّ قوله تعالَى : " تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي " الآيَةَ وسَبَقَ الكلامُ عليه . والنَّفْسُ : الإِرادَةُ . والنَّفْسُ : العُقُوبَةُ قيل : ومنه قولُه تَعَالَى : " وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ " أَي عُقُوبَتَه وقال غيرُه : أَي يُحَذِّرُكم إِيّاه . وقد تَحَصَّل مِن كلامِ المصنِّف رحمَه الله تعالى خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنىً للنَّفْسِ وهي : الرُّوح 1 ، والدَّمُ 2 ، والجَسَدُ 3 ، والعَيْنُ 4 ، والعِنْدُ 5 ، والحَقِيقَةُ 6 ، وعَيْنُ الشَّيْءِ 7 ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ 8 ، والعَظَمَةُ 9 ، والعِزَّةُ 10 ، والهِمَّةُ 11 ، والأَنَفَةُ 12 ، والغَيْبُ 13 ، والإِرادَةُ 14 ، والعُقُوبةُ 15 ، ذَكر منها الجَوْهَرِيُّ : الأَوّلَ والثّانِي والثالثَ والرّابِعَ والسابِعَ والثامنَ وما زدْناه على المُصَنِّف رحِمَه الله فسيأْتي ذِكْرُه فيما اسْتُدْرِك عليه . وجَمْعُ الكُلِّ : أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ . والنَّفَسُ بالتَّحْرِيك : وَاحِدُ الأَنْفَاسِ وهو خُرُوجُ الرِّيحِ من الأَنْفِ والفَمِ ويُرَادُ به السَّعَةُ يُقَال : أَنتَ في نَفَسٍ مِن أَمْرِك أَي سَعَةٍ قاله الجَوْهَرِيُّ وهو مَجازٌ وقال اللِّحْيَانِيُّ : إِنَّ في الماءِ نَفَساً لِي ولَكَ وأَي مُتَّسَعاً وفَضْلاً . ويُقَال : بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَفَسٌ أَي مُتَّسَعٌ . والنَّفَسُ أَيضاً : الفُسْحَةُ فِي الأَمْرِ يقال : إعْمَلْ وأَنْتَ في نَفَسٍ أَي فُسْحَةٍ وسَعَةٍ قَبْلَ الهَرَمِ والأَمْرَاضِ والحَوَادِثِ والآفاتِ . وفِي الصّحاح : النَّفَسُ : الجَرْعَةُ يُقَال : اكْرَعْ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ أَي جُرْعَةً أَو جُرْعَتَيْنِ ولا تَزِدْ عليه . والجَمْع : أَنْفَاسٌ كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ قال جَرِيرٌ :
تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنِيهَا ... بأَنْفَاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِإنتَهَى . قال مُحَمدُ بن المُكَرّم : وفي هذا القَوْل نَظَرٌ . وذلك لأَن النَّفسَ الوَاحدَ يَجْرَع فيه الإِنْسَان عِدَّةَ جُرَعٍ يَزيدُ ويَنْقصُ علَى مقْدَار طُولِ نَفَسِ الشّارب وقَصِره حتّى إِنّا نَرَى الإِنْسَانَ يَشربُ الإِنَاءِ الكَبِيرَ في نَفَسٍ وَاحِدٍ على عِدَّةِ جُرَعٍ . ويُقَال : فُلانٌ شَرِبَ الإِنَاءَ كُلَّه عَلَى نَفَسٍ وَاحدٍ . والله تَعَالَى أَعْلَم . وعن ابن الأَعْرَابِيِّ : النَّفَسُ الرِّيّ وسيأْتي أَيْضاً قريباً . والنَّفَسُ : الطَّويل من الكَلام وقد تَنَفَّسَ . ومنه حديث عَمّارٍ : لقد أَبْلَغْتَ وأَوْجَزْتَ فلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ أَي أَطَلْت . وأَصْله : أَنَّ المَتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ إستأْنَفَ القَوْل وسَهُلَت عليه الإِطالَة . وقال أَبُو زَيْدٍ : كَتَبْت كِتَاباً نَفَساً أَي طِويلاً . وفي قَوْله صلَّى الله تعالَى عليه وسلم : ولاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ الوَاو زائدة وليست في لَفْظ الحَديث فإِنَّهَا منْ نَفَسِ الرحْمن . وكذا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : " أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكمْ " وفي رِوايَة : نَفَسَ الرَّحْمن وفي أَخرَى : إِنّي لأَجدُ منْ قِبَل اليَمَن قَال الأَزْهَريُّ : النَّفَسُ في هذين الحَديثَيْن : اسْمٌ وُضَعَ مَوْضِعَ المَصْدَر الحَقيقيِّ مِن نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفيساً ونَفَساً أَي فَرَّجَ عنه الهَمَّ تَفْريجاً كأَنَّه قال : تَنْفيسَ رَبِّكم من قِبَل اليَمَنِ . وإِنَّ الرِّيحَ مِن تَنْفِيسِ الرَّحْمنِ بها عن المَكْرُوبِينَ فالتَّفْرِيج : مَصْدّرٌ حقيقيّيٌّ والفَرَجُ اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المصدرِ والمَعْنَى : أَنَّهَا أَي الرِّيحُ تُفَرِّجُ الكَرْبَ وتُنْشِيءُ السَّحابَ وتَنْشُرُ الغَيْثَ وتُذْهِبُ الجَدْبَ قال القُتَيْبِيُّ : هَجَمْتُ على وَادٍ خَصِيبٍ وأَهْلُه مُصْفَرَّةٌ أَلوَانُهُم فسأَلْتُهُم عن ذلك فقال شيخٌ منهم : ليسَ لنا رِيحٌ . وقولُه في الحَدِيثِ : مِن قِبَل اليَمَن المُرَادُ واللهُ أَعْلَمُ : مَا تَيَسَّر له صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ منْ أَهْل المَدينَةِ المُشَرَّفَة وهَم يَمَانُونَ يَعْني الأَنْصارَ وهم من الأَزْد والأَزْدُ من اليَمَن من النُّصْرَةِ والإِيواءِ له والتَّأْييد له برِجَالهم وهو مُسْتَعَارٌ من نَفَس الهَوَاءِ الَّذي يُرَدِّدُه المُتَنَفِّسُ إِلى الجَوْف فيُبَرِّدُ من حَرَارتِه ويُعَدِّلُها أَو من نَفَسَ الرِّيح الّذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِحُ إِليه ويُنَفِّس عنه أَو من نَفَس الرَّوْضة وهو طِيبُ رَوائحها فيَنْفَرجُ به عنه . ويقال : شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ : فيه سَعَةٌ ورِيٌّ قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ وقد تقدَّم للمصنِّف ذِكْرُ مَعْنَى السَّعِةِ والرِّيِّ فلو ذَكَرَ هذا القولَ هناك كانَ أَصابَ ولعلَّه أَعادَه ليُطَابقَ مع الكَلام الّذي يَذْكُرُه بَعْدُ وهو قوله : ومِن المَجازِ : يقال شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ أَي كَرِيه الطِّعْمِ آجِنٌ مُتَغَيِّرٌ إِذا ذاقَه ذائِقٌ لم يَتَنَفَّسْ فِيه وإِنَّمَا هي الشَّرْبَةُ الأُولَى قَدْرَ مَا يُمْسِك رَمَقَه ثُمَّ لا يَعُودُ له قال الرَّاعِي ويُرْوَي لأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيَ :
وشَرْبَةٍ مِنْ شَرَابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ ... في كَوْكَبٍ مِن نُجُومِ القَيْظِ وَهّاج
سَقَيْتُهَا صَادِيَاً تَهْوِي مَسامِعُهُ ... قدْ ظَنَّ أَنْ لَيْسَ مِن أَصْحَابِهِ نَاجِي أَي في وَقْتِ كَوْكَبٍ ويُرْوَي : في صَرَّةٍ . والنَّافِسُ : الخَامِسُ مِن سَهَام المَيْسِرِ قال اللِّحْيَانِيُّ : وفيه خَمْسَةُ فُرُوضٍ وله غُنْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِن فازِ وعَلَيْه غُرْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِنْ لم يَفُزْ ويُقَالُ : هُو الرابِعُ وهذا القَوْلُ مَذْكورٌ في الصّحاح والعَجَبُ من المُصَنِّفِ في تَرْكِه . وشَيءٌ نَفِيسٌ ومَنْفُوسٌ ومُنْفِسٌ كمُخْرِجٍ إِذا كانَ يُتَنَافَسُ فيه ويُرْغَبُ إِليه لِخَطَرِه قال جَرِيرٌ :
" لَوْ لَمْ تُرِدْ قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍمِمَّا يُخَالِطُ حَبَّ القَلْبِ مَنْفُوسِ المُطَّرَف : المُسْتَطْرَف . وقال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ رضي الله تَعالَى عنه :لا تَجْزَعِي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... فَإِذَا هَلَكْتُ فعِنْدَ ذلِكَ فاجْزَعِيوقد نَفُسَ ككَرُمَ نَفَاسَةً بالفَتْحِ ونِفَاساً بالكَسْرِ ونَفَساً بالتَّحْرِيك ونُفُوساً بالضّمّ . والنَّفِيسُ : المالُ الكَثِيرُ الّذِي له قَدْرٌ وخَطَرٌ كالمُنْفِسِ قالَه اللِّحْيَانِيُّ وفي الصّحاحِ : يُقَال : لفُلانٍ مُنْفِيٌ ونَفِيسٌ أَي مالٌ كَثِيرٌ . وفي بعض النُّسَخ : مُنْفِسٌ نَفِيسٌ بغير واوٍ . ونَفِسَ به كفَرِحَ عَن فُلانٍ : ضَنَّ عَلَيْه وبه ومنه قَوْلَه تَعَالَى " ومَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسه " والمَصْدَرُ : النَّفَاسَةُ والنَّفَاسِيَةُ الأَخيرَةُ نادرَةٌ . ونَفِسَ عَلَيْه بخَيْرٍ قَليلٍ : حَسَدَ ومنه الحَديثُ : لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ فما نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ . ونَفِسَ عَلَيْه الشَّيْءَ نَفَاسَةً : ضَنَّ به ولم يَرَهُ يَسْتَأْهِلُه أَي أَهْلاً لَهُ ولم تَطِبْ نَفْسُه أَنْ يَصِلَ إِليه . ومِن المَجَازِ : النِّفَاسُ بالكَسْر : وِلاَدَةُ المَرْأَة وفي الصّحاحِ وِلاَدُ المَرْأَةِ مَأْخُوذٌ مِن النَّفْسِ بمَعْنَى الدَّمِ فإِذا وَضَعَتْ فيهي نُفَسَاءُ كالثُّؤَبَاءِ ونَفْسَاءُ بالفَتْح مِثَالُ حَسْنَاءُ ويُحَرِّكُ وقَال ثَعْلِبٌ : النُّفَساءُ : الوَالِدَةُ والحَامِلُ والحَائِضُ و ج نُفَاسٌ ونُفُسٌ كجِيَادٍ ورُخَالٍ نَادِراً أَي بالضّمّ ومِثْل كُتُبٍ بضَمَّتَيْن ومِثْل كُتْبٍ بضمٍّ فسُكُون . ويُجْمَعُ أَيضاً على نفساءَ ونُفَسَاوَاتٍ وامْرَأَتَانِ نُفَسَاوَانِ أَبْدَلُوا من هَمْزَة التّأْنِيثِ وَاواً قال الجَوْهريُّ : ولَيْسَ في الكَلامِ فُعَلاءُ يُجْمَع على فِعَالٍ بالكَسْرِ غَيْرَ نُفَسَاءَ وعُشَراءَ انتهى . وليس لهم فُعَلاَءُ يُجْمَع عَلى فُعَال أَي بالضَّمّ غَيْرَهَا أَي غيرَ النُّفَسَاءِ ولذا حُكِمَ عليه بالنُّدْرَة . وقد نُفِسَتِ المَرْأَةُ كسَمِعَ وعُنِيَ نَفَساً ونَفَاسَةً ونِفَاساً أَي وَلَدَتْ وقال أَبو حَاتِمٍ : ويُقَال : نُفِسَتْ على لم يُسَمَّ فاعِلُه . وحَكَى ثَعْلَبٌ : نُفِسَتْ وَلَداً على فِعْل المَفْعُول والوَالَدُ مُنْفُوسٌ ومنه الحَدِيث : مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ أَي مَوْلُودةٍ وفي حَدِيث ابنِ المُسَيِّبِ : لا يَرِثُ المَنْفُوسُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخاً أَي حَتّى يُسْمَعَ له صَوْتٌ ومنه قَوْلُهم : وَرِثَ فُلانٌ هذا قبل أَن يُنْفَسَ فُلانٌ أَي قبلَ أَن يُولَدَ . ونُفِسَتِ المَرْأَةَ إِذا حَاضَتْ رُوِيَ بالوَجْهَيْن ولكِن الكَسْر فيه أَكْثَرُ وأَمّا قولُ الأَزْهَرِيّ : فأَمّا الحَيْضُ فلا يُقَال فيه إِلاّ نَفِسَتْ بالفَتْح : فالمُرَاد به فَتْحُ النُّونِ لا فَتْحُ العَيْنِ في لماضِي . ونَفِيسُ بنُ مُحَمِّدٍ مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ وقَصْرُه علَى مِيلَيْنِ مِن المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ على ساكنِها أَفْضَلُ الصّلاةِ والسلامِ وقد قدَّمْنا ذِكْرَه في القُصُور . ويقال : لَكَ في هذا الأَمْرِ نُفْسَةٌ بالضّمّ أَي مُهْلَةٌ ومُتَّسَعٌ . ونُفُوسَةُ بالفَتْح : جِبَالٌ بالمَغْرِبِ بَعْدَ إِفريقِيَّةَ عاليةٌ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ في اَقلَّ من ذلِك أَهْلُهَا إِباضِيَّةٌ وطُولُ هذا الجَبَلِ مَسِيرةُ سِتَّةِ أَيامٍ من الشَّرْقِ إِلى الغَربِ وبينَه وبينَ طَرَابُلُسَ ثلاثَةُ أَيّامٍ وإِلى القَيْروَانِ سِتَّةُ أَيّامٍ وفي هذا الجَبلِ نَخْلٌ وزَيْتُونٌ وفَوَاكِهُ وإفْتَتَح عَمْرُو ابن العاصِ رضيَ الله تعالى عنه نَفُوسَةَ وكانُوا نَصَارَى . نَقَلَه ياقُوت . وأَنْفَسهُ الشَّيْءُ : أَعْجَبَهُ بنَفْسَه ورَغَّبَه فيها وقال ابنُ القَطّاعِ : صار نَفِيساً عِنْدَه ومنه حَدِيثُ إِسماعِيلَ عليه السّلاَمُ : أَنَّهُ تَعَلَّم العَرَبَيَّةَ وأَنْفَسَهُم . وأَنْفَسَه في الأَمْرِ : رَغَّبَهُ فيه . ويُقَالُ منه : مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفِسٌ كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ : أَي نَفِيسٌ وقيلَ : كَثِيرٌ وقيل : خَطيرٌ وعَمَّه اللِّحْيَانِيُّ فقال : كُلُّ شيْءٍ له خَطَرٌ فهو نَفِيسٌ ومُنْفِسٌ . ومِن المَجَازِ : تَنَفَّسَ الصُّبْحُ أَي تَبَلَّجَ وامتدَّ حتى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى " والصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ " قال :إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ : إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ :ثَلاَثَةُ أَنْفُسِ وثَلاَثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ جارَ الزَّمَانُ علَى عِيَالِي وقَولُه تعَالَى : " الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " يَعْنَي آدَم وزوجها يعني حَوَّاءَ عليهِمَا السلام . ويقال : ما رأَيتُ ثَمَّ نَفْساً أَي أَحَداً . ونَفَسُ السَّاعَةِ بالتَّحْرِيك : آخِرُ الزَّمَانِ عن كُراع . والمُتّنَفِّسُ : ذو النَّفَسُ ورَجُلٌ ذو نَفس أَي خُلُقٍ . وثَوْبٌ ذو نَفسٍ أَي جَلَدٍ وقُوَّةٍ . والنَّفُوسُ كصَبُورٍ والنَّفْسَانِيُّ : العَيُونُ الحَسُودُ المُتّعَيِّنُ لأَموالِ النَّاسِ لِيُصِيبَها وهو مَجَازٌ وما أَنْفَسَهُ أَي ما أَشَدَّ عَيْنَه هذهِ عن اللِّحْيَانِيّ وما هذا النَّفَسُ ؟ أَي الحَسَدُ وهو مَجَازٌ . والنَّفَسُ : الفَرَجُ مِن الكَرْبِ ونَفَّسَ عنه : فَرَّج عنه ووَسَّع عليه ورَفَّه له وكُلُّ تَرَوُّحٍ بَيْنَ شَرْبَتَيْن : نَفَسٌ . والتَّنَفُّسُ : إستِمْدادُ النَّفَسِ وقد تَنَفَّسَ الرجُلُ وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ . وكُلُّ ذِي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ودَوَابُّ الماءِ لا رِئَاتِ لَهَا . ودَارُكَ أَنْفَسُ مِن دَارِي أَي أَوْسَعُ وهذا الثَّوبُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَعْرَضُ وأَطْوَلُ وأَمْثَلُ . وهذا المكانُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَبْعَدُ وأَوسَعُ . وتَنَفَّس في الكلامِ : أَطالَ وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ : زادَ ماؤُها . وزِدْنِي نَفَساً في أَجَلِي أَي طَوِّلِ الأَجَلَ . عن اللِّحْيَانِيّ وعنه أَيضاً : تَنَفَّسَ النَّهَارُ : إنتصَفَ وتَنَفَّس أَيضاً : بعد . وتَنَفَّسَ العَمْرُ مِنْه إِمّا تَرَاخَى وتَبَاعَدَ وإِمّا إتَّسَع . وجَادَتْ عينْه عَبْرَةً أَنْفَاساً أي ساعةً بَعْدَ ساعةٍ . وشيءٌ نافِسٌ : رَفُعَ وصارَ مَرْغُوباً فيه وكذلِكَ رجُلٌ نافِسٌ ونَفِيس والجَمْع : نِفَاس . وأَنْفَسَ الشَّيْءُ : صار نَفِيساً . وهذا أَنْفَسُ مالِي أَي أَحَبُّه وأَكْرَمُه عِنْدِي وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفَاساً . ونَفَّسَنِي فيه : رَغَّبَني عن ابنِ الأَعْرَابِيّ وأَنْشَدَ :
بأَحْسَنَ مِنْه يَوْمَ أَصْبَحَ غادِياً ... ونَفَّسَنِي فِيه الحِمَامُ المَعَجَّلُ قلت : هو لأُحَيْحَةَ بنِ الجُلاحِ يَرْثِي ابْناً له أَو أَخاً له وقد مَرَّ ذِكْرُه في هبرز . ومالٌ نَفِيسٌ : مَضْنُونٌ بِه . وَبلَّغَكَ اللهُ أَنْفَسَ الأَعْمَارِ . وفي عُمُرِه تَنَفُّسٌ ومَتَنَفَّسٌ . وغائِطٌ مُتَنَفِّسٌ : بَعِيدٌ وهو مَجَازٌ . ويُجْمَعُ النُّفسَاءُ أَيضاً علَى نُفَّاسٍ ونُفَّسٍ كرُمّانٍ وسُكَّرٍ الأَخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيّ . وتَنَفَّسَ الرجُلُ : خَرَجَ مِن تَحْتِه رِيحٌ وهو على الكِنَايَةِ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : نَفَّسَ قَوْسَه إِذا حَطَّ وَتَرَهَا وتَنَفَّسَ القِدْحُ كالقَوْسِ وهو مَجازٌ . وأَنْفٌ مُتَنَفِّسٌ : أَفْطَسَ وهو مَجازٌ . وفُلانٌ يُؤامِرُ نَفْسَيْهِ : إِذا اتَّجَه له رَأْيَانِ وهو مَجازٌ قالَه الزَّمَخْشَرِيُّ . قلتُ : وبَيَانُه أَنَّ العَرَبَ قد تَجعلُ النَّفْسَ الّتي يكونُ بها التَّمْيِيزُ نَفْسَيْن وذلِكَ أَنَّ النَّفْسَ قد تَأْمُره بالشَّيْءِ أَو تَنْهَاه عنه وذلِكَ عندَ الإِقْدامٍ على أَمْرٍ مَكْرُوه فجَعَلُوا الّتِي تَأْمُره نَفْساً والّتِي تَنْهَاه كأَنَّهَا نَفْسٌ أُخْرَى وعلى ذلك قولُ الشاعِرِ :
يُؤامِرُ نَفْسَيْه وفي العَيْش فُسْحَةٌ ... أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبانَ أَمْ لاَ يَطُورُها وأَبُو زُرْعَةَ محمّدُ بنُ نُفَيْسٍ المَصيصِيُّ كزُبَيْرٍ كتَبَ عنه أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ بحَلَبَ . وأَمّ القاسِمِ نَفِيسَةُ الحَسَنِيَّةُ صاحِبةُ المَشْهَدِ بمِصْرَ معروفةٌ وإِليها نَسِبَت الخِطَّةُ . وبنُو النَّفِيسِ كأَمِيرٍ : بَطْنٌ من العَلَويِّينَ بالمَشْهَدِ . ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرّزَّاقِ بنِ نَفِيسٍ الدِّمَشْقِيُّ سَمِع علَى الزَّيْنِ العِراقِيّ ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : نُفْيَاسُ بالضّمّ : قَرْيَةٌ بَشَرقِيَّة مِصْرَ ونُفْيُوسُ : أُخْرَى مِن السَّمَنُّودِيَّةِ