معنى تكاذب القوم في معجم عربي عربي: معجم لسان العرب
القيامُ نقيض
الجلوس قام يَقُومُ قَوْماً وقِياماً وقَوْمة وقامةً والقَوْمةُ المرة الواحدة قال
ابن الأَعرابي قال عبد لرجل أَراد أن يشتريه لا تشترني فإني إذا جعت أَبغضت
قَوْماً وإذا شبِعت أَحببت نَوْماً أي أَبغضت قياماً من موضعي قال قد صُمْتُ
رَبِّي فَت
القيامُ نقيض
الجلوس قام يَقُومُ قَوْماً وقِياماً وقَوْمة وقامةً والقَوْمةُ المرة الواحدة قال
ابن الأَعرابي قال عبد لرجل أَراد أن يشتريه لا تشترني فإني إذا جعت أَبغضت
قَوْماً وإذا شبِعت أَحببت نَوْماً أي أَبغضت قياماً من موضعي قال قد صُمْتُ
رَبِّي فَتَقَبَّلْ صامتي وقُمْتُ لَيْلي فتقَبَّل قامَتي أَدْعُوك يا ربِّ من
النارِ التي أَعْدَدْتَ للكُفَّارِ في القِيامةِ وقال بعضهم إنما أَراد قَوْمَتي
وصَوْمَتي فأَبدل من الواو أَلفاً وجاء بهذه الأبيات مؤسَّسة وغير مؤسسة وأَراد من
خوف النار التي أَعددت وأَورد ابن بري هذا الرجز شاهداً على القَوْمة فقال قد قمت
ليلي فتقبَّل قَوْمَتي وصمت يومي فتقبَّل صَوْمَتي ورجل قائم من رجال قُوَّمٍ
وقُيَّمٍ وقِيَّمٍ وقُيَّامٍ وقِيَّامٍ وقَوْمٌ قيل هو اسم للجمع وقيل جمع التهذيب
ونساء قُيَّمٌ وقائمات أَعرف والقامةُ جمع قائم عن كراع قال ابن بري رحمه الله قد
ترتجل العرب لفظة قام بين يدي الجمل فيصير كاللغو ومعنى القِيام العَزْمُ كقول
العماني الراجز للرشيد عندما همَّ بأَن يعهد إلى ابنه قاسم قُل للإمامِ
المُقْتَدَى بأَمِّه ما قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه فَقَدْ رَضِيناهُ فَقُمْ
فسَمِّه أي فاعْزِمْ ونُصَّ عليه وكقول النابغة الذبياني نُبِّئتُ حِصْناً وحَيّاً
مِن بَني أَسَدٍ قامُوا فقالُوا حِمانا غيرُ مَقْروبِ أَي عَزَموا فقالوا وكقول
حسان بن ثابت علاما قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ
( * قوله « علاما » ثبتت ألف ما في الإستفهام مجرورة بعلى في الأصل وعليها فالجزء
موفور وإن كان الأكثر حذفها حينئذ )
معناه علام يعزم على شتمي وكقول الآخر لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائما ومنه
قوله تعالى وإنه لما قامَ عبد الله يدعوه أي لما عزم وقوله تعالى إذ قاموا فقالوا
ربُّنا ربُّ السموات والأرض أي عزَموا فقالوا قال وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة
والإصلاح ومنه قوله تعالى الرجال قوّامون على النساء وقوله تعالى إلا ما دمت عليه
قائماً أي ملازماً محافظاً ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات يقال للماشي قف لي
أي تحبَّس مكانَك حتى آتيك وكذلك قُم لي بمعنى قف لي وعليه فسروا قوله سبحانه وإذا
أَظلم عليهم قاموا قال أهل اللغة والتفسير قاموا هنا بمعنى وقَفُوا وثبتوا في
مكانهم غير متقدّمين ولا متأَخرين ومنه التَّوَقُّف في الأَمر وهو الوقُوف عنده من
غير مُجاوَزة له ومنه الحديث المؤمن وَقَّافٌ متَأَنٍّ وعلى ذلك قول الأَعشى كانت
وَصاةٌ وحاجاتٌ لها كَفَفُ لَوْ أَنَّ صْحْبَكَ إذْ نادَيْتَهم وقَفُوا أي ثبتوا
ولم يتقدَّموا ومنه قول هُدبة يصف فلاة لا يُهتدى فيها يَظَلُّ بها الهادي
يُقلِّبُ طَرْفَه يَعَضُّ على إبْهامِه وهو واقِفُ أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم ولا
يتأَخر قال ومنه قول مزاحم أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ منَ الحَيِّ
واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً ولا أَنا عنْها
مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ قال فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية قال ومنه قامت الدابة
إذا وقفت عن السير وقام عندهم الحق أي ثبت ولم يبرح ومنه قولهم أقام بالمكان هو
بمعنى الثبات ويقال قام الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً وإذا جَمد أيضاً
قال وعليه فسر بيت أبي الطيب وكذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ سالَ النُّضارُ بها
وقام الماء أي ثبت متحيراً جامداً وقامَت السُّوق إذا نفَقت ونامت إذا كسدت وسُوق
قائِمة نافِقة وسُوق نائِمة كاسِدة وقاوَمْتُه قِواماً قُمْت معه صحَّت الواو في
قِوام لصحتها في قاوَم والقَوْمةُ ما بين الركعتين من القِيام قال أَبو الدُّقَيْش
أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ والمغرب ثلاث قَوْمات وكذلك قال في الصلاة والمقام
موضع القدمين قال هذا مَقامُ قَدَمَي رَباحِ غُدْوَةَ حتَّى دَلَكَتْ بَراحِ ويروى
بِراحِ والمُقامُ والمُقامةُ الموضع الذي تُقيم فيه والمُقامة بالضم الإقامة
والمَقامة بالفتح المجلس والجماعة من الناس قال وأما المَقامُ والمُقامُ فقد يكون
كل واحد منهما بمعنى الإقامة وقد يكون بمعنى موضع القِيام لأَنك إذا جعلته من قام
يَقُوم فمفتوح وإن جعلته من قام يُقِيمُ فَمضْموم فإن الفعل إذا جاوز الثلاثة
فالموضع مضموم الميم لأَنه مُشَبَّه ببنات الأَربعة نحو دَحْرَجَ وهذا
مُدَحْرَجُنا وقوله تعالى لا مقَامَ لكم أي لا موضع لكم وقُرئ لا مُقام لكم بالضم
أي لا إقامة لكم وحَسُنت مُستقَرّاً ومُقاماً أَي موضعاً وقول لبيد عَفَتِ
الدِّيارُ مَحلُّها فَمُقامُها بِمنىً تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها يعني الإقامة
وقوله عزَّ وجل كم تركوا من جنات وعيون وزُروع ومَقام كَريم قيل المَقامُ الكريم
هو المِنْبَر وقيل المنزلة الحسَنة وقامت المرأَة تَنُوح أَي جعَلت تنوح وقد
يُعْنى به ضدّ القُعود لأَن أكثر نوائح العرب قِيامٌ قال لبيد قُوما تَجُوبانِ
مَعَ الأَنْواح وقوله يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ أَفضَلُ من يومِ احْلِقِي
وقُومي إنما أَراد الشدّة فكنى عنه باحْلِقي وقومي لأَن المرأَة إذا مات حَمِيمها
أو زوجها أو قُتل حلَقَت رأْسها وقامَت تَنُوح عليه وقولهم ضَرَبه ضَرْبَ ابنةِ
اقْعُدي وقُومي أي ضَرْبَ أمة سميت بذلك لقُعودها وقِيامه في خدمة مواليها وكأنَّ
هذا جعل اسماً وإن كان فِعْلاً لكونه من عادتها كما قال إن الله ينهاكم عن قِيلٍ
وقالٍ وأَقامَ بالمكان إقاماً وإقامةً ومُقاماً وقامةً الأخيرة عن كراع لَبِثَ قال
ابن سيده وعندي أن قامة اسم كالطّاعةِ والطّاقَةِ التهذيب أَقَمْتُ إقامةً فإذا
أَضَفْت حَذَفْت الهاء كقوله تعالى وإقام الصلاةِ وإيتاء الزكاةِ الجوهري وأَقامَ
بالمكان إقامةً والهاء عوض عن عين الفعل لأَن أصلَه إقْواماً وأَقامَه من موضعه وأقامَ
الشيء أَدامَه من قوله تعالى ويُقِيمون الصلاةَ وقوله تعالى وإنَّها لبِسَبيل
مُقِيم أراد إن مدينة قوم لوط لبطريق بيِّن واضح هذا قول الزجاج والاسْتِقامةُ
الاعْتدالُ يقال اسْتَقامَ له الأمر وقوله تعالى فاسْتَقِيمُوا إليه أي في
التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ وقامَ الشيءُ واسْتقامَ اعْتدَل واستوى وقوله تعالى
إن الذين قالوا ربُّنا الله ثم اسْتَقاموا معنى قوله اسْتَقامُوا عملوا بطاعته
ولَزِموا سُنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقال الأَسود بن مالك ثم استقاموا لم
يشركوا به شيئاً وقال قتادة استقاموا على طاعة الله قال كعب بن زهير فَهُمْ
صَرفُوكم حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى بأَسْيافِهِِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ على
القِيَمْ قال القِيَمُ الاسْتِقامةُ وفي الحديث قل آمَنتُ بالله ثم اسْتَقِمْ فسر
على وجهين قيل هو الاسْتقامة على الطاعة وقيل هو ترك الشِّرك أَبو زيد أَقمْتُ
الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام قال والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه
واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه وقامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ
وقام قائمٌ الظَّهِيرة قال الراجز وقامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ والقَوامُ
العَدْل قال تعالى وكان بين ذلك قَواماً وقوله تعالى إنّ هذا القرآن يَهْدِي للتي
هي أَقْومُ قال الزجاج معناه للحالة التي هي أَقْوَمُ الحالاتِ وهي تَوْحِيدُ الله
وشهادةُ أن لا إله إلا الله والإيمانُ برُسُله والعمل بطاعته وقَوَّمَه هو واستعمل
أبو إسحق ذلك في الشِّعر فقال استقامَ الشِّعر اتَّزَنَ وقَوّمَََ دَرْأَه أَزال
عِوَجَه عن اللحياني وكذلك أَقامَه قال أَقِيمُوا بَني النُّعْمانِ عَنَّا
صُدُورَكُم وإلا تُقِيموا صاغِرِينَ الرُّؤوسا عدَّى أَقِيمُوا بعن لأَن فيه معنى
نَحُّوا أَو أَزيلُوا وأَما قوله وإلاَّ تُقِيموا صاغرين الرُّؤوسا فقد يجوز أَن
يُعْنى به عُني بأَقِيموا أي وإلا تُقيموا رؤوسكم عنا صاغرين فالرُّؤوسُ على هذا
مفعول بتُقيموا وإن شئت جعلت أَقيموا هنا غير متعدّ بعن فلم يكن هنالك حرف ولاحذف
والرُّؤوسا حينئذ منصوب على التشبيه بالمفعول أَبو الهيثم القامةُ جماعة الناس
والقامةُ أيضاً قامةُ الرجل وقامةُ الإنسان وقَيْمَتُه وقَوْمَتُه وقُومِيَّتُه
وقَوامُه شَطاطُه قال العجاج أَما تَرَيني اليَوْمَ ذا رَثِيَّهْ فَقَدْ أَرُوحُ
غيرَ ذي رَذِيَّهْ صُلْبَ القَناةِ سَلْهَبَ القُومِيَّهْ وصَرَعَه من قَيْمَتِه
وقَوْمَتِه وقامَته بمعنى واحد حكان اللحياني عن الكسائي ورجل قَوِيمٌ وقَوَّامٌ
حَسَنُ القامة وجمعهما قِوامٌ وقَوام الرجل قامته وحُسْنُ طُوله والقُومِيَّةُ
مثله وأنشد ابن بري رجز العجاج أَيامَ كنتَ حسَنَ القُومِيَّهْ صلبَ القناة سَلهبَ
القَوْسِيَّهْ والقَوامُ حُسْنُ الطُّول يقال هو حسن القامةِ والقُومِيَّة
والقِمّةِ الجوهري وقامةُ الإنسان قد تُجمَع على قاماتٍ وقِيَمٍ مِثْل تاراتٍ
وتِيَر قال وهو مقصور قيام ولحقه التغيير لأَجل حرف العلة وفارق رَحَبة ورِحاباً
حيث لم يقولوا رِحَبٌ كما قالوا قِيَمٌ وتِيَرٌ والقُومِيَّةُ القَوام أَو القامةُ
الأَصمعي فلان حسن القامةِ والقِمّة والقُوميَّة بمعنى واحد وأَنشد فَتَمَّ مِنْ
قَوامِها قُومِيّ ويقال فلان ذُو قُومِيَّةٍ على ماله وأَمْره وتقول هذا الأَمر لا
قُومِيَّة له أي لا قِوامَ له والقُومُ القصدُ قال رؤبة واتَّخَذَ الشَّد لهنَّ
قُوما وقاوَمَه في المُصارَعة وغيرها وتقاوموا في الحرب أي قام بعضهم لبعض وقِوامُ
الأمر بالكسر نِظامُه وعِماده أَبو عبيدة هو قِوامُ أهل بيته وقِيامُ أهل بيته وهو
الذي يُقيم شأْنهم من قوله تعالى ولا تُؤتوا السُّفهاء أَموالكم التي جَعل الله
لكم قِياماً وقال الزجاج قرئت جعل الله لكم قِياماً وقِيَماً ويقال هذا قِوامُ
الأَمر ومِلاكُه الذي يَقوم به قال لبيد أَفَتِلْكَ أمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ
خُذِلَتْ وهادِيةُ الصِّوارِ قوامُها ؟ قال وقد يفتح ومعنى الآية أي التي جعلَها
الله لكم قِياماً تُقِيمكم فتَقُومون بها قِياماً ومن قرأَ قِيَماً فهو راجع إلى هذا
والمعنى جعلها الله قِيمةَ الأَشياء فبها تَقُوم أُمورُكم وقال الفراء التي جعل
الله لكم قِياماً يعني التي بها تَقُومون قياماً وقِواماً وقرأَ نافع المدني
قيَماً قال والمعنى واحد ودِينارٌ قائم إذا كان مثقالاً سَواء لا يَرْجح وهو عند
الصيارفة ناقص حتى يَرْجَح بشيء فيسمى مَيّالاً والجمع قُوَّمٌ وقِيَّمٌ وقَوَّمَ
السِّلْعة واسْتَقامها قَدَّرها وفي حديث عبد الله بن عباس إذا اسْتَقَمْت بنَقْد
فبِعْتَ بنقد فلا بأْس به وإذا اسْتَقَمْت بنقد فبعته بِنَسيئة فلا خير فيه فهو
مكروه قال أَبو عبيد قوله إذا استقمت يعني قوَّمت وهذا كلام أهل مكة يقولون
اسَتَقَمْتُ المَتاع أي قَوَّمْته وهما بمعنى قال ومعنى الحديث أن يدفَعَ الرجلُ
إلى الرجل الثوب فيقوّمه مثلاً بثلاثين درهماً ثم يقول بعه فما زاد عليها فلك فإن
باعه بأكثر من ثلاثين بالنقد فهو جائز ويأْخذ ما زاد على الثلاثين وإن باعه
بالنسيئة بأَكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود ولا يجوز قال أَبو عبيد وهذا عند
من يقول بالرأْي لا يجوز لأَنها إجارة مجهولة وهي عندنا معلومة جائزة لأَنه إذا
وَقَّت له وَقْتاً فما كان وراء ذلك من قليل أو كثير فالوقت يأْتي عليه قال وقال
سفيان بن عيينة بعدما روى هذا الحديث يَسْتَقِيمه بعشرة نقداً فيبيعه بخمسة عشر
نسيئة فيقول أُعْطِي صاحب الثوب من عندي عشرة فتكون الخمسة عشر لي فهذا الذي كره
قال إسحق قلت لأَحمد قول ابن عباس إذا استقمت بنقد فبعت بنقد الحديث قال لأنه
يتعجل شيئاً ويذهب عَناؤه باطلاً قال إسحق كما قال قلت فما المستقيم ؟ قال الرجل
يدفع إلى الرجل الثوب فيقول بعه بكذا فما ازْدَدْتَ فهو لك قلت فمن يدفع الثوب إلى
الرجل فيقول بعه بكذا فما زاد فهو لك ؟ قال لا بأْس قال إسحق كما قال والقِيمةُ
واحدة القِيَم وأَصله الواو لأَنه يقوم مقام الشيء والقيمة ثمن الشيء بالتَّقْوِيم
تقول تَقاوَمُوه فيما بينهم وإذا انْقادَ الشيء واستمرّت طريقته فقد استقام لوجه
ويقال كم قامت ناقتُك أي كم بلغت وقد قامَتِ الأمةُ مائة دينار أي بلغ قيمتها مائة
دينار وكم قامَتْ أَمَتُك أي بلغت والاستقامة التقويم لقول أهل مكة استقَمْتُ
المتاع أي قوَّمته وفي الحديث قالوا يا رسول الله لو قوَّمْتَ لنا فقال الله هو
المُقَوِّم أي لو سَعَّرْت لنا وهو من قيمة الشيء أي حَدَّدْت لنا قيمتها ويقال
قامت بفلان دابته إذا كلَّتْ وأَعْيَتْ فلم تَسِر وقامت الدابة وَقَفَت وفي الحديث
حين قام قائمُ الظهيرة أي قيام الشمس وقت الزوال من قولهم قامت به دابته أي وقفت
والمعنى أن الشمس إذا بلغت وسَط السماء أَبْطأَت حركةُ الظل إلى أن تزول فيحسب
الناظر المتأَمل أنها قد وقفت وهي سائرة لكن سيراً لا يظهر له أثر سريع كما يظهر
قبل الزوال وبعده ويقال لذلك الوقوف المشاهد قام قائم الظهيرة والقائمُ قائمُ
الظهيرة ويقال قام ميزان النهار فهو قائم أي اعْتَدَل ابن سيده وقام قائم الظهيرة
إذا قامت الشمس وعقَلَ الظلُّ وهو من القيام وعَيْنٌ قائمة ذهب بصرها وحدَقَتها
صحيحة سالمة والقائم بالدِّين المُسْتَمْسِك به الثابت عليه وفي الحديث إنَّ حكيم بن
حِزام قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أخِرَّ إلا قائماً قال له
النبي صلى الله عليه وسلم أمّا من قِبَلِنا فلا تَخِرُّ إلا قائماً أي لسنا ندعوك
ولا نبايعك إلا قائماً أي على الحق قال أبو عبيد معناه بايعت أن لا أموت إلا
ثابتاً على الإسلام والتمسُّك به وكلُّ من ثبت على شيء وتمسك به فهو قائم عليه
وقال تعالى ليْسُوا سَواء من أهل الكتاب أُمَّةٌ قائمةٌ إنما هو من المُواظبة على
الدين والقيام به الفراء القائم المتمسك بدينه ثم ذكر هذا الحديث وقال الفراء
أُمَّة قائمة أي متمسكة بدينها وقوله عز وجل لا يُؤَدِّه إليك إلا ما دُمت عليه
قائماً أي مُواظِباً مُلازِماً ومنه قيل في الكلام للخليفة هو القائِمُ بالأمر
وكذلك فلان قائِمٌ بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به قال ابن بري والقائِمُ على
الشيء الثابت عليه وعليه قوله تعالى من أهل الكتاب أُمةٌ قائمةٌ أي مواظِبة على الدين
ثابتة يقال قام فلان على الشيء إذا ثبت عليه وتمسك به ومنه الحديث اسْتَقِيموا
لقُريش ما اسْتَقامُوا لكم فإنْ لم يَفْعَلوا فضَعُوا سيُوفَكم على عَواتِقكم
فأَبِيدُوا خضْراءهم أي دُوموا لهم في الطاعة واثْبُتوا عليها ما داموا على الدين
وثبتوا على الإسلام يقال قامَ واسْتَقامَ كما يقال أَجابَ واسْتجابَ قال الخطابي
الخَوارِج ومن يَرى رأْيهم يتأَوَّلونه على الخُروج على الأَئمة ويحملون قوله ما
اسْتقاموا لكم على العدل في السِّيرة وإنما الاستقامة ههنا الإقامة على الإسلام
ودليله في حديث آخر سيَلِيكم أُمَراءُ تَقْشَعِرُّ منهم الجلود وتَشْمَئِزُّ منهم
القلوب قالوا يا رسول الله أَفلا تُقاتلهم ؟ قال لا ما أَقاموا الصلاة وحديثه
الآخر الأَئمة من قريش أَبرارُها أُمَراءُ أَبرارِها وفُجَّارُها أُمَراءُ
فُجَّارِها ومنه الحديث لو لم تَكِلْه لقامَ لكم أي دام وثبت والحديث الآخر لو
تَرَكَتْه ما زال قائماً والحديث الآخر ما زال يُقِيمُ لها أُدْمَها وقائِمُ السيف
مَقْبِضُه وما سوى ذلك فهو قائمة نحو قائمةِ الخِوان والسرير والدابة وقَوائِم
الخِوان ونحوها ما قامت عليه الجوهري قائمُ السيف وقائمتُه مَقْبِضه والقائمةُ
واحدة قوائم الدَّوابّ وقوائم الدابة أربَعُها وقد يستعار ذلك في الإنسان وقول
الفرزدق يصف السيوف إذا هِيَ شِيمتْ فالقوائِمُ تَحْتها وإنْ لمْ تُشَمْ يَوْماً
علَتْها القَوائِمُ أَراد سُلَّت والقوائم مقَابِض السيوف والقُوام داءٌ يأْخذ
الغنم في قوائمها تقوم منه ابن السكيت ما فَعل قُوام كان يَعتري هذه الدابة بالضم
إذا كان يقوم فلا يَنْبَعث الكسائي القُوام داءٌ يأْخذ الشاة في قوائمها تقوم منه
وقَوَّمت الغنم أَصابها ذلك فقامت وقامُوا بهم جاؤوهم بأَعْدادهم وأَقرانِهم
وأَطاقوهم وفلان لا يقوم بهذا الأمر أي لا يُطِيق عليه وإذا لم يُطِق الإنسان
شيئاً قيل ما قام به الليث القامةُ مِقدار كهيئة رجل يبني على شَفِير البئر يوضع
عليه عود البَكْرة والجمع القِيم وكذلك كل شيء فوق سطح ونحوه فهو قامة قال
الأَزهري الذي قاله الليث في تفسير القامة غير صحيح والقامة عند العرب البكرة التي
يستقى بها الماء من البئر وروي عن أبي زيد أنه قال النَّعامة الخشبة المعترضة على
زُرْنُوقي البئر ثم تعلق القامة وهي البَكْرة من النعامة ابن سيده والقامةُ البكرة
يُستقَى عليها وقيل البكرة وما عليها بأَداتِها وقيل هي جُملة أَعْوادها قال
الشاعر لَمّا رأَيْتُ أَنَّها لا قامهْ وأَنَّني مُوفٍ على السَّآمَهْ نزَعْتُ
نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامهْ والجمع قِيَمٌ مثل تارةٍ وتِيَرٍ وقامٌ قال
الطِّرِمّاح ومشَى تُشْبِهُ أَقْرابُه ثَوْبَ سْحْلٍ فوقَ أَعوادِ قامِ وقال
الراجز يا سَعْدُ غَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُه يَوْمَ تَلاقى شاؤُه ونَعَمُهْ واخْتَلَفَتْ
أَمْراسُه وقِيَمُهْ وقال ابن بري في قول الشاعر لَمّا رأَيت أَنها لا قامه قال
قال أَبو عليّ ذهب ثعلب إلى أَن قامة في البيت جمع قائِم مثل بائِع وباعةٍ كأَنه
أَراد لا قائمين على هذا الحوض يَسْقُون منه قال ومثله فيما ذهب إليه الأَصمعي
وقامَتي رَبِيعةُ بنُ كَعْبِ حَسبُكَ أَخلاقُهمُ وحَسْبي أي رَبِيعة قائمون بأَمري
قال وقال عديّ بن زيد وإنِّي لابنُ ساداتٍ كِرامٍ عنهمُ سُدْتُ وإنِّي لابنُ
قاماتٍ كِرامٍ عنهمُ قُمْتُ أَراد بالقاماتِ الذين يقومون بالأُمور والأَحداث ومما
يشهد بصحة قول ثعلب أن القامة جمع قائم لا البكرة قوله نزعت نزعاً زعزع الدِّعامه
والدِّعامة إنما تكون للبكرة فإن لم تكن بكْرَةٌ فلا دعامة ولا زعزعةَ لها قال ابن
بري وشاهد القامة للبكرة قول الراجز إنْ تَسْلَمِ القامةُ والمَنِينُ تُمْسِ وكلُّ
حائِمٍ عَطُونُ وقال قيس بن ثُمامة الأرْحبي في قامٍ جمع قامةِ البئر قَوْداءَ
تَرْمَدُّ مِنْ غَمْزي لها مَرَطَى كأَن هادَيها قامٌ على بِيرِ والمِقْوَم
الخَشَبة التي يُمْسكها الحرّاث وقوله في الحديث إنه أَذِنَ في قَطْع المسَدِ
والقائمَتينِ من شجر الحَرَم يريد قائمتي الرَّحْل اللتين تكون في مُقَدَّمِه
ومُؤَخَّره وقَيِّمُ الأمر مُقِيمهُ وأمرٌ قَيِّمٌ مُسْتقِيم وفي الحديث أتاني
مَلَك فقال أَنت قُثَمٌ وخُلُقُكَ قَيِّم أي مُسْتَقِيم حسَن وفي الحديث ذلك الدين
القَيِّمُ أي المستقيم الذي لا زَيْغ فيه ولا مَيْل عن الحق وقوله تعالى فيها كُتب
قيِّمة أَي مستقيمة تُبيّن الحقّ من الباطل على اسْتِواء وبُرْهان عن الزجاج وقوله
تعالى وذلك دِين القَيِّمة أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق ويجوز أَن يكن دين
المِلة المستقيمة قال الجوهري إنما أَنثه لأَنه أَراد المِلة الحنيفية والقَيِّمُ
السيّد وسائسُ الأَمر وقَيِّمُ القَوْم الذي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم وفي
الحديث ما أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمَتُهُم امرأة وقَيِّمُ المرأَةِ زوجها في بعض
اللغات وقال أَبو الفتح ابن جني في كتابه الموسوم بالمُغْرِب يروى أَن جاريتين من
بني جعفر بن كلاب تزوجتا أَخوين من بني أَبي بكر ابن كلاب فلم تَرْضَياهما فقالت
إحداهما أَلا يا ابْنَةَ الأَخْيار مِن آلِ جَعْفَرٍ لقد ساقَنا منْ حَيِّنا
هَجْمَتاهُما أُسَيْوِدُ مِثْلُ الهِرِّ لا دَرَّ دَرُّه وآخَرُ مِثْلُ القِرْدِ
لا حَبَّذا هُما يَشِينانِ وجْهَ الأَرْضِ إنْ يَمْشِيا بِها ونَخْزَى إذَا ما
قِيلَ مَنْ قَيِّماهُما ؟ قَيِّماهما بَعْلاهُما ثنت الهَجّمتين لأَنها أَرادت
القِطْعَتَين أَو القَطيعَيْنِ وفي الحديث حتى يكون لخمسين امرأَة قَيِّمٌ واحد
قَيِّمُ المرأَةِ زوجها لأَنه يَقُوم بأَمرها وما تحتاج إليه وقام بأَمر كذا وقام
الرجلُ على المرأَة مانَها وإنه لَقَوّام علهيا مائنٌ لها وفي التنزيل العزيز
الرجالُ قَوَّامون على النساء وليس يراد ههنا والله أَعلم القِيام الذي هو
المُثُولُ والتَّنَصُّب وضدّ القُعود إنما هو من قولهم قمت بأَمرك فكأنه والله
أَعلم الرجال مُتكفِّلون بأُمور النساء مَعْنِيُّون بشؤونهن وكذلك قوله تعالى يا
أَيها الذين آمنوا إذا قُمتم إلى الصلاة أَي إذا هَمَمْتم بالصلاة وتَوَجّهْتم
إليها بالعِناية وكنتم غير متطهرين فافعلوا كذا لا بدّ من هذا الشرط لأَن كل من
كان على طُهر وأَراد الصلاة لم يلزمه غَسْل شيء من أعضائه لا مرتَّباً ولا مُخيراً
فيه فيصير هذا كقوله وإن كنتم جُنُباً فاطَّهروا وقال هذا أَعني قوله إذا قمتم إلى
الصلاة فافعلوا كذا وهو يريد إذا قمتم ولستم على طهارة فحذف ذلك للدلالة عليه وهو
أَحد الاختصارات التي في القرآن وهو كثير جدّاً ومنه قول طرفة إذا مُتُّ
فانْعِينِي بما أَنا أَهْلُه وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ يا ابنةَ مَعْبَدِ تأْويله
فإن مت قبلك لا بدّ أَن يكون الكلام مَعْقوداً على هذا لأَنه معلوم أَنه لا يكلفها
نَعْيَه والبُكاء عليه بعد موتها إذ التكليفُ لا يصح إلا مع القدرة والميت لا قدرة
فيه بل لا حَياة عنده وهذا واضح وأَقامَ الصلاة إقامةً وإقاماً فإقامةً على العوض
وإقاماً بغير عوض وفي التنزيل وإقامَ الصلاة ومن كلام العرب ما أَدري أَأَذَّنَ
أَو أَقامَ يعنون أَنهم لم يَعْتَدّوا أَذانَه أَذانَاً ولا إقامَته إقامةً لأَنه
لم يُوفِّ ذلك حقَّه فلما وَنَى فيه لم يُثبت له شيئاً منه إذ قالوها بأَو ولو
قالوها بأَم لأَثبتوا أَحدهما لا محالة وقالوا قَيِّم المسجد وقَيِّمُ الحَمَّام
قال ثعلب قال ابن ماسَوَيْهِ ينبغي للرجل أَن يكون في الشتاء كقَيِّم الحَمَّام
وأَما الصيف فهو حَمَّام كله وجمع قَيِّم عند كراع قامة قال ابن سيده وعندي أَن
قامة إنما هو جمع قائم على ما يكثر في هذا الضرب والمِلَّة القَيِّمة المُعتدلة
والأُمّة القَيِّمة كذلك وفي التنزيل وذلك دين القَيّمة أي الأُمَّة القيمة وقال
أَبو العباس والمبرد ههنا مضمرٍ أَراد ذلك دِينُ الملَّةِ القيمة فهو نعت مضمرٍ
محذوفٌ محذوقٌ وقال الفراء هذا مما أُضيف إلى نفسه لاختلاف لفظيه قال الأَزهري
والقول ما قالا وقيل أباء في القَيِّمة للمبالغة ودين قَيِّمٌ كذلك وفي التنزيل
العزيز ديناً قِيَماً مِلَّةَ إبراهيم وقال اللحياني وقد قُرئ ديناً قَيِّماً أي
مستقيماً قال أَبو إسحق القَيِّمُ هو المُسْتَقيم والقِيَمُ مصدر كالصِّغَر
والكِبَر إلا أَنه لم يُقل قِوَمٌ مثل قوله لا يبغون عنها حِوَلاً لأَن قِيَماً من
قولك قام قِيَماً وقامَ كان في الأصل قَوَمَ أَو قَوُمَ فصار قام فاعتل قِيَم
وأَما حِوَلٌ فهو على أَنه جار على غير فِعْل وقال الزجاج قِيَماً مصدر كالصغر
والكبر وكذلك دين قَوِيم وقِوامٌ ويقال رمح قَوِيمٌ وقَوامٌ قَوِيمٌ أَى مستقيم
وأَنشد ابن بري لكعب بن زهير فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عن الهُدَى
بأَسْيافهم حتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ
( * قوله « ضربوكم حين جرتم » تقدم في هذه المادة تبعاً للأصل صرفوكم حين جزتم
ولعله مروي بهما )
وقال حسان وأَشْهَدُ أَنَّكَ عِنْد المَلِي كِ أُرْسلْتَ حَقّاً بِدِينٍ قِيَمْ
قال إلا أنّ القِيَمَ مصدر بمعنى الإستقامة والله تعالى القَيُّوم والقَيَّامُ ابن
الأَعرابي القَيُّوم والقيّام والمُدبِّر واحد وقال الزجاج القيُّوم والقيَّام في
صفة الله تعالى وأَسمائه الحسنى القائم بتدبير أَمر خَلقه في إنشائهم ورَزْقهم
وعلمه بأَمْكِنتهم قال الله تعالى وما من دابّة في الأَرض إلا على الله رِزْقُها
ويَعلَم مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعها وقال الفراء صورة القَيُّوم من الفِعل
الفَيْعُول وصورة القَيَّام الفَيْعال وهما جميعاً مدح قال وأَهل الحجاز أَكثر شيء
قولاً للفَيْعال من ذوات الثلاثة مثل الصَّوَّاغ يقولون الصَّيَّاغ وقال الفراء في
القَيِّم هو من الفعل فَعِيل أَصله قَوِيم وكذلك سَيّد سَوِيد وجَيِّد جَوِيد بوزن
ظَرِيف وكَرِيم وكان يلزمهم أَن يجعلوا الواو أَلفاً لانفتاح ما قبلها ثم يسقطوها لسكونها
وسكون التي بعدها فلما فعلوا ذلك صارت سَيْد على فَعْل فزادوا ياء على الياء ليكمل
بناء الحرف وقال سيبويه قَيِّم وزنه فَيْعِل وأَصله قَيْوِم فلما اجتمعت الياء
والواو والسابق ساكن أَبدلوا من الواو ياء وأَدغموا فيها الياء التي قبلها فصارتا
ياء مشدّدة وكذلك قال في سيّد وجيّد وميّت وهيّن وليّن قال الفراء ليس في أَبنية
العرب فَيْعِل والحَيّ كان في الأَصل حَيْواً فلما إجتمعت الياء والواو والسابق
ساكن جعلتا ياء مشدّدة وقال مجاهد القَيُّوم القائم على كل شيء وقال قتادة القيوم
القائم على خلقه بآجالهم وأَعمالهم وأَرزاقهم وقال الكلبي القَيُّومُ الذي لا
بَدِيء له وقال أَبو عبيدة القيوم القائم على الأشياء الجوهري وقرأَ عمر الحيُّ
القَيّام وهو لغة والحيّ القيوم أَي القائم بأَمر خلقه في إنشائهم ورزقهم وعلمه
بمُسْتَقرِّهم ومستودعهم وفي حديث الدعاء ولكَ الحمد أَنت قَيّام السمواتِ والأَرض
وفي رواية قَيِّم وفي أُخرى قَيُّوم وهي من أبنية المبالغة ومعناها القَيّام
بأُمور الخلق وتدبير العالم في جميع أَحواله وأَصلها من الواو قَيْوامٌ وقَيْوَمٌ
وقَيْوُومٌ بوزن فَيْعالٍ وفَيْعَلٍ وفَيْعُول والقَيُّومُ من أَسماء الله
المعدودة وهو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره وهو مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا
يُتَصوَّر وجود شيء ولا دوام وجوده إلا به والقِوامُ من العيش
( * قوله « والقوام من العيش » ضبط القوام في الأصل بالكسر واقتصر عليه في المصباح
ونصه والقوام بالكسر ما يقيم الإنسان من القوت وقال أيضاً في عماد الأمر وملاكه
أنه بالفتح والكسر وقال صاحب القاموس القوام كسحاب ما يعايش به وبالكسر نظام الأمر
وعماده ) ما يُقيمك وفي حديث المسألة أَو لذي فَقْرٍ مُدْقِع حتى يُصِيب قِواماً
من عيش أَي ما يقوم بحاجته الضرورية وقِوامُ العيش عماده الذي يقوم به وقِوامُ
الجِسم تمامه وقِوام كل شيء ما استقام به قال العجاج رأْسُ قِوامِ الدِّينِ وابنُ
رَأْس وإِذا أَصاب البردُ شجراً أَو نبتاً فأَهلك بعضاً وبقي بعض قيل منها هامِد
ومنها قائم الجوهري وقَوَّمت الشيء فهو قَويم أي مستقيم وقولهم ما أَقوَمه شاذ قال
ابن بري يعني كان قياسه أَن يقال فيه ما أَشدَّ تَقْويمه لأَن تقويمه زائد على
الثلاثة وإنما جاز ذلك لقولهم قَويم كما قالوا ما أَشدَّه وما أَفقَره وهو من
اشتدّ وافتقر لقولهم شديد وفقير قال ويقال ما زِلت أُقاوِمُ فلاناً في هذا الأَمر
أي أُنازِله وفي الحديث مَن جالَسه أَو قاوَمه في حاجة صابَره قال ابن الأَثير
قاوَمَه فاعَله من القِيام أَي إذا قامَ معه ليقضي حاجتَه صبَر عليه إلى أن
يقضِيها وفي الحديث تَسْويةُ الصفّ من إقامة الصلاة أي من تمامها وكمالها قال
فأَمّا قوله قد قامت الصلاة فمعناه قامَ أَهلُها أَو حان قِيامهم وفي حديث عمر في
العين القائمة ثُلُث الدية هي الباقية في موضعها صحيحة وإنما ذهب نظرُها وإبصارُها
وفي حديث أَبي الدرداء رُبَّ قائمٍ مَشكورٌ له ونائمٍ مَغْفورٌ له أَي رُبَّ
مُتَجَهِّد يَستغفر لأَخيه النائم فيُشكر له فِعله ويُغفر للنائم بدعائه وفلان
أَقوَمُ كلاماً من فلان أَي أَعدَلُ كلاماً والقَوْمُ الجماعة من الرجال والنساء
جميعاً وقيل هو للرجال خاصة دون النساء ويُقوِّي ذلك قوله تعالى لا يَسْخَر قَوم
من قوم عسى أَن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أَن يَكُنَّ خيراً منهن
أَي رجال من رجال ولا نساء من نِساء فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من
نساء وكذلك قول زهير وما أَدرِي وسوفَ إخالُ أَدري أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساء
؟ وقَوْمُ كل رجل شِيعته وعشيرته وروي عن أَبي العباس النَّفَرُ والقَوْم والرَّهط
هؤُلاء معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون النساء وفي الحديث إن
نَسَّاني الشيطان شيئاً من هلاتي فليُسبِّح القومُ وليُصَفِّقِ النساء قال ابن
الأَثير القوم في الأصل مصدر قام ثم غلب على الرجال دون النساء ولذلك قابلن به
وسموا بذلك لأَنهم قوّامون على النساء بالأُمور التي ليس للنساء أَن يقمن بها
الجوهري القوم الرجال دون النساء لا واحد له من لفظه قال وربما دخل النساء فيه على
سبيل التبع لأَن قوم كل نبي رجال ونساء والقوم يذكر ويؤَنث لأَن أَسماء الجموع
التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث مثل رهط ونفر وقوم قال
تعالى وكذَّبَ به قومك فذكَّر وقال تعالى كذَّبتْ قومُ نوح فأَنَّث قال فإن
صَغَّرْتَ لم تدخل فيها الهاء وقلت قُوَيْم ورُهَيْط ونُفَير وإنما يلحَقُ
التأْنيثُ فعله ويدخل الهاء فيما يكون لغير الآدميين مثل الإبل والغنم لأَن
التأنيث لازم له وأَما جمع التكسير مثل جمال ومساجد وإن ذكر وأُنث فإنما تريد الجمع
إذا ذكرت وتريد الجماعة إذا أَنثت ابن سيده وقوله تعالى كذَّبت قوم نوح المرسلين
إِنما أَنت على معنى كذبت جماعة قوم نوح وقال المرسلين وإن كانوا كذبوا نوحاً وحده
لأَن من كذب رسولاً واحداً من رسل الله فقد كذب الجماعة وخالفها لأَن كل رسول
يأْمر بتصديق جميع الرسل وجائز أَن يكون كذبت جماعة الرسل وحكى ثعلب أَن العرب
تقول يا أَيها القوم كفُّوا عنا وكُفّ عنا على اللفظ وعلى المعنى وقال مرة المخاطب
واحد والمعنى الجمع والجمع أَقْوام وأََقاوِم وأقايِم كلاهما على الحذف قال أَبو
صخر الهذلي أَنشده يعقوب فإنْ يَعْذِرِ القَلبُ العَشِيَّةَ في الصِّبا فُؤادَكَ
لا يَعْذِرْكَ فيه الأَقاوِمُ ويروى الأقايِمُ وعنى بالقلب العقل وأَنشد ابن بري
لخُزَز بن لَوْذان مَنْ مُبْلغٌ عَمْرَو بنَ لأ يٍ حَيْثُ كانَ مِن الأَقاوِمْ
وقوله تعالى فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين قال الزجاج قيل عنى بالقوم هنا
الأَنبياء عليهم السلام الذين جرى ذكرهم آمنوا بما أَتى به النبي صلى الله عليه
وسلم في وقت مَبْعثهم وقيل عنى به من آمن من أَصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وأَتباعه وقيل يُعنى به الملائكة فجعل القوم من الملائكة كما جعل النفر من الجن
حين قال عز وجل قل أُوحي إليّ أَنه استمع نفر من الجن وقوله تعالى يَسْتَبْدِلْ
قوماً غيركم قال الزجاج جاء في التفسير إن تولى العِبادُ استبدل الله بهم الملائكة
وجاء إن تَوَلَّى أهلُ مكة استبدل الله بهم أهل المدينة وجاء أيضاً يَسْتَبْدِل
قوماً غيركم من أهل فارس وقيل المعنى إن تتولوا يستبدل قوماً أَطْوَعَ له منكم قال
ابن بري ويقال قوم من الجنّ وناسٌ من الجنّ وقَوْمٌمن الملائكة قال أُمية وفيها
مِنْ عبادِ اللهِ قَوْمٌ مَلائِكُ ذُلُِّلوا وهُمُ صِعابُ والمَقامُ والمَقامة
المجلس ومَقامات الناس مَجالِسُهم قال العباس بن مرداس أَنشده ابن بري فأَيِّي ما
وأَيُّكَ كان شَرّاً فَقِيدَ إلى المَقامةِ لا يَراها ويقال للجماعة يجتمعون في
مَجْلِسٍ مَقامة ومنه قول لبيد ومَقامةٍ غُلْبِ الرِّقابِ كأَنَّهم جِنٌّ لدَى
بابِ الحَصِيرِ قِيامُ الحَصِير المَلِك ههنا والجمع مَقامات أَنشد ابن بري لزهير
وفيهِمْ مَقاماتٌ حِسانٌ وجُوهُهُمْ وأَنْدِيةٌ يَنْتابُها القَوْلُ والفِعْلُ
ومَقاماتُ الناسِ مَجالِسهم أيضاً والمَقامة والمَقام الموضع الذي تَقُوم فيه
والمَقامةُ السّادةُ وكل ما أَوْجَعَك من جسَدِك فقد قامَ بك أَبو زيد في نوادره
قامَ بي ظَهْري أَي أَوْجَعَني وقامَت بي عيناي ويومُ القِيامة يومُ البَعْث وفي
التهذيب القِيامة يوم البعث يَقُوم فيه الخَلْق بين يدي الحيّ القيوم وفي الحديث
ذكر يوم القِيامة في غير موضع قيل أَصله مصدر قام الخَلق من قُبورهم قِيامة وقيل
هو تعريب قِيَمْثَا
( * قوله « تعريب قيمثا » كذا ضبط في نسخة صحيحة من النهاية وفي أخرى بفتح القاف
والميم وسكون المثناة بينهما ووقع في التهذيب بدل المثلثة ياء مثناة ولم يضبط )
وهو بالسريانية بهذا المعنى ابن سيده ويوم القِيامة يوم الجمعة ومنه قول كعب
أَتَظْلِم رجُلاً يوم القيامة ؟ ومَضَتْ قُِوَيْمةٌ من الليلِ أَي ساعةٌ أَو
قِطْعة ولم يَجِدْه أَبو عبيد وكذلك مضَى قُوَيْمٌ من الليلِ بغير هاء أَي وَقْت
غيرُ محدود
معنى
في قاموس معاجم
الكَذِبُ نقيضُ
الصِّدْقِ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً ( 2 )
( 2 قوله « كذباً » أي بفتح فكسر ونظيره اللعب والضحك والحق وقوله وكذباً بكسر
فسكون كما هو مضبوط في المحكم والصحاح وضبط في القاموس بفتح فسكون وليس بلغة
مستقلة بل بنقل حركة العين إلى الفاء تخفيفاً
الكَذِبُ نقيضُ
الصِّدْقِ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً ( 2 )
( 2 قوله « كذباً » أي بفتح فكسر ونظيره اللعب والضحك والحق وقوله وكذباً بكسر
فسكون كما هو مضبوط في المحكم والصحاح وضبط في القاموس بفتح فسكون وليس بلغة
مستقلة بل بنقل حركة العين إلى الفاء تخفيفاً وقوله وكذبة وكذبة كفرية وفرحة كما
هو بضبط المحكم ونبه عليه الشارح وشيخه ) وكِذْباً وكِذْبةً وكَذِبةً هاتان عن
اللحياني وكِذاباً وكِذَّاباً وأَنشد اللحياني
نادَتْ حَليمةُ بالوَداع وآذَنَتْ ... أَهْلَ الصَّفَاءِ ووَدَّعَتْ بكِذَابِ
ورجل كاذِبٌ وكَذَّابٌ وتِكْذابٌ وكَذُوبٌ وكَذُوبةٌ وكُذَبَةٌ مثال هُمَزة
وكَذْبانٌ وكَيْذَبانٌ وكَيْذُبانٌ ومَكْذَبانٌ ومَكْذَبانة وكُذُبْذُبانٌ ( 3 )
( 3 قوله « وكذبذبان » قال الصاغاني وزنه فعلعلان بالضمات
الثلاث ولم يذكره سيبويه في الأمثلة التي ذكرها وقوله واذا سمعت إلخ نسبه الجوهري
لأبي زيد وهو لجريبة بن الأشيم كما نقله الصاغاني عن الأزهري لكنه في التهذيب قد
بعتكم وفي الصحاح قد بعتها قال الصاغاني والرواية قد بعته يعني جمله وقبله
قد طال ايضاعي المخدّم لا أرى ... في الناس مثلي في معّد يخطب
حتى تأَوَّبت البيوت عشية ... فحططت عنه كوره يتثأب )
وكُذُبْذُبٌ وكُذُّبْذُبٌ قال
[ ص 705 ] جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ
فإِذا سَمِعْتَ بأَنَّنِي قد بِعْتُكم ... بوِصَالِ غَانيةٍ فقُلْ كُذُّبْذُبُ
قال ابن جني أَما كُذُبْذُبٌ خفيف وكُذُّبْذُبٌ ثَقِيل فهاتانِ
بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه قال ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا مِن قول
بعضهم ذُرَحْرَحٌ بفتح الراءَين والأُنثى كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ
والكُذَّب جمع كاذبٍ مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي
مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه ... إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ
الوَلَعَهْ
أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً وأَبعدَهُم ... شَرّاً وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ
مُنِعَه
لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللّه عندهُمُ ... إِذا تَشُوهُ نُفُوسُ الحُسَّدِ
الجَشِعَهْ
الوَلَعَةُ جمع والِعٍ مثل كاتب وكَتَبة والوالع الكاذب والكُذُبُ جمع كَذُوب مثل
صَبُور وصُبُر ومِنه قَرَأَ بعضُهم ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذُبُ
فجعله نعتاً للأَلسنة الفراء يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ
وكَذَبَ الرجلُ أَخْبَر بالكَذِبِ وفي المثل ليس لمَكْذُوبٍ رَأْيٌ ومِنْ أَمثالهم
المَعاذِرُ مَكاذِبُ ومن أَمثالهم أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ وهو كقولهم مع
الخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ اللحياني رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ
ويَصْدُق النضر يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ ثم تَرْجِعُ حائلاً
مُكَذِّبٌ وكاذِبٌ وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ أَبو عمرو يقال للرجل يُصاحُ به وهو
ساكتٌ يُري أَنه نائم قد أَكْذَب وهو الإِكْذابُ وقوله تعالى حتى إِذا اسْتَيْأَسَ
الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا قراءة أَهلِ المدينةِ وهي قِراءة عائشة رضي
اللّه عنها بالتشديد وضم الكاف روي عن عائشة رضي اللّه عنها أَنها قالت
اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم وظَنَّتِ الرُّسُلُ
أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللّهِ وكانت تَقْرؤُه
بالتشديد وهي قراءة نافع وابن كثير وأَبي عمرو وابن عامر وقرأَ عاصم وحمزة
والكسائي كُذِبُوا بالتخفيف ورُوي عن ابن عباس أَنه قال كُذِبُوا بالتخفيف وضم
الكاف وقال كانوا بَشَراً يعني الرسل يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا فَظَنُّوا
أَنهم قد أُخْلِفُوا قال أَبو منصور إِن صح هذا عن ابن عباس فوَجْهُه عندي واللّه أَعلم
أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر مِن غير أَن حَقَّقُوا
تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَأَنُّوا إِليه
ولكنه كان خاطراً يَغْلِبُه اليقينُ وقد روينا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه
قال تَجاوَزَ اللّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ
أَو تَعْمله يَدٌ فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس وقد رُوي عنه أَيضاً أَنه قرأَ حتى
إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد
كذَبهم الوعيدُ قال أَبو منصور وهذه الرواية أَسلم وبالظاهر أَشْبَهُ ومما
يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه قال اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم وظنَّ
قومُهم أَن الرسل [ ص 706 ] قد كُذِّبُوا جاءَهم نَصْرُنا وسعيد أَخذ التفسير عن
ابن عباس وقرأَ بعضهم وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد
كَذَبُوهُمْ قال أَبو منصور وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة رضي اللّه عنها
وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين وأَهلُ البصرة وأَهلُ الشام وقوله تعالى ليس
لوَقْعَتِها كاذِبةٌ قال الزجاج أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ كما تقول حَمْلَةُ فلان لا
تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء قال وكاذِبةٌ مصدر كقولك عافاه اللّهُ
عافِيةً وعاقَبَه عاقِبةً وكذلك كَذَبَ كاذبةً وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر
كالعاقبة والعافية والباقية وفي التنزيل العزيز فهل تَرَى لهم من باقيةٍ ؟ أَي
بقاءٍ وقال الفراءُ ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ
فالكاذبة ههنا مصدر يقال حَمَلَ فما كَذَبَ وقوله تعالى ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما
رَأَى يقول ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى يقول قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي رأَى
وقرئَ ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى وهذا كُلُّه قول الفراء وعن أَبي الهيثم أَي
لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه وما رَأَى بمعنى الرُّؤْية كقولك ما أَنْكَرْتُ ما
قال زيدٌ أَي قول زيد ويقال كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ
وأَنشد للأَخطل
كَذَبَتْكَ عَيْنُك أَم رأَيتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلامِ مِن الرَّبابِ خَيَالا
؟
معناه أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ ولم تَرَ يقول ما أَوْهَمه الفؤَادُ
أَنه رَأَى ولم يَرَ بل صَدَقَه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه وقوله ناصِيَةٍ كاذبةٍ أَي
صاحِبُها كاذِبٌ فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة ورُؤْيَا كَذُوبٌ كذلك أَنشد
ثعلب
فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ ... معَ النَّجْمِ رُؤْيا في المَنامِ
كَذُوبُ
والأُكْذُوبةُ الكَذِبُ والكاذِبةُ اسم للمصدر كالعَافية ويقال لا مَكْذَبة ولا
كُذْبى ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً جعله
كاذِباً وقال له كَذَبْتَ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً وفي التنزيل
العزيز وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً وفيه لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً
أَي كَذِباً عن اللحياني قال الفراءُ خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب عليه السلام
جميعاً وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة وهي لغة يمانية فصيحة يقولون كَذَّبْتُ به
كِذَّاباً وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ في
لغتهم مُشدّدةً قال وقال لي أَعرابي مَرَّةً على المَرْوَة يَسْتَفْتيني
أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار ؟ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب
لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي ... وعن حِوَجٍ قِضَّاؤُها منْ شِفائيا
وقال الفرَّاءُ كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً لأَنها
مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً ويُشَدِّدُ وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً
لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ قال والذي قال حَسَنٌ ومعناه لا يَسْمَعُون
فيها لَغْواً أَي باطلاً ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم [ ص 707 ]
بَعْضاً ( 1 )
( 1 زاد في التكملة وعن عمر بن عبدالعزيز كذاباً بضم الكاف وبالتشديد ويكون صفة
على المبالغة كوضاء وحسان يقال كذب أي بالتخفيف كذاباً بالضم مشدداً أي كذباً
متناهياً )
غيره ويقال للكَذِبِ كِذابٌ ومِنه قوله تعالى لا يَسْمَعُونَ فيها لَغْواً ولا
كِذاباً أَي كَذِباً وأَنشد أَبو العباس قولَ أَبي دُوادٍ
قُلْتُ لمَّا نَصَلا منْ قُنَّةٍ ... كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ
قال معناه كَذَبَ العَيْرُ أَنْ يَنْجُوَ مني أَيَّ طَريقٍ أَخَذَ سانِحاً أَو
بارِحاً قال وقال الفراءُ هذا إِغراءٌ أَيضاً وقال اللحياني قال الكسائي أَهلُ
اليمن يجعلون مصدرَ فَعَّلْتُ فِعَّالاً وغيرهم من العرب تفعيلاً قال الجوهري
كِذَّاباً أَحد مصادر المشدَّد لأَن مصدره قد يجيءُ على التَّفْعِيلِ مثل
التَّكْلِيم وعلى فِعَّالٍ مثل كِذَّابٍ وعلى تَفعِلَة مثل تَوْصِيَة وعلى
مُفَعَّلٍ مثل ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ والتَّكاذُبُ مثل التَّصادُق
وتَكَذَّبُوا عليه زَعَمُوا أَنه كاذِبٌ قال أَبو بكر الصدِّيق رضي اللّه عنه
رسُولٌ أَتاهم صادِقٌ فَتَكَذَّبُوا ... عليه وقالُوا لَسْتَ فينا بماكِثِ
وتَكَذَّبَ فلانٌ إِذا تَكَلَّفَ الكَذِبَ وأَكْذَبَهُ أَلْفاه كاذِباً أَو قال له
كَذَبْتَ وفي التنزيل العزيز فإِنهم لا يُكَذِّبُونَكَ قُرِئَتْ بالتخفيف والتثقيل
وقال الفراءُ وقُرِئَ لا يُكْذِبُونَكَ قال ومعنى التخفيف واللّه أَعلم لا يجعلونك
كذَّاباً وأَن ما جئتَ به باطلٌ لأَنهم لم يُجَرِّبُوا عليه كَذِباً فَيُكَذِّبُوه
إِنما أَكْذَبُوه أَي قالوا إِنَّ ما جئت به كَذِبٌ لا يَعْرِفونه من النُّبُوَّة
قال والتَّكْذيبُ أَن يقال كَذَبْتَ وقال الزجاج معنى كَذَّبْتُه قلتُ له كَذَبْتَ
ومعنى أَكْذَبْتُه أَرَيْتُه أَن ما أَتى به كَذِبٌ قال وتفسير قوله لا
يُكَذِّبُونَك لا يَقْدِرُونَ أَن يقولوا لك فيما أَنْبَأْتَ به مما في كتبهم
كَذَبْتَ قال ووَجْهٌ آخر لا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم أَي يعلمون أَنك صادق قال وجائز
أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونكَ أَي أَنت عندهم صَدُوق ولكنهم جحدوا بأَلسنتهم ما
تشهد قُلُوبُهم بكذبهم فيه وقال الفراءُ في قوله تعالى فما يُكَذِّبُكَ بعدُ
بالدِّينِ يقول فما الذي يُكَذِّبُكَ بأَن الناسَ يُدانُونَ بأَعمالهم كأَنه قال
فمن يقدر على تكذيبنا بالثواب والعقاب بعدما تبين له خَلْقُنا للإِنسان على ما
وصفنا لك ؟ وقيل قوله تعالى فما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدِّين أَي ما يَجْعَلُكَ
مُكَذِّباً وأَيُّ شيءٍ يَجْعَلُك مُكَذِّباً بالدِّينِ أَي بالقيامة ؟ وفي
التنزيل العزيز وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَذِبٍ رُوِي في التفسير أَن إِخوةَ يوسف
لما طَرَحُوه في الجُبِّ أَخَذُوا قميصَه وذَبَحُوا جَدْياً فلَطَخُوا القَمِيصَ
بدَمِ الجَدْي فلما رأَى يعقوبُ عليه السلام القَميصَ قال كَذَبْتُمْ لو أَكَلَه
الذِّئبُ لمَزَّقَ قميصه وقال الفراءُ في قوله تعالى بدَمٍ كَذبٍ معناه مَكْذُوبٍ
قال والعرب تقول للكَذِبِ مَكْذُوبٌ وللضَّعْف مَضْعُوفٌ وللْجَلَد مَجْلُود وليس
له مَعْقُودُ رَأْيٍ يريدون عَقْدَ رَأْيٍ فيجعلونَ المصادرَ في كثير من الكلام
مفعولاً وحُكي عن أَبي ثَرْوانَ أَنه قال إِن بني نُمَيْرٍ ليس لحَدِّهم
مَكْذُوبةٌ [ ص 708 ] أَي كَذِبٌ وقال الأَخفش بدَمٍ كَذِبٍ جَعَلَ الدمَ كَذِباً
لأَنه كُذِبَ فيه كما قال سبحانه فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم وقال أَبو العباس هذا
مصدر في معنى مفعول أَراد بدَمٍ مَكْذُوب وقال الزجاج بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب
والمعنى دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ بالدال المهملة وقد تقدم في
ترجمة كدب ابن الأَنباري في قوله تعالى فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك قال سأَل سائل كيف
خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد كانوا يُظْهِرون
تَكْذيبه ويُخْفُونه ؟ قال فيه ثلاثة أَقوال أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك
بقلوبهم بل يكذبونك بأَلسنتهم والثاني قراءة نافع والكسائي ورُويَتْ عن عليّ عليه
السلام فإِنهم لا يُكْذِبُونَك بضم الياءِ وتسكين الكاف على معنى لا يُكَذِّبُونَ
الذي جِئْتَ به إِنما يَجْحدون بآيات اللّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته وكان الكسائي
يحتج لهذه القراءة بأَن العرب تقول كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ
وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ قال ابن الأَنباري ويمكن
أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً عند البَحْث
والتَّدَبُّر والتَّفْتيش والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً
في كتابهم لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم الكسائي أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ
أَنه جاءَ بالكَذِبِ ورواه وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ وقال ثعلب
أَكْذَبه وكَذَّبَه بمعنًى وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه أَو حَمَلَه
على الكَذِب وبمعنى وجَدَه كاذباً وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً كَذَّبْتُه
وكَذَّبني وقد يُستعمل الكَذِبُ في غير الإِنسان قالوا كَذَبَ البَرْقُ والحُلُمُ
والظَّنُّ والرَّجاءُ والطَّمَعُ وكَذَبَتِ العَيْنُ خانها حِسُّها وكذَبَ الرأْيُ
تَوهَّمَ الأَمْرَ بخلافِ ما هو به وكَذَبَتْهُ نَفْسُه مَنَّتْهُ بغير الحق
والكَذوبُ النَّفْسُ لذلك قال
إِني وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ ... لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ
( يتبع )( ( ) تابع 1 ) كذب الكَذِبُ نقيضُ الصِّدْقِ كَذَبَ
يَكْذِبُ كَذِباً ( 2 ) أَبو زيد الكَذُوبُ والكَذُوبةُ من أَسماءِ النَّفْس ابن
الأَعرابي المَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة والمَذْكُوبة المرأَة الصالحة ابن
الأَعرابي تقول العرب للكَذَّابِ فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه ولا يُسايَرُ خَيْلاه
كَذِباً أَبو الهيثم انه قال في قول لبيد أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها
يقول مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ لتَأْمُلَ الآمالَ البعيدة فتَجِدَّ في
الطَّلَب لأَنَّك إِذا صَدَقْتَها فقلتَ لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً قَصُرَ
أَمَلُها وضَعُفَ طَلَبُها ثم قال غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى أَي لا
تُسَوِّفْ بالتوبة وتُصِرَّ على المَعْصية وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه وهي اسْتُه
ونحوه كثير وكَذَّبَ عنه رَدَّ وأَراد أَمْراً ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم وكَذَبَ
الوَحْشِيُّ وكَذَّبَ جَرى شَوْطاً ثم وَقَفَ لينظر ما وراءه وما كَذَّبَ أَنْ
فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ بالتشديد
أَي [ ص 709 ] ما انْثَنى وما جَبُنَ وما رَجَعَ وكذلك حَمَلَ فما هَلَّلَ وحَمَلَ
ثم كَذَّبَ أَي لم يَصْدُقِ الحَمْلَة قال زهير
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرجالَ إِذا ... ما الليثُ كَذَّبَ عن أَقْرانه
صَدَقا
وفي حديث الزبير أَنه حمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم وقال للمسلمين إِن
شَدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا أَي لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا قال شمر يقال للرجل
إِذا حَملَ ثم وَلَّى ولم يَمْضِ قد كَذَّبَ عن قِرْنه تَكْذيباً وأَنشد بيت زهير
والتَّكْذِيبُ في القتال ضِدُّ الصِّدْقِ فيه يقال صَدَقَ القِتالَ إِذا بَذَلَ
فيه الجِدُّ وكَذَّبَ إِذا جَبُن وحَمْلةٌ كاذِبةٌ كما قالوا في ضِدِّها صادقةٌ
وهي المَصْدوقةُ والمَكْذُوبةُ في الحَمْلةِ وفي الحديث صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ
بَطْنُ أَخِيك اسْتُعْمِلَ الكَذِبُ ههنا مجازاً حيث هو ضِدُّ الصِّدْقِ والكَذِبُ
يَخْتَصُّ بالأَقوال فجعَل بطنَ أَخيه حيث لم يَنْجَعْ فيه العَسَلُ كَذِباً
لأَنَّ اللّه قال فيه شفاء للناس وفي حديث صلاةِ الوِتْرِ كَذَبَ أَبو محمد أَي
أَخْطأَ سماه كَذِباً لأَنه يُشْبهه في كونه ضِدَّ الصواب كما أَن الكَذِبَ ضدُّ
الصِّدْقِ وإِنِ افْتَرَقا من حيث النيةُ والقصدُ لأَن الكاذبَ يَعْلَمُ أَن ما
يقوله كَذِبٌ والمُخْطِئُ لا يعلم وهذا الرجل ليس بمُخْبِرٍ وإِنما قاله باجتهاد
أَدَّاه إِلى أَن الوتر واجب والاجتهاد لا يدخله الكذبُ وإِنما يدخله الخطَأُ
وأَبو محمد صحابي واسمه مسعود بن زيد وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ
وأَنشد بيت الأَخطل كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ وقال ذو الرمة وما في
سَمْعِهِ كَذِبُ وفي حديث عُرْوَةَ قيل له إِنَّ ابن عباس يقول إِن النبي صلى
اللّه عليه وسلم لَبِثَ بمكة بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً فقال كَذَبَ أَي أَخْطَأَ ومنه
قول عِمْرانَ لسَمُرَة حين قال المُغْمَى عليه يُصَلِّي مع كل صلاةٍ صلاةً حتى
يَقْضِيَها فقال كَذَبْتَ ولكنه يُصَلِّيهن معاً أَي أَخْطَأْتَ وفي الحديث لا
يَصْلُحُ الكذِبُ إِلا في ثلاث قيل أَرادَ به مَعارِيضَ الكلام الذي هو كَذِبٌ من
حيث يَظُنُّه السامعُ وصِدْقٌ من حيثُ يقوله القائلُ كقوله إِنَّ في المَعاريض
لَمَنْدوحةً عن الكَذِب وكالحديث الآخر أَنه كان إِذا أَراد سفراً ورَّى بغيره
وكَذَبَ عليكم الحجُّ والحجَّ مَنْ رَفَعَ جَعَلَ كَذَبَ بمعنى وَجَبَ ومَن نَصَبَ
فعَلى الإِغراءِ ولا يُصَرَّفُ منه آتٍ ولا مصدرٌ ولا اسم فاعل ولا مفعولٌ وله
تعليلٌ دقيقٌ ومعانٍ غامِضةٌ تجيءُ في الأَشعار وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كَذَبَ
عليكم الحجُّ كَذَبَ عليكم العُمْرةُ كَذَبَ عليكم الجِهادُ ثلاثةُ أَسفارٍ
كَذَبْنَ عليكم قال ابن السكيت كأَن كَذَبْنَ ههنا إِغْراءٌ أَي عليكم بهذه
الأَشياءِ الثلاثة قال وكان وجهُه النصبَ على الإِغراءِ ولكنه جاءَ شاذاً مرفوعاً
وقيل معناه وَجَبَ عليكم الحجُّ وقيل معناه الحَثُّ والحَضُّ يقول إِنَّ الحجَّ
ظنَّ بكم حِرصاً عليه ورَغبةً فيه فكذَبَ ظَنُّه لقلة رغبتكم فيه وقال الزمخشري
معنى كَذَبَ عليكم الحجُّ على كلامَين كأَنه قال كَذَب الحجُّ عليكَ الحجُّ أَي
ليُرَغِّبْك الحجُّ هو واجبٌ عليك فأَضمَر الأَوَّل لدلالة الثاني عليه ومَن نصب
الحجَّ [ ص 710 ] فقد جَعَلَ عليك اسمَ فِعْلٍ وفي كذَبَ ضمير الحجِّ وهي كلمةٌ
نادرةٌ جاءَت على غير القِياس وقيل كَذَب عليكم الحَجُّ أَي وَجَبَ عليكم الحَجُّ
وهو في الأَصل إِنما هو إِن قيل لا حَجَّ فهو كَذِبٌ ابن شميل كذبَك الحجُّ أَي
أَمكَنَك فحُجَّ وكذَبك الصَّيدُ أَي أَمكنَك فارْمِه قال ورفْعُ الحجّ بكَذَبَ
معناه نَصْبٌ لأَنه يريد أَن يَأْمُر بالحج كما يقال أَمْكَنَك الصَّيدُ يريدُ
ارْمِه قال عنترة يُخاطبُ زوجته
كَذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٌ ... إِنْ كُنْتِ سائِلَتي غَبُوقاً فاذهبي
يقول لها عليكِ بأَكل العَتيق وهو التمر اليابس وشُرْبِ الماءِ البارد ولا
تتعرَّضي لغَبُوقِ اللَّبن وهو شُرْبه عَشِيّاً لأَنَّ اللبن خَصَصْتُ به مُهري
الذي أَنتفع به ويُسَلِّمُني وإِياكِ من أَعدائي وفي حديث عُمَر شكا إِليه عمرو بن
معد يكرب أَو غيره النِّقْرِسَ فقال كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي فيها
والظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحرّ وفي رواية كَذَبَ عليك الظواهرُ جمع ظاهرة وهي
ما ظهر من الأَرض وارْتَفَع وفي حديث له آخر إِن عمرو بن معد يكرب شَكا إِليه
المَعَص فقال كَذَبَ عليك العَسَلُ يريد العَسَلانَ وهو مَشْيُ الذِّئب أَي عليك
بسُرعةِ المشي والمَعَصُ بالعين المهملة التواءٌ في عصَبِ الرِّجل ومنه حديث عليٍّ
عليه السلام كذَبَتْكَ الحارقَةُ أَي عليك بمثْلِها والحارِقةُ المرأَة التي
تَغْلِبُها شهوَتُها وقيل الضيقة الفَرْج قال أَبو عبيد قال الأَصمعي معنى كذَبَ
عليكم مَعنى الإِغراء أَي عليكم به وكأَن الأَصلَ في هذا أَن يكونَ نَصْباً ولكنه
جاءَ عنهم بالرفع شاذاً على غير قياس قال ومما يُحَقِّقُ ذلك أَنه مَرفوعٌ قول
الشاعر
كَذَبْتُ عَلَيكَ لا تزالُ تَقوفُني ... كما قافَ آثارَ الوَسيقةِ قائفُ
فقوله كذَبْتُ عليك إِنما أَغْراه بنفسه أَي عَليكَ بي فَجَعَلَ نَفْسَه في موضع
رفع أَلا تراه قد جاءَ بالتاءِ فَجَعَلها اسْمَه ؟ قال مُعَقِّرُ بن حمار
البارقيُّ
وذُبْيانيَّة أَوصَتْ بَنِيها ... بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ
قال أَبو عبيد ولم أَسْمَعْ في هذا حرفاً منصوباً إِلا في شيءٍ كان أَبو عبيدة
يحكيه عن أَعرابيٍّ نَظر إِلى ناقة نِضْوٍ لرجل فقال كذَبَ عليكَ البَزْرُ والنَّوَى
وقال أَبو سعيد الضَّرِير في قوله كذَبْتُ عليك لا تزالُ تقُوفُني أَي ظَنَنْتُ بك
أَنك لا تَنامُ عن وِتْري فَكَذَبْتُ عليكم فأَذَلَّه بهذا الشعر وأَخْمَلَ
ذِكْرَه وقال في قوله بأَن كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ قال القَراطِفُ أَكْسِيَةٌ
حُمْر وهذه امرأَة كان لها بَنُونَ يركَبُونَ في شارة حَسَنةٍ وهم فُقَراء لا
يَمْلكُون وراءَ ذلك شيئاً فَساءَ ذلك أُمَّهُم لأَنْ رأَتْهم فُقراءَ فقالت
كَذَبَ القَراطِفُ أَي إِنَّ زِينَتهم هذه كاذبةٌ ليس وراءَها عندهم شيءٌ ابن
السكيت تقول للرجل إِذا أَمَرْتَه بشيءٍ وأَغْرَيْته كَذَب علَيك كذا وكذا أَي
عليكَ به وهي كلمة نادرةٌ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي [ ص 711 ] لخِداشِ بن زُهَير
كَذَبْتُ عليكم أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا ... بيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدانَ
مَوْظِبِ
أَي عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر واقْطَعُوا بِذِكْري الأَرضَ وأَنْشِدوا
القومَ هجائي يا قِرْدانَ مَوْظِبٍ وكَذَبَ لَبنُ الناقة أَي ذهَبَ هذه عن
اللحياني وكَذَبَ البعيرُ في سَيره إِذا ساءَ سَيرُه قال الأَعشى
جُمالِيَّةٌ تَغْتَلي بالرِّداف ... إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجيرا
ابن الأَثير في الحديث الحجامةُ على الرِّيق فيها شِفاءٌ وبَرَكة فمن احْتَجَمَ
فيومُ الأَحدِ والخميسِ كَذَباك أَو يومُ الاثنين والثلاثاء معنى كَذَباك أَي عليك
بهما يعني اليومين المذكورين قال الزمخشري هذه كلمةٌ جَرَتْ مُجْرى المَثَل في
كلامهم فلذلك لم تُصَرَّفْ ولزِمَتْ طَريقةً واحدة في كونها فعلاً ماضياً
مُعَلَّقاً بالمُخاطَب وحْدَه وهي في معنى الأَمْرِ كقولهم في الدعاءِ رَحِمَك
اللّه أَي لِيَرْحَمْكَ اللّهُ قال والمراد بالكذب الترغيبُ والبعثُ مِنْ قول
العرب كَذَبَتْه نَفْسُه إِذا مَنَّتْه الأَمانيَّ وخَيَّلَت إِليه مِنَ الآمال ما
لا يكادُ يكون وذلك مما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور ويَبْعَثُه على التَّعرُّض
لها ويقولون في عكسه صَدَقَتْه نَفْسُه وخَيَّلَتْ إِليه العَجْزَ والنَّكَدَ في
الطَّلَب ومِن ثَمَّ قالوا للنَّفْسِ الكَذُوبُ فمعنى قوله كذَباك أَي ليَكْذِباك
ولْيُنَشِّطاكَ ويَبْعَثاك على الفعل قال ابن الأَثير وقد أَطْنَبَ فيه الزمخشري
وأَطالَ وكان هذا خلاصةَ قوله وقال ابن السكيت كأَنَّ كَذَبَ ههنا إِغراءٌ أَي
عليك بهذا الأَمر وهي كلمة نادرة جاءَت على غير القياس يقال كَذَبَ عليك أَي
وَجَبَ عليك والكَذَّابةُ ثوبٌ يُصْبغ بأَلوانٍ يُنْقَشُ كأَنه مَوْشِيٌّ وفي حديث
المَسْعُودِيِّ رأَيتُ في بيت القاسم كَذَّابَتَين في السَّقْفِ الكَذَّابةُ ثوبٌ
يُصَوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت سُميت به لأَنها تُوهم أَنها في السَّقْف
وإِنما هي في الثَّوْب دُونَه والكَذَّابُ اسمٌ لبعض رُجَّازِ العَرب
والكَذَّابانِ مُسَيْلِمةُ الحَنَفِيُّ والأَسوَدُ العَنْسِيُّ