ثابَ الرَّجُلُ
يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه ويقال ثابَ فلان إِلى اللّه وتابَ
بالثاء والتاء أَي عادَ ورجعَ إِلى طاعته وكذلك أَثابَ بمعناه ورجلٌ تَوّابٌ
أَوّابٌ ثَوّابٌ مُنيبٌ بمعنى واحد ورجل ثَوّابٌ للذي يَبِيعُ الثِّيابَ وثابَ
الناسُ اج
ثابَ الرَّجُلُ
يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه ويقال ثابَ فلان إِلى اللّه وتابَ
بالثاء والتاء أَي عادَ ورجعَ إِلى طاعته وكذلك أَثابَ بمعناه ورجلٌ تَوّابٌ
أَوّابٌ ثَوّابٌ مُنيبٌ بمعنى واحد ورجل ثَوّابٌ للذي يَبِيعُ الثِّيابَ وثابَ
الناسُ اجْتَمَعُوا وجاؤُوا وكذلك الماءُ إِذا اجْتَمَعَ في الحَوْضِ وثابَ الشيءُ
ثَوْباً وثُؤُوباً أَي رَجَعَ قال
وزَعْتُ بِكالهِراوةِ أعْوَجِيٍّ ... إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وَثابا
ويروى وِثابا وهو مذكور في موضعه وثَوَّبَ كثابَ أَنشد ثعلب لرجل يصف ساقِيَيْنِ
إِذا اسْتَراحا بَعْدَ جَهْدٍ ثَوَّبا والثَّوابُ النَّحْلُ لأَنها تَثُوبُ قالَ
ساعِدةُ بن جُؤَيَّةَ
من كل مُعْنِقَةٍ وكُلِّ عِطافةٍ ... منها يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَرْعَبُ
وثابَ جِسْمُه ثَوَباناً وأَثابَ أَقْبَلَ الأَخيرة عن ابن قتيبة وأَثابَ الرَّجلُ
ثابَ إِليه جِسْمُه وصَلَح بَدَنُهُ التهذيب ثابَ إِلى العَلِيلِ جِسْمُه إِذا
حسُنَتْ حالُه بعْدَ تَحوُّلِه ورجَعَتْ إِليه صِحَّتُه وثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ
ثَوْباً وثُؤُوباً امْتَلأَ أَو قارَبَ وثُبةُ الحَوْض ومَثابُه وَسَطُه الذي
يَثُوبُ إِليه الماءُ إِذا اسْتُفرِغَ حُذِفَتْ عَينُه والثُّبةُ ما اجْتَمع إِليه
الماءُ في الوادي أَو في الغائِط قال وإِنما سميت ثُبةً لأَن الماءَ يَثُوبُ إِليها
والهاء عوض من الواو الذاهبة من عين الفعل كما عوّضوا من قولهم أَقام إِقامةً
وأَصله إِقْواماً ومَثابُ البئر وَسَطها ومَثابُها مقامُ السَّاقي من عُرُوشها على
فَم البئر قال القطامي يصف البِئر وتَهَوُّرَها
وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ ... إِذا اسْتُلَّ مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ
الدَّعائُم
ومَثابَتُها مَبْلَغُ جُمُومِ مائِها ومَثابَتُها ما أَشْرَفَ من الحجارة حَوْلَها
يَقُوم عليها الرَّجل أَحياناً كي لا تُجاحِفَ الدَّلْوَ الغَرْبَ ومَثابةُ
البِئْرِ أَيضاً طَيُّها عن ابن الأَعرابي قال ابن سيده لا أَدري أَعَنَى بطَيّها
موضِعَ طَيِّها أَم عَنى الطَّيَّ الذي هو بِناؤُها بالحجارة قال وقَلَّما تكون
المَفْعَلةُ مصدراً وثابَ الماءُ بَلَغ إِلى حاله الأَوّل بعدما يُسْتَقَى التهذيب
وبِئْرٌ ذاتُ ثَيِّبٍ وغَيِّثٍ إِذا اسْتُقِيَ منها عادَ مكانَه ماءٌ آخَر وثَيّبٌ
كان في الأَصل ثَيْوِبٌ قال ولا يكون الثُّؤُوبُ أَوَّلَ الشيءِ حتى يَعُودَ
مَرَّةً بعد أُخرى ويقال بِئْر لها ثَيْبٌ أَي يَثُوبُ الماءُ فيها والمَثابُ
صَخْرة يَقُوم السَّاقي عليها يثوب إِليها الماء [ ص 244 ] قال الراعي مُشْرفة
المَثاب دَحُولا قال الأَزهري وسمعت العرب تقول الكَلأُ بمَواضِعِ كذا وكذا مثل
ثائِبِ البحر يَعْنُون أَنه غَضٌّ رَطْبٌ كأَنه ماءُ البحر إِذا فاضَ بعد جزْرٍ
وثابَ أَي عادَ ورَجَع إِلى مَوْضِعِه الذي كان أَفْضَى إِليه ويقال ثابَ ماءُ
البِئر إِذا عادَتْ جُمَّتُها وما أَسْرَعَ ثابَتَها والمَثابةُ الموضع الذي
يُثابُ إِليه أَي يُرْجَعُ إِليه مرَّة بعد أُخرى ومنه قوله تعالى وإِذ جَعَلْنا
البيتَ مَثابةً للناسِ وأَمْناً وإِنما قيل للمنزل مَثابةٌ لأَنَّ أَهلَه
يَتَصَرَّفُون في أُمُورهم ثم يَثُوبون إِليه والجمع المَثابُ قال أَبو إِسحق
الأَصل في مَثابةٍ مَثْوَبةٌ ولكن حركةَ الواو نُقِلَت إِلى الثاء وتَبِعَت الواوُ
الحركةَ فانقَلَبَتْ أَلفاً قال وهذا إِعلال باتباع باب ثابَ وأَصل ثابَ ثَوَبَ
ولكن الواو قُلبت أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها قال لا اختلاف بين النحويين في
ذلك والمَثابةُ والمَثابُ واحد وكذلك قال الفرَّاءُ وأَنشد الشافعي بيت أَبي طالب
مَثاباً لأَفْناءِ القَبائِلِ كلِّها ... تَخُبُّ إِليه اليَعْمَلاَتُ الذَّوامِلُ
وقال ثعلب البيتُ مَثابةٌ وقال بعضهم مَثُوبةٌ ولم يُقرأْ بها ومَثابةُ الناسِ
ومثابُهم مُجتَمَعُهم بعد التَّفَرُّق وربما قالوا لموضع حِبالة الصائد مَثابة قال
الراجز مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثابا لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا يعني
بالشَّيْخِ الوَعِلَ والثُّبةُ الجماعةُ من الناس من هذا وتُجْمَعُ ثُبَةٌ ثُبًى
وقد اختلف أَهل اللغة في أَصلها فقال بعضهم هي من ثابَ أَي عادَ ورَجَعَ وكان أَصلها
ثَوُبةً فلما ضُمت الثاءُ حُذفت الواو وتصغيرها ثُوَيْبةٌ ومن هذا أُخذ ثُبةُ
الحَوْض وهو وسَطُه الذي يَثُوب إِليه بَقِيَّةُ الماءِ وقوله عز وجل فانْفِرُوا
ثُباتٍ أَو انْفروا جميعاً قال الفرّاءُ معناه فانْفِرُوا عُصَباً إِذا دُعِيتم
إِلى السَّرايا أَو دُعِيتم لتَنْفِروا جميعاً وروي أَنَّ محمد بن سلام سأَل يونس
عن قوله عز وجل فانْفِروا ثُباتٍ أَو انْفِرُوا جميعاً قال ثُبَةٌ وثُباتٌ أَي
فِرْقةٌ وفِرَقٌ وقال زهير
وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ ... نَشاوَى واجِدِينَ لِما نَشاءُ
قال أَبو منصور الثُّباتُ جَماعاتٌ في تَفْرِقةٍ وكلُّ فِرْقةٍ ثُبةٌ وهذا من ثابَ
وقال آخرون الثُّبةُ من الأَسْماءِ الناقصة وهو في الأَصل ثُبَيةٌ فالساقط لام
الفعل في هذا القول وأَما في القول الأَوّل فالساقِطُ عين الفعل ومَن جعل الأَصل
ثُبَيةً فهو من ثَبَّيْتُ على الرجل إِذا أَثْنَيْتَ عليه في حياتِه وتأْوِيلُه
جَمْعُ مَحاسِنِهِ وإِنما الثُّبةُ الجماعةُ وثاب القومُ أَتَوْا مُتواتِرِين ولا
يقالُ للواحد والثَّوابُ جَزاءُ الطاعةِ وكذلك المَثُوبةُ قال اللّه تعالى
لَمَثُوبةٌ مِن عندِ اللّهِ خَيْرٌ وأَعْطاه ثَوابَه ومَثُوبَتَهُ ومَثْوَبَتَه
أَي جَزاءَ ما عَمِلَه وأَثابَه اللّهُ ثَوابَه وأَثْوَبَه وثوَّبَه مَثُوبَتَه
أَعْطاه إِيّاها وفي التنزيل العزيز هل ثُوِّبَ الكُفَّارُ ما [ ص 245 ] كانوا
يَفْعلون أَي جُوزُوا وقال اللحياني أَثابَهُ اللّهُ مَثُوبةً حَسَنَةً ومَثْوَبةٌ
بفتح الواو شاذ منه ومنه قراءة مَن قرأَ لمَثْوَبةٌ من عند اللّه خَيْرٌ وقد
أَثْوَبه اللّهُ مَثْوَبةً حسَنةً فأَظْهر الواو على الأَصل وقال الكلابيون لا
نَعرِف المَثْوبةَ ولكن المَثابة وثَوَّبه اللّهُ مِن كذا عَوَّضه وهو من ذلك
واسْتَثابَه سأَله أَن يُثِيبَه وفي حديث ابن التَّيِّهانِ رضي اللّه عنه
أَثِيبُوا أَخاكم أَي جازُوه على صَنِيعِهِ يقال أَثابَه يُثِيبه إِثابةً والاسم
الثَّوابُ ويكون في الخير والشرِّ إِلا أَنه بالخير أَخَصُّ وأَكثر استِعمالاً
وأَما قوله في حديث عمر رضي اللّه عنه لا أَعرِفَنَّ أَحداً انْتَقَص مِن سُبُلِ
الناسِ إِلى مَثاباتِهم شيئاً قال ابن شميل إِلى مَثاباتِهم أَي إِلىمَنازِلهم
الواحد مَثابةٌ قال والمَثابةُ المَرْجِعُ والمَثابةُ المُجْتمَعُ والمَنْزِلُ
لأَنَّ أَهلَه يَثُوبُون إِليه أَي يرجِعُون وأَراد عُمر رضي اللّه عنه لا
أَعْرِفَنَّ أَحداً اقْتَطع شيئاً من طُرُق المسلمين وأَدخله دارَه ومنه حديث
عائشة رضي اللّه عنها وقولُها في الأَحْنَف أَبي كانَ يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهِه
وفي حديث عَمْرو ابن العاص رضي اللّه عنه قِيلَ له في مَرَضِه الذي مات فيه كَيْفَ
تَجِدُكَ ؟ قال أَجِدُني أَذُوبُ ولا أَثُوبُ أَي أَضْعُفُ ولا أَرجِعُ إِلى
الصِّحة ابن الأَعرابي يقال لأَساس البَيْتِ مَثاباتٌ قال ويقال لتُراب الأَساس
النَّثِيل قال وثابَ إِذا انْتَبَه وآبَ إِذا رَجَعَ وتابَ إِذا أَقْلَعَ
والمَثابُ طَيُّ الحجارة يَثُوبُ بَعْضُها على بعض من أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه
والمَثابُ الموضع الذي يَثُوبُ منه الماءُ ومنه بِئْر ما لها ثائِبٌ والثَّوْبُ
اللِّباسُ واحد الأَثْوابِ والثِّيابِ والجمع أَثْوُبٌ وبعض العرب يهمزه فيقول
أَثْؤُبٌ لاستثقال الضمة على الواو والهمزةُ أَقوى على احتمالها منها وكذلك دارٌ
وأَدْؤُرٌ وساقٌ وأَسْؤُقٌ وجميع ما جاءَ على هذا المثال قال معروف بن عبدالرحمن
لكُلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْؤُبا حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْيَبا
أَمْلَحَ لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا وأَثْوابٌ وثِيابٌ التهذيب وثلاثةُ أَثْوُبٍ
بغير همز وأَما الأَسْؤُقُ والأَدْؤُرُ فمهموزان لأَنَّ صرف أَدْؤُرٍ على دار وكذلك
أَسْؤُق على ساقٍ والأَثْوبُ حُمِل الصَّرْفُ فيها على الواو التي في الثَوْب
نَفْسِها والواو تحتمل الصرف من غير انهماز قال ولو طرح الهمز من أَدْؤُر وأَسْؤُق
لجاز على أَن تردّ تلك الأَلف إِلى أَصلها وكان أَصلها الواو كما قالوا في جماعة
النابِ من الإِنسان أَنْيُبٌ همزوا لأَنَّ أَصل الأَلف في الناب ياء ( 1 )
( 1 قوله « همزوا لأَن أصل الألف إلخ » كذا في النسخ ولعله لم يهمزوا كما يفيده
التعليل بعده ) وتصغير نابٍ نُيَيْبٌ ويجمع أَنْياباً ويقال لصاحب الثِّياب
ثَوَّابٌ وقوله عز وجل وثيابَكَ فَطَهِّرْ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول لا
تَلْبَسْ ثِيابَك على مَعْصِيةٍ ولا على فُجُورِ كُفْرٍ واحتجَّ بقول الشاعر
إِني بِحَمْدِ اللّهِ لا ثَوْبَ غادِرٍ ... لَبِسْتُ وَلا مِنْ خَزْيةٍ
أَتَقَنَّعُ
[ ص 246 ] وقال أَبو العباس الثِّيابُ اللِّباسُ ويقال للقَلْبِ وقال الفرَّاءُ
وثِيابَك فَطَهِّرْ أَي لا تكن غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك فإِنَّ الغادِرَ
دَنِسُ الثِّيابِ ويقال وثِيابَك فطَهِّرْ يقول عَمَلَكَ فأَصْلِحْ ويقال
وثِيابَكَ فطهر أَي قَصِّرْ فإِن تَقْصِيرها طُهْرٌ وقيل نَفْسَكَ فطَهِّر والعرب
تَكْني بالثِّيابِ عن النَفْسِ وقال فَسُلِّي ثيابي عن ثِيابِكِ تَنْسَلِي وفلان
دَنِسُ الثِّيابِ إِذا كان خَبيثَ الفِعْل والمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض قال
امْرُؤُ القَيْس
ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ ... وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسافِرِ غُرّانُ
وقال
رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ ولا تَرَى ... لها شَبَهاً الا النَّعامَ المُنَفَّرا
رَمَوْها يعني الرّكابَ بِأَبْدانِهِم ومثله قول الراعي
فقامَ إِليها حَبْتَرٌ بِسلاحِه ... وللّه ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى
يريد ما اشْتَمَل عليه ثَوْبا حَبْتَرٍ من بَدَنِه وفي حديث الخُدْرِيِّ لَمَّا
حَضَره المَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَها ثم ذكر عن النبي صلى اللّه عليه
وسلم أَنه قال إِن المَيّتَ يُبْعَثُ في ثِيابِه التي يَموتُ فيها قال الخطابي
أَما أَبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهرهِ وقد رُوي في تحسين الكَفَنِ أَحاديثُ
قال وقد تأَوّله بعضُ العلماء على المعنى وأَراد به الحالةَ التي يَمُوت عليها من
الخَير والشرّ وعَمَلَه الذي يُخْتَم له به يقال فلان طاهِرُ الثيابِ إِذا
وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ من العَيْبِ ومنه قوله تعالى وثِيابَكَ
فَطَهِّرْ وفلان دَنِسُ الثّياب إِذا كان خَبِيثَ الفعل والمَذْهبِ قال وهذا
كالحديث الآَخَر يُبْعَثُ العَبْدُ على ما مات عليه قال الهَروِيُّ وليس قَولُ من
ذَهَبَ به إِلى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إِنما يُكَفَّنُ بعد الموت وفي
الحديث مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللّهُ تعالى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ أَي يَشْمَلُه
بالذلِّ كما يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه في العُيون ويُحَقِّرَه في
القُلوب والشهرة ظُهور الشيء في شُنْعة حتى يُشْهِره الناسُ وفي الحديث
المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ قال ابن الأَثير المُشْكِلُ
من هذا الحديث تثنية الثوب قال الأَزهريّ معناه أَن الرجل يَجعَلُ لقَميصِه
كُمَّيْنِ أَحدُهما فوق الآخر لِيُرَى أَن عليه قَميصَين وهما واحد وهذا إِنما
يكونُ فيه أَحدُ الثَّوْبَيْن زُوراً لا الثَّوْبانِ وقيل معناه أَن العرب أَكثر
ما كانت تَلْبَسُ عند الجِدَّةِ والمَقْدُرةِ إِزاراً ورداءً ولهذا حين سُئل النبي
صلى اللّه عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد قال أَوكُلُّكُم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ
؟ وفسره عمر رضي اللّه عنه بإِزارٍ ورِداء وإِزار وقميص وغير ذلك وروي عن إِسحق بن
راهُويه قال سأَلتُ أَبا الغَمْرِ الأَعرابيَّ وهو ابنُ ابنةِ ذي الرُّمة عن تفسير
ذلك فقال كانت العربُ إِذا اجتَمَعوا في المحافِلِ كانت لهم جماعةٌ يَلْبَسُ
أَحدُهم ثوبين حَسَنَيْن فإِن احتاجوا إِلى شَهادةٍ شَهِدَ لهم بِزُور فيُمْضُون
شَهادتَه بثَوْبَيْهِ فيقولون ما أَحْسَنَ [ ص 247 ] ثِيابَه وما أَحسنَ هَيْئَتَه
فَيُجيزون شهادته لذلك قال والأَحسن أَن يقال فيه إِنَّ المتشبّعَ بما لم يُعْطَ
هو الذي يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لم يُعْطَه فأَمّا أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ ليست
فيه يريدُ أَنَّ اللّه تعالى منَحَه إِيّاها أَو يُريد أَنّ بعضَ الناسِ وصَلَهُ
بشيءٍ خَصَّه به فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين أَحدهما اتّصافُه بما ليس فيه
أَو أَخْذُه ما لم يأْخُذْه والآخَر الكَذِبُ على المُعْطِي وهو اللّهُ أَو الناسُ
وأَراد بثوبي زُورٍ هذين الحالَيْن اللَّذَيْنِ ارْتَكَبَهما واتَّصفَ بهما وقد
سبق أَن الثوبَ يُطلق على الصفة المحمودة والمذمومة وحينئذ يصح التشبيه في التثنية
لإِنه شَبَّه اثنين باثنين واللّه أَعلم ويقال ثَوَّبَ الدَّاعِي تَثْوِيباً إِذا
عاد مرَّة بعد أُخرى ومنه تَثْوِيبُ المؤذّن إِذا نادَى بالأَذانِ للناس إِلى
الصلاة ثم نادَى بعد
( يتبع )( ( ) تابع 1 ) ثوب ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً
وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه التأْذين فقال الصلاةَ رَحمكم اللّه الصلاةَ يَدْعُو
إِليها عَوْداً بعد بَدْء والتَّثْوِيبُ هو الدُّعاء للصلاة وغيرها وأَصله أَنَّ
الرجلَ إِذا جاءَ مُسْتَصْرِخاً لوَّحَ بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهِر فكان ذلك
كالدُّعاء فسُمي الدعاء تثويباً لذلك وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ وقيل إِنما سُمِّي
الدُّعاء تَثْوِيباً من ثاب يَثُوبُ إِذا رجَع فهو رُجُوعٌ إِلى الأَمر بالمُبادرة
إِلى الصلاة فإِنّ المؤَذِّن إِذا قال حَيَّ على الصلاة فقد دَعاهم إِليها فإِذا
قال بعد ذلك الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم فقد رجَع إِلى كلام معناه المبادرةُ إِليها
وفي حديث بِلال أَمرَني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَنْ لا أُثَوِّبَ في
شيءٍ من الصلاةِ إِلاَّ في صلاةِ الفجر وهو قوله الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم مرتين
وقيل التَّثْويبُ تثنية الدعاء وقيل التثويب في أَذان الفجر أَن يقول المؤَذِّن
بعد قوله حيّ على الفلاح الصلاةُ خير من النَّوْم يقولها مرتين كما يُثوِّب بين
الأَذانين الصلاةَ رحمكم اللّه الصلاةَ وأَصلُ هذا كلِّه من تَثْوِيب الدعاء مرة
بعدَ اخرى وقيل التَّثوِيبُ الصلاةُ بعدَ الفَريضة يقال تَثَوَّبت أَي تَطَوَّعْت
بعد المكتُوبة ولا يكون التَّثْوِيبُ إِلا بعد المكتوبة وهو العود للصلاة بعد
الصلاة وفي الحديث إِذا ثُوِّبَ بالصلاة فأْتُوها وعليكم السَّكِينةُ والوَقارُ
قال ابن الأَثير التَّثْويبُ ههنا إِقامةُ الصلاة وفي حديث أُم سلمة أَنها قالت
لعائشة رضي اللّه عنها حين أَرادت الخُروجَ إِلى البصرة إِنَّ عَمُودَ الدِّين لا
يُثابُ بالنساءِ إِنْ مالَ تريد لا يُعادُ إِلى اسْتِوائه من ثابَ يَثُوبُ إِذا
رجَع ويقال ذَهَبَ مالُ فلانٍ فاسْتَثابَ مالاً أَي اسْتَرْجَع مالاً وقال الكميت
إِنّ العَشِيرةَ تَسْتَثِيبُ بمالِه ... فتُغِيرُ وهْوَ مُوَفِّرٌ أَمْوالَها
وقولهم في المثلِ هو أَطْوَعُ من ثَوابٍ هو اسم رجل كان يُوصَفُ بالطَّواعِيةِ قال
الأَخفش بن شهاب
وكنتُ الدَّهْرَ لَسْتُ أُطِيع أُنْثَى ... فَصِرْتُ اليومَ أَطْوَعَ مِن ثَوابِ
التهذيب في النوادر أَثَبْتُ الثَّوْبَ إِثابةً إِذا كَفَفْتَ مَخايِطَه
ومَلَلْتُه خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بغير كَفٍّ والثائبُ الرّيحُ الشديدةُ تكونُ
في أَوّلِ المَطَر وثَوْبانُ اسم رجل [ ص 248 ]
معنى
في قاموس معاجم
الجَرَبُ معروف
بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً فهو جَرِبٌ
وجَرْبان وأَجْرَبُ والأُنثى جَرْباءُ والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ وقيل
الجِرابُ جمع الجُرْبِ قاله الجوهري وقال ابن بري ليس بصحيح إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ
جمع أَجْ
الجَرَبُ معروف
بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً فهو جَرِبٌ
وجَرْبان وأَجْرَبُ والأُنثى جَرْباءُ والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ وقيل
الجِرابُ جمع الجُرْبِ قاله الجوهري وقال ابن بري ليس بصحيح إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ
جمع أَجْرَبَ قال سُوَيد بن الصَّلْت وقيل لعُميِّر بن خَبَّاب قال ابن بري وهو
الأَصح
وفِينا وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ ... كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على
النَّشْرِ
يقول ظاهرُنا عند الصُّلْح حَسَنٌ وقلوبنا مُتضاغِنةٌ كما تنبُتُ أَوْبارُ
الجَرْبى على النَّشْر وتحته داء في أَجْوافِها والنَّشْرُ نبت يَخْضَرُّ بعد
يُبْسه في دُبُر الصيف وذلك لمطر يُصيِبه وهو مُؤْذٍ للماشية إِذا رَعَتْه وقالوا
في جمعه أَجارِب أَيضاً ضارَعُوا به الأَسْماءَ كأَجادِلَ وأَنامِلَ وأَجْرَبَ
القومُ جَرِبَتْ إِبلُهم وقولهم في الدعاءِ على الإِنسان ما لَه جَرِبَ وحَرِبَ
يجوز أَن يكونوا دَعَوْا عليه بالجَرَب وأَن يكونوا أَرادوا أَجْرَبَ أَي جَرِبَتْ
إِبلُه فقالوا حَرِبَ إِتْباعاً [ ص 260 ] لجَرِبَ وهم قد يوجبون للإِتباع حُكْماً
لا يكون قبله ويجوز أَن يكونوا أَرادوا جَرِبَتْ إِبلُه فحذَفوا الإِبل وأَقامُوه
مُقامَها والجَرَبُ كالصَّدإِ مقصور يَعْلُو باطن الجَفْن ورُبَّما أَلبَسَه كلَّه
وربما رَكِبَ بعضَه والجَرْباءُ السماءُ سُمِّيت بذلك لما فيها من الكَواكِب وقيل
سميت بذلك لموضع المَجَرَّةِ كأَنها جَرِبَتْ بالنُّجوم قال الفارسي كما قيل
للبَحْر أَجْرَدُ وكما سموا السماءَ أَيضاً رَقيعاً لأَنها مَرقوعةٌ بالنجوم قال
أُسامة بن حبيب الهذلي
أَرَتْه مِنَ الجَرْباءِ في كلِّ مَوْقِفٍ ... طِباباً فَمَثْواهُ النَّهارَ
المَراكِدُ
وقيل الجَرْباءُ من السماء الناحيةُ التي لا يَدُور فيها فلَكُ ( 1 )
( 1 قوله « لا يدور فيها فلك » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في المحكم وتبعه
المجد يدور بدون لا ) الشَّمْسِ والقمر أَبو الهيثم الجَرْباءُ والمَلْساءُ
السماءُ الدُّنيا وجِرْبةُ مَعْرِفةً اسمٌ للسماءِ أَراه من ذلك وأَرضٌ جَرْباءُ
ممْحِلةٌ مَقْحُوطةً لا شيءَ فيها ابن الأَعرابي الجَرْباءُ الجاريةُ الملِيحة
سُميت جَرْباءَ لأَن النساءَ يَنْفِرْنَ عنها لتَقْبِيحها بَمحاسنِها
مَحاسِنَهُنَّ وكان لعَقيلِ بن عُلَّفَةَ المُرّي بنت يقال لها الجَرْباءُ وكانت
من أَحسن النساءِ والجَرِيبُ من الطعام والأَرضِ مِقْدار معلوم الأَزهري الجَريبُ
من الأَرضِ مقدار معلومُ الذِّراع والمِساحةِ وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ كل قَفِيز
منها عَشَرةٌ أَعْشِراء فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ وقيل
الجَريبُ من الأَرض نصف الفِنْجانِ ( 2 )
( 2 قوله « نصف الفنجان » كذا في التهذيب مضبوطاً ) ويقال أَقْطَعَ الوالي فلاناً
جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْزَرَ جريب وهو مكيلة معروفة وكذلك أَعطاه صاعاً من
حَرَّة الوادِي أَي مَبْزَرَ صاعٍ وأَعطاه قَفِيزاً أَي مَبْزَرَ قَفِيزٍ قال
والجَرِيبُ مِكْيالٌ قَدْرُ أَربعةِ أَقْفِزةٍ والجَرِيبُ قَدْرُ ما يُزْرَعُ فيه
من الأَرض قال ابن دريد لا أَحْسَبُه عَرَبِيّاً والجمعُ أَجْرِبةٌ وجُرْبانٌ وقيل
الجَرِيبُ المَزْرَعَةُ عن كُراعٍ والجِرْبةُ بالكسر المَزْرَعَةُ قال بشر بن أَبي
خازم
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ ... على جِرْبةٍ تَعْلُو الدِّبارَ
غُروبُها
الدَبْرةُ الكَرْدةُ من المَزْرعةِ والجمع الدِّبارُ والجِرْبةُ القَراحُ من
الأَرض قال أَبو حنيفة واسْتَعارها امرؤُ القيس للنَّخْل فقال كَجِرْبةِ نَخْلٍ
أَو كَجنَّةِ يَثْرِبِ وقال مرة الجِرْبةُ كلُّ أَرضٍ أُصْلِحَتْ لزرع أَو غَرْسٍ
ولم يذكر الاستعارةَ قال والجمع جِرْبٌ كسِدْرةٍ وسِدْرٍ وتِبْنةٍ وتِبْنٍ ابن
الأَعرابي الجِرْبُ القَراحُ وجمعه جِربَةٌ الليث الجَرِيبُ الوادي وجمعه
أَجْرِبةٌ والجِرْبةُ البُقْعَةُ الحَسَنةُ النباتِ وجمعها جِرَبٌ وقول الشاعر
وما شاكِرٌ إِلا عصافِيرُ جِرْبةٍ ... يَقُومُ إِليها شارِجٌ فيُطِيرُها
يجوز أَن تكون الجِرْبةُ ههنا أَحد هذه الاشياءِ [ ص 261 ] المذكورة والجِرْبةُ
جِلْدةٌ أَوبارِيةٌ تُوضَعُ على شَفِير البِئْر لئلا يَنْتَثِر الماءُ في البئر
وقيل الجِرْبةُ جِلدةٌ توضع في الجَدْوَلِ يَتَحَدَّرُ عليها الماءُ والجِرابُ
الوِعاءُ مَعْرُوف وقيل هو المِزْوَدُ والعامة تفتحه فتقول الجَرابُ والجمع
أَجْرِبةٌ وجُرُبٌ وجُرْبٌ غيره والجِرابُ وِعاءٌ من إِهاب الشَّاءِ لا يُوعَى فيه
إِلا يابسٌ وجِرابُ البئر اتِّساعُها وقيل جِرابُها ما بين جالَيْها وحَوالَيْها
وفي الصحاح جَوْفُها من أَعْلاها إِلى أَسْفَلِها ويقال اطْوِ جِرابَها بالحجارة
الليث جِرابُ البئر جَوْفُها من أَوَّلها إِلى آخرها والجِرابُ وِعاءُ
الخُصْيَتَيْنِ وجِرِبَّانُ الدِّرْعِ والقميصِ جَيْبُه وقد يقال بالضم وهو
بالفارسية كَرِيبان وجِرِبَّانُ القَمِيص لَبِنَتُهُ فارسي معرب وفي حديث قُرَّةً
المزني أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فَأَدخلت يدي في جُرُبَّانه
الجُرُبَّانُ بالضم هو جَيْبُ القميص والأَلف والنون زائدتان الفرَّاءُ جُرُبَّانُ
السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدُه وعلى لفظه جُرُبَّانُ القمِيص شمر عن ابن الأَعرابي
الجُرُبَّانُ قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يكون فيه أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وما
يَحْتاجُ إِليه وفي الحديث والسَّيْفُ في جُرُبَّانه أَي في غِمْده غيره
جُرُبَّانُ السَّيْفِ بالضم والتشديد قِرابُه وقيل حَدُّه وقيل جُرْبانُه
وجُرُبَّانُه شيءٌ مَخْرُوزٌ يُجعَلُ فيه السَّيْفُ وغِمْدُه وحَمائلُه قال
الرَّاعي
وعلى الشَّمائلِ أَنْ يُهاجَ بِنا ... جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ عَضْبِ
عنَى إِرادة أَن يُهاجَ بِنا ومَرْأَة جِرِبَّانةٌ صَخَّابةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ
كجِلِبّانةٍ عن ثعلب قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلالي
جِرِبَّانةٌ وَرْهاءُ تَخْصِي حِمارَها ... بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها
الجَلامِدُ
قال الفارسي هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس يقول قَوْم مكان تَخْصي حِمارَها
تُخْطِي خِمارَها يظنونه من قولهم العَوانُ لا تُعَلَّمُ الخِمْرةَ وإِنما
يَصِفُها بقلَّة الحَياء قال ابن الأعرابي يقال جاءَ كَخاصي العَيْرِ إِذا وُصِفَ
بقلة الحياءِ فعلى هذا لا يجوز في البيت غيْرُ تَخْصِي حِمارَها ويروى جِلِبَّانةٌ
وليست راء جِرِبَّانةٍ بدلاً من لام جِلِبَّانةٍ إِنما هي لغة وهي مذكورة في
موضعها ابن الأَعرابي الجَرَبُ العَيْبُ غيره الجَرَبُ الصَّدَأُ يركب السيف
وجَرَّبَ الرَّجلَ تَجْرِبةً اخْتَبَرَه والتَّجْرِبةُ مِن المَصادِرِ
المَجْمُوعةِ قال النابغة إِلى اليَوْمِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ وقال
الأَعشى
كَمْ جَرَّبُوه فَما زادَتْ تَجارِبُهُمْ ... أَبا قُدامَةَ إِلاَّ المَجْدَ
والفَنَعا
فإِنه مَصْدر مَجْمُوع مُعْمَل في المَفْعول به وهو غريب قال ابن جني وقد يجوز أَن
يكون أَبا قُدامةَ منصوباً بزادَتْ أَي فما زادت أَبا قُدامةَ تَجارِبُهم إِياه
إِلا المَجْدَ قال والوجه أَنْ يَنْصِبه بِتَجارِبُهم لأَنها العامل الأَقرب ولأنه
لو أَراد [ ص 262 ] إِعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً فيقول
فما زادت تَجارِبُهم إِياه أَبا قُدامةَ إِلا كذا كما تقول ضَرَبْتُ فأَوْجَعْته
زيداً ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إِعمال الأَول وذلك أَنك إِذا كنت
تُعْمِلُ الأَوَّل على بُعْدِه وَجَبَ إِعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه لأَنه لا يكون
الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب فإِن قلت أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من
مفعول العامل الثاني قيل لك فإِذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال
الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإِعمال الأَوّل الأَبعد وليس لك في هذا ما لَكَ
في الفاعل لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدّمِ ذكرٍ إِلا مُسْتَكْرَهاً
فتُعْمِل الأَوّل فتقول قامَ وقَعدا أَخَواكَ فأَما المفعول فمنه بُدٌّ فلا ينبغي
أَن يُتباعَد بالعمل إِليه ويُترك ما هو أَقربُ إِلى المعمول فيه منه ورجل
مُجَرَّب قد بُليَ ما عنده ومُجَرِّبٌ قد عَرفَ الأُمورَ وجَرَّبها فهو بالفتح
مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه والمُجَرَّبُ مثل المُجَرَّس
والمُضَرَّسُ الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور وأَحكمته فإِن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً
إِلا أَن العرب تكلمت به بالفتح التهذيب المُجَرَّب الذي قد جُرِّبَ في الأُمور
وعُرِفَ ما عنده أَبو زيد من أَمثالهم أَنت على المُجَرَّب قالته امرأَة لرجُل سأَلَها
بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها أَعذْراءُ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ ؟ قالت له أَنت على
المُجَرَّبِ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه
ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ مَوْزُونةٌ عن كراع وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه
خُصومةٌ فبلَغها مَوْتُه
سَأَجْعَلُ للموتِ الذي التَفَّ رُوحَه ... وأَصْبَحَ في لَحْدٍ بجُدَّة ثَاوِيا
ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً ... مُجَرَّبةً نَقْداً ثِقالاً صَوافِيا
والجَرَبَّةُ بالفتح وتشديد الباءِ جَماعة الحُمُر وقيل هي الغِلاظُ الشِّداد منها
وقد يقال للأَقْوِياءِ من الناس إِذا كانوا جَماعةً مُتساوِينَ جَرَبَّةٌ قال
جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ ... لا ضَرَعٌ فينا ولا مُذَكِّي
يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ والأَبَكُّ موضع
والجَرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجةِ يكونون مُسْتَوِينَ ابن بُزُرْج الجَرَبَّةُ
الصَّلامةُ من الرجال الذين لا سَعْيَ لهم ( 1 )
( 1 قوله « لا سعي لهم » في نسخة التهذيب لا نساء لهم ) وهم مع أُمهم قال الطرماح
وحَيٍّ كِرامٍ قد هَنأْنا جَرَبَّةٍ ... ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قال جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم يقول عَمَّمْناهم ولم نَخُصَّ كِبارَهم دون
صِغارِهم أَبو عمرو الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ وأَنشد
إِنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا ... تَحْسِبُه وهو مُخَنْذٍ ضَبَّا
وعيالٌ جَرَبَّةٌ يأْكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون والجَرَبَّةُ
والجَرَنْبة الكَثيرُ يقال عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ مثَّل به سيبويه وفسره
السِّيرافي وإِنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف والجِرْبِياءُ [ ص 263 ]
على فِعْلِياء بالكسر والمَدّ الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين الجَنُوبِ والصَّبا وقيل
هي الشَّمالُ وإِنما جِرْبياؤُها بَرْدُها والجِرْبِياءُ شَمالٌ بارِدةٌ وقيل هي
النَّكْباءُ التي تجري بين الشَّمال والدَّبُور وهي ريح تَقْشَعُ السحاب قال ابن
أَحمر
بِهَجْلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
ورماه بالجَرِيب أَي الحَصَى الذي فيه التراب قال وأُراه مشتقاً من الجِرْبِياءِ
وقيل لابنة الخُسِّ ما أَشدُّ البَرْدِ ؟ فقالت شَمالٌ جِرْبياءُ تحتَ غِبِّ
سَماءٍ والأَجْرَبانِ بَطْنانِ من العرب
والأَجْربانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانَ قال العباسُ بن مِرْداسٍ
وفي عِضادَتِه اليُمْنَى بَنُو أسَدٍ ... والأَجْرَبانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانِ
قال ابن بري صوابه وذُبيانُ بالرفع معطوف على قوله بنو عبس والقصيدة كلها مرفوعة
ومنها
إِنّي إِخالُ رَسُولَ اللّهِ صَبَّحَكُم ... جَيْشاً له في فَضاءِ الأَرضِ
أَرْكانُ
فيهم أَخُوكُمْ سُلَيمٌ ليس تارِكَكُم ... والمُسْلِمُون عِبادُ اللّهِ غسَّانُ
والأَجارِبُ حَيٌّ من بني سَعْدٍ والجَريبُ موضع بنَجْدٍ وجُرَيْبةُ بن الأَشْيَمِ
من شُعرائهم وجُرابٌ بضم الجيم وتخفيف الراءِ اسم ماء معروف بمكة وقيل بئر قديمة
كانت بمكة شرَّفها اللّه تعالى وأَجْرَبُ موضع والجَوْرَبُ لِفافةُ الرِّجْل
مُعَرَّب وهو بالفارسية كَوْرَبٌ والجمع جَواربةٌ زادوا الهاءَ لمكان العجمة
ونظيره من العربية القَشاعِمة وقد قالوا الجَوارِب كما قالوا في جمع الكَيْلَجِ
الكَيالِج ونظيره من العربية الكَواكب واستعمل ابن السكيت منه فعْلاً فقال يصف
مقتنص الظباء وقد تَجَوْرَبَ جَوْرَبَيْنِ يعني لبسهما وجَوْرَبْته فتَجَوْرَبَ
أَي أَلْبَسْتُه الجَوْرَبَ فَلَبِسَه والجَريبُ وادٍ معروفٌ في بلاد قَيْسٍ
وَحَرَّةُ النارِ بحِذائه وفي حديث الحوض عَرْضُ ما بينَ جَنْبَيْه كما بينَ
جَرْبى ( 1 )
( 1 قوله « جربى » بالقصر قال ياقوت في معجمه وقد يمد ) وأَذْرُح هما قريتان
بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال وكتَب لهما النبي صلى اللّه عليه وسلم أَماناً
فأَما جَرْبةُ بالهاءِ فقرية بالمَغْرب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع ابن ثابت رضي
اللّه عنه قال عبداللّه بن مكرم رُوَيْفِعُ بن ثابت هذا هو جَدُّنا الأَعلى من
الأَنصار كما رأَيته بخط جدّي نَجِيبِ الدِّين ( 2 )
( 2 قوله « بخط جدي إلخ » لم نقف على خط المؤلف ولا على خط جدّه والذي وقفنا عليه
من النسخ هو ما ترى ) والدِ المُكَرَّم أَبي الحسن علي بن أَحمد بن أَبي القاسم بن
حَبْقةَ
( يتبع )( ( ) تابع 1 ) جرب الجَرَبُ معروف بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ
الناسِ والإِبِلِ بن محمد بن منظور بن مُعافى بن خِمِّير بن ريام بن سلطان بن كامل
بن قُرة بن كامل بن سِرْحان بن جابر بن رِفاعة بن جابر بن رويفع بن ثابت هذا الذي
نُسِب هذا الحديثُ إِليه وقد ذكره أَبو عُمَر بن عبدالبر رحمه اللّه في كتاب
الاسْتيعاب في معرفة الصحابة رضي اللّه [ ص 264 ] عنهم فقال رويفع بن ثابت بن
سَكَن بن عديّ بن حارثة الأَنصاري من بني مالك بن النجار سكن مصر واخْتَطَّ بها
داراً وكان معاوية رضي اللّه عنه قد أَمَّره على طرابُلُس سنة ست وأَربعين فغزا من
طرابلس افريقية سنة سبع وأَربعين ودخلها وانصرف من عامه فيقال مات بالشام ويقال
مات ببَرْقةَ وقبره بها وروى عنه حَنَش بن عبداللّه الصَّنْعاني وشَيْبانُ بن
أُمَيَّة القِتْباني رضي اللّه عنهم أَجمعين قال ونعود إِلى تتِمَّةِ نَسَبِنا من
عديّ بن حارثةَ فنقول هو عديُّ بن حارثةَ بن عَمْرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو
بن مالك بن النجار واسم النجار تَيْمُ اللّه قال الزبير كانوا تَيْمَ اللاتِ
فسماهم النبي صلى اللّه عليه وسلم تَيْمَ اللّهِ ابن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن
الخَزْرج وهو أَخو الأَوْس وإِليهما نسب الأَنصار وأُمهما قَيْلةُ بنت كاهِل بن
عُذْرةَ بن سعيد بن زيدِ بن لَيْث بن سُود بن أَسْلَمِ بنِ الحافِ بن قُضاعةَ
ونعود إِلى بقية النسب المبارك الخَزْرَجُ بن حارثةَ ابن ثَعْلَبَة البُهْلُول بن
عَمرو مُزَيْقِياء بن عامرٍ ماءِ السماءِ بن حارثةَ الغِطْريف بن امرئِ القَيْسِ
البِطْريق بن ثَعْلبة العَنقاءِ بن مازِنٍ زادِ الرَّكْب وهو جِماعُ غَسَّانَ بن
الأَزْدِ وهو دُرُّ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالك بن زَيْدِ بن كَهْلانَ بن سبَأ
واسمه عامرُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ واسمه يَقْطُن وإِليه تُنسب
اليمن ومن ههنا اختلف النسابون فالذي ذكره ابن الكلبي أَنه قحطان بن الهميسع بن تيمن
بن نَبْت ابن اسمعيل بن إِبراهيم الخليل ( 1 )
( 1 قوله « فالذي ذكره إلخ » كذا في النسخ وبمراجعة بداية القدماء وكامل ابن
الأثير وغيرهما من كتب التاريخ تعلم الصواب ) عليه الصلاة والسلام قال ابن حزم
وهذه النسبة الحقيقية لأَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لقوم من خُزاعةَ وقيل من
الأَنصار ورآهم يَنْتَضِلُون ارْمُوا بَنِي اسمعيل فإِن أَباكم كان رامياً
وابراهيمُ صلوات اللّه عليه هو ابراهيمُ بن آزَرَ بن ناحور بن سارُوغ بن القاسم
الذي قسم الأَرض بين أَهلها ابن عابَرَ بن شالحَ ابن أَرْفَخْشَذ ابن سام بن نوح
عليه الصلاة والسلام ابن ملكان بن مثوب بن إِدريس عليه السلام ابن الرائد بن
مهلاييل بن قينان بن الطاهر ابن هبة اللّه وهو شيث بن آدم على نبينا وعليه الصلاة
والسلام