الأُخُرُ بضمَّتَيْن : ضِدُّ القُدُمِ . تقولُ : مَضَى قُدُماً وتَأَخَّرَ أُخُراً . التَّأَخُّرُ : ضِدُّ التَّقَدُّمِ وقد تَأَخَّر عنه تَأَخُّراً وتَأَخُّرَةً واحدةً عن اللِّحْيَانِيِّ وهذا مُطَّردٌ وإنما ذَكَرناه لأن اطِّرادَ مثلِ هذا ممّا يجهلُه مَن لا دُرْبَةَ له بالعربيَّة
في حديثِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه : " أنَّ النبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له : " أَخِّرْ عنِّي يا عُمَر "
يُقَال : أَخَّر تأْخيراً وتَأَخَّر وقَدَّم وتقَدَّم بمعنىً كقوله تعالى : " لا تُقَدِّمُوا بين يَدَي اللهِ ورَسُولِه " أي لا تَتَقدَّمُوا وقيل : معناه أَخِّرْ عنّي رأْيَكَ . واختُصِرَ إيجازاً وبلاغةً والتَّأْخِيرُ ضِدُّ التَّقدِيم
واستأْخَرَ كتَأَخَّر وفي التَّنْزِيل : " لا يَسْتَأْخِرُون ساعةً ولا يَسْتَقْدِمُون " وفيه أيضاً : " ولقد عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِينَ منكُم ولقد عَلِمْنَا المُسْتَأْخِرينَ " قال ثَعْلَبٌ : أي عَلِمْنَا مَن يَأْتِي منكم إلى المَسْجِد مُتَقِّدماً ومَن يَأْتِي مُسْتَأْخراً . وأَخَّرْتُه فتَأَخَّرَ واسْتَاْخَرَ كتَأَخَّرَ لازمٌ مُتعدٍّ قال شيخُنَا : وهي عبارةٌ قَلِقَةٌ جاريةٌ على غيرِ اصطلاحِ الصَّرفِ ولو قال : وأَخَّر تأْخِيراً اسْتَأْخَرَ كتَأَخَّر وأخَّرْتُه لازمٌ متعدٍّ لكان أعذَبَ في الذَّوْق وأَجْرَى على الصِّناعة كما لا يَخْفَى وفيه استعمالُ فَعَّلَ لازماً كقَدَّم بمعنَى تَقَدَّمَ وبَرَّزَ على أَقرانِه أي فاقَهم
وآخِرَةُ العَيْنِ ومُؤْخِرَتُها ما وَلِىَ اللِّحَاظَ كمُؤْخِرِهَا كمُؤْمِنٍ ومُؤْمِنَةٍ وهو الذي يَلِي الصُّدْغَ ومُقْدِمُها الذي يَلِي الأنْفَ يقال : نَظَر إليه بمُؤْخِرِ عَيْنِه وبمُقْدِمِ عَيْنِه . ومُؤْخِرُ العَيْنِ ومُقْدِمُها جاءَ في العَين بالتَّخْفِيف خاصَّةً نَقَلَه الفَيُّومِيُّ عن الأزْهريِّ وقال أبو عُبَيْد : مُؤْخِرُ العَيْنِ الأجْوَدُ التَّخْفِيفُ . قلتُ : ويُفهم منه جَواز التَّثْقِيلَ على قِلَّة
الآخِرَةُ من الرَّحْلِ : خِلافُ قادِمَتِه وكذا مِن السَّرْجِ وهي التي يَستنِدُ إليها الرّاكبُ والجمْع الأواخِرُ وهذه أفصحُ اللُّغاتِ كما في المِصباحِ وقد جاءَ في الحديث : " إذا وَضَعَ أحدُكم بين يَدَيْهِ مِثْلَ آخِرَةِ الرَّحْلِ فلا يُبَالِي مَنْ مَرَّ ورَاءَه " . كآخِرِه من غير تاءٍ ومُؤَخَّرِه كمُعَظَّم ومُؤخَّرتِه بزيادة التّاءِ وتُكسَر خاؤُهما مخفَّفةً ومشدَّدةً . أما المُؤْخِرُ كمُؤْمنٍ فهي لغة قليلةٌ وقد جاءَ في بَعْضِ رواياتِ الحديث وقد مَنَعَ منها بعضُهُم والتَّشْدِيدُ مع الكَسْر أنْكَرَه ابنُ السِّكِّيت وجَعَلَه في المِصْباح من اللَّحْن
للنَّاقَة آخِرَانِ وقادِمَانِ فخَلِفَاها المُقَدَّمَان : قادِمَاها وخَلِفَاهَا . المُؤَخَّرَان : آخِرَاهَا . والآخِرَانِ مِنَ الأخْلافِ اللَّذَانِ يَليَانِ الفَخِذَيْن وفي التَّكْمِلَة : آخِرَا النّاقَةِ خِلْفاها المُؤَخَّرَانِ وقادِمَاها خِلْفاها المُقَدَّمانِ . والآخِرُ : خلافُ الأوَّلِ . في التَّهذيب قال اللهُ عزَّ وجلَّ : " هو الأوَّلُ والآخِرُ والظاهرُ والباطِنُ " ورَوِيَ عن النّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال وهو يُمَجِّد اللهَ : " أنتَ الأوَّلُ فليس قبلَكَ شَيْءٌ وأنتَ الآخِرُ فليس بعدَكَ شَيْءٌ . وفي النهاية : الآخِرُ من أسماءِ اللهِ تعالَى هو الباقِي بعدَ فَناءِ خَلْقِه كلِّه ناطِقِه وصامِتِه . وهي أي الأُنْثَى الآخِرَة بهاءٍ قال اللِّيْث : نَقِيضُ المتقدِّمَة وحَكَى ثعلبٌ : هُنَّ الأوَّلاتُ دُخُولاً والآخِرَاتُ خُرُوجاً
ويقال : في الشَّتْم : أبْعَدَ اللهُ الآخِرَ كما حكَاه بعضُهُم بالمدِّ وكسرِ الخاءِ وهو الغائبُ كالأخِير والمشهورُ فيه الأخِرُ بوزْنِ الكَبِدِ كما سيأْتِي في المُسْتَدرَكَات
الآخَر بفَتْحِ الخاءِ : أحَدُ الشَّيْئين وهو اسمٌ على أَفْعَلَ إلا أن فيه معْنَى الصِّفَةِ لأنّ أفْعَلَ مِن كذا لا يكونُ إلا في الصِّفة كذا في الصّحاح . والآخَرُ بمعنى غَيْرٍ كقولكَ : رجلٌ آخَرُ وثَوْبٌ آخَرُ : وأصلُه أفْعَلُ من أخَّر أي تَأَخَّر فمعناه أشَدُّ تَأَخُّراً ثم صار بمعنَى المُغَايِرِوقال الأخْفَشُ : لو جعلتَ في الشِّعر آخِر مع جابِر لجازَ قال ابنُ جِنِّي : هذا هو الوجْهُ القويُّ لأنه لا يُحقِّقُ أحدٌ هَمزةَ آخِر ولو كان تَحقيقُها حَسناً لكان التحقيقُ حقيقاً بأن يُسمعَ فيها وغذا كان بدلاً البتَّةَ وَجبَ أنْ يُجْرى على ما أجْرَتْه عليه العربُ مَن مُراعاةِ لَفْظِه وتَنزيلُ هذه الهمزةِ مَنزِلةَ الألفِ الزائِدةِ التي لا حظَّ فيها للهَمْزِ نحو عالِمٍ وصابِرٍ ألا تراهم لمّا كَسَّرُوا قالوا : آخِرٌ وأوَاخِرُ كما قالوا : جابِرٌ وجَوابِرُ . وقد جَمَعَ امرؤُ القَيْسِ بين آخَرَ وقَيْصرَ بِوَهْمِ الألفِ هَمزةً فقال :
إذَا نَحنُ صِرْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ... وَرَاءِ الحِسَاءِ مِن مَدافِعِ قَيْصَرَا
إذا قُلتُ هذا صاحبٌ قدْ رَضيتُه ... وقَرَّتْ به العَيْنَانِ بُدِّلْتُ آخَرَا . وتصغيرُ آخَرَ أُوَيْخِر جرتِ الألْفُ المخفَّفةُ عن الهمزِة مَجْرى ألفِ ضارِبٍ . وقوله تعالى : " فآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهما " فَسَّره ثعلبٌ فقال : فمُسْلِمَان يَقُومانِ مَقَامَ النَّصْرانِيَّيْنِ يَحْلِفَان أنَّهُمَا اخْتَانَا ثم يُرْتَجَعُ على النَّصْرَانِيَّيْن . وقال الفَرَّاءُ : معناه : أو آخرَانِ مِن غيرِ دِينِكم مِن النَّصارَى واليَهُود وهذا للسَّفَر والضَّرَورة لأنه لا تَجُوز شهادةُ كافِرٍ على مُسْلم في غيرِ هذا
" ج الآخَرُونَ " بالواو والنُّونِ وأُخَرُ وفي التنزيل العزيز : " فعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ "
والأُنْثَى أُخْرَى وأُخْرَاةٌ قال شيخُنَا : الثّانِي في الأُنْثَى غيرُ مشهورٍ . قلتُ : نَقَلَه الصّاغَانيّ فقال : ومِن العَرَبِ مَن يقول : أُخْرَاتِكم بَدَلَ أُخْرَاكم وقد جاءَ في قولِ أبي العِيَالِ الهُذَلِيِّ :
إِذا سَنَنَ الكَتِيبَةِ صدَّ ... عَنْ أُخْرَاتِهَا العُصَبُ . وأنشد ابنُ الأعرابيّ :
ويَتَّقِي السَّيْفَ بأُخْراتِه ... مِنْ دُونِ كَفِّ الجارِ والمِعْصَمِ . وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى : " والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ في أُخْرَاكُمْ " : مِن العربَ مَن يقولُ : في أُخْراتِكُم ولا يجوزُ في القراءَة . ج أُخْرَيَاتٌ وأُخَرُ قال اللَّيْثُ : يُقال : هذا آخَرُ وهذه أُخْرَى في التَّذكيرِ والتَّأْنيثِ قال : وأُخَرُ : جماعةٌ أُخْرَى . قال الزَّجّاج في قوله تعالى : " وأُخَرُ مِنْ شَكْلِه أَزْوَاجٌ " . أُخَرُ لا ينصرفُ لأن وُحْدَانَها لا ينصرفُ وهو أُخْرَى وآخَرُ وكذلك كلُّ جَمْعٍ على فُعَل لا يَنصرفُ إذا كان وُحْدانُه لا ينصرفُ مثل كُبَرَ وصُغَرَ وإذَا كان فُعَلٌ جمعاً لفُعْلَةٍ فإنه ينصرفُ نحو سُتْرَةٍ وسُتَرٍ وحُفْرَةٍ وحُفَرٍ وإذا كان فُعَل اسماً مصروفاً عن فاعل لم ينصرفْ في المَعْرفةِ ويَنصرفُ في النَّكِرة وإذا كان اسماً لطائرٍ أو غَيْرِه فإنه ينْصَرِف نحو سُبَدٍ ومُرَعٍ وما أشبَهها وقُرِئَ : " وآخَرُ مِنْ شَكْلِه أزْوَاجٌ " على الواحدِ
وفي اللِّسان : قال اللهُ تعالَى : " فعِدَّةٌ مِنْ أيّامٍ أُخَرَ " وهو جمعُ أُخْرَى وأُخْرَى تأْنيثُ آخَر وهو غيرُ مصْرُوفٍ لأن أفْعَلَ الذي معه مِنْ لا يُجْمعُ ولا يُؤَنَّثُ ما دام نَكِرةً تقولُ : مررتُ برجلٍ أفْضَلَ منكَ وبامرأَةٍ أفضلَ منكَ فإن أدخلْتَ عليه الألفَ واللامَ أو أضَفْتَه ثَنَّيْتَ وجَمعْتَ وأنَّثْتَ تقولُ : مَرَرتُ بالرَّجلِ الأفضلِ وبالرِّجالِ الأفْضَلِين وبالمرأَةِ الفُضْلَى وبالنِّساءِ الفُضَل ومررتُ بأَفْضَلِهِم وبأَفضَلِيهم وبفُضْلاهُنّ وبفُضَلِهِنَّ ولا يجوزُ أن تقول : مررتُ برجلٍ أفضلَ ولا برجالٍ أفضَلَ ولا بامرأَةٍ فُضْلَى حتى تَصِلَه بِمنْ أو تُدْخِلَ عليهم الألفَ واللامَ وهما يتَعاقَبانِ عليه وليس كذلك آخَرُ لأنَّه يُؤَنَّث ويُجْمَع بغير مِنْ وبغير الألفِ واللام وبغير الإضافَةِ تقول : مررت برجلٍ آخَرَ وبرجالٍ أُخَرَ وآخَرِينَ وبامرأَةٍ أُخْرَى وبنسوةٍ أُخَرَ فلمّا جاءَ مَعْدُولاً وهو صِفَةٌ مُنِعَ الصَّرْف وهو مع ذلك جَمْعٌ وإن سَمَّيْتَ به رجلاً صَرَفْتَه في النَّكِرة عند الأخْفشِ ولم تصرفْه عند سِيبَوَيْهِوالآخِرَةُ والأُخْرَى : دارُ البَقَاءِ صفةٌ غالبةٌ قاله الزَّمخشريّ . وجاءَ أَخَرةً وبأَخَرَةٍ محرَّكتَينِ وقد يُضَمّ أوَّلُهما وهذهِ عن اللِّحْيَانِيِّ بحَرْفٍ وبغير حَرْفٍ يقال : لَقِيتُه أَخيراً وجاء َأُخُراً بضَمَّتَين وأَخيراً وإِخِريّاً بكسْرتَيْن وإخْرِيّاً بكسرٍ فسكونٍ وآخِرِيّاً وبآخِرَةٍ بالمدّ فيهما أيْ آخِرَ كلِّ شيْءٍ . في الحديث : " كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ بأَخَرَةٍ إذا إرادَ أنْ يقومَ مِن المجلِس كذا وكذا " أي في آخِرِ جُلُوسِه قال ابنُ الأَثِير : ويجوزُ أن يكونَ في آخِرِ عُمرِه وهو بفَتح الهمزِة والخاءِ ومنه حديثُ : " لمّا كان بِأَخَرَةٍ " . وماعَرَفتُه إلا بأَخَرَةٍ أي أخيراً . وأتَيتُكَ آخِرَ مَرَّتَيْنِ وآخِرَةَ مَرَّتَيْنِ عن ابن الأعرابيِّ ولم يُفَسِّر آخِرَ مَرَّتَين ولا آخِرَةَ مَرَّتَيْن وقال ابنُ سِيدَه : وعندي : أي المَرَّةَ الثّانِيَةَ مِن المَرَّتَيْنِ . وشَقَّه أي الثَّوْبَ أُخُراً بضمَّتَيْن ومِن أُخُرٍ أي من خَلْفٍ وقال امرؤُ القَيْس يصفُ فَرَساً حِجْراً :
وعَيْنٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ ... شُقَّتْ مآقِيهِمَا مِن أُخُرْ . يَعْنِي أنها مفتوحةٌ كأنّها شُقَّتْ من مُؤْخِرِها
يقال : بِعْتُه سِلْعَةً بأَخِرَة بكَسْرِ الخاءِ أي بِنَظِرَةٍ ونَسِيئةٍ ولا يُقَال : بعتُه المتاعَ إخْرِياً
والمِئْخارُ بالكسرِ : نَخْلَةٌ يَبْقَى حَمْلُهَا إلى آخِرِ الشِّتَاءِ وهو نَصُّ عبارةِ أبِي حَنِيفَةَ وأنشد :
تَرَى الغَضِيضَ المُوقَرَ المِئْخَارَا ... مِن وَقْعِهِ يَنْتَشِرُ انْتِشَارَا . عبارةُ المُحكَم : إلى آخرِ الصِّرَامِ وأنشدَ البيتَ المذكورَ والمصنِّفُ جَمَعَ بين القَوْلَيْن . وفي الأسَاس : نَخْلَةٌ مِئْخارٌ ضِدُّ مِبْكار وبَكُورٍ مِن نَخْلٍ مآخِيرَ . وآخُرُ كآنُك : د بدُهُسْتانَ بضمِّ الدّالِ المهملةِ والهاءِ ويقال بفَتْحِ الدّالِ وكسرِ الهاءِ وهي مدينةٌ مشهورةٌ عند مازَنْدَرانَ منه أبو القاسم إسماعيلُ بنُ أحمدَ الآخُرِىّ الدّهسْتانِيُّ شيخُ حمزةَ بنِ يوسفَ السَّهْمِيِّ والعبّاسُ بنُ أحمدَ بنِ الفَضْلِ الزّاهِدُ عن ابن أبي حاتِمٍ
وفاتَه أبو الفَضْلِ محمّدُ بنُ عليِّ بنِ عبدِ الرَّحمنِ الآخُرِيُّ شيخٌ لابنِ السّمْعَانِيِّ وكان متكلِّماً على أُصُولِ المُعْتَزِلَةِ . وأبو عَمْروٍ ومحمّدُ بنُ حارثةَ الآخُرِىّ حَدَّثَ عن أبي مَسْعُودٍ البَجَلِيّ
قولُهم : لا أفعلُه أُخْرَى اللَّيَالِي أو أُخْرَى المَنُون أي أبداً أو آخِرَ الدَّهْرِ وأنشدَ ابنُ بَرِّيٍّ لكعبِ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ :
أَنَسِيتُمُ عَهْدَ النَّبِيِّ إليكمُ ... ولقد ألَظَّ وأكَّدَ الأيْمَانَا
أنْ لا تَزالوا ما تَغَرَّدَ طائِرٌ ... أُخْرَى المَنُونِ مَوالِياً إخوانا . يقال : جاءَ في أُخْرَى القَومِ أي مَنْ كان في آخِرِهم . قال :
وما القَومُ إلا خَمْسَةٌ أو ثلاثَةٌ ... يَخُوتُونَ أُخْرَى القَومِ خَوْتَ الأجادِلِ . الأجادِلُ : الصُّقُور وخَوْتُها : انْقِضاضُها وأنشدَ غيرُه :
" أنا الَّذِي وُلِدتُ في أُخْرَى الإبِلْ . وقد جاءَ في أُخْرَيَاتِهم أي في أواخِرِهِم
وممّا يُستدرَكُ عليه : المُؤَخِّرُ من أسماءِ اللهِ تعالَى . وهو الذي يُؤَخِّر الأشياءَ فيضعُها في مواضِعِهَا وهو ضِدُّ المُقَدِّم . ومُؤَخَّرُ كلِّ شيْءٍ بالتَّشديدِ : خلافُ مُقَدَّمِه يقال : ضَرَبَ مُقَدَّمَ رأْسِه ومُؤَخَّرَه . ومن الكِنَاية : أبْعَدَ اللهُ الاخِرَ أي مَن غاب عنّا وهو بوزن الكَبِدِ وهو شَتْمٌ ولا تقولُه للأُنثَى . وقال شَمِرٌ في عِلَّةِ قَصْرِ قولِهم : أبْعَدَ اللهُ الأخِرَ : إنّ أصلَه الأخِيرُ أي المُؤخَّر المطروحُ فأَنْدَرُوا الياءَ وحكَى بعضُهم بالمدِّ وهو ابنُ سِيدَه في المُحكَم والمعروفُ القَصْرُ وعليه اقتصرَ ثعلبٌ في الفَصِيح وإيّاه تَبِعَ الجوهريُّقال ابن شُمَيل : المُؤَخَّرُ : المَطْرُوحُ . وقال شَمِرٌ : معنَى المُؤَخَّرِ : الأبْعَدُ قال : أُراهم أرادُوا الأخِيرَ . وفي حَدِيث ماعزٍ : " إنّ الأَخِرَ قد زَنَى . " هو الأبعدُ المتأَخِّر عن الخير . ويقال : لا مَرْحباً بالأخِرِ أي بالأبعَد وفي شُرُوح الفَصيح : هي كلمةٌ تقال عند حكاية أحَدِ المُتلاعِنَيْن للآخَر . وقال أبو جعفر اللَّبْليُّ : والأخِرُ فيما يقال كنايةٌ عن الشَّيْطَان وقيل كنايةٌ عن الأدْنَى والأرْذَل عن التَّدْمُرِيّ وغيرِه وفي نوادِر ثعلبٍ : أبْعَدَ اللهُ الأخِرَ أي الذي جاءَ بالكلام آخِراً وفي مشارق عياص : قولُه : الأخِرُزَنَي بقصر الهمزِة وكسرِ الخاءِ هنا كذا رَوَيْنَاه عن كافَّةِ شُيُوخِنَا وبعضُ المشايخِ يمدّ الهمزةَ وكذا رُوِيَ عن الأصِيليّ في المُوَطَّأ وهو خطأٌ وكذلك فتحُ الخاءِ هنا خطأٌ ومعناه الأبْعَد على الذّمِّ وقيل : الأرْذَلُ وفي بعض التفاسِير : الأخِرُ هو اللَّئيمُ وقيل : هو السّائِسُ الشَّقِيُّ
وفي الحديث : " المَسْاَلَةُ أَخِرُ كَسْب المرءِ " مقصورٌ أيضاً أي أرْذَلُه وأدْناه ورواه الخَطّابِيُّ بالمدِّ وحَمَله على ظاهرِه أي إنّ السُّؤالَ آخِرُ ما يَكْتَسِبُ به المرءُ عند العَجْز عن الكَسْب
وفي الأساس : جاؤُوا عن آخِرِهم والنَّهَارُ يَحِرُّ عن آخِرٍ فآخِرٍ أي ساعةً فساعةً والناسُ يَرْذُلُون عن آخِر فآخِرٍ . والمُؤِخرة من مياه بني الأضبط معدنُ ذَهَبٍ وجَزْع بِيض
والوَخْرَاءُ : من مياه بني نُمَيْر بأَرض الماشِيَةِ في غربيّ اليَمَامَة . ولَقِيتُه أُخْرِيّاً بالضّمِّ منسوباً أي بآخِرَةٍ لغةٌ في : إخْرِيّاً بالكسر
بَلَغَ المَكَانَ بُلُوغاً بالضَّمِّ : وَصَلَ إليْهِ وانْتَهَى ومنْهُ قوْلُه تعالى : لَمْ تَكُونُوا بالغِيهِ إلا بشقِّ الأنْفُسِ
أو بَلَغَه : شارَفَ عليْهِ ومنه قولُه تعالى : فإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ
أي قارَبْنَهُ : وقالَ أبو القاسِمِ في المُفْرَداتِ : البُلُوغُ والإبْلاغُ : الانْتِهَاءُ إلى أقْصَى المَقْصِدِ والمُنْتَهَى مَكَاناً كان أو زَماناً أو أمْرَاً منَ الأمُورِ المُقَدَّرَةِ . ورُبَّمَا يُعَبَّرُ بهِ عن المُشارَفَةِ عليهِ وإن لم يُنْتَهَ إليْهِ فمنَ الانْتِهَاءِ : حتى إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وبَلَغ أرْبَعِينَ سنَةً وما هُمْ ببالغِيهِ فلما بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ولَعلِّي أبْلُغُ الأسْبَابَ وأيْمانٌ عَلَيْنَا بالِغَةٌ أي مُنْتَهِيَةٌ في التَّوْكيدِ وأمّا قَوْلُه : فإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فأمْسِكُوهُنَّ بمَعْرُوفٍ فللمُشارَفَةِ فإنّهَا إذا أنْتَهَتْ إلى أقْصَى الأجَلِ لا يَصِحُّ للزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا وإمْسَاكُها
وبَلَغَ الغُلامُ : أدْرَكَ وبَلَغَ في الجَوْدَةِ مَبْلَغَاً كما في العُبَابِ وفي المُحْكَمِ : أي احْتَلَمَ كأنَّهُ بَلَغَ وَقْتَ الكِتابِ عليْهِ والتَّكْليفِ وكذلكَ : بَلَغَتِ الجارِيَةُ وفي التَّهْذِيبِ : بَلَغَ الصَّبِيُّ والجارِيَةُ : إذا أدْرَكَا وهُمَا بالغَانِ
وثَنَاءٌ أبْلَغُ : مُبَالِغٌ فيهِ قالَ رُؤْبَةُ يَمْدَحُ المُسَبِّحَ بنَ الحَوَارِيِّ بنِ زِيادِ بنِ عَمْروٍ العَتَكِيَّ :
" بَلْ قُلْ لِعَبْدِ اللهِ بَلِّغْ وابْلُغِ
" مُسَبِّحاً حُسْنَ الثَّناءِ الأبْلَغِ وشَيءٌ بالِغٌ أي : جَيِّدٌ وقدْ بَلَغَ في الجَوْدَةِ مَبْلَغَاً
وقالَ الشافعِيُّ رحمَهُ اللهُ في كتابِ النِّكَاحِ : جارِيَةٌ بالِغٌ بغَيْرِ هاءٍ هكذا رَوَى الأزْهَرِيُّ عن عبْدِ المَلِكِ عن الرَّبِيعِ عَنْهُ قالَ الأزْهَرِيُّ : والشَّافِعِيُّ فَصِيحٌ حُجَّةٌ في اللُّغَةِ قالَ : وسَمِعْتُ فُصَحاءَ العَرَبِ يَقُولُونَ : جارِيَةٌ بالِغٌ وهكذا قَوْلُهُمْ : امْرَأَةٌ عاشِقٌ ولِحْيَةٌ ناصِلٌ قال : ولوْ قالَ قائِلٌ : جارِيَةٌ بالِغَةٌ لمْ يَكُنْ خَطَأً لأنَّهُ الأصْلُ أي : مُدْرِكَةٌ وقَدْ بَلَغَتْ
ويُقَالُ : بُلِغَ الرَّجُلُ كعُنِيَ : جُهِدَ وأنْشَدَ أبو عُبَيْدٍ :
" إنَّ الضِّبابَ خَضَعَتْ رِقَابُها
" للسَّيْفِ لما بُلِغَتْ أحْسَابُها أي : مَجْهُودُهَا وأحْسَابُها : شَجاعَتُها وقُوَّتُهَا ومَنَاقِبُها
والتَّبْلِغَةُ : حَبْلٌ يُوصَلُ بهِ الرِّشَاءُ إلى الكَرَبِ ومنْهُ قَوْلُهم : وَصَلَ رِشَاءَهُ بتَبْلِغَةٍ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : وهُوَ حَبْلٌ يُوصَلُ بهِ حتى يَبْلُغَ الماءَ
ج : تَبَالِغُ يُقَالُ : لا بُدَّ لأرْشِيَتِكُمْ منْ تَبالِغَ
وقالَ الفَرّاءُ : يُقَالُ : أحْمَقُ بَلْغٌ بالفَتْحِ ويُكْسَرُ وبَلْغَةٌ بالفَتْحِ أي : هُوَ مَعَ حَماقَتِهِ يَبْلُغُ ما يُرِيدُ أو المُرَادُ : نِهايَةٌ في الحُمْقِ بالِغٌ فيهِ
قالَ : ويُقَالُ : اللهُمَّ سَمْعٌ لا بَلْغٌ وسَمْعاً لا بَلْغاً ويُكْسَرانِ أي : نَسْمَعُ بهِ ولا يَتِمُّ كما في العُبَابِ وفي اللِّسانِ : ولا يَبْلُغُنَا يُقَالُ ذلكَ إذا سَمِعُوا أمْراً مُنْكَراً أو يَقُولهُ منْ سَمِعَ خَبَراً لا يُعْجِبُه قالَهُ الكِسَائِيُ أو للخَبَرِ يَبْلُغُ واحِدَهُمْ ولا يُحَقِّقُونَهُ
وأمْرُ اللهِ بَلْغٌ بالفَتْحِ أي : بالِغٌ نافِذٌ يَبْلُغُ أيْنَ أُرِيدَ بهِ قالَ الحارِثُ بنُ حِلِّزَةَ :
فهدَاهُمْ بالأسْوَدِيْنِ وأمْرُ ال ... لهِ بَلْغٌ تَشْقَى بهِ الأشْقِياءُ وهو من قوله تعالى : إنَّ اللهَ بالِغُ أمْرِه
وجَيْشٌ بَلْغٌ كذلكَ أي : بالغٌ
وقالَ الفَرّاءُ : رَجُلٌ بِلْغٌ مِلْغٌ بكَسْرِهِمَا : إتْباعٌ أي خَبِيثٌ مُتَناهٍ في الخَباثَةِ
والبَلْغُ بالفَتْحِ ويُكْسَرُ والبِلَغُ كعِنَبٍ والبَلاغَي مثل : سَكَارَى وحُبَارَى ومِثْلُ الثّانِيَةِ : أمْرٌ بِرَحٌ أي : مُبَرِّحٌ ولَحْمٌ زِيَمٌ ومَكَانٌ سِوىً ودِينٌ قِيَمٌ وهو : البَلِيغُ الفَصِيحُ الّذِي يَبْلُغُ بعَبارَتِه كُنْهَ ضَمِيرِه ونِهَايَةَ مُرَادِه وجَمْعُ البَلِيغِ : بُلَغاءَ وقدْ بَلُغَ الرَّجُلُ ككَرُمَ بَلاغَةً قالَ شَيْخُنا : وأغْفَلَه المُصَنِّف تَقْصِيراً أي : ذِكْرَ المَصْدَرِ والمَعْنَى : صارَ بَلِيغاً
قلتُ : والبَلاغَةُ على وَجْهَيْنِ : أحَدُهُما : أنْ يَكُونَ بذاتِهِ بَلِيغاً وذلكَ بأنْ يَجْمَعَ ثلاثَةَ أوْصَافٍ : صَوَاباً في مَوْضَوعِ لُغَتِه وطِبْقاً للمَعْنَى المَقْصُودِ بهِ وصِدْقاً في نَفْسِه ومتى اخْتُرِمَ وَصْفٌ منْ ذلكَ كانَ ناقِصاً في البَلاغَة
والثّانِي : أنْ يَكُونَ بَلِيغاً باعْتِبَارِ القائِلِ والمَقُولِ لَهُ وهُوَ أنْ يَقْصِدَ القائِلُ بهِ أمْراً ما فيُوِدَهُ على وجْهٍ حَقِيقٍ أنْ يَقْبَلَهُ المَقُولُ لَهُ
وقوْلُه تعالى : وقُلْ لَهُمْ في أنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً يَحْتَمِل المَعْنَييْنِ وقولُ من قالَ : معناهُ : قُل لَهُمْ إنْ أظْهَرْتُمْ ما في أنْفُسِكُمْ قُتِلْتُم وقَوْلُ من قالَ : خَوِّفْهُمْ بمَكارِهَ تَنْزِلُ بهم فإشارَةٌ إلى بَعْضِ ما يَقْتَضيه عُمُومُ اللَّفْظِ قالَهُ الرّاغِبُ
وقَرَأْتُ في مُعْجَمِ الذَّهَبِيِّ في تَرْجَمَةِ صُحارِ بنِ عَيّاشٍ العَبْدِيِّ رضي اللهُ عنه سألَهُ مُعَاويَةُ عنِ البَلاغَةِ فقال : لا تُخْسئْ ولا تُبْطئْوالبَلاغُ كسَحابٍ : الكِفَايَةُ وهُوَ : ما يُتَبَلَّغُ بهِ ويُتَوَصَّلُ إلى الشَيءِ المَطْلُوبِ ومنْهُ قوْلُه تعالى : إنَّ في هذا لبَلاغَاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ أي : كِفَايَةً وكذا قَوْلُ الرّاجِزِ :
" تَزَجَّ منْ دُنْيَاكَ بالبَلاغِ
" وباكِرِ المِعْدَةَ بالدِّباغِ
" بِكَسْرَةِ جَيِّدَةِ المِضاغِ
" بالمِلْحِ أو ما خَفَّ منْ صِباغِ والبَلاغُ : الاسْمُ منَ الإبْلاغ والتَّبْلِيغِ وهُمَا : الإيصالُ يُقَالُ : أبْلَغَهُ الخَبَرَ إبْلاغَاً وبَلَّغَهُ تَبْلِيغاً والثّانِي أكْثَرُ قالَهُ الرّاغِبُ وقَوْلُ أبي قَيْسِ بنِ الأسْلَتِ الأنْصَارِيّ
قالَتْ ولَمْ تَقْصِدْ لقِيلِ الخَنَا ... مَهْلاً لَقَدْ أبْلَغْتَ أسْمَاعِي هُوَ منْ ذلكَ أي : قد انْتَهَيْتَ فيه وأوْصَلْتَ وأنْعَمْتَ
وقَوْلُه تعالى : هذا بَلاغٌ للنّاسِ أي : هذا القُرْآنُ ذُو بَلاغٍ أي : بَيَانٍ كافٍ
وقولُه تعالى : فهَلْ على الرُّسُلِ إلا البَلاغُ المُبِينُ أي : الإبْلاغُ وفي الحديثِ : كُلُّ رافِعَةٍ رَفَعَتْ عَلَيْنَا كذا في العُبَابِ وفي اللِّسانِ : عَنّا منَ البَلاغِ فقَدْ حَرَّمْتُهَا أنْ تُعْضَدَ أو تُخْبَطَ إلا لِعُصْفُورِ قَتَبٍ أو مَسَدِّ مَحالَةٍ أو عَصَا حَديدَةٍ يعْنِي المدينةَ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ويُرْوَى بفَتْحِ الباءِ وكَسْرِهَا فإنْ كانَ بالفَتْحِ فلَهُ وَجْهَانِ أحَدُهُما : أي ما بَلَغَ من القُرْآنِ والسُّنَنِ أو المَعْنَى : منْ ذَوِي البَلاغ أي : الّذِينَ بَلَّغُونا أي : منْ ذَوِي التَّبْلِيغِ وقد أقامَ الاسْمُ مُقامَ المَصْدَرِ الحَقِيقِيِّ كما تَقُول : أعْطَيْتُ عَطاءً كذا في التَّهذِيبِ والعُبَابِ ويُرْوَى بالكَسْر قالَ الهَرَوِيُّ : أي : منْ المُبالغِيِنَ في التَّبْلِيغِ منْ بالَغَ يُبَالغُ مُبَالَغَةً وبَلاغاً بالكَسْرِ : إذا اجْتَهَدَ في الأمْرِ ولمْ يُقَصِّرْ والمَعْنَى كُلُّ جَماعَةٍ أوْ نَفْسٍ تُبَلِّغُ عنا وتُذِيعُ ما نَقُوله فلْتُبَلِّغْ ولْتَحْكِ قلتُ : وقدْ ذُكِرَ هذا الحديثُ في رفع ويُرْوَى أيْضاً : منَ البَلّاغ مثال الحُدّاثِ بمَعْنَى المُحَدِّثِينَ وقد أسْبَقْنَا الإشَارَةَ إليْهِ وكان على المُصَنِّف أنْ يُوردَهُ هُنَا لتَكْمُلَ له الإحاطَةُ
والبالِغَاءُ : الأكَارِعُ بلُغَةِ أهْلِ المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ قالَ أبو عُبيدٍ : مُعَرِّبُ بايْهَا أي : أنَّ الكَلِمَةَ فارِسِيَّةٌ عُرِّبَتْ فإنّ بايْ بالفَتْحِ وإسْكَانِ الياءِ : الرَّجُلُ وها : علامَةُ الجَمْعِ عِنْدَهُم ومَعْناهُ : الأرْجُلُ ثم أُطْلِقَ على أكارِعِ الشّاةِ ونَحْوِهَا ويُسَمُّونَهَا أيْضاً : باجْهَا وهذا هُوَ المَشْهُورُ عِنْدَهُم وهذا التَّعْرِيبُ غَرِيبٌ فتأمَّلْ
والبَلاغاتُ : مِثْلُ الوِشايات
والبُلْغَةُ : بالضَّمِّ : الكِفَايَةُ وما يُتَبَلَّغُ بهِ منَ العَيْشِ زادَ الأزْهَرِيُّ : ولا فَضْلَ فيه تَقُولُ : في هذا بَلاغٌ وبُلْغَةٌ أي : كِفَايَةٌ
والبِلَغِينَ بكَسْرِ أوَّلهِ وفَتْحِ ثانِيَه وكَسْرِ الغَيْنِ في قَوْلِ عائِشَةَ رضي اللهُ تعالى عنها لعَلِيٍّ رضي الله عنه حينَ ظفِرَ بها لقد بَلَغْتَ مِنّا البِلَغِينَ هكذا رُوِيَ ويُضَمُّ أوَّلُه أي : مع فَتْحِ اللامِ ومَعْنَاهُ الدّاهِيَةُ وهُوَ مَثَلٌ أرادَتْ : بَلَغْتَ مِنّا كُلَّ مَبْلَغٍ وقيلَ : مَعْنَاهُ أنَّ الحَرْبَ قدْ جَهِدَتْها وبَلَغَتْ منْهَاكُلَّ مَبْلَغٍ وقالَ أبو عُبَيْدٍ : هُوَ مَثْلُ قَوْلِهِمْ : لَقِيتَ مِنّا البِرَحِينَ والأقْوَرِينَ وكُلُّ هذا من الدَّوَاهِي قالَ ابنُ الأثِيرِ : والأصْلُ فيهِ كأنَّهُ قيلَ : خَطْبٌ بِلْغٌ أي : بَلِيغٌ وأمْرٌ بِرَحٌ أي : مُبَرِّحٌ ثُمَّ جُمِعَا على السَّلامَةِ إيذاناً بأنَّ الخُطُوبَ في شِدَّةِ نكايَتِهَا بمَنْزِلَةِ العُقَلاءِ الذينَ لَهُمْ قَصْدٌ وتَعَمُّدٌ وقَدْ نُقِلَ في إعْرَابِهَا طَرِيقانِ أحَدُهُما : أنْ يُجْرَى إعْرَابُه على النُونِ والياءُ يُقَرُّ بحالهِ أوْ تُفْتَحُ النُّونُ أبداً ويُعْرَبُ ما قَبْلَهُ فيُقَالُ : هذه البِلَغُونَ ولَقِيتُ البِلَغِينَ وأعُوذُ باللهِ منَ البِلَغِينَ كما في العُبَابِ
وبَلَّغَ الفارِسُ تَبْلِيغاً : مَدَّ يَدَهُ بعِنانِ فَرَسِه ليَزِيدَ في جَرْيِه وفي الأساسِ : في عَدْوِه
وتَبَلَّغَ بكَذا : اكْتَفَى بهِ ووَصَلَ مُرادَه قالَ :
تَبَلَّغْ بأخْلاقِ الثِّيَابِ جَدِيدَها ... وبالقَضْمِ حتى يُدْرَكَ الخَضْمُ بالقَضْمِ ويُقَالُ : هذا تَبَلُّغٌ أي : بُلْغَةٌ
وتَبَلَّغَ المَنْزِلَ : إذا تَكَلَّفَ إليهِ البُلُوغَ حتى بلغَ ومنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بنِ ذَرِيحٍ :
شَقَقْتِ القَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ فيهِ ... هَوَاكِ فليمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ
تَبَلَّغَ حَيْثُ لمْ يَبْلُغْ شَرابٌ ... ولا حُزْنٌ ولمْ يَبْلُغْ سُرُورُ أي : تَكَلَّفَ البُلُوغَ حتى بَلَغَ
وتَبَلَّغَتْ بهِ العِلَّةُ أي : اشْتَدَّتْ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ والصّاغَانِيُّ
وبالَغَ في أمْرِي مُبَالَغَةً وبِلاغاً : اجْتَهَدَ ولمْ يُقَصِّرْ وهذا قَدْ تَقَدَّمَ بعَيْنِه فهُوَ تَكْرارٌ
وممّا يستدْرَكُ عليهِ : البَلاغُ : الوُصُولُ إلى الشَّيءِ
وبَلَغَ فُلانٌ مَبْلَغَتَه كمَبْلَغِه
وبَلَغَ النَّبْتُ : انْتَهَى
وتَبَالَغَ الدِّباغُ في الجِلْدِ : انْتَهَى فيهِ عن أبي حَنِيفَةَ
وبَلَغَتِ النَّخْلَةُ وغَيْرُهَا من الشَّجَرِ : حانَ إدْرَاكُ ثَمَرِهَا عَنْهُ أيْضاً
وفي التَّنْزيل : بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وامْرَأتِي عاقِرٌ وفي مَوْضِعٍ : وقَدْ بَلَغْتُ منَ الكِبَرِ عِتِيّاً قالَ الرّاغِبُ : وذلكَ مِثْلُ : أدْرَكَنِي الجَهْدُ وأدْرَكْتُ الجَهْدَ ولا يَصِحُّ بَلَغَنِي المَكَانُ وأدْرَكَنِي
والمَبَالِغُ : جَمْعُ المَبْلَغِ يُقَالُ : بَلَغَ في العِلْمِ المَبَالِغَ
والمَبْلَغُ كمَقْعَدٍ : النَّقْدُ منَ الدَّراهِمِ والدَّنانِيرِ مُوَلَّدَةٌ
وبَلَغَ اللهُ بهِ فهو مَبْلُوغٌ بهِ
وأبْلَغْتُ إليْهِ : فَعَلْتُ بهِ ما بَلَغَ بهِ الأذَى والمَكْرُوهَ البَلِيغَ
وتَبَالَغَ فيه الهَمُّ والمَرَضُ : تَنَاهَى
وتَبَالَغَ في كَلامِه : تَعَاطَى البَلاغَةَ أي الفَصَاحَةَ ولَيْسَ منْ أهْلِها يُقَالُ : ما هُوَ ببَلِيغٍ ولكن يَتَبَالَغُ
وقولُه تعالى : أمْ لَكُم أيْمَانٌ عليْنَا بالِغَةٌ قالَ ثَعْلَبٌ : مَعْنَاهُ مُوَجَبَةٌ أبداً قدْ حَلَفْنَا لكُمْ أنْ نَفِيَ بِهَا وقالَ مَرَّةً : أي قد انْتَهَتْ إلى غايَتِها وقيلَ : يَمِينٌ بالِغَةٌ أي : مُؤَكَّدَةٌ
والمُبَالَغَةُ : أنْ تَبْلُغَ في الأمْرِ جَهْدَكَ
والبِلَغْنُ بكَسْرٍ ففَتْحٍ : البَلاغَةُ عن السِّيرافِيِّ ومَثَّلَ بهِ سِيبَوَيْهِ
والبِلَغْنُ أيْضاً : النَّمّامُ عن كُراع
وقيلَ : هُوَ الّذِي يُبلِّغُ للنّاسِ بَعْضِهِمْ حديثَ بَعْضٍ
وبَلَغَ بهِ البِلَغينَ بكَسْرِ الباءِ وفَتْحِ اللامِ وتَخْفيفها عن ابنِ الأعْرابِيِّ : إذا اسْتَقْصَى في شَتْمِه وأذاهُ
والبُلاّغُ كرُمّانِ : الحُدّاثُ
وفي نَوَادِرِ الأعْرابِ لابنِ الأعْرابِيِّ : بَلَّغَ الشَّيْبُ في رَأْسِه تَبْلِيغاً : ظَهَرَ أوَّلَ ما يَظْهَرُ وكذلكَ بَلَّعَ بالعَينِ المُهْمَلَةِ وزَعَمَ البَصْرِيُّونَ أنّ الغَيْنَ المُعْجَمَةَ تَصْحِيفٌ من ابنِ الأعْرَابِيِّ ونَقَلَ أبو بَكْرٍ عن ثَعْلَبٍ : بَلَّغَ بالغَيْنِ مُعْجَمَةً سَماعاً وهُوَ حاضِرٌ في مجْلِسِهوالتَّبْلِغَةُ : سَيْرٌ يُدْرَجُ على السِّيَةِ حَيْثُ انْتَهَى طَرَفُ الوَتَرِ ثلاثَ مِرارٍ أوْ أرْبعاً لكي يَثْبُتَ الوَتَرُ حَكَاهُ أبو حَنِيفَةَ وجَعَله اسْماً كالتَّوْدِيَةِ والتَّنْهِيَةِ
والبُلْغَةُ بالضَّمِّ : مَداسُ الرجلِ مِصْرِيَّةٌ مُوَلَّدَةٌ
وحَمْقَاءُ بِلْغَةٌ بالكَسْرِ : تأْنِيثُ قَوْلِهِمْ : أحْمَقُ بِلْغٌ
وأبو البَلاغِ جِبْرِيلُ كسَحابٍ : مُحَدِّثُ ذكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ
وسَمَّوْا بالِغاً