البَيْنُ في
كلام العرب جاء على وجْهَين يكون البَينُ الفُرْقةَ ويكون الوَصْلَ بانَ يَبِينُ بَيْناً
وبَيْنُونةً وهو من الأَضداد وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر لقد فَرَّقَ
الواشِينَ بيني وبينَها فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها وقال قيسُ بن ذَريح
البَيْنُ في
كلام العرب جاء على وجْهَين يكون البَينُ الفُرْقةَ ويكون الوَصْلَ بانَ يَبِينُ بَيْناً
وبَيْنُونةً وهو من الأَضداد وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر لقد فَرَّقَ
الواشِينَ بيني وبينَها فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها وقال قيسُ بن ذَريح
لَعَمْرُك لولا البَيْنُ لا يُقْطَعُ الهَوى ولولا الهوى ما حَنَّ لِلبَيْنِ آلِفُ
فالبَينُ هنا الوَصْلُ وأَنشد أَبو عمرو في رفع بين قول الشاعر كأَنَّ رِماحَنا
أَشْطانُ بئْرٍ بَعيدٍ بينُ جالَيْها جَرُورِ وأَنشد أَيضاً ويُشْرِقُ بَيْنُ
اللِّيتِ منها إلى الصُّقْل قال ابن سيده ويكون البَينُ اسماً وظَرْفاً مُتمكِّناً
وفي التنزيل العزيز لقد تقَطَّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تَزْعُمون قرئَ بينكم
بالرفع والنصب فالرفع على الفعل أَي تقَطَّع وَصْلُكم والنصبُ على الحذف يريدُ ما
بينكم قرأَ نافع وحفصٌ عن عاصم والكسائي بينَكم نصباً وقرأَ ابن كَثير وأَبو
عَمْروٍ وابنُ عامر وحمزة بينُكم رفعاً وقال أَبو عمرو لقد تقطَّع بينُكم أَي
وَصْلُكم ومن قرأَ بينَكم فإن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي أَنه قال معناه
تقطَّع الذي كانَ بينَكم وقال الزجاج فيمَنْ فتَحَ المعنى لقد تقطَّع ما كنتم فيه
من الشَّركة بينَكم ورُوي عن ابن مسعودٍ أَنه قرأَ لقد تقطَّع ما بينَكم واعتمد
الفراءُ وغيرُه من النحويين قراءةَ ابن مسعود لِمَنْ قرأَ بينَكم وكان أَبو حاتم
يُنْكِر هذه القراءةَ ويقول من قرأَ بينَكم لم يُجِزْ إلا بمَوْصول كقولك ما
بينَكم قال ولا يجوز حذفُ الموصول وبقاء الصلةِ لا تُجيزُ العربُ إنّ قامَ زيدٌ
بمعنى إنّ الذي قام زيدٌ قال أَبو منصور وهذا الذي قاله أَبو حاتم خطأ لأَن الله
جَلّ ثناؤه خاطَبَ بما أَنزَل في كتابه قوماً مشركين فقال ولقد جئتمونا فُرادَى
كما خَلقْناكم أَوّلَ مرّةٍ وترَكتم ما خوّلناكم وراءَ ظُهوركم وما نرَى معكم
شُفعاءَكم الذين زعمتم أَنهم فيكم شركاءُ لقد تقطّع بينَكم أَراد لقد تقطع
الشِّرْكُ بينكم أَي فيما بينَكم فأَضمرَ الشركَ لما جرَى من ذِكْر الشُّركاء
فافهمه قال ابن سيده مَن قرأَ بالنصب احتمل أَمرين أَحدُهما أَن يكونَ الفاعلُ
مضمَراً أَي لقد تقطَّع الأَمرُ أَو العَقْدُ أَو الودُّ بينََكم والآخرُ ما كان
يراهُ الأَخفشُ من أَن يكونَ بينكم وإن كان منصوبَ اللفظ مرفوعَ الموضِع بفعله
غيرَ أَنه أُقِرّتْ عليه نَصْبةُ الظرف وإن كان مرفوعَ الموضع لاطِّراد استعمالهم
إياه ظرفاً إلا أَن استعمالَ الجملة التي هي صفةٌ للمبتدأ مكانَه أَسهلُ من
استعمالِها فاعِلةً لأَنه ليس يَلزمُ أَن يكون المبتدأُ اسماً محضاً كلزوم ذلك في
الفاعل أَلا ترى إلى قولهم تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أَن تراه أَي سماعُك به
خيرٌ من رؤْيتك إياه وقد بانَ الحيُّ بَيْناً وبَيْنونةً وأَنشد ثعلب فهاجَ جوىً
في القَلْب ضَمَّنه الهَوَى بَبَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ والمُبايَنة
المُفارَقَة وتَبايَنَ القومُ تَهاجَرُوا وغُرابُ البَين هو الأَبْقَع قال عنترة
ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأَبْقَعُ حَرِقُ
الجَناحِ كأَنَّ لحْيَيْ رأْسِه جَلَمانِ بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ وقال أَبو
الغَوث غرابُ البَيْنِ هو الأَحمرُ المِنْقارِ والرِّجْلينِ فأَما الأَسْود فإِنه
الحاتِمُ لأَنه يَحْتِمُ بالفراق وتقول ضربَه فأَبانَ رأْسَه من جسدِه وفَصَلَه
فهو مُبِينٌ وفي حديث الشُّرْب أَبِنِ القَدَحَ عن فيك أَي افْصِلْه عنه عند
التنفُّس لئلا يَسْقُط فيه شيءٌ من الرِّيق وهو من البَينِ البُعْد والفِراق وفي
الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائِن أَي المُفْرِطِ طُولاً
الذي بَعُدَ عن قَدِّ الرجال الطِّوال وبانَ الشيءُ بَيْناً وبُيوناً وحكى
الفارسيُّ عن أَبي زيد طَلَبَ إلى أَبَوَيْه البائنةَ وذلك إذا طَلَب إليهما أَن
يُبِيناهُ بمال فيكونَ له على حِدَةٍ ولا تكونُ البائنةُ إلا من الأَبوين أَو
أَحدِهما ولا تكونُ من غيرهما وقد أَبانَه أَبواه إِبانةً حتى بانَ هو بذلك يَبينُ
بُيُوناً وفي حديث الشَّعْبي قال سمعتُ النُّعْمانَ بن بَشيرٍ يقول سمعتُ رسولَ
الله صلى الله عليه وسلم وطَلَبَتْ عَمْرةُ إلى بشير بن سعدٍ أَن يُنْحِلَني
نَحْلاً من ماله وأَن يَنْطلِقَ بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُشْهدَه
فقال هل لك معه ولدٌ غيرُه ؟ قال نعم قال فهل أَبَنْتَ كلَّ واحد منهم بمثل الذي
أَبَنتَ هذا ؟ فقال لا قال فإني لا أَشهَدُ على هذا هذا جَورٌ أَشهِدْ على هذا
غيري أعْدِلوا بين أَولادكم في النُِّحْل كما تُحِبُّون أَن يَعْدلوا بينكم في
البرِّ واللُّطف قوله هل أَبَنْتَ كلَّ واحد أَي هل أَعْطَيْتَ كلَّ واحدٍ مالاً
تُبِينُه به أَي تُفْرِدُه والاسم البائنةُ وفي حديث الصديق قال لعائشة رضي الله
عنهما إني كنتُ أَبَنْتكِ بنُحْل أَي أَعطيتُكِ وحكى الفارسي عن أَبي زيد بانَ
وبانَه وأَنشد كأَنَّ عَيْنَيَّ وقد بانُوني غَرْبانِ فَوقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ
وتبَايَنَ الرجُلانِ بانَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه وكذلك في الشركة إذا انفصلا
وبانَت المرأَةُ عن الرجل وهي بائنٌ انفصلت عنه بطلاق وتَطْليقةٌ بائنة بالهاء لا
غير وهي فاعلة بمعنى مفعولة أَي تَطْليقةٌ
( * قوله « وهي فاعلة بمعنى مفعولة أي تطليقة إلخ » هكذا بالأصل ولعل فيه سقطاً )
ذاتُ بَيْنونةٍ ومثله عِيشةٌ راضيةٌ أَي ذاتُ رِضاً وفي حديث ابن مسعود فيمن طَلق
امرأَتَه ثمانيَ تَطْلِيقاتٍ فقيل له إنها قد بانَتْ منك فقال صدَقُوا بانَتِ
المرأَةُ من زوجِها أَي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقُه والطَّلاقُ البائِنُ هو الذي
لا يَمْلِك الزوجُ فيه استِرْجاعَ المرأَةِ إلا بعَقْدٍ جديدٍ وقد تكرر ذكرها في
الحديث ويقال بانَتْ يدُ الناقةِ عن جَنْبِها تَبِينُ بُيوناً وبانَ الخلِيطُ
يَبينُ بَيْناً وبَيْنونةً قال الطرماح أَآذَنَ الثاوي بِبَيْنُونة ابن شميل يقال
للجارية إذا تزوَّجت قد بانَت وهُنّ قد بِنَّ إذا تزوَّجْنَ وبَيَّن فلانٌ بِنْثَه
وأَبانَها إذا زوَّجَها وصارت إلى زوجها وبانَت هي إذا تزوجت وكأَنه من البئر
البعيدة أَي بَعُدَتْ عن بيت أَبيها وفي الحديث مَنْ عالَ ثلاثَ بناتٍ حتى يَبِنَّ
أَو يَمُتْنَ يَبِنَّ بفتح الياء أَي يتزوَّجْنَ وفي الحديث الآخر حتى بانُوا أَو
ماتوا وبئرٌ بَيُونٌ واسعةُ ما بين الجالَيْنِ وقال أَبو مالك هي التي لا يُصيبُها
رِشاؤُها وذلك لأَن جِرابَ البئر مستقيم وقيل البَيُونُ البئرُ الواسعة الرأْسِ
الضَّيِّقَة الأَسْفَل وأَنشد أَبو علي الفارسي إِنَّك لو دَعَوْتَني ودُوني
زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ لقُلْتُ لَبَّيْه لمنْ يَدْعوني فجعلها زَوْراءَ
وهي التي في جِرابِها عَوَجٌ والمَنْزَعُ الموضعُ الذي يَصْعَدُ فيه الدَّلْوُ إذا
نُزِع من البئر فذلك الهواء هو المَنْزَعُ وقال بعضهم بئرٌ بَيُونٌ وهي التي
يُبِينُ المُسْتَقي الحبل في جِرابِها لِعَوَجٍ في جُولها قال جرير يصف خيلاً
وصَهِيلَها يَشْنِفْنَ للنظرِ البعيد كأَنما إرْنانُها ببَوائنُ الأَشْطانِ أَراد
كأَنها تَصْهَل في ركايا تُبانُ أَشْطانُها عن نواحيها لِعَوَجٍ فيها إرنانها ذوات
( * قوله « ارنانها ذوات إلخ » كذا بالأصل وفي التكملة والبيت للفرزدق يهجو جريراً
والرواية إرنانها أي كأنها تصهل من آبار بوائن لسعة أجوافها إلخ وقول الصاغاني
والرواية إرنانها يعني بكسر الهمزة وسكون الراء وبالنون كما هنا بخلاف رواية
الجوهري فإنها أذنابها وقد عزا الجوهري هذا البيت لجرير كما هنا فقد رد عليه
الصاغاني من وجهين )
الأَذنِ والنَّشاطِ منها أَراد أَن في صهيلِها خُشْنة وغِلَظاً كأَنها تَصْهَل في
بئرٍ دَحُول وذلك أَغْلَظُ لِصَهيلِها قال ابن بري رحمه الله البيت للفرزدق لا
لجرير قال والذي في شعره يَصْهَلْنَ والبائنةُ البئرُ البعيدةُ القعر الواسعة
والبَيونُ مثلُه لأَن الأَشْطانَ تَبِينُ عن جرابِها كثيراً وأَبانَ الدَّلوَ عن
طَيِّ البئر حادَ بها عنه لئلا يُصيبَها فتنخرق قال دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي
مَنينُها لم تَرَ قَبْلي ماتِحاً يُبينُها وتقول هو بَيْني وبَيْنَه ولا يُعْطَفُ
عليه إلا بالواو لأَنه لا يكون إلا من اثنين وقالوا بَيْنا نحن كذلك إذ حَدَثَ كذا
قال أَنشده سيبويه فبَيْنا نحن نَرْقُبُه أَتانا مُعَلّق وَفْضةٍ وزِناد راعِ إنما
أَراد بَيْنَ نحن نَرْقبُهُ أَتانا فأَشْبَعَ الفتحة فحدَثتْ بعدها أَلفٌ فإِن قيل
فلِمَ أَضافَ الظرفَ الذي هو بَيْن وقد علمنا أَن هذا الظرفَ لا يضاف من الأَسماء
إلا لما يدلُّ على أَكثر من الواحد أَو ما عُطف عليه غيره بالواو دون سائر حروف
العطف نحو المالُ بينَ القومِ والمالُ بين زيدٍ وعمرو وقولُه نحن نرقُبُه جملةٌ
والجملة لا يُذْهَب لها بَعْدَ هذا الظرفِ ؟ فالجواب أَن ههنا واسطة محذوفةٌ
وتقدير الكلام بينَ أَوقاتِ نحن نرْقُبُه أَتانا أَي أَتانا بين أَوقات رَقْبَتِنا
إياه والجُمَلُ مما يُضافُ إليها أَسماءُ الزمان نحو أَتيتك زمنَ الحجاجُ أَميرٌ
وأَوانَ الخليفةُ عبدُ المَلِك ثم إنه حذف المضافُ الذي هو أَوقاتٌ ووَليَ الظرف
الذي كان مضافاً إلى المحذوف الجملة التي أُقيمت مُقامَ المضاف إليها كقوله تعالى
واسأَل القرية أَي أَهلَ القرية وكان الأَصمعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا إذا صلَح في
موضعه بَيْنَ ويُنشِد قول أَبي ذؤيب بالكسر بَيْنا تَعَنُّقِه الكُماةَ ورَوْغِه
يوماً أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ وغيرُه يرفعُ ما بعدَ بَيْنا وبَيْنَما على
الابتداء والخبر والذي يُنْشِدُ برَفع تَعنُّقِه وبخفْضِها
( * قوله « والذي ينشد إلى وبخفضها هكذا في الأصل ولعل في الكلام سقطاً ) قال ابن
بري ومثلُه في جواز الرفع والخفض بعدها قولُ الآخر كُنْ كيفَ شِئْتَ فقَصْرُك
الموتُ لا مَزْحَلٌ عنه ولا فَوْتُ بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِهِ زالَ الغِنَى
وتَقَوَّضَ البيتُ قال ابن بري وقد تأْتي إذْ في جواب بينا كما قال حُمَيْد
الأَرقط بَيْنا الفَتى يَخْبِطُ في غَيْساتِه إذ انْتَمَى الدَّهْرُ إلى عِفْراتِه
وقال آخر بيْنا كذلك إذْ هاجَتْ هَمَرَّجةٌ تَسْبي وتَقْتُل حتى يَسْأَمَ الناسُ
وقال القطامي فبَيْنا عُمَيْرٌ طامحُ الطَّرف يَبْتَغي عُبادةَ إذْ واجَهْت أَصحَم
ذا خَتْر قال ابن بري وهذا الذي قلناه يدلُّ على فسادِ قول من يقول إنَّ إذ لا
تكون إلا في جواب بَيْنما بزيادة ما وهذه بعدَ بَيْنا كما ترى ومما يدل على فساد
هذا القول أَنه قد جاء بَيْنما وليس في جوابها إذ كقول ابن هَرْمة في باب
النَّسيبِ من الحَماسةِ بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقا عِ سِراعاً والعِيسُ تَهْوي
هُوِيّا خطَرَتْ خَطْرةٌ على القلبِ من ذك راكِ وهْناً فما استَطَعتُ مُضِيّاً
ومثله قول الأَعشى بَيْنَما المرءُ كالرُّدَيْنيّ ذي الجُبْ بَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ
التَّثْقِيفِ رَدَّه دَهْرُه المُضَلّلُ حتى عادَ من بَعْدِ مَشْيِه التَّدْليفِ
ومثله قول أَبي دواد بَيْنما المرءُ آمِنٌ راعَهُ را ئعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه
انْبِعاقَهْ وفي الحديث بَيْنا نحن عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
رجلٌ أَصلُ بَيْنا بَيْنَ فأُشبِعتْ الفتحة فصارت أَلفاً ويقال بَيْنا وبَيْنما
وهما ظرفا زمانٍ بمعنى المفاجأَة ويُضافان إلى جملة من فعلٍ وفاعلٍ ومبتدإِ وخبر
ويحْتاجان إلى جواب يَتِمُّ به المعنى قال والأَفصَح في جوابهما أَن لا يكون فيه
إذا وإذا وقد جاءا في الجواب كثيراً تقول بَينا زيدٌ جالسٌ دخَل عليه عمرٌو وإذ
دخَل عليه وإذا دخل عليه ومنه قول الحُرَقة بنت النُّعمان بَيْنا نَسوسُ الناسَ
والأَمرُ أَمْرُنا إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ وأَما قوله تعالى وجعلنا
بينهم مَوْبِقاً فإنّ الزجاج قال معناه جعلنا بينَهم من العذاب ما يُوبِقُهم أَي
يُهْلِكهم وقال الفراء معناه جعلنا بينهم أَي تواصُلهم في الدنيا مَوْبقاً لهم يوم
القيامة أَي هُلْكاً وتكون بَيْن صفة بمنزلة وسَط وخِلال الجوهري وبَيْن بمعنى
وسْط تقول جلستُ بينَ القوم كما تقول وسْطَ القوم بالتخفيف وهو ظرفٌ وإن جعلته
اسماً أَعرَبْتَه تقول لقد تقطَّع بينُكم برفع النون كما قال أَبو خِراش الهُذلي
يصف عُقاباً فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ فصادَفَ بينَ عَينَيْه الجَبُوبا الجبُوب
وجه الأَرض الأَزهري في أَثناء هذه الترجمة روي عن أَبي الهيثم أَنه قال الكواكب
البَبانيات
( * وردت في مادة بين « البابانيات » تبعاً للأصل والصواب ما هنا ) هي التي لا
يَنزِلها شمسٌ ولا قمرٌ إنما يُهْتَدى بها في البرِّ والبحر وهي شامية ومَهَبُّ
الشَّمالِ منها أَوَّلها القُطْب وهو كوكبٌ لا يَزول والجدْي والفَرْقَدان وهو
بَيْنَ القُطب وفيه بَنات نعْشٍ الصغرى وقال أَبو عمرو سمعت المبرَّد يقول إذا كان
الاسم الذي يجيء بعد بَيْنا اسماً حقيقيّاً رفَعته بالابتداء وإن كان اسماً
مصدريّاً خفضْتَه ويكون بَيْنا في هذا الحال بمعنى بينَ قال فسأَلت أَحمد بن يحيى
عنه ولم أُعلِمْه قائله فقال هذا الدرُّ إلا أَنَّ من الفصحاء من يرفع الاسم الذي
بعد بَينا وإن كان مصدريّاً فيُلحقه بالاسم الحقيقي وأَنشد بيتاً للخليل ابن أَحمد
بَينا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِه ذهَبَ الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ وجائز وبهْجَتُه
قال وأَما بَيْنما فالاسمُ الذي بعده مرفوعٌ وكذلك المصدر ابن سيده وبَيْنا وبينما
من حروف الابتداء وليست الأَلف في بَيْنا بصلةٍ وبَينا فعْلى أُشبِعت الفتحةُ
فصارت أَلفاً وبينما بَين زِيدت عليه ما والمعنى واحد وهذا الشيء بَينَ بَينَ أَي
بَيْنَ الجيِّد والرَّديء وهما اسمان جُعِلا واحداً وبُنيا على الفتح والهمزة
المخفَّفة تسمّى همزة بَيْنَ بَيْنَ وقالوا بَين بَين يريدون التَّوَسُّط كما قال
عَبيد بن الأَبرص نَحْمي حَقيقَتَنا وبع ض القَوْم يَسْقُطُ بَينَ بَيْنا وكما
يقولون همزة بَين بَين أَي أَنها همزةٌ بَيْنَ الهمزةِ وبين حرف اللين وهو الحرف
الذي منه حركتُها إن كانت مفتوحة فهي بين الهمزة والأَلف مثل سأَل وإن كانت مكسورة
فهي بين الهمزة والياء مثل سَئِمَ وإن كانت مضمومةً فهي بين الهمزة والواو مثل
لَؤُم إلا أَنها ليس لها تمكينُ الهمزة المحققة ولا تقَعُ الهمزةُ المخففة أَبداً
أَوَّلاً لقُرْبِها بالضَّعْف من الساكن إلا أَنها وإن كانت قد قرُبَت من الساكن
ولم يكن لها تَمْكين الهمزةِ المحقَّقة فهي متحرِّكة في الحقيقة فالمفتوحة نحو
قولك في سأَل سأَلَ والمكسورةُ نحو قولك في سَئِمَ سَئِمَ والمضمومة نحو قولك في
لؤُم لؤُم ومعنى قول سيبويه بَيْنَ بَيْنَ أَنها ضعيفة ليس لها تمكينُ المحقَّقة
ولا خُلوصُ الحرف الذي منه حركتُها قال الجوهري وسميت بَينَ بينَ لضَعْفِها وأَنشد
بيت عبيد بن الأَبرص وبعض القومِ يسقط بين بينا أَي يتساقط ضَعيفاً غير معتدٍّ به
قال ابن بري قال السيرافي كأَنه قال بَينَ هؤلاء وهؤلاء كأَنه رجلٌ يدخل بينَ
فريقين في أَمرٍ من الأُمور فيسقُطُ ولا يُذْكَر فيه قال الشيخ ويجوز عندي أَن
يريد بينَ الدخول في الحرب والتأَخر عنها كما يقال فلانُ يُقَدِّم رِجْلاً ويُؤَخر
أُخرى ولَقِيتُه بُعَيدات بَيْنٍ إذا لقِيتَه بعدَ حينٍ ثم أَمسكتَ عنه ثم أَتيته
وقوله وما خِفْتُ حتى بَيَّنَ الشربُ والأَذى بِقانِئِه إِنِّي من الحيِّ أَبْيَنُ
أَي بائن والبَيانُ ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدلالة وغيرِها وبانَ الشيءُ بَياناً
اتَّضَح فهو بَيِّنٌ والجمع أَبْيِناءُ مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء وكذلك أَبانَ
الشيءُ فهو مُبينٌ قال الشاعر لو دَبَّ ذَرٌّ فوقَ ضاحِي جلدِها لأَبانَ من
آثارِهِنَّ حُدورُ قال ابن بري عند قول الجوهري والجمع أَبْيِناء مثل هيِّن
وأَهْيِناء قال صوابه مثل هيِّنٍ وأَهْوِناء لأَنه من الهَوانِ وأَبَنْتُه أَي
أَوْضَحْتُه واستَبانَ الشيءُ ظهَر واستَبَنْتُه أَنا عرَفتُه وتَبَيَّنَ الشيءُ
ظَهَر وتَبيَّنْتهُ أَنا تتعدَّى هذه الثلاثةُ ولا تتعدّى وقالوا بانَ الشيءُ
واسْتَبانَ وتَبيَّن وأَبانَ وبَيَّنَ بمعنى واحد ومنه قوله تعالى آياتٍ
مُبَيِّناتٍ بكسر الياء وتشديدها بمعنى مُتبيِّنات ومن قرأَ مُبَيَّنات بفتح الياء
فالمعنى أَن الله بَيَّنَها وفي المثل قد بَيَّنَ الصبحُ لذِي عينَين أَي تَبَيَّن
وقال ابن ذَريح وللحُبِّ آياتٌ تُبَيَّنُ للفَتى شُحوباً وتَعْرى من يَدَيه
الأَشاحم
( * قوله « الأشاحم » هكذا في الأصل ) قال ابن سيده هكذا أَنشده ثعلب ويروى
تُبَيِّن بالفتى شُحوب والتَّبْيينُ الإيضاح والتَّبْيين أَيضاً الوُضوحُ قال
النابغة إلاَّ الأَوارِيّ لأْياً ما أُبَيِّنُها والنُّؤْيُ كالحَوض بالمظلومة
الجلَد يعني أَتَبيَّنُها والتِّبْيان مصدرٌ وهو شاذٌّ لأَن المصادر إنما تجيء على
التَّفْعال بفتح التاء مثال التَّذْكار والتَّكْرار والتَّوْكاف ولم يجيءْ بالكسر
إلا حرفان وهما التِّبْيان والتِّلقاء ومنه حديث آدم وموسى على نبينا محمد وعليهما
الصلاة والسلام أَعطاكَ اللهُ التوراةَ فيها تِبْيانُ كلِّ شيءٍ أَي كشْفُه
وإيضاحُه وهو مصدر قليل لأَن مصادرَ أَمثاله بالفتح وقوله عز وجل وهو في الخِصام
غيرُ مُبين يريد النساء أَي الأُنثى لا تكاد تَسْتَوفي الحجةَ ولا تُبينُ وقيل في
التفسير إن المرأَة لا تكاد تحتجُّ بحُجّةٍ إِلا عليها وقد قيل إنه يعني به
الأَصنام والأَوّل أَجود وقوله عز وجل لا تُخْرِجوهُنَّ من بيوتهنّ ولا يَخْرُجْنَ
إلا أَن يأْتِين بفاحِشةٍ مُبَيِّنة أَي ظاهرة مُتَبيِّنة قال ثعلب يقول إذا
طلَّقها لم يحِلّ لها أَن تَخْرُجَ من بيته ولا أَن يُخْرجها هو إلا بحَدٍّ يُقام
عليها ولا تَبينُ عن الموضع الذي طُلِّقت فيه حتى تنقضي العدّة ثم تخرُج حيث شاءت
وبِنْتُه أَنا وأَبَنتُه واسْتَبنْتُه وبَيَّنْتُه وروي بيت ذي الرمة تُبَيِّنُ
نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا أَي تُبَيِّنُها
ورواه عليّ بن حمزة تُبيِّن نِسبةُ بالرفع على قوله قد بَيَّنَ الصبحُ لذي عَينين
ويقال بانَ الحقُّ يَبينُ بَياناً فهو بائنٌ وأَبانَ يُبينُ إبانة فهو مُبينٌ
بمعناه ومنه قوله تعالى حم والكتاب المُبين أَي والكتاب البَيِّن وقيل معنى
المُبين الذي أَبانَ طُرُقَ الهدى من طرق الضلالة وأَبان كلَّ ما تحتاج إليه
الأُمّة وقال الزجاج بانَ الشيءُ وأَبانَ بمعنى واحد ويقال بانَ الشيءُ وأَبَنتُه
فمعنى مُبين أَنه مُبينٌ خيرَه وبرَكَته أَو مُبين الحقَّ من الباطل والحلالَ من
الحرام ومُبينٌ أَن نُبُوَّةَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حقٌّ ومُبين
قِصَصَ الأَنبياء قال أَبو منصور ويكون المستبين أَيضاً بمعنى المُبين قال أَبو
منصور والاسْتِبانةُ يكون واقعاً يقال اسْتَبنتُ الشيءَ إذا تأَملتَه حتى تَبيَّن
لك قال الله عز وجل وكذلك نُفصِّل الآيات ولِتَستبين سبيلَ المجرمين المعنى
ولتستبينَ أَنت يا محمد سبيلَ المجرمين أَي لتزدادَ استِبانة وإذا بانَ سبيلُ
المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين وأَكثرُ القراء قرؤُوا ولتَستبينَ سبيلُ المجرمين
والاسْتبانة حينئذٍ يكون غير واقع ويقال تبَيَّنْت الأَمر أَي تأَمَّلته
وتوسَّمْتُه وقد تبيَّنَ الأَمرُ يكون لازِماً وواقِعاً وكذلك بَيَّنْته فبَيَّن
أَي تَبَيَّن لازمٌ ومتعدّ وقوله عز وجل وأَنزلنا عليكَ الكتاب تِبْياناً لكلّ
شيءٍ أَي بُيِّن لك فيه كلُّ ما تحتاج إليه أَنت وأُمتُك من أَمر الدِّين وهذا من
اللفظ العامِّ الذي أُريد به الخاصُّ والعرب تقول بَيَّنْت الشيءَ تَبْييناً
وتِبْياناً بكسر التاء وتِفْعالٌ بكسر التاء يكون اسماً فأَما المصدر فإِنه يجيء
على تَفْعال بفتح التاء مثل التَّكْذاب والتَّصْداق وما أَشبهه وفي المصادر حرفان
نادران وهما تِلْقاء الشيء والتِّبْيان قال ولا يقاس عليهما وقال النبي صلى الله
عليه وسلم أَلا إنَّ التَّبيين من الله والعَجَلة من الشيطان فتبيَّنُوا قال أَبو
عبيد قال الكسائي وغيره التَّبْيين التثبُّتُ في الأَمر والتَّأَني فيه وقرئ قوله
عز وجل إذا ضَرَبتم في سبيل الله فتبيَّنُوا وقرئ فتثبَّتوا والمعنيان متقاربان
وقوله عز وجل إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا وفتَثبَّتُوا قرئ بالوجهين جميعاً
وقال سيبويه في قوله الكتاب المُبين قال وهو التِّبيان وليس على الفعل إنما هو
بناءٌ على حدة ولو كان مصدراً لفُتِحتْ كالتَّقْتال فإنما هو من بيَّنْتُ كالغارة
من أَغَرْت وقال كراع التِّبيان مصدرٌ ولا نظير له إلا التِّلقاء وهو مذكور في
موضعه وبينهما بَينٌ أَي بُعْد لغة في بَوْنٍ والواو أَعلى وقد بانَه بَيْناً
والبَيانُ الفصاحة واللَّسَن وكلامٌ بيِّن فَصيح والبَيان الإفصاح مع ذكاء
والبَيِّن من الرجال الفصيح ابن شميل البَيِّن من الرجال السَّمْح اللسان الفصيح
الظريف العالي الكلام القليل الرتَج وفلانٌ أَبْيَن من فلان أَي أَفصح منه وأَوضح
كلاماً ورجل بَيِّنٌ فصيح والجمع أَبْيِناء صحَّت الياء لسكون ما قبلها وأَنشد شمر
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ ويَلْتَئي على البَيِّنِ السَّفّاكِ وهو خَطيبُ
قوله يَلتئي أَي يُبْطئ من اللأْي وهو الإبطاء وحكى اللحياني في جمعه أَبْيان
وبُيَناء فأَما أَبْيان فكميِّت وأَموات قال سيبويه شَبَّهوا فَيْعِلاً بفاعل حين
قالوا شاهد وأَشهاد قال ومثله يعني ميِّتاً وأَمواتاً قيِّل وأَقيال وكَيِّس
وأَكياس وأَما بُيِّناء فنادر والأَقيَس في ذلك جمعُه بالواو وهو قول سيبويه روى
ابنُ عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال إنّ من البيان لسِحْراً وإنّ من
الشِّعر لحِكَماً قال البَيان إظهار المقصود بأَبلغ لفظٍ وهو من الفَهْم وذكاءِ
القلْب مع اللَّسَن وأَصلُه الكَشْفُ والظهورُ وقيل معناه إن الرجُلَ يكونُ عليه
الحقُّ وهو أَقْوَمُ بحُجَّتِه من خَصْمِه فيَقْلِبُ الحقَّ بِبَيانِه إلى نَفْسِه
لأَن معنى السِّحْر قَلْبُ الشيءِ في عَيْنِ الإنسانِ وليس بِقَلْبِ الأَعيانِ
وقيل معناه إنه يَبْلُغ من بَيانِ ذي الفصاحة أَنه يَمْدَح الإنسانَ فيُصدَّق فيه
حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قولِه وحُبِّه ثم يذُمّه فيُصدّق فيه حتى يَصْرِفَ
القلوبَ إلى قوله وبُغْضِهِ فكأَنه سَحَرَ السامعين بذلك وهو وَجْهُ قوله إن من
البيانِ لسِحْراً وفي الحديث عن أَبي أُمامة أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال
الحياءُ والعِيُّ شُعْبتان من الإيمانِ والبَذاءُ والبيانُ شُعْبتانِ من النِّفاق
أَراد أَنهما خَصْلتان مَنْشَؤهما النِّفاق أَما البَذاءُ وهو الفُحْشُ فظاهر
وأَما البيانُ فإنما أَراد منه بالذّم التعمُّق في النُّطْق والتفاصُحَ وإظهارَ
التقدُّم فيه على الناس وكأَنه نوعٌ من العُجْب والكِبْرِ ولذلك قال في رواية
أُخْرى البَذاءُ وبعضُ البيان لأَنه ليس كلُّ البيانِ مذموماً وقال الزجاج في قوله
تعالى خَلَق الإنْسان علَّمَه البيانَ قيل إنه عنى بالإنسان ههنا النبيَّ صلى الله
عليه وسلم علَّمَه البيان أَي علَّمه القرآنَ الذي فيه بيانُ كلِّ شيء وقيل
الإنسانُ هنا آدمُ عليه السلام ويجوز في اللغة أَن يكون الإنسانُ اسماً لجنس الناس
جميعاً ويكون على هذا علَّمَه البيانَ جعَله مميَّزاً حتى انفصل الإنسانُ ببيَانِه
وتمييزه من جميع الحيوان ويقال بَيْنَ الرجُلَين بَيْنٌ بَعيدٌ وبَوْنٌ بعيد قال
أَبو مالك البَيْنُ الفصلُ
( * قوله « البين الفصل إلخ » كذا بالأصل ) بين الشيئين يكون إمّا حَزْناً أَو
بقْرْبه رَمْلٌ وبينَهما شيءٌ ليس بحَزنٍ ولا سهلٍ والبَوْنُ الفضلُ والمزيّةُ
يقال بانه يَبونُه ويَبينُه والواوُ أَفصحُ فأَما في البُعْد فيقال إن بينهما
لَبَيْناً لا غير وقوله في الحديث أَولُ ما يُبِينُ على أَحدِكم فَخِذُه أَي
يُعْرب ويَشهد عليه ونخلةٌ بائنةٌ فاتَتْ كبائسُها الكوافيرَ وامتدّت عراجِينُها
وطالت حكاه أَبو حنيفة وأَنشد لحَبيب القُشَيْري من كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَها
عنها وحاضنةٍ لها مِيقارِ قوله تَبينُ عذوقَها يعني أَنها تَبين عذوقَها عن نفسها
والبائنُ والبائنةُ من القِسِيِّ التي بانتْ من وتَرِها وهي ضد البانِية إلا أَنها
عيب والباناةُ مقلوبةٌ عن البانِية الجوهري البائنةُ القوسُ التي بانت عن وَتَرِها
كثيراً وأَما التي قد قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادت تلْصَق به فهي البانيةُ بتقديم
النون قال وكلاهما عيب والباناةُ النَّبْلُ الصِّغارُ حكاه السُّكَّريّ عن أَبي
الخطاب وللناقة حالِبانِ أَحدُهما يُمْسِك العُلْبة من الجانب الأَيمن والآخرُ
يحلُب من الجانب الأَيْسر والذي يَحْلُب يسمَّى المُسْتَعْلي والمُعَلِّي والذي
يُمْسِك يسمَّى البائنَ والبَيْنُ الفراق التهذيب ومن أَمثال العرب اسْتُ البائنِ
أَعْرَفُ وقيل أَعلمُ أَي مَنْ وَلِيَ أَمْراً ومارَسَه فهو أَعلم به ممن لم
يُمارِسْه قال والبائن الذي يقومُ على يمين الناقة إذا حلبَها والجمع البُيَّنُ
وقيل البائنُ والمُسْتَعْلي هما الحالبان اللذان يَحْلُبان الناقةَ أَحدُهما حالبٌ
والآخر مُحْلِب والمُعينُ هو المُحْلِب والبائن عن يمين الناقة يُمْسِك العُلْبةَ
والمُسْتَعْلي الذي عن شِمالها وهو الحالبُ يَرْفع البائنُ العُلْبةَ إليه قال
الكميت يُبَشِّرُ مُسْتعلِياً بائنٌ من الحالبَيْنِ بأَن لا غِرارا قال الجوهري
والبائنُ الذي يأْتي الحلوبةَ من قِبَل شمالها والمُعَلِّي الذي يأْتي من قِبل
يمينها والبِينُ بالكسر القطعةُ من الأَرض قدر مَدِّ البصر من الطريق وقيل هو
ارتفاعٌ في غِلَظٍ وقيل هو الفصل بين الأَرْضَيْن والبِينُ أَيضاً الناحيةُ قال
الباهلي المِيلُ قدرُ ما يُدْرِكُ بصره من الأَرضُ وفَصْلٌ بَيْنَ كلّ أَرْضَيْن
يقال له بِينٌ قال وهي التُّخومُ والجمعُ بُيونٌ قال ابن مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ
لَمْ تَسْرِ لَيْلى ولم تَطْرُقْ لحاجتِها من أَهلِ رَيْمانَ إلا حاجةً فينا
بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ به أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلكَ البِينا
( * قوله « بسرو » قال الصاغاني والرواية من سرو حمير لا غير ) ومَن كسَر التاءَ
والكافَ ذهَب بالتأْنيث إلى ابنة البكريّ صاحبة الخيال قال والتذكير أَصْوَبُ
ويقال سِرْنا ميلاً أَي قدر مدّ البَصَرِ وهو البِينُ وبِينٌ موضعٌ قريب من الحيرة
ومُبِينٌ موضع أَيضاً وقيل اسمُ ماءٍ قال حَنْظلةُ بن مصبح يا رِيَّها اليومَ على
مُبِينِ على مبينٍ جَرَدِ القَصيمِ التارك المَخاضَ كالأُرومِ وفَحْلَها أَسود
كالظَّليمِ جمع بين النون والميم وهذا هو الإكْفاء قال الجوهري وهو جائز للمطْبوع
على قُبْحِه يقول يا رِيَّ ناقتي على هذا الماء فأَخرَجَ الكلامَ مُخْرَجَ النداء
وهو تعجُّب وبَيْنونةُ موضع قال يا رِيحَ بَيْنونةَ لا تَذْمِينا جئْتِ بأَلوانِ
المُصَفَّرِينا
( * قوله « بألوان » في ياقوت بأرواح ) وهُما بَيْنونَتانِ بَيْنونةُ القُصْوَى
وبَينونة الدُّنيا وكِلْتاهما في شِقِّ بني سعدٍ بَيْنَ عُمانَ ويَبْرِين التهذيب
بَيْنونة موضعٌ بينَ عُمان والبحرَيْن وبيءٌ وعَدَنُ أَبْيَنَ وإِبْيَن موضعٌ وحكى
السيرافي عَدَن أَبْيَن وقال أَبْيَن موضع ومثَّل سيبويه بأَبْيَن ولم يُفَسِّرْهُ
وقيل عَدَن أَبْيَن اسمُ قريةٍ على سيفِ البحر ناحيةَ اليمن الجوهري أَبْيَنُ اسمُ
رجلٍ ينسب إليه عَدَن يقال عَدَنُ أَبْيَنَ والبانُ شجرٌ يَسْمُو ويَطُول في
اسْتِواءٍ مثل نَبات الأَثْل وورَقُه أَيضاً هدبٌ كهَدَب الأَثْل وليس لخَشَبه
صلابةٌ واحدتُه بانةٌ قال أَبو زياد من العِضاه البانُ وله هَدَبٌ طُوالٌ شديدُ
الخُضْرة وينبت في الهِضَبِ وثمرتُه تُشبه قُرونَ اللُّوبياء إلا أَن خُضْرَتَها
شديدةٌ ولها حبٌّ ومن ذلك الحبِّ يُسْتَخْرَج دُهْنُ البانِ التهذيب البانةُ شجرةٌ
لها ثمرة تُرَبَّبُ بأَفاوِيه الطيِّب ثم يُعْتَصر دُهْنها طِيباً وجمعها البانُ ولاسْتِواءِ
نباتِها ونباتِ أَفنانِها وطُولِها ونَعْمَتِها شَبَّه الشُّعَراءُ الجاريةَ
الناعمة ذاتَ الشِّطاطِ بها فقيل كأَنها بانةٌ وكأَنها غُصْنُ بانٍ قال قيس بن
الخَطيم حَوْراءَ جَيداء يُسْتَضاءُ بها كأَنها خُوطُ بانةٍ قَصِفُ ابن سيده
قَضَينا على أَلف البانِ بالياء وإن كانت عيناً لغلبةِ ( ب ي ن ) على ( ب و ن )
معنى
في قاموس معاجم
الليث الخَلْفُ
ضدّ قُدّام قال ابن سيده خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام مؤنثة وهي تكون اسماً وظَرفاً
فإذا كانت اسماً جَرت بوجوه الإعراب وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها وقوله
تعالى يعلم ما بينَ أَيديهم وما خَلْفَهم قال الزجاج خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم
الليث الخَلْفُ
ضدّ قُدّام قال ابن سيده خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام مؤنثة وهي تكون اسماً وظَرفاً
فإذا كانت اسماً جَرت بوجوه الإعراب وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها وقوله
تعالى يعلم ما بينَ أَيديهم وما خَلْفَهم قال الزجاج خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم
وما بين أَيديهم من أَمرِ القيامة وجميع ما يكون وقوله تعالى وإذا قيل لهم
اتَّقُوا ما بين أَيديكم وما خَلْفكم ما بين أَيديكم ما أَسْلَفْتُم من ذُنوبكم
وما خلفكم ما تستعملونه فيما تستقبلون وقيل ما بين أَيديكم ما نزل بالأُمم قبلكم
من العذاب وما خَلْفكم عذابُ الآخرة وخَلَفَه يَخْلُفه صار خَلْفَه واخْتَلَفَه
أَخذَه من خَلْفِه واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه جعله خَلْفَه قال النابغة حتى
إذا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً ذاتَ العِشاء وأَخْلَفَ الأَرْكاحا وجَلَسْتُ
خَلْفَ فلان أَي بعدَه والخَلْفُ الظَهْر وفي حديث عبد اللّه بن عتبة قال جئتُ في
الهاجرة فوجدْتُ عمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه يصلي فقمت عن يساره فأَخْلَفَني
فجعلني عن يمينه فجاء يَرْفَأُ فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه قال أَبو منصور قوله
فأَخلفني أَي رَدَّني إلى خَلْفِه فجعلني عن يمينه بعد ذلك أَو جعلني خَلْفَه
بحِذاء يمينه يقال أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إلى خَلْفِه ابن السكيت
أَلْحَحْتُ على فلان في الاتِّباع حتى اخْتَلَفْتُه أَي جعلته خَلْفي قال اللحياني
هو يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني وفي حديث سعد أَتَخَلَّفُ عن هِجْرتي يريد
خَوْفَ الموت بمكة لأَنها دار تركوها للّه تعالى وهاجَرُوا إلى المدينة فلم
يُحِبُّوا أَن يكون موتهم بها وكان يومئذ مريضاً والتخلُّفُ التأَخُّرُ وفي حديث
سعد فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع أَي أَخَّرَنا ولم يُقَدِّمْنا والحديث الآخر
حتى إنّ الطائر ليَمُرُّ بجَنَباتهم فما يُخَلِّفُهم أَي يتقدَّم عليهم ويتركهم
وراءه ومنه الحديث سَوُّوا صُفوفَكم ولا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم أَي إذا
تقدَّم بعضُهم على بعض في الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بينهم الخُلْفُ وفي
الحديث لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللّهُ بين وُجُوهِكم يريد أَنَّ
كلاًّ منهم يَصْرِفُ وجهَه عن الآخر ويُوقَعُ بينهم التباغُضُ فإنَّ إقْبالَ
الوجْهِ على الوجهِ من أَثَرِ المَوَدَّةٍ والأُلْفةِ وقيل أَراد بها تحويلَها إلى
الأَدْبارِ وقيل تغيير صُوَرِها إلى صُوَرٍ أُخرى وفي حديث الصلاة ثم أُخالِفَ إلى
رجال فأُحَرِّقَ عليهم بيوتَهم أَي آتِيَهم من خلفهم أَو أُخالف ما أَظْهَرْتُ من
إقامةِ الصلاةِ وأَرجع إليهم فآخُذهم على غَفْلةٍ ويكون بمعنى أَتَخَلَّفُ عن
الصلاة بمُعاقبتهم وفي حديث السَّقِيفةِ وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ أَي
تَخَلَّفا والخَلْفُ المِرْبَدُ يكون خَلْفَ البيت يقال وراء بيتك خَلْفُ جيّد وهو
المِرْبَدُ وهو مَحْبِسُ الإبل قال الشاعر وجِيئا مِنَ البابِ المُجافِ تَواتُراً
ولا تَقْعُدا بالخَلْفِ فالخَلْفُ واسِعُ
( * قوله « وجيئا إلخ » تقدم انشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف
وجئنا من الباب المجاف تواتراً ... وان تقعدا بالخلف
فالخلف واسع )
وأَخْلَفَ يدَه إلى السيفِ إذا كان مُعَلَّقاً خَلْفَه فهوى إليه وجاء خِلافَه أَي
بعده وقرئ وإذاً لا يَلْبَثُون خَلفَكَ إلا قليلاً وخِلافك والخِلْفةُ ما عُلِّقَ
خَلْفَ الرَّاكِبِ وقال كما عُلِّقَتْ خِلْفَةُ المَحْمِلِ وأَخْلَف الرجلُ أهْوَى
بيدِه إلى خَلْفِه ليأْخُذَ من رَحْلِه سيفاً أَو غيرَه وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ
يدَه كذلك والإخْلافُ أَن يَضْرِبَ الرجُل يده إلى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه
إذا رأَى عدوًّا الجوهري أَخْلَفَ الرجلُ إذا أَهْوَى بيده إلى سيفه ليَسُلَّه وفي
حديث عبد الرحمن بن عوف أَن رجلاً أَخْلَفَ السيف يوم بدر
( * قوله « اخلف السيف يوم إلخ » كذا بالأصل والذي في النهاية مع اصلاح فيها وفي
حديث عبدالرحمن بن عوف فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر يقال
إلخ ) يقال أَخْلَفَ يده إذا أَراد سيفه وأخْلفَ يدَه إلى الكنانةِ ويقال خَلَفَ
له بالسيفِ إذا جاء من وَرائه فضرَبه وفي الحديث فأَخْلَفَ بيده وأَخذ يدفع
الفَضْلَ واسْتَخْلَفَ فلاناً من فلان جعله مكانه وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان
خَلِيفَتَه يقال خَلَفه في قومه خِلافةً وفي التنزيل العزيز وقال موسى لأَخِيه
هرون اخْلُفْني في قَوْمي وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده ويقال خَلَّفْتُ فلاناً
أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا جَعَلتُه خَليفَتي واسْتَخْلفه جعله
خليفة والخَلِيفةُ الذي يُسْتخْلَفُ ممن قبله والجمع خلائف جاؤوا به على الأصل مثل
كريمةٍ وكرائِمَ وهو الخَلِيفُ والجمع خُلَفاء وأَما سيبويه فقال خَلِيفةٌ
وخُلَفاء كَسَّروه تكسير فَعِيلٍ لأَنه لا يكون إلا للمذكر هذا نقل ابن سيده وقال
غيره فَعِيلة بالهاء لا تجمع على فُعَلاء قال ابن سيده وأَما خَلائِفُ فعلى لفظ
خَلِيفةٍ ولم يعرف خليفاً وقد حكاه أَبو حاتم وأَنشد لأَوْس بن حَجَر إنَّ مِنَ
الحيّ موجوداً خَلِيفَتُهُ وما خَلِيفُ أبي وَهْبٍ بمَوْجُودِ والخِلافةٌ الإمارةُ
وهي الخِلِّيفَى وإنه لخَلِيفةٌ بَيِّنُ الخِلافةِ والخِلِّيفى وفي حديث عمر رضي
الله عنه لولا الخِلِّيفَى لأَذَّنْتُ وفي رواية لو أَطَقْتُ الأَذَان مع
الخِلّيفى بالكسر والتشديد والقَصْر الخِلافةِ وهو وأَمثاله من الأَبْنِيَةِ
كالرِّمِّيَّا والدِّلِّيلَى مصدر يدل على معنى الكثرة يريد به كثرة اجتِهاده في
ضَبْطِ أُمورِ الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها ابن سيده قال الزجاج جاز أن يقال
للأَئمة خُلفاء الله في أَرْضِه بقوله عز وجل يا داودُ إنَّا جَعَلْناك خَلِيفةً
في الأرض وقال غيره الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم وقد يؤنَّثُ وأَنشد الفراء أَبوكَ
خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى وأَنتَ خَليفةٌ ذاكَ الكَمالُ قال ولدته أُخْرَى
لتأْنيث اسم الخليفة والوجه أَن يكون ولده آخَرُ وقال الفراء في قوله تعالى هو
الذي جعلكم خلائِفَ في الأرض قال جعل أُمة محمد خَلائفَ كلِّ الأُمم قال وقيل
خَلائفَ في الأرض يَخْلُفُ بعضكم بعضاً ابن السكيت فإنه وقَعَ للرجال خاصّة
والأجْوَدُ أَن يُحْمَل على معناه فإنه ربما يقع للرجال وإن كانت فيه الهاء أَلا
تَرَى أَنهم قد جمعوه خُلفاء ؟ قالوا ثلاثةُ خُلفاء لا غير وقد جُمعَ خَلائفَ فمن
قال خلائفَ قال ثلاثَ خلائفَ وثلاثة خلائفَ فمرَّة يَذْهَب به إلى المعنى ومرَة
يذهب به إلى اللفظ قال وقالوا خُلفاء من أَجل أَنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء
جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن فَعِيلة بالهاء لا تُجمَعُ
على فُعلاء ومِخْلافُ البلدِ سُلطانُه ابن سيده والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ
عليها الإنسان وهو عند أَهل اليمن واحِدُ المَخالِيفُ وهي كُوَرُها ولكلِّ
مِخْلافٍ منها اسم يعرف به وهي كالرُسْتاقِ قال ابن بري المَخالِيفُ لأَهل اليمن
كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ والكورِ لأَهل العِراقِ والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ
والطّساسِيج لأَهْلِ الأهْوازِ والخَلَفُ ما اسْتَخْلَفْتَه من شيء تقول أَعطاك
اللّه خَلَفاً مما ذهب لك ولا يقال خَلْفاً وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ من أَبيك وخَلفَه
يَخْلُفُه خَلَفاً صار مكانه والخَلَفُ الولد الصالح يَبْقَى بعد الإنسان
والخَلْفُ والخالِفةُ الطَّالِحُ وقال الزجاج وقد يسمى خلَفاً بفتح اللام في
الطَّلاحِ وخَلْفاً بْسكانها في الصّلاحِ والأوّلُ أَعْرَفُ يقال إنه لخالِفٌ
بَيِّنُ الخَلافةِ قال ابن سيده وأَرى اللحياني حكى الكسْر وفي هؤلاء القَوْمِ
خَلَفٌ ممن مَضى أَي يقومون مَقامهم وفي فلان خلَفٌ من فلان إذا كان صالحاً أَو
طالحاً فهو خَلَفٌ ويقال بئسَ الخَلَفُ هُمْ أَي بئس البَدَلُ والخَلْفُ القَرْن
يأْتي بعد القَرْن وقد خلَفوا بعدهم يخلُفون وفي التنزيل العزيز فخَلَفَ من بعدهم
خلْفٌ أَضاعوا الصلاةَ بدلاً من ذلك لأَنهم إذا أَضاعوا الصلاةَ فهم خَلْفُ سُوء
لا مَحالةَ ولا يكونُ الخَلَفُ إلاَّ من الأَخْيارِ قَرْناً كان أَو ولَداً ولا
يكونُ الخَلْفُ إلا من الأَشرارِ وقال الفراء فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ ورثُوا
الكتاب قال قَرْنٌ ابن شميل الخَلَفُ يكون في الخَير والشرّ وكذلك الخَلْفُ وقيل
الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء يقال هؤلاء خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بناس
أَكثر منهم وهذا خَلْف سَوْء قال لبيد ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ في أَكنافِهمْ
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ قال ابن سيده وهذا يحتمل أَن يكون منهما
جميعاً والجمع فيهما أَخْلافٌ وخُلُوفٌ وقال اللحياني بقِينا في خَلْفِ سَوْءٍ أَي
بقيّة سَوْء وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ أَي بَقِيّة أَبو
الدُّقَيْشِ يقال مضى خَلْفٌ من الناس وجاء خَلْفٌ من الناس وجاء خَلْفٌ لا خيرَ
فيه وخلفٌ صالح خفَّفهما جميعاً ابن السكيت قال هذا خَلْف بإِسكان اللام للرَّديء
والخَلْفُ الرَّديء من القول يقال هذا خَلْفٌ من القولِ أَي رَديء ويقال في مَثَلٍ
سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً للرجل يُطيل الصَّمْتَ فإذا تكلم تكلم بالخَطإ أَي
سكت عن أَلف كلمة ثم تكلم بخطإٍ وحكي عن يعقوب قال إن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر
فأَشار بإبهامه نحو اسْتِه فقال إنها خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً عنى بالنُّطْق ههنا
الضَّرْطَ والخَلَف مَثَقَّل إذا كان خَلفاً من شيء وفي حديث مرفوع يَحْمِلُ هذا
العِلْمَ من كلّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عنه تَحْريفَ الغالِينَ وانْتِحالَ المُبْطِلينَ
وتأويلَ الجاهِلينَ قال القعنبي سمعت رجلاً يحدّث مالكَ ابن أَنس بهذا الحديث
فأَعجبه قال ابن الأَثير الخَلَفُ بالتحريك والسكون كل من يجيء بعد من مضى إلا
أَنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر يقال خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سوء
ومعناهما جميعاً القَرْن من الناس قال والمراد في هذا الحديث المَفْتُوحُ ومن
السكون الحديث سيكُونُ بعد ستّين سنة خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ وفي حديث ابن مسعود
ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم
( * قوله « تخلف من بعدهم » في النهاية تختلف من بعده ) خُلوفٌ هي جمع خَلْفٍ وفي
الحديث فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه أَي لعل هامَّة دَبَّتْ
فصارت فيه بعده وخِلافُ الشيء بعدَه وفي الحديث فدخَل ابنُ الزبير خِلافَه وحديث
الدَّجّال قد خَلَفَهم في ذَرارِيِّهم
( * قوله « ذراريهم » في النهاية ذريتهم ) وحديث أَبي اليَسَرِ أَخْلَفْتَ غازِياً
في سبيل اللّه في أَهلِه بمثل هذا ؟ يقال خَلَفْتُ الرجلَ في أَهله إذا أَقمتَ
بعدَه فيهم وقمت عنه بما كان يفعله والهمزة فيه للاستفهام وفي حديث ماعزٍ كلَّما
نَفَرْنا في سبيلِ اللّه خَلَفَ أَحدُهم له نَبيبٌ كنَبِيبِ التَّيْسِ وفي حديث
الأَعشى الحِرْمازِي فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ أَي بَقِيَتْ بعدي قال ابن
الأَثير ولو روي بالتشديد لكان بمعنى تَرَكَتْني خَلْفها والحَرَبُ الغضب
وأَخْلَفَ فلان خَلَفَ صِدْقٍ في قومه أَي ترَكَ فيهم عَقِباً وأَعْطِه هذا
خَلَفاً من هذا أَي بدلاً والخالِفةُ الأُمّةُ الباقيةُ بعد الأُمة السالِفةِ
لأَنها بدل ممن قبلها وأَنشد كذلك تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ وخلَفَ فلان مكانَ
أَبيه يَخْلُف خِلافةً إذا كان في مكانه ولم يَصِرْ فيه غيرُه وخَلَفَه رَبُّه في
أَهلِه وولدِه أَحْسَنَ الخِلافةَ وخَلَفَه في أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه
خِلافةً حسَنةً كان خَلِيفةً عليهم منه يكون في الخير والشر ولذلك قيل أَوْصى له
بالخِلافةِ وقد خَلَّف فلان فلاناً يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً وخَلَف بعده يَخْلُفُ
خُلوفاً وقد خالَفَه إليهم واخْتَلَفه وهي الخِلْفةُ وأَخْلَفَ النباتُ أَخرج
الخِلْفةَ وأخْلَفَتِ الأَرضُ إذا أَصابَها بَرْد آخِر الصيف فيَخْضَرُّ بعضُ
شَجرِها والخِلْفة زِراعةُ الحبوب لأَنها تُسْتَخْلَفُ من البر والشعير والخِلْفةُ
نَبْتٌ يَنْبُتُ بعد النبات الذي يَتَهَشَّم والخِلْفةُ ما أَنبت الصَّيْفُ من
العُشْبِ بعدما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ وقد اسْتخلفت الأرض وكذلك ما زُرع من
الحُبوب بعد إِدراك الأُولى خِلْفةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ وفي حديث جرير خيرُ
المَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كان لَجِيناً أَي إِذا أَخرج الخِلْفة
وهو الورق الذي يخرج بعد الورَق الأَوَّل في الصيف وفي حديث خُزيمةَ السُّلمي حتى آلَ
السُّلامى وأَخْلَفَ الخُزامى أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه من أُصولِه بالمطر
والخِلْفةُ الرّيحةُ وهي ما يَنْفَطِرُ عنه الشجر في أَوَّل البرد وهو من
الصَّفَرِيَّةِ والخِلْفةُ نباتُ ورَقٍ دون ورق والخِلْفةُ شيء يَحْمِلُه الكَرْمُ
بعدما يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ العنب وهو غَضٌّ أَخْضَرُ ثم يُدْرِك وكذلك هو
من سائر الثَّمر والخِلفةُ أَيضاً أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ جديدٍ حكاه أَبو
حنيفة وخِلْفةُ الثَّمر الشيء بعد الشيء والإخْلافُ أَن يكون في الشجر ثَمَر فيذهب
فالذي يعُود فيه خِلْفةٌ ويقال قد أَخْلَفَ الشجرُ فهو يُخْلِفُ إخْلافاً إذا
أَخرج ورقاً بعد ورق قد تناثر وخِلْفة الشجر ثمر يخرج بعد الثمر الكثير وأَخْلَفَ
الشجرُ خرجت له ثمرة بعد ثمرة وأَخْلَفَ الطائر خرج له ريشٌ بعد ريش وخَلَفَتِ
الفاكهةُ بعضُها بعضاً خَلَفاً وخِلْفةً إذا صارت خَلَفاً من الأُولى ورجلان خِلْفةٌ
يَخْلُفُ أَحدُهما الآخر والخِلْفةُ اختلاف الليلِ والنهار وفي التنزيل العزيز وهو
الذي جعَلَ الليلَ والنهارَ خلِفة أَي هذا خَلَفٌ من هذا يذهَب هذا ويجيء هذا
وأَنشد لزهير بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ من
كلِّ مَجْثَمِ وقيل معنى قول زهير يمشين خِلْفةً مُخْتَلِفاتٌ في أَنها ضَرْبان في
ألوانها وهيئتها وتكون خِلْفة في مِشْيَتِها تذهب كذا وتجيء كذا وقال الفراء يكون
قوله تعالى خِلْفةً أَي مَن فاته عمل في الليل استدركه في النهار فجعل هذا خلَفاً
من هذا ويقال علينا خِلْفةٌ من نهار أَي بَقِيَّةٌ وبَقِيَ في الحَوْضِ خِلْفةٌ من
ماء وكل شيء يجيء بعد شيء فهو خِلْفة ابن الأعرابي الخِلْفة وَقْت بعد وقت
والخَوالِفُ الذين لا يَغْزُون واحدهم خالفةٌ كأَنهم يَخْلُفُون من غزا
والخَوالِفُ أَيضاً الصِّبْيانُ المُتَخَلِّفُون وقَعَدَ خِلافَ أَصحابه لم يخرج
معهم وخَلَفَ عن أَصحابه كذلك والخِلافُ المُخالَفةُ وقال اللحياني سُرِرْتُ
بمَقْعَدي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم وقيل معناه
سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ ذهابهم ابن الأعرابي الخالِفةُ القاعدِةُ من النساء
في الدار وقوله تعالى وإذاً لا يَلْبَثُون خِلافَك إلا قليلاً ويقرأُ خَلْفَك
ومعناهما بعدَك وفي التنزيل العزيز فَرِحَ المُخَلَّفون بمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ
الله ويقرأُ خَلْفَ رسولِ الله أَي مُخالَفةَ رسولِ الله قال ابن بري خِلافَ في
الآية بمعنى بعد وأَنشد للحرِثِ بن خالِدٍ المخزومي عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم
فكأَنَّما نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا قال ومثله لمُزاحِمٍ
العُقَيْلِي وقد يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثم يَرْعَوِي خِلافَ الصِّبا للجاهلينَ
حُلوم قال ومثله للبريق الهذلي وما كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم بسِتَّةِ
أَبْياتٍ كما نَبَتَ العِتْرُ وأَنشد لأَبي ذؤيب فأَصْبَحْتُ أَمْشِي في دِيارٍ
كأَنَّها خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ عُورُ وأَنشد لآخر فقُلْ للذي يَبْقَى خِلافَ
الذي مضَى تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ
( * قوله « يبقى » في شرح القاموس يبغي )
وأَنشد لأَوْس لَقِحَتْ به لِحَياً خِلافَ حِيالِ أَي بَعدَ حِيالِ وأَنشد
لمُتَمِّم وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فلم أَكُنْ خِلافَهُمُ أَن أَسْتَكِينَ
وأَضْرَعا وتقول خَلَّفْتُ فلاناً ورائي فَتَخَلَّفَ عني أَي تأَخَّر والخُلُوفُ
الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ ويقال الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ والخُلوفُ الحُضُورُ
المُتَخَلِّفُون قال أَبو زبيد لطائي أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ
مُقْشَعِرًّا والحيُّ حَيٌّ خُلوفُ أَي لم يَبْقَ منهم أَحد قال ابن بري صواب
إنشاده أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ لأَن أَبا زبيد رَثَى في هذه القصيدة
فَرْوَة بن إياسِ ابن قَبيصةَ وكان منزله بالحيرة والخَلِيفُ المتَخَلِّفُ عن
المِيعاد قال أَبو ذؤيب تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ ولم تَشْعُرْ إذاً
أَني خَلِيفُ والخَلْفُ والخِلْفةُ الاسْتِقاء وهو اسم من الإخْلافِ والإخْلافُ
الاسْتِقاء والخالِفُ المُسْتَقِي والمُسْتَخْلِفُ المُسْتَسْقِي قال ذو الرمة
ومُسْتَخْلِفاتٍ من بلادِ تَنُوفةٍ لِمُصْفَرَّةِ الأشْداقِ حُمْرِ الحَواصِلِ
وقال الحطيئة لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها على عاجِزاتِ النَّهْضِ
حُمْرٍ حَواصلُهْ يعني راثَ مُخْلِفُها فوضَع المَصْدَرَ موضعه وقوله حواصِلُه قال
الكسائي أَراد حواصل ما ذكرنا وقال الفراء الهاء ترجع إلى الزُّغْبِ دُون
العاجِزاتِ التي فيه علامة الجمع لأَن كل جمع بُني على صورة الواحد ساغ فيه
تَوَهُّم الواحد كقول الشاعر مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ لأَن الفراخ ليس
فيه علامة الجمع وهو على صورة الواحد كالكِتاب والحِجاب ويقال الهاء ترجع إلى
النَّهْضِ وهو موضع في كَتِف البعير فاستعاره للقطا وروى أَبو عبيد هذا الحرف بكسر
الخاء وقال الخِلْفُ الاسْتِقاءُ قال أَبو منصور والصواب عندي ما قال أَبو عمرو
إنه الخَلْف بفتح الخاء قال ولم يَعْزُ أَبو عبيد ما قال في الخِلف إلى أَحد
واسْتَخْلَفَ المُسْتَسْقي والخَلْفُ الاسم منه يقال أَخْلَفَ واسْتَخْلَف
والخَلْفُ الحَيُّ الذين ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم وفي التهذيب
الخَلْفُ القوم الذين ذهبوا من الحيّ يستقون وخلَّفوا أَثقالهم واستخلف الرجلُ
اسْتَعْذَب الماء واستخلَف واخْتَلَفَ وأَخْلفَ سقاه قال الحطيئة سَقلها فَروّاها
من الماء مُخْلِفُ ويقال من أَين خِلْفَتُكم ؟ أَي من أَين تستقون وأَخلف واستخلف
استقى وقال ابن الأعرابي أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إليهم الماء العَذْب وهم في ربيع
ليس معهم ماء عذب أَو يكونون على ماء ملح ولا يكون الإخْلافُ إلا في الربيع وهو في
غيره مستعار منه قال أَبو عبيد الخِلْفُ والخِلْفَةُ من ذلك الاسم والخَلْفُ
المصدر لم يَحْكِ ذلك غير أَبي عبيد قال ابن سيده وأَراه منه غلطاً وقال اللحياني
ذهب المُسْتَخْلِفُونَ يسْتَقُون أَي المتقدمون والخَلَفُ العِوَضُ والبَدَلُ مما
أُخذ أَو ذهَب وأََحْلَفَ فلان لنفسه إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر قال
ابن مقبل فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ إنما المالُ عارةٌ وكُلْه مع الدهْرِ الذي هو آكِلُه
يقال اسْتَفِدْ خَلَفَ ما أَتْلَفْتَ ويقال لمن هلك له من لا يُعْتاضُ منه كالأَب
والأَمّ والعمّ خلَف الله عليك أَي كان الله عليك خليفةً وخَلف عليك خيراً وبخير
وأَخْلَفَ الله عليك خيراً وأَخْلف لك خيراً ولمن هَلَك له ما يُعْتاض منه أَو
ذهَب من ولد أَو مال أَخْلَفَ الله لك وخَلَف لك الجوهري يقال لمن ذهب له مال أَو
ولد أَو شيء يُسْتَعاضُ أَخلف الله عليك أَي ردَّ عليك مثلَ ما ذهب فإن كان قد هلك
له والد أَو عمّ أَو أَخ قلت خلف الله عليك بغير أَلف أَي كان الله خليفةَ والدِك
أَو مَنْ فَقَدتَه عليك ويقال خلفَ الله لك خَلَفاً بخَيْرٍ وأَخْلَفَ عليك خيراً
أَي أَبْدَلَك بما ذهب منك وعَوّضك عنه وقيل يقال خلَف الله عليك إذا مات لك ميّت
أَي كان الله خَليفَتَه عليك وأَخلف الله عليك أَي أَبْدَلك ومنه الحديث تَكَفَّل
الله للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه وفي حديث أَبي الدرداء في الدعاء للميت
اخْلُفْه في عَقِبِه أَي كُنْ لهم بعده وحديث أُم سلمة اللهم اخْلُفْ لي خيراً منه
اليزِيدِيُّ خلَف الله عليك بخير خِلافة الأَصمعي خلف الله عليك بخير إذا أَدخلت
الباء أَلْقَيْتَ الأَلف وأَخلف الله عليك أَي أَبدل لك ما ذهب وخَلَفَ الله عليك
أَي كان الله خَلِيفَةَ والدِك عليك والإخْلافُ أَن يُهْلِكَ الرجلُ شيئاً لنفسه
أَو لغيره ثم يُحْدِث مثلَه والخَلْفُ النَّسْلُ والخَلَفُ والخَلْفُ ما جاء من
بعدُ يقال هو خَلْفُ سَوء من أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ من أَبيه بالتحريك إذا قام
مَقامِه وقال الأخفش هما سواء منهم مَن يُحرّك ومنهم من يسكن فيهما جميعاً إذا
أَضاف ومن حرك في خَلَف صدْق وسكن في الآخر فإنما أَراد الفرق بينهما قال الراجز
إنَّا وجدْنا خَلَفاً بئسَ الخَلَفْ عَبْداً إذا ما ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ قال ابن
بري أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رجلاً اتخذ وليمة قال والصحيح في هذا
وهو المختار أَن الخَلَف خَلَفُ الإنسان الذي يَخْلُفُه من بعده يأْتي بمعنى البدل
فيكون خلَفاً منه أَي بدلاً ومنه قولهم هذا خَلَفٌ مما أُخذ لك أَي بَدَلٌ منه
ولهذا جاء مفتوح الأَوسط ليكون على مِثال البدل وعلى مثال ضِدّه أَيضاً وهو العدم
والتَّلَفُ ومنه الحديث اللهم أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً أَي
عِوَضاً يقال في الفعل منه خَلَفَه في قومه وفي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاُ وخِلافةً
وخَلَفَني فكان نعم الخَلَفُ أَو بئس الخلَفُ ومنه خَلَف الله عليك بخير خلَفاً
وخِلافةً والفاعل منه خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ والجمع خُلفاء وخَلائفُ فالخَلَفُ في
قولهم نعم الخَلَف وبئس الخلف وخلَفُ صِدْقٍ وخلَفُ سَوء وخلَفٌ صالحٌ وخلَفٌ
طالحٌ هو في الأَصل مصدر سمي به من يكون خليفةً والجمع أَخْلافٌ كما تقول بدَلٌ
وأَبْدالٌ لأَنه بمعناه قال وحكى أَبو زيد هم أَخْلافُ سَوْء جمع خلَفٍ قال وشاهد
الضم في مُسْتَقْبل فِعْلِه قولُ الشمَّاخ تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا المَنايا
وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ قال وأَما الخَلْفُ ساكِنَ الأَوسَط فهو الذي
يَجيء بعد يقال خَلَفَ قومٌ بعد قوم وسلطانٌ بعد سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً فهم
خالِفون تقول أَنا خالِفُه وخالِفتُه أَي جئت بعده وفي حديث ابن عباس أَن
أَعرابيّاً سأَل أَبا بكر رضي الله عنه فقال له أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ الله صلى
الله عليه وسلم ؟ فقال لا قال فما أَنت ؟ قال أَنا الخالِفةُ بعدَه قال ابن
الأَثير الخَلِيفةُ مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدُّ مَسَدَّه والهاء فيه للمبالغة
وجمعه الخُلَفاء على معنى التذكير لا على اللفظ مثل ظَريفٍ وظُرَفاء ويجمع على
اللفظ خَلائفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ فأَما الخالِفةُ فهو الذي لا غَناء عنده ولا خير
فيه وكذلك الخالف وقيل هو الكثير الخِلافِ وهو بَيِّنُ الخَلافةِ بالفتح وإنما قال
ذلك تواضُعاً وهَضماً من نفسه حِين قال له أَنتَ خليفةُ رسولِ الله وسمع الأَزهري
بعض العرب وهو صادِرٌ عن ماء وقد سأَله إنسان عن رَفيق له فقال هو خالِفتي أَي
وارِدٌ بعدي قال وقد يكون الخالِفُ المُتَخَلِّف عن القوم في الغَزْوِ وغيره كقوله
تعالى رَضُوا بأَن يكونوا مع الخَوالِفِ قال فعلى هذا الخَلْفُ الذي يجيء بعد
الأَوّل بمنزلة القَرْنِ بعد القَرْن والخَلْفُ المتخلف عن الأَول هالكاً كان أَو
حيّاً والخَلْفُ الباقي بعد الهالك والتابع له هو في الأَصل أَيضاً من خَلَفَ
يخْلُفُ خَلْفاً سمي به المتخلّف والخالِفُ لا على جهة البدل وجمعه خُلُوفٌ
كقَرْنٍ وقرون قال ويكون محْمُودا ومَذْموماً فشاهدُ المحمود قولُ حسانَ بن ثابت
الأَنصاري لَنا القَدَمُ الأُولى إليك وخَلْفُنا لأَوَّلِنا في طاعةِ الله تابِعُ
فالخَلْف ههنا هو التابعُ لمَن مضَى وليس من معنى الخلَفِ الذي هو البدَلُ قال
وقيل الخَلْفُ هنا المتخلِّفُون عن الأَوّلين أَي الباقون وعليه قوله عز وجل
فَخَلَفَ من بعدِهم خَلْفٌ فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب قال وهو الصحيح وحكى أَبو
الحسن الأَخفش في خلَفِ صِدْق وخلَفِ سَوء التحريكَ والإسكان قال والصحيح قول ثعلب
إِن الخلَف يجيء بمعنى البدَل والخِلافةِ والخَلْفُ يجيء بمعنى التخلّف عمن تقدم
قال وشاهد المذموم قول لبيد وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدٍ الأَجْرَبِ قال ويستعار
الخَلْفُ لما لا خير فيه وكلاهما سمي بالمصدر أَعني المحمود والمذموم فقد صار على
هذا للفِعْل معنيان خَلَفْتُه خَلَفاً كنت بعده خَلَفاً منه وبدلاً وخَلَفْتُه
خَلْفاً جئت بعده واسم الفاعل من الأَول خَليفة وخَلِيفٌ ومن الثاني خالِفةٌ
وخالِفٌ ومنه قوله تعالى فاقعُدوا مع الخالفين قال وقد صح الفَرْقُ بينهما على ما
بَيَّنّاه وهو من أَبيه خَلَف أَي بدلٌ والبدلُ من كل شيء خلَفٌ منه والخِلافُ
المُضادّةُ وقد خالَفه مُخالَفة وخِلافاً وفي المثل إنما أَنتَ خِلافَ الضَّبُعِ
الراكبَ أَي تخالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ الضَّبُعَ إذا رأَت الراكِبَ
هَرَبَتْ منه حكاه ابن الأَعرابي وفسّره بذلك وقولهم هو يخالِفُ إلى امرأَة فلان
أَي يأَْتيها إذا غاب عنها وخَلَفَ فلان بعَقِبِ فلان إذا خالفَه إلى أَهله ويقال
خلَف فلان بعَقبِي إذا فارقه على أَمر فصنع شيئاً آخر قال أَبو منصور وهذا أَصح من
قولهم إنه يخالفه إلى أَهله ويقال إن امرأَة فلان تَخْلُفُ زوجَها بالنزاع إلى
غيره إذا غاب عنها وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ على النبي صلى اللّه عليه وسلم فأَنشده
هذا الرجز إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في
رَجَبْ فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وأَخْلَفَ الغُلامُ فهو مُخْلِفٌ إذا راهَقَ الحُلُم ذكره الأَزهري وقول أَبي ذؤيب
إذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ
( * قوله « في بيت نوب إلخ » تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل الصواب
في الضبط ما هنا )
معناه دخَل عليها وأَخَذ عَسَلها وهي ترعى فكأَنه خالَفَ هَواها بذلك ومن رواه وحالَفَها
فمعناه لزِمَها والأَخْلَفُ الأَعْسَرُ ومنه قول أَبي كبير الهُذلي زَقَبٌ يَظَلُّ
الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه من ضِيقِ مَوْرِدِه اسْتِنانَ الأَخْلَفِ قال السكري
الأَخْلَفُ المُخالِفُ العَسِرُ الذي كأَنه يَمشي على أَحد شِقَّيْه وقيل
الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ وخالفه إلى الشي عَصاه إليه أَو قصَده بعدما نهاه عنه وهو
من ذلك وفي التنزيل العزيز وما أُريد أَن أُخالِفَكم إلى ما أَنْهاكم عنه الأَصمعي
خَلَفَ فلان بعَقِبي وذلك إذا ما فارَقَه على أَمْر ثم جاء من ورائه فجعَل شيئاً
آخر بعد فِراقِه وخَلَفَ له بالسيف إذا جاءه من خَلْفِه فضَرب عُنقه والخِلافُ
الخُلْفُ وسُمع غير واحد من العرب يقول إذا سُئل وهو مُقبل على ماء أَو بلد
أَحَسْتَ فلاناً ؟ فيُجِيبُه خالِفَتي يريد أَنه ورَدَ الماء وأَنا صادِرٌ عنه
الليث رجل خالِفٌ وخالِفةٌ أَيّ يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ ويقال بعير أَخْلَفُ بيًّنُ
الخَلَفِ إذا كان مائلاً على شِقّ الأَصمعي الخَلَفُ في البعير أَن يكون مائلاً في
شق ابن سيده وفي خُلُقِه خالِفٌ وخالِفةٌ وخُلْفةٌ وخِلْفةٌ وخِلَفْنة وخِلَفْناةٌ
أَي خِلافٌ ورجل خِلَفْناة مُخالِفٌ وقال اللحياني هذا رجل خِلَفْناة وامرأَة
خِلَفْناة قال وكذلك الاثنان والجمع وقال بعضهم الجمع خِلَفْنَياتٌ في الذكور
والإناث ويقال في خُلُق فلان خلَفْنةٌ مثل دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ والنون زائدة
وذلك إِذا كان مُخالِفاً وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا لم يَتَّفِقا وكلُّ ما لم
يَتَساوَ فقد تَخالف واخْتَلَفَ وقوله عز وجل والنخلَ والزرْعَ مُخْتَلِفاً
أُكُلُه أَي في حال اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قال قائل كيف يكون أَنْشأَه في حال
اخْتِلافِ أُُكُلُه وهو قد نَشأَ من قبل وقُوع أُكُلِه ؟ فالجواب في ذلك أَنه قد
ذكر انشاء بقوله خالِقُ كلِّ شيء فأَعلم جل ثناؤه أَن المُنْشئ له في حال
اخْتِلافِ أُكُلِه هو ويجوز أَن يكون أَنشأَه ولا أُكُلَ فيه مختلفاً أُكُله لأَن
المعنى مُقَدَّراً ذلك فيه كما تقول لتَدْخُلَنَّ منزل زيد آكلاً شارباً أَي
مُقَدِّراً ذلك كما حكى سسيبويه في قوله مررتُ برجل معه صَقْر صائداً به غداً أَي
مُقَدِّراً به الصيدَ والاسم الخِلْفةُ ويقال القوم خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون وهما
خِلْفان أَي مختلفان وكذلك الأُنثى قال دَلْوايَ خِلْفانِ وساقِياهُما أَي إحداهما
مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ أَو إِحداهما جديدة والأُخرى
خَلَقٌ قال الحياني يقال لكل شيئين اختلفا هما خِلْفان قال وقال الكسائي هما
خِلْفَتانِ وحكي لها ولَدانِ خِلْفانِ وخِلْفتانِ وله عَبدان خِلْفان إذا كان
أَحدهما طويلاً والآخر قصيراً أَو كان أَحدهما أَبيضَ والآخر أَسود وله أَمتان
خِلْفان والجمع من كل ذلك أَخْلافٌ وخِلْفةٌ ونِتاجُ فلان خِلْفة أَي عاماً ذكراً
وعاماً أُنثى وولدت الناقة خِلْفَيْنِ أَي عاماً ذكراً وعاما أَنثى ويقال بنو فلان
خِلْفةٌ أَي شِطْرةٌ نِصف ذكور ونصف إِناث والتَّخاليف الأَلوان المختلفةُ
والخِلْفةُ الهَيْضةُ يقال أَخَذَتْه خِلْفةٌ إذا اخْتَلَفَ إلى المُتَوَضَّإِ
ويقال به خِلفة أَي بَطنٌ وهو الاختلاف وقد اخْتَلَف الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء
والمَخْلُوفُ الذي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ وأَصبح خالفاً أَي ضعيفاً لا
يشتهي الطعام وخَلَفَ عن الطعام يَخْلُف خُلوفاً ولا يكون إلا عن مرَض الليث يقال
اخْتَلَفْتُ إليه اخْتِلافةً واحدة والخَلْفُ والخالِف والخالِفةُ الفاسِدُ من
الناس الهاء للمبالغة والخَوالِفُ النساء المُتَخَلِّفاتُ في البيوت ابن الأَعرابي
الخُلوفُ الحيّ إذا خرج الرجالُ وبقي النساء والخُلُوفُ إذا كان الرجال والنساء
مجتمعين في الحيّ وهو من الأَضداد وقوله عز وجل رضوا بأن يكونوا مع الخَوالِف قيل
مع النساء وقيل مع الفاسد من الناس وجُمِع على فَواعِلَ كفوارِسَ هذا عن الزجاج
وقال عَبد خالِفٌ وصاحِب خالِفٌ إذا كان مُخالفاً ورَجل خالِفٌ وامرأة خالِفةٌ إذا
كانت فاسِدةً ومتخلِّفة في منزلها وقال بعض النحويين لم يجئْ فاعل مجموعاً على
فَواعِلَ إلا قولهم إنه لخالِفٌ من الخَوالِف وهالِكٌ من الهَوالِكِ وفارِسٌ من
الفَوارِس ويقال خَلَفَ فلان عن أَصحابه إذا لم يخرج معهم وفي الحديث أَن اليهود
قالت لقد علمنا أَن محمداً لم يترك أَهلَه خُلوفاً أَي لم يتركهن سُدًى لا راعِيَ
لهنَّ ولا حامِيَ يقال حيٌّ خُلوفٌ إذا غاب الرجال وأَقام النساء ويطلق على
المقيمين والظَّاعِنين ومنه حديث المرأَة والمَزادَتَيْنِ ونَفَرُنا خُلُوفٌ أَي
رجالنا غُيَّبٌ وفي حديث الخُدْريِّ فأَتينا القوم خُلوفاً والخَلْفُ حَدُّ
الفَأْسِ ابن سيده الخَلْفُ الفَأْس العظيمة وقيل هي الفأْس برأْس واحد وقيل هو
رأْس الفأْس والمُوسى والجمع خُلوفٌ وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ
( * قوله « ذات خلفين » قال في القاموس ويفتح ) أَي لها رأْسان وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ
والخَلْفُ المِنْقارُ الذي يُنْقَرُ به الخشب والخَلِيفان القُصْرَيانِ والخِلْفُ
القُصَيْرى من الأَضْلاعِ بكسر الخاء
( * قوله « بكسر الخاء » أَي وتفتح وعلى الفتح اقتصر المجد ) وضِلَعُ الخِلْفِ
أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها والخِلْفُ بالكسر واحد أَخْلافِ الضَّرْع وهو طرَفُه
الجوهري الخِلْفُ أَقصر أَضلاع الجنب والجمع خلوف ومنه قول طرفةَ بن العبد وطَيُّ
مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلوفُه وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ والخلْفُ
الطُّبْيُ المؤَخَّرُ وقيل هو الضَّرْعُ نفْسُه وخص بعضهم به ضرع الناقة وقال
الخِلف بالكسر حلَمةُ ضَرْعِ الناقة القادِمان والآخِران وقال اللحياني الخِلْفُ
في الخُفِّ والظِّلْفِ والطُّبْيُ في الحافِر والظُّفُر وجمع الخِلْف أَخْلافٌ
وخُلوفٌ قال وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري خُلوفَ المَنايا حِينَ
فَرَّ المُغامِسُ وتقول خَلَّفَ بناقته تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً واحداً من
أَخْلافِها عن يعقوب وأَنشد لطرفة وطَيُّ مَحالٍ كالحنيّ خُلُوفُه قال الليث
الخُلوفُ جمع الخِلْفِ هو الضَّرْعُ نفْسُه وقال الراجز كأَنَّ خِلْفَيها إذا ما
دَرَّا يريد طُبْيَيْ ضَرْعِها وفي الحديث دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ قال فتركت
أَخْلافَها قائمة الأَخْلافُ جمع خِلف بالكسر وهو الضرع لكل ذات خُفّ وظِلْفٍ وقيل
هو مَقْبِضُ يد الحالب من الضرع أَبو عبيد الخَلِيفُ من الجسد ما تحت الإبط
والخَلِيفانِ من الإبل كالإبْطين من الإنسان وخَليفا الناقةِ إبْطاها قال كثير
كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ المكا
جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ ونحوه والرَّحى الكِرْكِرةُ وبُنَى جمع بُنْيةٍ
والصَّيْدن هنا الثعلب وقيل دُوَيْبَّةٌ تعمل لها بيتاً في الأَرض وتُخْفيه وحلَبَ
الناقة خَلِيفَ لِبَئِها يعني الحلْبة التي بعد ذَهاب اللِّبا وخلَفَ اللبنُ وغيره
وخلُفَ يَخْلُفُ خُلوفاً فيهما تغَيَّر طَعْمُه وريحه وخلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ
خُلوفاً إذا أُطيل إنْقاعُه حتى يَفْسُدَ وخَلَفَ النبيذُ إذا فسَد وبعضهم يقول
أَخْلَفَ إذا حَمُضَ وإنه لطَيِّبُ الخُلْفةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم الليث
الخالِفُ اللحم الذي تَجِدُ منه رُوَيحةً ولا بأْسَ بمَضْغِه وخَلَفَ فُوه
يَخْلُفُ خُلوفاً وخُلوفة وأَخْلَفَ تغَيَّر لغة في خَلَفَ ومنه ونَوْم الضُّحى
مَخْلَفةٌ للفم أَي يُغَيِّرُه وقال اللحياني خَلَف الطعامُ والفم وما أَشبههما
يَخْلُفُ خُلوفاً إذا تغيَّر وأَكل طعاماً فَبَقِيَتْ في فيه خِلْفةٌ فتغير فُوه
وهو الذي يَبْقى بين الأسنان وخلَفَ فَمُ الصائم خُلوفاً أَي تغيرت رائحتُه وروي
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولَخُلُوفُ فم الصائم وفي رواية خِلْفةُ فمِ الصائم
أَطيبُ عندَ اللّه مِن رِيحِ المِسْكِ الخِلْفةُ بالكسر تغَيُّرُ ريحِ الفم قال
وأَصلها في النبات أَن ينبت الشيء بعد الشيء لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بعد الرائحة الأُولى
وخلَف فمُه يخلُفُ خِلْفةً وخُلوفاً قال أَبو عبيد الخُلوف تغير طعم الفم
لتأَخُّرِ الطعام ومنه حديث عليّ عليه السلام حين سُئل عن القُبْلة للصائم فقال
وما أَرَبُك إلى خُلوف فيها ويقال خَلَفَتْ نفْسه عن الطعام فهي تَخْلُفُ خُلوفاً
إذا أَضرَبَت عن الطعام من مرض ويقال خلَفَ الرجل عن خُلُق أَبيه يَخْلُف خُلوفاً
إذا تغَيَّر عنه ويقال أَبيعُكَ هذا العَبْدَ وأَبْرَأُ إليك من خُلْفَتِه أَي
فَسادِه ورجُل ذو خُلْفةٍ وقال ابن بُزرج خُلْفَةُ العبدِ أَن يكون أَحْمَقَ
مَعْتُوهاً اللحياني هذا رجل خَلَفٌ إذا اعتزل أَهلَه وعبد خالِفٌ قد اعتزل أَهلَ
بيته وفلان خالِفُ أَهلِ بيته وخالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لا خَيْرَ فيه وقد
خَلَفَ يَخْلُفُ خَلافة وخُلوفاً والخالفةُ الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ ورجل
أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ مَخْرَجَ قُعْدُدٍ وامرأة خالفةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفة وخُلْفُفٌ
بغير هاء وهي الحَمْقاء وخلَفَ فلان أَي فسَد وخلَفَ فلان عن كلّ خير أَي لم
يُفْلِح فهو خالِفٌ وهي خالِفة وقال اللحياني الخالِفةُ العَمودُ الذي يكون
قُدَّامَ البيتِ وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً جعل له خالِفةً وقيل الخالِفةُ
عَمُودٌ من أَعْمِدة الخِباء والخَوالِفُ العُمُد التي في مُؤَخَّر البيت واحدتها
خالِفةٌ وخالِفٌ وهي الخَلِيفُ اللحياني تكون الخالِفةُ آخِرَ البيت يقال بيت ذو
خالِفَتَيْن والخَوالِفُ زَوايا البيت وهو من ذلك واحدتها خالِفةٌ أَبو زيد
خالِفةُ البيتِ تحتَ الأَطناب في الكِسْر وهي الخَصاصةُ أَيضاً وهي الفَرْجة وجمع
الخالفة خَوالِفُ وهي الزَّوايا وأَنشد فأَخفت حتى هتكوا الخَوالِفا وفي حديث
عائشة رضي اللّه عنها في بِناء الكعبة قال لها لَوْلا حِدْثان قَوْمِك بالكفر
بَنَيْتُها على أَساس إبراهيمَ وجعلت لها خَلْفَيْن فإن قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ من بِنائها
الخَلْفُ الظَّهرُ كأَنه أَراد أَن يجعل لها بابين والجِهةُ التي تُقابِل البابَ
من البيت ظهرُه فإذا كان لها بابان فقد صار لها ظَهْرانِ ويروى بكسر الخاء أَي
زِيادَتَيْن كالثَّدْيَيْنِ والأَول الوجه أَبو مالك الخالِفةُ الشُّقّةُ
المؤخَّرةُ التي تكون تحت الكِفاء تحتَها طرَفُها مما يلي الأَرض من كِلا
الشِّقَّين والإخْلافُ أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيجعل مما يَلي خُصْيَيِ البعير
لئلا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه وقد أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عنه وقال اللحياني
إنما يقال أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عن الثِّيلِ وحاذِ به الحَقَبَ لأَنه يقال
حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ يعني أَن الحَقَب وقَع على مَبالِه ولا يقال ذلك
في الناقة لأَن بولها من حَيائها ولا يبلغ الحقَبُ الحَياء وبعير مَخْلوفٌ قد
شُقَّ عن ثِيله من خَلْفِه إذا حَقِبَ والإخْلافُ أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وراء الثِّيلِ
لئلا يَقْطَعَه يقال أَخْلِفْ عن بعيرك فيصير الحقب وراء الثيل والأَخْلَفُ من
الإبل المشقوقُ الثيل الذي لا يستقرّ وجَعاً الأَصمعي أَخْلَفْتَ عن البعير إذا
أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ الحَقَبَ فتجعلُه
مما يلي خُصْيَي البعير والخُلْفُ والخُلُفُ نقِيضُ الوَفاء بالوعْد وقيل أَصله
التَّثْقِيلُ ثم يُخَفَّفُ والخُلْفُ بالضم الاسم من الإخلاف وهو في المستقبل
كالكذب في الماضي ويقال أَخْلَفه ما وَعَده وهو أَن يقول شيئاً ولا يفْعَله على
الاستقبال والخُلُوفُ كالخُلْفِ قال شُبْرمةُ بن الطُّفَيْل أَقِيمُوا صُدُورَ
الخَيْلِ إنَّ نُفُوسَكُمْ لَمِيقاتُ يَومٍ ما لَهُنَّ خُلُوفُ وقد أَخْلَفَه
ووعَده فأَخْلفَه وجَده قد أَخْلَفَه وأَخْلَفَه وجدَ مَوْعِدَه خُلْفاً قال
الأَعشى أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا فمَضَتْ وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة
مَوْعِدا أَي مضت الليلة قال ابن بري ويروى فمضى قال وقوله فمضى الضمير يعود على
العاشق وقال اللحياني الإخْلافُ أَن لا يَفي بالعهد وأَن يَعِدَ الرجلُ الرجلَ
العِدةَ فلا يُنجزها ورجل مُخْلِفٌ أَي كثير الإخْلافِ لوَعْدِه والإخْلافُ أَن
يطلب الرجلُ الحاجة أَو الماء فلا يجد ما طلب اللحياني رُجِيَ فلان فأَخْلَفَ
والخُلْفُ اسم وضِعَ موضِع الإخْلافِ ويقال للذي لا يكاد يَفِي إذا وعد إنه
لمِخْلافٌ وفي الحديث إذا وعَدَ أَخْلف أَي لم يفِ بعهده ولم يَصْدُقْ والاسم منه
الخُلْفُ بالضم ورجل مُخالِفٌ لا يكاد يُوفي والخِلافُ المُضادَّة وفي الحديث
لمَّا أَسْلمَ سعيد بن زيد قال له بعض أَهله إني لأُحْسَبُكَ خالِفةَ بني عَدِيٍّ
أَي الكثيرَ الخِلافِ لهم وقال الزمخشري إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قاله لزَيْد بن
عَمْرو أَبي سعيد بن زيد لمَّا خالَفَ دِينَ قومه ويجوز أَن يُرِيدَ به الذي لا
خير عنده ومنه الحديث أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً في خالِفَتِه أَي فيمن أَقامَ
بعدَه من أَهله وتخلَّف عنه وأَخْلَفَتِ النجومُ أَمْحَلَتْ ولم تُمْطِرْ ولم يكن
لِنَوْئِها مطر وأَخْلَفَتْ عن أَنْوائها كذلك قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ بِيض
مَساميح في الشّتاء وإن أَخْلَفَ نَجْمٌ عن نَوئِه وبَلُوا والخالِفةُ اللَّجوجُ
من الرجال والإخْلاف في النخلة إذا لم تحمل سنة والخَلِفَةُ الناقةُ الحامِلُ
وجمعها خَلِفٌ بكسر اللام وقيل جمعها مَخاضٌ على غير قياس كما قالوا لواحدة النساء
امرأة قال ابن بري شاهده قول الراجز ما لَكِ تَرْغِينَ ولا تَرْغُو الخَلِفْ وقيل
هي التي اسْتَكْمَلت سنة بعد النِّتاج ثم حُمِل عليها فلَقِحَتْ وقال ابن
الأَعرابي إذا استبان حَمْلُها فهي خَلِفةٌ حتى تُعْشِرَ وخَلَفَت العامَ الناقةُ
إذا ردَّها إلى خَلِفة وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ خَلَفاً حَمَلتْ هذه عن اللحياني
والإخْلافُ أَن تُعِيد عليها فلا تَحْمِل وهي المُخْلِفةُ من النوق وهي الرَّاجع
التي توهَّموا أَنَّ بها حمَلاً ثم لم تَلْقَحْ وفي الصحاح التي ظهر لهم أَنها
لَقِحَتْ ثم لم تكن كذلك والإخلافُ أَن يُحْمَلَ على الدابّة فلا تَلْقَحَ
والإخْلافُ أَن يأْتيَ على البعير البازل سنةٌ بعد بُزُوله يقال بَعِير مُخْلِفٌ
والمُخْلِف من الإبل الذي جاز البازِلَ وفي المحكم بعد البازِل وليس بعده سِنّ
ولكن يقال مُخْلِفُ عامٍ أَو عامين وكذلك ما زاد والأَنثى بالهاء وقيل الذكر
والأُنثى فيه سواء قال الجعدي أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ أَخْلَفَ البازِلَ
عاماً أَو بَزَلْ وكان أَبو زيد يقول لا تكون الناقة بازلاً ولكن إذا أَتى عليها
حول بعد البزُول فهي بَزُول إلى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى ناباً وقيل الإخْلافُ آخِرُ
الأَسنان من جميع الدوابّ وفي حديث الدِّيةِ كذا وكذا خَلِفةً الخَلِفةُ بفتح
الخاء وكسر اللام الحامل من النوق وتجمع على خَلِفاتٍ وخلائِفَ وقد خلِفَت إذا
حَمَلَتْ وأَخْلَفَتْ إذا حالَتْ وفي الحديث ثلاثُ آَياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خير
له من ثلاثِ خَلِفاتٍ سِمانٍ عظامٍ وفي حديث هدم الكعبة لما هدموها ظهر فيها
مِثْلُ خَلائفِ الإبل أَراد بها صُخوراً عِظاماً في أَساسها بقدْر النوق الحوامل
والخَلِيفُ من السِّهام الحديدُ كالطَّرِيرِ عن أَبي حنيفة وأَنشد لساعِدةَ بن
جُؤيَّةَ
( * قوله « جؤية » صوابه العجلان كما هو هكذا في الديوان كتبه محمد مرتضى ا ه من
هامش الأصل بتصرف )
ولَحَفْته منها خَليفاً نَصْلُه حَدٌّ كَحَدِّ الرُّمْحِ لَيْسَ بِمِنزَعِ
والخَلِيفُ مَدْفَعُ الماء وقيل الوادي بين الجبَلين قال خَلِيف بَين قُنّة
أَبْرَق والخَليفُ فَرْج بين قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قليل العرض والطُّول والخلِيفُ
تَدافُع
( * قوله « والخليف تدافع إلخ » كذا بالأصل وعبارة القاموس وشرحه أو الخليف مدفع
الماء بين الجبلين وقيل مدفعه بين الواديين وأنما ينتهي إلى آخر ما هنا وتأمل
العبارتين ) الأَوْدية وإنما يَنتهي المَدْفَعُ إلى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إلى سَعَةٍ
والخلِيفُ الطَّريقُ بين الجبلين قال صخر الغي فلما جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا جَزَمتُ ملأْت وأَطْرقة جمع طَريق مثل رغيفٍ
وأَرْغِفَةٍ ومنه قولهم ذِيخُ الخَلِيفِ كما يقال ذِئبُ غَضاً قال كثِّير وذِفْرَى
ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا قال ابن بري صواب إنشاده
بِذِفْرَى وقيل هو الطريق في أَصل الجبل وقيل هو الطريق وراء الجبل وقيل وراء
الوادي وقيل الخَلِيفُ الطريق في الجبل أَيّاً كان وقيل الطريق فقط والجمع من كل
ذلك خُلُفٌ أَنشد ثعلب في خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها والمَخْلَفَةُ
الطَّريقُ كالخَلِيفِ قال أَبو ذؤيب تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ
بمَخْلَفَةٍ إذا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ ويقال عليك المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطريق
الوسطى وفي الحديث ذكْرُ خَلِيفةَ بفتح الخاء وكسر اللام قال ابن الأَثير جبل بمكة
يُشْرِفُ على أَجْيادٍ وقول الهُذلي وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً إذا
بُنِيَتْ لِمَخْلفةَ البُيوتُ مَخْلَفَةُ مِنًى حيث يَنْزل الناس ومَخْلَفة بني
فلان مَنْزِلُهم والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً طُرُقُهم حيث يَمُرُّون وفي حديث معاذ
من تخلّف
( * قوله « تخلف » كذا بالأصل والذي في النهاية تحوّل وقوله « مخلاف عشيرته » كذا
به أَيضاً والذي فيها مخلافه ) من مخْلافٍ إلى مِخْلافٍ فَعُشْرُه وصَدَقتُه إلى
مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إذا حالَ عليه الحَوْل أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته
إلى عَشيرته التي كان يؤدي إليها وقال أَبو عمرو يقال اسْتُعْمِلَ فلان على
مَخالِيفِ الطَّائفِ وهي الأَطراف والنَّواحُ وقال خالد بن جَنْبَة في كل بلد
مِخْلافٌ بمكة والمدينة والبصرة والكوفة وقال كنا نَلْقَى بني نُمَير ونحن في
مِخْلافِ المدينة وهم في مِخلاف اليمامة وقال أَبو معاذ المِخْلافُ البَنْكَرْدُ
وهو أَن يكون لكل قوم صَدقةٌ على حِدة فذلك بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إلى عشيرته التي
كان يُؤدِّي إليها وقال الليث يقال فلان من مِخْلافِ كذا وكذا وهو عند اليمن
كالرُّستاق والجمع مخالِيفُ اليزيدِيّ يقال إنما أَنتم في خَوالفَ من الأرض أَي في
أَرَضِينَ لا تُنْبِت إلا في آخر الأَرضِين نباتاً وفي حديث ذي المِشْعارِ