معنى راوح بين عملين في معجم عربي عربي: معجم لسان العرب
البَيْنُ في
كلام العرب جاء على وجْهَين يكون البَينُ الفُرْقةَ ويكون الوَصْلَ بانَ يَبِينُ بَيْناً
وبَيْنُونةً وهو من الأَضداد وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر لقد فَرَّقَ
الواشِينَ بيني وبينَها فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها وقال قيسُ بن ذَريح
البَيْنُ في
كلام العرب جاء على وجْهَين يكون البَينُ الفُرْقةَ ويكون الوَصْلَ بانَ يَبِينُ بَيْناً
وبَيْنُونةً وهو من الأَضداد وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر لقد فَرَّقَ
الواشِينَ بيني وبينَها فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها وقال قيسُ بن ذَريح
لَعَمْرُك لولا البَيْنُ لا يُقْطَعُ الهَوى ولولا الهوى ما حَنَّ لِلبَيْنِ آلِفُ
فالبَينُ هنا الوَصْلُ وأَنشد أَبو عمرو في رفع بين قول الشاعر كأَنَّ رِماحَنا
أَشْطانُ بئْرٍ بَعيدٍ بينُ جالَيْها جَرُورِ وأَنشد أَيضاً ويُشْرِقُ بَيْنُ
اللِّيتِ منها إلى الصُّقْل قال ابن سيده ويكون البَينُ اسماً وظَرْفاً مُتمكِّناً
وفي التنزيل العزيز لقد تقَطَّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تَزْعُمون قرئَ بينكم
بالرفع والنصب فالرفع على الفعل أَي تقَطَّع وَصْلُكم والنصبُ على الحذف يريدُ ما
بينكم قرأَ نافع وحفصٌ عن عاصم والكسائي بينَكم نصباً وقرأَ ابن كَثير وأَبو
عَمْروٍ وابنُ عامر وحمزة بينُكم رفعاً وقال أَبو عمرو لقد تقطَّع بينُكم أَي
وَصْلُكم ومن قرأَ بينَكم فإن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي أَنه قال معناه
تقطَّع الذي كانَ بينَكم وقال الزجاج فيمَنْ فتَحَ المعنى لقد تقطَّع ما كنتم فيه
من الشَّركة بينَكم ورُوي عن ابن مسعودٍ أَنه قرأَ لقد تقطَّع ما بينَكم واعتمد
الفراءُ وغيرُه من النحويين قراءةَ ابن مسعود لِمَنْ قرأَ بينَكم وكان أَبو حاتم
يُنْكِر هذه القراءةَ ويقول من قرأَ بينَكم لم يُجِزْ إلا بمَوْصول كقولك ما
بينَكم قال ولا يجوز حذفُ الموصول وبقاء الصلةِ لا تُجيزُ العربُ إنّ قامَ زيدٌ
بمعنى إنّ الذي قام زيدٌ قال أَبو منصور وهذا الذي قاله أَبو حاتم خطأ لأَن الله
جَلّ ثناؤه خاطَبَ بما أَنزَل في كتابه قوماً مشركين فقال ولقد جئتمونا فُرادَى
كما خَلقْناكم أَوّلَ مرّةٍ وترَكتم ما خوّلناكم وراءَ ظُهوركم وما نرَى معكم
شُفعاءَكم الذين زعمتم أَنهم فيكم شركاءُ لقد تقطّع بينَكم أَراد لقد تقطع
الشِّرْكُ بينكم أَي فيما بينَكم فأَضمرَ الشركَ لما جرَى من ذِكْر الشُّركاء
فافهمه قال ابن سيده مَن قرأَ بالنصب احتمل أَمرين أَحدُهما أَن يكونَ الفاعلُ
مضمَراً أَي لقد تقطَّع الأَمرُ أَو العَقْدُ أَو الودُّ بينََكم والآخرُ ما كان
يراهُ الأَخفشُ من أَن يكونَ بينكم وإن كان منصوبَ اللفظ مرفوعَ الموضِع بفعله
غيرَ أَنه أُقِرّتْ عليه نَصْبةُ الظرف وإن كان مرفوعَ الموضع لاطِّراد استعمالهم
إياه ظرفاً إلا أَن استعمالَ الجملة التي هي صفةٌ للمبتدأ مكانَه أَسهلُ من
استعمالِها فاعِلةً لأَنه ليس يَلزمُ أَن يكون المبتدأُ اسماً محضاً كلزوم ذلك في
الفاعل أَلا ترى إلى قولهم تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أَن تراه أَي سماعُك به
خيرٌ من رؤْيتك إياه وقد بانَ الحيُّ بَيْناً وبَيْنونةً وأَنشد ثعلب فهاجَ جوىً
في القَلْب ضَمَّنه الهَوَى بَبَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ والمُبايَنة
المُفارَقَة وتَبايَنَ القومُ تَهاجَرُوا وغُرابُ البَين هو الأَبْقَع قال عنترة
ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأَبْقَعُ حَرِقُ
الجَناحِ كأَنَّ لحْيَيْ رأْسِه جَلَمانِ بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ وقال أَبو
الغَوث غرابُ البَيْنِ هو الأَحمرُ المِنْقارِ والرِّجْلينِ فأَما الأَسْود فإِنه
الحاتِمُ لأَنه يَحْتِمُ بالفراق وتقول ضربَه فأَبانَ رأْسَه من جسدِه وفَصَلَه
فهو مُبِينٌ وفي حديث الشُّرْب أَبِنِ القَدَحَ عن فيك أَي افْصِلْه عنه عند
التنفُّس لئلا يَسْقُط فيه شيءٌ من الرِّيق وهو من البَينِ البُعْد والفِراق وفي
الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائِن أَي المُفْرِطِ طُولاً
الذي بَعُدَ عن قَدِّ الرجال الطِّوال وبانَ الشيءُ بَيْناً وبُيوناً وحكى
الفارسيُّ عن أَبي زيد طَلَبَ إلى أَبَوَيْه البائنةَ وذلك إذا طَلَب إليهما أَن
يُبِيناهُ بمال فيكونَ له على حِدَةٍ ولا تكونُ البائنةُ إلا من الأَبوين أَو
أَحدِهما ولا تكونُ من غيرهما وقد أَبانَه أَبواه إِبانةً حتى بانَ هو بذلك يَبينُ
بُيُوناً وفي حديث الشَّعْبي قال سمعتُ النُّعْمانَ بن بَشيرٍ يقول سمعتُ رسولَ
الله صلى الله عليه وسلم وطَلَبَتْ عَمْرةُ إلى بشير بن سعدٍ أَن يُنْحِلَني
نَحْلاً من ماله وأَن يَنْطلِقَ بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُشْهدَه
فقال هل لك معه ولدٌ غيرُه ؟ قال نعم قال فهل أَبَنْتَ كلَّ واحد منهم بمثل الذي
أَبَنتَ هذا ؟ فقال لا قال فإني لا أَشهَدُ على هذا هذا جَورٌ أَشهِدْ على هذا
غيري أعْدِلوا بين أَولادكم في النُِّحْل كما تُحِبُّون أَن يَعْدلوا بينكم في
البرِّ واللُّطف قوله هل أَبَنْتَ كلَّ واحد أَي هل أَعْطَيْتَ كلَّ واحدٍ مالاً
تُبِينُه به أَي تُفْرِدُه والاسم البائنةُ وفي حديث الصديق قال لعائشة رضي الله
عنهما إني كنتُ أَبَنْتكِ بنُحْل أَي أَعطيتُكِ وحكى الفارسي عن أَبي زيد بانَ
وبانَه وأَنشد كأَنَّ عَيْنَيَّ وقد بانُوني غَرْبانِ فَوقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ
وتبَايَنَ الرجُلانِ بانَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه وكذلك في الشركة إذا انفصلا
وبانَت المرأَةُ عن الرجل وهي بائنٌ انفصلت عنه بطلاق وتَطْليقةٌ بائنة بالهاء لا
غير وهي فاعلة بمعنى مفعولة أَي تَطْليقةٌ
( * قوله « وهي فاعلة بمعنى مفعولة أي تطليقة إلخ » هكذا بالأصل ولعل فيه سقطاً )
ذاتُ بَيْنونةٍ ومثله عِيشةٌ راضيةٌ أَي ذاتُ رِضاً وفي حديث ابن مسعود فيمن طَلق
امرأَتَه ثمانيَ تَطْلِيقاتٍ فقيل له إنها قد بانَتْ منك فقال صدَقُوا بانَتِ
المرأَةُ من زوجِها أَي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقُه والطَّلاقُ البائِنُ هو الذي
لا يَمْلِك الزوجُ فيه استِرْجاعَ المرأَةِ إلا بعَقْدٍ جديدٍ وقد تكرر ذكرها في
الحديث ويقال بانَتْ يدُ الناقةِ عن جَنْبِها تَبِينُ بُيوناً وبانَ الخلِيطُ
يَبينُ بَيْناً وبَيْنونةً قال الطرماح أَآذَنَ الثاوي بِبَيْنُونة ابن شميل يقال
للجارية إذا تزوَّجت قد بانَت وهُنّ قد بِنَّ إذا تزوَّجْنَ وبَيَّن فلانٌ بِنْثَه
وأَبانَها إذا زوَّجَها وصارت إلى زوجها وبانَت هي إذا تزوجت وكأَنه من البئر
البعيدة أَي بَعُدَتْ عن بيت أَبيها وفي الحديث مَنْ عالَ ثلاثَ بناتٍ حتى يَبِنَّ
أَو يَمُتْنَ يَبِنَّ بفتح الياء أَي يتزوَّجْنَ وفي الحديث الآخر حتى بانُوا أَو
ماتوا وبئرٌ بَيُونٌ واسعةُ ما بين الجالَيْنِ وقال أَبو مالك هي التي لا يُصيبُها
رِشاؤُها وذلك لأَن جِرابَ البئر مستقيم وقيل البَيُونُ البئرُ الواسعة الرأْسِ
الضَّيِّقَة الأَسْفَل وأَنشد أَبو علي الفارسي إِنَّك لو دَعَوْتَني ودُوني
زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ لقُلْتُ لَبَّيْه لمنْ يَدْعوني فجعلها زَوْراءَ
وهي التي في جِرابِها عَوَجٌ والمَنْزَعُ الموضعُ الذي يَصْعَدُ فيه الدَّلْوُ إذا
نُزِع من البئر فذلك الهواء هو المَنْزَعُ وقال بعضهم بئرٌ بَيُونٌ وهي التي
يُبِينُ المُسْتَقي الحبل في جِرابِها لِعَوَجٍ في جُولها قال جرير يصف خيلاً
وصَهِيلَها يَشْنِفْنَ للنظرِ البعيد كأَنما إرْنانُها ببَوائنُ الأَشْطانِ أَراد
كأَنها تَصْهَل في ركايا تُبانُ أَشْطانُها عن نواحيها لِعَوَجٍ فيها إرنانها ذوات
( * قوله « ارنانها ذوات إلخ » كذا بالأصل وفي التكملة والبيت للفرزدق يهجو جريراً
والرواية إرنانها أي كأنها تصهل من آبار بوائن لسعة أجوافها إلخ وقول الصاغاني
والرواية إرنانها يعني بكسر الهمزة وسكون الراء وبالنون كما هنا بخلاف رواية
الجوهري فإنها أذنابها وقد عزا الجوهري هذا البيت لجرير كما هنا فقد رد عليه
الصاغاني من وجهين )
الأَذنِ والنَّشاطِ منها أَراد أَن في صهيلِها خُشْنة وغِلَظاً كأَنها تَصْهَل في
بئرٍ دَحُول وذلك أَغْلَظُ لِصَهيلِها قال ابن بري رحمه الله البيت للفرزدق لا
لجرير قال والذي في شعره يَصْهَلْنَ والبائنةُ البئرُ البعيدةُ القعر الواسعة
والبَيونُ مثلُه لأَن الأَشْطانَ تَبِينُ عن جرابِها كثيراً وأَبانَ الدَّلوَ عن
طَيِّ البئر حادَ بها عنه لئلا يُصيبَها فتنخرق قال دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي
مَنينُها لم تَرَ قَبْلي ماتِحاً يُبينُها وتقول هو بَيْني وبَيْنَه ولا يُعْطَفُ
عليه إلا بالواو لأَنه لا يكون إلا من اثنين وقالوا بَيْنا نحن كذلك إذ حَدَثَ كذا
قال أَنشده سيبويه فبَيْنا نحن نَرْقُبُه أَتانا مُعَلّق وَفْضةٍ وزِناد راعِ إنما
أَراد بَيْنَ نحن نَرْقبُهُ أَتانا فأَشْبَعَ الفتحة فحدَثتْ بعدها أَلفٌ فإِن قيل
فلِمَ أَضافَ الظرفَ الذي هو بَيْن وقد علمنا أَن هذا الظرفَ لا يضاف من الأَسماء
إلا لما يدلُّ على أَكثر من الواحد أَو ما عُطف عليه غيره بالواو دون سائر حروف
العطف نحو المالُ بينَ القومِ والمالُ بين زيدٍ وعمرو وقولُه نحن نرقُبُه جملةٌ
والجملة لا يُذْهَب لها بَعْدَ هذا الظرفِ ؟ فالجواب أَن ههنا واسطة محذوفةٌ
وتقدير الكلام بينَ أَوقاتِ نحن نرْقُبُه أَتانا أَي أَتانا بين أَوقات رَقْبَتِنا
إياه والجُمَلُ مما يُضافُ إليها أَسماءُ الزمان نحو أَتيتك زمنَ الحجاجُ أَميرٌ
وأَوانَ الخليفةُ عبدُ المَلِك ثم إنه حذف المضافُ الذي هو أَوقاتٌ ووَليَ الظرف
الذي كان مضافاً إلى المحذوف الجملة التي أُقيمت مُقامَ المضاف إليها كقوله تعالى
واسأَل القرية أَي أَهلَ القرية وكان الأَصمعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا إذا صلَح في
موضعه بَيْنَ ويُنشِد قول أَبي ذؤيب بالكسر بَيْنا تَعَنُّقِه الكُماةَ ورَوْغِه
يوماً أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ وغيرُه يرفعُ ما بعدَ بَيْنا وبَيْنَما على
الابتداء والخبر والذي يُنْشِدُ برَفع تَعنُّقِه وبخفْضِها
( * قوله « والذي ينشد إلى وبخفضها هكذا في الأصل ولعل في الكلام سقطاً ) قال ابن
بري ومثلُه في جواز الرفع والخفض بعدها قولُ الآخر كُنْ كيفَ شِئْتَ فقَصْرُك
الموتُ لا مَزْحَلٌ عنه ولا فَوْتُ بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِهِ زالَ الغِنَى
وتَقَوَّضَ البيتُ قال ابن بري وقد تأْتي إذْ في جواب بينا كما قال حُمَيْد
الأَرقط بَيْنا الفَتى يَخْبِطُ في غَيْساتِه إذ انْتَمَى الدَّهْرُ إلى عِفْراتِه
وقال آخر بيْنا كذلك إذْ هاجَتْ هَمَرَّجةٌ تَسْبي وتَقْتُل حتى يَسْأَمَ الناسُ
وقال القطامي فبَيْنا عُمَيْرٌ طامحُ الطَّرف يَبْتَغي عُبادةَ إذْ واجَهْت أَصحَم
ذا خَتْر قال ابن بري وهذا الذي قلناه يدلُّ على فسادِ قول من يقول إنَّ إذ لا
تكون إلا في جواب بَيْنما بزيادة ما وهذه بعدَ بَيْنا كما ترى ومما يدل على فساد
هذا القول أَنه قد جاء بَيْنما وليس في جوابها إذ كقول ابن هَرْمة في باب
النَّسيبِ من الحَماسةِ بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقا عِ سِراعاً والعِيسُ تَهْوي
هُوِيّا خطَرَتْ خَطْرةٌ على القلبِ من ذك راكِ وهْناً فما استَطَعتُ مُضِيّاً
ومثله قول الأَعشى بَيْنَما المرءُ كالرُّدَيْنيّ ذي الجُبْ بَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ
التَّثْقِيفِ رَدَّه دَهْرُه المُضَلّلُ حتى عادَ من بَعْدِ مَشْيِه التَّدْليفِ
ومثله قول أَبي دواد بَيْنما المرءُ آمِنٌ راعَهُ را ئعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه
انْبِعاقَهْ وفي الحديث بَيْنا نحن عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
رجلٌ أَصلُ بَيْنا بَيْنَ فأُشبِعتْ الفتحة فصارت أَلفاً ويقال بَيْنا وبَيْنما
وهما ظرفا زمانٍ بمعنى المفاجأَة ويُضافان إلى جملة من فعلٍ وفاعلٍ ومبتدإِ وخبر
ويحْتاجان إلى جواب يَتِمُّ به المعنى قال والأَفصَح في جوابهما أَن لا يكون فيه
إذا وإذا وقد جاءا في الجواب كثيراً تقول بَينا زيدٌ جالسٌ دخَل عليه عمرٌو وإذ
دخَل عليه وإذا دخل عليه ومنه قول الحُرَقة بنت النُّعمان بَيْنا نَسوسُ الناسَ
والأَمرُ أَمْرُنا إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ وأَما قوله تعالى وجعلنا
بينهم مَوْبِقاً فإنّ الزجاج قال معناه جعلنا بينَهم من العذاب ما يُوبِقُهم أَي
يُهْلِكهم وقال الفراء معناه جعلنا بينهم أَي تواصُلهم في الدنيا مَوْبقاً لهم يوم
القيامة أَي هُلْكاً وتكون بَيْن صفة بمنزلة وسَط وخِلال الجوهري وبَيْن بمعنى
وسْط تقول جلستُ بينَ القوم كما تقول وسْطَ القوم بالتخفيف وهو ظرفٌ وإن جعلته
اسماً أَعرَبْتَه تقول لقد تقطَّع بينُكم برفع النون كما قال أَبو خِراش الهُذلي
يصف عُقاباً فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ فصادَفَ بينَ عَينَيْه الجَبُوبا الجبُوب
وجه الأَرض الأَزهري في أَثناء هذه الترجمة روي عن أَبي الهيثم أَنه قال الكواكب
البَبانيات
( * وردت في مادة بين « البابانيات » تبعاً للأصل والصواب ما هنا ) هي التي لا
يَنزِلها شمسٌ ولا قمرٌ إنما يُهْتَدى بها في البرِّ والبحر وهي شامية ومَهَبُّ
الشَّمالِ منها أَوَّلها القُطْب وهو كوكبٌ لا يَزول والجدْي والفَرْقَدان وهو
بَيْنَ القُطب وفيه بَنات نعْشٍ الصغرى وقال أَبو عمرو سمعت المبرَّد يقول إذا كان
الاسم الذي يجيء بعد بَيْنا اسماً حقيقيّاً رفَعته بالابتداء وإن كان اسماً
مصدريّاً خفضْتَه ويكون بَيْنا في هذا الحال بمعنى بينَ قال فسأَلت أَحمد بن يحيى
عنه ولم أُعلِمْه قائله فقال هذا الدرُّ إلا أَنَّ من الفصحاء من يرفع الاسم الذي
بعد بَينا وإن كان مصدريّاً فيُلحقه بالاسم الحقيقي وأَنشد بيتاً للخليل ابن أَحمد
بَينا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِه ذهَبَ الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ وجائز وبهْجَتُه
قال وأَما بَيْنما فالاسمُ الذي بعده مرفوعٌ وكذلك المصدر ابن سيده وبَيْنا وبينما
من حروف الابتداء وليست الأَلف في بَيْنا بصلةٍ وبَينا فعْلى أُشبِعت الفتحةُ
فصارت أَلفاً وبينما بَين زِيدت عليه ما والمعنى واحد وهذا الشيء بَينَ بَينَ أَي
بَيْنَ الجيِّد والرَّديء وهما اسمان جُعِلا واحداً وبُنيا على الفتح والهمزة
المخفَّفة تسمّى همزة بَيْنَ بَيْنَ وقالوا بَين بَين يريدون التَّوَسُّط كما قال
عَبيد بن الأَبرص نَحْمي حَقيقَتَنا وبع ض القَوْم يَسْقُطُ بَينَ بَيْنا وكما
يقولون همزة بَين بَين أَي أَنها همزةٌ بَيْنَ الهمزةِ وبين حرف اللين وهو الحرف
الذي منه حركتُها إن كانت مفتوحة فهي بين الهمزة والأَلف مثل سأَل وإن كانت مكسورة
فهي بين الهمزة والياء مثل سَئِمَ وإن كانت مضمومةً فهي بين الهمزة والواو مثل
لَؤُم إلا أَنها ليس لها تمكينُ الهمزة المحققة ولا تقَعُ الهمزةُ المخففة أَبداً
أَوَّلاً لقُرْبِها بالضَّعْف من الساكن إلا أَنها وإن كانت قد قرُبَت من الساكن
ولم يكن لها تَمْكين الهمزةِ المحقَّقة فهي متحرِّكة في الحقيقة فالمفتوحة نحو
قولك في سأَل سأَلَ والمكسورةُ نحو قولك في سَئِمَ سَئِمَ والمضمومة نحو قولك في
لؤُم لؤُم ومعنى قول سيبويه بَيْنَ بَيْنَ أَنها ضعيفة ليس لها تمكينُ المحقَّقة
ولا خُلوصُ الحرف الذي منه حركتُها قال الجوهري وسميت بَينَ بينَ لضَعْفِها وأَنشد
بيت عبيد بن الأَبرص وبعض القومِ يسقط بين بينا أَي يتساقط ضَعيفاً غير معتدٍّ به
قال ابن بري قال السيرافي كأَنه قال بَينَ هؤلاء وهؤلاء كأَنه رجلٌ يدخل بينَ
فريقين في أَمرٍ من الأُمور فيسقُطُ ولا يُذْكَر فيه قال الشيخ ويجوز عندي أَن
يريد بينَ الدخول في الحرب والتأَخر عنها كما يقال فلانُ يُقَدِّم رِجْلاً ويُؤَخر
أُخرى ولَقِيتُه بُعَيدات بَيْنٍ إذا لقِيتَه بعدَ حينٍ ثم أَمسكتَ عنه ثم أَتيته
وقوله وما خِفْتُ حتى بَيَّنَ الشربُ والأَذى بِقانِئِه إِنِّي من الحيِّ أَبْيَنُ
أَي بائن والبَيانُ ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدلالة وغيرِها وبانَ الشيءُ بَياناً
اتَّضَح فهو بَيِّنٌ والجمع أَبْيِناءُ مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء وكذلك أَبانَ
الشيءُ فهو مُبينٌ قال الشاعر لو دَبَّ ذَرٌّ فوقَ ضاحِي جلدِها لأَبانَ من
آثارِهِنَّ حُدورُ قال ابن بري عند قول الجوهري والجمع أَبْيِناء مثل هيِّن
وأَهْيِناء قال صوابه مثل هيِّنٍ وأَهْوِناء لأَنه من الهَوانِ وأَبَنْتُه أَي
أَوْضَحْتُه واستَبانَ الشيءُ ظهَر واستَبَنْتُه أَنا عرَفتُه وتَبَيَّنَ الشيءُ
ظَهَر وتَبيَّنْتهُ أَنا تتعدَّى هذه الثلاثةُ ولا تتعدّى وقالوا بانَ الشيءُ
واسْتَبانَ وتَبيَّن وأَبانَ وبَيَّنَ بمعنى واحد ومنه قوله تعالى آياتٍ
مُبَيِّناتٍ بكسر الياء وتشديدها بمعنى مُتبيِّنات ومن قرأَ مُبَيَّنات بفتح الياء
فالمعنى أَن الله بَيَّنَها وفي المثل قد بَيَّنَ الصبحُ لذِي عينَين أَي تَبَيَّن
وقال ابن ذَريح وللحُبِّ آياتٌ تُبَيَّنُ للفَتى شُحوباً وتَعْرى من يَدَيه
الأَشاحم
( * قوله « الأشاحم » هكذا في الأصل ) قال ابن سيده هكذا أَنشده ثعلب ويروى
تُبَيِّن بالفتى شُحوب والتَّبْيينُ الإيضاح والتَّبْيين أَيضاً الوُضوحُ قال
النابغة إلاَّ الأَوارِيّ لأْياً ما أُبَيِّنُها والنُّؤْيُ كالحَوض بالمظلومة
الجلَد يعني أَتَبيَّنُها والتِّبْيان مصدرٌ وهو شاذٌّ لأَن المصادر إنما تجيء على
التَّفْعال بفتح التاء مثال التَّذْكار والتَّكْرار والتَّوْكاف ولم يجيءْ بالكسر
إلا حرفان وهما التِّبْيان والتِّلقاء ومنه حديث آدم وموسى على نبينا محمد وعليهما
الصلاة والسلام أَعطاكَ اللهُ التوراةَ فيها تِبْيانُ كلِّ شيءٍ أَي كشْفُه
وإيضاحُه وهو مصدر قليل لأَن مصادرَ أَمثاله بالفتح وقوله عز وجل وهو في الخِصام
غيرُ مُبين يريد النساء أَي الأُنثى لا تكاد تَسْتَوفي الحجةَ ولا تُبينُ وقيل في
التفسير إن المرأَة لا تكاد تحتجُّ بحُجّةٍ إِلا عليها وقد قيل إنه يعني به
الأَصنام والأَوّل أَجود وقوله عز وجل لا تُخْرِجوهُنَّ من بيوتهنّ ولا يَخْرُجْنَ
إلا أَن يأْتِين بفاحِشةٍ مُبَيِّنة أَي ظاهرة مُتَبيِّنة قال ثعلب يقول إذا
طلَّقها لم يحِلّ لها أَن تَخْرُجَ من بيته ولا أَن يُخْرجها هو إلا بحَدٍّ يُقام
عليها ولا تَبينُ عن الموضع الذي طُلِّقت فيه حتى تنقضي العدّة ثم تخرُج حيث شاءت
وبِنْتُه أَنا وأَبَنتُه واسْتَبنْتُه وبَيَّنْتُه وروي بيت ذي الرمة تُبَيِّنُ
نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا أَي تُبَيِّنُها
ورواه عليّ بن حمزة تُبيِّن نِسبةُ بالرفع على قوله قد بَيَّنَ الصبحُ لذي عَينين
ويقال بانَ الحقُّ يَبينُ بَياناً فهو بائنٌ وأَبانَ يُبينُ إبانة فهو مُبينٌ
بمعناه ومنه قوله تعالى حم والكتاب المُبين أَي والكتاب البَيِّن وقيل معنى
المُبين الذي أَبانَ طُرُقَ الهدى من طرق الضلالة وأَبان كلَّ ما تحتاج إليه
الأُمّة وقال الزجاج بانَ الشيءُ وأَبانَ بمعنى واحد ويقال بانَ الشيءُ وأَبَنتُه
فمعنى مُبين أَنه مُبينٌ خيرَه وبرَكَته أَو مُبين الحقَّ من الباطل والحلالَ من
الحرام ومُبينٌ أَن نُبُوَّةَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حقٌّ ومُبين
قِصَصَ الأَنبياء قال أَبو منصور ويكون المستبين أَيضاً بمعنى المُبين قال أَبو
منصور والاسْتِبانةُ يكون واقعاً يقال اسْتَبنتُ الشيءَ إذا تأَملتَه حتى تَبيَّن
لك قال الله عز وجل وكذلك نُفصِّل الآيات ولِتَستبين سبيلَ المجرمين المعنى
ولتستبينَ أَنت يا محمد سبيلَ المجرمين أَي لتزدادَ استِبانة وإذا بانَ سبيلُ
المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين وأَكثرُ القراء قرؤُوا ولتَستبينَ سبيلُ المجرمين
والاسْتبانة حينئذٍ يكون غير واقع ويقال تبَيَّنْت الأَمر أَي تأَمَّلته
وتوسَّمْتُه وقد تبيَّنَ الأَمرُ يكون لازِماً وواقِعاً وكذلك بَيَّنْته فبَيَّن
أَي تَبَيَّن لازمٌ ومتعدّ وقوله عز وجل وأَنزلنا عليكَ الكتاب تِبْياناً لكلّ
شيءٍ أَي بُيِّن لك فيه كلُّ ما تحتاج إليه أَنت وأُمتُك من أَمر الدِّين وهذا من
اللفظ العامِّ الذي أُريد به الخاصُّ والعرب تقول بَيَّنْت الشيءَ تَبْييناً
وتِبْياناً بكسر التاء وتِفْعالٌ بكسر التاء يكون اسماً فأَما المصدر فإِنه يجيء
على تَفْعال بفتح التاء مثل التَّكْذاب والتَّصْداق وما أَشبهه وفي المصادر حرفان
نادران وهما تِلْقاء الشيء والتِّبْيان قال ولا يقاس عليهما وقال النبي صلى الله
عليه وسلم أَلا إنَّ التَّبيين من الله والعَجَلة من الشيطان فتبيَّنُوا قال أَبو
عبيد قال الكسائي وغيره التَّبْيين التثبُّتُ في الأَمر والتَّأَني فيه وقرئ قوله
عز وجل إذا ضَرَبتم في سبيل الله فتبيَّنُوا وقرئ فتثبَّتوا والمعنيان متقاربان
وقوله عز وجل إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا وفتَثبَّتُوا قرئ بالوجهين جميعاً
وقال سيبويه في قوله الكتاب المُبين قال وهو التِّبيان وليس على الفعل إنما هو
بناءٌ على حدة ولو كان مصدراً لفُتِحتْ كالتَّقْتال فإنما هو من بيَّنْتُ كالغارة
من أَغَرْت وقال كراع التِّبيان مصدرٌ ولا نظير له إلا التِّلقاء وهو مذكور في
موضعه وبينهما بَينٌ أَي بُعْد لغة في بَوْنٍ والواو أَعلى وقد بانَه بَيْناً
والبَيانُ الفصاحة واللَّسَن وكلامٌ بيِّن فَصيح والبَيان الإفصاح مع ذكاء
والبَيِّن من الرجال الفصيح ابن شميل البَيِّن من الرجال السَّمْح اللسان الفصيح
الظريف العالي الكلام القليل الرتَج وفلانٌ أَبْيَن من فلان أَي أَفصح منه وأَوضح
كلاماً ورجل بَيِّنٌ فصيح والجمع أَبْيِناء صحَّت الياء لسكون ما قبلها وأَنشد شمر
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ ويَلْتَئي على البَيِّنِ السَّفّاكِ وهو خَطيبُ
قوله يَلتئي أَي يُبْطئ من اللأْي وهو الإبطاء وحكى اللحياني في جمعه أَبْيان
وبُيَناء فأَما أَبْيان فكميِّت وأَموات قال سيبويه شَبَّهوا فَيْعِلاً بفاعل حين
قالوا شاهد وأَشهاد قال ومثله يعني ميِّتاً وأَمواتاً قيِّل وأَقيال وكَيِّس
وأَكياس وأَما بُيِّناء فنادر والأَقيَس في ذلك جمعُه بالواو وهو قول سيبويه روى
ابنُ عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال إنّ من البيان لسِحْراً وإنّ من
الشِّعر لحِكَماً قال البَيان إظهار المقصود بأَبلغ لفظٍ وهو من الفَهْم وذكاءِ
القلْب مع اللَّسَن وأَصلُه الكَشْفُ والظهورُ وقيل معناه إن الرجُلَ يكونُ عليه
الحقُّ وهو أَقْوَمُ بحُجَّتِه من خَصْمِه فيَقْلِبُ الحقَّ بِبَيانِه إلى نَفْسِه
لأَن معنى السِّحْر قَلْبُ الشيءِ في عَيْنِ الإنسانِ وليس بِقَلْبِ الأَعيانِ
وقيل معناه إنه يَبْلُغ من بَيانِ ذي الفصاحة أَنه يَمْدَح الإنسانَ فيُصدَّق فيه
حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قولِه وحُبِّه ثم يذُمّه فيُصدّق فيه حتى يَصْرِفَ
القلوبَ إلى قوله وبُغْضِهِ فكأَنه سَحَرَ السامعين بذلك وهو وَجْهُ قوله إن من
البيانِ لسِحْراً وفي الحديث عن أَبي أُمامة أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال
الحياءُ والعِيُّ شُعْبتان من الإيمانِ والبَذاءُ والبيانُ شُعْبتانِ من النِّفاق
أَراد أَنهما خَصْلتان مَنْشَؤهما النِّفاق أَما البَذاءُ وهو الفُحْشُ فظاهر
وأَما البيانُ فإنما أَراد منه بالذّم التعمُّق في النُّطْق والتفاصُحَ وإظهارَ
التقدُّم فيه على الناس وكأَنه نوعٌ من العُجْب والكِبْرِ ولذلك قال في رواية
أُخْرى البَذاءُ وبعضُ البيان لأَنه ليس كلُّ البيانِ مذموماً وقال الزجاج في قوله
تعالى خَلَق الإنْسان علَّمَه البيانَ قيل إنه عنى بالإنسان ههنا النبيَّ صلى الله
عليه وسلم علَّمَه البيان أَي علَّمه القرآنَ الذي فيه بيانُ كلِّ شيء وقيل
الإنسانُ هنا آدمُ عليه السلام ويجوز في اللغة أَن يكون الإنسانُ اسماً لجنس الناس
جميعاً ويكون على هذا علَّمَه البيانَ جعَله مميَّزاً حتى انفصل الإنسانُ ببيَانِه
وتمييزه من جميع الحيوان ويقال بَيْنَ الرجُلَين بَيْنٌ بَعيدٌ وبَوْنٌ بعيد قال
أَبو مالك البَيْنُ الفصلُ
( * قوله « البين الفصل إلخ » كذا بالأصل ) بين الشيئين يكون إمّا حَزْناً أَو
بقْرْبه رَمْلٌ وبينَهما شيءٌ ليس بحَزنٍ ولا سهلٍ والبَوْنُ الفضلُ والمزيّةُ
يقال بانه يَبونُه ويَبينُه والواوُ أَفصحُ فأَما في البُعْد فيقال إن بينهما
لَبَيْناً لا غير وقوله في الحديث أَولُ ما يُبِينُ على أَحدِكم فَخِذُه أَي
يُعْرب ويَشهد عليه ونخلةٌ بائنةٌ فاتَتْ كبائسُها الكوافيرَ وامتدّت عراجِينُها
وطالت حكاه أَبو حنيفة وأَنشد لحَبيب القُشَيْري من كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَها
عنها وحاضنةٍ لها مِيقارِ قوله تَبينُ عذوقَها يعني أَنها تَبين عذوقَها عن نفسها
والبائنُ والبائنةُ من القِسِيِّ التي بانتْ من وتَرِها وهي ضد البانِية إلا أَنها
عيب والباناةُ مقلوبةٌ عن البانِية الجوهري البائنةُ القوسُ التي بانت عن وَتَرِها
كثيراً وأَما التي قد قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادت تلْصَق به فهي البانيةُ بتقديم
النون قال وكلاهما عيب والباناةُ النَّبْلُ الصِّغارُ حكاه السُّكَّريّ عن أَبي
الخطاب وللناقة حالِبانِ أَحدُهما يُمْسِك العُلْبة من الجانب الأَيمن والآخرُ
يحلُب من الجانب الأَيْسر والذي يَحْلُب يسمَّى المُسْتَعْلي والمُعَلِّي والذي
يُمْسِك يسمَّى البائنَ والبَيْنُ الفراق التهذيب ومن أَمثال العرب اسْتُ البائنِ
أَعْرَفُ وقيل أَعلمُ أَي مَنْ وَلِيَ أَمْراً ومارَسَه فهو أَعلم به ممن لم
يُمارِسْه قال والبائن الذي يقومُ على يمين الناقة إذا حلبَها والجمع البُيَّنُ
وقيل البائنُ والمُسْتَعْلي هما الحالبان اللذان يَحْلُبان الناقةَ أَحدُهما حالبٌ
والآخر مُحْلِب والمُعينُ هو المُحْلِب والبائن عن يمين الناقة يُمْسِك العُلْبةَ
والمُسْتَعْلي الذي عن شِمالها وهو الحالبُ يَرْفع البائنُ العُلْبةَ إليه قال
الكميت يُبَشِّرُ مُسْتعلِياً بائنٌ من الحالبَيْنِ بأَن لا غِرارا قال الجوهري
والبائنُ الذي يأْتي الحلوبةَ من قِبَل شمالها والمُعَلِّي الذي يأْتي من قِبل
يمينها والبِينُ بالكسر القطعةُ من الأَرض قدر مَدِّ البصر من الطريق وقيل هو
ارتفاعٌ في غِلَظٍ وقيل هو الفصل بين الأَرْضَيْن والبِينُ أَيضاً الناحيةُ قال
الباهلي المِيلُ قدرُ ما يُدْرِكُ بصره من الأَرضُ وفَصْلٌ بَيْنَ كلّ أَرْضَيْن
يقال له بِينٌ قال وهي التُّخومُ والجمعُ بُيونٌ قال ابن مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ
لَمْ تَسْرِ لَيْلى ولم تَطْرُقْ لحاجتِها من أَهلِ رَيْمانَ إلا حاجةً فينا
بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ به أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلكَ البِينا
( * قوله « بسرو » قال الصاغاني والرواية من سرو حمير لا غير ) ومَن كسَر التاءَ
والكافَ ذهَب بالتأْنيث إلى ابنة البكريّ صاحبة الخيال قال والتذكير أَصْوَبُ
ويقال سِرْنا ميلاً أَي قدر مدّ البَصَرِ وهو البِينُ وبِينٌ موضعٌ قريب من الحيرة
ومُبِينٌ موضع أَيضاً وقيل اسمُ ماءٍ قال حَنْظلةُ بن مصبح يا رِيَّها اليومَ على
مُبِينِ على مبينٍ جَرَدِ القَصيمِ التارك المَخاضَ كالأُرومِ وفَحْلَها أَسود
كالظَّليمِ جمع بين النون والميم وهذا هو الإكْفاء قال الجوهري وهو جائز للمطْبوع
على قُبْحِه يقول يا رِيَّ ناقتي على هذا الماء فأَخرَجَ الكلامَ مُخْرَجَ النداء
وهو تعجُّب وبَيْنونةُ موضع قال يا رِيحَ بَيْنونةَ لا تَذْمِينا جئْتِ بأَلوانِ
المُصَفَّرِينا
( * قوله « بألوان » في ياقوت بأرواح ) وهُما بَيْنونَتانِ بَيْنونةُ القُصْوَى
وبَينونة الدُّنيا وكِلْتاهما في شِقِّ بني سعدٍ بَيْنَ عُمانَ ويَبْرِين التهذيب
بَيْنونة موضعٌ بينَ عُمان والبحرَيْن وبيءٌ وعَدَنُ أَبْيَنَ وإِبْيَن موضعٌ وحكى
السيرافي عَدَن أَبْيَن وقال أَبْيَن موضع ومثَّل سيبويه بأَبْيَن ولم يُفَسِّرْهُ
وقيل عَدَن أَبْيَن اسمُ قريةٍ على سيفِ البحر ناحيةَ اليمن الجوهري أَبْيَنُ اسمُ
رجلٍ ينسب إليه عَدَن يقال عَدَنُ أَبْيَنَ والبانُ شجرٌ يَسْمُو ويَطُول في
اسْتِواءٍ مثل نَبات الأَثْل وورَقُه أَيضاً هدبٌ كهَدَب الأَثْل وليس لخَشَبه
صلابةٌ واحدتُه بانةٌ قال أَبو زياد من العِضاه البانُ وله هَدَبٌ طُوالٌ شديدُ
الخُضْرة وينبت في الهِضَبِ وثمرتُه تُشبه قُرونَ اللُّوبياء إلا أَن خُضْرَتَها
شديدةٌ ولها حبٌّ ومن ذلك الحبِّ يُسْتَخْرَج دُهْنُ البانِ التهذيب البانةُ شجرةٌ
لها ثمرة تُرَبَّبُ بأَفاوِيه الطيِّب ثم يُعْتَصر دُهْنها طِيباً وجمعها البانُ ولاسْتِواءِ
نباتِها ونباتِ أَفنانِها وطُولِها ونَعْمَتِها شَبَّه الشُّعَراءُ الجاريةَ
الناعمة ذاتَ الشِّطاطِ بها فقيل كأَنها بانةٌ وكأَنها غُصْنُ بانٍ قال قيس بن
الخَطيم حَوْراءَ جَيداء يُسْتَضاءُ بها كأَنها خُوطُ بانةٍ قَصِفُ ابن سيده
قَضَينا على أَلف البانِ بالياء وإن كانت عيناً لغلبةِ ( ب ي ن ) على ( ب و ن )
معنى
في قاموس معاجم
الرِّيحُ نَسِيم
الهواء وكذلك نَسيم كل شيء وهي مؤنثة وفي التنزيل كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ
أَصابت حَرْثَ قوم هو عند سيبويه فَعْلٌ وهو عند أَبي الحسن فِعْلٌ وفُعْلٌ والرِّيحةُ
طائفة من الرِّيح عن سيبويه قال وقد يجوز أَن يدل الواحد على ما يدل عليه الجمع
الرِّيحُ نَسِيم
الهواء وكذلك نَسيم كل شيء وهي مؤنثة وفي التنزيل كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ
أَصابت حَرْثَ قوم هو عند سيبويه فَعْلٌ وهو عند أَبي الحسن فِعْلٌ وفُعْلٌ والرِّيحةُ
طائفة من الرِّيح عن سيبويه قال وقد يجوز أَن يدل الواحد على ما يدل عليه الجمع
وحكى بعضهم رِيحٌ ورِيحَة مع كوكب وكَوكَبَةٍ وأَشعَر أَنهما لغتان وجمع الرِّيح
أَرواح وأَراوِيحُ جمع الجمع وقد حكيت أَرْياحٌ وأَرايِح وكلاهما شاذ وأَنكر أَبو
حاتم على عُمارة بن عقيل جمعَه الرِّيحَ على أَرْياح قال فقلت له فيه إِنما هو
أَرْواح فقال قد قال الله تبارك وتعالى وأَرسلنا الرِّياحَ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ
رُوح قال فعلمت بذلك أَنه ليس ممن يؤْخذ عنه التهذيب الرِّيح ياؤُها واو صُيِّرت
ياء لانكسار ما قبلها وتصغيرها رُوَيْحة وجمعها رِياحٌ وأَرْواحٌ قال الجوهري
الرِّيحُ واحدة الرِّياح وقد تجمع على أَرْواح لأَن أَصلها الواو وإِنما جاءَت
بالياء لانكسار ما قبلها وإِذا رجعوا إِلى الفتح عادت إِلى الواو كقولك أَرْوَحَ
الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة ويقال رِيحٌ ورِيحَة كما قالوا دارٌ ودارَةٌ وفي
الحديث هَبَّتْ أَرواحُ النَّصْر الأَرْواحُ جمع رِيح ويقال الرِّيحُ لآِل فلان
أَي النَّصْر والدَّوْلة وكان لفلان رِيحٌ وفي الحديث كان يقول إِذا هاجت الرِّيح
اللهم اجعلها رِياحاً ولا تجعلها ريحاً العرب تقول لا تَلْقَحُ السحابُ إِلاَّ من
رياح مختلفة يريج اجْعَلْها لَقاحاً للسحاب ولا تجعلها عذاباً ويحقق ذلك مجيءُ
الجمع في آيات الرَّحمة والواحد في قِصَصِ العذاب كالرِّيح العَقِيم ورِيحاً
صَرْصَراً وفي الحديث الرِّيحُ من رَوْحِ الله أَي من رحمته بعباده ويومٌ راحٌ
شديد الرِّيح يجوز أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه وأَن يكون فَعْلاً وليلة راحةٌ وقد
راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشتدّت رِيحُه وفي الحديث أَن رجلاً حضره الموت فقال
لأَِولاده أَحْرِقوني ثم انظروا يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه يومٌ راحٌ أَي ذو رِيح
كقولهم رجلٌ مالٌ ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه على ما لم يُسَمَّ فاعله أَصابته
الرِّيحُ فهو مَرُوحٌ قال مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يصف رَماداً هل
تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذي القُورْ ؟ قد دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ القُور جُبَيْلات صغار واحدها قارَة
والمكفور الذي سَفَتْ عليه الريحُ الترابَ ومَرِيح أَيضاً وقال يصف الدمع كأَنه
غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ مثل مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ على شِيبَ وغُصْنٌ مَرِيحٌ
ومَرُوحٌ أَصابته الريح وكذلك مكان مَريح ومَرُوحٌ وشجرة مَرُوحة ومَريحة
صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت ورقها وراحَتِ الريحُ الشيءَ أَصابته قال أَبو ذؤيب يصف
ثوراً ويَعُوذ بالأَرْطَى إِذا ما شَفَّهُ قَطْرٌ وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
وراحَ الشجرُ وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها حكاه أَبو حنيفة وأَنشد تَعُوجُ إِذا ما
أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ كما انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا ويقال رِيحَتِ
الشجرةُ فهي مَرُوحة وشجرة مَرُوحة إِذا هبَّت بها الريح مَرُوحة كانت في الأَصل
مَرْيوحة ورِيحَ القومُ وأَراحُوا دخلوا في الريح وقيل أَراحُوا دخلوا في الريح
ورِيحُوا أَصابتهم الريحُ فجاحَتْهم والمَرْوَحة بالفتح المَفازة وهي الموضع الذي
تَخْترقُه الريح قال كأَنَّ راكبها غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ إِذا تَدَلَّتْ به أَو
شارِبٌ ثَمِلْ والجمع المَراوِيح قال ابن بري البيت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه
وقيل إِنه تمثل به وهو لغيره قاله وقد ركب راحلته في بعض المفاوز فأَسرعت يقول
كأَنَّ راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تَخْتَرِقُ فيه الريح كالغصن لا يزال
يتمايل يميناً وشمالاً فشبّه راكبها بغصن هذه حاله أَو شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ من
شدّة سكره وقوله إِذا تدلت به أَي إِذا هبطت به من نَشْزٍ إِلى مطمئن ويقال إِن
هذا البيت قديم وراحَ رِيحَ الروضة يَراحُها وأَراح يُريحُ إِذا وجد ريحها وقال
الهُذَليُّ وماءٍ ورَدْتُ على زَوْرَةٍ كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا
الجوهري راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه وأَنشد البيت « وماءٍ
ورَدتُ » قال ابن بري هو لصَخرْ الغَيّ والزَّوْرةُ ههنا البعد وقيل انحراف عن
الطريق والشفيف لذع البرد والسَّبَنْتَى النَّمِرُ والمِرْوَحَةُ بكسر الميم التي
يُتَرَوَّحُ بها كسرة لأَنها آلة وقال اللحياني هي المِرْوَحُ والجمع المَرَاوِحُ
وفي الحديث فقد رأَيتهم يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى أَي احتاجوا إِلى التَّرْويحِ
من الحَرِّ بالمِرْوَحة أَو يكون من الرواح العَودِ إِلى بيوتهم أَو من طَلَب
الراحة والمِرْوَحُ والمِرْواحُ الذي يُذَرَّى به الطعامُ في الريح ويقال فلان
بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ وقالوا فلان يَميلُ مع كل ريح على المثل وفي حديث
عليّ ورَعاعُ الهَمَج يَميلون على كلِّ ريح واسْتَرْوح الغصنُ اهتزَّ بالريح ويومٌ
رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ طَيِّبُ الريح ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً وعَشَيَّةٌ
رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ كذلك الليث يوم رَيِّحٌ ويوم راحٌ ذو ريح شديدة قال وهو كقولك
كَبْشٌ صافٍ والأَصل يوم رائح وكبش صائف فقلبوا وكما خففوا الحائِجةَ فقالوا حاجة
ويقال قالوا صافٌ وراحٌ على صَوِفٍ ورَوِحٍ فلما خففوا استنامت الفتحة قبلها فصارت
أَلفاً ويومٌ رَيِّحٌ طَيِّبٌ وليلة رَيِّحة ويوم راحٌ إِذا اشتدَّت ريحه وقد راحَ
وهو يرُوحُ رُؤُوحاً وبعضهم يَراحُ فإِذا كان اليوم رَيِّحاً طَيِّباً قيل يومٌ
رَيِّحٌ وليلة رَيِّحة وقد راحَ وهو يَرُوحُ رَوْحاً والرَّوْحُ بَرْدُ نَسِيم
الريح وفي حديث عائشة رضي الله عنها كان الناسُ يسكنون العالية فيحضُرون الجمعةَ
وبهم وَسَخٌ فإِذا أَصابهم الرَّوْحُ سطعت أَرواحهم فيتأَذى به الناسُ فأُمروا
بالغسل الرَّوْح بالفتح نسيم الريح كانوا إِذا مَرَّ عليهم النسيمُ تَكَيَّفَ
بأَرْواحِهم وحَمَلها إِلى الناس وقد يكون الريح بمعنى الغَلَبة والقوة قال
تَأَبَط شرًّا وقيل سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهمْ
أَو تَعْدُوانِ فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي ومنه قوله تعالى وتَذْهَبَ رِيحُكُم قال
ابن بري وقيل الشعر لأَعْشى فَهْمٍ من قصيدة أَولها يا دارُ بينَ غُباراتٍ
وأَكْبادِ أَقْوَتْ ومَرَّ عليها عهدُ آبادِ جَرَّتْ عليها رياحُ الصيفِ
أَذْيُلَها وصَوَّبَ المُزْنُ فيها بعدَ إِصعادِ وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه
والرائحةُ النسيم طيِّباً كان أَو نَتْناً والرائحة ريحٌ طيبة تجدها في النسيم
تقول لهذه البقلة رائحة طيبة ووَجَدْتُ رِيحَ الشيء ورائحته بمعنًى ورِحْتُ رائحة
طيبة أَو خبيثة أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها وأَرْوَحْتُها وجدتها وفي الحديث
من أَعانَ على مؤمن أَو قتل مؤمناً لم يُرِحْ رائحةَ الجنة من أَرَحْتُ ولم يَرَحْ
رائحة الجنة من رِحْتُ أَراحُ ولم يَرِحْ تجعله من راحَ الشيءَ يَرِيحُه وفي حديث
النبي صلى الله عليه وسلم من قتل نفساً مُعاهدةً لم يَرِحْ رائحةَ الجنة أَي لم
يَشُمَّ ريحها قال أَبو عمرو هو من رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه وقال
الكسائي إِنما هو لم يُرِحْ رائحة الجنة مِن أَرَحْتُ الشيء فأَنا أُرِيحَه إِذا
وجدت ريحه والمعنى واحد وقال الأَصمعي لا أَدري هو مِن رِحْتُ أَو من أَرَحْتُ
وقال اللحياني أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها واسْتَرْوَحَها واستراحها
وَجَدَها قال وبعضهم يقول راحَها بغير أَلف وهي قليلة واسْتَرْوَحَ الفحلُ واستراح
وجد ريح الأُنثى وراحَ الفرسُ يَراحُ راحةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صار فحلاً أَبو زيد
راحت الإِبلُ تَراحُ رائحةً وأَرَحْتُها أَنا قال الأَزهري قوله تَرَاحُ رائحةً
مصدر على فاعلة قال وكذلك سمعته من العرب ويقولون سمعتُ راغِيةَ الإِبل وثاغِيةَ
الشاء أَي رُغاءَها وثُغاءَها والدُّهْنُ المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ ودُهْن مُطَيَّب
مُرَوَّحُ الرائحةِ ورَوِّحْ دُهْنَكَ بشيء تجعل فيه طيباً وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة
مُطَيَّبة كذلك وفي الحديث أَنه أَمرَ بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عند النوم وفي
الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ
المُرَوَّح قال أَبو عبيد المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بالمسك كأَنه جُعل له رائحةٌ
تَفُوحُ بعد أَن لم تكن له رائحة وقال مُرَوَّحٌ بالواو لأَن الياءَ في الريح واو
ومنه قيل تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة وأَرْوَحَ اللحمُ تغيرت رائحته وكذلك الماءُ
وقال اللحياني وغيره أَخذتْ فيه الريح وتَغَيَّر وفي حديث قَتَادةَ سُئِل عن الماء
الذي قد أَروَحَ أَيُتَوَضَّأُ منه ؟ فقال لا بأْس يقال أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ
إِذا تغيرت ريحه وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ وجد ريحي وكذلك
أَرْوَحَني الرجلُ ويقال أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ رِيحَ الإِنْسِيِّ وفي
التهذيب أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وجد ريحَك وفيه وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ
واستراح إِذا وجد ريح الإِنسان قال أَبو زيد أَرْوَحَنِي الصيجُ والضبُّ إِرْواحاً
وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وجد ريحَك ونَشْوَتَك وكذلك أَرْوَحْتُ من فلان طِيباً
وأَنْشَيْتُ منه نَشْوَةً والاسْتِرْواحُ التَّشَمُّمُ الأَزهري قال أَبو زيد سمعت
رجلاً من قَيْس وآخر من تميم يقولان قَعَدْنا في الظل نلتمس الراحةَ والرَّوِيحةُ
والراحة بمعنى واحد وراحَ يَرَاحُ رَوْحاً بَرَدَ وطابَ وقيل يومٌ رائحٌ وليلة
رائحةٌ طيبةُ الريح يقال رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ ويوم
رَيِّحٌ قال جرير محا طَلَلاً بين المُنِيفَةِ والنِّقا صَباً راحةٌ أَو ذو
حَبِيَّيْنِ رائحُ وقال الفراء مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ يقال افتح البابَ حتى يَراحَ
البيتُ أَي حتى يدخله الريح وقال كأَنَّ عَيْنِي والفِراقُ مَحْذورْ غُصْنٌ من
الطَّرْفاءِ راحٌ مَمْطُورْ والرَّيْحانُ كلُّ بَقْل طَيِّب الريح واحدته رَيْحانة
وقال بِرَيْحانةٍ من بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ لها أَرَجٌ ما حَوْلها غيرُ
مُسْنِتِ والجمع رَياحين وقيل الرَّيْحانُ أَطراف كل بقلة طيبة الريح إِذا خرج
عليها أَوائلُ النَّوْر وفي الحديث إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ فلا
يَرُدَّه هو كل نبت طيب الريح من أَنواع المَشْمُوم والرَّيْحانة الطَّاقةُ من
الرَّيحان الأَزهري الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة الريح والطاقةُ الواحدةُ
رَيْحانةٌ أَبو عبيد إِذا طال النبتُ قيل قد تَرَوَّحتِ البُقُول فهي مُتَرَوِّحةٌ
والريحانة اسم للحَنْوَة كالعَلَمِ والرَّيْحانُ الرِّزْقُ على التشبيه بما تقدم
وقوله تعالى فَرَوْحٌ ورَيْحان أَي رحمة ورزق وقال الزجاج معناه فاستراحة وبَرْدٌ
هذا تفسير الرَّوْح دون الريحان وقال الأَزهري في موضع آخر قوله فروح وريحان معناه
فاستراحة وبرد وريحان ورزق قال وجائز أَن يكون رَيحانٌ هنا تحيَّة لأَهل الجنة قال
وأَجمع النحويون أَن رَيْحاناً في اللغة من ذوات الواو والأَصل رَيْوَحانٌ
( * قوله « والأصل ريوحان » في المصباح أصله ريوحان بياء ساكنة ثم واو مفتوحة ثم
قال وقال جماعة هو من بنات الياء وهو وزان شيطان وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين
مثل شيطان وشياطين ) فقلبت الواو ياء وأُدغمت فيها الياء الأُولى فصارت
الرَّيَّحان ثم خفف كما قالوا مَيِّتٌ ومَيْتٌ ولا يجوز في الرَّيحان التشديد
إِلاَّ على بُعْدٍ لأَنه قد زيد فيه أَلف ونون فخُفِّف بحذف الياء وأُلزم التخفيف
وقال ابن سيده أَصل ذلك رَيْوَحان قلبت الواو ياء لمجاورتها الياء ثم أُدغمت ثم
خففت على حدّ مَيْتٍ ولم يستعمل مشدَّداً لمكان الزيادة كأَنَّ الزيادة عوض من
التشديد فَعْلاناً على المعاقبة
( * قوله « فعلاناً على المعاقبة إلخ » كذا بالأصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون
أصله روحاناً لا يصح لان فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك ) لا يجيء إِلا بعد استعمال
الأَصل ولم يسمع رَوْحان التهذيب وقوله تعالى فروح وريحان على قراءة من ضم الراء
تفسيره فحياة دائمة لا موت معها ومن قال فَرَوْحٌ فمعناه فاستراحة وأَما قوله
وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه فمعناه برحمة منه قال كذلك قال المفسرون قال وقد يكون
الرَّوْح بمعنى الرحمة قال الله تعالى لا تَيْأَسُوا من رَوْح الله أَي من رحمة
الله سماها رَوْحاً لأَن الرَّوْحَ والراحةَ بها قال الأَزهري وكذلك قوله في عيسى
ورُوحٌ منه أَي رحمة منه تعالى ذكره والعرب تقول سبحان الله ورَيْحانَه قال أَهل
اللغة معناه واسترزاقَه وهو عند سيبويه من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر تقول
خرجت أَبتغي رَيْحانَ الله قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب سلامُ الإِله ورَيْحانُه
ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ فأَحْيا البلادَ
وطابَ الشَّجَرْ قال ومعنى قوله وريحانه ورزقه قال الأَزهري قاله أَبو عبيدة وغيره
قال وقيل الرَّيْحان ههنا هو الرَّيْحانُ الذي يُشَمّ قال الجوهري سبحان الله
ورَيْحانَه نصبوهما على المصدر يريدون تنزيهاً له واسترزاقاً وفي الحديث الولد من
رَيْحانِ الله وفي الحديث إِنكم لتُبَخِّلُون
( * قوله « انكم لتبخلون إلخ » معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن
يقتل فيضيع ولده بعده وفي البخل ابقاء على ماله وفي الجهل شغلاً به عن طلب العلم
والواو في وانكم للحال كأنه قال مع انكم من ريحان الله أي من رزق الله تعالى كذا
بهامش النهاية ) وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ وإِنكم لمن رَيْحانِ الله يعني
الأَولادَ والريحان يطلق على الرحمة والرزق والراحة وبالرزق سمي الولد رَيْحاناً
وفي الحديث قال لعليّ رضي الله عنه أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خيراً قبل أَن يَنهَدَّ
رُكناك فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا أَحدُ الركنين فلما ماتت
فاطمة قال هذا الركن الآخر وأَراد بريحانتيه الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما
وقوله تعالى والحَبُّ ذو العَصْفِ والرَّيحانُ قيل هو الوَرَقُ وقال الفراء ذو
الوَرَق والرِّزقُ وقال الفرّاء العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ وراحَ
منك معروفاً وأَرْوَحَ قال والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ والرَّوِيحَةُ
والرَّواحة وِجْدَانُك الفَرْجَة بعد الكُرْبَة والرَّوْحُ أَيضاً السرور
والفَرَحُ واستعاره عليّ رضي الله عنه لليقين فقال فباشِرُوا رَوْحَ اليقين قال
ابن سيده وعندي أَنه أَراد الفَرْحة والسرور اللذين يَحْدُثان من اليقين التهذيب
عن الأَصمعي الرَّوْحُ الاستراحة من غم القلب وقال أَبو عمرو الرَّوْحُ الفَرَحُ
والرَّوْحُ بَرْدُ نسيم الريح الأَصمعي يقال فلان يَراحُ للمعروف إِذا أَخذته
أَرْيَحِيَّة وخِفَّة والرُّوحُ بالضم في كلام العرب النَّفْخُ سمي رُوحاً لأَنه
رِيحٌ يخرج من الرُّوحِ ومنه قول ذي الرمة في نار اقْتَدَحَها وأَمر صاحبه بالنفخ
فيها فقال فقلتُ له ارْفَعْها إِليك وأَحْيِها برُوحكَ واجْعَله لها قِيتَةً
قَدْرا أَي أَحيها بنفخك واجعله لها الهاء للرُّوحِ لأَنه مذكر في قوله واجعله
والهاء التي في لها للنار لأَنها مؤنثة الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال يقال خرج
رُوحُه والرُّوحُ مذكر والأَرْيَحِيُّ الرجل الواسع الخُلُق النشيط إِلى المعروف
يَرْتاح لما طلبت ويَراحُ قَلْبُه سروراً والأَرْيَحِيُّ الذي يَرْتاح للنَّدى
وقال الليث يقال لكل شيء واسع أَرْيَحُ وأَنشد ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي قال
وبعضهم يقول ومحمل أَرْوَح ولو كان كذلك لكان قد ذمَّه لأَن الرَّوَحَ الانبطاح
وهو عيب في المَحْمِلِ قال والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ من راحَ يَرَاحُ كما يقال
للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ أَصْلَتِيٌّ وللمُجْتَنِبِ أَجْنَبِيٌّ والعرب تحمل كثيراً
من النعت على أَفْعَلِيّ فيصر كأَنه نسبة قال الأَزهري وكلام العرب تقول رجل
أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ ولا تكاد تقول أَجْنَبِيٌّ ورجل أَرْيَحِيٌّ مُهْتَزٌّ
للنَّدى والمعروف والعطية واسِعُ الخُلُق والاسم الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح عن
اللحياني قال ابن سيده وعندي أَن التَّرَيُّح مصدر تَريَّحَ وسنذكره وفي شعر
النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير حَكَيْتَ لنا الصِّدِّيقَ لمّا وَلِيتَنا وعُثمانَ
والفارُوقَ فارْتاحَ مُعْدِمُ أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عليه البَذل
يقال رِحْتُ المعروف أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً إِذا مِلْتَ
إِليه وأَحببته ومنه قولهم أَرْيَحِيٌّ إِذا كان سخيّاً يَرْتاحُ للنَّدَى وراحَ
لذلك الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً وراحاً وراحةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً
أَشْرَق له وفَرِحَ به وأَخَذَتْه له خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ قال الشاعر إِنَّ
البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ وقد يُستعارُ
للكلاب وغيرها أَنشد اللحياني خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ فِعْلَ
الضِّراءِ تَراحُ للكَلاَّبِ ويقال أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارتاح للنَّدَى
وراحتْ يَدُه بكذا أَي خَفَّتْ له وراحت يده بالسيف أَي خفت إِلى الضرب به قال
أُمَيَّةُ بنُ أَبي عائذ الهذلي يصف صائداً تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة خَواظِي
القِداحِ عِجافِ النِّصال أَراد بالمحشورة نَبْلاَ للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع
لها في الرمي عن القوس والخواظي الغلاظ القصار وأَراد بقوله عجاف النصال أَنها
أُرِقَّتْ الليث راحَ الإِنسانُ إِلى الشيء يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ به وكذلك
ارتاحَ وأَنشد وزعمتَ أَنَّك لا تَراحُ إِلى النِّسا وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحَ
المُتَرَدِّدِ والرِّياحَة أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشيء فيَسْتَرْوِحَ
ويَنْشَطَ إِليه والارتياح النشاط وارْتاحَ للأَمر كراحَ ونزلت به بَلِيَّةٌ فارْتاحَ
اللهُ له برَحْمَة فأَنقذه منها قال رؤبة فارْتاحَ رَبي وأَرادَ رَحْمَتي
ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ أَراد فارتاح نظر إِليَّ ورحمني قال الأَزهري قول
رؤبة في فعل الخالق قاله بأَعرابيته قال ونحن نَسْتَوْحِشُ من مثل هذا اللفظ لأَن
الله تعالى إِنما يوصف بما وصف به نفسه ولولا أَن الله تعالى ذكره هدانا بفضله
لتمجيده وحمده بصفاته التي أَنزلها في كتابه ما كنا لنهتدي لها أَو نجترئ عليها
قال ابن سيده فأَما الفارسي فجعل هذا البيت من جفاء الأَعراب كما قال لا هُمَّ إِن
كنتَ الذي كعَهْدِي ولم تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي وكما قال سالمُ بنُ دارَةَ
يا فَقْعَسِيُّ لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ ؟ لو خافَكَ اللهُ عليه حَرَّمَهْ فما
أَكلتَ لَحْمَه ولا دَمَهْ والرَّاحُ الخمرُ اسم لها والراحُ جمع راحة وهي الكَفُّ
والراح الارْتِياحُ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ ولَقِيتُ ما
لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها وفَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ وخالي والخالُ الاختيال
والخُيَلاءُ فقوله وخالي أَي واختيالي والراحةُ ضِدُّ التعب واسْتراحَ الرجلُ من
الراحة والرَّواحُ والراحة مِن الاستراحة وأَراحَ الرجل والبعير وغيرهما وقد
أَراحَني ورَوَّح عني فاسترحت ويقال ما لفلان في هذا الأَمر من رَواح أَي من راحة
وجدت لذلك الأَمر راحةً أَي خِفَّةً وأَصبح بعيرك مُرِيحاً أَي مُفِيقاً وأَنشد
ابن السكيت أَراحَ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ الليث
الراحة وِجْدانُك رَوْحاً بعد مشقة تقول أَرِحْنُ إِراحةً فأَسْتَريحَ وقال غيره
أَراحهُ إِراحةً وراحةً فالإِراحةُ المصدرُ والراحةُ الاسم كقولك أَطعته إِطاعة
وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم لمؤذنه
بلال أَرِحْنا بها أَي أَذّن للصلاة فتَسْتَريحَ بأَدائها من اشتغال قلوبنا بها
قال ابن الأَثير وقيل كان اشتغاله بالصلاة راحة له فإِنه كان يَعُدُّ غيرها من
الأَعمال الدنيوية تعباً فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى ولذا
قال وقُرَّة عيني في الصلاة قال وما أَقرب الراحة من قُرَّة العين يقال أَراحَ
الرجلُ واسْتراحَ إِذا رجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء قال ومنه حديث أُمِّ أَيْمَنَ
أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً في يوم شديد الحرّ فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ من السماء
فشربت حتى أَراحتْ وقال اللحياني أَراحَ الرجلُ اسْتراحَ ورجعت إِليه نفسه بعد
الإِعياء وكذلك الدابة وأَنشد تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ أَي تَسترِيحُ
وأَراحَ دخل في الرِّيح وأَراحَ إِذا وجد نسيم الريح وأَراحَ إِذا دخل في
الرَّواحِ وأَراحَ إِذا نزل عن بعيره لِيُرِيحه ويخفف عنه وأَراحه الله فاستَراحَ
وأَراحَ تنفس وقال امرؤ القيس يصف فرساً بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ لها مَنْخَرٌ
كوِجارِ السِّباع فمنه تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ وأَراحَ الرجلُ ماتَ كأَنه استراحَ
قال العجاج أَراحَ بعد الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ
( * قوله « والتغمغم » في الصحاح ومثله بهامش الأصل والتغمم )
وفي حديث الأَسود بن يزيد إِن الجمل الأَحمر لَيُرِيحُ فيه من الحرّ الإِراحةُ
ههنا الموتُ والهلاك ويروى بالنون وقد تقدم والتَّرْوِيحةُ في شهر رمضان سمِّيت
بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع ركعات وفي الحديث صلاة التراويح لأَنهم كانوا
يستريحون بين كل تسليمتين والتراويح جمع تَرْوِيحة وهي المرة الواحدة من الراحة
تَفْعِيلة منها مثل تسليمة من السَّلام والراحةُ العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها
وراحةُ البيت ساحتُه وراحةُ الثوب طَيُّه ابن شميل الراحة من الأَرض المستويةُ
فيها ظَهورٌ واسْتواء تنبت كثيراً جَلَدٌ من الأَرض وفي أَماكن منها سُهُولٌ
وجَراثيم وليست من السَّيْل في شيء ولا الوادي وجمعها الرَّاحُ كثيرة النبت أَبو
عبيد يقال أَتانا فلان وما في وجهه رائحةُ دَمٍ من الفَرَقِ وما في وجهه رائحةُ
دَمٍ أَي شيء والمطر يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه قال يَسْتَرْوِحُ العِلمُ
مَنْ أَمْسَى له بَصَرٌ وكان حَيّاً كما يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ والرَّوْحُ الرحمة
وفي الحديث عن أَبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الريحُ من
رَوْحِ الله تأْتي بالرحمة وتأْتي بالعذاب فإِذا رأَيتموها فلا تَسُبُّوها
واسأَلوا من خيرها واستعذوا بالله من شرِّها وقوله من روح الله أَي من رحمة الله
وهي رحمة لقوم وإِن كان فيها عذاب لآخرين وفي التنزيل ولا تَيْأَسُوا من رَوْحِ
الله أَي من رحمة الله والجمع أَرواحٌ والرُّوحُ النَّفْسُ يذكر ويؤنث والجمع
الأَرواح التهذيب قال أَبو بكر بنُ الأَنْباريِّ الرُّوحُ والنَّفْسُ واحد غير أَن
الروح مذكر والنفس مؤنثة عند العرب وفي التنزيل ويسأَلونك عن الرُّوح قل الروح من
أَمر ربي وتأْويلُ الروح أَنه ما به حياةُ النفْس وروى الأَزهري بسنده عن ابن عباس
في قوله ويسأَلونك عن الروح قال إِن الرُّوح قد نزل في القرآن بمنازل ولكن قولوا
كما قال الله عز وجل قل الروح من أَمر ربي وما أُوتيتم من العلم إِلا قليلاً وروي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أَن اليهود سأَلوه عن الروح فأَنزل الله تعالى هذه
الآية وروي عن الفراء أَنه قال في قوله قل الروح من أَمر ربي قال من عِلم ربي أَي
أَنكم لا تعلمونه قال الفراء والرُّوح هو الذي يعيش به الإِنسان لم يخبر الله تعالى
به أَحداً من خلقه ولم يُعْطِ عِلْمَه العباد قال وقوله عز وجل ونَفَخْتُ فيه من
رُوحي فهذا الذي نَفَخَه في آدم وفينا لم يُعْطِ علمه أَحداً من عباده قال وسمعت
أَبا الهيثم يقول الرُّوحُ إِنما هو النَّفَسُ الذي يتنفسه الإِنسان وهو جارٍ في
جميع الجسد فإِذا خرج لم يتنفس بعد خروجه فإِذا تَتامَّ خروجُه بقي بصره شاخصاً
نحوه حتى يُغَمَّضَ وهو بالفارسية « جان » قال وقول الله عز وجل في قصة مريم عليها
السلام فأَرسلنا إِليها روحَنا فتمثل لها بَشَراً سَوِيّاً قال أَضافِ الروحَ
المُرْسَلَ إِلى مريم إِلى نَفْسه كما تقول أَرضُ الله وسماؤه قال وهكذا قوله
تعالى للملائكة فإِذا سوَّيته ونَفَخْتُ فيه من روحي ومثله وكَلِمَتُه أَلقاها
إِلى مريم ورُوحٌ منه والرُّوحُ في هذا كله خَلْق من خَلْق الله لم يعط علمه
أَحداً وقوله تعالى يُلْقِي الرُّوحَ من أَمره على من يشاء من عباده قال الزجاج
جاء في التفسير أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ النبوّة ويُسَمَّى القرآنُ روحاً
ابن الأَعرابي الرُّوحُ الفَرَحُ والرُّوحُ القرآن والرُّوح الأَمرُ والرُّوح
النَّفْسُ قال أَبو العباس
( * قوله « قال أبو العباس » هكذا في الأصل ) وقوله عز وجل يُلْقي الرُّوحَ من
أَمره على من يشاء من عباده ويُنَزِّلُ الملائكةَ بالرُّوحِ من أَمره قال أَبو
العباس هذا كله معناه الوَحْيُ سمِّي رُوحاً لأَنه حياة من موت الكفر فصار بحياته
للناس كالرُّوح الذي يحيا به جسدُ الإِنسان قال ابن الأَثير وقد تكرر ذكر الرُّوح
في الحديث كما تكرَّر في القرآن ووردت فيه على معان والغالب منها أَن المراد
بالرُّوح الذي يقوم به الجسدُ وتكون به الحياة وقد أُطلق على القرآن والوحي
والرحمة وعلى جبريل في قوله الرُّوحُ الأَمين قال ورُوحُ القُدُس يذكَّر ويؤنث وفي
الحديث تَحابُّوا بذكر الله ورُوحِه أَراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة
لكم وقيل أَراد أَمر النبوَّة وقيل هو القرآن وقوله تعالى يوم يَقُومُ الرُّوحُ
والملائكةُ صَفّاً قال الزجاج الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ وليس هو بالإِنس وقال ابن
عباس هو ملَك في السماء السابعة وجهه على صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة
وجاء في التفسير أَن الرُّوحَ ههنا جبريل ورُوحُ الله حكمُه وأَمره والرُّوحُ
جبريل عليه السلام وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال في قول
الله تعالى وكذلك أَوحينا إِليك رُوحاً من أَمرنا قال هو ما نزل به جبريل من
الدِّين فصار تحيا به الناس أَي يعيش به الناس قال وكلُّ ما كان في القرآن
فَعَلْنا فهو أَمره بأَعوانه أَمر جبريل وميكائيل وملائكته وما كان فَعَلْتُ فهو
ما تَفَرَّد به وأَما قوله وأَيَّدْناه برُوح القُدُس فهو جبريل عليه السلام
والرُّوحُ عيسى عليه السلام والرُّوحُ حَفَظَةٌ على الملائكة الحفظةِ على بني آدم
ويروى أَن وجوههم مثل وجوه الإِنس وقوله تَنَزَّلُ الملائكةُ والرُّوحُ يعني
أُولئك والرُّوحانيُّ من الخَلْقِ نحوُ الملائكة ممن خَلَقَ اللهُ رُوحاً بغير جسد
وهو من نادر معدول النسب قال سيبويه حكى أَبو عبيدة أَن العرب تقوله لكل شيء كان فيه
رُوحٌ من الناس والدواب والجن وزعم أَبو الخطاب أَنه سمع من العرب من يقول في
النسبة إِلى الملائكة والجن رُوحانيٌّ بضم الراء والجمع روحانِيُّون التهذيب وأَما
الرُّوحاني من الخلق فإِنَّ أَبا داود المَصاحِفِيَّ روى عن النَّضْر في كتاب
الحروف المُفَسَّرةِ من غريب الحديث أَنه قال حدثنا عَوْفٌ الأَعرابي عن وَرْدانَ
بن خالد قال بلغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّون ومنه مَن خُلِقَ من النور قال
ومن الرُّوحانيين جبريل وميكائيل وإِسرافيل عليهم السلام قال ابن شميل
والرُّوحانيون أَرواح ليست لها أَجسام هكذا يقال قال ولا يقال لشيء من الخلق
رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح التي لا أَجساد لها مثل الملائكة والجن وما أَشبههما
وأَما ذوات الأَجسام فلا يقال لهم رُوحانيون قال الأَزهري وهذا القول في
الرُّوحانيين هو الصحيح المعتمد لا ما قاله ابن المُظَفَّر ان الرُّوحانيّ الذي
نفخ فيه الرُّوح وفي الحديث الملائكة الرُّوحانِيُّونَ يروى بضم الراء وفتحها
كَأَنه نسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح وهو نسيم الريح والَلف والنون من زيادات
النسب ويريد به أَنهم أَجسام لطيفة لا يدركها البصر وفي حديث ضِمامٍ إِني أُعالج
من هذه الأَرواح الأَرواح ههنا كناية عن الجن سمُّوا أَرواحاً لكونهم لا يُرَوْنَ
فهم بمنزلة الأَرواح ومكان رَوْحانيٌّ بالفتح أَي طَيِّب التهذيب قال شَمرٌ
والرِّيحُ عندهم قريبة من الرُّوح كما قالوا تِيهٌ وتُوهٌ قال أَبو الدُّقَيْش
عَمَدَ مِنَّا رجل إِلى قِرْبَةٍ فملأَها من رُوحِه أَي من رِيحِه ونَفَسِه
والرَّواحُ نقيضُ الصَّباح وهو اسم للوقت وقيل الرَّواحُ العَشِيُّ وقيل الرَّواحُ
من لَدُن زوال الشمس إِلى الليل يقال راحوا يفعلون كذا وكذا ورُحْنا رَواحاً يعني
السَّيْرَ بالعَشِيِّ وسار القوم رَواحاً وراحَ القومُ كذلك وتَرَوَّحْنا سِرْنا
في ذلك الوقت أَو عَمِلْنا وأَنشد ثعلب وأَنتَ الذي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ غَداةً
غَدٍ أَو رائحُ بهَجِيرِ والرواح قد يكون مصدر قولك راحَ يَرُوحُ رَواحاً وهو نقيض
قولك غدا يَغْدُو غُدُوًّا وتقول خرجوا بِرَواحٍ من العَشِيِّ ورِياحٍ بمعنًى ورجل
رائحٌ من قوم رَوَحٍ اسم للجمع ورَؤُوحٌ مِن قوم رُوحٍ وكذلك الطير وطير رَوَحٌ
متفرقة قال الأَعشى ماتَعِيفُ اليومَ في الطيرِ الرَّوَحْ من غُرابِ البَيْنِ أَو
تَيْسٍ سَنَحْ ويروى الرُّوُحُ وقيل الرَّوَحُ في هذا البيت المتفرّقة وليس بقوي
إِنما هي الرائحة إِلى مواضعها فجمع الرائح على رَوَحٍ مثل خادم وخَدَمٍ التهذيب
في هذا البيت قيل أَراد الرَّوَحةَ مثل الكَفَرَة والفَجَرة فطرح الهاء قال
والرَّوَحُ في هذا البيت المتفرّقة ورجل رَوَّاحٌ بالعشي عن اللحياني كَرَؤُوح
والجمع رَوَّاحُون ولا يُكَسَّر وخرجوا بِرِياحٍ من العشيّ بكسر الراءِ ورَواحٍ
وأَرْواح أَي بأَول وعَشِيَّةٌ راحةٌ وقوله ولقد رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً
وعليَّ من سَدَفِ العَشِيِّ رِياحُ بكسر الراء فسره ثعلب فقال معناه وقت وقالوا
قومُك رائحٌ عن اللحياني حكاه عن الكسائي قال ولا يكون ذلك إِلاَّ في المعرفة يعني
أَنه لا يقال قوم رائحٌ وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً من ذهابه أَو سيره بالعشيّ
قال الأَزهري وسمعت العرب تستعمل الرَّواحَ في السير كلَّ وقت تقول راحَ القومُ
إِذا ساروا وغَدَوْا ويقول أَحدهم لصاحبه تَرَوَّحْ ويخاطب أَصحابه فيقول
تَرَوَّحُوا أَي سيروا ويقول أَلا تُرَوِّحُونَ ؟ ونحو ذلك ما جاء في الأَخبار
الصحيحة الثابتة وهو بمعنى المُضِيِّ إِلى الجمعة والخِفَّةِ إِليها لا بمعنى
الرَّواح بالعشي في الحديث مَنْ راحَ إِلى الجمعة في الساعة الأُولى أَي من مشى
إِليها وذهب إِلى الصلاة ولم يُرِدْ رَواحَ آخر النهار ويقال راحَ القومُ
وتَرَوَّحُوا إِذا ساروا أَيَّ وقت كان وقيل أَصل الرَّواح أَن يكون بعد الزوال
فلا تكون الساعات التي عدَّدها في الحديث إِلاَّ في ساعة واحدة من يوم الجمعة وهي
بعد الزوال كقولك قعدت عندك ساعة إِنما تريد جزءاً من الزمن وإِن لم يكن ساعة
حقيقة التي هي جزء من أَربعة وعشرين جزءاً مجموع الليل والنهار وإِذا قالت العرب
راحت الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رائحةً فَرواحُها ههنا أَن تأْوِيَ بعد غروب الشمس
إِلى مُراحِها الذي تبيت فيه ابن سيده والإِراحةُ رَدُّ الإِبل والغنم من
العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حيث تأْوي إِليه ليلاً وقد أَراحها راعيها يُرِيحُها وفي
لغة هَراحَها يُهْرِيحُها وفي حديث عثمان رضي الله عنه رَوَّحْتُها بالعشيّ أَي
رَدَدْتُها إِلى المُراحِ وسَرَحَتِ الماشية بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رجعت
وتقول افعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ أَي في يُسرٍ بسهولة والمُراحُ مأْواها ذلك
الأَوانَ وقد غلب على موضع الإِبل والمُراحُ بالضم حيث تأْوي إِليه الإِبل والغنم
بالليل وقولهم ماله سارِحةٌ ولا رائحةٌ أَي شيء راحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها أَنا
إِذا رددتُها إِلى المُراحِ وقي حديث سَرِقَة الغنم ليس فيه قَطْعٌ حتى يُؤْوِيَهُ
المُراح المُراحُ بالضم الموضع الذي تَرُوحُ إِليه الماشية أَي تأْوي إِليه ليلاً
وأَما بالفتح فهو الموضع الذي يروح إِليه القوم أَو يَروحُونَ منه كالمَغْدَى
الموضع الذي يُغْدَى منه وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً
أَي أَعطاني لأَنها كانت هي مُراحاً لِنَعَمِه وفي حديثها أَيضاً وأَعطاني من كل
رائحة زَوْجاً أَي مما يَرُوحُ عليه من أَصناف المال أَعطاني نصيباً وصِنْفاً
ويروى ذابِحةٍ بالذال المعجمة والباء وقد تقدم وفي حديث أَبي طلحة ذاك مالٌ رائحٌ
أَي يَرُوحُ عليك نَفْعُه وثوابُه يعني قُرْبَ وُصوله إِليه ويروى بالباء وقد تقدم
والمَراحُ بالفتح الموضع الذي يَرُوحُ منه القوم أَو يَرُوحُون إِليه كالمَغْدَى
من الغَداةِ تقول ما ترك فلانٌ من أَبيه مَغدًى ولا مَراحاً إِذا أَشبهه في
أَحوالِه كلها والتَّرْوِيحُ كالإِراحةِ وقال اللحياني أَراحَ الرجل إِراحةً
وإِراحاً إِذا راحت عليه إِبلُه وغنمه وماله ولا يكون ذلك إِلاّ بعد الزوال وقول
أَبي ذؤيب كأَنَّ مَصاعِيبَ زُبَّ الرُّؤُو سِ في دارِ صِرْمٍ تُلاقس مُرِيحا يمكن
أَن يكون أَراحتْ لغة في راحت ويكون فاعلاً في معنى مفعول ويروى تُلاقي مُرِيحاً
أَي الرجلَ الذي يُرِيحُها وأَرَحْتُ على الرجل حَقَّه إِذا رددته عليه وقال
الشاعر أَلا تُرِيحي علينا الحقَّ طائعةً دونَ القُضاةِ فقاضِينا إِلى حَكَمِ
وأَرِحْ عليه حَقَّه أَي رُدَّه وفي حديث الزبير لولا حُدُودٌ فُرِضَتْ وفرائضُ
حُدَّتْ تُراحُ على أَهلها أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هم الأَئمة ويجوز بالعكس
وهو أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها من الرعية ومنه حديث عائشة حتى أَراحَ
الحقَّ على أَهله ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم ذهبت إِليهم
رَواحاً أَو رُحْتُ عندهم وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم جاءهم رَواحاً وفي
الحديث على رَوْحةٍ من المدينة أَي مقدار رَوْحةٍ وهي المرَّة من الرَّواح
والرَّوائح أَمطار العَشِيّ واحدتُها رائحة هذه عن اللحياني وقال مرة أَصابتنا
رائحةٌ أَي سَماء ويقال هما يَتَراوحان عَمَلاً أَي يتعاقبانه ويَرْتَوِحان مثلُه
ويقال هذا الأَمر بيننا رَوَحٌ ورَِوِحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه وتَعاوَرُوه
والمُراوَحَةُ عَمَلانِ في عَمَل يعمل ذا مرة وذا مرة قال لبيد ووَلَّى عامِداً
لَطَياتِ فَلْجٍ يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ يعني يَبْتَذِل عَدْوَه مرة
ويصون أُخرى أَي يكُفُّ بعد اجتهاد والرَّوَّاحةُ القطيعُ
( * قوله « والرواحة القطيع إلخ » كذا بالأصل بهذا الضبط ) من الغنم ورَواحَ
الرجلُ بين جنبيه إِذا تقلب من جَنْب إِلى جَنْب أَنشد يعقوب إِذا اجْلَخَدَّ لم
يَكَدْ يُراوِحُ هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ وراوَحَ بين رجليه إِذا قام على
إِحداهما مرَّة وعلى الأَخرى مرة وفي الحديث أَنه كان يُراوِحُ بين قدميه من طول
القيام أَي يعتمد على إِحداهما مرة وعلى الأُخرى مرة ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ
منهما ومنه حديث ابن مسعود أَنه أَبْصَرَ رجلاً صافًّا قدميه فقال لو راوَحَ كان
أَفضلَ ومنه حديث بكر بن عبد الله كان ثابتٌ يُراوِحُ بين جَبْهَتِه وقَدَمَيه أَي
قائماً وساجداً يعني في الصلاة ويقال إِن يديه لتَتراوَحانِ بالمعروف وفي التهذيب
لتَتَراحانِ بالمعروف وناقة مُراوِحٌ تَبْرُكُ من وراء الإِبل الأَزهري ويقال
للناقة التي تبركُ وراءَ الإِبلِ مُراوِحٌ ومُكانِفٌ قال كذلك فسره ابن الأَعرابي
في النوادر والرَّيِّحةُ من العضاه والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ
والرُّخامَى أَن يَظْهَر النبتُ في أُصوله التي بقيت من عامِ أَوَّلَ وقيل هو ما
نبت إِذا مسَّه البَرْدُ من غير مطر وحكى كراع فيه الرِّيحة على مثال فِعْلَة ولم
يَلْحك مَنْ سِواه إِلاَّ رَيِّحة على مِثال فَيِّحة التهذيب الرَّيِّحة نبات
يَخْضَرُّ بعدما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي أَغصانه وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ
تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قبل الشتاء من غير مطر وقال الأَصمعي وذلك حين يَبْرُدُ الليل
فيتفطر بالورق من غير مطر وقيل تَرَوَّحَ الشجر إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بعد إِدبار
الصيف قال الراعي وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ لهم وَرَقٌ راحَ العِضاهُ به والعِرْقُ
مَدْخولُ وروى الأَصمعي وخادَعَ المجدُ أَقواماً لهم وَرِقٌ أَي مال وخادَعَ
تَرَكَ قال ورواه أَبو عمرو وخادَعَ الحمدَ أَقوام أَي تركوا الحمد أَي ليسوا من
أَهله قال وهذه هي الرواية الصحيحة قال الأَزهري والرَّيِّحة التي ذكرها الليث هي
هذه الشجرة التي تَتَرَوَّحُ وتَراحُ إِذا بَرَدَ عليها الليلُ فتتفطرُ بالورق من
غير مطر قال سمعت العرب تسمِّيها الرَّيِّحة وتَرَوُّحُ الشجر تَفَطُّره وخُروجُ
ورقه إِذا أَوْرَق النبتُ في استقبال الشتاء قال وراحَ الشجر يَراحُ إِذا تفطر
بالنبات وتَرَوَّحَ النبتُ والشجر طال وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ رِيحَ غيره
لقربه منه وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ من الرَّواحِ والرَّوَحُ
بالتحريك السَّعَةُ قال المتنخل الهُذَليّ لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ يومَ ذَلِكُمُ
فُتْحُ الشَّمائل في أَيْمانِهِم رَوَحْ وكبير بن هند حيٌّ من هذيل والفتخ جمع
أَفْتَخَ وهو اللَّيِّنُ مَفْصِلِ اليدِ يريد أَن شمائلهم تَنْفَتِخُ لشدَّة
النَّزْعِ وكذلك قوله في أَيمانهم رَوَح وهو السَّعَة لشدَّة ضربها بالسيف وبعده
تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم كما يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز
الصَّرَحُ والرَّوَحُ اتساعُ ما بين الفخذين أَو سَعَةٌ في الرجلين وهو دون
الفَحَج إِلاَّ أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قدميه وتَتَدانى عَقِباه وكل نعامة
رَوْحاء قال أَبو ذؤيب وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ كما زَفَّ
النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه كان أَرْوَحَ
كأَنه راكبٌ والناس يمشونَ الأَروَحُ الذي تتدانى عَقِباه ويتباعد صدرا قدميه ومنه
الحديث لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بن عبدِ يالِيلَ قد أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه
رَوْحَتَيْ رجليه والرَّوَحُ انقلابُ القَدَمِ على وَحْشِيِّها وقيل هو انبساط في
صدر القدم ورجل أَرْوَحٌ وقد رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً وهي رَوْحاءُ ابن الأَعرابي
في رجله رَوَحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ وهو أَشدّها قال الليث الأَرْوَحُ الذي في صدر
قدميه انبساط يقولون رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ رَوَحاً وقصعة رَوْحاءُ قريبة القَعْر
وإِناءٌ أَرْوَحُ وفي الحديث أَنه أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ أَي مُتَّسع مبطوح
واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ وفي الصحاح واسْتَرْوَحَ إِليه أَي استنام
والمُسْتَراحُ المَخْرَجُ والرَّيْحانُ نبت معروف وقول العجاج عالَيْتُ أَنْساعِي
وجَلْبَ الكُورِ على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ يريد بالرائِح الثورَ الوحشي وهو إِذا
مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه وذو الراحة سيف كان للمختار بن أَبي عُبَيْد وقال ابن
الأَعرابي قي قوله دَلَكَتْ بِراحِ قال معناه استُريح منها وقال في قوله مُعاوِيَ
من ذا تَجْعَلُونَ مَكانَنا إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ يقول إِذا أَظلم
النهار واسْتُريحَ من حرّها يعني الشمس لما غشيها من غَبَرة الحرب فكأَنها غاربة
كقوله تَبْدُو كَواكِبُه والشمسُ طالعةٌ لا النُّورُ نُورٌ ولا الإِظْلامُ
إِظْلامُ وقيل دَلَكَتْ براح أَي غَرَبَتْ والناظرُ إِليها قد تَوَقَّى شُعاعَها
براحته وبنو رَواحةَ بطنٌ ورِياحٌ حَيٌّ من يَرْبُوعٍ ورَوْحانُ موضع وقد سَمَّتْ
رَوْحاً ورَواحاً والرَّوْحاءُ موضع والنسب إِليه رَوْحانيٌّ على غير قياس الجوهري
ورَوْحاء ممدود بلد
معنى
في قاموس معاجم
قال الله عز وجل
في آية الصَّدَقات والعامِلِين عليها هم السُّعاة الذين يأْخذون الصَّدَقات من
أَربابها واحدهم عامِلٌ وساعٍ وفي الحديث ما ترَكْتُ بعد نَفقة عيالي ومَؤُونة
عامِلي صَدَقةٌ أَراد بعياله زَوْجاتِه وبعامِله الخَلِيفة بعده وإِنما خَصَّ
أَزواجَ
قال الله عز وجل
في آية الصَّدَقات والعامِلِين عليها هم السُّعاة الذين يأْخذون الصَّدَقات من
أَربابها واحدهم عامِلٌ وساعٍ وفي الحديث ما ترَكْتُ بعد نَفقة عيالي ومَؤُونة
عامِلي صَدَقةٌ أَراد بعياله زَوْجاتِه وبعامِله الخَلِيفة بعده وإِنما خَصَّ
أَزواجَه لأَنه لا يجوز نكاحُهُن فجَرَت لهنَّ النفقةُ فإِنهن كالمُعْتَدَّات
والعامِلُ هو الذي يتوَلَّى أُمور الرجل في ماله ومِلْكِه وعمَلِه ومنه قيل للذي
يَسْتَخْرج الزكاة عامِل والعَمَل المِهْنة والفِعْل والجمع أَعمال عَمِلَ عَمَلاً
وأَعْمَلَه غَيرهُ واسْتَعْمَله واعْتَمَل الرجلُ عَمِلَ بنفسه أَنشد سيبويه إِنَّ
الكَرِيمَ وأَبِيك يَعْتَمِل إِنْ لم يَجِدْ يوماً على مَنْ يتَّكِل فيَكْتَسِي
مِنْ بَعْدِها ويكتحِل أَراد مَنْ يَتَّكِلُ عليه فحذف عليه هذه وزاد عَلى
متقدِّمةً أَلا ترى أَنه يَعْتَمُِل إِنْ لم يَجِدْ من يَتَّكِل عليه ؟ وقيل
العَمَلُ لغيره والاعْتِمالُ لنفسه قال الأَزهري هذا كما يقال اخْتَدَم إِذا خَدَم
نَفْسَه واقْتَرَأَ إِذا قَرَأَ السلامَ على نفسه واسْتَعْمَلَ فلان غيرَه إِذا
سَأَله أَن يَعْمَل له واسْتَعْمَلَه طَلَب إِليه العَمَل واعْتَمَل اضطرب في
العَمَل واسْتُعْمِل فلان إِذا وَليَ عَمَلاً من أَعْمالِ السلطان وفي حديث خيبر
دَفَع إِليهم أَرْضَهُم على أَن يَعْتَمِلوها من أَموالهم الاعْتمال افتعال من
العَمَل أَي أَنهم يَقُومون بما يُحْتاج إِليه من عِمارة وزراعة وتَلقيح وحِرَاسة
ونحو ذلك وأَعْمَلَ فلان ذِهْنَه في كذا وكذا إِذا دَبَّره بفهمه وأَعْمَل رَأْيَه
وآلَتَه ولِسانَه واسْتَعْمَله عَمِل به قال الأَزهري عَمِلَ فلان العَمَلَ
يَعْمَلُه عَمَلاً فهو عامِلٌ قال ولم يجيء فَعِلْتُ أَفْعَلُ فَعَلاً متعدِّياً
إِلا في هذا الحرف وفي قولهم هَبِلَتْه أُمُّه هَبَلاً وإِلاَّ فسائر الكلام يجيء
على فَعْلٍ ساكن العين كقولك سَرِطْتُ اللُّقْمَة سَرْطاً وبَلِعْته بَلْعاً وما
أَشبهه ورجلٌ عَمُولٌ إِذا كان كَسُوباً ورجل عَمِلٌ ذو عَمَلٍ حكاه سيبويه وأَنشد
لساعدة بن جُؤَبَّة حَتى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ باتت طِراباً وبات
اللَّيْلَ لم يَنَمِ نَصَب سيبويه مَوْهِناً بعَمِل
( * قوله « نصب سيبويه موهناً بعمل » هي عبارة المحكم وفي المغني وردّ على سيبويه
في استدلاله على إِعمال فعيل بقوله حتى شآها كليل ) ودَفَعَه غيرُه من النحويين
فقال إِنما هو ظرف وهذا حَسَنٌ منه لأَنه إِنما يُحْمَل الشيء على إِعْمال فَعِلٍ
إِذا لم يوجد من إِعْماله بُدٌّ ورجل عَمُولٌ بمعنى رجل عَمِلٌ أَي مطبوع على
العَمَل وتَعَمَّل فلان لكذا والتعميل تولية العَمَل يقال عَمَّلْت فلاناً على
البصرة قال ابن الأَثير قد يكون عَمَّلْته بمعنى وَلَّيته وجعلته عامِلاً وأَما ما
أَنشده الفراء للبيد أَو مِسْحَل عَمِل عِضادَة سَمْحَجٍ بَسَراتِها نَدَبٌ له
وكُلوم فقال أَوقع عَمِل على عِضادَة سَمْحَج قال ولو كانت عامِل لكان أَبْيَنَ في
العربية قال الأَزهري العِضَادة في بيت لبيد جمع العَضُد وإِنما وَصَفَ عَيْراً
وأَتانه فجعل عَمِل بمعنى مُعْمِل
( * قوله « فجعل عمل بمعنى معمل إلخ » عبارة التهذيب في ترجمة عضد ويقال فلان عضد
فلان وعضادته ومعاضده إِذا كان يعاونه ويرافقه وقال لبيد أَو مسحل سنق عضادة إلخ
ثم قال في تفسيره يقول هو يعضدها يكون مرة عن يمينها ومرة عن يسارها لا يفارقها )
أَو عامِل ثم جعله عَمِلاً والله أَعلم واسْتَعْمَل فلان اللَّبِنَ إِذا ما بَنى
به بِناءً والعَمِلةُ العَمَلُ إِذا أَدخلوا الهاء كسروا الميم والعَمِلَة
والعِمْلة ما عُمِلَ والعِمْلة حالَةُ العَمَل ورَجُلٌ خبيثُ العِمْلة إِذا كان
خبيث الكسب وعِمْلةُ الرجل باطِنَته في الشرِّ خاصة وكلُّه من العَمَل وقالت
امرأَة من العرب ما كان لي عَمِلَةٌ إِلا فسادُكم أَي ما كان لي عَمَلٌ والعِمْلَة
والعُمْلَةُ والعَمالة والعُمالة والعمالة الأَخيرة عن اللحياني كله أَجْرُ ما
عُمِل ويقال عَمَّلْت القومَ عُمالَتَهم إِذا أَعطيتهم إياها وفي حديث عمر رضي
الله عنه قال لابن السَّعْدي خُذْ ما أُعْطِيتَ فإِنِّي عَمِلْتُ على عَهْد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فَعَمَّلَني أَي أَعطاني عُمالتي وأُجْرَةَ عَمَلي يقال
منه أَعْملته وعَمَّلْته قال الأَزهري العُمالة بالضم رِزْقُ العامِلِ الذي جُعِل
له على ما قُلِّد من العَمَل وعامَلْتُ الرجلَ أُعامِلُه مُعامَلةً والمُعامَلة في
كلام أَهل العراق هي المُساقاة في كلام الحِجازيين والعَمَلة القومُ يَعْمَلون
بأَيديهم ضروباً من العَمَل في طين أَو حَفْرٍ أَو غيره وعامَلَه سامَه بعَمَلٍ
والعامِلُ في العربية ما عَمِلَ عَمَلاً مَّا فرفَعَ أَو نَصَب أَو جَرَّ كالفِعْل
والناصب والجازم وكالأَسماء التي من شأْنها أَن تَعْمَلَ أَيضاً وكأَسْماء الفِعْل
وقد عَمِلَ الشيءُ في الشيء أَحْدَثَ فيه نوعاً من الإِعراب وعَمِلَ به
العِمِلِّين بالَغ في أَذاه وعَمِلَه به وحكى ابن الأَعرابي عَمِلَ به العِمْلِين
بكسر العين وسكون الميم وقال ثعلب إِنما هو العِمَلِين بكسر العين وفتح الميم
وتخفيفها ويقال لا تَتَعَمَّلْ في أَمْر كذا كقولك لا تَتَعَنَّ وقد تَعَمَّلْت لك
أَي تَعَنَّيْت من أَجلك قال مُزَاحم العُقَيلي تَكادُ مَغانِيها تَقُولُ من
البِلى لِسائِلها عن أَهْلِها لا تَعَمَّل أَي لا تَتَعَنَّ فليس لَكَ فَرَجٌ في
سؤالك وقال أَبو سعيد سَوْفَ أَتَعَمَّل في حاجتك أَي أَتَعَنَّى وقول الجعدي يصف
فرساً وتَرْقبُهُ بعامِلَةٍ قَذُوفٍ سَرِيعٍ طَرْفُها قَلِقٍ قَذَاها أَي تَرْقُبه
بعين بعيدة النَّظَر واليَعْمَلَة من الإِبل النَّجِيبة المُعْتَمَلة المطبوعة على
العَمَل ولا يقال ذلك إِلا للأُنثى هذا قول أَهل اللغة وقد حكى أَبو علي يَعْمَلٌ
ويَعْمَلة واليَعْمَلُ عند سيبويه اسم لأَنه لا يقال جَمَلٌ يَعْمَلُ عند سيبويه
اسم لأَنه لا يقال جَمَلٌ يَعْمَلٌ ولا ناقة يَعْمَلَةٌ إِنما يقال يَعْمَلٌ
ويَعْمَلة فيُعْلَم أَنه يُعْنى بهما البعير والناقة ولذلك قال لا نَعلَم
يَفْعَلاً جاء وصفاً وقال في باب ما لا ينصرف إِن سميته بيَعْمَلٍ جمع يَعْمَلة
فَحَجِّرْ بلفظ الجمع أَن يكون صفة للواحد المذكر وبعضهم يَرُدُّ هذا ويَجْعَلَ
اليَعْمَلَ وصفاً وقال كراع اليَعْمَلَة الناقة السريعة اشتق لها اسم من العَمَل
والجمع يَعْمَلات وأَنشد ابن بري للراجز يا زَيْدُ زَيْدَ اليَعْمَلاتِ الذُّبَّل
تَطاوَلَ اللَّيْلُ عليكَ فانْزِل قال وذكر النحاس في الطبقات أَن هذين البيتين
لعبد الله بن رَوَاحة وناقة عَمِلَةٌ بَيِّنة العَمالة فارهة مثل اليَعْمَلة وقد
عَمِلَتْ قال القَطامِيّ نِعْمَ الفَتى عَمِلَتْ إِليه مَطِيَّتي لا نَشْتَكي جَهْدَ
السِّفار كلانا وحَبْلٌ مُسْتَعْمَلٌ قد عُمِل به ومُهِن ويقال أَعْمَلْت الناقةَ
فَعَمِلَت وفي الحديث لا تُعْمَلُ المَطِيُّ إِلا إِلى ثلاثة مساجد أَي لا تُحَثُّ
ولا تُساق ومنه حديث الإِسْراء والبُراق فعَمِلَتْ بأُذُنَيْها أَي أَسرعت لأَنها
إِذا أَسْرَعَتْ حَرَّكت أُذُنيها لشدَّة السير وفي حديث لقمان يُعْمِل الناقةَ
والسَّاقَ أَخبر أَنه قَوِيٌّ على السير راكباً وماشياً فهو يجمع بين الأَمرين
وأَنه حاذِقٌ بالرُّكُوب والمَشْي وعَمِلَ البَرْقُ عَمَلاً فهو عَمِلٌ دامَ قال
ساعدة بن جُؤَيَّة وأَنشد حَتى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ وعُمِّلَ فلان على
القوم أُمِّرَ والعَوامِلُ الأَرجل قال الأَزهري عَوامِلُ الدابة قوائمه واحدتها
عامِلة والعَوامِل بَقَر الحَرْث والدِّياسة وفي حديث الزكاة ليس في العَوامِل شيء
العَوامِل من البقر جمع عاملة وهي التي يُسْتَقى عليها ويُحْرَث وتستعمل في
الأَشغال وهذا الحكم مطَّرد في الإِبل وعامِلُ الرُّمح وعامِلته صَدْرُه دون
السِّنان ويجمع عَوامِل وقيل عامِلُ الرُّمْح ما يَلي السِّنان وهو دون الثَّعْلب
وطريق مُعْمَلٌ أَي لحْبٌ مسلوك وحكى اللحياني لم أَرَ النَّفَقة تَعْمَل كما
تَعْمَل بمكة ولم يُفَسِّره إِلاَّ أَنه أَتبعه بقوله وكما تُنْفَق بمكة فعسى أَن
يكون الأَول في هذا المعنى وعَمَلٌ اسم رجل قالت امرأَة تُرَقِّص ولدها أَشْبِهْ
أَبا أُمِّك أَو أَشبِهْ عَمَل وارْقَ إِلى الخَيرات زَنْأً في الجَبَل قال ابن
بري قال أَبوه زيد الذي رَقَّصه هو أَبو وهو قيس بن عاصم واسم الولد حكيم واسم
أُمه منفوسة بنت زَيْد الخَيْل وأَما الذي قالته أُمه فيه فهو أَشْبِهْ أَخي أَو
أَشبِهَنْ أَباكا أَمَّا أَبي فَلَنْ تَنالَ ذاكا تَقْصُرُ أَن تَنالَهُ يَداكا
قال الأَزهري والمسافرون إِذا مَشَوْا على أَرجلهم يُسَمَّوْن بني العَمَل وأَنشد
الأَصمعي فذَكَرَ اللهَ وسَمَّى ونَزَل
( * قوله « ونزل » قال في التهذيب أي أقام بمنى )
بِمَنْزِل يَنْزِله بَنُو عَمَل لا ضَفَفٌ يَشْغَلُه ولا ثَقَل وبنو عامِلة وبنو
عُمَيْلة حَيَّان من العرب قال الأَزهري عاملة قبيلة إِليها يُنْسَب عَدِيُّ بن
الرِّقاع العامِليُّ وعامِلة حيٌّ من اليمن وهو عاملة بن سَبإٍ وتزعم نُسَّاب
مُضَر أَنهم من ولد قاسط قال الأَعشى أَعامِلَ حَتَّى مَتى تَذْهَبِين إِلى غَيْرِ
والدِكِ الأَكْرم ؟ ووالِدُكُم قاسِطٌ فارْجِعوا إِلى النسب الأَتْلَد الأَقْدَم
وعَمَلى موضع وفي الحديث سئل عن أَولاد المشركين فقال الله أَعلم بما كانوا عاملين
روى ابن الأَثير عن الخطابي قال ظاهر هذا الكلام يوهم أَنه لم يُفْتِ السائل عنهم
وأَنه رد الأَمر في ذلك إِلى علم الله عز وجل وإِنما معناه أَنهم مُلْحَقون في
الكفر بآبائهم لأَن الله تعالى قد علم أَنهم لو بَقُوا أَحياءً حتى يَكْبَروا
لعَمِلوا عَمَلَ الكفَّار ويدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها قلت فذراريّ
المشركين ؟ قال هم من آبائهم قلت بِلا عَملٍ قال الله أَعلم بما كانوا عاملين وقال
ابن المبارك فيه إِن كل مولود إِنما يُولَد على فِطرته التي وُلد عليها من السعادة
والشقاوة وعلى ما قُدِّر له من كفر وإِيمان فكلٌّ منهم عامِلٌ في الدنيا بالعمل
المشاكل لفِطْرته وصائر في العاقبة إِلى ما فُطِر عليه فمن علامات الشقاوة للطفل
أَن يُولَد بين مُشْرِكَين فيحْمِلانه على اعتقاد دينهما ويُعَلِّمانه إِياه أَو
يموت قبل أَن يَعْقِل ويَصِف الدين فيُحْكَم له بحُكم والديه إِذ هو في حكم
الشريعة تَبَعٌ لهما وهذا فيه نظر لأَنا رأَينا وعلمنا أَن ثَمَّ مَن ولد بين
مُشْركَين وحملاه على اعتقاد دينهما وعَلَّماه ثم جاءت له خاتمة من إِسلامه ودينه
تَعُدُّه من جملة المسلمين الصالحين وأَما الذي في حديث الشَّعْبي أَنه أُتي بشراب
مَعْمول فقيل هو الذي فيه اللَّبن والعَسل والثَّلج