" الرُّوحُ بالضّمّ " النّفْسُ . وفي التّهذيب : قال أَبو بكرٍ بنُ الأَنبارِيّ : الرُّوح والنَّفْسُ واحدٌ غير أَن الرُّوح مذكَّر والنَّفْس مُؤنَّثة عند العرب . وفي التنزيل : " وَيَسْأَلُونكَ عنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي " وتأْوِيل الرُّوح أَنه " ما بِه حَياةٌ الأَنْفُسِ " . والأَكثرُ على عدم التعرّض لها لأَنّها معروفَةٌ ضرورَةً . ومَنَعَ أَكثرُ الأُصوليّين الخَوْضَ فيها لأَن الله أَمْسَكَ عنها فنُمْسِك ؛ كما قاله السُّبْكيّ وغيرُه . وروَى الأَزهريّ بسَنَده عن ابن عبّاس في قوله : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ " إِنّ الرُّوح قد نزل القرآن بمنازلَ ولكن قُولوا كما قال الله تعالى : " قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً " وقال الفرَّاءُ : الرُّوحُ : هو الّذِي يعيش به الإِنسانُ لم يُخبِر اللهُ تعالى به أَحداً من خلْقه ولم يُعْط علْمَه العبادَ . قال : وسَمعت أَبا الهيثم يقول : الرُّوح إِنّما هو النَّفَس الّذي يَتنفَّسُه الإِنسانُ وهو جارٍ في جميع الجَسدِ فإِذا خَرجَ لم يتنفَّسْ بعْدَ خُروجه فإِذا تَمَّ خُرُوجُه بقِي بَصَرُه شاخِصاً نَحْوَه حتَّى يُغَمَّضَ وهو بالفارِسِيّة " جان " يُذكَّر " ويُؤَنَّث " . قال شيخنا : كلام الجوهريّ يدلّ على أَنّهما على حدٍّ سَوَاءٍ . وكلامُ المصنِّف يُوهِم أَن التَّذْكير أَكْثر . قلت : وهو كذلك . ونقل الأَزهريّ عن ابن الأَعرابيّ قال : يُقال : خَرَجَ رُوحُه والرُّوح مُذكَّر . وفي الرَّوْض للسُّهَيْليّ : إِنما أُنِّثَ لأَنّه في معنَى النَّفْس وهي لُغَة معروفَةٌ . يقال إِنّ ذا الرُّمّة أَمَرَ عند مَوْته أَن يُكْتَب على قبره :
يا نازعَ الرُّوحِ من جِسْمي إِذا قُبِضَتْ ... وفارجَ الكَرْبِ أَنْقِذْني منَ النَّارِ وكان ذلك مكتوباً على قَبْرِه ؛ قاله شيخُنَا . من المجاز في الحديث : " تَحَابُّوا بذِكْرِ اللهِ ورُوحِه " . أَراد ما يَحْيَا به الخلْقُ ويَهْتَدون فيكون حياة لهم وهو " القُرآن . و " قال الزَّجاج : جاءَ في التفسير أَن الرُّوح : " الوَحْيُ " ويُسمَّى القُرْآنُ رُوحاً . وقال ابن الأَعرابيّ : الرُّوحُ : القرآنُ والرَّوحُ : النَّفْسُ . قال أَبو العبّاس : وقوله عزّ وجلّ : " يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبادِهِ " و " يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ " قال أَبو العبّاس : هذا كله معناه الوحْي سُمِّيَ رُوحاً لأَنّه حياةٌ من موتِ الكُفْرِ فصار بحياتِه للناسِ كالرُّوح الّذي يَحْيَا به جَسَدُ الإِنسانِ . قال ابن الأَثير : وقد تكرّرَ ذِكْرُ الرُّوحِ في القرآن والحديث ووَرَدتْ فيه على مَعانٍ والغالِبُ منها أن المُراد بالرُّوح الّذي يقوم به الجسَدُ وتكون به الحياةُ وقد أُطْلِق على القُرْآن والوَحْيِ وعلى " جِبْرِيل " في قوله " الرُّوحُ الأَمِينُ " وهو المراد ب " رُوح القُدُس " . وهكذا رواه الأَزهريّ عن ثعلب . الرُّوح : " عِيسى عليهما السلامُ . و " الرُّوحُ : " النَّفْخُ " سُمِّيَ رُوحاً لأَنه رِيحٌ يَخْرُجُ من الرُّوح . ومنه قولُ ذي الرُّمَّة في نارٍ اقْتَدَحها وأَمَرَ صاحبَه بالنَّفْخ فيها فقال :
فقلتُ له ارْفَعْها إِليك وأَحْيِها ... برُوحِك واجْعَلْه لها قِيتةً قَدْرَاأَي أَحْيِهَا بنَفْخِك واجْعلْه لها أَي النَّفْخَ للنار . قيل : المراد بالوَحْي " أَمْر النُّبُوَّة " قاله الزجاج . وروى الأَزهريّ عن أَبي العباس أَحمد بن يحيَى أَنه قال قي قول الله تعالى : " وَكَذلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا " قال : هو ما نَزَلَ به جِبريلُ من الدّين فصار يَحْيَا به النَّاسُ أَي يعيش به النَّاسُ . قال : وكلُّ ما كان في القرآن " فَعَلْنا " فهو أَمْرُه بأَعْوَانِه أَمْر جبريل وميكائيلَ وملائكته ؛ وما كان " فَعلتُ " فهو ما تَفرَّد . جاءَ في التفسير أَن الرُّوح " حُكْم اللهِ تَعالَى وأَمْرُه " بأَعْوَانِه وملائِكتِه . وقوله تعالى : " يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والملاَئِكَةُ صَفَّاً " قال الزَّجّاج : الرُّوح : خَلْقٌ كالإِنس وليس هو بالإِنس . قال ابن عباس : هو " مَلَك " في السماءِ السابعةِ " وَجْهُه كوَجْه الإِنسان وجسَدُه كالملائِكَةِ " أَي على صُورتِهم . وقال أَبو العبّاس : الرُّوحُ : حفَظةٌ على الملائكة الحَفظةِ على بني آدمَ ويُرْوى أَن وُجوههم " مثل " وجوه الإِنس لا تَرَاهم الملائكةُ كما أَنَّا لا نَرَى الحَفَظةَ ولا الملائكة . وقال ابن الأَعرابيّ : الرُّوح : الفَرَجُ والرُّوح : القرآن والرُّوحُ : الأَمْرُ والرُّوحُ : النَّفْس . الرَّوْح " بالفتح : الرّاحةُ " والسُّرورُ والفَرحُ . واستعاره عليٌّ رضي الله عنه لليقِين فقال : " فباشِروا رَوْح اليقِين " . قال ابن سيده : وعندي أَنه أَراد الفَرَح والسُّرُور اللَّذَيْنِ يَحْدُثَانِ من اليقين . وفي التَّهذيب عن الأَصمعيّ : الرَّوْح : الاسْتِرَاحةُ من غَمِّ القلْبِ . وقال أَبو عمرٍو : الرَّوْحُ : الفَرحُ : قال شيخُنَا : قيل : أَصلُه النَّفْس ثم استُعِير للفرَح . قلت : وفيه تأَمُّلٌ . وفي تفسير قوله تعالى " فرَوْحٌ وريْحانٌ " معناه فاسْتِرَاحةٌ . قال الزّجَاج : قد يكون الرَّوْحُ بمعنَى " الرَّحْمة " . قال الله تعالى " " و " لا تَيْأَسُوا مِنْ روْحِ الله " أَي من رحمة الله سَمّاها روْحاً لأَن الرَّوْحَ والرَّاحة بها . قال الأَزهريّ : وكذلك قوله في عيسى : " ورُوحٌ مِنهُ " أَي رَحْمة منه تعالى . وفي الحديث : عن أَبي هُرَيرة : " الرِّيح من رَوْحِ اللهِ تأْتي بالرَّحْمَة وتأْتي بالعذاب . فإِذا رأَيتموهَا فلا تَسُبُّوها واسْأَلوا الله من خَيْرِها واسْتَعيذوا بالله من شرّها " . وقوله : من رَوْحِ الله أَي من رَحْمَة الله . والجمع أَرْوَاحٌ . الرَّوْح : بَرْدُ " نَسيم الرِّيحِ " . وقد جاءَ ذلك في حديث عائشةَ رضي الله عنها : " كان النّاسُ يَسكُنون العالِيَةَ فيحضُرون الجُمُعَةَ وبهم وَسَخٌ فإِذا أَصَابَهم الرَّوْحُ سَطَعَتْ أَرْواحُهم فيتأَذَّى به النّاسُ . فأُمروا بالغُسْل " . قالوا : الرَّوْح بالفتح : نَسيمُ الرِّيح كانوا إِذا مَرّ عليهم النَّسيم تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم وحَمَلها إِلى النّاس . الرَّوَحُ : " بالتَّحْرِيك : السَّعَةٌ " قال المُتَنخِّلُ الهُذليّ :
لكِنْ كَبيرُ بنُ عِنْدٍ يومَ ذلِكُم ... فُتْخُ الشَّمَائلِ في أَيْمانهمْ رَوَحُ وكبيرُ بنُ هِنْد : حَيٌّ من هُذَيْل . والفُتْخُ : جمع أَفتَخَ وهو اللَّيِّنُ مَفْصِلِ اليَدِ يريد أَنّ شمائلَهم تَنْفتِخُ لشدَّة النَّزْع . وكذلك قوله : " في أَيمانهم روَح " وهو السَّعَةُ لشدّة ضرْبِها بالسَّيف . الرَّوَح أَيضاً : اتِّسَاعُ ما بين الفَخِذيْنِ أَو " سعةٌ في الرِّجْلَين " وهو " دُونَ الفَحجِ " إِلا أَنّ الأَرْوح تَتَباعَدُ صُدُورُ قَدَميْه وتَتَدانَى عَقِباه . وكلُّ نَعَامةٍ رَوْحَاءُ وجَمْعه الرَّوحُ . قال أَبو ذُؤَيب :
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ كمَا ... زَفَّ النَّعَامُ إِلى حَفّانِهِ الرُّوحُفي الحديث : " " كان عُمرُ رضي الله عنه أَرْوَحَ " كأَنّه راكِبٌ والنّاسُ يمْشون " . وفي حديث آخَرَ : " لَكَأَنِّي أَنظُرُ إِلى كِنَانَةَ بن عَبْدِ يَالِيلَ قد أَقبل تَضْرِبُ دِرْعُه روْحَتَيْ رِجْلَيْه " . الرَّوَحُ : انقلابُ القضدَم على وَحْشِيِّها . وقيل : هو انْبِسَاطٌ في صَدْرِ القَدم . ورَجُل أَرْوَحُ وقد رَوِحتْ قَدَمُه رَوَحاً وهي رَوْحاءُ . وقال ابن الأَعْرَابيّ : في رِجْله رَوحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ وهو أَشَدُّها . وقال الليث : الأَرْوَح : الّذِي في صَدْرِ قَدميه انبساط يقولون : رَوِحَ الرَّجلُ يَرْوَحُ رَوَحاً . الرَّوَح : اسمُ " جمْع رائحٍ " مثل خادِم وخَدمٍ . يقال : رجلٌ رائِحٌ من قَوْم رَوَحٍ ورؤُوحٌ من قَوْمٍ رُوحٍ . الرَّوَحُ " من الطَّيْر : المُتَفرِّقةُ " قال الأَعشى :
ما تَعِيفُ اليَوْمَ في الطيرِ الرَّوَحْ ... من غُرابِ البيْنِ أَو تَيْس سَنَحْ" أَو " الرَّوَحُ في البيْتِ هذا هي " الرّائِحة إِلى أَوْكارِها " . وفي التّهذيب في هذا البيتِ : قيل : أَراد الرَّوَحة مثل الكَفَرة والفجَرة فطرَحَ الهاءَ . قال : والرَّوَحُ في هذا البيتِ المُتَفَرِّقةُ . " ومكان رَوْحانيٌّ : طَيِّبٌ " . " والرّوحانِيُّ بالضّمّ " والفتح كأَنّه نُسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح وهو نَسيم الرّوح والأَلف والنون من زيادات النّسب وهو من نادِرِ معْدولِ النَّسب . قال سيبويه : حكى أَبو عُبيْدةَ أَنّ العرب تقوله لكلّ " ما فيه النِّسْبة إِلى الملَك والجِنّ " . وزعم أَبو الخطَّاب أَنه سمع من العَرب من يقول في النِّسبة إِلى الملائكةِ والجِنّ : رُوحانِيّ بضمّ الرّاءِ و " ج رُوحَانِيُّون " بالضّم . وفي التهذيب : وأَما الرَّوحانيُّ من الخَلْقِ فإِن أَبا داوود المَصاحِفيّ روَى عن النَّضْر في كتاب الحروف المُفسَّرة من غريب الحديث أَنه قال : حدَّثنا عَوْفٌ الأَعرابيّ عن ورْدَانَ بنِ خالدٍ قال : بَلَغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّونَ ومنهم منْ خُلِقَ من النُّور . قال : ومن الرُّوحانِيّينَ جِبْريلُ وميكائيلُ وإِسْرَافيلُ عليهم السَّلامُ . قال ابنُ شُمَيْل : فالرُّوحانِيُّون أَرْوَاحٌ ليست لها أَجسامٌ هكذا يقال . قال : ولاَ يقال لشيْءٍ من الخَلْق رُوحانيّ إِلاّ للأَرْواحِ الّتي لا أَجسادَ لها مثل الملائكةِ والجِنّ وما أَشبهها ؛ وأَمّا ذواتُ الأَجسامِ فلا يُقال لهم : رُوحانِيّون . قال الأَزهريّ : وهذا القولُ في الرُّحانيِّين هو الصّحيح المعتمَد لا ما قاله ابنُ المُظَفَّر أَنّ الرُّوحانِيّ الّذِي نُفِخَ فيه الرُّوحُ . " والرِّيح م " وُهو الهَواءُ المُسخَّرُ بين السّماءِ والأَرض ؛ كما في المصباح وفي اللسان : الرِّيح : نَسيمُ الهواءِ وكذلك نَسيمُ كلِّ شيْءٍ وهي مؤنّثة . ومثله في شرح الفَصِيح للفِهْريّ . وفي التنْزِيل : " كَمَثَلِ رِيحِ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ " وهو عند سيبويه فِعْل وهو عند أَبي الحسن فِعْل وفُعْل . والرِّيحة : طائفة من الرِّيح ؛ عن سيبويه . وقد يجوز أَن يَدُلَّ الوَاحدُ على ما يَدُلُّ عليه الجمعُ . وحكَى بعضُهم رِيحٌ ورِيحةٌ . قال شيخنا : قالوا : إِنما سُمِّيَت رِيحاً لأَنّ الغالبَ عليها في هُبوبها المَجِيءُ بالرَّوْح والرّاحَة وانقطاعُ هُبوبِهَا يُكْسِب الكَرْبَ والغَمَّ والأَذَى فهي مأْخوذة من الرَّوْح ؛ حكاه ابنُ الأَنباريّ في كتابة الزاهر انتهَى . وفي الحديث : كان يقول إِذا هاجَتِ الرِّيحُ " اللّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحاً ولا تَجْعَلْهَا رِيحاً " . العرب تقول لا تَلْقَحُ السّحَابُ إِلاّ من رياحٍ مختلفة يريد اجْعَلْهَا لَقَاحاً للسَّحاب ولا تَجْعَلْهَا عَذاباً . ويُحَقِّق ذلك مَجيءُ الجَمْعِ في آياتِ الرَّحْمَة والوَاحد في قِصَص العَذابِ : كالرِّيح العَقيم و " رِيحاً صَرْصَراً " " ج أَرْواحٌ " . وفي الحديث : " هَبَّتْ أَرْوَاحُ النَّصْر " . وفي حديث ضِمضامٍ " إِني أُعالجُ من هذه الأَرواحِ " هي هنا كِناية عن الجِنّ سُمُّوا أَرْوَاحاً لكَوْنِهم لا يُرَوْن فهم بمنزلة الأَرواحِ . قد حُكِيَت : " أَرْياحٌ " وأَرايِيح وكلاهما شاذٌّ . وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عَقِيل جمعَه الرّياح على الأَرْياح قال : فقلت له فيه : إِنما هو أَرْواح . فقال : قد قال الله تبارك وتعالى " وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ " وإِنما الأَرْوَاحُ جمع رُوحٍ . قال فعلمتُ بذلك أَنه ليس ممن يُؤخذ عنه . وفي التهذيب : الرِّيح ياؤُها واوٌ صُيِّرت ياءً لانْكِسَار ما قبلها وتَصْغِيرُهَا رُوَيْحةٌ جمعها " رِياحٌ " وأَرْوَاح " وِريَحٌ كعِنَب " الأَخيرُ لم أَجِدْه في الأُمَّهات . وفي الصّحاح : الريحُ واحدةُ الرِّياح وقد تُجْمع على أَرْوَاحٍ لأَن أَصْلَها الواو وإِنما جاءَتْ بالياءِ لانكسار ما قبلها وإِذا رَجعوا إِلى الفتح عادت إِلى الواو كقولك أَرْوَحَ الماءُ . " جج " أَي جمْع الجمْعِ " أَراوِيحُ " بالواو وأَرايِيحُ " بالياءِ الأَخيرةُ شاذَّةٌ كما تقدم . قد تكون الرِّيح بمعنى " الغَلَبَة والقُوَّةِ " . قال تَأَبَّط شَرّاً وقيل : سُلَيكُ بنُ السُّلَكةِ :
أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهِمْ ... أَو تَعْدُوانِ فإِنّ الرِّيحَ للعَادِيومنه قوله تعالى : " وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " كذا في الصّحاح . قال ابن بَرِّيّ : وقيل : الشّهر لأَعْشَى فَهْمٍ . الرِّيح : " الرَّحْمَةُ " وقد تَقدّمَ الحديث : " الرِّيح من رَوْح الله " أَي من رَحْمَة الله . في الحديث : " هَبَّت أَرْوَاح النَّصْرِ " . الأَرواح : جمع رِيح . ويقال : الرِّيح لآلِ فلان أَي " النُّصْرةُ والدَّوْلَةُ " . وكان لفلانٍ رِيحٌ . وإِذا هَبَّت رِياحُك فاغْتَنِمْهَا . ورجل ساكنُ الرِّيح : وَقُورٌ وكلّ ذلك مجاز ؛ كما في الأَساس . الرِّيح : " الشَّيْءُ الطَّيِّبُ " . " والرَّائِحَة " : النَّسِيمُ طَيِّباً كان أَو نَتنِاً والرائِحَةُ : رِيحٌ طَيِّبةٌ تَجِدُهَا في النَّسِيم . تقول : لهذه البَقْلةِ رائحةٌ طَيِّبةٌ . ووجدتُ رِيحَ الشيْءِ ورائحته بمعنىً . " ويَوْمٌ رَاحٌ : شَديدُهَا " أَي الرِّيحِ يجوز أَن يكون فاعلاً ذَهَبتْ عَينُه وأَن يكون فَعْلاً . وليلة راحَةٌ . " وقد رَاحَ " يَومُنا " يَرَاحُ رِيحاً بالكسر " : إِذا شتَدَّتْ رِيحُه . وفي الحديث أَنّ رجلاً حضَره المَوتُ فقال لأَولاده " : أَحْرِقُوني ثم انْظُروا يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه " . يومٌ راحٌ أَي ذو ذو رِيحٍ كقولهم : رجلٌ مالٌ . " ويَومٌ رَيِّحٌ ككَيِّس " طَيِّبُها " . وكذلك يَومٌ رَوْحٌ ورَيُوحٌ كصَبور : طَيِّبُ الرِّيحِ . ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً وعَشِيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ كذلك . وقال اللّيث : يومٌ رَيِّحٌ ورَاحٌ : ذو رِيحٍ شَدِيدةٍ . قال : وهو كقولك كَبْشٌ صَافٌ والأَصل يومٌ رائِحٌ وكَبْشٌ صائِفٌ فقلبوا كما خَفَّفوا الحائِجة فقالوا : الحَاجة . ويقال : قالوا : صافٌ وراحٌ على صَوِفٍ ورَوِحٍ فلما خَفَّفُوا استأْنَسَت الفَتْحَة قبلها فصارَت أَلفاً . ويومٌ رَيِّحٌ : طَيِّبٌ . ولَيلة رَيِّحَةٌ . ويومٌ راحٌ : إِذا اشتدَّت رِيحُه . وقد راحَ وهو يَرُوح رُؤُوحاً وبَعضُهم : يَراحُ . فإِذا كان اليومُ رَيِّحاً طَيِّباً قيل : يومٌ رَيِّحٌ وليلة رَيِّحةٌ وقد راحَ وهو يَرُوح رَوْحاً . " ورَاحَتِ الرِّيحُ الشَّيْءَ تَرَاحُه : أَصابَتْه " . قال أَبو ذُؤَيب يصف ثَوْراً :
ويَعوذُ بالأَرْطَى إِذَا ما شَفَّهُ ... قَطْرٌ وراحَتْه بَلِيلٌ زَعْزَعُ راحَ " الشَّجَرُ : وَجَدَ الرِّيحَ " وأَحَسَّها ؛ حكاه أَبو حنيفةَ وأَنشد :
" تَعُوجُ إِذَا ما أَقبلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍكَمَا انْعَاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنَائِبَا وفي اللّسان : ورَاحَ رِيحَ الرَّوْضةِ يَراحُها وأَراحَ يُرِيح : إِذا وَجَدَ رِيحَها . وقال الهُذليّ :
وماءٍ وَرَدْتُ عَلَى زَوْرَةٍ ... كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا وفي الصّحاح : راحَ الشَّيْءَ يَراحُه ويَرِيحُه : إِذا وَجَد رِيحَه . وأَنشد البيت . قال ابن بَرّيّ : هو لصَخْرِ الغَيّ . والسَّبنْتَى : النَّمِرُ . والشَّفيف : لَذْعُ البرْدِ . " ورِيحَ الغَدِيرُ " وغيرُه على ما لم يُسَمَّ فاعلُه : " أَصابَتْه " فهو مَرُوحٌ . قال مَنْظورُ بن مَرْثَدٍ الأَسديّ يَصِفُ رَماداً :
" هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلَى ذي القُورْ ؟
" قد دَرَسَتْ غيرَ رمادٍ مَكْفورْ
" مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطورْ ومَرِيح أَيضاً مثل مَشوب ومَشِيبٍ بُنِيَ على شِيبَ . غُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ : أَصابَتْه الرِّيحُ . وقال يَصف الدَّمعَ :
" كأَنَّه غُصْنٌ مَريحٌ مَمْطُورْوكذلك مكانٌ مَرُوحٌ ومَرِيحٌ وشَجرةٌ مَرُوحَةٌ ومِريحة : صَفَقَتْها الرِّيحُ فأَلْقَت وَرَقَها . وراحَت الرِّيحُ الشَّيْءَ : أَصابَتْه . ويقال : رِيحَتْ الشَّجرةُ فهي مَرْوحَةٌ . وشَجرةٌ مَرُوحةُ : إِذا هَبَّت بها الرِّيحُ . مَرْوحة كانت في الأَصلِ مَرْيُوحة . رِيحَ " القَوْمُ : دَخَلوا فيها " أَي الرِّيحِ " كأَراحوا " رُباعيّاً " أَو " أَراحوا : دَخلوا في الرِّيح ورِيحُوا : " أَصابَتْهم فَجَاحَتْهم " أَي أَهلكَتهم . " والرَّيْحَان " قد اختلفوا في وَزْنِه وأَصْله وهل ياؤُه أَصليّة : فموضعه مادَّتُها كما هو ظاهرُ اللفظ أَو مُبْدَلَة عن واوٍ فيحتاج إِلى مُوجِبِ إِبدالها ياءً هل هو التَّخْفيف شُذوذاً أَو أَصله رَوْيَحان فأُبدلت الواوُ ياءً ثم أُدغِمَت كما في تَصْريف سَيِّد ثم خُفِّف فوزْنُه فَعْلان أَو غير ذلك ؛ قاله شيخُنَا وبعضه في المصباح . وهو " نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ " من أَنواعِ المَشْمومِ واحدته رَيْحَانَةٌ . قال :
برَيْحَانةٍ مِنْ بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ ... لها أَرَجٌ ما حَوْلَها غَيْرُ مُسْنِت والجمْع رَيَاحِينُ . " أَو " الرَّيْحَان : " كُلُّ نَبْتٍ كذلِك " قاله الأَزهريّ " أَو أَطْرَافُه " أَي أَطْرَافُ كلِّ بَقْلٍ طَيِّبِ الرِّيحِ إِذا خَرَجَ عليه أَوَائلُ النَّوْرِ " أَو " الرَّيْحَانُ في قوله تعالى : " وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَان " قال الفرَّاءُ : العَصْف : ساقُ الزَّرْعِ . والرَّيْحَانُ : " وَرَقُه . و " من المجاز : الرَّيْحَانُ : " الوَلَد " . وفي الحديث : " الوَلَد مِن رَيْحَان اللهِ " وفي الحديث : " إِنكم لَتُبَخِّلون وتُجَهِّلون وتُجَبِّنون وإِنكم لمن رَيْحَانِ الله " يعني الأَولاَد . وفي آخَرَ : قال لعليٍّ رضي الله عنه : " أُوصِيك برَيْحانَتَيَّ خَيْراً قبلَ أَنْ يَنْهدّ رُكْنَاك " . فلما مات رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلّم قال : هذا أَحدُ الرُّكْنَينِ . فلما ماتت فاطمةُ قال : هذا الرُّكْنُ الآخَرُ . وأَرادَ برَيْحَانَتَيْه الحَسَن والحُسَيْنَ رضي الله عنهما . من المجاز : الرَّيْحانُ : " الرِّزْق " . تقول : خَرَجْتُ أَبْتَغِي رَيْحَانَ اللهِ أَي رِزْقَه . قال النَّمِر بن تَوْلَب :
سَلامُ الإِلهِ ورَيْحَانُهُ ... ورَحْمَتُه وسَمَاءٌ دِرَرْ أَي رِزْقه ؛ قاله أَبو عُبَيْدةَ . ونقل شيخُنَا عن بعضهم أَنه لغة حِمْيَر . " ومحمد بن عبد الوَهّاب " أَبو منصور روَى عن حمزَة بنِ أَحمد الكَلاَباذِيّ وعنه أَبو ذّرٍّ الأَديب ؛ " وعبد المُحْسِن بن أَحمدَ الغَزّال " شِهاب الدِّين عن إِبراهِيمَ بنِ عبد الرحمن القَطِيعِيّ وعنه أَبو العَلاءِ الفَرْضِيّ ؛ " وعليّ بنُ عُبَيْدَة المتكلِّم المصنِّف " له تًصانيفُ عجيبة ؛ " وإِسْحَاقُ بن إِبراهِيم " عن عبّاسٍ الدُّورِيّ وأَحمدَ بن القَرّابِ ؛ " وزِكريّاءُ ابنُ عليّ " عن عاصمِ بن عليّ ؛ " وعليُّ ابن عبد السّلام " بن المبارك عن الحُسَيْنِ الطّبرِيّ شَيْخِ الحَرَم " الرَّيْحَانِيُّون مُحَدِّثون " . تقول العرب : " سُبحانَ اللهِ وريْحَانَه " . قال أَهل اللُّغَةك " أَي اسْتِرْزاقَه " . وهو عند سيبويهِ من الأَسماءِ الموضوعةِ مَوْضِعَ المَصادر . وفي الصّحاح : نَصَبوهما على المصدرِ يُرِيدُون تَنْزِيَهاً له واسْتِرْزاقاً . " والرَّيْحَانة : الحَنْوَةُ " اسمٌ كالعَلَم . الرَّيْحانَة : " طاقَةٌ " واحدةٌ من " الرَّيْحَانِ " وجمعه رَياحِينُ . " والرَّاحُ : الخَمْرُ " اسمٌ له " كالرَّيَاحِ بالفتح " . وفي شرح الكَعبيّة لابنِ هِشَامٍ : قال أَبو عَمْرٍو : سُمِّيَت راحاً ورَيَاحاً لارْتِيَاحِ شارِبِها إِلى الكَرَمِ . وأَنشد ابنُ هِشَامٍ عن الفرَّاءِ :
كأَنَّ مَكَاكِيَّ الجِوَاءِ غُدَيَّةً ... نَشاوَى تَسَاقَوْا بالرَّيَاحِ المُفَلْفَلِقلت : وقال بعضُهم : لأَنّ صاحبها يَرْتاح إِذا شَرِبها . قال شيخنا : وهذا الشاهدُ رواه الجوهريّ تامّاً غير مَعْزُوٍّ ولا منقولٍ عن الفرَّاءِ . قلت : قال ابن بَرِّيّ : هو لامرِئ القَيْس وقيل : لتأَبَّطَ شَرَّاً وقيل : للسُّلَيكِ . ثم قال شيخنا : يَبقَى النَّظرُ في موجِب إِبدالِ واوِهَا ياءً . فكان القياس الرَّواحُ بالواوِ كصَوابٍ . قلت : وفي اللَسان : وكلُّ خَمْرٍ راحٌ ورَيَاحٌ وبذلك عُلِمَ أَن أَلفَها مُنقلبة عن ياءٍ . الرَّاحُ : " الارْتِيَاحُ " . قال الجُمَيح بن الطَّمّاح الأَسديّ :
ولَقِيتُ ما لَقِيتْ مَعدٌّ كُلُّها ... وفَقدتُ رَاحِي في الشَّبابِ وخالِي أَي ارْتياحِي واخْتِيالي . وقد رَاحَ الإِنْسَانُ إِلى الشَّيْءِ يَراحُ : إِذا نَشِطَ وسُرَّ به وكذلك ارْتَاح . وأَنشد :
وزَعَمْتَ أَنّك لا تَرَاحُ إِلى النِّسَا ... وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحِ المُتَرَدِّدِ الرَّاحُ : هي " الأَكُفّ " . ويقال : بل الرَّاحَة : بَطْنُ الكَفِّ والكَفُّ : الرّاحةُ معَ الأَصابع ؛ قاله شيخنا " كالرّاحات . و " عن ابن شُميل : الرَّاحُ من " الأَراضِي المُسْتَوِيَةُ " الّتي " فيها ظُهورٌ واسْتِواءٌ تُنْبِت كثيراً " جَلْدَةٌ وفي أَماكنَ منها سُهولٌ وجَراثيمُ وليسَتْ من السَّيْلِ في شَيْءٍ ولا الوادِي . " واحِدَتُهما رَاحةٌ " . " وَرَاحَةُ الكَلْبِ : نَبْتٌ " على التَّشبيه . " وذو الرَّاحَةِ : سَيْفُ المُخْتَارِ بنِ أَبي عُبيدٍ " الثّقفيّ . " والرَّاحَةُ : العِرْسُ " لأَنها يُسْتَرَاح إِليها . الرّاحَةُ من البيت : " السّاحَةُ وطَيُّ الثَّوْب " وفي الحديث عن جَعفرٍ : " نَاوَلَ رَجُلاً ثَوْباً جديداً فقال : اطْوِهِ على رَاحَتِه " أَي طَيِّه الأَوّلِ . الرَّاحَةُ : " ع قُرْبَ حَرَضَ " وفي نسخة : و : ع باليمن وسيأْتي حَرَضُ . الرَّاحة : " ع ببلادِ خُزَاعَةَ له يومٌ " معروفٌ . " وأَراحَ اللهُ العَبْدَ : أَدْخَلَه في الرَّاحَةِ ضِدّ التَّعب أَو في الرَّوْحِ وهو الرَّحمة أَراح " فلانٌ على فلانٍ : حَقَّه : رَدَّده عليه " . وفي نسخةٍ : ردّه . قال الشاعر :
إِلاَّ تُرِيحي عليْنا الحقَّ طائعةً ... دونَ القُضاةِ فقاضِينا إِلى حكَمِ وأَرِحْ عليه حَقَّه أَي رُدَّه . وفي حديث الزُّبَيْر : " لولا حُدودٌ فُرِضَتْ وفَرائضُ حُدَّتْ تُرَاحُ على أَهْلِها " أَي تُرَدّ إِليهم والأَهلُ هم الأَئمَّة ؛ ويجوز بالعكس وهو أَنّ الأَئمَّةَ يَرُدُّونها إِلى أَهلِها من الرَّعِيّة . ومنه حديث عائشةَ " حتَّى أَراحَ الحَقَّ إِلى أَهْلِه " " كأَرْوَح . و " أَراحَ " الإِبلَ " وكذا الغنَمَ : " رَدَّها إِلى المُراحِ " وقد أَراحَها راعِيها يُريحُهَا وفي لغة : هَراحَها يُهْرِحُها . وفي حديث عُثْمَانَ رضي الله عنه : " رَوَّحْتها بالعَشِيّ " أَي رَدَدْتها إِلى المُرَاح . وسَرَحتِ الماشيةُ بالغَداة وراحَتْ بالعَشِيّ أَي رَجَعتْ . وفي المحكم : والإِراحةُ : رَدُّ الإِبلِ والغنَم من العَشِيِّ إِلى مُرَاحِها . والمُرَاحُ : " بالضم " : المُنَاخُ " أَي المأَوَى " حيث تَأْوِي إِليه الإِبلُ والغَنَمُ باللَّيْل . وقال الفَيُّوميّ في المصباح عند ذِكْرِه المُرَاح بالضّم : وفتحُ الميمِ بهذا المعنى خطأٌ لأَن اسمُ مَكَانٍ واسمُ المكانِ والزَّمانِ والمَصْدَرُ من أَفْعَل بالأَلف مُفْعَل بضمّ الميم على صيغة . المفعول . وأَمّا المَرَاحُ بالفتح : فاسمُ المَوْضِع من راحَتْ بغير أَلفٍ واسمُ المكانِ من الثُّلاثيِّ بالفتح . انتهَى . وأَراحَ الرجلُ إِراحةً وإِراحاً إِذا راحَتْ عليه إِبلُه وغَنمُه ومالُه ولا يكون ذلك إِلاّ بعدَ الزَّوالِ . وقول أَبي ذُؤَيب :
كأَنَّ مَصاعِبَ زُبَّ الرُّؤُّ ... س في دارِ صِرْمٍ تَلاقَى مُرِيحَايمكن أَن يكون أَراحَتْ لغة في راحَتْ ويكون فاعلاً في معنَى مَفْعُول . ويُروَى : " تُلاقِي مُرِيحاً " أَي الرّجلَ الذي يُرِيحها . أَراحَ " الماءُ واللَّحْمُ : أَنْتَنَا " كأَرْوَحَ . يقال أَرْوَحَ اللَّحْمُ إِذا تَغبَّرَتْ رائحتُه وكذلك الماءُ . وقال اللِّحْيَانيّ وغيرُه : أَخَذَتْ فيه الرِّيحُ وتَغَّيرَ . وفي حديث قَتَادَةَ : " سُئلَ عن الماءِ الّذي قد أَرْوَحَ : أَيُتُوضَّأُ به قال : لا بَأْسَ " أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ إِذا تَغيَّرتْ رِيحُه ؛ كذا في اللسان والغَرِيبَيْن . أَراحَ " فُلانٌ : ماتَ " كأَنَّه اسْتَرَاحَ . وعبارةُ الأَساس : وتقول : أَراحَ فأَراحَ " أَي مات " فاسْتُرِيحَ منه . قال العجَّاج :
" أَراحَ بعدَ الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ وفي حديث الأَسْوَد بن يَزيدَ " إِن الجَمَلَ الأَحمرَ لَيُرِيحُ فيه من الحَرّ " الإِراحَةُ هنا : المَوْتُ والهَلاكُ . ويُرْوَى بالنون وقد تقدّم . أَراح : " تَنَفَّسَ " . قال امرؤُ القيس يَصف فَرساً بسَعَة المَنْخَرَيْن :
لها مَنْخَرٌ كَوِجَارِ السِّبَاعِ ... فَمِنْه تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ أَراحَ الرَّجُلُ : استراحَ و " رَجَعتْ إِليه نَفْسُه بعدَ الإِعياءِ " . ومنه حديثُ أُمِّ أَيْمَنَ " أَنها عَطشَتْ مهاجِرةً في يومٍ شديدِ الحرِّ فدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ من السَّماءِ فشَرِبتْ حتَّى أَراحَتْ " وقال اللِّحْيانيّ : وكذلك أَراحَت الدّابَّةُ . وأَنشد :
" تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحفوز وأَراحَ الرجُلُ : " صارَ ذا رَاحةٍ . و " أَراحَ : " دَخَلَ في الرِّيحِ " . ومثله رِيحَ مَبنيّاً للمفعول وقد تقدَّم . أَراحَ " الشَّيْءَ " وَراحَه يَرَاحُه ويَرِيحُه : إِذا " وَجَدَ رِيحَه " . وأَنشد الجوهريّ بيت الهُذَليّ :
" وماءٍ وَرَدْتُ على زَوْرةٍإِلخ وقد تقدّمَ . وعبارة الأَساس : وأَرْوَحْت منه طِيباً : وَجدتُ رِيحَه . قلت : وهو قول أَبي زيدٍ . ومثله : أَنْشَيْت منه نَشْوَة ورِحْتُ رائحةً طَيِّبَةً أَو خَبيثَةً أَرَاحُها وأَرِيحُها . وأَرَحْتها وأَرْوَحْتُهَا : وَجَدْتها . أَراحَ " الصّيْدُ " : إِذا " وَجَدَ رِيحَ الإِنْسِيِّ كأَرْوَحَ " في كلّ مما تقدَّم . وفي التّهذيب : وأَرْوَحَ الصَّيْدُ واسْتَرْوَحَ واسْتَرَاحَ : إِذا وَجَدَ رِيحَ الإِنسانِ . قال أَبو زيد : أَرْوَحَنِي الصَّيْدُ والضَّبُّ إِرْوَاحاً وأَنْشَأَنِي إنْشَاءً إِذا وَجَدَ رِيحَك ونَشْوَتَك . " وتَروَّحَ " النَّبْتُ " والشَّجرُ : " طالَ " . وفي الرَّوْض الأُنُف : تَروَّحَ الغُصْنُ : نَبَتَ وَرَقُه بعد سُقوطِه . وفي اللّسَان : تَرَوُّحُ الشَّجَرِ : خُروجُ وَرَقِه إِذا أَوْرَقَ النَّبْتُ في استقبالِ الشتاءِ . تَروَّحَ " الماءُ " إِذا " أَخَذَ رِيحَ غَيْرِه لقُرْبِه " منه . ومثله في الصّحاح . ففي أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحَ نَوْعٌ من الفرق . وتَعَقَّبَه الفيّوميّ في المصباح وأَقرّه شيخنا وهو محلُّ تأَمُّلٍ . " وتَرْوِيحَةُ شَهْرِ رَمَضَانَ " : مَرَّةٌ واحدةٌ من الرَّحَة تَفْعيلةٌ منها مثل تَسليمة من السَّلام . وفي المصباح : أَرِحْنا بالصَّلاة : أي أَقِمْها فيكون فِعْلُهَا راحةً لأَنّ انتظارها مَشقَّة على " النفس " وصلاَةُ التَّرَاوِيح مُشتقَّةٌ من ذلك " سَمِّيَتْ بها لاسْتِرَاحةِ " القَوْمِ " بعدَ كلِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ " أَو لأَنهم كانوا يَسترِيحون بين كلّ تَسليمتينِ . " واسْتَرْوَحَ " الرَّجلُ : " وَجَدَ الرّاحَةَ " . والرَّوَاحُ والرَّاحَةُ : من الاستراحةِ . وقد أَراحَني ورَوَّح عني فاسْترَحْتُ . وأَرْوَحَ السَّبُعُ الرِّيحَ وأَرَاحَها " كاسْتَراحَ " واسْتَرْوَحَ : وَجَدَها . قال اللِّحْيَانيّ : وقال بعضُهم : رَاحَها بغير أَلف وهي قليلة . واسْتَرْوحَ الفَحْلُ واسْتَرَاحَ : وَجَدَ رِيحَ الأُنثَى . أَرْوَحَ الصَّيْدُ واسْتَرْوَحَ واستراحَ وأَنشأَ : " تَشَمَّمَ و " استرْوَحَ كما في الصّحاح وفي غيره من الأُمهات : استراحَ " إِليه : اسْتَنامَ " ونقلَ شيخُنَا عن بعضهم : ويُعدَّى بإِلى لتَضمُّنه معنَى يَطمِئنّ ويَسْكُن واستعمالُه صحيحاً شذُوذٌ . انتهَى . والمُسْتراحُ : المَخْرجُ . " والارْتِيَاح : النَّشَاطُ " . وارتاحَ للأَمرِ : كرَاحَ . الارتياحُ : " الرَّحْمَةُ " والرَّاحةُ . " وارْتاحَ اللهُ له برحْمَته : أَنْقَذَه من البَلِيَّة " . والّذي في التّهذيب : ونَزَلَتْ به بَلِيَّةٌ فارْتَاحَ اللهُ له برحمتِه فأَنْقَذه منها . قال رُؤْبة :
" فارتاحَ رَبِّي وأَرَاد رَحْمَتِي
" ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ أراد : فارتاحَ : نَظَرَ إِليّ ورَحِمَني . قال : وقولُ رُؤبةَ في فِعْلِ الخَالِق قالَه بأَعْرَابِيّتِه . قال : ونحن نَسْتَوْحِشُ مِن مثل هذا اللَّفْظِ لأَنّ الله تعالى إِنما يُوصَف بما وَصَف به نَفْسَه ولولاَ أَنّ الله تعالى هَدانا بفضله لتَمْجِيده وحَمْدِه بصفاته الّتي أَنْزَلها في كِتَابه ما كنّا لنهتديَ لها أَو نَجْتَرِئَ عليها . قال ابن سيده : فأَمّا الفارِسيّ فجعلَ هذا البيتَ من جَفَاءِ الأَعْرَاب . " والمُرْتَاح " بالضّمّ : " الخَامِسُ من خَيْلِ الحَلْبَةِ " والسِّبَاقِ وهي عَشَرةٌ وقد تقدَّمَ بعضُ ذكرِهَا . المُرْتاح : " فَرَسُ قيسِ الجُيُوشِ الجَدَلِيّ " إِلى جَدِيلَةَ بنتِ سُبَيعٍ من حِمْيَر نُسِب وَلَدُهَا إِليها . " والمُرَاوَحَة بين العَمَلينِ : أِن يَعْمَلَ هذا مَرَّةً وهذَا مَرَّةً " . وهما يَتَراوَحَانِ عَمَلاً أَي يَتَعَاقَبانه . ويَرْتَوِحَان مِثْلُه . قال لَبيد :
وولَّى عامِداً لِطِيَاتِ فَلْجٍ ... يُرَاوِحُ بين صَوْنٍ وابْتِذَالِيعني يَبْتَذِل عَدْوَه مَرَّةً ويصون أُخْرَى أَي يَكُفّ بعد اجتهادٍ . المُراوَحَةُ " بين الرَّجْلينِ أَن يَقوم على كلِّ " واحدةٍ منهما " مَرَّةً " . وفي الحديث : أَنّه كان يُرَاوِحُ بين قَدمَيْه من طُولِ القِيَامِ أَي يَعتمد على إِحداهُمَا مرّةً وعلى الأُخرى مرَّةً ليوصِلَ الرَّاحةَ إِلى كلِّ منهما . ومنه حديثُ ابنِ مسعودٍ أَنه أَبصرَ رجلاً صَافّاً قَدَمَيْه فقال : " لو رَاوَحَ كانَ أَفْضَلَ " . المُرَاوَحَة " بين جَنْبَيْه : أَن يَتَقَلَّب من جَنْب إِلى جَنْب " . أَنشد يعقوب :
" إِذا أَجْلَخَدَّ لم يَكَدْ يُرَاوِحُ
" هِلْبَاجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ من المجاز عن الأَصمعيّ : يقال " رَاحَ للمَعْروفِ يَرَاحُ رَاحةً : أَخَذَتْه له خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّة " وهي الهَشَّةُ . قال الفارِسيّ : ياءُ أَرْيَحِيَّة بَدَلٌ من الواوِ . وفي اللسان : يقال : رِحْتُ للمعروف أَراحَ رَيْحاً وارْتَحْتُ ارْتياحاً : إِذا مِلْتُ إِليه وأَحببْته . ومنه قولهم : أَرْيَحِيٌّ : إِذا كان سِخِيّاً يَرتاحُ للنَّدَى . من المجاز : راحتْ " يَدُه لكذا : خَفَّت " . وراحت يده بالسَّيْف أَي خَفَّتْ إِلى الصَّرْب به . قال أُمَيَّةُ بنُ أَبي عائِذٍ الهُذَليّ :
تَرَاحُ يَدَاهُ بِمَحْشورةٍ ... خَوَاظِي القِداحِ عِجَافِ النِّصالِ أَراد بالمحشورة نَبْلاً للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسْرَعُ لها في الرَّمْيِ عن القَوْس . " ومنه " أَي من الرَّواح بمعنَى الخِفَّةِ " قولُه صلّى الله " تعالى " عليه وسلّم " : " مَنْ راحَ إِلى الجمعة في السّاعةِ الأُولَى فكَأَنّما قَدَّمَ بَدَنَةً " وَمَنْ راحَ في الساعةِ الثانيةِ " الحديث " أَي إِلى آخرِه " لم يُرِد رَوَاحَ " آخِرِ " النَّهَارِ بل المُرَاد خَفَّ إِليها " ومَضَى . يقال : رَاحَ القَوْمُ وتَرَوَّحوا إِذا سارُوا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ . وقيل : أَصْلُ الرَّوَاحِ أَن يكون بعد الزَّوال . فلا تكون الساعاتُ الّتي عَدَّدَهَا في الحديث إِلاّ في ساعَةٍ واحدةٍ من يوم الجُمُعَةِ وهي بعد الزَّواَل كقولك : قَعَدْتُ عندَك ساعةً إِنما تُريد جزْءاً من الزَّمَان وإِن لم يكن ساعَةً حقيقة الّتي هي جزءٌ من أَربعةٍ وعشرين جُزْءاً مجموع اللَّيْلِ والنَّهَار . راح " الفَرَسُ " يَراحُ راحَةً : إِذا تَحَصَّنَ أَي " صار حِصَاناً أَي فَحْلاً " . من المجاز : راح " الشَّجَرُ " يَراحُ إِذا " تَفطَّرَ بالوَرَق " قبل الشِّتَاءِ من غير مَطَرٍ . وقال الأَصمعيّ : وذلك حين يَبْرُد باللَّيلُ فيتَفطَّر بالوَرَقِ من غير مَطرٍ . وقيل : رَوَّحَ الشَّجرُ إِذَا تَفطَّرَ بوَرَقٍ بعد إِدْبَارِ الصَّيْفِ . قال الرَّاعِي :
وخالَفَ المجْدَ أَقوامٌ لهم وَرَقٌ ... رَاحَ العِضاهُ به والعِرْقُ مَدْخُولُ ورواه أَبو عَمْرٍو : وخادَعَ الحَمْدَ أَقْوَامٌ أَي تَرَكوا الحَمْدَ أَي لَيْسُوا من أَهلِه . وهذه هي الرِّوَايَة الصّحيحةُ . راح " الشَّيْءَ يَرَاحُه ويَرِيحُه " : إِذا " وَجَدَ رِيحَه كأَراحَه وأَرْوَحَه . وفي الحديث : " من أَعانَ على مُؤْمِن أَو قَتَلَ مُؤْمناً لم يُرِحْ رائحةَ الجَنّة " من أَرَحْت " ولم يَرِحْ رائحة الجنة " من رِحْت أَراحُ . قال أَبو عمرٍو : هو من رِحْتُ الشَّيْءَ أَريحُه : إِذا وجَدْت رِيحَه . وقال الكسائيّ : إِنما هو لم يُرِح رائحةَ الجنّةِ من أَرَحْتُ الشَّيْءَ فأَنا أُرِيحه إِذا وَجَدْت رِيحَه ؛ والمعنى واحدٌ . وقال رِحْتُ أَو أَرَحْت . راحَ " منك مَعْرُوفاً : نالَه كأَراحَه " . " والمَرْوَحَة كمَرَحَمة : المَفازَة و " هي " المَوْضِع " الذي " تَخْتَرِقه الرِّياحُ " وتَتعاوَرُه . قال :
كأَنَّ راكِبَها غُصْنٌ بمَرْوَحَةٍ ... إِذا تَدَلّتْ به أَو شارِبٌ ثَمِلُوالجمع المَراوِيح . قال ابن بَرّيّ : البيت لعُمَرَ بن الخطَّاب رضي الله عنه . وقيل : إِنه تَمثَّل به وهو لغيره قاله وقد ركب راحِلتَه في بعضِ المَفَاوِزِ فأَسرعَتْ يقول : كأَنّ راكبَ هذه النَّاقَةِ لسُرْعتِهَا غُصْنٌ بمَوْضعٍ تَخْتَرِق فيه الرِّيحُ كالغُصْنِ لا يَزَالُ يَتمَايَلُ يميناً وشِمالاً فشَبَّهَ راكبَها بغُصْنٍ هذه حالُه أَو شاربٍ ثَمِلٍ يَتمايلُ من شِدَّةِ سُكْرِه . قلْت : وقد وَجدْت في هامش الصّحاح لابن القَطّاع قال : وجدْت أَبا محمدٍ الأَسودَ الغَنجانيّ قد ذَكَر أَنه لم يُعْرَف قائلُ هذا البيتِ . قال : وقرأْت في شعر عبد الرَّحمنِ بن حَسّان قصيدةً ميميّة :
كأَنَّ راكِبهَا غُصْنٌ بمرْوحَةٍ ... لدْنُ المجسَّةِ لَيْنُ العُودِ من سَلَمِ لا أَدري أَهو ذاك فغُيِّر أَم لا . وفي الغَرِيبينِ للهروِيّ أَنّ ابن عُمر رَكِبَ ناقةً فارِهةً فمَشَتْ به مشْياً جيّداً فقال : كأَنّ صاحِبها . إِلخ . وذكر أَبو زكرِيّا في تهذيب الإِصلاح أَنه بيتٌ قَديمٌ تَمثَّلَ به عُمرُ بن الخَطّابِ رضي الله عنه . المْرْوَحة بكسر الميم " كمِكْنَسة و " قال اللِّحْيَانيّ : هي المِرْوَحُ مثل " مِنْبَرٍ " : وإِنما كُسِرت لأَنها " آلة يُتروَّحُ بها " . والجمع المَرَاوِحُ . ورَوَّحَ عليه بها . وتَروَّحَ بنفْسِه . وقطع بالمرْوَحَة مَهَبّ الرِّيح . وفي الحديث : " فقد رأَيتَهم يَتَرَوَّحُونَ في الضُّحى " أَي احتاجُوا إِلى التَّرْوِيح من الحَرّ بالمِرْوَحَة أَو يكون من الرَّوَاح : العَوْدِ إِلى بُيُوتِهم أَو من طَلبِ الرَّاحَة . " والرائحة : النَّسيمُ طَيِّباً " كان " أَو نَتْناً " بكسر المثناة الفوقيَّة وسُكُونها . وفي اللّسَان : الرّائحة : رِيحٌ طَيِّبةٌ تَجِدُهَا في النَّسيم تقول : لهذه البَقْلَةِ رائحةٌ طَيِّبةٌ . ووجَدْتُ ريحَ الشيْءِ ورائحته بمعنىً . " والرَّوَاحُ والرَّواحَةُ والرّاحَة والمُرَايحة " بالضَّمّ " والرَّوِيحَة كسَفِينَةٍ : وِجْدانُك " الفَرْجَة بعد الكُرْبَة . والرَّوْحُ أَيضاً : السُّرُورُ والفَرَحُ . واستعارَه عليٌّ رضي الله عنه لليَقِينِ فقال : " باشرُوا رَوْحَ اليَقِينِ " قال ابن سيده : وعندي أَنه أَراد " السُّرورَ الحادِثَ من اليَقِينِ " . " وراحَ لذلك الأَمرِ يَراحُ رَوَاحاً " كسَحَاب " ورُؤُوحاً " بالضّمّ " ورَاحاً ورِيَاحَةً " بالكسر وأَرْيَحِيّة " : أَشْرَفَ له وفَرِحَ " به وأَخذَتْه له خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّة . قال الشاعر :
إِنّ البَخِيلَ إِذَا سأَلتَ بَهَرْتَهُ ... وتَرَى الكَريمَ يَرَاحُ كالمُخْتال وقد يُسْتَعَار للكِلاب وغيرِهَا أَنشد اللِّحْيَانيّ :
خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّيَاح إِذَا غَدَتْ ... فِعْل الضِّرَاءِ تَرَاحُ لِلْكَلاّبِ وقال اللّيث : راح الإِنسانُ إِلى الشيَْ يَراح : إِذَا نَشِطَ وسُرَّ به وكذلك ارتاحَ . وأَنشد :
وزَعَمْتَ أَنك لا تَراحُ إِلى النِّسَا ... وسَمِعْتَ قِيلَ الكَاشِحِ المُترَدِّدِ والرِّيَاحَة : أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشيْءِ فيَسْتَرْوِحَ وَيَنْشَطَ إِليه . " والرَّوَاحُ " : نَقِيضُ الصَّبَاح وهو اسْمٌ للوقْتِ . وقيل : الرَّوَاحُ : " العَشِيّ أَو من الزَّوال " أَي من لَدُن زَوَالِ الشَّمْس " إِلى اللَّيْل " . يقال : رَاحُوا يَفْعَلُون كذا وكذا " ورُحْنَا رَوَاحاً " بالفَتْح يعني السَّيْرَ بالعَشِيِّ وسار القَوْمُ رَوَاحاً وراحَ القَوْمُ كذلك " وتَروَّحْنَا : سِرْنَا فيه " أَي في ذلك الوَقتِ " أَو عَمِلْنَا " . أَنشد ثعلب :
وأَنتَ الّذي خُبِّرتُ أَنّك رَحلٌ ... غَدَاةَ غَدٍ أَو رائحٌ بِهَجيرِ والرَّوَاحُ قد يكون مصدر قَوْلِك : راح يَرُوح رَوَاحاً وهو نَقِيضُ قولِك : غَدا يَغْدُوا غُدُوّاً . تقول : " خَرَجُوا برِيَاح من العِشيّ " بكسر الرَّاءِ كذا في نُسخة التَّهْذيب واللِّسَان " ورَوَاحٍ " بالفتح " وأَرْوَاحٍ " بالجمع " أَي بأَوَّلٍ " . وقولُ الشاعر : ولقدْ رَأَيْتُك بالقَوَادِمِ نَظْرةً وَعَلَيَّ مِنْ سَدَفِ العَشِيّ رِيَاحُبكسر الراءِ فَسَّره ثعلب فقال : معناه وَقْتٌ . ورَاحَ فلانٌ يَرُوح رَوَاحاً : من ذَهَابِه أَو سَيْرِه بالعَشَيّ . قال الأَزهريّ : وسَمعْت العَرَبَ تستعملُ الرَّوَاحَ في السَّيْرِ كلَّ وَقْتٍ تقول : رَاح القَوْمُ إِذا سارُوا وغَدَوْا . " ورُحْتُ القَوْمَ " رَوْحاً رُحْت " إِليهم و " رُحْتُ " عندَهم رَوْحاً ورَوَاحاً " أي " ذهبت إِليهم رَوَاحاً " . وراحَ أَهْلَه " كرَوَّحْتُهم " تَرْوِيحاً " وتَروَّحْتُهم " : جِئتُهم رَوَاحاً . ويقول أَحدُهم لِصاحِبِه : تَروَّحْ ويخاطِبُ أَصحابه فيقول : تَروَّحوا أَي سِيرُوا . " والرَّوَائِحُ : أَمْطَارُ العَشِيِّ الواحِدَةُ رائحةٌ " هذه عن اللِّحيانيّ . وقال مرَّةً : أَصابَتْنَا رائحةٌ أَي سَمَاءٌ . " والرَّيِّحَة ككَيِّسة و " الرِّيحَة مثل " حِيلَة " حكاه كُراع : " النَّبْتُ يَظْهَرُ في أُصولِ العِضَاهِ الّتي بَقِيَتْ من عامِ أَوَّلَ أَو ما نَبَت إِذا مَسَّه البَرْدُ من غيرِ مطرٍ " . وفي التهذيب : الرَّيِّحة : نَبَاتٌ يَخْضَرّ بعدما يَبِس وَرَقُه وأَعالي أَغصانِه . وتَرَوَّحَ الشَّجَرُ وراحَ يَراحُ : تَفطَّرَ بالورق قبلَ الشِّتاءِ من غيرِ مَطرٍ . وقال الأَصمعيّ : وذلك حين يَبْرُدُ اللَّيْلُ فيَتَفطَّرُ بالوَرقِ من غير مَطرٍ . من المجاز : " ما في وَجْهِهِ رائحةٌ أَي دَمٌ " هذه العبارةُ مَحّلُّ تَأَمُّلٍ وهكذا هي في سائر النُّسخِ الموجودَة والّذي نُقِل عن أَبي عُبيدٍ : يقال : أَتانَا فُلانٌ وما في وَجْهِه رائحةُ دَمٍ من الفَرَقِ وما في وَجْهِه رائحةُ دمٍ أَي شَيْءٌ . وفي الأَساس : وما في وَجْهِه رائحةُ دَمٍ إِذا جاءَ فَرِقاً . فليُنْظَر . من الأَمثال الدائرة : " تَرَكْتُهُ على أَنْقَى من الرَّاحةِ " أَي الكَفّ أَو السَّاحة " أَي بلا شَيْءٍ " . " والرَّوْحاءُ " ممدوداً " : ع بين الحَرَميْنِ " الشَّريفينِ زادَهما اللهُ شَرَفاً - وقال عِيَاضٌ : إِنّه من عَمَلِ الفُرْعِ وقد رُدَّ ذلك - " على ثَلاثينَ أَو أَربيعنَ " أَو ستَّةٍ وثلاثينَ " مِيلاً من المدينة " الأَخيرُ من كِتَاب مُسْلِمٍ . قال شيخُنا : والأَقوالُ مُتَقَارِبَة . وفي اللّسان : والنِّسبة إِليه : رَوْحَانِيٌّ على غيرِ قِياسٍ . الرَّوْحَاءُ " : ة من رَحَبَةِ الشامِ " هي رَحَبَةُ مالِكِ بنِ طَوْق . الرَّوْحاءُ " : ة " أُخرَى " من " أَعمال نَهرِ " عِيسَى " بنِ عَليِّ بنِ عبدِ الله بنِ عبَّاسٍ وهي كُورَةٌ واسِعَةٌ غَرِبيَّ بَغدادَ . " وعبدُ الله بنُ رَوَاحَةَ " بنِ ثَعْلَبَة الأَنصاريّ من بني الحارث بن الخَزْرَج أَبو محمد : " صحابيّ " نَقيبٌ بَدْريّ أَميرٌ . " وبنو رَوَاحَةَ " بالفتح : " بَطْنٌ " وهم بنو رَوَاحَةَ بنِ مُنْقِذِ بنِ عَمْرِو بن مَعِيصِ بن عامرِ بن لُؤَيّ بن غَالب ابن فهْر وكان قد رَبَعَ في الجَاهِلِيَّة أَي رَأَسَ على قَوْمِه وأَخذ المِرْباعَ . " وأَبو رُوَيْحةَ " الخَثْعَميّ " كجُهَينةَ : أَخو بِلالٍ الحَبَشِيّ " بالمُؤاخاة نَزَلَ دمشق . " ورَوْحٌ اسمُ " جَمَاعةٍ من الصّحابة والتَّابِعين ومَنْ بَعْدَهم منهم : رَوْحُ بنُ حَبِيبٍ الثَّعْلَبيّ روى عن الصِّدِّيق وشَهِدَ الجابِيَةَ ؛ ذكرَه ابنُ فهدِ في مُعجم الصَّحابة . ورَوْحُ بن سَيَّارٍ أَو سيَّارُ بنُ رَوْحٍ يقال : له صُحبةٌ ؛ ذكرَه ابن مَنْدَه وأَبو نُعَيم . ومنهم أَبو زُرْعَةَ رَوْحُ بن زِنْباعٍ الجُذاميّ من أَهلِ فِلَسْطِينَ وكان مُجَاهِداً غازِياً رَوَى عنه أَهلُ الشّام يُعَدّ في التّابعين على الأَصحّ . وَرَوْحُ بن يَزيدَ بن بَشيرٍ عن أَبيه روَى عنه الأَوزَاعِيّ يُعَدّ في الشاميِّين . ورَوْحُ بن عَنْبَسَةَ . قال عبدُ الكريمِ ابن رَوْحٍ البَزّازُّ : حَدَّثني أَبي رَوْحٌ عن أَبيه عَنْبَسَةَ بنِ سَعيدٍ وساق البخاريُّ حَدِيثَه في التَّاريخ الكبير ورَوْحُ بن عائِذٍ عن أَبي العَوّامِ . ورَوْحُ بن جَنَاحٍ أَبو سَعْدٍ الشّاميّ عن مُجاهدٍ عن ابن عَبَّاس . ورَوْحُ بن غُطَيْفٍ الثّقَفِيّ عن عُمَرَ بن مُصْعَبٍ . ورَوْحُ بنُ عَطاءِ بن أَبي مُيمونةَ البَصريّ عن أَبيه . ورَوْحُ بنُ القاسمِ العَنْبَريّ البَصريّ عن ابن أَبي نَجِيحٍ . ورَوْحُ بن المُسَيِّب أَبو رَجاءٍ الكُلَيْبيّ البَصريّ سَمِعَ . ثابتاً روَى عنه مُسلِمٌ . وَرَوْحُ بن الفَضْل البَصريّ نَزَلَالطَّائِفَ سَمعَ حَمّادَ بنَ سَلَمَةَ . وَرَوْحُ بنُ عُبادةَ أَبو محمّدٍ القَيْسيّ البَصريّ سَمعَ شُعْبَةَ ومالكاً . وَرَوْحُ بن الحارِثِ بن الأَخْنَسِ رَوَى عنه أُنَيسُ بنُ عِمْرَانَ . وَرَوْحُ بن أَسْلَمَ أَبو حاتمٍ الباهليّ البَصريّ عن حَمَّادِ بنِ سَلَمةَ . ورَوْحُ بن مُسَافِر أَبو بَشيرٍ عن حَمَّاد . وَرَوْح بن عبدِ المُؤْمِن البَصريّ أَبو الحسن مَولَى هُذَيْل . كلّ ذلك من التاريخ الكبيرِ للبُخَارِيّ . " والرَّوْحَانُ : ع ببلادِ بني سَعْد " بنِ ثَعْلَبة . الرَّوَحَانُ " بالتحريك : ع " آخَرُ . " ولَيْلَة رَوْحَةٌ " ورَيِّحَة بالتشديد " : طَيِّبة " الرِّيح وكذلك ليلةٌ رَائحةٌ . " ومَحْمِلٌ أَرْوَحُ " ؛ قاله بعضُهم الصواب : مَحْمِلٌ " أَرْيَحُ " أَي " واسِعٌ " . وقال اللّيث : يقال لكلِّ شيْءٍ واسِعٍ : أَرْيَحُ . وأَنشد : ائِفَ سَمعَ حَمّادَ بنَ سَلَمَةَ . وَرَوْحُ بنُ عُبادةَ أَبو محمّدٍ القَيْسيّ البَصريّ سَمعَ شُعْبَةَ ومالكاً . وَرَوْحُ بن الحارِثِ بن الأَخْنَسِ رَوَى عنه أُنَيسُ بنُ عِمْرَانَ . وَرَوْحُ بن أَسْلَمَ أَبو حاتمٍ الباهليّ البَصريّ عن حَمَّادِ بنِ سَلَمةَ . ورَوْحُ بن مُسَافِر أَبو بَشيرٍ عن حَمَّاد . وَرَوْح بن عبدِ المُؤْمِن البَصريّ أَبو الحسن مَولَى هُذَيْل . كلّ ذلك من التاريخ الكبيرِ للبُخَارِيّ . " والرَّوْحَانُ : ع ببلادِ بني سَعْد " بنِ ثَعْلَبة . الرَّوَحَانُ " بالتحريك : ع " آخَرُ . " ولَيْلَة رَوْحَةٌ " ورَيِّحَة بالتشديد " : طَيِّبة " الرِّيح وكذلك ليلةٌ رَائحةٌ . " ومَحْمِلٌ أَرْوَحُ " ؛ قاله بعضُهم الصواب : مَحْمِلٌ " أَرْيَحُ " أَي " واسِعٌ " . وقال اللّيث : يقال لكلِّ شيْءٍ واسِعٍ : أَرْيَحُ . وأَنشد :
" ومَحْمِل أَرْيَح حَجّاجِيّومن قال : أَرْوَحُ فقد ذَمّه لأَنّ الرَّوَحَ الانْبِطاحُ وهو عَيْبُ في المَحْمِل . يقال : " هما يَرْتَوِحَانِ عَمَلاً " ويَتَراوَحان أَي " يَتعاقَبانه " وقد تقدّم . " ورُوحِينُ بالضمّ : ة بجَبَلِ لُبْنانَ " بالشأْمِ " وبلِحْفِها قَبْرُقُسِّ ابنِ ساعِدةَ " الإِيادِيّ المشهور . " والرِّيَاحِيَّة بالكسر : ع بواسِط " العِرَاق . " ورِيَاحٌ ككِتَابٍ ابنُ الحارث : تابِعِيّ " سمعَ سعيدَ بنَ زَيد وعليّاً ويُعَدّ في الكوفيِّين . قال عبد الرحمن ابن مَغْراءَ : حَدّثنا صَدَقَةُ بنُ المُثَنَّى : سمِعَ جَدَّه رِيَاحاً : أَنه حَجَّ مع عُمَرَ حَجَّتَيْن ؛ كذا في تاريخ البخاريّ . رِيَاح " بن عُبَيْدة " هكذا والصّواب : رِيَاح بن عُبَيْد " الباهِليّ " مولاهم بصريّ ويقال : كُوفيّ ويقال : حِجَازِيّ والدُ مُوسى والخيَارِ . رِيَاحُ " بن عُبَيْدة " السُّلَميّ " الكُوفيّ " عن ابن عُمَر وأَبي سَعيد الخُدْريّ وهما " مُعَاصِرانِ لثَابتٍ البُنَانيّ " الرّاوي عن أَنَسٍ . رِياحُ " بنُ يرْبُوعِ " بنِ حَنْظَلَةَ بنِ مالكِ بن زَيْد مَناةَ بن تَميم : " أَبو القَبِيلةِ " من تَميم منهم مَعْقِلُ بنُ قَيْسٍ الرِّياحيّ أَحدُ أَبْطَالِ الكُوفة وشُجْعانها . رِيَاحُ بن عبد الله بن قُرْطِ ابن رِزَاحِ بن عَدِيّ بن كَعب " جدٌّ " رابِعٌ " لعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ تعالى عنه " وهو أَبو أَداة وعبد العُزَّى رِيَاحُ بن عَدِيّ الأَسْلَميّ " جدٌّ لبُريدَةَ بنِ الحُصَيبِ " بنِ عبد الله ابن الحارث بن الأَعرج . رِياحٌ " جَدٌّ لجُرْهَدِ " بنِ خُوَيلد وقيل : ابن رِزَاح " الأَسْلَميّ " " ومُسْلِم بن رِيَاحٍ " الث
النَّفْسُ : الرُّوحُ وسَيَأْتِي الكلامُ عليها قَريباً . وقال أَبو إِسحَاقَ : النَّفْسُ في كلامِ العَرَبِ يَجْرِي على ضَرْبَيْن : أَحَدُهما قولُك : خَرَجَتْ نَفْسُه أَي رُوحُه والضَّرْبُ الثانِي : مَعْنَى النَّفْسِ فيه جُملةُ الشْيءِ وحقِيقتُه كما سَيَأْتِي في كَلاَمِ المصنِّف وعلى الأَوّلِ قالَ أَبو خِراشٍ :
نَجَا سالِمٌ والنفْسُ مِنْهُ بشِدْقِهِ ... ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرَاً
أَي بِجَفْنِ سَيْفٍ ومِئْزَرٍ كذا في الصّحاحِ قال الصّاغَانِيُّ : ولم أَجِدْه في شِعْر أَبي خِراشٍ . قلتُ : قال ابنُ بَرِّيّ : إعْتَبَرْتُه في أَشْعَارِ هُذَيْلٍ فوَجَدْتُه لحُذَيفَةَ بنِ أَنَسٍ وليسَ لأَبِي خِراشٍ والمَعْنَى : لم يَنْجُ سالِمٌ إِلاّ بجَفْنِ سَيْفه ومِئْزَرِه وانْتِصَابُ الجَفْنِ على الإسْتِثْنَاءِ المنْقَطِع أَي لم يَنْجُ سالمٌ إِلاّ جَفْنَ سَيْفٍ وجَفْنُ السَّيْفِ مُنْقَطِعٌ منه . ومِن المجاز : النَّفْسُ : الدَّمُ يقال : سالَتْ نَفْسُه كما في الصّحاحِ وفي الأَسَاس : دَفَق نَفْسَه أَي دَمَه . وفي الحَدِيث : ما لا نَفْسَ لَهُ وَقَع في أُصُولِ الصّحاحِ : ما لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ فإِنّه لا يُنَجِّسُ المَاءَ إِذا مَاتَ فيه . قلت : وهذا الِّذي في الصّحاحِ مُخَالِفٌ لِمَا في كُتُبِ الحَدَيثِ وفي رَوَايَةِ أُخْرَى : مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ ورُويَ عن النَّخَعِيّ أَنّه قال : كُلُّ شّيْءٍ له نَفْسٌ سائِلَةٌ فماتَ في الإِنَاءِ فإِنّه يُنَجِّسُه وفي النِّهَايَةِ عنه : كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فإِنه لا يُنَجِّسُ الماءَ إِذا سَقَطَ فيه أَي دَمٌ سائِلٌ ولذَا قالَ بعضُ مَن كَتَبَ على الصِّحّاحِ : هذا الحَدِيثُ لم يَثْبُتْ قال ابنُ بَرِّيّ : وإِنّمّا شاهِدُه قولُ السَّمَوْأَلِ :
تَسِيلُ عَلى حَدِّ الظُّبَاةِ نُفُوسُنَا ... ولَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّباة تَسِيلُ قال وإِنّمَا سُمِّيَ الدَّمُ نَفْساً لأَنّ النَّفْسَ تَخْرُج بخُرُوجِه . والنَّفْسُ : الجَسَدُ وهو مَجَازٌ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ يُحَرِّضُ عَمْرو بنَ هِنْدٍ عَلى بَنِي حَنِيفَةَ وهم قَتَلَةُ أَبيه المُنْذِر بنِ ماءِ السماءِ يومَ عَيْنِ أَبَاغٍ ويزْعُم أَن عَمْروَ بن شَمِرَ الحَنَفِيّ قَتَله :
نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا ... أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِفَلَبِئْسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمْروٍ رَهْطَهُ شَمِرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ والتامُورُ : الدّمُ أَي حَمَلُوا دَمَه إِلى أَبْيَاتِهِم . والنَّفْسٌ : العَيْنُ التي تُصِيبُ المَعِينَ وهو مَجَازٌ . ويُقَال : نَفَسْتُه بنَفْسٍ أَي أَصّبْتُه بِعَيْنٍ وأَصابَتْ فُلاناً نَفْسٌ أَي عَيْنٌ وفي الحَديث عن أَنَسٍ رَفَعَهُ : أَنَّه نَهَى عَنِ الرُّقْيَةِ إِلاّ فِي النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنِّفْسِ أَي العَيْنِ والجَمْعُ أَنْفُسٌ ومنه الحديث : أَنه مَسَح بَطْنَ رافِعٍ فأَلْقَى شَحْمَةً خَضْرَاءَ فقال : إِنه كانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ يريدِ عُيُونَهُم . ورَجُلٌ نافِسٌ : عائِنٌ وهو مَنْفُوسٌ : مَعْيُونُ . والنَّفْسُ : العِنْدُ وشَاهِدُه قولُه تعالَى حِكَايَةً عن عِيسَى عَليه وعلى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ " أَي تَعْلَمُ ما عِنْدِي ولا أَعْلَمُ ما عِنْدَكَ ولكن يَتَعَيَّن أَنْ تَكُونَ الظَّرفِيَّةُ حِينَئذٍ ظرفيَّةَ مَكَانَةٍ لا مَكَانٍ أَو حَقِيقَتي وحَقِيقَتَكَ قال ابنُ سِيْدَه : أَي لا أَعْلَمُ ما حَقِيقَتُك ولا ما عِنْدَك عِلْمُه فالتَّأْوِيلُ : تَعْلَمُ ما أَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ ما تَعْلَمُ والأَجْوَدُ في ذِلك قولُ ابنِ الأَنْبَارِيّ : إِنَّ النَّفْسَ هنا الغَيْبُ أَي تَعْلَمُ غَيْبي لأَنَّ النَّفْسَ لمّا كانتْ غائِبَةً أُوقِعَتْ على الغَيْبِ ويَشْهدُ بصِحَّتِه قولُه في آخرِ الآيَة " إِنَّك أَنْت عَلاَّمُ الغُيُوبِ " كأَنّه قال : تعْلمُ غيْبِي يا عَلاَّم الغُيُوبِ . وقال أَبو إِسْحاق : وقدْ يُطْلَقُ ويُرَادُ به جُمْلةُ الشَّيْءِ وحَقِيقتُه يُقال : قَتلَ فُلانٌ نَفْسَه وأَهْلكَ نَفْسَه : أَي أَوْقَعَ الهَلاَكَ بذَاتِه كُلِّهَا وحَقِيقَتِه . قلتُ : ومنه أَيضاً ما حكاهُ سِيبُوَيْهِ من قَولِهِمْ : نَزَلْتُ بَنَفْسِ الجبَلِ ونَفْسُ الجَبَلِ مُقَابِلِي . والنَّفْسُ : عَيْنُ الشَّيْءِ وكُنْهُه وجَوْهَرُه يُؤَكَّدُ به يُقَالُ : جَاءَنِي المَلِكُ بِنَفْسِه ورأَيْتُ فلاناً نَفْسَه . وقَوْله تَعَالى : " الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِهَا " رُوِيَ عنِ ابنِ عَبّاس رضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قالَ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ العَقْلِ الذي يكونُ به التَّمْيِيزُ والأَخْرى نَفْسُ الرُّوحِ الَّذي به الحَيَاةُ . وقال ابن الأَنباريّ : من اللُّغَويِّينَ مَن سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ وقَالَ : هما شَيْءٌ وَاحِدٌ إِلاّ أَن النفْسَ مؤنثَةٌ والرُّوحَ مُذكَّرَةٌ وقال غيرُهُ : الرُّوحُ الّذي به الحَيَاةُ والنَّفْسُ : التي بها العَقْلُ فإِذا نامَ النائمُ قَبَضَ اللهُ نَفْسَه ولم يَقْبِضْ رُوحَه ولا تُقْبَضُ الرُّوحَ إِلاّ عنَدِ المَوْت قال : وسُمِّيَت النَّفْسُ نَفْساً لتَوَلُّد النَّفْس منها وإتّصَاله بها كما سَمَّوَا الرُّوحَ رُوحاً لأَنَّ الرُّوْحَ مَوجُودٌ به . وقالَ الزَّجَّاجُ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ التِّمْييز وهي الّتي تُفَارِقُه إِذا نامَ فلا يَعْقِلُ بهَايَتَوَفَّاهَا الله تَعَالَى والأُخْرَى : نَفْسُ الحَيَاة وإِذَا زَالَت زالَ مَعَهَا النَّفِسُ والنَّائمَ يَتَنَفَّسُ قال : وهذا الفَرْقُ بينَ تَوفِّي نَفْسِ النائِم في النَّوْم وتَوَفِّي نَفْسِ الحَيِّ . قال : ونَفْسُ الحَيَاة هي الرُّوحُ وحَرَكَةُ الإِنْسَان ونُمُوُّه يكون به . وقال السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : كَثُرت الأَقَاويلُ في النَّفْس والرُّوح هل هُمَا وَاحِدٌ ؟ أَو النَّفْسُ غيرُ الرُّوح ؟ وتَعَلَّقَ قومٌ بظَوَاهرَ من الأَحاديثِ تدُلُّ على أَنَّ الرُّوحَ هي النَّفْسُ كقول بلالٍ أَخَذَ بِنَفْسِك مع قولهِ صَلَّى الله عليه وسَلَّم : " إِنّ الله قَبضَ أَرْوَاحَنا " وقولِه تعالَى : : الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ " والمَقْبُوضُ هو الرُّوحُ ولم يَفَرِّقُوا بَيْنَ القَبْضِ والتَّوَفِّي وأَلْفَاظُ الحَدِيثِ مُحْتَملَةُ التَّأْويلِ ومَجَازَاتُ العَرَبِ وإتِّسَاعاتُها كَثِرَةٌ : والحَقُّ أَنَّ بَيْنَهما فَرْقاً ولو كانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنىً وَاحِدْ كاللَّيْثِ والأَسَدِ لَصَحَّ وُقُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهما مكانَ صاحِبِه كقوله تعالى : " ونَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوِحِي " ولم يَقْلْ : مِن نَفْسِي . وقوله : " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي " ولم يَقُلْ : ما فِي رُوحي . ولا يَحْسُنُ هذا القَولُ أَيضاً مِن غيرِ عِيسَى عليه السَّلامُ . " ويَقُولُونَ في أَنْفُسهمْ " ولاَ يَحْسَن في الكلام : يَقُولُون في أَرْوَاحهم . وقال : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ " ولم يقَل : أَنْ تَقُولَ رُوحٌ ولا يَقُولُه أَيْضاً عَرَبيٌّ فَأَيْنَ الفَرَقُ إِذا كَانَ النَّفْسُ والروَّحُ بمَعْنىً وَاحدٍ ؟ وإِنّمَا الفَرْقُ بينَهما بالإعْتبَارَاتِ ويَدُلُّ لذلك ما رَوَاهُ ابنُ عَبْد البَرِّ في التَّمْهِدِ الحَديث : إِن اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وجَعَلَ فِيه نَفْساً ورُوحاً فمن الرُّوحِ عَفَافُه وفَهْمُه وحِلْمُه وسَخاؤُه ووَفَاؤُه ومِن النَّفْسِ شَهْوَتُه وطَيْشُه وسَفَهُه وغَضَبُه فلا يُقَالُ في النَّفْسِ هي الرُّوحَ عَلى الإِطْلاق حَتَّى يُقَيَّدَ ولا يُقَال في الرُّوحِ هي النَّفْسُ إِلاّ كما يُقَالُ في المَنِيِّ هو الإِنْسَانُ أَو كما يُقَالُ للمَاءِ المُغَذِّي لِلكَرْمَةِ هو الخَمْرُ أَو الخَلُّ على معنَى أَنه سيُضَافُ إِليه أَوصَافٌ يُسَمَّى بها خَلاًّ أَو خَمْراً فتَقَيُّدُ الأَلْفَاظِ هو مَعْنَى الكلامِ وتَنْزِيلُ كُلِّ لَفْظٍ في مَوْضِعه هو مَعْنَى البَلاغةِ إِلى آخِر ما ذَكرُه . وهو نَفِيسٌ جداً وقد نَقَلْتُه بالإخْتصَار في هذا المَوْضع لأَنّ التَّطْويِلَ كَلَّتْ منه الهِمَمُ لاسَّيمَا في زَماننا هذا . والنَّفْسُ : قَدْرُ دَبْغَةٍ وعَلَيْه اقتصر الجَوْهَرِيُّ وزاد غيرُه : أَو دَبْغَتَيْن . والَّدِبْغَةُ بكسر الدال وفتحها ممَّا يُدْبَغُ به الأَديمُ من قَرَظٍ وغيره يُقَال : هَبْ لي نَفْساً مِن دِبَاغٍ قال الشَّاعِرُ :
" أَتَجْعَلُ النَّفْسَ الَّتِي تُدِيرُ
" فِي جِلْدِ شاةٍ ثُمَّ لا تَسِيرُ قال الجَوْهَرِيُّ : قال الأَصْمَعِيُّ : بَعثَت امرأَةٌ مِن العربِ بِنْتاً لها إِلى جارَتِهَا فقالت لها : تقولُ لك أُمِّي : أَعْطِينِي نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بِه مَنِيئَتي فإِنِّي أَفِدَةٌ . أَي مُسْتَعْجِلَةٌ لا أَتفرَّغُ لإتِّخاذِ الدِّباغِ مِن السُّرْعَةِ . انتَهَى . أَرَادَتْ : قَدْرَ دَبْغَة أَو دَبْغَتَيْن من القَرَظ الّذِي يُدْبَغُ به . المَنِيئَةُ : المَدْبَغَةُ وهي الجُلُودُ الّتِي تُجْعَلُ في الدِّباغ . وقيل : النَّفْسُ مِن الدِّباغِ : مِلْءُ الكَفِّ والجَمْعُ : أَنْفُسٌ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ بِهِ ... عَلَى المَاءِ إِحْدَى اليّعْمَلاتِ العَرامِسِيَعْنِي الوَطْبَ مِن اللبَنِ الذِي طُبَخَ بهذا القَدْرِ مِن الدِّبَاغِ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : النَّفْسُ : العَظَمَةُ والكِبْرُ والنَّفْسُ : العِزَّةُ . والنَّفْسُ : الأَنْفَةُ . والنَّفْسُ : العَيْبُ هكذا في النُّسخِ بالعَيْنِ المُهْمَلَة وصَوَابُه بالغَيْنِ المُعْجَمَةُ وبه فَسَّر ابْنُ الأَنْبَارِيّ قوله تعالَى : " تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي " الآيَةَ وسَبَقَ الكلامُ عليه . والنَّفْسُ : الإِرادَةُ . والنَّفْسُ : العُقُوبَةُ قيل : ومنه قولُه تَعَالَى : " وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ " أَي عُقُوبَتَه وقال غيرُه : أَي يُحَذِّرُكم إِيّاه . وقد تَحَصَّل مِن كلامِ المصنِّف رحمَه الله تعالى خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنىً للنَّفْسِ وهي : الرُّوح 1 ، والدَّمُ 2 ، والجَسَدُ 3 ، والعَيْنُ 4 ، والعِنْدُ 5 ، والحَقِيقَةُ 6 ، وعَيْنُ الشَّيْءِ 7 ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ 8 ، والعَظَمَةُ 9 ، والعِزَّةُ 10 ، والهِمَّةُ 11 ، والأَنَفَةُ 12 ، والغَيْبُ 13 ، والإِرادَةُ 14 ، والعُقُوبةُ 15 ، ذَكر منها الجَوْهَرِيُّ : الأَوّلَ والثّانِي والثالثَ والرّابِعَ والسابِعَ والثامنَ وما زدْناه على المُصَنِّف رحِمَه الله فسيأْتي ذِكْرُه فيما اسْتُدْرِك عليه . وجَمْعُ الكُلِّ : أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ . والنَّفَسُ بالتَّحْرِيك : وَاحِدُ الأَنْفَاسِ وهو خُرُوجُ الرِّيحِ من الأَنْفِ والفَمِ ويُرَادُ به السَّعَةُ يُقَال : أَنتَ في نَفَسٍ مِن أَمْرِك أَي سَعَةٍ قاله الجَوْهَرِيُّ وهو مَجازٌ وقال اللِّحْيَانِيُّ : إِنَّ في الماءِ نَفَساً لِي ولَكَ وأَي مُتَّسَعاً وفَضْلاً . ويُقَال : بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَفَسٌ أَي مُتَّسَعٌ . والنَّفَسُ أَيضاً : الفُسْحَةُ فِي الأَمْرِ يقال : إعْمَلْ وأَنْتَ في نَفَسٍ أَي فُسْحَةٍ وسَعَةٍ قَبْلَ الهَرَمِ والأَمْرَاضِ والحَوَادِثِ والآفاتِ . وفِي الصّحاح : النَّفَسُ : الجَرْعَةُ يُقَال : اكْرَعْ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ أَي جُرْعَةً أَو جُرْعَتَيْنِ ولا تَزِدْ عليه . والجَمْع : أَنْفَاسٌ كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ قال جَرِيرٌ :
تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنِيهَا ... بأَنْفَاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِإنتَهَى . قال مُحَمدُ بن المُكَرّم : وفي هذا القَوْل نَظَرٌ . وذلك لأَن النَّفسَ الوَاحدَ يَجْرَع فيه الإِنْسَان عِدَّةَ جُرَعٍ يَزيدُ ويَنْقصُ علَى مقْدَار طُولِ نَفَسِ الشّارب وقَصِره حتّى إِنّا نَرَى الإِنْسَانَ يَشربُ الإِنَاءِ الكَبِيرَ في نَفَسٍ وَاحِدٍ على عِدَّةِ جُرَعٍ . ويُقَال : فُلانٌ شَرِبَ الإِنَاءَ كُلَّه عَلَى نَفَسٍ وَاحدٍ . والله تَعَالَى أَعْلَم . وعن ابن الأَعْرَابِيِّ : النَّفَسُ الرِّيّ وسيأْتي أَيْضاً قريباً . والنَّفَسُ : الطَّويل من الكَلام وقد تَنَفَّسَ . ومنه حديث عَمّارٍ : لقد أَبْلَغْتَ وأَوْجَزْتَ فلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ أَي أَطَلْت . وأَصْله : أَنَّ المَتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ إستأْنَفَ القَوْل وسَهُلَت عليه الإِطالَة . وقال أَبُو زَيْدٍ : كَتَبْت كِتَاباً نَفَساً أَي طِويلاً . وفي قَوْله صلَّى الله تعالَى عليه وسلم : ولاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ الوَاو زائدة وليست في لَفْظ الحَديث فإِنَّهَا منْ نَفَسِ الرحْمن . وكذا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : " أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكمْ " وفي رِوايَة : نَفَسَ الرَّحْمن وفي أَخرَى : إِنّي لأَجدُ منْ قِبَل اليَمَن قَال الأَزْهَريُّ : النَّفَسُ في هذين الحَديثَيْن : اسْمٌ وُضَعَ مَوْضِعَ المَصْدَر الحَقيقيِّ مِن نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفيساً ونَفَساً أَي فَرَّجَ عنه الهَمَّ تَفْريجاً كأَنَّه قال : تَنْفيسَ رَبِّكم من قِبَل اليَمَنِ . وإِنَّ الرِّيحَ مِن تَنْفِيسِ الرَّحْمنِ بها عن المَكْرُوبِينَ فالتَّفْرِيج : مَصْدّرٌ حقيقيّيٌّ والفَرَجُ اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المصدرِ والمَعْنَى : أَنَّهَا أَي الرِّيحُ تُفَرِّجُ الكَرْبَ وتُنْشِيءُ السَّحابَ وتَنْشُرُ الغَيْثَ وتُذْهِبُ الجَدْبَ قال القُتَيْبِيُّ : هَجَمْتُ على وَادٍ خَصِيبٍ وأَهْلُه مُصْفَرَّةٌ أَلوَانُهُم فسأَلْتُهُم عن ذلك فقال شيخٌ منهم : ليسَ لنا رِيحٌ . وقولُه في الحَدِيثِ : مِن قِبَل اليَمَن المُرَادُ واللهُ أَعْلَمُ : مَا تَيَسَّر له صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ منْ أَهْل المَدينَةِ المُشَرَّفَة وهَم يَمَانُونَ يَعْني الأَنْصارَ وهم من الأَزْد والأَزْدُ من اليَمَن من النُّصْرَةِ والإِيواءِ له والتَّأْييد له برِجَالهم وهو مُسْتَعَارٌ من نَفَس الهَوَاءِ الَّذي يُرَدِّدُه المُتَنَفِّسُ إِلى الجَوْف فيُبَرِّدُ من حَرَارتِه ويُعَدِّلُها أَو من نَفَسَ الرِّيح الّذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِحُ إِليه ويُنَفِّس عنه أَو من نَفَس الرَّوْضة وهو طِيبُ رَوائحها فيَنْفَرجُ به عنه . ويقال : شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ : فيه سَعَةٌ ورِيٌّ قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ وقد تقدَّم للمصنِّف ذِكْرُ مَعْنَى السَّعِةِ والرِّيِّ فلو ذَكَرَ هذا القولَ هناك كانَ أَصابَ ولعلَّه أَعادَه ليُطَابقَ مع الكَلام الّذي يَذْكُرُه بَعْدُ وهو قوله : ومِن المَجازِ : يقال شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ أَي كَرِيه الطِّعْمِ آجِنٌ مُتَغَيِّرٌ إِذا ذاقَه ذائِقٌ لم يَتَنَفَّسْ فِيه وإِنَّمَا هي الشَّرْبَةُ الأُولَى قَدْرَ مَا يُمْسِك رَمَقَه ثُمَّ لا يَعُودُ له قال الرَّاعِي ويُرْوَي لأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيَ :
وشَرْبَةٍ مِنْ شَرَابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ ... في كَوْكَبٍ مِن نُجُومِ القَيْظِ وَهّاج
سَقَيْتُهَا صَادِيَاً تَهْوِي مَسامِعُهُ ... قدْ ظَنَّ أَنْ لَيْسَ مِن أَصْحَابِهِ نَاجِي أَي في وَقْتِ كَوْكَبٍ ويُرْوَي : في صَرَّةٍ . والنَّافِسُ : الخَامِسُ مِن سَهَام المَيْسِرِ قال اللِّحْيَانِيُّ : وفيه خَمْسَةُ فُرُوضٍ وله غُنْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِن فازِ وعَلَيْه غُرْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِنْ لم يَفُزْ ويُقَالُ : هُو الرابِعُ وهذا القَوْلُ مَذْكورٌ في الصّحاح والعَجَبُ من المُصَنِّفِ في تَرْكِه . وشَيءٌ نَفِيسٌ ومَنْفُوسٌ ومُنْفِسٌ كمُخْرِجٍ إِذا كانَ يُتَنَافَسُ فيه ويُرْغَبُ إِليه لِخَطَرِه قال جَرِيرٌ :
" لَوْ لَمْ تُرِدْ قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍمِمَّا يُخَالِطُ حَبَّ القَلْبِ مَنْفُوسِ المُطَّرَف : المُسْتَطْرَف . وقال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ رضي الله تَعالَى عنه :لا تَجْزَعِي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... فَإِذَا هَلَكْتُ فعِنْدَ ذلِكَ فاجْزَعِيوقد نَفُسَ ككَرُمَ نَفَاسَةً بالفَتْحِ ونِفَاساً بالكَسْرِ ونَفَساً بالتَّحْرِيك ونُفُوساً بالضّمّ . والنَّفِيسُ : المالُ الكَثِيرُ الّذِي له قَدْرٌ وخَطَرٌ كالمُنْفِسِ قالَه اللِّحْيَانِيُّ وفي الصّحاحِ : يُقَال : لفُلانٍ مُنْفِيٌ ونَفِيسٌ أَي مالٌ كَثِيرٌ . وفي بعض النُّسَخ : مُنْفِسٌ نَفِيسٌ بغير واوٍ . ونَفِسَ به كفَرِحَ عَن فُلانٍ : ضَنَّ عَلَيْه وبه ومنه قَوْلَه تَعَالَى " ومَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسه " والمَصْدَرُ : النَّفَاسَةُ والنَّفَاسِيَةُ الأَخيرَةُ نادرَةٌ . ونَفِسَ عَلَيْه بخَيْرٍ قَليلٍ : حَسَدَ ومنه الحَديثُ : لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ فما نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ . ونَفِسَ عَلَيْه الشَّيْءَ نَفَاسَةً : ضَنَّ به ولم يَرَهُ يَسْتَأْهِلُه أَي أَهْلاً لَهُ ولم تَطِبْ نَفْسُه أَنْ يَصِلَ إِليه . ومِن المَجَازِ : النِّفَاسُ بالكَسْر : وِلاَدَةُ المَرْأَة وفي الصّحاحِ وِلاَدُ المَرْأَةِ مَأْخُوذٌ مِن النَّفْسِ بمَعْنَى الدَّمِ فإِذا وَضَعَتْ فيهي نُفَسَاءُ كالثُّؤَبَاءِ ونَفْسَاءُ بالفَتْح مِثَالُ حَسْنَاءُ ويُحَرِّكُ وقَال ثَعْلِبٌ : النُّفَساءُ : الوَالِدَةُ والحَامِلُ والحَائِضُ و ج نُفَاسٌ ونُفُسٌ كجِيَادٍ ورُخَالٍ نَادِراً أَي بالضّمّ ومِثْل كُتُبٍ بضَمَّتَيْن ومِثْل كُتْبٍ بضمٍّ فسُكُون . ويُجْمَعُ أَيضاً على نفساءَ ونُفَسَاوَاتٍ وامْرَأَتَانِ نُفَسَاوَانِ أَبْدَلُوا من هَمْزَة التّأْنِيثِ وَاواً قال الجَوْهريُّ : ولَيْسَ في الكَلامِ فُعَلاءُ يُجْمَع على فِعَالٍ بالكَسْرِ غَيْرَ نُفَسَاءَ وعُشَراءَ انتهى . وليس لهم فُعَلاَءُ يُجْمَع عَلى فُعَال أَي بالضَّمّ غَيْرَهَا أَي غيرَ النُّفَسَاءِ ولذا حُكِمَ عليه بالنُّدْرَة . وقد نُفِسَتِ المَرْأَةُ كسَمِعَ وعُنِيَ نَفَساً ونَفَاسَةً ونِفَاساً أَي وَلَدَتْ وقال أَبو حَاتِمٍ : ويُقَال : نُفِسَتْ على لم يُسَمَّ فاعِلُه . وحَكَى ثَعْلَبٌ : نُفِسَتْ وَلَداً على فِعْل المَفْعُول والوَالَدُ مُنْفُوسٌ ومنه الحَدِيث : مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ أَي مَوْلُودةٍ وفي حَدِيث ابنِ المُسَيِّبِ : لا يَرِثُ المَنْفُوسُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخاً أَي حَتّى يُسْمَعَ له صَوْتٌ ومنه قَوْلُهم : وَرِثَ فُلانٌ هذا قبل أَن يُنْفَسَ فُلانٌ أَي قبلَ أَن يُولَدَ . ونُفِسَتِ المَرْأَةَ إِذا حَاضَتْ رُوِيَ بالوَجْهَيْن ولكِن الكَسْر فيه أَكْثَرُ وأَمّا قولُ الأَزْهَرِيّ : فأَمّا الحَيْضُ فلا يُقَال فيه إِلاّ نَفِسَتْ بالفَتْح : فالمُرَاد به فَتْحُ النُّونِ لا فَتْحُ العَيْنِ في لماضِي . ونَفِيسُ بنُ مُحَمِّدٍ مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ وقَصْرُه علَى مِيلَيْنِ مِن المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ على ساكنِها أَفْضَلُ الصّلاةِ والسلامِ وقد قدَّمْنا ذِكْرَه في القُصُور . ويقال : لَكَ في هذا الأَمْرِ نُفْسَةٌ بالضّمّ أَي مُهْلَةٌ ومُتَّسَعٌ . ونُفُوسَةُ بالفَتْح : جِبَالٌ بالمَغْرِبِ بَعْدَ إِفريقِيَّةَ عاليةٌ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ في اَقلَّ من ذلِك أَهْلُهَا إِباضِيَّةٌ وطُولُ هذا الجَبَلِ مَسِيرةُ سِتَّةِ أَيامٍ من الشَّرْقِ إِلى الغَربِ وبينَه وبينَ طَرَابُلُسَ ثلاثَةُ أَيّامٍ وإِلى القَيْروَانِ سِتَّةُ أَيّامٍ وفي هذا الجَبلِ نَخْلٌ وزَيْتُونٌ وفَوَاكِهُ وإفْتَتَح عَمْرُو ابن العاصِ رضيَ الله تعالى عنه نَفُوسَةَ وكانُوا نَصَارَى . نَقَلَه ياقُوت . وأَنْفَسهُ الشَّيْءُ : أَعْجَبَهُ بنَفْسَه ورَغَّبَه فيها وقال ابنُ القَطّاعِ : صار نَفِيساً عِنْدَه ومنه حَدِيثُ إِسماعِيلَ عليه السّلاَمُ : أَنَّهُ تَعَلَّم العَرَبَيَّةَ وأَنْفَسَهُم . وأَنْفَسَه في الأَمْرِ : رَغَّبَهُ فيه . ويُقَالُ منه : مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفِسٌ كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ : أَي نَفِيسٌ وقيلَ : كَثِيرٌ وقيل : خَطيرٌ وعَمَّه اللِّحْيَانِيُّ فقال : كُلُّ شيْءٍ له خَطَرٌ فهو نَفِيسٌ ومُنْفِسٌ . ومِن المَجَازِ : تَنَفَّسَ الصُّبْحُ أَي تَبَلَّجَ وامتدَّ حتى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى " والصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ " قال :إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ : إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ :ثَلاَثَةُ أَنْفُسِ وثَلاَثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ جارَ الزَّمَانُ علَى عِيَالِي وقَولُه تعَالَى : " الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " يَعْنَي آدَم وزوجها يعني حَوَّاءَ عليهِمَا السلام . ويقال : ما رأَيتُ ثَمَّ نَفْساً أَي أَحَداً . ونَفَسُ السَّاعَةِ بالتَّحْرِيك : آخِرُ الزَّمَانِ عن كُراع . والمُتّنَفِّسُ : ذو النَّفَسُ ورَجُلٌ ذو نَفس أَي خُلُقٍ . وثَوْبٌ ذو نَفسٍ أَي جَلَدٍ وقُوَّةٍ . والنَّفُوسُ كصَبُورٍ والنَّفْسَانِيُّ : العَيُونُ الحَسُودُ المُتّعَيِّنُ لأَموالِ النَّاسِ لِيُصِيبَها وهو مَجَازٌ وما أَنْفَسَهُ أَي ما أَشَدَّ عَيْنَه هذهِ عن اللِّحْيَانِيّ وما هذا النَّفَسُ ؟ أَي الحَسَدُ وهو مَجَازٌ . والنَّفَسُ : الفَرَجُ مِن الكَرْبِ ونَفَّسَ عنه : فَرَّج عنه ووَسَّع عليه ورَفَّه له وكُلُّ تَرَوُّحٍ بَيْنَ شَرْبَتَيْن : نَفَسٌ . والتَّنَفُّسُ : إستِمْدادُ النَّفَسِ وقد تَنَفَّسَ الرجُلُ وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ . وكُلُّ ذِي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ودَوَابُّ الماءِ لا رِئَاتِ لَهَا . ودَارُكَ أَنْفَسُ مِن دَارِي أَي أَوْسَعُ وهذا الثَّوبُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَعْرَضُ وأَطْوَلُ وأَمْثَلُ . وهذا المكانُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَبْعَدُ وأَوسَعُ . وتَنَفَّس في الكلامِ : أَطالَ وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ : زادَ ماؤُها . وزِدْنِي نَفَساً في أَجَلِي أَي طَوِّلِ الأَجَلَ . عن اللِّحْيَانِيّ وعنه أَيضاً : تَنَفَّسَ النَّهَارُ : إنتصَفَ وتَنَفَّس أَيضاً : بعد . وتَنَفَّسَ العَمْرُ مِنْه إِمّا تَرَاخَى وتَبَاعَدَ وإِمّا إتَّسَع . وجَادَتْ عينْه عَبْرَةً أَنْفَاساً أي ساعةً بَعْدَ ساعةٍ . وشيءٌ نافِسٌ : رَفُعَ وصارَ مَرْغُوباً فيه وكذلِكَ رجُلٌ نافِسٌ ونَفِيس والجَمْع : نِفَاس . وأَنْفَسَ الشَّيْءُ : صار نَفِيساً . وهذا أَنْفَسُ مالِي أَي أَحَبُّه وأَكْرَمُه عِنْدِي وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفَاساً . ونَفَّسَنِي فيه : رَغَّبَني عن ابنِ الأَعْرَابِيّ وأَنْشَدَ :
بأَحْسَنَ مِنْه يَوْمَ أَصْبَحَ غادِياً ... ونَفَّسَنِي فِيه الحِمَامُ المَعَجَّلُ قلت : هو لأُحَيْحَةَ بنِ الجُلاحِ يَرْثِي ابْناً له أَو أَخاً له وقد مَرَّ ذِكْرُه في هبرز . ومالٌ نَفِيسٌ : مَضْنُونٌ بِه . وَبلَّغَكَ اللهُ أَنْفَسَ الأَعْمَارِ . وفي عُمُرِه تَنَفُّسٌ ومَتَنَفَّسٌ . وغائِطٌ مُتَنَفِّسٌ : بَعِيدٌ وهو مَجَازٌ . ويُجْمَعُ النُّفسَاءُ أَيضاً علَى نُفَّاسٍ ونُفَّسٍ كرُمّانٍ وسُكَّرٍ الأَخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيّ . وتَنَفَّسَ الرجُلُ : خَرَجَ مِن تَحْتِه رِيحٌ وهو على الكِنَايَةِ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : نَفَّسَ قَوْسَه إِذا حَطَّ وَتَرَهَا وتَنَفَّسَ القِدْحُ كالقَوْسِ وهو مَجازٌ . وأَنْفٌ مُتَنَفِّسٌ : أَفْطَسَ وهو مَجازٌ . وفُلانٌ يُؤامِرُ نَفْسَيْهِ : إِذا اتَّجَه له رَأْيَانِ وهو مَجازٌ قالَه الزَّمَخْشَرِيُّ . قلتُ : وبَيَانُه أَنَّ العَرَبَ قد تَجعلُ النَّفْسَ الّتي يكونُ بها التَّمْيِيزُ نَفْسَيْن وذلِكَ أَنَّ النَّفْسَ قد تَأْمُره بالشَّيْءِ أَو تَنْهَاه عنه وذلِكَ عندَ الإِقْدامٍ على أَمْرٍ مَكْرُوه فجَعَلُوا الّتِي تَأْمُره نَفْساً والّتِي تَنْهَاه كأَنَّهَا نَفْسٌ أُخْرَى وعلى ذلك قولُ الشاعِرِ :
يُؤامِرُ نَفْسَيْه وفي العَيْش فُسْحَةٌ ... أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبانَ أَمْ لاَ يَطُورُها وأَبُو زُرْعَةَ محمّدُ بنُ نُفَيْسٍ المَصيصِيُّ كزُبَيْرٍ كتَبَ عنه أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ بحَلَبَ . وأَمّ القاسِمِ نَفِيسَةُ الحَسَنِيَّةُ صاحِبةُ المَشْهَدِ بمِصْرَ معروفةٌ وإِليها نَسِبَت الخِطَّةُ . وبنُو النَّفِيسِ كأَمِيرٍ : بَطْنٌ من العَلَويِّينَ بالمَشْهَدِ . ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرّزَّاقِ بنِ نَفِيسٍ الدِّمَشْقِيُّ سَمِع علَى الزَّيْنِ العِراقِيّ ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : نُفْيَاسُ بالضّمّ : قَرْيَةٌ بَشَرقِيَّة مِصْرَ ونُفْيُوسُ : أُخْرَى مِن السَّمَنُّودِيَّةِ