الأسْرُ : الشَدُّ بالإسار : والعَصْبُ كالإسار وقد أسَرتُه أسْراً وإساراً . والأَسْر في كلامِ العربِ : شِدَّةُ الخَلْقِ يقال : فلانٌ شَدِيدُ أسْرِ الخَلْقِ إذا كان معْصُوبَ الخَلْقِ غيرَ مُسْتَرْخٍ وفي التَّنزِيل : " نحنُ خَلَقْنَاهُم وشَدَدْنَا أسْرَهم " أي خَلْقَهُم وقال الفَرّاءُ : أسَرَه اللهُ أحسنَ الأسْرِ وأطَرَه أحسنَ الأطْرِ وقد أسَرَه اللهُ أي خَلَقَه . والخُلُق بضمَّتين أي وشِدَّةُ الخُلُق كما في سائرِ النُّسَخ والصّوابُ أنَّه بالرَّفْع معطوفٌ على وشِدَّةُ وفي الأساس : ومن المجاز : شَدَّ اللهُ أسْرَه أي قَوَّى إحكامَ خَلْقِه
الأُسْرُ بالضَّمِّ : احتباسُ البَوْل وكذلك الأُسُر بضمَّتينِ إتباعاً حَكَاه شُرّاحُ الفَصِيح وصَرَّح اللَّبْلِىُّ بأنَّه لغةٌ فهو مُستدركٌ على المصنِّف . وفي أفعال ابنِ القَطّاع : أسِرَ كفَرِحَ : احْتَبسَ بَولُه . والأُسْرُ بالضّمّ : اسمُ المصدرِ
وقال الأحمر : إذا احْتَبسَ الرَّجلُ بَوْلُه قِيلَ : أخَذَه الأُسْرُ وإذا احتَبس الغائِطُ فهو الحُصْرُ . وقال ابنُ الأعرابيّ : الأُسْرُ : تَقْطِيرُ البَوْلِ وحَزٌّ في المَثَانَة وإضَاضٌ مثلُ إضَاضِ الماخِضِ يقال : أنالَه اللهُ أُسْراً وفي حديثِ أبي الدَّرْداء : " أنَّ رجلاً قال له : إن أبِي أخَذَه الأُسْرُ " يَعْنِي احتباسَ البَوْلِ
يقال : عُودُ أُسْرٍ كقُفْلٍ وعُودُ الأُسْرِ بالإضافة والتَّوْصِيف هكذا سُمِعَ بهما كما في شُرُوح الفَصِيح ويُسْرٍ بالياءِ بَدَلَ الهمزةِ أو هي أي الأخِيرة لَحْنٌ وأنكرَه الجوهريُّ فقال : ولا تَقُلْ : عُودُ يُسْرٍ ووافقَه على إنكارِه صاحبُ الواعِي والمُوعب وأقَرَّه شُرَّاحُ الفَصيح . قلت : وقد سَبَقَهُم بذلك الفَرّاءُ فقال : قُلْ : هو عُود الأُسْرِ ولا تَقُلْ : عُودُ اليُسْرِ . وفي الأساس : وقولُ العامَّةِ : عُودُ يُسْرٍ خطأٌ إلا بقَصْد التَّفَاؤُلِ . وهو عُودٌ يُوضَعُ على بَطْنِ مَن احْتَبَسَ بوْلُهُ فَيَبْرَأُ وعن ابن الأعرابيّ : هذا عُودُ يُسْرٍ وأُسْرٍ وهو الذي يُعالَجُ به المَأْسُور وكلامُه يَقْضِي أنّ فيه قَولَيْن وإليه ذَهَب المصنِّفُ ومَا تَحاملَ به شيخُنا على المصنِّف في غير مَحَلِّه كما لا يَخْفَى
والأُسُرُ بضمَّتَيْن : قَوَائِمُ السَّرِيرِ نقلَه الصّاغانيُّ . الأَسَرُ بالتَّحْرِيك : الزُّجَاجُ نقلَه الصّاغانيُّ
والإسَارُ ككِتَابٍ : ما يُشَدُّ به الأَسِيرُ كالحَبْلِ والقدِّ وقال الراغبُ وغيرُه : هو القدُّ يُشَدُّ به الأسير . وقال اللَّيْثُ : أُسرَ فلانٌ إساراً وأُسِرَ بالإسارِ . والإسارُ : الرِّباطُ والإسارُ : المَصْدَرُ كالأسْرِ وقد تَقدَّمت الإشارةُ إليه . وفي المحكم : أَسَرَه يَأْسرُه أسْراً وإسارةً : شَدَّه بالإسار والإسارُ : ما شُدَّ به والجمعُ أُسُرٌ . وقال الأصمعيُّ : ما أحْسَنَ ما أسَرَ قَتَبَه أي ما أحْسَنَ ما شَدَّه بالقِدِّ والقِدُّ الذي يُؤْسَرُ به القَتَبُ يُسَمَّى الإسارَ و " ج أُسُرٌ " بضمَّتَيْن . وقَتَبٌ مَأْسُورٌ وأقْتَابٌ مآسِيرُ . والإسارُ : القَيْدُ ويكونُ حَبْلَ الكِتَاف . الإسار ككِتابٍ : لُغَةٌ في اليَسَارِ الذي هو وفي بعضِ النُّسَخِ : الَّتي هي ضِدُّ اليَمِينِ قال الصاغانيُّ : وهي لغةٌ ضعيفةٌ
والأسِيرُ كأَمِير هو بمعنى المَأْسُورِ وهو المَرْبُوطُ بالإسارِ ثم اسُتعمِلَ في الأخِيذِ مطلقاً ولو كان غيرَ مربوطٍ بشيْءٍ والإسار : القَيْدُ ويكونُ حَبْلَ الكِتَافِ ومنه الأسِيرُ أي المُقَيَّدُ يقال : أسَرْتُ الرَّجلَ أسْراً وإساراً فهو أسِيرٌ ومَأْسُور . كلُّ محبوسٍ في قِدٍّ أو سِجْنٍ : أسِيرٌ وقولُه تعالَى : " ويُطْعِمُونَ الطَّعَامَ على حُبِّه مِسْكِيناً وَيَتِيماً وأَسِيراً " قال مُجاهِدٌ : الأسِيرُ : المَسْجُونُ " ج أُسَرَاءُ " وأُسَارَى وأَسارَى وأَسْرَى الأخِيرَان بالفتح قال ثعلبٌ : ليس الأسْر بعاهَةٍ فيُجْعَل أسْرَى من باب جَرْحَى في المعنَى ولكنه لما أُصِيبَ بالأسْر صار كالجَرِيح واللَّدِيغ فكُسِّر على فَعْلَى كما كُسِّر الجَرِيحُ ونحوُه وهذا معنَى قوله : ويُقال للأسِير من العَدُوِّ أسِيرٌ لأن آخِذَه يَسْتَوثِقُ منه بالإسار وهو القِدُّ لئلا يُفْلِتَ . وقال أبو إسحاق : يُجْمَع الأسِير أسْرَى وقال : وفَعْلَى جَمْعٌ لكلِّ ما أُصِيبُوا به في أبدانِهم أو عُقُولهم مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى وأحمقَ وحَمْقَى وسكران وسكْرَى قال : ومَن قرأَ أسَارَى وأُسَارَى فهو جَمْعُ الجَمْع يقال : أسِيرٌ وأسْرَى ثم أسَارَى جَمْعُ الجَمْع . قلتُ : وقد اختار هذا جماعةٌ من أهل الاشتقاق . الأسِير : المُلْتَفُّ من النَّبَاتِ عن الصّغانيّ كالأصِير بالصّاد . والأُسْرَةُ بالضَّمِّ : الدِّرْعُ الحَصِينَةُ قاله شَمرٌ وأنشدَ لسَعْدِ بنِ مالِكِ بنِ ضُبَيْعَةَ بنِ قَيْسٍ جَدِّ أبِي طَرَفة بنِ العَبْد :
والأُسْرَةُ الحَصْداءُ والبَ ... يْضُ المُكَلَّلُ والرِّماحُ . الأُسْرَةُ مِن الرَّجُل : الرَّهْطُ الأدْنَوْنَ وعَشِيرَتُه لأنَّه يتقوَّى بهم كما قاله الجوهريُّ . وقال أبو جَعْفَرٍ النَّحّاسُ : الأُسْرَةُ بالضّمّ : أقاربُ الرِّجلِ من قِبَلِ أبيه وشَذَّ الشيخُ خالدٌ الأزهريُّ في إعراب الألفيَّة فإنه ضَبَطَ الأُسْرَةَ بالفَتْح وإنْ وافقَه على ذلك مُخْتَصِرُه الحَطَّابُ وتَبِعه تقليداً فإنّه لا يُعْتَدُّ به . عن أبِي زَيْد : تَأَسَّر عَليه فُلانٌ إذا اعْتَلَّ وأبْطَأَ قال أبو منصور : وهكذا رواه ابنُ هانِئ عنه وأما أبو عُبَيْد فإنَّه رَوَاه عنه : تَأَسَّنَ بالنُّونِ وهو وَهَمٌ والصَّوابُ بالراءِ . وقال الصّاغانيُّ : ويُحتَملُ أن تكونا لُغَتَيْن والرّاءُ أقربُهما إلى الصّواب وأعرفُهما
وأسَارُونُ : مِن العَقَاقِيرِ وهو حَشِيشةٌ ذاتُ بُزُورٍ كثيرةُ عُقَدِ الأُصولِ مُعْوَجَّةٌ تُشْبِهُ النِّيلَ طَيِّبةُ الرائحة لَذَّاعةُ اللِّسَانِ ولها زَهرٌ بين الوَرق عند أُصولها وأجودُها الذَّكِيُّ الرائحةِ الرقيقُ العُودِ يَلْذَعُ اللِّسَانَ عند الذَّوقِ حارٌّ يابسٌ يُلَطِّفُ ويُسَخِّنُ ومِثْقَالٌ منه إذا شُرِبَ نَفَعَ من عِرْق النَّسَا ووَجَعِ الوَرِكْين ومِن سددِ الكَبِد
قولُه تعالَى : " نحنُ خَلَقْنَاهُم وشَدَدْنَا أسْرَهُم " أي خَلْقَهم قاله الجوهريُّ وقيل : أسْرَهم أي مَفاصِلَهم أو المُرَادُ به مَصَرَّتَيِ البَوْلِ والغَائِطِ إذا خَرَجَ الأذَى تَقَبَّضَتَا أو معناه أنَّهما لا يسْتَرْخِيَانِ قبل الإرادةِ نقلَهما ابنُ الأعرابيِّ
وسَمَّوْا أسِيراً كأمِيرٍ وأُسَيْراً وأُسَيْرةَ كَزُبَيْرٍ وجُهَيْنَةَ منهم أُسَيْرُ بنُ جابِر وأُسَيْرُ بنُ عُرْوَة وأُسَيْرُ بنُ عَمْروٍ الكِنْدِيُّ وأُسَيْرٌ الأسْلَميُّ صحابِيون وأُسَيْرُ بن جابِرٍ العَبْدِيُّ تابِعِيّ
وإسْرَالُ يأْتي في حرف اللامِ ولم يَذْكُرْهُ هناك سَهْواً منه وهو مخفَّفٌ عن إسرائيلَ ومعناه صَفْوَةُ الله وقيل : عبدُ اللهِ قاله البَيْضَاوِيُّ وهو يَعْقُوبُ عليه السّلامُ . وقال السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : معناه سَرِىّ الله . وتَآسِيرُ السَّرْجِ : السُّيُورُ التي بها يُؤْسَرُ ويُشَدُّ قال شيخُنَا : وهو من الجُمُوعِ التي لا مُفْرَدَ لها في الأصَحِّ
وممّا يُسْتَدْرَك عليه : قولُهم : اسْتَأْسرَ أي كُنْ أسِيراً لي . ومن سَجَعَات الأسَاس : مَنْ تَزَوَّجَ فهو طَلِيقٌ قد اسْتَأْسَرَ ومَنْ طَلَّقَ فهو بُغاثُ قد اسْتَنْسَرَوهذا الشيءُ لكَ بأَسْرِه أي بِقده يعني جَميعه كما يُقالُ : بِرُمَّته . وجاءَ القَومُ بأَسْرِهم قال أبو بكر : معناه جاؤُوا بجَميعِهم وفي الحديث : " تَجْفُو القَبِيلَة بأسْرها " أي جميعها . ورجلٌ مَأْسُور ومَأْطُور : شَديدُ عَقْدِ المَفَاصلِ . وفي حديثِ عُمر : " لا يُؤْسَرُ أحَدٌ في الإسلام بشهادةِ الزور إنا لا نَقْبَلُ إلا العُدُولَ أي لا يُحْبَسُ . وأُسُر بضمَّتَيْن : بَلَدٌ بالحَزْنِ : أرضِ بَنِى يَرْبُوع بنِ حَنْظَلَةَ ويقال فيه : يُسُر أيضاً
شَتَّ شَعْبهم يَشِتُّ شَتًّا وشَتَاتاً وشَتِيتاً : أَي فَرَّقَ . شتَّ أَيضاّ : إِذا افْتَرَقَ . وأَمر شَتٌّ : أَي مُتفرِّقٌ كانْشَتَّ جَمْعُهُم . وتَشتَّتَ : أَي تَفَرَّقَ ؛ قال الطِّرِمّاحُ :
شَتَّ شَعْبُ الحَيِّ بعدَ الْتِئامْ ... وشَجَاكَ الرَّبْعُ رَبْعُ المُقَامْ واشْتَشَتَّ مِثْلُهُ . وشَتَّتَهُ اللهُ وأَشَتَّهُ : بمعنى فَرَّقَه . الشَّعْبُ الشَّتِيتُ : أَي المٌفَرِّقُ المُشَّتِّتُ . وعبارة الصِّحاح : المتفرّق ؛ قال رُؤبَةُ يصف إِبِلاً :
" جاءَتْ مَعاً وَاطَّرَقَتْ شَتِيتَا
" وهْيَ تُثِيرُ السّاطِعَ السِّحْتِيتَا وعن الأَصمَعِيّ : شَتَّ بقَلْبِي كذا وكذا : أَي فَرَّقه . ويُقَالُ : أَشَتَّ بِي قَوْمِي : أَي فَرَّقُوا أَمْرِي . ويُقَال : شَتَّتُوا أَمْرَهَم : أَي فَرَّقُوه . وقد اسْتَشَتَّ وتَشَتَّتَ : إِذَا انْتَشَرَ . ويُقَالُ : أَخافُ عليكُم الشَّتَاتَ : أَي الفُرْقَةَ . الشَّتِيتُ من الثُّغْرِ : المُفَلَّقُ المُفَلَّجُ ؛ قال طَرَفَةُ :
" من شَتِيتِ كَأَقاحِ الرَّمْلِ غُرّ
وقَوْمٌ شَتَّى : مُتَفَرِّقُونَ وأَشياءُ شَتَّى . قال شيخُنَا : قيل : إِنّهُ جمعُ شَتِيتٍ كمَرْضَى وَمرِيضِ وقيل : مُفردٌ وبَسَطَ فيه الخَفَاجِيّ في العِنَايَة . انتهى . وفي الحديث : " يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً واحِداً ويَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى " وفي الحديث في الأَنبياءِ : " وأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى " أَي : دِينُهم واحدٌ وشَرائعُهم مختلفة . وقيل : أَراد اختلافَ أَزمانِهم . ويُقَالُ : إِنّ المجلس لَيَجْمَعُ شُتُوتاً من النّاس وشَتَّى أَيْ : فِرَقاً وقيل : يَجمَعُ ناساً من غَيْرِ قَبِيلَةٍ أَي : ليسوا من قبيلة واحدة . يُقَالُ : جاؤُوا شَتَاتَ شَتَاتَ بالفتح . هكذا في نسختنا وفي نُسخةٍ : شَتَاتَ وشَتَاتَ بزيادة الواو بينَهما وجَوَّزَ شيخُنا فيه أَنْ يكون بالضَّمِّ كثُلاث ورُبَاعُ كلُّ هذا والتَّكْرارُ لايَظهرُ له وَجْهٌ . والّذي في لسان العرب نقلاً عن الثِّقات ما نَصُّهُ : ويقالُ : جاءَ القومُ شَتَاتاً وشَتَاتَ . أَي : أَشْتَاتاً مُتَفَرِّقِينَ . واحدُ الأَشْتاتِ : شَتٌّ . الحمدُ للهِ الّذِي جمَعَنا من شَتٍّ : أَي تَفْرِقَةٍ . وهذا هو الصَّواب . وشَتّانَ بِيْنُهُما برفع نُون البَيْنِ روى أَبو زيد في نوادره قولَ الشّاعر :
شَتَّانَ بَيْنُهُما في كُلِّ مَنْزِلَةٍ ... هذا يَخافُ وهذا يَرْتَجِي أَبَدا فرفَعَ البَيْنَ قال الأَزهريّ : من العرب من يَنْصِبُ بينَهما في مثل هذا الموضع فيقولُ : شتَّانَ بينَهُما ويُضْمِرُ " ما " كأَنّه يقولُ : شَتَّ الّذي بينَهما كقوله تَعالى : " لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ " وقال حَسّانُ ابْنُ ثابتٍ :
وشَتّانَ بَيْنَكُما في النَّدَى ... وفي البَأْسِ والخُبْرِ والمنْظَرِ وقال آخَرُ :
أُخاطِبُ جَهْراً إِذْ لُهُنَّ تَخافُتٌ ... وشَتّانَ بَيْنَ الجَهْر والمَنْطقِ الخَفتِ يُقالُ : شَتّانَ مَاهُمَا وشَتّانَ ما زيدٌ وعمرٌو وهو ثابتٌ في الفَصيحِ وغيرِه وصرَّحُوا بأَنَّ " ما " زائدة " وهما " فاعلُهُ في المِثَال الأَوَّل ؛ وفي ما زيدٌ وعمرٌو " ما " زائدةٌ وزيدٌ فاعلُ شَتّانَ وعمرٌو عَطفٌ عليه . قالوا : والشّاهدُ عليه قولُ الأَعْشَى :
شَتّانَ مَا يَوْمِي على كُورِها ... ويَومُ حَيَّانَ أَخِي جابِرِ أَنشده ابنُ قتيبةَ في أَدب الكاتب وأَكثرُ شُرّاح الفصيح قاله شيخُنَا . يُقَال : شَتّانَ مَا بَيْنَهُما أَي : بَعُدَ ما بَيْنهما . أَثبتَه ثعلبٌ في الفصيح وغيره وأَنكره الأَصمعيُّ ؛ ففي الصِّحاح : قال الأَصمعيّ : لا يُقَال شَتَّانَ ما بَيْنَهما . وقال ابنُ قُتَيْبَةَ في أَدب الكاتب : يُقَال : شتَّانَ ما هَما ولايُقالُ : شَتّانَ ما بينَهما وفي لسان العرب وأَبَى الأَصْمَعِيُّ : شَتّانَ ما بينَهما . قال أَبو حاتِمٍ فأَنشدتُهُ قولَ رَبِيعَةَ الرَّقّيِّ يَمدَح يزيدَ بنَ حاتِمِ بْنِ المُهْلَّبِ ويهجو يزيدَ بْنَ سُلَيْم :
لَشّتّانَ ما بَيْنَ اليَزِيدَيْنِ في النَّدَى ... يَزيدِ سُلَيْمٍ والأَغَرِّ بْنِ حاتِمِ
" فَهَمُّ الفَتَى الأَزْدِيِّ إِتْلافُ مالِهِوهَمُّ الفَتَى القَيْسِيِّ جَمْعُ الدَّرَاهِمِ فقال : ليس بفصيح يُلتفتُ إِليه . وقال في التَّهذيب : ليس بحُجَّة إِنّما الأَعْشّى المتقدّم ذكْرُه معناه : تباعد الَّذِي بينَهما . قال ابنُ بَرِّيّ في حواشي الصِّحاحِ وقَوْلُ الأَصْمَعِيِّ : لا أَقولُ شَتّانَ ما بينَهما ليس بشيْءٍ ؛ لأَنّ ذلك قد جاءَ في أَشعار الفُصَحاءِ من العرب من ذلك قولُ أَبي الأَسْوَدِ الدُّؤَليّ :
فإِنْ أَعْفُ يوماً عن ذُنُوبٍ وتَعْتَدِي ... فإِنَّ العَصَا كانَتْ لِغَيْرِكَ تُقْرَعُ
وشَتَّانَ ما بَيْني وَبَيْنَكَ إنَّني ... على كل حال أسْتَقيمُ وتَضْلعُ قال ومثله قول الغيث
وشَتَّانَ ما بَيْنِي وبَيْنَ ابْنِ خالِدٍ ... أُمَيَّةَ في الرِّزْقِ الّذِي يَتَقَسَّمُقال أبو بكر : شتان ما عمرو وشتان أخوه وأبوه وشتان ما بين أخيه بشتان ونسق الأب على الأخ وفتح النون من شتان لاجتماع الساكنين وشبههما بالأدوات ومن قال : شتان ما عمرو رفع عمرا بشتان وأدخل " ما " صلة كذا في اللسان . ونقل مثل ذلك شيخنا عن اللبلي في شرح الفصيح أي : بعد ما بينهما هذا على أنه اسم فعل ماض بمعنى بعد ولذلك بني على الفتح لأنه نائب عن الماضي الذي هو لازم للفتح دائما . وفسره جماعة بافترق وهو الذي عليه كثيرون ولذلك اشترطوا في فعله التردد . وذهب جماعة إلى أنه مصدر وهو الذي جزم به المرزوقي والهروي في شرح الفصيح والزجاج وغير واحد قاله شيخنا . وقد تكسر النون عن الفراء كما نقله الصاغاني مصروفة عن : شتت ككرم فالفتحة التي في النون هي الفتحة التي كانت في التاء وتلك الفتحة تدل على أنه مصروف عن الفعل الماضي . وكذلك : وشكان وسرعان مصروف من : وشك وسرع تقول : وشكان ذا خروجا وسرعان ذا خروجا ؛ وأصله : وشك ذاخروجا وسرع ذا خروجا . روى ذلك كله ابن السكيت عن الأصمعي . وقال أبو زيد : شتان : منصوب على كل حال لأنه ليس له واحد . ثم إن كسر نون شتان نقله ثعلب عن الفراء . وظاهر كلام الرضي أنه رأي للأصمعي أيضا فإنه وجه في شرح الكافية اختيار الأصمعي ومنعه : شتان ما بين بأمرين : الأول : أنه ورد شتان بكسر النون ؛ والثاني : أن فاعله لا يكون إلا متعددا كما هو ظاهر الاستعمال . وفسره بافترق ؛ وافتعل كتفاعل لا يكون فاعله إلا متعددا . وفي شرح الفصيح لابن درستويه : تكسر نون شتان إذا ذهب إلى مثنى فكسره والعرب كلها تفتحه ولم يسمع بمصدر مثنى إلا إذا اختلف فصار جنسين وذلك أيضا قليل في كلامهم . قال : ويلزم الفراء إن كان اثنين أن يقول فيه في موضع النصب والجر شتين بالياء وهذا لا يجيزه عربي ولا نحوي . ونقله أبو جعفر اللبلي . قال شيخنا : وظاهر كلام شراح الفصيح وغيرهم في أن الفراء إنما حكى في نون شتان الكسر فقط وأنه مثنى شت وهو الذي جزم به ابن درستويه كما مر ونقله اللبلي وسلمه وليس الأمر كذلك فإن المعروف أن الفراء إنما حكى الكسر المعروف أن الفراء إنما حكى الكسر لغة في الفتح . قال في تفسيره عند قوله تعالى : " ما هذا بشرا " : أنشد بعضهم :
لشتان ما أنوي وينوي بنو أبي ... جميعا فما هذان مستويان
تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى ... وكل فتى والموت يلتقيانقال الفراء : يقال : شتان ما أنوي بنصب النون وخفضها . هذا كلامه وكذا نقل الصاغاني في العباب عنه : أن كسر النون لغة في فتحها وليس فيه ما زعمه ابن درستويه وبه يسقط ترديد الهروي في شرح الفصيح لما قال : والأصل قول الفراء فإنه يجوز أن تكون النون على أصل التقاء الساكنين ويجوز أن يكون تثنية شت وهو : التفرق . قال شيخنا : وزعم ابن الأنباري في الزاهر : لا يجوز كسر النون في : شتان ما بين أخيك وأبيك قال : لأنها رفعت اسما واحدا ويجوز كسرها في غيره وهو : شتان أخوك وشتان ما أخوك وأبوك فيجوز في هذا كسر النون على أنه تثنية شت هذا كلامه وفيه ما لا يخفى . ثم قال : وشتان اسم فعل على الصحيح . وقال ابن عصفور في شرح الإيضاح : وهو ساكن في الأصل إلا أنه حرك لالتقاء الساكنين . وكان الحركة فتحة إتباعا لما قبلها . وطلبا للخفة ولأنه وقع موقع الماضي وهو مبني على الفتح فجعلت حركته كحركته . وزعم المرزوقي في شرح الفصيح : أن شتان مصدر ولم يستعمل فعله وهو مبين على الفتحة ؛ لأنه موضوع موضع الفعل الماضي تقديره : شت زيد أي : تشتت أو تفرق جدا . وقال ابن عصفور : وزعم الزجاج أنه مصدر واقع موقع الفعل جاء على فعلان مخالف أخواته فبني لذلك . وقال أبو عثمان المازني : شتان وسبحان ويجوز تنوينهما اسمين كانا أو في موضعهما . وقال أبو علي الفارسي في التذكرة القصرية بعد أن نقل قول المازني : شتان إذا كان في موضعه فهو اسم للفعل وهو شت بمنزلة صه فإن نونته فهو نكرة وإن لم تنونه فهو معرفة فإن نقلت شتان عن أن يكون اسما للفعل فجعلته اسما للتشتيت معرفة صار بمنزلة
" سبحان من علقمة الفاخر في أنه اسم للتنزيه معرفة . وصحح ابن أم قاسم في شرح الخلاصة : أن شتان اسم فعل بمعنى تباعد وافترق . قال : وذهب أبو حاتم والزجاج إلى أنها مصدر على فعلان وهو واقع موقع الفعل . قلت : وقد تقدم نص كلام الزجاج وقال الرضي : إنها تدل على التعجب وإن معنى شتان زيد : ما أشد الافتراق : وقال ابن جني : شتان وشتى كسرعان وسكرى يعني : أن شتى ليس مؤث شتان كسكران وسكرى وإنما هما اسمان تواردا وتقابلا في عرض اللغة من غير قصد . قلت : فعلى هذا قولهم في قول جميل :
أريد صلاحها وتريد قتلي ... وشتى بين قتلي والصلاح إنه لضرورة الشعر محل تأمل . ومحمود بن شتى بالضم : محدث روى عن أبي الحسن علي بن أحمد الخرستاني وعنه ابن خليل . وعمر بن السكن بن شتوبه الواسطي عن أبي عبد الله الضرير بحديث كذب