الشَّفْع : خِلافُ الوَتْرِ وهو الزَّوْج وبخطِّ الجَوْهَرِيّ : خلافُ الزَّوْج وهو الوَتْر . وقد شَفَعَه شَفْعَاً كَمَنَعه أي كان وَتْرَاً فصَيَّرَه زَوْجَاً . الشَّفْع : يَوْمُ الأضحى أي من حيثُ إنّ له نَظيراً يَليه والوَتْر : يومُ عَرَفَة هكذا قيل في تفسيرِ قَوْله تَعالى : " والشَّفْعِ والوَتْرِ " وهو قولُ الأسْوَدِ بنِ يَزيد وقال عَطاءٌ : الوَتْر : هو الله تعالى والشَّفْع : الخلقُ لقولِه تعالى : " ومِن كلِّ شيءٍ خَلَقْنا زَوْجَين " وقال الراغبُ : هو الله من حيثُ مالَه وهو الوَحدَةُ من كلِّ وجهٍ والشَّفْع : المَخلوقاتُ من حيثُ إنّها مُرَكّبات . أو الشَّفْع : هو اللهُ عزَّ وجَلَّ لقولِه تعالى : " ما يكونُ من نَجوى ثَلاثةٍ إلاّ هو رابِعُهم " وقيل : الوَتْر : آدَمُ عليه السلام والشَّفْع : شُفِعَ بزَوجِه وهو قولُ ابنِ عبّاسٍ . وقيل : الشَّفْع : ولَدُه وقيل : الشَّفْع : يَوْمَان بعدَ الأضحى والوَتْر : اليومُ الثالث وقيل : الشَّفْع والوَتْر : الصَّلَوات منها شَفْعٌ ومنها وَتْرٌ وقيل : في الشَّفْعِ والوَتْر : إنّ الأَعْدادَ كلَّها شَفْعٌ وَوَتْرٌ . قال الصَّاغانِيّ : وفي الشَّفْعِ والوَترِ عِشرونَ قوْلاً . وليس هذا مَوْضِعَ ذِكرِ أقاويلِهم . وَعَيْنٌ شافِعَةٌ : تَنْظُرُ نَظَرَيْن وأنشدَ ابْن الأَعْرابِيّ :
ما كان أَبْصَرني بغِرّاتِ الصِّبا ... فاليومَ قد شُفِعَتْ لي الأَشْباحُ بالضَّمّ : أي : أرى الشخصَ شَخْصَيْن ؛ لضَعفِ بصَري وانتِشارِه وأنشدَ ثَعْلَبٌ :
لنَفسي حَديثٌ دونَ صَحْبِي وأَصْبَحَت ... تَزيدُ لعَيْنَيَّ الشُّخوصُ الشَّوافِعُ ولم يُفَسِّرْه وهو عندي مثلُ الذي تقدّم . وبَنو شافِعٍ : من بَني المُطَّلِب بنِ عبدِ مَناف وهو شافِعُ بنُ السائبِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عبدِ يَزيدَ بن هاشمِ بنِ المُطَّلِبِ له رُؤْيَةٌ كما ذَكَرَه ابنُ فَهْد وأبوه السائبُ كان يُشَبَّهُ بالنبيِّ صلّى الله عليه وسلَّم يقال : له صُحبَةٌ وأنّه أَسْلَمَ يومَ بَدْر بعد أن أُسِرَ وفدى نَفْسَه كذا قالَه الطَّبَرِيُّ منهم إمامُ الأئمّة ونَجمُ السُّنَّة أحَدُ المُجتَهِدين عالِمُ قُرَيْشٍ وأَوْحَدُها الإمامُ أبو شافِعٍ الشافعيُّ القُرَشِيُّ رَحِمَه الله تَعالى ورَضِيَ عنه وأَرْضَاه عَنّا والنِّسبةُ إليه رَضِيَ الله عنه شافِعيٌّ أيضاً ولا يقال : شَفْعَويٌّ فإنّه لَحْنٌ وإن كان وَقَعَ في بعضِ كتُبِ الفِقهِ للخُراسانِيِّين كالوَسيط وغيره وهو خطأٌ فليُجْتَنَبْ نَبَّه عليه النَّوَوِيُّ كما في الإعاراتِ لابنِ المُلَقِّن حقَّقَه شَيْخُ مَشايِخنا الشّهابُ أحمدُ بنُ أحمدَ العجَمِيُّ في ذَيْلِ اللُّبِّ وُلِدَ الإمامُ رَضِيَ الله عنه في سنةِ مائةِ وخَمسين نَهارَ الجمعةِ آخر يومٍ من شَهْرِ رَجَب وتُوفِّيَ سَنَةَ مائتَيْن وأربع وحُمِلَ على الأعناقِ من فُسطاط مصرَ حتى دُفِنَ في مَقْبَرةِ بَني زُهرَة وتُعرَفُ أيضاً بتُربَةِ ابنِ عبدِ الحكَمِ وقال الشاعرُ في مَدْحِه :
أَكْرِمْ بهِ رجُلاً ما مِثلُه رجلٌ ... مُشارِكٌ لرَسولِ اللهِ في نسَبِهْ
أَضْحَى بمِصرَ دَفيناً في مُقَطَّمِها ... نِعمَ المُقَطَّمُ والمَدفونُ في تُرْبِهْ وللهِ دَرُّ الأبي صِيريِّ حيثُ يقول :
بقُبَّةِ قَبْرِ الشّافِعِيِّ سَفينَةٌ ... رَسَتْ من بِناءٍ مُحكَمٍ فَوْقَ جُلْمودِ
وإذْ غاصَ طُوفانُ العُلومِ بقَبرِه اسْ ... تَوى الفُلكُ مِن ذاكَ الضَّريح على الجُودِي قد نَظَمَ نَسَبَه الشريف الإمامُ أبو القاسمِ عَبْدُ الكريمِ الرّافِعيُّ فقال :
محمد ادْريسُ عَبّاسٌ ومِنْ ... بَعْدِهمُ عُثمانُ بنُ شافِعْ
وسائِبُ بنُ عُبَيْدٍ سابِعٌ ... عَبْدُ يَزيدَ ثامِنٌ والتاسِعْ
هاشِمٌ المَوْلودُ ابنُ المُطَّلِبْ ... عَبْدُ مَنافٍ للجَميعِ تابِعْيقال : إنّه لَيَشْفَعُ عَلَيَّ وفي العُباب : لي بالعداوةِ أي يُعينُ عليَّ ويُضارُّني وفي اللِّسان : يُضادُّني وهو مَجاز . وفي الأساس : فلانٌ يُعاديني وله شافِعٌ أي مُعينٌ يُعينُه على عَداوَتِه كما يُعينُ الشافِعُ المَشْفوعَ له وأنشدَ الصَّاغانِيّ للنابغةِ الذُّبْيانيّ يَعْتَذِرُ إلى النعمانِ بنِ المُنذِرِ ممّا وَشَتْ به بَنو قُرَيْعٍ :
أتاكَ امْرؤٌ مُسْتَبْطِنٌ ليَ بغْضَةً ... له من عَدُوٍّ مثلُ ذلك شافِعُ وقال الأَحْوَصُ :
كأنَّ مَن لامَني لأَصْرمَها ... كانوا علينا بلَوْمِهم شفَعواأي تَعاونوا ويقال : إنَّ حَثَّهُم إيّايَ على صَرْمِها ولَوْمَهم إيّايَ في مُواصَلَتِها زادَها في قلبي حُبّاً فكأنَّهم شفَعوا لها من الشَّفاعة . وقَوْله تَعالى : " مَن يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يكُن له نَصيبٌ منها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سيِّئَةً يكُن له كِفْلٌ منها " : أي من يَزِدْ عمَلاً إلى عمَلٍ من الشَّفْع وهو الزيادةُ كما في العُباب وقال الراغب : أي من انْضمَّ إلى غَيْرِه وعاوَنه وصارَ شَفْعَاً له أو شَفيعاً في فِعلِ الخَيرِ أو الشَّرِّ فعاونَه أو شارَكه في نَفْعِه وضُرِّه وقيل : الشَّفاعَةُ هنا : أن يُشْرِعَ الإنسانُ للآخِرَةِ طريقَ خَيْرٍ أو شَرٍّ فيُقتَدى به فصارَ كأنّه شَفَعَ له وذلك كما قال عليه الصلاةُ والسلام : " مَن سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فله أَجْرُها وأَجْرُ مَن عَمِلَ بها وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً قَبيحَةً فله إثمُها وإثمُ مَن عَمِلَ بها " وقَوْله تَعالى : " فما تَنْفَعُهم شَفاعَةُ الشَّافِعين " . وقولُه عزّ وجلّ : " ولا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ " وكذا قَوْله تَعالى : " يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إلاّ من أَذِنَ له الرَّحمنُ ورَضِيَ له قَوْلا " وكذا قَوْله تَعالى : " لا تُغْنِ عنِّي شَفاعَتُهم شيئاً " . قال ابنُ عَرَفَةَ : نَفْيٌ للشافِع أي مالِها شافِعٌ فَتَنْفَعَها شَفاعَتُه وإنّما نَفَى الله تَعالى في هذه المواضِعِ الشافِعَ لا الشَّفاعَةَ . ألا ترى إلى قَوْلِه : " ولا يَشْفَعونَ إلاّ لمنْ ارْتَضى " . الشَّفيع كأميرٍ : الشّافِع وهو صاحبُ الشَّفاعَةِ والجَمعُ شُفَعاء وهو الطالبُ لغَيرِه يَتَشَفَّعُ به إلى المَطلوب . الشَّفيع أيضاً : صاحبُ الشُّفْعَة بالضَّمّ تكونُ في الدارِ والأرض . وسُئِلَ أبو العبّاس ثَعْلَبٌ عن اشتِقاقِ الشُّفْعَةِ في اللُّغَة فقال : اشتِقاقُها من الزيادةِ وهي : أن تَشْفَعَ هكذا في العُباب والذي في اللِّسان : يُشَفِّعك فيما تَطْلُبُ فتَضُمَّه إلى ما عندَك فَتَشْفعَه أي تَزيدَه أي أنّه كان وَتْرَاً واحِداً فضمَّ إليه ما زادَه وَشَفَعه به . وقال الراغبُ : الشُّفْعَة : طَلَبُ مَبيعٍ في شَرِكَتِه بما بِيعَ به ليَضُمَّه إلى مِلكِه . فهو من الشَّفْع . وقال القُتَيْبِيُّ - في تفسيرِ الشُّفْعَة - : كان الرجلُ في الجاهليّةِ إذا أرادَ بيعَ مَنْزِلٍ أتاهُ رجلٌ فَشَفَعَ إليه فيما باعَ فشَفَّعَه وَجَعَله أَوْلَى بالمَبيعِ ممّن بَعُدَ سبَبُه فسُمِّيَت شُفْعَةً وسُمِّي طالِبُها شَفيعاً . الشُّفْعَةُ عند الفُقَهاء : حَقُّ تمَلُّكِ الشَّقْصِ على شَريكِه المُتَجَدِّدِ مِلكُه قَهْرَاً بعِوَضٍ وفي الحديث : " الشُّفْعَةُ فيما لا يُقسَم فإذا وَقَعَتْ الحُدودُ وصُرِفَتْ الطُّرُقُ فلا شُفْعَةَ " وفي هذا دَليلٌ على نَفْيِ الشُّفْعَةِ لغَيرِ الشَّريك وأمّا قَوْلُه : فإذا وَقَعَتْ الحُدودُ... إلى آخِره فقد يَحتَجٌّ بكلِّ لَفْظَةٍ منها قومٌ أمّا اللفظَةُ الأولى : ففيها حُجَّةٌ لمن لم يرَ الشُّفْعَةَ في المَقسوم وأمّا اللفظةُ الأُخرى : فقد يَحْتَجُّ بها من يُثبِتُ الشَّفْعَةَ بالطريقِ وإن كان المَبيعُ مَقْسُوماً وهذه قد نَفاها الخَطّابيُّ بما هو مَذْكُورٌ في غَريبِه ثمّ إنّه علَّقَ الحُكمَ فيه بمعنَيَيْن : وقوعُ الحُدود وصَرْف الطرُقِ معاً فليس لهم أن يُثبِتوه بأحَدِهما وهو نَفْيُ صَرْفِ الطرُقِ دونَ نَفْيِ وقوعِ الحدود . وقولُ الشَّعْبِيِّ رَحِمَه الله تَعالى : الشُّفْعَةُ على رؤوسِ الرِّجالِ أي إذا كانت الدارُ بينَ جماعةٍ مُختَلفي السِّهامِ فباعَ واحدٌ منهم نَصيبَه فيكون ما باعَ لشُرَكائِه بينهم سَواءً على رؤوسِهم لا على سِهامِهم كذا في النِّهايةِ والعُباب . قال أبو عمروٍ : الشُّفْعَةُ أيضاً : الجُنونُ وجَمْعُها : شُفَعٌ . الشُّفْعَةُ من الضُّحى : رَكْعَتاه ومنه الحديث : " مَن حافَظَ على شَفْعَةِ الضُّحى غُفِرَتْ له ذُنوبُه " ويُفتَح فيهما كالغُرفَةِ والغَرفَة سَمّاها شُفْعَةً لأنّها أكثرُ من واحدةً ونُقِلَ الفتحُ في الشُّفْعَةِ بمعنى الجُنونِ عن ابْن الأَعْرابِيّ . قال : يقال : في وَجْهِه شَفْعَةٌ وسَفْعَةٌ وشُنْعَةٌ ورَدَّةٌ ونَظْرَةٌ بمعنىً واحدٍ وأمّا الفَتحُ في شَفْعَةِ الضُّحى فقال القُتَيْبيُّ : الشَّفْع : الزَّوْج ولمأَسْمَعْ به مُؤنَّثاً إلاّ هنا . قال : وأَحْسَبُه ذَهَبَ بتأنيثِه إلى الفَعلَةِ الواحدةِ أو إلى الصلاة . والمَشْفوع : المَجنون وإهمالُ السينِ لغةٌ فيه . منَ المَجاز : ناقةٌ شافِعٌ أو شاةٌ شافِعٌ أي في بَطْنِها ولَدٌ يَتْبَعُها آخَرُ كما في الصحاح وهو قولُ الفَرّاء ونَحوُ ذلك قال أبو عُبَيْدةَ وأنشدَ : ْمَعْ به مُؤنَّثاً إلاّ هنا . قال : وأَحْسَبُه ذَهَبَ بتأنيثِه إلى الفَعلَةِ الواحدةِ أو إلى الصلاة . والمَشْفوع : المَجنون وإهمالُ السينِ لغةٌ فيه . منَ المَجاز : ناقةٌ شافِعٌ أو شاةٌ شافِعٌ أي في بَطْنِها ولَدٌ يَتْبَعُها آخَرُ كما في الصحاح وهو قولُ الفَرّاء ونَحوُ ذلك قال أبو عُبَيْدةَ وأنشدَ :
وشافِعٌ في بَطْنِها لها وَلَدْ ... وَمَعَها من خَلْفِها لها وَلَدْ وقال :
ما كانَ في البَطنِ طَلاها شافِعُ ... وَمَعَها لها وَليدٌ تابِعُ سُمِّيت شافِعاً ؛ لأنّ وَلَدَها شَفَعَها أو هي شَفَعَتْه كَمَنَعَ شَفْعَاً فصارا شَفْعَاً وفي الحديثِ عن سِعْرِ بنِ دَيْسَم - رَضِيَ الله عنه - قال : كنتُ في غَنَم لي فجاءَ رجُلانِ على بَعيرٍ فقالا : إنّا رَسولا رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلَّم لتُؤَدِّي صَدَقَةَ غنَمِك فقلتُ : ما عليَّ فيها ؟ فقالا : شاةٌ . فأَعْمِدُ إلى شاةٍ قد عَرَفْتُ مكانَها مُمْتَلئةً مَحْضَاً وشَحْمَاً فَأَخْرجْتُها فقالا : هذه شاةٌ شافِعٌ وقد نهانا رسولُ الله صلّى الله عليه وسلَّم أنْ نَأْخُذَ شافِعاً . أو المصدرُ من ذلك الشِّفْع بالكَسْر كالضِّرِّ من الضَّرَّة كما في العُباب . والشافِع : التَّيْسُ بعَينِه أو هو من الضَّأْن كالتَّيْسِ من المِعْزى أو هو الذي إذا أَلْقَحَ أَلْقَح شَفْعَاً لا وِتراً كما في العُباب . منَ المَجاز : ناقةٌ شَفوعٌ كصَبورٍ : تَجْمَعُ بينَ مِحلَبَيْن في حَلْبَةٍ واحدة وهي القَرون . شَفيعٌ كأميرٍ : جَدُّ عبدِ العزيز بنِ عبدِ الملِك المُقرِئُ مات بعد الخمسمائة . شُفَيْعٌ كزُبَيْرٍ هو أبو صالِح بنُ إسحاقَ المُحتَسِبُ المُحدِّث عن محمدِ بنِ سَلام والبُخاريّ مات سنة مائتَيْن وسبعٍ وخَمسين . والشَّفائِع : أَلْوَانُ الرَّعْيِ يَنْبُتُ اثنَيْنِ اثنَيْن عن ابْن عَبَّادٍ . وشَفَّعْتُه فيه تَشْفِيعاً حينَ شَفَعَ كَمَنَعَ شَفاعَةً أي قَبِلْتُ شَفاعَتَه كما في العُباب . قال حاتمٌ يُخاطِبُ النعمانَ :
فَكَكْتَ عَدِيّاً كلَّها مِن إسارِها ... فَأَفْضِلْ وشَفِّعْني بقَيسِ بنِ جَحْدَرِ وفي حديثِ الحدود : " إذا بَلَغَ الحَدُّ للسُّلطانِ فَلَعَنَ اللهُ الشافِعَ والمُشَفِّع " وفي حديثِ ابنِ مسعود رَضِيَ الله عنه : القُرآنُ شافِعٌ مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مُصَدَّقٌ . أي من اتَّبَعه وعَمِلَ بما فيه فهو شافِعٌ له مقبولُ الشفاعَةِ في العَفوِ عن فَرَطَاتِه ومن تَرَكَ العملَ به نَمَّ على إساءَتِه وصُدِّقَ عليه فيما يُرفَعُ من مَساويه فالمُشَفَّع : الذي يَقْبَلُ الشَّفاعَةَ والمُشَفَّع : الذي تُقبَلُ شَفاعَتُه ومنه حديثُ الشَّفاعَة : " اشْفَعْ تُشَفَّعْ " . واسْتَشْفَعَه إلينا وعبارةُ الصحاح : واسْتَشْفَعَه إلى فلان أي سَأَلَه أن يَشْفَعَ له إليه . وأنشدَ الصَّاغانِيّ للأعشى :
تقولُ بِنتي وقد قَرَّبْتُ مُرْتَحِلاً ... يا رَبِّ جَنِّبْ أبي الأَوْصابَ والوَجَعا
واسْتَشْفَعَتْ من سَراةِ الحَيِّ ذا شَرَفٍ ... فقد عَصاها أبوها والذي شَفَعَا يريد : والذي أعانَ وطلبَ الشَّفاعَةَ فيها وأنشدَ أبو لَيْلَى :
زَعَمَتْ مَعاشِرُ أنَّني مُسْتَشْفِعٌ ... لمّا خَرَجْتُ أزورُه أقْلامَها قال : زعموا أنِّي أَسْتَشْفِعُ بأَقْلامِهم في المَمدوح أي كتُبِهم . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : الشَّفيع من الأَعداد : ما كان زَوْجَاً . والشَّفْع : ما شُفِعَ به سُمِّي بالمصدر وجَمْعُه شِفاعٌ قال أبو كَبيرٍ :
وأخو الأباءَةِ إذْ رأى خِلاّنَه ... تَلَّى شِفاعاً حَوْلَه كالإذْخِرِشبَّهَهم بالإذْخِر ؛ لأنّه لا يكادُ يَنْبُتُ إلاّ زَوْجَاً زَوْجَا . وشاةٌ شَفوعٌ كشافِعٍ ويقال : هذه شاةُ الشافِع كقولِهم : صلاةُ الأُولى ومَسجِدُ الجامِع وهكذا رُوِيَ في الحديثِ الذي تقدّمَ عن سِعرِ بنِ دَيْسَمٍ رَضِيَ الله عنه . وشاةٌ مُشْفِعٌ كمُكرِم : تُرضِعُ كلَّ بَهْمَةٍ . عن ابْن الأَعْرابِيّ . وَتَشَفَّعَ إليه في فلانٍ : طَلَبَ الشّفاعَةَ . نقله الجَوْهَرِيّ . وَتَشَفَّعَه أيضاً : مُطاوِعُ اسْتَشْفَعَ به كما في المُفردات . وَتَشَفَّعَ : صارَ شافعِيَّ المَذهَب وهذه مُوَلَّدةٌ . والشَّفاعَة ذكرها المُصَنِّف ولم يُفسِّرْها وهي : كلامُ الشَّفيع للمَلِكِ في حاجةٍ يسألُها لغيرِه . وَشَفَع إليه : في معنى طَلَبَ إليه . وقال الراغب : الشَّفْع : ضَمُّ الشيءِ إلى مِثلِه والشّفاعَة : الانضِمامُ إلى آخَرَ ناصراً له وسائلاً عنه وأكثرُ ما يُستعمَلُ في انضِمامِ مَن هو أعلى مَرْتَبةً إلى من هو أدنى ومنه الشَّفاعَةُ في القيامة . وقال غيرُه : الشَّفاعَة : التَّجاوُزُ عن الذُّنوبِ والجرائم . وقال ابنُ القَطّاع : الشّفاعَةُ : المُطالَبةُ بوَسيلةٍ أو ذِمامٍ . والشُّفُعَةُ بضمَّتَيْن : لغةٌ في الشُّفْعَةِ في الدارِ والأرض . والشّفائِع : تُؤَام النبتِ قال قَيْسُ بنُ العَيْزارَةِ الهُذَلِيُّ :
إذا حَضَرَتْ عنه تمَشَّتْ مَخاضُها ... إلى السِّرِّ يَدْعُوها إليه الشَّفائِعُ السِّرُّ : مَوْضِع . والشُّفْعَة بالضَّمّ : العَين . وامرأةٌ مَشْفُوعةٌ : مُصابةٌ من العَين ولا يُوصَفُ به المُذَكَّر كما في اللِّسان وقال ابنُ القَطّاع : شُفِعَ الإنسانُ كعُني : أصابَتْه العَينُ وقال ابنُ فارِسٍ : امرأةٌ مَشْفُوعةٌ وهي التي أصابَتْها شُفْعَةٌ وهي العَين . قال : قد قيل ذلك وهو شاذٌّ من هذا التركيب ولا نَعْلَمُ كيف صِحَّتُه ولعله بالسينِ غيرِ مُعجمَة كما في العُباب . والأَشْفَع : الطويل كما في اللِّسان . زادَ ابنُ القَطّاع : وقد شَفِعَ شَفَعَاً إذا طالَ . والشَّفْعُ والشَّفاعَة : الدُّعاء وبه فَسَّرَ المُبَرِّدُ وثعلبٌ قَوْله تَعالى : " مَن ذا الذي يَشْفَعُ عِندَه إلاّ بإذْنِه "
عَنَدَ عن الحَقِّ والشيء والطريقِ كنصَر وسَمِع هكذا في النُّسخ . والصواب : وضَرَب . وهذه عن الفراءِ في نوادِرِه فإنه قال عَنَدَ عن الطَّرِيقِ يَعْنِد بالكسر لغة في يعنُْد بالضَّم فتأمل . وكَرُم يَعْنُد ويَعْنَد ويَعْنِد عُنُوداً كَقُعُودٍ وعَنَداً محرَّكةً : تَبَاعَدَ ومالَ وعَدَلَ وانحرفَ إلى عَنَدٍ أَيْ جانِبٍ
ومن المجاز : عَنَدَ العِرْقُ يَعنُد ويَعنَد ويَعْنِد هو من الأَبواب الثلاةِ نصر وضَرَبَ وكرُمَ الثانية عن الفَرَّاءِ : سالَ فَلَمْ يَرْقَأْ كَأَعْنَدَ وهذه عن الصاغانِّي وهو عِرْقٌ عانِدٌ قال عَمْرُو بن مِلْقَطٍ :
بَطَعْنةٍ يَجْري لها عانِدٌ ... كالمَاءِ من غائِلَةِ الجابِيَهْ
وأَعْنَدَ أَنْفُه : كَثُر سَيلانُ الدمِ منه . وسُئلَ ابن عباس عن المُسْتَحاضَة فقال : إِنه عرقٌ عانِدٌ أَو رَكْضة من الشيطانِ قال أبو عُبَيْد : العرْقُ العانِدُ : الذي عَنَدَ وبَغَى كالإِنسان يُعانِدُ فهذا العِرقُ في كَثْرةِ ما يَخْرُج منه بمنزلتِهِ شُبِّهَ به لكَثرة ما يَخْرُج منه على خِلافِ عادَته . وقال الرَّاعي :
ونحنُ تَرَكْنَا بالفَعَالِيِّ طَعْنَةً ... لها عانِدٌ فوقَ الذِّراعَيْنِ مُسْبِلُ وقيل : دَمٌ عانِدٌ : يَسيلُ جانباً . وقال الكسائيُّ : عَنَدَت الطَّعْنَةُ تَعْنِد وتَعْنُد إذا سالَ دَمُها بعيداً من صاحبِها وهي طَعْنَةٌ عانِدَةٌ . وعَنَدَ الدمُ يَعْنِدُ إذا سالَ في جانبٍ . وعَنَدت الناقةُ : رعتْ وحدها وأَنِفَتْ أَن تَرْعَى مع الإِبل فهي تَطْلُبُ خِيَارَ المَرْتَعِ وبعضُ الإِبِل يَرْتَعُ ما وَجَدَ . وعَنَدَ الرجلُ يَعنُد ويَعْنِد عَنْداً وعُنُوداً عَتَا وطَغَى وجاوَزَ قَدْرَه وخالفَ الحَقَّ ورَدَّهُ عارِفاً بهِ كعانَدَ مُعانَدةً فهو عَنيدٌ وعانِدٌ والعَنُود والعَنيدُ : بمعنى فاعل أَو مُفاعِل والعُنُود بالضم : الجَوْرُ والمَيْلُ عن الحق . وكان كُفْرُ أَبي طالِبٍ مُعَانَدَةً لانه عرفَ الحقَّ وأَقَرَّ وأَنِفَ أن يقالَ : تَبِع ابنَ أَخِيه فصارَ بذكل كافراً . وأَعْنَدَ في قَيْئهِ إذا أَتْبَعَ بَعضَهُ بَعْضاً وذلك إذا غَلَب عليه وكثُرَ خُرُوجُه وهو مَجاز ويقال : استعْنَدَه القَيءُ أَيضاً كما سيأَتي . والعانِدُ : البَعِيرُ الذي يَحُورُ عن الطَّريق ويَعْدلُ عن القصْدِ . وناقَةٌ عَنُودٌ : لا تُخَألطُ الإِبِلَ تَبَاعَدُ عَنْهُنَّ فتَرْعَى نَاحِيَةً أَبداً والجمع : عُنُدٌ وناقة عانِدٌ وعانِدَةٌ وج أَي جَمْعُهَا جَميعاً عَوَانِدُ وعُنَّدٌ كرُكْع قالك
" إذا رَحَلْتُ فاجْعَلُوني وَسَطَاً
" إِني كَبِيرٌ لا أُطيقُ العُنَّدَاجمع بين الطَّاءِ والدَّالِ وهو إِكفاءٌ . وفي حديث عمر يذكر سيرته يصف نفْسَه بالسياسةِ فقال : إِني أَنْهَرُ الَّفُوتَ وأَضُمُّ العَنُودَ وأُلحِقُ القَطُوفَ وأَزْجُر العَرْوضَ . قال ابنُ الاَثير : العَنُود من الغِبلِ : الذي لا يُخالطُهَا ولا يَزالُ منفرداً عنها وأَرادَ من خَرجَ عن الجماعة أَعَدْتُه إليها وعَطَفْتُه عَلَيْها . وقال ابنُ الأَعْرابيِّ وأَبو نصْرٍ : هي التي تكون في طائفَةِ الإِبل أَي في ناحِيَتِها . وقال القَيسِيُّ : العَنُود من الإِبل : التي تُعاندُ الإِبلَ فتُعارِضُها . قال : فإذا قادَتْهُنَّ قُدُماً أَمامَهُنَّ فتلك َالسًّلُوفُ . وفي المحكم : العَنُودُ من الدواب : المتقدمةُ في السيرِ وكذلك هي من حُمُرِ الوَحْشِ وناقةٌ عَنُودٌ : تَنْكُبُ الطَّرِيقَ من نَشَاطِها وقُوَّتِها . و الجمع : عُنُدٌ وعُنَّدٌ قال ابن سيده : وعِنْدِي أن عُنَّدَا ليَ جمع عَنُودِ لأنَّ فَعُولاً لا يُكَسَّر على فُعَّلٍ وإنما هي جمع عاندٍ . وإِيَّاه تَبِعَ المصنف على عادِته . والمُعَانَدَةُ : المُفارَقَةُ والمُجَانَبَةُ وقد عَانَدَه إذا جَانَبَه وهو من عَنَدَ الرَّجُلُ أَصحابَه يَعنُد عُنُوداً إذا ما تَرَكهم واجْتازَ عليهم وعنَدَ عَنْهُم إذا ما تَرَكَهُم في سَفَرٍ وأَخذَ في غيرِ طَرِيقهم أَو تَخَلَّف عنهم . قال ابن شُمَيْلٍ والعُنُود كأَنَّه الخِلافُ والتَّبَاعُدُ والتَّرْكُ ؟ لو رأَيْتُ رَجُلاً بالبَصْرةِ من الحِجَازِ لقُلْتُ : شَدَّ ما عَنَدْتَ عن قَومِكَ أَي تَبَاعدْت عنهم والمُعانَدَةُ : المُعارَضَةُ بالخلافِ لا بالوِفاقِ وهذا الذي يَعْرِفُه العَوَام . وفي التهذيب : عانَدَ فلانٌ فلاناً : فَعَلَ مِثْلَ فِعْله يقال : فلانٌ يُعانِدُ فلاناً أَي يَفْعَل مِثْلَ فِعْله وهو يُعارِضه ويُبَارِيه وقال : والعامَّة يُفَسِّرُونَه : يُعَانِدُه : يَفْعَلُ خِلاَفَ فِعْلِه . قالك ولا أَعْرِفُ ذلك ولا أُثْبِتُه . كالعِنَادِ . وفي اللِّسَانِ : وقد يكونُ العِنَادُ مُعارَضةً لغيرِ الخِلافِ كما قال الأَصمعيُّ واستَخْرَجَهُ من عنَد الحُبَارَى وجَعَلَه اسماً من عانَدَ الحُبارَى فَرْخَه إذا عارَضَهُ في الطَّيرانِ أَوَّلَ ما يَنْهَضُ كأَنَّه يُعَلِّمُه الطَّيرانَ شَفَقَةً عليه . وعانَدَ البَعِيرُ خِطَامَه : عارَضَهُ مُعَانَدَةً وعِنَاداً . والمُعانَدَةُ في الشيءِ : الملازَمَةُ فهو ضِدٌّ مع معنى المفارَقَةِ ولم يُنَبِّهْ عليه المصنِّف . وعنْدَ مُثَلَّثَةَ الأولِ صَرَّحَ به جماهِيرُ أَهلِ اللغة وفي المغنى : وبالكسر أَكثر وفي المصباح : هي اللُّغَةُ الفُصْحَى . وفي التسهيل : ورُبَّما فُتِحَت عينُهَا أَو ضُمَّت . ومعناها حُضُورُ الشيءِ ودُنُوُّه وهي ظَرْفٌ في المكانِ والزَّمانِ بِحَسبِ ما تُضافُ إليه فإن أُضِيفَتْ إلى المَكَانِ كانت ظَرْفَ مكانٍ : كعِنْدَ البَيْتِ وعندَ الدَّارِ ونحْوِه وإِن أُضِيفَتْ إلى الزَّمانِ فكذلكَ نحو : عِنْدَ الصُّبْح وعِنْدَ الفَجْرِ وعِنْدَ الغُرُوبِ ونحو ذلك غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ ؟ ومثلُه في الصحاح . وفي اصطلاح النُّحاة : غيرُ مُتَصَرِّف أَي لازِمٌ للظَّرْفِيَّةِ لا يَخْرُج عنها أَصْلاً . ويَدْخُلُهُ من حُروفِ الجَرِّ من وَحْدَها كما أَدخلوها على لَدُن قال تعالى : " رَحْمَةً من عِنْدِنا " وقال تعالى : " من لدُنَّا " . قال شيخُنا : وجَرُّه بِمِنْ من قَبِيلِ الظَّرْفِيَّةِ فلا يُرَدُّ كما صَرَّحُوا به أَي إِنما يُجَرُّ بمن خاصَّةً . وفي التهذيب : هي بلُغَاتِها الثلاثِ أَقْصَى نِهاياتِ القُرْب ولذلك لم تُصَغَّر وهو ظَرفٌ مُبْهَم ولذلك لم يَتَمَكَّن إلا في موضعٍ واحدٍ وهو أَن يقال لشيء بلا عِلْمٍ : هذا عِنْدِي كذا وكذا فَيُقَال أَولَكَ عِنْدٌ . قال شيخُنا : فعِنْدٌ مُبتدأٌ ولك خَبَرُهُ واستُعْمِلَ غَيْرَ ظَرْفٍ لأنه قُصِدَ لَفْظُه أَي هل لك عِنْدٌ تُضِيفُه إليكَ نَظِير قولِ الآخر :
" ومنْ أَنتُمُ حتَّى يكونَ لَكُمْ عِنْدُ وقول الآخر :
كُلُّ عِنْدٍ لكَ عِنْدِي ... لا يُسَاوِي نَصْفَ عِنْدِفهذا كُلُّه قُصِدَ الحُكْمُ على لَفْظِه دُونَ مَعْنَاه . وقال الأَزهريُّ : زعموا أَنه في هذا الموضع يُرادُ به القَلْبُ وما فيه المَعْقُولُ واللُّبُّ قال : وهذا غير قَوِيٍّ . قلت : وحَكَآ ثَعْلَبُ عن الفَرَّاءِ : قالوا : أنت عِنْدِي ذاهِبٌ أَي في ظَنِّي . وقال الليث : وهو في التقريبِ شِبْه اللِّزْقِ ولا يَكادُ يَجِيءُ في الكلام إِلاَّ منصوباً لأنه لا يكون إِلاَّ صفةً معمولاً فيها أَو مُضْمَراً فيها فِعْلٌ إلا في قولهم : أَو لك عِنْدٌ . كما تقدَّم . وقد يُغْرَى بِهَا أَي حالَة كونِها مُضَافَةً لا وحَدهَا كما فَهِمَه غيرُ واحدٍ من ظاهِرِ عبارةِ المصنِّف لأَن الموضوعَ للإِغراءِ هو مجموعُ المضافِ والمضافِ إليه . صَرَّحَ به شيخُنا . ويدلّ لذلك قوله : عنْدَك زَيداً أي خُذْهُ وقال سيبويهِ : وقالوا : عِنْدَكَ تُحَذِّرُه شَيْئاً بين يَدَيْهِ أَو تَأْمُره أَن يَتَقَدَّم وهو من أَسماءِ الفِعْلِ لا يَتَعَدَّى . وقال الفرّاءُ : العَرَبُ تأْمُر من الصِّفاتِ بِعَلَيْكَ وعِ ْدَكَ ودُونَك وإِلَيْك يقولون : إِليكَ إِليكَ عَنِّي كما يَقُولون : وراءَك وَراءَك فهذه الحروفُ كثيرة . وزَعَم الكسائيُّ أَنَّه سَمِعَ بَيْنَكُما البَعير فَخُذَاه . فنَصَب البَعِيرَ . وأَجاز ذلك في كلِّ الصِّفاتِ التي تُفْرَد ولم يُجِزْه في اللامِ ولا الباءِ ولا الكافِ وسَمِعَ الكسائيُّ العَرَب تقولُ : كما أَنْتَ وزيداً ومكانَك ووزيداً . قال الأَزهريُّ : وسمعتُ بعض بني سُلَيْمٍ يقول : كَمَا أَنْتَنِي يقول : انتَظِرْنِي في مكانِكَ . قال شيخُنا : وبَقِيَ عليهم أنهم استَعْملوا عِنْد في مُجَرَّد الحُكْم من غيرِ نَظَرٍ لظَرْفيّةٍ أَو غيرِهَا كقولِهم عنِدي مالٌ اما هو بِحَضْرتك ولما غابَ عَنْك ضُمِّنَ معنَى المِلْك والسُّلطانِ على الشيءِ ومن هُنا استُعْمِل في المَعَانِي فيقال : عِنْدَه خَيْرٌ وما عِنْدَه شَرُّ لأَنَّ المَعَانِيَ ليس لها جهَاتٌ . ومنه " فإِنْ أَتمَمْتَ عَشراً فمنْ عِنْدِك " أَي من فَضْلِكَ . ويكون بمعنى الحُكْم يقال : هذا عِنِدي أَفضلُ من هذا أَي في حُكْمِ . وأَصلُه في درة الغوّاص للحريريِّ . ولا تَقُلْ : مَضَى إلى عِندِهِ ولا إلى لَدُنْهُ وهكذا في الصحاح . وفي درة الغواص : قولهم : ذهبتُ إلى عِنْدِه لَحْنٌ لا يَجُوز استعمالُه ونسَبَه للعامَّةِ وفرَّق الدَّمامِينِيُّ بينَها وبين لَدُن من وُجوه سِتَّةٍ ورَدَّ ما زَعَمَه المَعَرِّيُّ من اتِّحادِهما ومَحَلُّ بَسْطِه المُطَوَّلاتُ . والعنْدُ مُثَلَّثَةً : النَّاحيَةُ . وبالتَّحْرِيكِ : الجانبُ وقد عانَد فُلانٌ فُلاناً إذا جَانَبه ودَمٌ عانِدٌ : يَسِيل جانباً . وبه فسر قول الراجز :
" حُبَّ الحُبَارَى ويَزِفُّ عَنَدَه وقال ثعلب المُرَادُ بالجَانِبِ هنا الاعتراضُ . والمعنى يُعَلِّمه الطَّيرَانَ كما يُعَلِّمُ العُصفورُ ولَدَه وأَنشد :
" وكُلُّ خنْزِيرٍ يُحِبُّ وَلَدَه
" حَبَّ الحُبَارَى ... الخ ومن المجاز : سَحَابَةٌ عَنُودٌ كَصَبُورٍ : كَثيرةُ المَطَرِ لا تَكاد تُقلِع وجَمْعُه : عُنُدٌ قال الراعي :
باتَتْ إلى دفْءِ أَرْطَاةٍ مُباشِرَةً ... دِعْصاً أَرَذَّ عليه فُرَّقٌ عُنُدُ نقله الصاغاني . وقِدْحٌ عَنُودٌ وهو الذي يَخْرُجُ فائِزاً على غيرِ جِهَةِ سائرِ القِدَاحِ نقله الصاغانيُّ . وأَعْنَدَهُ الرَّجلُ : عارَضَهُ بالوِفَاقِ نقله الصاغانيُّ وبالخِلافِ ضِدٌّ . وقال الأزهريّ : المُعَانِدُ هو المُعَارِضُ بالخِلافِ لا بالوِفاق وهذا الذي يعرِفه العَوامُّ . وقد يكون العِنادُمَعارضةً لغيرِ الخِلاف . وقد تقدَّم . قلت : فإذا كانتْ عامَّةً فلا يَظْهر للضِّدِّيَّةِ كَبِيرُ مَعْنى أَشار له شيخنا رحمه الله تعالى . والعنْدَأْوَةُ بالكسر والهمز قد مَرَّ ذِكْرُه في باب الهَمْزِ قال أَبو زيد : يقال : " إِنْ تَحْتَ طرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوَة " أَي تحتَ سُكونِك لَنَزْوةَ وطمَاحاً . ومنها من جَعَل الهَمْزةَ زائدةً فذكرها هنا ومنهم من قال بأَصالةِ الواو فذكرها في المُعْتَلِّ فوزْنه فنْعَلْوَة أَو فِعْلَلْوَة . ويقال مالي عَنْهُ عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ كَجُندَبٍ وقُنْفُذٍ . وكذا : ما لي عنه احتيال أَي بُدُّ قال :لَقَدْ ظَعَن الحَيُّ الجَمِيعُ فأَصعَدَوا ... نَعَمْ لَيْسَ عَمَّا يفعلُ اللهُ عُنْدَدُ وإنما لم يُقْضَ عليها أَنَّها فُنْعَلٌ لأَنَّ التَّكْرير إذا وَقَع وَجَبَ القَضَاءُ بالزِّيادة إِلاّ أَن يَجيءَ ثَبَتٌ . وإِنَّمَا قُضيَ على النّونِ هاهنا أَنَّها أَصلٌ لأَنَّهَا ثانِيَةٌ والنون لا تُزادُ ثانيةً إِلا بثَبتٍ وقال اللِّحْيَانيُّ : ما لي عن ذاك عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ أَي مَحِيصٌ . وفي المحكم : ما لي إِليه مُعْلَنْدَدٌ سَبِيلٌ وما وَجدْتُ إلى كذا مُعْلَنْدَداً أَي سَبِيلاً . وقال الِّحْيانيُّ مرَّة : ما وجَدْتُ إلى ذلك عُنْدُداً وعُنْدَدا أَي سَبِيلاً . ولا ثَبَتَ هُنا . وفي اللِّسَان مادة : علند : ويقال : ما لي عنه مُعْلَنْدِدٌ أَي ليس دُونَه مُنَاخٌ ولا مَقِيلٌ إِلا القَصْد نَحْوَه والمُعْلَنْدَدُ : البَلدُ لا ماءَ بها ولا مَرعَى قال الشاعر :
" كَمْ دُونَ مَهْدِيَّةَ من مُعْلَنْدَدِ وذكره أَئِمَّةُ اللغَةِ مُفَرَّقاً في : علد وعلند وعند
ومن المجاز : استَعْنَدَهُ القَيءُ وكذا الدَّمُ إذا غَلَبَ وكَثُر خُرُوجُه كعَنَدَه . واستَعْنَدَ البَعِيرُ وكذا الفَرَسُ : غَلَبا على الزِّمامِ والرَّسَنِ وعارَضَا وأَبَيَا الانقِيادَ فَجرَّاه . نقله الصاغانيُّ . واستَعْنَدَ عَصَاهُ : ضَرَبَ بها في الناسِ نقله الصاغانيُّ . واستَعْنَدَ الذَّكَرَ : زَنَى بهِ فِيهِم ونصُّ التكملة : واسْتَعْنَد ذَكَره : زَنَى في الناس . واستَعْنَدَ السِّقاءَ : اخْتَنَثَهُ أَي أَمالَه فَشَرِبَ من فِيهِ أَي من فَمِه . واستعنَدَ فُلاناً من بينِ القوم قصده . والعُنْدَدُ كَجُنْدَبٍ : الحِيلَةُ والمحيص يقال : ما لي عنه عُنْدَدٌ والعُنْدَدُ أَيضاً : القَدِيمُ . وسَمَّوْا عِنَاداً وعِنَادة كسَحَابٍ وسَحابة وكِتَابٍ وكِتَابَة . وعَنْدَةُ بفتح فسكون : اسمُ امْرَأَةٍ من بني مَهْرَةَ بن حَيْدانَ وهي أُمُّ عَلْقَمَة بن سَلَمَةَ بن مالك بن الحارِث بن مُعَاويةَ الأَكرمينَ وهو ابن عَنْدَةَ ولَقبه الزُّوَيْر . والعُوَيْنِدُ كدُرَيْهِم : ة لبنِي خَدِيجٍ . والعُوَيْنِدُ : ماءٌ لبني عَمْرِو بن كِلابٍ وماءٌ آخَرُ لبَنِي نُمَيْرٍ
ومما يستدرك عليه : تَعَأنَدَ الخَصْمانِ : تَجَادَلاَ . وعانِدَةُ الطَّرِيقِ : ما عُدِلَ عنه فَعَنَدَ أَنشَدَ ابنُ الأعرابي :
فإِنَّكَ والبُكَا بَعْدَ ابنِ عَمْرٍو ... لكالسَّارِي بعَانِدَةِ الطَّريقِ يقول رُزِئْتَ عَظِيماً فبُكاؤُكَ على هالِكٍ بعْدَه ضَلالٌ أَي لا يَنبغي لك أن تبكي على أحد بعده . والعَنَد محرّكةً : الاعتراضُ . وعَقَبَةٌ عَنُودٌ : صَعْبَةُ المُرْتَقَى . والعاند : المائِلُ . وعانِدٌ : وادٍ قبل السُّقْيَا بمِيلٍ . وعانِدَانِ : وادِيانِ معروفانِ قال :
" شُبَّتْ بأَعْلَى عانِدَيْنِ من إِضَمْ وعانِدُونَ وعانِدِينَ : اسم وادٍ أَيضاً والنّصْب وفي الخَفض : عانِدِينَ حكاه كُراع ومثَّلَه بِقَاصِرِينَ وخانِقِين ومارِدِينَ وما كِسِينَ وناعِتِينَ . وكُلُّ هذه أَسماءُ مواضِعَ وقول سالم بن قحفان :
" يَتْبَعْنَ وَرقاءَ كَلَوْنِ العَوْهَقِ