" العَرُوضُ " كصَبُورٍ : " مَكَّةُ والمَدِينَةُ شَرَّفَهُمَا اللهُ تَعالَى وما حَوْلَهما " كما في الصّحاح والعُباب والمُحْكَم والتَّهْذِيب مُؤَنَّثٌ كما صَرَّح به ابن سِيدَهْ ورُوِيَ عن مُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيّ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عنه " أَنَّ رَسُولَ اللهُ صَلَّى الله عليه وسلَّم خَرَج يَوْمَ عاشُوراءَ وأَمَرَهُم أَن يُؤْذِنُوا أَهْلَ العَرُوض أَنْ يُتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِم " . قيل : أَرادَ مَنْ بأَكْنَافِ مَكَّةَ والمَدِينَةِ . وقَوْله : ما حَوْلهما داخِلٌ فيه اليَمَنُ كما صَرَّحَ به غَيْرُ وَاحِد من الأَئمَّة وبه فَسَّروا قَوْلَهُم : اسْتُعْمِلَ فُلانٌ على العَرُوضِ أَي مَكَّةَ والمَدِينَةِ واليَمَنِ وما حَوْلَهُمْ . وأَنْشَدُوا قَولَ لَبِيدٍ :
وإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ القِتَالُ فإِنَّنَا ... نُقَاتِلُ ما بَيْنَ العَرُوضِ وخَثْعَمَا أَي ما بَيْنَ مَكَّة واليَمَن . " وعَرَضَ " الرَّجُلُ : " أَتَاهَا " أَي العَرُوضُ . قال عَبْدُ يُغُوثَ بنُ وَقّاصٍ الحارِثيُّ :
فيا رَاكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فبَلِّغَنْ ... نَدَامَايَ مِنْ نَجْرَانَ أَنْ لا تَلاَقِيَا وقال الكُمَيْت :
فأَبْلِغْ يَزِيدَ إِنْ عَرَضْتَ ومُنْذِراً ... وعَمَّيْهِمَا والمُسْتَسِرَّ المُنَامِسَا يَعْني إِنْ مَرَرْت به . وقال ضابِيُ بنُ الحارَث :
فيا رَاكِباً إِمَّا عَرَضْت فَبلِّغَنْ ... ثُمَامَةَ عَنِّي والأُمُورُ تَدُورُ العَرُوضُ : " النّاقَةُ الَّتِي لم تُرَضْ " ومنه حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه : " وأَضْرِبُ العَرُوضَ وأَزْجُرُ العَجُولَ " وأَنشد ثَعْلَبٌ لحُمَيْدٍ :
فَمَا زَالَ سَوْطِي في قِرَابِي ومِحْجَنِي ... وما زِلْتُ منه في عَرُوضٍ أَذُودُهَا وقال شَمِرٌ في هذَا البَيْت : أَي في نَاحِيَةٍ أُدارِيه وفي اعْتِرَاضٍ . وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيّ لعَمْرو بنِ أَحْمَر البَاهِليّ :
ورَوْحَةُ دُنْيَا بَيْنَ حَيَّيْن رُحْتُهَا ... أُخِبُّ ذَلُولاً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
كذا نَصّ العُبَابِ . ونَصُّ الصّحاح . أُسِير عَسِيراً أَو عَرُوضاً . وقال : أُسِيرُ أَي أُسَيِّر . قال : ويُقَال مَعْنَاه أَنّه يُنْشِدُ قَصِيدَتَيْن إِحْدَاهُمَا قد ذَلَّلَها والأُخْرَى فيها اعْتِرَاضُ . قال ابنُ بَرِّيّ : والَّذِي فَسَّرَه هذا التَّفْسِيرَ رَوَى أُخِبُّ ذَلُولاً . قال : وهكَذَا رِوَايَتُهُ في شِعْرِه وأَوَّلُه :
" أَلاَ لَيْتَ شِعْري هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةًصَحِيحَ السُّرَى والعِيسُ تَجْرِي عَرُوضُها
بتَيْهَاءَ قَفْرٍ والمَطِيُّ كأَنَّهَا ... قَطَا الحَزْنِ قد كانَتْ فِرَاخاً بُيُوضُها
" ورَوْحَةُ . . . قُلتُ : وقَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه الَّذِي سَبَقَ وَصَفَ فيه نَفْسَه وسِيَاسَتَهُ وحُسْنَ النَّظَرِ لِرَعِيَّتِهِ فقال : إِنِّي أَضُمُّ العَتُودَ وأُلْحِقُ القَطُوفَ وأَزْجُرُ العَرُوضَ . قَال شَمِر : العَرُوضُ : العُرْضِيَّةُ من الإِبِلِ الصَّعْبَةُ الرَّأْسِ الذَّلُولُ وَسَطُهَا التي يُحْمَلُ عَلَيْهَا ثم تُسَاقُ وَسَطَ الإِبِلِ المُحَمّلَةِ وإِنْ رَكِبَها رَجُلٌ مَضَتْ به قُدُماً ولا تَصَرُّفَ لرَاكِبها وإِنّمَا قال : أَزْجُرُ العَرُوضَ لأَنَّهَا تَكُونُ آخِرَ الإِبلِ . وقال ابن الأَثِيرُ : العَرُوضُ : هي التي تأَخذ يَمِيناً وشِمَالاً ولا تَلْزَمُ المَحَجَّةَ . يقُول : أَضْرِبُه حَتّى يَعُودَ إِلى الطَّرِيق جَعَلَه مَثَلاً لحُسْنِ سِيَاسَتِه للأَمَّة . وتقول : ناقَةٌ عَرُوضٌ وفيها عَرُوضٌ " وناقَةٌ عُرْضِيَّة . وفيها عُرْضيَّة " إِذا كانَتْ رَيِّضاً لَمْ تُذَلَّلْ . وقال ابنُ السَّكّيت : نَاقَةٌ عَرُوضٌ إِذَا قَبِلَتْ بَعْضَ الرِّيَاضَةِ ولم تَسْتَحْكِم . من المَجَاز : العَرُوضُ : " مِيزَانُ الشِّعْرِ " كما في الصّحاح سُمِّيَ به " لأَنَّهُ به يَظْهَرُ المُتَّزِنُ مِنَ المُنْكَسِر " عِنْدَ المُعَارَضَةِ بِهَا . وقوله : بِه هكَذَا في النُّسَخ وصَوابُه : بِهَا لأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ كما سَيَأْتِي " أَو لأَنَّهَا ناحِيَةٌ من العُلُوم " أَي من عُلُوم الشِّعْر كما نَقَلَه الصَّاغَانِيّ " أَو لأَنَّهَا صَعْبَةٌ " فهي كالنَّاقَة التي لم تُذَلَّل " أَوْ لأَنَّ الشِّعْرَ يُعْرَض عَلَيْهَا " فما وَافقَهُ كان صَحِيحاً وما خالَفَهُ كان فَاسِداً وهُوَ بعَيْنِه القَوْلُ الأَوّل ونَصّ الصّحاح : لأَنَّه يُعَارَضُ بِهَا . " أَوْ لأَنَّهُ أُلْهِمَهَا الخَلِيلُ " بن أَحْمَد الفَرَاهِيدِيّ " بمَكَّةَ " وهي العَرُوضُ . وهذا الوَجْهُ نَقَلَه بَعْضُ العَرُوضِيِّينَ . في الصّحاح : العَرُوضُ أَيْضاً " اسمٌ للجُزْءِ الأَخِيرِ من النِّصْفِ الأَوَّلِ " من البَيْت وزاد المُصَنّف : " سالِماً " كان " أَوْ مُغَيَّراً " . وإِنَّمَا سُمِّيَ به لأَنّ الثَّانِيَ يُبْنَى على الأَوَّلِ وهو الشَّطْرُ . ومنهم مَنْ يَجْعَلُ العَرُوضَ طَرَائقَ الشِّعْرِ وعَمُودَه مِثْل الطَّوِيل . يُقَال : هو عَرُوضٌ وَاحِداً واخْتِلافُ قَوَافِيهِ تُسَمَّى ضُرُوباً . وقال أَبُو إِسْحَاقَ . وإِنَّمَا سُمِّيَ وَسَطُ البَيْت عَرُوضاً لأَنَّ العَرُوضَ وَسَطُ البَيْت من البِنَاء والبَيْتُ من الشِّعْر مَبْنِيٌّ في اللَّفْظ على بِنَاءِ البَيْتِ المَسْكُونِ لِلْعَرَبِ فقِوَامُ البَيْتِ مِن الكَلامِ عَرُوضُه كَمَا أَنّ قِوَامَ البَيْتِ من الخِرَقِ العَارِضَة التي في وسَطِه فهي أَقْوَى مَا فِي بَيْتِ الخِرَقِ فلِذلِكَ يَجِبُ أَنْ تكونَ العَرُوضُ أَقْوَى من الضَّرْبِ أَلاَ تَرَى أَنَّ الضُّرُوبَ النَّقْصُ فيها أَكْثَرُ منه في الأَعَارِيض . وهي " مُؤَنَّثَةٌ " كما في الصّحاح ورُبَّمَا ذُكِّرت كما فِي اللّسَان ولا تُجْمَعُ لأَنَّهَا اسمُ جِنْس كَمَا فِي الصّحاح . وقال في العَرُوضِ بمَعْنَى الجُزْءِ الأَخِيرِ إِن " ج : أَعارِيضُ " على غَيْرِ قِيَاسٍ كأَنّهُم جَمَعُوا إِعْرِيضاً وإِنْ شِئْتَ جَمَعْتَه على أَعَارِضَ كما في الصّحاح . العَرُوضُ : " النَّاحِيَةُ " . يُقَال : أَخَذَ فُلانٌ في عَرُوضٍ ما تُعْجِبُني . أَي في طَرِيقٍ ونَاحِيَة . كذا نَصّ الصّحاح . وفي العُبَابِ : أَنْتَ مَعِي في عَرُوضٍ لا تُلائمُني أَي في ناحِيَة . وأَنشد :فإِنْ يُعْرِضْ أَبُو العَبّاسِ عَنِّي ... ويَرْكَبْ بِي عَرُوضاً عن عَرُوضِ قال : ولِهذا سُمِّيَت النَّاقَةُ الَّتِي لم تُرَضْ عَرُوضاً لأَنَّها تَأْخُذُ في نَاحِيَةٍ غَيْرِ النّاحِيَةِ الَّتِي تَسْلُكُهَا . وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ للأَخْنَسِ بْنِ شِهَابٍ التَّغْلَبِيّ :
لكُلِّ أُنَاسٍ مِن مَعَدٍّ عِمَارَةٌ ... عَرُوضٌ إِلَيْهَا يَلْجَؤُون وجانِبُيقول لِكُلّ حَيٍّ حِرْزٌ إِلاّ بَنِي تَغْلِبَ فإِنَّ حِرْزَهُم السُّيُوفُ . وعِمَارة خَفْضٌ لأَنَّه بَدَلٌ من أُناس ومن رَواه عُرُوضٌ بالضَّمّ جعله جَمْعَ عَرْضٍ وهو الجَبَلُ كما في الصّحاح . قال الصَّاغَانِيّ : ورواية الكُوفِيّين عَمَارَةٌ بفَتْح العَيْن ورَفْع الهاءِ . العَرُوضُ : " الطَّرِيق في عُرْضِ الجَبَلِ " وقِيلَ : ما اعْتَرَضَ منه " في مَضِيقٍ " والجَمْع عُرْضٌ . ومنه حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ : " فَأَخَذَ في عَرُوضٍ آخَرَ " أَي في طَرِيقٍ آخَرَ من الكَلام . العَرُوضُ " من الكَلاَمِ : فَحْوَاهُ " . قال ابنُ السِّكّيت : يُقَال عَرَفْتُ ذلِكَ في عَرُوضِ كَلامِه أَي فَحْوَى كَلامِهِ ومَعْنَاه . نَقَلَه الجَوْهَرِيّ وكذَا مَعَارِض كَلامِه كما في اللّسَان . العَرُوضُ : " المَكَانُ الَّذِي يُعَارِضُك إِذا سِرْتَ " . كمَا في الصّحاح والعُبَاب . العَرُوضُ : " الكَثِيرُ مِنَ الشَّيْءِ " . يُقَال : حَيٌّ حَرُوضٌ أَي كَثِيرٌ نَقَله ابنُ عَبّادٍ . العَرُوضُ : " الغَيْمُ " هكذا في الأُصُلِ باليَاء التَّحْتِيَّة هو مع قَوْلِهِ : " السَّحابُ " عَطْفُ مُرَادِفٍ أَوْ هُوَ تَكْرَارٌ أَو الصَّوابُ الغَنَم بالنُّون كما في اللّسَان وهي الّتِي تَعْرُضُ الشَّوْكَ تَنَاوَلُ منه وتَأْكُلُه تَقُولُ منه : عَرَضَتِ الشّاةُ الشَّوْكَ تَعْرُضُه . إِلاَّ أَنَّ قَوْلَه فِيما بَعْدُ : ومِن الغَنَم يُؤَيِّدُ القَوْلَ الأَوَّلَ أَو الصّواب فيه : ومن الإِبِلِ كما سَيَأْتِي . قال الفَرَّاءُ : العَرُوضُ : " الطَّعَامُ " . نقله الصَّاغَانِيّ . العَرُوضُ : " فَرَسُ قُرَّةَ " بنِ الأَحْنَفِ بن نُمَيْرٍ " الأَسَديّ " . العَرُوضُ : " من الغَنَمِ " كما في النُّسَخ أَو الصَّوَاب من الإِبِل فإِنَّ الإِبِلَ تَعْرُضُ الشَّوْكَ عَرْضاً وقيل : هو مِن الإِبِل والغَنَم : " ما يَعْتَرِضُ الشَّوْكَ فيَرْعَاهُ " ويُقَال عَرِيضٌ عَرُوضٌ إِذا فَاتَه النَّبْتُ اعْتَرَضَ الشَّوْكَ . واعْتَرَضَ البَعِيرُ الشَّوْكَ : أَكَلَه . وبَعِيرٌ عَرُوضٌ : يَأْخُذُه كَذلك . وقِيلَ : العَرُوضُ : الَّذِي إِذا فاتَهُ الكَلأُ أَكَلَ الشَّوْكَ كما في الصّحاح والعُبَاب . يُقَال : " هو رَبُوضٌ بِلاَ عَرُوضٍ " هكَذَا في النُّسَخِ . والَّذِي في الصّحاح والعُبَاب : رَكُوضٌ بِلا عَرُوضٍ " أَي بِلا حاجَةٍ عَرَضَت لَهُ " . فالَّذِي صَحَّ من مَعْنَى العَرُوضِ في كَلام المُصَنِّفِ أَرْبَعَ عَشرَةَ مَعْنىً على تَوَقُّفٍ في بَعْضِهَا وسَيَأْتِي ما زِدْنا عليه في المُسْتَدْرَكَات . " وعَرَضَ " الرَّجُلُ : " أَتى العَرُوضَ " أَي مَكَّةَ والمَدِينَةَ واليَمَنَ وما حَوْلَهُنّ وهذا بعَيْنِه قد تَقَدَّم للمُصَنِّف قرِيباً فهو تَكْرَارٌ . عَرَضَ " لَهُ " أَمْرُ " كَذَا يَعْرِضُ " من حَدِّ ضَرَبَ : " ظَهَرَ عَلَيْه وبَدَا " كما في الصّحاح ولَيْس فيه " عَلَيْه " و " بَدَا " " كعَرِضَ كسَمِعَ " لُغَتَان جَيّدَتان كما في الصّحاح . وقال الفَرّاءُ : مَرَّ بِي فُلانٌ فما عَرَضْتُ له ولا تَعْرِضْ له ولا تَعْرَضْ له لُغَتَان جَيِّدَتانِ . وقال ابْنُ القَطّاع : فَصِيحَتانِ . والَّذِي في التَّكْمِلَة عن الأَصْمَعِيّ : عَرِضْت له تَعْرِضُ مثل حَسِبْتُ تَحْسِبُ لُغَةٌ شاذَّةٌ سَمِعْتها . عَرَضَ " الشَّيْءَ لَهُ " عَرْضاً : " أَظْهَرَه لَهُ " وأَبْرَزَهُ إِلَيْه . عَرَضَ " عَلَيْه " أَمْرَ كَذَا : " أَرَاهُ إِيّاهُ " . ومنه قَوْله تَعَالَى : ثمّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ " . ويُقال : عَرَضْتُ لَهُ ثَوْباً مَكانَ حَقِّه . وفي المَثَلِ : " عَرْضٌ سَابِرِيٌّ " لأَنَّهُ ثَوْبٌ جَيِّدٌ يُشْتَرَى بأَوَّلِ عَرْضٍ ولا يُبَالَغُ فيه كما في الصّحاح وهكذا هو عَرْضُ سَابِرِيٍّ بالإِضافَةِ . والَّذِي في " الأَمثال " لأَبِي عُبَيْدٍ بخَطِّ ابنِ الجَوَالِيقِيّ " عَرْض سَابِرِيّ " . عَرَضَ " العُودَ عَلَى الإِنَاء . و " عَرَضَ " السَّيْفَ عَلَى فَخِذِه يَعْرِضُه ويَعْرُضُه فِيهِما " أَي في العُود والسَّيْف وهذا خِلافُ ما فِي الصّحاح فإِنّه قال في : عَرَضَ السَّيْفَ : فهذِه وَحْدَها بالضَّمِّ والوَجْهَانِ فيهما عن الصَّاغَانِيّ في العُبَابِ . وفي الحَدِيثِ " أُتِيَ بإِنَاءٍ من لَبَنٍ فَقَال : أَلاَ خَمَّرْتَه ولَوْ بعُودٍتَعْرِضُه عَلَيْه " رُوِيَ بالوَجْهَيْنِ ويُرْوَى : لَوْلاَ خَمَّرْتَهُ . وهي تَحْضِيضِيَّةٌ أَي تَضَعُهُ مَعْرُوضاً عَلَيْهِ أَي بالعَرْض . وقال شَيْخُنَا : قَوْلُه : والعُود إِلخ كَلامُع كالصَّرِيح في أَنّهُ ككَتَبَ وهو الَّذِي اقْتَصَرَ عليه ابنُ القَطَّاع والحَدِيث مَرْوِيٌ بالوَجْهَيْنِ وكَلاَمُ المُصَنِّف في عَرَضَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ ولا مُهَذَّب بل يُناقِضُ بَعْضُه بَعْضاً . قُلتُ : أَمَّا ما ذَكَرَه عن ابْنِ القَطّاع فصَحيحٌ كما رأَيْتُهُ في كِتَابِ الأَبْنِيَة له . وأَمَّا ما نَسَبَهُ إِلى المُصَنِّف من القُصُورِ فغَيْرُ ظاهِرٍ فإِنَّه قال فِيمَا بَعْدُ : يَعْرِضُهُ ويَعْرُضُهُ فِيهِمَا والمُرَادُ بضَمِيرِ التَّثْنَيَةِ العُودُ والسَّيْفُ فقد صَرَّح بأَنَّهُ على الوَجْهَيْن ولَعَلَّه سَقَط ذلِك من نُسْخَةِ شَيْخِنَا أَوْ لم يَتَأَمَّلْ آخِرَ العِبَارَةِ . وأَمَّا قَوْلُه : كَلاَمُه في عَرَضَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ ولا مُهَذّب فمَنْظُورٌ فيه بل هُوَ مُحَرَّرٌ في غَايَةِ التَّحْرِير كما يَعْرِفُه المَاهِرُ النِّحْرِيرُ ولَيْسَ في المادَّةِ ما يُخَالِفُ النُّصُوصَ كما سَتَقِفُ عليه عِنْدَ المُرُورِ عليه . فتَأَمَّلْ وأَنْصفْ . عَرَضَ " الجُنْدَ عَرْضَ عَيْنٍ " وفي الصّحاح : عَرْضَ العَيْنِ : " أَمَرَّهُم عَلَيْه ونَظَرَ " ما " حَالهُمْ " وقد عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ كما في الصّحاح . وفي البَصَائِر : عَرَضْت الجَيْشَ عَرْضَ عَيْنٍ : إِذا أَمْررْتَه على بَصَرِك لِتَعْرِفَ مَنْ غابَ ومَنْ حَضَرَ . عَرَضَ " لَهُ مِنْ حَقِّه ثَوْباً " أَو مَتَاعاً يَعْرِضُه عَرْضاً من حَدِّ ضَرَبَ وكَذَا عَرَضَ بِهِ كما في كِتَابِ الأَرْمَوِيّ . وفي اللّسَان : و " مِنْ " في قَوْلك : مِنْ حَقّه بمَعْنَى البَدَل كقَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ : " ولَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً في الأَرْضِ يَخْلُفُونَ " يقول : لو نَشَاءُ لجَعَلْنَا بَدَلَكُمْ في الأَرْض ملائِكَةً . " أَعْطَاهُ إِيَّاه مَكَانَ حَقِّه " . عَرَضَتْ " له الغُولُ : ظَهَرَتْ " نَقَلَه الجَوْهَرِيّ عن أَبي زَيْدٍ . عَرَضَتِ " الناقَةُ : أَصابَهَا كَسْرٌ " أَو آفَةٌ كما في الصّحاح . وقال حُمَامُ بنُ زَيْدِ مَنَاةَ اليَرْبُوعِيّ : ِضُه عَلَيْه " رُوِيَ بالوَجْهَيْنِ ويُرْوَى : لَوْلاَ خَمَّرْتَهُ . وهي تَحْضِيضِيَّةٌ أَي تَضَعُهُ مَعْرُوضاً عَلَيْهِ أَي بالعَرْض . وقال شَيْخُنَا : قَوْلُه : والعُود إِلخ كَلامُع كالصَّرِيح في أَنّهُ ككَتَبَ وهو الَّذِي اقْتَصَرَ عليه ابنُ القَطَّاع والحَدِيث مَرْوِيٌ بالوَجْهَيْنِ وكَلاَمُ المُصَنِّف في عَرَضَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ ولا مُهَذَّب بل يُناقِضُ بَعْضُه بَعْضاً . قُلتُ : أَمَّا ما ذَكَرَه عن ابْنِ القَطّاع فصَحيحٌ كما رأَيْتُهُ في كِتَابِ الأَبْنِيَة له . وأَمَّا ما نَسَبَهُ إِلى المُصَنِّف من القُصُورِ فغَيْرُ ظاهِرٍ فإِنَّه قال فِيمَا بَعْدُ : يَعْرِضُهُ ويَعْرُضُهُ فِيهِمَا والمُرَادُ بضَمِيرِ التَّثْنَيَةِ العُودُ والسَّيْفُ فقد صَرَّح بأَنَّهُ على الوَجْهَيْن ولَعَلَّه سَقَط ذلِك من نُسْخَةِ شَيْخِنَا أَوْ لم يَتَأَمَّلْ آخِرَ العِبَارَةِ . وأَمَّا قَوْلُه : كَلاَمُه في عَرَضَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ ولا مُهَذّب فمَنْظُورٌ فيه بل هُوَ مُحَرَّرٌ في غَايَةِ التَّحْرِير كما يَعْرِفُه المَاهِرُ النِّحْرِيرُ ولَيْسَ في المادَّةِ ما يُخَالِفُ النُّصُوصَ كما سَتَقِفُ عليه عِنْدَ المُرُورِ عليه . فتَأَمَّلْ وأَنْصفْ . عَرَضَ " الجُنْدَ عَرْضَ عَيْنٍ " وفي الصّحاح : عَرْضَ العَيْنِ : " أَمَرَّهُم عَلَيْه ونَظَرَ " ما " حَالهُمْ " وقد عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ كما في الصّحاح . وفي البَصَائِر : عَرَضْت الجَيْشَ عَرْضَ عَيْنٍ : إِذا أَمْررْتَه على بَصَرِك لِتَعْرِفَ مَنْ غابَ ومَنْ حَضَرَ . عَرَضَ " لَهُ مِنْ حَقِّه ثَوْباً " أَو مَتَاعاً يَعْرِضُه عَرْضاً من حَدِّ ضَرَبَ وكَذَا عَرَضَ بِهِ كما في كِتَابِ الأَرْمَوِيّ . وفي اللّسَان : و " مِنْ " في قَوْلك : مِنْ حَقّه بمَعْنَى البَدَل كقَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ : " ولَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً في الأَرْضِ يَخْلُفُونَ " يقول : لو نَشَاءُ لجَعَلْنَا بَدَلَكُمْ في الأَرْض ملائِكَةً . " أَعْطَاهُ إِيَّاه مَكَانَ حَقِّه " . عَرَضَتْ " له الغُولُ : ظَهَرَتْ " نَقَلَه الجَوْهَرِيّ عن أَبي زَيْدٍ . عَرَضَتِ " الناقَةُ : أَصابَهَا كَسْرٌ " أَو آفَةٌ كما في الصّحاح . وقال حُمَامُ بنُ زَيْدِ مَنَاةَ اليَرْبُوعِيّ :إِذا عَرَضَتْ مِنْهَا كَهَاةٌ سَمِينَةٌ ... فلا تُهْد مِنْهَا واتَّشقْ وتَجَبْجَبِ" كعَرِضَ بالكَسْرِ فِيِهِمَا " أَي في الغُولِ والنَّاقَةِ والأُوْلَى كعَرِضَتْ أَمّا في الغُولِ فنَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ عن أَبي زَيْدٍ وأَمّا في النّاقَةِ فالصّاغَانِيّ في العُبَاب وصاحِبُ اللّسَان . وفي الحَدِيث : " أَنَّه بَعَثَ بَدَنَةً مع رَجُلٍ فقال : إِنْ عَرَضَ لَهَا فانْحَرْهَا " أَيْ إِنْ أَصابَهَا مَرَضٌ أَو كَسْرٌ . وقال شَمِرٌ : ويُقَال : عَرَضَتْ . من إِبِلِ فُلانٍ عارِضَةٌ أَي مَرِضَتْ . وقالَ بَعْضُهُم : عَرِضَتْ أَي بالكَسْرِ قال : وأَجْوَدُه عَرَضَتْ أَي بالفَتْحِ . وأَنشَدَ قَوْلَ حُمَامِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ السّابِق . عَرَضَ " الفَرَسُ " في عَدْوِه : " مَرَّ عارِضاً " صَدْرَهُ ورَأْسَهُ وقِيلَ : عارِضاً أَي مُعْتَرِضاً " على جَنْبٍ وَاحِدٍ " يَعْرِضُ عَرْضاً وسَيَأْتِي للمُصَنِّف ذِكْرُ مَصْدَرِه قَرِيباً . عَرَضَ " الشَّيْءَ " يَعْرِضُه عَرْضاً : " أَصابَ عُرْضَه " . عَرَضَ " بسِلْعَتِهِ " يَعْرِضُ بها عَرْضَا " عَارَضَ بها " أَي بادلَ بها فَأَعْطَى سِلْعَةً وأَخَذَ أُخْرَى . ويُقَالُ : أَخَذْتُ هذِه السِّلْعَةَ عَرْضاً إِذا أَعْطَيْتَ في مُقَابَلَتِهَا سِلْعَةً أُخْرَى . عَرَضَ " القَوْمَ على السَّيْفِ : قَتَلَهُم " كما في الصّحاح والأَسَاس . عَرَضَهُمْ " على السَّوْطِ : ضَرَبَهُم " به نَقَلَه ابْنُ القَطّاع . عَرَضَ " الشَّيْءُ " عَرْضاً : " بَدَا " وظَهَرَ . عَرَضَ " الحَوْضَ والْقِرْبَةَ : مَلأَهُمَا " . عَرَضَتِ " الشَّاةُ : ماتَتْ بمَرَضِ " عَرَضَ لَهَا . عَرَضَ " البَعِيرُ " عَرْضاً : " أَكَلَ من أَعْرَاضِ الشَّجَرِ أَي أَعالِيه " وقال ثَعْلَبٌ : قال النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ : سَمِعْتُ أَعرابيّاً حِجازيّاً وبَاعَ بَعِيراً له فقال : يأْكُلُ عَرْضاً وشَعْباً . الشَّعْبُ : أَنْ يَهْتَضمَ الشَّجَرَ مِنْ أَعْلاه وقد تَقَدَّم . يُقَالُ : " عَرَضَ عَرْضَهُ " بالفَتْح " ويُضَمُّ أَيْ نَحَا نَحْوَهُ وكَذِلكَ اعْتَرَضَ عَرْضَهُ . " والعَارِضُ : النّاقَةُ المَرِيَضَةُ أَو الكَسِيرُ " وهِيَ الَّتِي أَصابَها كَسْرٌ أَو آفَةٌ . وفي الحَدِيثِ : " ولَكُمُ العارِضُ والفَرِيشُ " - وقد تَقَدَّم في " ف ر ش " وفي " و ط أَ " وقد عَرَضَت الناقَةُ - أَيْ إنّا لا نَأْخُذُ ذَاتَ العَيْبِ فنَضُرُّ بالصَّدَقَةِ . العارِضُ : " صَفْحَةُ الخَدِّ " من الإِنْسَان وهما عَارِضَانِ وقَوْلُهُم : فُلانٌ خَفِيفُ العَارِضَيْن يُرَادُ به خِفَّة شَعرِ عارِضَيْهِ كَذَا في الصّحاح وزَادَ في العُبَاب : وخِفَّةُ اللِّحْيَةِ . قال : وأَمّا الحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى : " مِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ خِفَّةُ عارِضَيْهِ " فَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا كِنَايةٌ عن كَثْرَةِ الذِّكْرِ أَيْ لا يَزَالُ يُحَرِّكُهُمَا بذِكْرِه تَعَالَى . قُلْتُ : هكَذَا نَقَلَه ابنُ الأَثِير عن الخَطّابِيّ قال : وأَمّا خفَّةُ اللِّحْيَة فما أَرَاهُ مُنَاسباً . " كالعارِضَةِ فِيهِمَا " أَيْ في النّاقَةِ والخَدّ . أَمّا في الخَدِّ فقد نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ في العُبَابِ وصاحِبُ اللِّسَانِ وأَمَّا في النَّاقَةُ فَفِي الصّحاح : العَارضَةُ : الناقَةُ الَّتِي يُصِيبُهَا كَسْرٌ أَو مَرَضٌ فتَنْحَرُ وكذلِكَ الشَّاةُ . يُقَال : بَنُو فُلانٍ لا يَأْكُلُون إِلاّ العَوَارِضَ أي لا يَنْحَرُون الإبِلَ إِلاّ مِن دَاءٍ يُصِيبُهَا . يَعِيبُهم بِذلك . وتَقُولُ العَرَب للرَّجُل إِذا قَرَّب إِلَيهم لَحْماً : أَعَبِيطٌ أَمْ عَارِضَةٌ ؟ فالعَبِيطُ : الذي يُنْحَرُ من غَيْرِ عِلَّةٍ . وفي اللّسَان : ويُقَال : بَنُو فُلانٍ أَكّالُونَ العَوَارِضَ إِذا لم يَنْحَرُوا إِلاّ ما عَرَضَ له مَرَضٌ أَو كَسْرٌ خَوْفاً أَنْ يَمُوتَ فَلا يَنْتَفِعُون بِهِ . والعَرَبُ تُعَيِّرُ بأَكْلِهِ . العَارِضُ " السَّحَابُ " المَطِلُّ " المَعْتَرِضُ في الأُفُقِ " . وقال أَبُو زَيْدٍ : العَارِضُ السَّحَابَةُ تَرَاهَا في ناحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ وهو أَبْيَضَ والجُلْب إِلى السَّوادِ والجُلْبُ يَكونُ أَضْيَقَ من العَارِضِ وأَبْعَدَ . وقال الأَصْمَعِيّ : الجَبِيُّ : السَّحابُ يَعْتَرِضُ في السَّمَاءِ اعْتِرَاضَ الجَبَلِ قَبْلَ أَنْ يُطَبِّق السَّماءَ وهو السَّحابُ العَارِضُ . وقال البَاهِليُّ : السَّحابُ يَجيءُ مُعَارِضاً في السماءِبغَيْرِ ظنٍّ منك وأَنشد لأَبي كَبِيرٍ الهُذَلِيّ : ِ ظنٍّ منك وأَنشد لأَبي كَبِيرٍ الهُذَلِيّ :
وإِذا نَظَرْتَ إِلَى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ ... بَرَقَتْ كبَرْقِ العارِضِ المُتَهَلِّلِ وقال الأَعْشَى :
يا مَنْ رَأَى عارِضاً قد بِتُّ أَرْمُقُهُ ... كأَنَّمَا البَرْقُ في حافَاتِهِ شُعَلُ وقَوْلُه جَلَّ وَعزَّ : " فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتهِمْ قَالُوا هذَا عارِضٌ مُمْطِرُنَا " أَي قالُوا : هذَا الَّذِي وَعِدْنا به سَحَابٌ فِيهِ الغَيْثُ . العارِضُ : " الجَبَلُ " الشامِخُ : ويُقَالُ : سَلَكْتُ طَرِيقَ كَذَا فَعَرَضَ لِي في الطَّرِيقِ عارِضٌ أَي جَبَلٌ شامِخٌ فقَطَعَ عَلَيَّ مَذْهَبِي على صَوْبِي . " ومِنْهُ " في الصّحاح : ويُقَال لِلْجَبَلِ : عارِضٌ . قال أَبُو عُبَيْدٍ : وبِهِ سُمِّيَ " عَارِضُ اليَمَامَةِ " وهو مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ وقَدْ جَاءَ ذِكْرُه في الحَدِيث . العَارِضُ : " مَا عَرَضَ من الأَعْطِيَةِ " قال أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيّ :
" يا لَيْلَُ أَسْقَاكِ البُرَيْقُ الوَامِضُ
" هَلْ لَكِ والعَارِضُ مِنْكِ عائِضُ
" في هَجْمَةٍ يُسْئِرُ منها القَابِضُ ويُرْوَى : في مائَةٍ بَدَلَ : في هَجْمَةٍ ويَغْدِرُ بَدَل : يُسْئرُ . قال الجَوْهَرِيّ : قال الأَصْمَعِيّ : يُخَاطِب امْرَأَةً رَغِبَ في نِكَاحِهَا يَقُولُ : هَلْ لَكِ في مائَةٍ من الإِبلِ أَجْعَلُهَا لَكِ مَهْراً يَتْرُكُ منها السائقُ بَعْضَهَا لا يَقْدِرُ أَن يَجْمَعَها لِكَثْرَتِهَا وما عَرَضَ مِنْك من العَطَاءِ عَوَّضْتُكِ به . قلتُ : وكان الواجبُ عَلَى الجَوْهَرِيّ أَنْ يُوضِّحَهُ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ الأَصْمَعِيُّ لأَنَّ فِيه تَقْدِيماً وتَأْخِيراً . والمَعْنَى : هَلْ لَكِ فِي مائَةٍ من الإِبِلِ يُسْئِر منها القَابِضُ أَي قابِضُها الَّذِي يَسُوقُهَا لِكَثْرَتِهَا . ثُمّ قالَ : والعَارِضُ منه عَائِضٌ أَيْ المُعْطِي بَدَلَ بُضْعِكِ عَرْضاً عائضٌ أَي آخِذٌ عِوَاضاً منك بالتَّزْوِيج يَكُون كِفَاءً لِمَا عَرَضَ مِنْكِ . يُقَال : عِضْتُ أَعَاضُ إِذا اعْتَضْتَ عِوَضاً . وعُضْتُ أَعُوضُ إِذَا عَوَّضْتَ عِوَضاً أَي دَفَعْتَ . وقولُهُ : عائضٌ من عِضْتُ بالكَسْرِ لا مِنْ عُضْتُ . ومَنْ رَوَى يَغْدِر أَرادَ يَتْرُكُ . قال ابن بَرّيّ : والَّذِي في شِعْرِه : والعائِضُ مِنْكِ عائِضُ أَي والعِوَضُ مِنْ : ِ عِوَضٌ كما تَقُولُ : الهِبَةُ مِنْكَ هِبَةٌ . قال ابنُ دُرَيْدٍ : العَارِضَانِ " صَفْحَتَا العُنُق " في بَعْضِ اللُّغَات . قال اللِّحْيَانيّ : العارِضانِ : " جَانِبَا الوَجْهِ " وقيلَ : شِقَّا الفَمِ وقيل : جَانِبَا اللِّحْيَةِ . العَارِضُ : " العَارِضَةُ " . يُقَالُ : إِنَّهُ لَذُو عارِضٍ وعارِضَةٍ أَي ذو جَلَدٍ . العَارِضُ : " السِّنُّ الَّتِي في عُرْضِ الفَمِ " بَيْنَ الثَّنَايَا والأَضْراسِ . الكُلّ " عَوَارِضُ " قاله شَمِرٌ وبِه فُسِّر الحَدِيثُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ لِتَنْظُرَ إِلَى امْرَأَةٍ فقال : شَمِّي عَوَارِضَهَا " أَمَرَهَا بِذلِكَ لِتَبُورَ به نَكْهَتَهَا ورِيحَ فَمِهَا أَطِيِّبٌ أَمْ خَبِيثٌ . وقال كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ :
تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إِذَا ابْتَسَمَتْ ... كأَنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُيَصِفُ الثَّنَايَا ومَا بَعْدَهَا . أَي تَكْشِفُ عن أَسْنَانِهَا . قال شَيْخُنَا : وقد ذَكَرَ الشَّيْخُ ابنُ هِشَامٍ في شَرْحِ قَولِ كَعْبٍ هذا ثَمانِيَةَ أَقْوَالٍ واقْتَصَرَ المُصَنِّف على قَوْلٍ منها مع شُهْرَتِهَا ففي كَلامِه قُصُورٌ ظَاهِرٌ . قُلْت : بل ذَكَرَ المُصَنِّف قَولَيْن : أَحَدُهما هذَا ويَأْتِي الثَّانِي قَرِيباً وهُو قَوْلُه : ومِنَ الوَْه ما يَبْدُو إِلى آخِرِه ثُمَّ إِنَّ شَيْخَنا لم يَذْكُرْ بَقِيَّةَ الأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابنُ هِشَامٍ فأَوْقَعَ الخاطِرَ في شُغلٍ ونَحْنُ نُورِدُهَا لَكَ بالتَّمَامِ لِتَكْمِيلِ الإِفَادَةِ والنِّظَام فأَقُولُ : قِيل إِنَّ العَوَارِضَ الثَّنَايَا سُمِّيَتْ لأَنَّهَا في عُرْضِ الفَمِ . وقِيلَ : العَوَارضُ : ما وَلِيَ الشِّدْقَيْنِ من الأَسْنَانِ . وقِيلَ : هِيَ أَرْبَعُ أَسْنَانٍ تَلِي الأَنْيَابَ ثُمَّ الأَضْرَاسُ تَلِي العَوَارِضَ . قال الأَعْشَى :
" غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها
" تَمْشِي الهُوَيْنَى كما يَمْشِي الوَجِي الوَجِلُ وقال اللِّحْيَانِيّ : العَوَارِضُ : مِنَ الأَضْرَاسِ . وقيل : العَوَارِضُ : عُرْضُ الفَمِ . ومنه قَوْلُهم : امرأَةٌ نَقِيَّةُ العَوَارِضِ أَي نَقِيَّةُ عُرْضِ الفَمِ قال جَرِيرٌ :
أَتَذْكُرُ يَوْم تَصْقُلُ عَارِضَيْهَا ... بفَرْعِ بَشامَةٍ سُقِيَ البَشَامُ قال أَبو نَصْرٍ : يَعْنِي به الأَسْنَان وما بَعْدَ الثَّنَايَا والثَّنَايَا لَيْسَت من العَوَارِض . وقال ابنُ السِّكِّيت : العَارِضُ : النّابُ والضِّرْسُ الَّذِي يَلِيه . وقال بَعْضُهُم : العارِضُ : ما بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إِلى الضِّرْسِ واحْتَجَّ بقَوْلِ ابْنِ مُقْبِلٍ :
هَزِئَتْ مَيَّةُ أَنْ ضَاحَكْتُها ... فَرَأَتْ عَارِضَ عُودٍ قد ثَرِمْ قال : والثَّرَمُ لا يَكُونُ إِلاّ في الثَّنَايَا وقيل العَوَارِضُ : ما بَيْنَ الثَّنَايَا والأَضْرَاس . وقيل : العَوَارِضُ : ثَمَانِيَةٌ في كُلِّ شِق أَرْبَعَةٌ فَوْق وأَرْبَعَةٌ أَسْفَل فَهذِه نَحْوٌ من تِسِعَةِ أَقْوَالٍ فتَأَمَّلْ ودَعِ المَلاَلَ . وأَنْشَد ابْنُ الأَعْرَابِيّ في العَارِضِ بَمعْنَى الأَسْنَان :
" وعَارِضٍ كجَانِبِ العِرَاقِ
" أَنْبَتَ بَرَّاقاً من البَرَّاقِ شَبَّهَ اسْتِواءَهَا باسْتِوَاءِ أَسْفَلِ القِرْبَةِ وهو العِرَاقُ للسَّيْرِ الَّذِي في أَسْفَلِ القِرْبَةِ . وقال يَصِفُ عَجُوزاً :
" تَضْحَكُ عَنْ مِثْلِ عِرَاقِ الشَّنِّأَراد أَنَّه أَجْلَجُ أَيْ عن دَرَادِرَ اسْتَوَتْ كأَنَّهَا عِرَاقُ الشَّنِّ هي القِربَةُ . كُلُّ " مَا يَسْتَقْبِلُكَ من الشَّيْءِ " فهو عَارِضٌ . العَارِضَةُ : " الخَشَبَةُ العُلْيَا الَّتِي يَدُورُ فِيهَا البَابُ " كَمَا في العُبَابِ . وفي اللّسَانِ : عارِضَةُ البابِ : مِسَاكُ العِضَادَتَيْن من فَوْق مُحَاذِيَةً للأُسْكُفَّةِ . العارِضُ : " وَاحِدَةُ عَوَارِض السَّقْفِ " كما في العُبَابِ . وفي اللِّسَان : العَارِضُ : سَقَائِفُ المَحْمَلِ . وعَوَارِضُ البَيْتِ : خَشَبُ سَقْفِه المُعَرَّضَة الوَاحِدَةُ عارِضَةٌ . وفي حَدِيثِ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا " نَصَبْتُ على بابِ حُجْرَتِي عَبَاءَةً مُقْدَمَةُ مِنْ غَزَاةِ خَيْبَرَ أَو تَبُوكَ فَهَتَكَ العَرْضَ حَتَّى وَقَعَ بالأَرْضِ " حَكَى ابنُ الأَثِيرِ عن الهَرَوِيّ قال : المُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ بالضَّاد وهُوَ بالصَّادِ والسّينِ وهو خَشَبٌ يُوضَعُ على البَيْتِ عَرْضاً إِذا أرادُوا تَسْقِيفَهُ ثمّ يُلْقَى عَلَيْه أطْرَافُ الخَشَبِ القِصَارِ والحَدِيث جَاءَ ف سُنن أَبِي دَاوُود " بالضَّادِ المُعْجَمَةِ " وشَرَحَه الخَطّابِيّ في المَعَالِم وفي غَرِيبِ الحَدِيثِ " بالصَّادِ المُهْمَلَةِ " قالَ : وقالَ الرَّاوِي : العَرْض وهو غَلَطٌ . وقال الزَّمَخْشَرِيّ : هو العَرْضُ " بالصَّادِ المُهْمَلَة " . قالَ : وقد رُوِيَ " بالضَّادِ المُعْجَمَة " لأَنَّه يُوضَعُ على البَيْتِ عَرْضاً وقد تَقَدَّم البَحْثُ فيه في " ع ر ص " فراجِعْه . العارِضُ : " النّاحِيَةُ " . يُقَال : إِنَّهُ لَشَدِيدُ العَارِضِ أَيْ شَدِيدُ النّاحِيَةِ ذُو جَلَدٍ وكَذلِكَ العَارِضَة . قال اللَّيْثُ : العارِضُ " مِنَ الوَجْهِ " وفِي اللِّسَان : مِن الفَمِ : " ما يَبْدُو " منه " عِنْدَ الضَّحِكِ " . وبه فُسِّرَ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ كما تَقَدَّم . العَارِضُ والعَارِضَةُ : " البَيَانُ واللَّسَنُ " أَي الفَصَاحَةُ . قال ابنُ دُرَيْدٍ : رَجُلٌ ذُو عَارِضَةٍ أَي ذُو لِسَانٍ وبَيَانٍ . وقال أَبو زَيْدٍ : فُلانٌ ذُو عَارِضَةٍ أَي مُفَوَّهٌ . العَارِضُ والعَارِضَةُ : " الجَلَدُ والصَّرَامَةُ " . قال الخَلِيل : فُلانٌ شَدِيدُ العَارِضَةِ أَيْ ذُو جَلَدٍ وصَرَامَةٍ . ومنه قَوْلُ عَمْرِو بنِ الأَهْتَمِ حِينَ سُئلَ عن الزِّبْرِقانِ بْنِ بَدْرٍ التَّمِيمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فقالَ : مُطَاعٌ في أَدْنَيْه شَدِيدُ العَارِضَةِ مانِعٌ وَراءَ ظَهْرِه . " وعَرِضَ الشَّاءُ كفَرِحَ : انْشَقَّ من كَثْرَةِ العُشْبِ " . العَرْضُ : خِلافُ الطُّولِ وقد عَرُضَ الشَّيْءُ " ككَرُمَ " يَعْرُضُ " عِرَضاً كعِنَبٍ وعَرَاضَةً بالفَتْح : صَارَ عَرِيضاً " نَقَلَه الجَوْهَرِيّ وأَنْشَدَ :
" إِذا ابْتَدَرَ النَّاسُ المَكَارِمَ بَذَّهُمْعَرَاضَةُ أَخْلاقِ ابْنِ لَيْلى وطُولُهَاوالبَيْتُ لجَرِيرٍ وقِيلَ لكُثَيِّرٍ . " والعَرْضُ : المَتَاعُ ويُحَرَّكُ عن القَزَّاز " صاحِبِ " الجامع " . وفي اللّسَان : يُقَال : قد فَاتَهُ العَرْضُ والعَرَضُ الأَخِيرَةُ أَعْلَى . قال يُونُسُ : فاتَهُ العَرَضُ بالتَّحْرِيك كما تَقُولُ : قَبَضَ الشَّيْءَ قَبْضاً وأَلْقَاه في القَبَضِ أَي فِيمَا قَبَضَه . وفي الصّحاح : قال يُونُسُ : قَدْ فاتَهُ العَرَضُ وهو من عَرَضِ الجُنْد كما يُقَالُ : قَبَضَ قَبْضاً وقد أَلْقَاه في القَبَض . وقد ظَهَرَ بِذلِكَ أَنَّ القَزَّاز لَمْ يَنْفَردْ به حَتَّى يُعْزَى له هذا الحَرْفُ مع أَنَّ المُصَنِّف ذَكَرَه أَيْضاً فِيمَا بَعْدُ عِنْدَ ذِكْر العَرَضِ بالتَّحْرِيك وعَبَّر هُنَاكَ بحُطَامِ الدُّنْيَا وهو والمَتَاعُ سَوَاءٌ فيَفْهَمُ مَنْ لا تَأَمُّلَ له أَنَّ هذا غيرُ ذلِكَ وعِبَارَةُ الجَوْهَرِيّ والجَمَاعَةِ سَالِمَةٌ من هذِه الأَوْهَامِ . فتَأَمَّلْ . " وكُلُّ شَيْءٍ " فهُوَ عَرْضٌ " سِوَى النَّقْدَيْن " أَي الدَّرَاهِمِ والدَّنَانِيرِ فإِنَّهُمَا عَيْنٌ . وقال أَبو عُبَيْد : العُرُوضُ : الأَمْتِعَةُ الَّتِي لا يَدْخُلُهَا كَيْلٌ ولا وَزْنٌ ولا يَكُون حَيَوَاناً ولا عَقَاراً تَقُولُ : اشتَرَيْتُ المَتَاعَ بعَرْضٍ أَي بمَتَاعٍ مِثْلهِ . العَرْضُ : " الجَبَلُ " نَفْسُه والجَمْعِ كالجَمْعِ . يُقَالُ : ما هُوَ إِلاّ عَرْضٌ من الأَعْرَاضِ " أَو سَفْحُه أَوْ ناحِيَتُه " قال ذُو الرُّمَّةِ :
أَدْنَى تَقَاذُفِهِ التَّقْرِيبُ أَو خَبَبٌ ... كَمَا تَدَهْدَى من العَرْضِ الجَلامِيدُ" أَو " العَرْضُ : " المَوْضِعُ " الَّذِي " يُعْلَى منه الجَبَلُ " وبه فَسَّرَ بَعضُهُم قَولَ ذِي الرُّمَّةِ السَّابِقَ . من المَجَازِ : العَرْضُ : " الكَثِيرُ من الجَرَادِ " . يُقَالُ : أَتانَا جَرَادٌ عَرْضٌ أَي كَثِيرٌ . والجَمْع عُرُوضٌ مُشَبَّهٌ بالسَّحَابِ الذي سَدَّ الأفُقَ . العَرْضُ : " جَبَلٌ بفَاسَ " من بِلادِ المَغْرِبِ وهو مُطِلٌّ عليه وكَأَنَّهُ شُبِّهَ بالسَّحَابِ المُطِلِّ المُعْتَرِض . العَرْضُ : " السَّعَةُ " وقد عَرُضَ الشَّيْءُ ككَرُمَ فهو عَرِيضٌ . وَاسِعٌ . العَرْضُ : " خِلاَفُ الطُّولِ " قال اللهُ جَلَّ وعَزَّ : " وجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمواتُ والأَرْضُ " . قال ابن عَرَفَةَ : إِذا ذُكِرَ العَرْضُ بالكَثْرَةِ دَلَّ على كَثْرَةِ الطُّولِ لأَنَّ الطُّولَ أَكْثَرُ من العَرْضِ وقد عَرُضَ الشَّيْءُ عِرَضاً كصَغُرَ صِغَراً وعَرَاضَةً كسَحَابَةٍ فهو عَرِيضٌ وعُرَاضٌ . وقد فَرَّقَ المُصَنِّف هذَا الحَرْفَ في ثَلاثَةِ مَوَاضِعَ فذَكَر الفِعْلَ مع مَصْدَرَيْه آنِفَاً وذَكَرَ الاسْمَ هُنَا وذَكَرَ العُرَاضَ فِيمَا بَعْدُ واخْتَارَهُ المُصَنِّف كَثِيراً في كِتَابِه هذَا وهو من سُوءِ صَنْعَةِ التَّأْلِيف ولم يَذْكُر أَيضاً جَمْعَ العَرْض هذَا وسَنَذْكُره في المُسْتَدْركَات . أَصْلُ العَرْضِ في الأَجْسَامِ ثُمَّ اسْتُعمِلَ في غَيْرِهَا فيُقَالُ : كَلامٌ فيه طُولٌ وعَرْضٌ . و " منه " قَوْلُه تَعَالى : " فَذُو " دُعَاءٍ عَرِيضٍ " كما في البَصَائِر . وقيل : مَعْنَاهُ : ذُو دُعَاءٍ وَاسِعٍ وإِنْ كانَ العَرْضُ إِنَّمَا يَقَعُ في الأَجْسَامِ والدُّعاءُ ليس بجِسْم وقِيلَ : أَيْ كَثِيرٍ . فوَضَعَ العَرِيضَ مَوْضِعَ الكَثِيرِ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارٌ وكَذلِك لَوْ قِيلَ : أَيْ طَوِيل . لَوُجِّهَ على هذَا كما في اللّسَان . قلتُ : وإِطْلاقُ العَرِيضِ على الطَّوِيل حِنَئذٍ من الأَضْدَادِ فتَأَمَّلْ . وأَمّا قَوْلُه تَعَالَى : " وجَنَّةٍ عَرْضُهَا " . الآية فقال المُصَنِّف في البَصَائِرِ : إِنَّه يُؤَوَّل بأَحَدِ وُجُوهٍ : إِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ عَرْضَهَا في النَّشْأَةِ الآخِرَةِ كعَرْضِ السَّمواتِ والأَرْض في النَّشأَةِ الأُولَى وذلِك أَنَّهُ قد قَالَ : " يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ والسَّمواتُ " فلا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُون السَّمواتُ والأَرْضُ في النَّشْأَةِ الآخِرَةِ أَكْبَرَ مِمَّا هي الآن . وسَأَلَ يَهُودِيٌّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه عن الآيَةِ وقال : فأَيْنَ النَّارُ ؟ فقال عُمَرُ : فإِذا جاءَ اللَّيِلُ فأَيْن النَّهَارُ ؟ وقِيلَ يَعْنِي بعَرْضِهَا سَعَتَهَا لا مِنْ حَيْثُ المساحَةُ وهذا كقَوْلِهم : ضاقَتِ الدُّنْيَا على فُلانٍ كحَلْقَةِ خَاتَمٍ . وسَعَةُ هذِه الدَّارِ كسَعَةِ الأَرْضِ وقيل : عَرْضُهَا : بَدَلُهَا وعِوَضُهَا كقَولِك : عَرْضُ هذا الثَّوْبِ كَذَا وكَذَا والله أَعْلَم . قال ابنُ دُرَيْدٍ : العَرْضُ : " الوَادِي " وأَنْشَدَ :
" أَما تَرَى بِكُلِّ عَرضٍ مُعرِضِ
" كُلَّ رَدَاحٍ دَوْحَةِ المُحَوَّضِ العَرْضُ : " أَنْ يَذْهَبَ الفَرَسُ في عَدْوِه . وقد أَمالَ رَأْسَهُ وعُنُقَهُ " وهو مَحْمُودٌ في الخَيْلِ مَذْمُومٌ في الإِبِل وقد عَرَضَ إِذا عَدَا عَارِضاً صَدْرَه ورَأْسَهُ مَائِلاً . قال رُؤْبَةُ :
" يَعْرِضُ حَتَّى يَنْصِلَ الخَيْشُومَا وقد فَرَّق المُصَنِّف هذَا الحَرْفَ في ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ وهُوَ غَرِيبٌ وسَيَأْتي الكَلامُ على المَوْضعِ الثّالِث العَرْضُ : " أَن يُغْبَنَ الرَّجُلُ في البَيْعِ " يقال : " عارَضْتُه " في البَيْعِ " فعَرَضْتُهُ " أَعْرُضُه عَرْضاً من حَدّ نَصَر . والمُعَارَضَة : بَيْعُ العَرْضِ بالعَرْض كما سَيَأْتي . العَرْضُ : " الجَيْشُ " شُبِّه بالجَبَل في عِظَمِه أَوْ بالسَّحَابِ الَّذِي سَدَّ الأُفُقَ . قَال دُرَيْدُ بنُ الصَّمَّة :
بقِيَّة مِنْسَرٍ أَو عَرْض جَيْشٍ ... تَضِيقُ به خُرُوقُ الأَرْضِ مَجْرِ وقال رُؤْبَةُ في رِوَايَة الأَصْمَعِيّ :
" إِنَّا إِذا قُدْنَا لِقَوْمٍ عَرْضَا
" لم نُبْقِ من بَغْيِ الأَعَادِي عِضَّا" ويُكْسَرُ " والجَمْع أَعْرَاضٌ . ومِنه قَوْل عَمْرِو بنِ مَعْدِيكرِبَ في عُلَة بنِ جَلْد حِينَ سَأَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فقالَ : أُولَئِكَ فَوَارِسُ أَعْرَاضِنَا . أَي جُيُوشِنَا . العَرْضُ : " الجُنُونُ وقد عُرِضَ كعُنِيَ " ومنه حَدِيثُ خَدِيجَة رضي الله عَنْهَا " أَخَاف أَنْ يَكُونَ عُرِضَ له " أَي عَرَضَ له الجِنُّ وأَصابَه مِنْهُم مَسٌّ . العَرْضُ : " أَنْ يَمُوتَ الإِنْسَانُ من غَيْر عِلَّةٍ " . ولا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الإِنْسَان فَقَدْ قَال ابنُ القَطّاعِ : عَرَضَتْ ذاتُ الرُّوحِ من الحَيَوانِ : ماتَت مِنْ غَيْر عِلَّةٍ . يُقَالُ : مَضَى عَرْضٌ " من اللَّيْلِ " أَيْ " ساعَةٌ مِنْه " . العَرْضُ : " السَّحَابُ " مُطْلَقاً " أَو " هو " مَا سَدَّ الأُفُق " منه وبه شُبِّهَ الجَرَادُ والجَيْشُ كما تَقَدَّمَ . والجَمْعُ عُرُوضٌ . قال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ :
أَرِقْتُ لَهُ حَتَّى إِذَا ما عُرُوضُهُ ... تَحَادَتْ وهَاجَتْهَا بُرُوقٌ تُطِيرُهَا العِرْضُ " بالكَسْرِ : الجَسَدُ " عن ابنِ الأَعْرَابِيّ وجَمْعُه الأَعْرَاضُ . ومنه الحَدِيثُ في صِفَةِ أَهْلِ الجَنَّة : " إِنّمَا هو عَرَقٌ يَجْرِي مِن أَعْرَاضِهم " . أَي من أَجْسَادِهم . قيل : هو " كُلُّ مَوْضِعٍ يَعْرَقُ مِنْه " أَي من الجَسَدِ لأَنَّهُ إِذا طَابَتْ مَرَاشِحُه طَابَتْ رِيحُه وبه فُسِّر الحَدِيثُ أَيْضاً أَي من مَعَاطِفِ أَبْدَانِهِم وهي المَوَاضِعُ التي تَعْرَق من الجَسَد . قِيل عِرْضُ الجَسَدِ : " رَائِحَتُه رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كانَتْ أَو خَبِيثَةً " وكذا عِرْضُ غَيْرِ الجَسَدِ . يُقَال : فلانٌ طَيِّبُ العِرْضِ أَي طَيِّبُ الرِّيحِ وكَذَا مُنْتِنُ العِرْضِ وسِقَاءٌ خَبِيثُ العِرْض إِذا كان مُنْتِناً عن أَبي عُبَيْدٍ . وقال أَبو عُبَيْدٍ : مَعْنَى العِرْضِ في الحَدِيثِ أَنَّه كُلُّ شَيْءٍ من الجَسَدِ من المَغَابِن وهي الأَعْرَاضُ قال : ولَيْسَ العِرْضُ في النَّسَبِ مِنْ هذَا في شَيْءٍ . وقال الأَزهريّ في مَعْنَى الحَدِيث : من أَعْرَاضِهِم أَي مِن أَبْدَانِهِم على قَوْلِ ابنِ الأَعْرَابِيّ قال : وهو أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يُذْهَبَ به إِلى أَعْرَاضِ المَغَابِنِ . العِرْضُ أَيْضاً : " النَّفْسُ " . يُقَال : أَكْرَمْتُ عنه عِرْضِي أَيْ صُنْتُ عنه نَفْسِي وفُلاَنٌ نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيٌ من أَنْ يُشْتَمَ أَوْ يُعابَ . وقال حَسّان رَضِيَ اللهُ عَنْه :
فإِنَّ أَبِي وَوَالِدَه وعِرْضِي ... لعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ قال ابنُ الأَثِير : هذا خَاصٌّ للنَّفْس . وقيل العِرْضُ : " جَانِبُ الرَّجُلِ الّذِي يَصُونُه من نَفْسِه وحَسَبِهِ " ويُحَامِي عَنْهُ " أَنْ يُنْتَقَصَ ويُثْلَبَ " نَقَلَه ابنُ الأَثِيرِ " أَو سَوَاءُ كان في نَفْسِه أَو سَلَفِه أَو مَنْ يَلْزَمُه أَمْرُهُ أَو مَوْضِعُ المَدْحِ والذَّمِّ مِنْه " أَي من الإِنْسَان وهُمَا قَوْلٌ وَاحِدٌ ففي النِّهَايَة : العِرْضُ : مَوْضِعُ المَدْحِ والذَّمِّ من الإِنْسَان سَوَاءٌ كانَ في نَفْسِهِ فُسِّر الحَديثُ : " كُلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِم حَرَامٌ دَمُه ومَالُه وعِرْضُه " " أَو العِرْضُ : " مَا يَفْتَخِرُ به " الإنْسَانُ " من حَسَبٍ وشَرَفٍ " وبه فُسِّر قَوْلُ النَّابِغَة :
" يُنْبِيك ذُو عِرْضِهِمْ عَنِّي وعَالِمُهُمْولَيْسَ جَاهِلُ أَمْرٍ مِثْلَ مَنْ عَلِمَاذُو عِرْضِهِم : أَشْرَافُهُم وقيل : ذُو حَسَبِهِم . ويُقَال : فُلانٌ كَرِيمُ العِرْضِ أَيْ كَرِيمُ الحَسَبِ وهو ذُو عِرْضٍ إِذَا كَانَ حَسِيباً . " وقد يُرَادُ بِهِ " أَي بالعِرْض " الآبَاءُ والأَجْدَادُ " ذَكَرَه أَبُو عُبَيْدٍ . يُقَال : شَتَمَ فُلانٌ عِرْضَ فُلانٍ مَعْنَاهُ : ذَكَرَ أَسْلافَه وآبَاءَه بالقَبِيح . وأَنْكَرَ ابنُ قُتَيْبَةَ أَنْ يَكُون العِرْضُ الأَسْلافَ والآباءَ وقال : العِرْضُ : نَفْسُ الرَّجُلِ وبَدَنُه لا غَيْرُ . وقال في حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير رَضيَ الله عنه : " فمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ استَبْرَأَ لدِينِهِ وعِرْضِهِ " أَي احْتَاطَ لنَفْسِهِ . لا يَجُوزُ فيه مَعْنَى الآبَاءِ والأَسْلافِ . قيل عِرْضُ الرَّجُلِ : " الخَلِيقَةُ المَحْمُودَةُ " منه نَقَلَه ابنُ الأَثِير . وقال أَبُو بكْرِ بنُ الأَنْبَارِيّ : وما ذَهَبَ إِلَيْه ابْنُ قُتَيْبَةَ غَلَطٌ دَلَّ على ذلِكَ قَوْلُ مِسْكِينٍ الدَّرامِيّ :
رُبَّ مَهْزُولٍ سَمِينٌ عِرْضُه ... وسَمِينِ الجِسْمِ مَهْزُولُ الحَسَبْ فلو كانَ العِرْضُ البَدَنَ والجِسْمَ على مَا ادَّعَى لم يَقُل مَا قَالَ إِذْ كانَ مُسْتَحِيلاً للقائِلِ أَنْ يَقُولَ : رُبَّ مَهْزُولٍ سَمِينٌ جِسْمُه لأَنَّه مُنَاقَضَةٌ وإِنَّمَا أَرادَ : رُبَّ مَهْزُولٍ جِسْمَه كَرِيمَةٌ آبَاؤُه ويَدُلُّ لِذلِك أَيْضاً قَولُه صلَّى اللهُ عَليْه وسَلَّم : " دَمُه وعِرْضُه " فلَوْ كان العِرْضُ هو النَّفْس لكان دَمُهُ كافِياً من قَوْلِهِ عِرْضُه لأَنَّ الدَّمَ يُرَادُ به ذَهَابُ النَّفْسِ . وقال أَبُو العَبَّاس : إِذا ذُكِرَ عِرْضُ فُلانٍ فمَعْنَاه أُمُورُهُ الَّتي يَرْتَفِعُ أَو يَسْقُطُ بذِكْرِهَا من جِهَتِهَا بحَمْدٍ أَو بذَمٍّ فيجُوزُ أَنْ يكُونَ أُموراً يُوصَفُ بها هو دُونَ أَسْلافِه ويَجُوزُ أَن تُذكَر أَسْلافَه لِتَلْحَقَه النقيصَةُ بعَيْبِهم لا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ اللّغَةِ إِلاَّ ما ذَكَرَهُ ابنُ قُتَيْبَةَ من إِنْكَارِه أَن يَكُون العِرْضُ الأَسْلافَ والآباءَ : قلْتُ : وقد احْتَجَّ كُلٌّ مِنَ الفَرِيقَيْن بِمَا أَيَّدَ به كَلامَهُ ويَدُلُّ لابْنِ قُتَيْبَةَ قَوْلُ حَسّانَ السّابِقُ ولو ادُّعِيَ فِيهِ العُمُومُ بَعْدَ الخُصُوصِ وحَدِيثُ أَبِي ضَمْضَمٍ : " إِنّي تَصَدَّقْت بعِرْضِي على عِبَادِك " وكَذَا حَدِيثُ أَهْلِ الجَنَّةِ السَّابِقُ وكذا حَدِيثُ " لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه " وكَذا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وكَذَا قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا " أَقْرِضْ مِن عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ " . وإِنْ أُجِيبَ عن بَعْضِ ذلِكَ . وأَمّا تَحَامُلُ ابْنِ الأَنْبَارِيّ وتَغْلِيظُه إِيَّاه فمَحَلُّ تَأَمُّلٍ . وقد أَنْصَفَ أَبُو العَبَّاسِ فِيمَا قالَه فإِنَّه جَمَعَ بين القَوْلَيْنِ ورَفَعَ عن وَجْهِ المُرَادِ حِجَابَ الشَّيْن فتَأَمَّلْ واللهُ أَعْلَمُ . العِرْضُ : " الجِلْدُ " أَنْشَدَ إِبْرَاهِيمُ الحَرْبِيّ :
وتَلْقَى جَارَنَا يُثْنِي عَلَيْنَا ... إِذَا مَا حَانَ يَوْمٌ أَن يَبِينَا
ثَنَاءٌ تُشْرِقُ الأَعْرَاضُ عَنْهُ ... به نَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونَا العِرْضُ : " الجَيْشُ " الضَّخْمُ " ويُفِتَح " وهذَا قد تَقَدَّمَ بعَيْنِه في كَلامِه فهو تَكْرارٌ . العِرْضُ : " الوَادِي " يكون " فِيه قُرىً ومِيَاهٌ أَوْ " كُلُّ وَادٍ فيه " نَخيلٌ " وعَمَّهُ الجَوْهَرِيّ فقالَ : كُلُّ وَادٍ فيه شَجَرٌ فهو عِرْضٌ وأَنْشَدَ :
لَعِرْضٌ من الأَعْرَاض تُمْسِي حَمَامُه ... وتُضْحِي عَلَى أَفْنَانِهِ الغِينِ تَهْتِفُ
أَحَبُّ إِلى قَلْبِي مِنَ الدِّيكِ رَنَّةً ... وبابٍ إِذا ما مَالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ العِرْض : " وَادٍ " بعَيْنِه " باليَمَامَةِ " عَظِيمٌ وهُمَا عِرْضَانِ عِرْضُ شَمَامِ وعِرْضُ حَجْرٍ . فالأَوَّل يَصُبّ في بَرْكٍ وتَلْتَقِي سُيُولُهُمَا بجَوٍّ في أَسْفَلِ الخِضْرِمَة فإِذا الْتَقَيَا سُمِّيَا محقّفاً وهو قاعٌ يَقْطَع الرَّمْلَ . قال الأَعْشَى :أَلَمْ تَرَ أَنَّ العِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُه ... زَنَابِيرُه والأَزْرَقُ المُتَلَمِّسُ وقد تقَدَّم إِنشادُ هذا البَيْت للمُصَنّف في " ل م س " وذُكِرَ هُنَا استِطْرَاداً . والعِرضُ : وَادٍ باليَمَامة . العِرْضُ : " الحَمْضُ والأَرَاكُ " جَمْعُهُ أَعْرَاضٌ . وفي الصّحاح : الأَعْرَاضُ . الأَثْلُ والأَرَاكُ والحَمْضُ انْتَهَى . وقِيلَ : العِرْضُ : الجَمَاعَةُ من الطَّرْفاءِ والأَثْلِ والنَّخْلِ ولا يَكون في غَيْرهنّ . قال الشَّاعِرُ :
والمانِع الأَرْضَ ذات العَرْضِ خَشْيَهُ ... حتى تَمْنَّعَ منْ مَرْعىً مَجَانِيهَا قِيلَ : العِرْضُ : " جَانِبُ الوَادِي والبَلَدِ . و " وقيل : " نَاحِيَتُهما وجَوُّهُمَا من الأَرْضِ وكَذَا عِرْضُ كلِّ شَيْءٍ ناحِيَتُه والجَمْعُ الأَعْرَاضُ . العِرْضُ : " العَظِيمُ من السَّحَابِ " يَعْتَرِض في أُفُقِ السَّمَاءِ . العِرْضُ : " الكَثيرُ من الجَرَادِ " وقد تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا شُبِّهَا بالجِبَالِ لضَخَامَةِ السَّحَابِ وتَرَاكُمِ الجَرَاد . العِرْضُ : " مَنْ يَعْتَرِضُ النَّاسَ بالبَاطِل وهي بِهَاءٍ " . ويُقال رَجُلٌ عِرْضٌ وامْرَأَةٌ عِرْضَةٌ . " وأَعْرَاضُ الحِجَازِ : رَسَاتِيقُه " وهي قُرىً بَيْنَ الحِجَازِ واليَمَنِ . قال عامرُ بنُ سَدُوسٍ الخُنَاعِيّ :
لَنَا الغَوْرُ والأَعْرَاضُ في
النَّفْسُ : الرُّوحُ وسَيَأْتِي الكلامُ عليها قَريباً . وقال أَبو إِسحَاقَ : النَّفْسُ في كلامِ العَرَبِ يَجْرِي على ضَرْبَيْن : أَحَدُهما قولُك : خَرَجَتْ نَفْسُه أَي رُوحُه والضَّرْبُ الثانِي : مَعْنَى النَّفْسِ فيه جُملةُ الشْيءِ وحقِيقتُه كما سَيَأْتِي في كَلاَمِ المصنِّف وعلى الأَوّلِ قالَ أَبو خِراشٍ :
نَجَا سالِمٌ والنفْسُ مِنْهُ بشِدْقِهِ ... ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرَاً
أَي بِجَفْنِ سَيْفٍ ومِئْزَرٍ كذا في الصّحاحِ قال الصّاغَانِيُّ : ولم أَجِدْه في شِعْر أَبي خِراشٍ . قلتُ : قال ابنُ بَرِّيّ : إعْتَبَرْتُه في أَشْعَارِ هُذَيْلٍ فوَجَدْتُه لحُذَيفَةَ بنِ أَنَسٍ وليسَ لأَبِي خِراشٍ والمَعْنَى : لم يَنْجُ سالِمٌ إِلاّ بجَفْنِ سَيْفه ومِئْزَرِه وانْتِصَابُ الجَفْنِ على الإسْتِثْنَاءِ المنْقَطِع أَي لم يَنْجُ سالمٌ إِلاّ جَفْنَ سَيْفٍ وجَفْنُ السَّيْفِ مُنْقَطِعٌ منه . ومِن المجاز : النَّفْسُ : الدَّمُ يقال : سالَتْ نَفْسُه كما في الصّحاحِ وفي الأَسَاس : دَفَق نَفْسَه أَي دَمَه . وفي الحَدِيث : ما لا نَفْسَ لَهُ وَقَع في أُصُولِ الصّحاحِ : ما لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ فإِنّه لا يُنَجِّسُ المَاءَ إِذا مَاتَ فيه . قلت : وهذا الِّذي في الصّحاحِ مُخَالِفٌ لِمَا في كُتُبِ الحَدَيثِ وفي رَوَايَةِ أُخْرَى : مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ ورُويَ عن النَّخَعِيّ أَنّه قال : كُلُّ شّيْءٍ له نَفْسٌ سائِلَةٌ فماتَ في الإِنَاءِ فإِنّه يُنَجِّسُه وفي النِّهَايَةِ عنه : كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فإِنه لا يُنَجِّسُ الماءَ إِذا سَقَطَ فيه أَي دَمٌ سائِلٌ ولذَا قالَ بعضُ مَن كَتَبَ على الصِّحّاحِ : هذا الحَدِيثُ لم يَثْبُتْ قال ابنُ بَرِّيّ : وإِنّمّا شاهِدُه قولُ السَّمَوْأَلِ :
تَسِيلُ عَلى حَدِّ الظُّبَاةِ نُفُوسُنَا ... ولَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّباة تَسِيلُ قال وإِنّمَا سُمِّيَ الدَّمُ نَفْساً لأَنّ النَّفْسَ تَخْرُج بخُرُوجِه . والنَّفْسُ : الجَسَدُ وهو مَجَازٌ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ يُحَرِّضُ عَمْرو بنَ هِنْدٍ عَلى بَنِي حَنِيفَةَ وهم قَتَلَةُ أَبيه المُنْذِر بنِ ماءِ السماءِ يومَ عَيْنِ أَبَاغٍ ويزْعُم أَن عَمْروَ بن شَمِرَ الحَنَفِيّ قَتَله :
نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا ... أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِفَلَبِئْسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمْروٍ رَهْطَهُ شَمِرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ والتامُورُ : الدّمُ أَي حَمَلُوا دَمَه إِلى أَبْيَاتِهِم . والنَّفْسٌ : العَيْنُ التي تُصِيبُ المَعِينَ وهو مَجَازٌ . ويُقَال : نَفَسْتُه بنَفْسٍ أَي أَصّبْتُه بِعَيْنٍ وأَصابَتْ فُلاناً نَفْسٌ أَي عَيْنٌ وفي الحَديث عن أَنَسٍ رَفَعَهُ : أَنَّه نَهَى عَنِ الرُّقْيَةِ إِلاّ فِي النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنِّفْسِ أَي العَيْنِ والجَمْعُ أَنْفُسٌ ومنه الحديث : أَنه مَسَح بَطْنَ رافِعٍ فأَلْقَى شَحْمَةً خَضْرَاءَ فقال : إِنه كانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ يريدِ عُيُونَهُم . ورَجُلٌ نافِسٌ : عائِنٌ وهو مَنْفُوسٌ : مَعْيُونُ . والنَّفْسُ : العِنْدُ وشَاهِدُه قولُه تعالَى حِكَايَةً عن عِيسَى عَليه وعلى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ " أَي تَعْلَمُ ما عِنْدِي ولا أَعْلَمُ ما عِنْدَكَ ولكن يَتَعَيَّن أَنْ تَكُونَ الظَّرفِيَّةُ حِينَئذٍ ظرفيَّةَ مَكَانَةٍ لا مَكَانٍ أَو حَقِيقَتي وحَقِيقَتَكَ قال ابنُ سِيْدَه : أَي لا أَعْلَمُ ما حَقِيقَتُك ولا ما عِنْدَك عِلْمُه فالتَّأْوِيلُ : تَعْلَمُ ما أَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ ما تَعْلَمُ والأَجْوَدُ في ذِلك قولُ ابنِ الأَنْبَارِيّ : إِنَّ النَّفْسَ هنا الغَيْبُ أَي تَعْلَمُ غَيْبي لأَنَّ النَّفْسَ لمّا كانتْ غائِبَةً أُوقِعَتْ على الغَيْبِ ويَشْهدُ بصِحَّتِه قولُه في آخرِ الآيَة " إِنَّك أَنْت عَلاَّمُ الغُيُوبِ " كأَنّه قال : تعْلمُ غيْبِي يا عَلاَّم الغُيُوبِ . وقال أَبو إِسْحاق : وقدْ يُطْلَقُ ويُرَادُ به جُمْلةُ الشَّيْءِ وحَقِيقتُه يُقال : قَتلَ فُلانٌ نَفْسَه وأَهْلكَ نَفْسَه : أَي أَوْقَعَ الهَلاَكَ بذَاتِه كُلِّهَا وحَقِيقَتِه . قلتُ : ومنه أَيضاً ما حكاهُ سِيبُوَيْهِ من قَولِهِمْ : نَزَلْتُ بَنَفْسِ الجبَلِ ونَفْسُ الجَبَلِ مُقَابِلِي . والنَّفْسُ : عَيْنُ الشَّيْءِ وكُنْهُه وجَوْهَرُه يُؤَكَّدُ به يُقَالُ : جَاءَنِي المَلِكُ بِنَفْسِه ورأَيْتُ فلاناً نَفْسَه . وقَوْله تَعَالى : " الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِهَا " رُوِيَ عنِ ابنِ عَبّاس رضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قالَ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ العَقْلِ الذي يكونُ به التَّمْيِيزُ والأَخْرى نَفْسُ الرُّوحِ الَّذي به الحَيَاةُ . وقال ابن الأَنباريّ : من اللُّغَويِّينَ مَن سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ وقَالَ : هما شَيْءٌ وَاحِدٌ إِلاّ أَن النفْسَ مؤنثَةٌ والرُّوحَ مُذكَّرَةٌ وقال غيرُهُ : الرُّوحُ الّذي به الحَيَاةُ والنَّفْسُ : التي بها العَقْلُ فإِذا نامَ النائمُ قَبَضَ اللهُ نَفْسَه ولم يَقْبِضْ رُوحَه ولا تُقْبَضُ الرُّوحَ إِلاّ عنَدِ المَوْت قال : وسُمِّيَت النَّفْسُ نَفْساً لتَوَلُّد النَّفْس منها وإتّصَاله بها كما سَمَّوَا الرُّوحَ رُوحاً لأَنَّ الرُّوْحَ مَوجُودٌ به . وقالَ الزَّجَّاجُ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ التِّمْييز وهي الّتي تُفَارِقُه إِذا نامَ فلا يَعْقِلُ بهَايَتَوَفَّاهَا الله تَعَالَى والأُخْرَى : نَفْسُ الحَيَاة وإِذَا زَالَت زالَ مَعَهَا النَّفِسُ والنَّائمَ يَتَنَفَّسُ قال : وهذا الفَرْقُ بينَ تَوفِّي نَفْسِ النائِم في النَّوْم وتَوَفِّي نَفْسِ الحَيِّ . قال : ونَفْسُ الحَيَاة هي الرُّوحُ وحَرَكَةُ الإِنْسَان ونُمُوُّه يكون به . وقال السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : كَثُرت الأَقَاويلُ في النَّفْس والرُّوح هل هُمَا وَاحِدٌ ؟ أَو النَّفْسُ غيرُ الرُّوح ؟ وتَعَلَّقَ قومٌ بظَوَاهرَ من الأَحاديثِ تدُلُّ على أَنَّ الرُّوحَ هي النَّفْسُ كقول بلالٍ أَخَذَ بِنَفْسِك مع قولهِ صَلَّى الله عليه وسَلَّم : " إِنّ الله قَبضَ أَرْوَاحَنا " وقولِه تعالَى : : الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ " والمَقْبُوضُ هو الرُّوحُ ولم يَفَرِّقُوا بَيْنَ القَبْضِ والتَّوَفِّي وأَلْفَاظُ الحَدِيثِ مُحْتَملَةُ التَّأْويلِ ومَجَازَاتُ العَرَبِ وإتِّسَاعاتُها كَثِرَةٌ : والحَقُّ أَنَّ بَيْنَهما فَرْقاً ولو كانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنىً وَاحِدْ كاللَّيْثِ والأَسَدِ لَصَحَّ وُقُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهما مكانَ صاحِبِه كقوله تعالى : " ونَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوِحِي " ولم يَقْلْ : مِن نَفْسِي . وقوله : " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي " ولم يَقُلْ : ما فِي رُوحي . ولا يَحْسُنُ هذا القَولُ أَيضاً مِن غيرِ عِيسَى عليه السَّلامُ . " ويَقُولُونَ في أَنْفُسهمْ " ولاَ يَحْسَن في الكلام : يَقُولُون في أَرْوَاحهم . وقال : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ " ولم يقَل : أَنْ تَقُولَ رُوحٌ ولا يَقُولُه أَيْضاً عَرَبيٌّ فَأَيْنَ الفَرَقُ إِذا كَانَ النَّفْسُ والروَّحُ بمَعْنىً وَاحدٍ ؟ وإِنّمَا الفَرْقُ بينَهما بالإعْتبَارَاتِ ويَدُلُّ لذلك ما رَوَاهُ ابنُ عَبْد البَرِّ في التَّمْهِدِ الحَديث : إِن اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وجَعَلَ فِيه نَفْساً ورُوحاً فمن الرُّوحِ عَفَافُه وفَهْمُه وحِلْمُه وسَخاؤُه ووَفَاؤُه ومِن النَّفْسِ شَهْوَتُه وطَيْشُه وسَفَهُه وغَضَبُه فلا يُقَالُ في النَّفْسِ هي الرُّوحَ عَلى الإِطْلاق حَتَّى يُقَيَّدَ ولا يُقَال في الرُّوحِ هي النَّفْسُ إِلاّ كما يُقَالُ في المَنِيِّ هو الإِنْسَانُ أَو كما يُقَالُ للمَاءِ المُغَذِّي لِلكَرْمَةِ هو الخَمْرُ أَو الخَلُّ على معنَى أَنه سيُضَافُ إِليه أَوصَافٌ يُسَمَّى بها خَلاًّ أَو خَمْراً فتَقَيُّدُ الأَلْفَاظِ هو مَعْنَى الكلامِ وتَنْزِيلُ كُلِّ لَفْظٍ في مَوْضِعه هو مَعْنَى البَلاغةِ إِلى آخِر ما ذَكرُه . وهو نَفِيسٌ جداً وقد نَقَلْتُه بالإخْتصَار في هذا المَوْضع لأَنّ التَّطْويِلَ كَلَّتْ منه الهِمَمُ لاسَّيمَا في زَماننا هذا . والنَّفْسُ : قَدْرُ دَبْغَةٍ وعَلَيْه اقتصر الجَوْهَرِيُّ وزاد غيرُه : أَو دَبْغَتَيْن . والَّدِبْغَةُ بكسر الدال وفتحها ممَّا يُدْبَغُ به الأَديمُ من قَرَظٍ وغيره يُقَال : هَبْ لي نَفْساً مِن دِبَاغٍ قال الشَّاعِرُ :
" أَتَجْعَلُ النَّفْسَ الَّتِي تُدِيرُ
" فِي جِلْدِ شاةٍ ثُمَّ لا تَسِيرُ قال الجَوْهَرِيُّ : قال الأَصْمَعِيُّ : بَعثَت امرأَةٌ مِن العربِ بِنْتاً لها إِلى جارَتِهَا فقالت لها : تقولُ لك أُمِّي : أَعْطِينِي نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بِه مَنِيئَتي فإِنِّي أَفِدَةٌ . أَي مُسْتَعْجِلَةٌ لا أَتفرَّغُ لإتِّخاذِ الدِّباغِ مِن السُّرْعَةِ . انتَهَى . أَرَادَتْ : قَدْرَ دَبْغَة أَو دَبْغَتَيْن من القَرَظ الّذِي يُدْبَغُ به . المَنِيئَةُ : المَدْبَغَةُ وهي الجُلُودُ الّتِي تُجْعَلُ في الدِّباغ . وقيل : النَّفْسُ مِن الدِّباغِ : مِلْءُ الكَفِّ والجَمْعُ : أَنْفُسٌ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ بِهِ ... عَلَى المَاءِ إِحْدَى اليّعْمَلاتِ العَرامِسِيَعْنِي الوَطْبَ مِن اللبَنِ الذِي طُبَخَ بهذا القَدْرِ مِن الدِّبَاغِ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : النَّفْسُ : العَظَمَةُ والكِبْرُ والنَّفْسُ : العِزَّةُ . والنَّفْسُ : الأَنْفَةُ . والنَّفْسُ : العَيْبُ هكذا في النُّسخِ بالعَيْنِ المُهْمَلَة وصَوَابُه بالغَيْنِ المُعْجَمَةُ وبه فَسَّر ابْنُ الأَنْبَارِيّ قوله تعالَى : " تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي " الآيَةَ وسَبَقَ الكلامُ عليه . والنَّفْسُ : الإِرادَةُ . والنَّفْسُ : العُقُوبَةُ قيل : ومنه قولُه تَعَالَى : " وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ " أَي عُقُوبَتَه وقال غيرُه : أَي يُحَذِّرُكم إِيّاه . وقد تَحَصَّل مِن كلامِ المصنِّف رحمَه الله تعالى خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنىً للنَّفْسِ وهي : الرُّوح 1 ، والدَّمُ 2 ، والجَسَدُ 3 ، والعَيْنُ 4 ، والعِنْدُ 5 ، والحَقِيقَةُ 6 ، وعَيْنُ الشَّيْءِ 7 ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ 8 ، والعَظَمَةُ 9 ، والعِزَّةُ 10 ، والهِمَّةُ 11 ، والأَنَفَةُ 12 ، والغَيْبُ 13 ، والإِرادَةُ 14 ، والعُقُوبةُ 15 ، ذَكر منها الجَوْهَرِيُّ : الأَوّلَ والثّانِي والثالثَ والرّابِعَ والسابِعَ والثامنَ وما زدْناه على المُصَنِّف رحِمَه الله فسيأْتي ذِكْرُه فيما اسْتُدْرِك عليه . وجَمْعُ الكُلِّ : أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ . والنَّفَسُ بالتَّحْرِيك : وَاحِدُ الأَنْفَاسِ وهو خُرُوجُ الرِّيحِ من الأَنْفِ والفَمِ ويُرَادُ به السَّعَةُ يُقَال : أَنتَ في نَفَسٍ مِن أَمْرِك أَي سَعَةٍ قاله الجَوْهَرِيُّ وهو مَجازٌ وقال اللِّحْيَانِيُّ : إِنَّ في الماءِ نَفَساً لِي ولَكَ وأَي مُتَّسَعاً وفَضْلاً . ويُقَال : بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَفَسٌ أَي مُتَّسَعٌ . والنَّفَسُ أَيضاً : الفُسْحَةُ فِي الأَمْرِ يقال : إعْمَلْ وأَنْتَ في نَفَسٍ أَي فُسْحَةٍ وسَعَةٍ قَبْلَ الهَرَمِ والأَمْرَاضِ والحَوَادِثِ والآفاتِ . وفِي الصّحاح : النَّفَسُ : الجَرْعَةُ يُقَال : اكْرَعْ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ أَي جُرْعَةً أَو جُرْعَتَيْنِ ولا تَزِدْ عليه . والجَمْع : أَنْفَاسٌ كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ قال جَرِيرٌ :
تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنِيهَا ... بأَنْفَاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِإنتَهَى . قال مُحَمدُ بن المُكَرّم : وفي هذا القَوْل نَظَرٌ . وذلك لأَن النَّفسَ الوَاحدَ يَجْرَع فيه الإِنْسَان عِدَّةَ جُرَعٍ يَزيدُ ويَنْقصُ علَى مقْدَار طُولِ نَفَسِ الشّارب وقَصِره حتّى إِنّا نَرَى الإِنْسَانَ يَشربُ الإِنَاءِ الكَبِيرَ في نَفَسٍ وَاحِدٍ على عِدَّةِ جُرَعٍ . ويُقَال : فُلانٌ شَرِبَ الإِنَاءَ كُلَّه عَلَى نَفَسٍ وَاحدٍ . والله تَعَالَى أَعْلَم . وعن ابن الأَعْرَابِيِّ : النَّفَسُ الرِّيّ وسيأْتي أَيْضاً قريباً . والنَّفَسُ : الطَّويل من الكَلام وقد تَنَفَّسَ . ومنه حديث عَمّارٍ : لقد أَبْلَغْتَ وأَوْجَزْتَ فلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ أَي أَطَلْت . وأَصْله : أَنَّ المَتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ إستأْنَفَ القَوْل وسَهُلَت عليه الإِطالَة . وقال أَبُو زَيْدٍ : كَتَبْت كِتَاباً نَفَساً أَي طِويلاً . وفي قَوْله صلَّى الله تعالَى عليه وسلم : ولاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ الوَاو زائدة وليست في لَفْظ الحَديث فإِنَّهَا منْ نَفَسِ الرحْمن . وكذا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : " أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكمْ " وفي رِوايَة : نَفَسَ الرَّحْمن وفي أَخرَى : إِنّي لأَجدُ منْ قِبَل اليَمَن قَال الأَزْهَريُّ : النَّفَسُ في هذين الحَديثَيْن : اسْمٌ وُضَعَ مَوْضِعَ المَصْدَر الحَقيقيِّ مِن نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفيساً ونَفَساً أَي فَرَّجَ عنه الهَمَّ تَفْريجاً كأَنَّه قال : تَنْفيسَ رَبِّكم من قِبَل اليَمَنِ . وإِنَّ الرِّيحَ مِن تَنْفِيسِ الرَّحْمنِ بها عن المَكْرُوبِينَ فالتَّفْرِيج : مَصْدّرٌ حقيقيّيٌّ والفَرَجُ اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المصدرِ والمَعْنَى : أَنَّهَا أَي الرِّيحُ تُفَرِّجُ الكَرْبَ وتُنْشِيءُ السَّحابَ وتَنْشُرُ الغَيْثَ وتُذْهِبُ الجَدْبَ قال القُتَيْبِيُّ : هَجَمْتُ على وَادٍ خَصِيبٍ وأَهْلُه مُصْفَرَّةٌ أَلوَانُهُم فسأَلْتُهُم عن ذلك فقال شيخٌ منهم : ليسَ لنا رِيحٌ . وقولُه في الحَدِيثِ : مِن قِبَل اليَمَن المُرَادُ واللهُ أَعْلَمُ : مَا تَيَسَّر له صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ منْ أَهْل المَدينَةِ المُشَرَّفَة وهَم يَمَانُونَ يَعْني الأَنْصارَ وهم من الأَزْد والأَزْدُ من اليَمَن من النُّصْرَةِ والإِيواءِ له والتَّأْييد له برِجَالهم وهو مُسْتَعَارٌ من نَفَس الهَوَاءِ الَّذي يُرَدِّدُه المُتَنَفِّسُ إِلى الجَوْف فيُبَرِّدُ من حَرَارتِه ويُعَدِّلُها أَو من نَفَسَ الرِّيح الّذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِحُ إِليه ويُنَفِّس عنه أَو من نَفَس الرَّوْضة وهو طِيبُ رَوائحها فيَنْفَرجُ به عنه . ويقال : شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ : فيه سَعَةٌ ورِيٌّ قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ وقد تقدَّم للمصنِّف ذِكْرُ مَعْنَى السَّعِةِ والرِّيِّ فلو ذَكَرَ هذا القولَ هناك كانَ أَصابَ ولعلَّه أَعادَه ليُطَابقَ مع الكَلام الّذي يَذْكُرُه بَعْدُ وهو قوله : ومِن المَجازِ : يقال شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ أَي كَرِيه الطِّعْمِ آجِنٌ مُتَغَيِّرٌ إِذا ذاقَه ذائِقٌ لم يَتَنَفَّسْ فِيه وإِنَّمَا هي الشَّرْبَةُ الأُولَى قَدْرَ مَا يُمْسِك رَمَقَه ثُمَّ لا يَعُودُ له قال الرَّاعِي ويُرْوَي لأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيَ :
وشَرْبَةٍ مِنْ شَرَابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ ... في كَوْكَبٍ مِن نُجُومِ القَيْظِ وَهّاج
سَقَيْتُهَا صَادِيَاً تَهْوِي مَسامِعُهُ ... قدْ ظَنَّ أَنْ لَيْسَ مِن أَصْحَابِهِ نَاجِي أَي في وَقْتِ كَوْكَبٍ ويُرْوَي : في صَرَّةٍ . والنَّافِسُ : الخَامِسُ مِن سَهَام المَيْسِرِ قال اللِّحْيَانِيُّ : وفيه خَمْسَةُ فُرُوضٍ وله غُنْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِن فازِ وعَلَيْه غُرْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِنْ لم يَفُزْ ويُقَالُ : هُو الرابِعُ وهذا القَوْلُ مَذْكورٌ في الصّحاح والعَجَبُ من المُصَنِّفِ في تَرْكِه . وشَيءٌ نَفِيسٌ ومَنْفُوسٌ ومُنْفِسٌ كمُخْرِجٍ إِذا كانَ يُتَنَافَسُ فيه ويُرْغَبُ إِليه لِخَطَرِه قال جَرِيرٌ :
" لَوْ لَمْ تُرِدْ قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍمِمَّا يُخَالِطُ حَبَّ القَلْبِ مَنْفُوسِ المُطَّرَف : المُسْتَطْرَف . وقال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ رضي الله تَعالَى عنه :لا تَجْزَعِي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... فَإِذَا هَلَكْتُ فعِنْدَ ذلِكَ فاجْزَعِيوقد نَفُسَ ككَرُمَ نَفَاسَةً بالفَتْحِ ونِفَاساً بالكَسْرِ ونَفَساً بالتَّحْرِيك ونُفُوساً بالضّمّ . والنَّفِيسُ : المالُ الكَثِيرُ الّذِي له قَدْرٌ وخَطَرٌ كالمُنْفِسِ قالَه اللِّحْيَانِيُّ وفي الصّحاحِ : يُقَال : لفُلانٍ مُنْفِيٌ ونَفِيسٌ أَي مالٌ كَثِيرٌ . وفي بعض النُّسَخ : مُنْفِسٌ نَفِيسٌ بغير واوٍ . ونَفِسَ به كفَرِحَ عَن فُلانٍ : ضَنَّ عَلَيْه وبه ومنه قَوْلَه تَعَالَى " ومَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسه " والمَصْدَرُ : النَّفَاسَةُ والنَّفَاسِيَةُ الأَخيرَةُ نادرَةٌ . ونَفِسَ عَلَيْه بخَيْرٍ قَليلٍ : حَسَدَ ومنه الحَديثُ : لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ فما نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ . ونَفِسَ عَلَيْه الشَّيْءَ نَفَاسَةً : ضَنَّ به ولم يَرَهُ يَسْتَأْهِلُه أَي أَهْلاً لَهُ ولم تَطِبْ نَفْسُه أَنْ يَصِلَ إِليه . ومِن المَجَازِ : النِّفَاسُ بالكَسْر : وِلاَدَةُ المَرْأَة وفي الصّحاحِ وِلاَدُ المَرْأَةِ مَأْخُوذٌ مِن النَّفْسِ بمَعْنَى الدَّمِ فإِذا وَضَعَتْ فيهي نُفَسَاءُ كالثُّؤَبَاءِ ونَفْسَاءُ بالفَتْح مِثَالُ حَسْنَاءُ ويُحَرِّكُ وقَال ثَعْلِبٌ : النُّفَساءُ : الوَالِدَةُ والحَامِلُ والحَائِضُ و ج نُفَاسٌ ونُفُسٌ كجِيَادٍ ورُخَالٍ نَادِراً أَي بالضّمّ ومِثْل كُتُبٍ بضَمَّتَيْن ومِثْل كُتْبٍ بضمٍّ فسُكُون . ويُجْمَعُ أَيضاً على نفساءَ ونُفَسَاوَاتٍ وامْرَأَتَانِ نُفَسَاوَانِ أَبْدَلُوا من هَمْزَة التّأْنِيثِ وَاواً قال الجَوْهريُّ : ولَيْسَ في الكَلامِ فُعَلاءُ يُجْمَع على فِعَالٍ بالكَسْرِ غَيْرَ نُفَسَاءَ وعُشَراءَ انتهى . وليس لهم فُعَلاَءُ يُجْمَع عَلى فُعَال أَي بالضَّمّ غَيْرَهَا أَي غيرَ النُّفَسَاءِ ولذا حُكِمَ عليه بالنُّدْرَة . وقد نُفِسَتِ المَرْأَةُ كسَمِعَ وعُنِيَ نَفَساً ونَفَاسَةً ونِفَاساً أَي وَلَدَتْ وقال أَبو حَاتِمٍ : ويُقَال : نُفِسَتْ على لم يُسَمَّ فاعِلُه . وحَكَى ثَعْلَبٌ : نُفِسَتْ وَلَداً على فِعْل المَفْعُول والوَالَدُ مُنْفُوسٌ ومنه الحَدِيث : مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ أَي مَوْلُودةٍ وفي حَدِيث ابنِ المُسَيِّبِ : لا يَرِثُ المَنْفُوسُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخاً أَي حَتّى يُسْمَعَ له صَوْتٌ ومنه قَوْلُهم : وَرِثَ فُلانٌ هذا قبل أَن يُنْفَسَ فُلانٌ أَي قبلَ أَن يُولَدَ . ونُفِسَتِ المَرْأَةَ إِذا حَاضَتْ رُوِيَ بالوَجْهَيْن ولكِن الكَسْر فيه أَكْثَرُ وأَمّا قولُ الأَزْهَرِيّ : فأَمّا الحَيْضُ فلا يُقَال فيه إِلاّ نَفِسَتْ بالفَتْح : فالمُرَاد به فَتْحُ النُّونِ لا فَتْحُ العَيْنِ في لماضِي . ونَفِيسُ بنُ مُحَمِّدٍ مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ وقَصْرُه علَى مِيلَيْنِ مِن المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ على ساكنِها أَفْضَلُ الصّلاةِ والسلامِ وقد قدَّمْنا ذِكْرَه في القُصُور . ويقال : لَكَ في هذا الأَمْرِ نُفْسَةٌ بالضّمّ أَي مُهْلَةٌ ومُتَّسَعٌ . ونُفُوسَةُ بالفَتْح : جِبَالٌ بالمَغْرِبِ بَعْدَ إِفريقِيَّةَ عاليةٌ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ في اَقلَّ من ذلِك أَهْلُهَا إِباضِيَّةٌ وطُولُ هذا الجَبَلِ مَسِيرةُ سِتَّةِ أَيامٍ من الشَّرْقِ إِلى الغَربِ وبينَه وبينَ طَرَابُلُسَ ثلاثَةُ أَيّامٍ وإِلى القَيْروَانِ سِتَّةُ أَيّامٍ وفي هذا الجَبلِ نَخْلٌ وزَيْتُونٌ وفَوَاكِهُ وإفْتَتَح عَمْرُو ابن العاصِ رضيَ الله تعالى عنه نَفُوسَةَ وكانُوا نَصَارَى . نَقَلَه ياقُوت . وأَنْفَسهُ الشَّيْءُ : أَعْجَبَهُ بنَفْسَه ورَغَّبَه فيها وقال ابنُ القَطّاعِ : صار نَفِيساً عِنْدَه ومنه حَدِيثُ إِسماعِيلَ عليه السّلاَمُ : أَنَّهُ تَعَلَّم العَرَبَيَّةَ وأَنْفَسَهُم . وأَنْفَسَه في الأَمْرِ : رَغَّبَهُ فيه . ويُقَالُ منه : مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفِسٌ كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ : أَي نَفِيسٌ وقيلَ : كَثِيرٌ وقيل : خَطيرٌ وعَمَّه اللِّحْيَانِيُّ فقال : كُلُّ شيْءٍ له خَطَرٌ فهو نَفِيسٌ ومُنْفِسٌ . ومِن المَجَازِ : تَنَفَّسَ الصُّبْحُ أَي تَبَلَّجَ وامتدَّ حتى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى " والصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ " قال :إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ : إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ :ثَلاَثَةُ أَنْفُسِ وثَلاَثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ جارَ الزَّمَانُ علَى عِيَالِي وقَولُه تعَالَى : " الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " يَعْنَي آدَم وزوجها يعني حَوَّاءَ عليهِمَا السلام . ويقال : ما رأَيتُ ثَمَّ نَفْساً أَي أَحَداً . ونَفَسُ السَّاعَةِ بالتَّحْرِيك : آخِرُ الزَّمَانِ عن كُراع . والمُتّنَفِّسُ : ذو النَّفَسُ ورَجُلٌ ذو نَفس أَي خُلُقٍ . وثَوْبٌ ذو نَفسٍ أَي جَلَدٍ وقُوَّةٍ . والنَّفُوسُ كصَبُورٍ والنَّفْسَانِيُّ : العَيُونُ الحَسُودُ المُتّعَيِّنُ لأَموالِ النَّاسِ لِيُصِيبَها وهو مَجَازٌ وما أَنْفَسَهُ أَي ما أَشَدَّ عَيْنَه هذهِ عن اللِّحْيَانِيّ وما هذا النَّفَسُ ؟ أَي الحَسَدُ وهو مَجَازٌ . والنَّفَسُ : الفَرَجُ مِن الكَرْبِ ونَفَّسَ عنه : فَرَّج عنه ووَسَّع عليه ورَفَّه له وكُلُّ تَرَوُّحٍ بَيْنَ شَرْبَتَيْن : نَفَسٌ . والتَّنَفُّسُ : إستِمْدادُ النَّفَسِ وقد تَنَفَّسَ الرجُلُ وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ . وكُلُّ ذِي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ودَوَابُّ الماءِ لا رِئَاتِ لَهَا . ودَارُكَ أَنْفَسُ مِن دَارِي أَي أَوْسَعُ وهذا الثَّوبُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَعْرَضُ وأَطْوَلُ وأَمْثَلُ . وهذا المكانُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَبْعَدُ وأَوسَعُ . وتَنَفَّس في الكلامِ : أَطالَ وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ : زادَ ماؤُها . وزِدْنِي نَفَساً في أَجَلِي أَي طَوِّلِ الأَجَلَ . عن اللِّحْيَانِيّ وعنه أَيضاً : تَنَفَّسَ النَّهَارُ : إنتصَفَ وتَنَفَّس أَيضاً : بعد . وتَنَفَّسَ العَمْرُ مِنْه إِمّا تَرَاخَى وتَبَاعَدَ وإِمّا إتَّسَع . وجَادَتْ عينْه عَبْرَةً أَنْفَاساً أي ساعةً بَعْدَ ساعةٍ . وشيءٌ نافِسٌ : رَفُعَ وصارَ مَرْغُوباً فيه وكذلِكَ رجُلٌ نافِسٌ ونَفِيس والجَمْع : نِفَاس . وأَنْفَسَ الشَّيْءُ : صار نَفِيساً . وهذا أَنْفَسُ مالِي أَي أَحَبُّه وأَكْرَمُه عِنْدِي وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفَاساً . ونَفَّسَنِي فيه : رَغَّبَني عن ابنِ الأَعْرَابِيّ وأَنْشَدَ :
بأَحْسَنَ مِنْه يَوْمَ أَصْبَحَ غادِياً ... ونَفَّسَنِي فِيه الحِمَامُ المَعَجَّلُ قلت : هو لأُحَيْحَةَ بنِ الجُلاحِ يَرْثِي ابْناً له أَو أَخاً له وقد مَرَّ ذِكْرُه في هبرز . ومالٌ نَفِيسٌ : مَضْنُونٌ بِه . وَبلَّغَكَ اللهُ أَنْفَسَ الأَعْمَارِ . وفي عُمُرِه تَنَفُّسٌ ومَتَنَفَّسٌ . وغائِطٌ مُتَنَفِّسٌ : بَعِيدٌ وهو مَجَازٌ . ويُجْمَعُ النُّفسَاءُ أَيضاً علَى نُفَّاسٍ ونُفَّسٍ كرُمّانٍ وسُكَّرٍ الأَخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيّ . وتَنَفَّسَ الرجُلُ : خَرَجَ مِن تَحْتِه رِيحٌ وهو على الكِنَايَةِ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : نَفَّسَ قَوْسَه إِذا حَطَّ وَتَرَهَا وتَنَفَّسَ القِدْحُ كالقَوْسِ وهو مَجازٌ . وأَنْفٌ مُتَنَفِّسٌ : أَفْطَسَ وهو مَجازٌ . وفُلانٌ يُؤامِرُ نَفْسَيْهِ : إِذا اتَّجَه له رَأْيَانِ وهو مَجازٌ قالَه الزَّمَخْشَرِيُّ . قلتُ : وبَيَانُه أَنَّ العَرَبَ قد تَجعلُ النَّفْسَ الّتي يكونُ بها التَّمْيِيزُ نَفْسَيْن وذلِكَ أَنَّ النَّفْسَ قد تَأْمُره بالشَّيْءِ أَو تَنْهَاه عنه وذلِكَ عندَ الإِقْدامٍ على أَمْرٍ مَكْرُوه فجَعَلُوا الّتِي تَأْمُره نَفْساً والّتِي تَنْهَاه كأَنَّهَا نَفْسٌ أُخْرَى وعلى ذلك قولُ الشاعِرِ :
يُؤامِرُ نَفْسَيْه وفي العَيْش فُسْحَةٌ ... أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبانَ أَمْ لاَ يَطُورُها وأَبُو زُرْعَةَ محمّدُ بنُ نُفَيْسٍ المَصيصِيُّ كزُبَيْرٍ كتَبَ عنه أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ بحَلَبَ . وأَمّ القاسِمِ نَفِيسَةُ الحَسَنِيَّةُ صاحِبةُ المَشْهَدِ بمِصْرَ معروفةٌ وإِليها نَسِبَت الخِطَّةُ . وبنُو النَّفِيسِ كأَمِيرٍ : بَطْنٌ من العَلَويِّينَ بالمَشْهَدِ . ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرّزَّاقِ بنِ نَفِيسٍ الدِّمَشْقِيُّ سَمِع علَى الزَّيْنِ العِراقِيّ ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : نُفْيَاسُ بالضّمّ : قَرْيَةٌ بَشَرقِيَّة مِصْرَ ونُفْيُوسُ : أُخْرَى مِن السَّمَنُّودِيَّةِ