الشَّهَأدةُ خَبَرٌ قاطعٌ كذا في اللِّسَأن والأَساس . وقد شَهُدَ الرجلُ على كذا كعَلِم وكَرُم شَهَداً وشَهادةً وقد تُسَكَّنُ هاؤُهُ للتخفيف عن الأَخفش . قال شيخنا : لن الثلاثي الحَلقيَّ العينِ الذي على فَعُل بالضّمّ أو فَعِلَ بالكسر يجوز تسكينُ عينه تخفيفاً مُطلقاً كما في الكافية المالكية والتسهيل وشروحهما وغيرها بل جَوَّزوا في ذلك أَربعَ لُغاتٍ : شَهِدَ كفَرِح وشَهْد بسكون الهاءِ مع فتح الشين وشِهْدَ بكسرِها أَيضاً مع سكون الهاءِ وشِهِدَ بكسرتين وأَنشدوا :
إذا غَابَ عَنَّا غابَ عَنَّا رَبِيعُنا ... وإِن شِهْدَ أَجْدَى خَيْرُهُ ونوافِلُهْ
وشَهِدَه كسَمِعَه شُهُوداً أي حَضَره فهو شاهِدٌ ج شُهودٌ أَي حُضُورٌ وهو في الأَصل مصدر وشُهَّدٌ أَيضاً مثل رَاكِعٍ ورُكَّعٍ . ويقال : شَهِدَ لزيد بكذا شَهَادةً أَي أَدَّى ما عِندَهُ من الشَّهَادةِ فهو شاهِدٌ ج شَهْدٌ بالفتح مثل صاحِب وصَحْب وسافِرٍ وسَفْر وبعضهم يُنكِره . وهو عند سيبويهِ اسمٌ للجَمْع وقال الأَخفشُ هو جَمْعٌ وجج أَي جمع الجمْع : شُهُودٌ بالضمّ وأَشْهَادٌ ويقال إن فَعْلاً بالفَتْح لا يُجمَع على أَفعال إِلاّ في الأَلفاظ الثلاثة المعلومة لا رابعَ لها نقله شيخنا . واستَشْهَدَهُ : سأَله الشَّهَادةَ ومنه لا أَسْتَشْهِدُه كاذِباً . وفي القرآن : " واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ " واستشهدتُ فُلاناً على فلانٍ : سأَلْته إِقامَة شَهادةٍ احتَمَلها . وأَشهَدْت الرجُلَ على إِقرارِ الغَرِيمِ واستَشهَدْته بمعنى واحدٍ . ومنه قوله تعالى : " واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُم " أَي أَشْهِدُوا شاهِدَيْنِ . والشَّهِيدُ وتُكْسَرُ شِينُه قالَ اللّيْث : وهي لُغَة بني تميم وكذا كُلّ فَعِيلٍ حَلْقِيِّ العَيْنِ سواءٌ كان وصفاً كهذا واسماُ جامداً كرغِيف وبعير . قال الهَمْدانيُّ في إِعراب القرآن : أَهلُ الحجاز وبنو أَسَدٍ يقولون : رَحِيم ورَغيف وبَعير بفتح أَوائلهنّ . وقَيس ورَبيعة وتميم يقولون : رحيم ورغيف وبَعير بكسر أوائلهنّ وقال السُّهَيْليُّ في الروض : الكسر لغةُ تَمِيمٍ في كلِّ فَعِيلٍ عَيْنُ فِعْله همزةٌ أَو غيرُهَا من حُرُوف الحَلْق فيسكرون أَوّله كرِحِيم وشِهِيد . وفي شرح الدُّرَيْدِيَّة لابن خالويه : كل اسم على فَعِيل ثانيه حرْفُ حَلْقٍ يجوز فيه إِتباعُ الفاءِ العَيْنَ كبِعِير وشِعِير ورِغِيف ورِحِيم وحكى الشيخ النوويُّ في تحريره عن الليث : أَنَّ قوْماً من العب يقولون ذلك وإن لم يكن عينُه حَرْفَ حلْق ككِبِير وكِرِيم وجِلِيل ونحْوِه . قلت : وهم بَنُو تَمِيم . كما تقدَّم . الشَّاهِدُ وهو العالِم الذي يُبيِّنُ ما عَلِمَه . قاله ابن سيدهوالشَّهِيدُ في أَسماءِِ الله تعالى : الأَمينُ في شَهادَةٍ ونصّ التكملة : في شهادَتِه . قاله أَبو إِسحاق وقال أَيضاً : وقيل : الشَّهِيد في أسمائِهِ تعالى : الذي لا يَغِيبُ عن عِلْمه شَيئٌ والشَّهِيدُ : الحاضِرُ . وفَعِيلٌ من أَبْنِيَةِ المبالغةِ في فاعل فإِذا اعتُبِر العِلمُ مُطْلَقاً فهو العَلِيمُ وإذا أُضِيفَ إلى الأُمُورِ الباطِنَةِ فهو الخَبِيرُ وإذا أُضِيفَ إلى الأُمورِ الظاهِرَةِ فهو الشَّهِيدُ . وقد يُعْتَبَرُ مع هذا أن يَشْهَدَ على الخَلْقِ يومَ القيامَة . والشَّهِيد في الشَّرْعِ : القَتِيل في سَبيلِ اللهِ واختُلف في سبب تَسمية فقيل : لأَنَّ ملائِكَةَ الرَّحْمَةِ تَشْهَدُهُ أَي تَحْضُر غُسْلَه أو نَقْلَ رُوحِه إلى الجَنَّة أَو لأَنَّ اللهَ وملائِكَتَه شُهودٌ له بالجَنَّةِ كما قال ابن الأَنبارِيّ . أَو لأَنّهُ مِمَّن يُسْتَشْهَدُ يومَ القيامةِ مع النبي صلى الله عليه وسلم على الأُمَمِ الخاليَةِ التي كَذَّبت أَنبياءها في الدُّنيا . قال الله عز وجلَّ : " لتَكُونُوا شُهَدَاءَ على النَّاسِ ويكونَ الرَّسولُ عليْكُمْ شَهِيداً " وقال أبو إسحاق الزَّجَّاج : جاءَ في التفسير أَنَّ أُمَمَ الأَنبياءِ تُكَذِّبُ في الآخرةِ من أُرسِلَ إليهم فيَجْحَدُون أَنبياءَهُم هذا فيمن جَحَدَ في الدُّنْيا منهم أَمْرَ الرُّسلِ فتَشْهَدُ أُمَّةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم بصِدْق الأَنبياءِ وتَشْهَدُ عليهم بتَكْذِيبِهم ويَشْهَدُ النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأُمّةِ بصِدْقِهِم . قال أبو منصور : والشِّهادةُ تكون للأَفضلِ فالأَفضلِ من الأُمْة فأَفْضَلُهم مَن قُتِلَ في سبيلِ اللهُ مُيِّزُوا عن الخَلق بالفضْل وبيَّن اللهُ أَنَّهُم " أَحياءٌ عِنْدَ ربِّهم يُرْزَقُون فَرحِينَ بما آتاهُم الله من فَضْلِه " ثم يَتْلُوهُم في الفَضْلِ من عَدَّه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم شَهِيداً فإنه قال : " المَبْطُونُ شَهِيدٌ والمَطْعُون شَهِيد " قال : ومنهم أَن تموتَ المَرْأَةُ بِجُمْعٍ . وقال ابن الأُثير : الشًّهِيد في الأَصل : من قُتِلَ مُجَاهِداً في سبيلِ الله ثم اتُّسِعَ فيه فأُطلقَ على من سَمَّاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من المَبْطُون والغَرِقِ والحَرِقِ وصاحِب الهَدْم وذاتِ الجَنْب وغيرهم . أَو لِسُقُوطِهِ على الشَّاهِدَةِ أَي الأرض نقله الصاغاني أو لأَنه حَيٌّ لم يَمُتْ كأَنّه عِنْدَ رَبّهِ شاهدٌ أَي حاضِرٌ كذا جاء عن النَّضْر بن شُمَيْل . ونقله عنه أَبو داوود . قال أَبو منصور : أُراه تَأَوَّلَ قولَ اللهِ عَزَّ وجلُّ : " ولا تَحْسَبَنَّ الذينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ " كأَنَّ أَرواحَهم أُحْضِرَت دارَ السلامِ أَحياءُ وأَرواحُ غيرِهم أُخِّرَت إلى البَعْثِ . قال : وهذا قولٌ حَسَنٌ . أَو لأَنَّه يَشْهَدُ مَلَكُوتَ اللهِ ومُلْكَهُ المَلَكُوت : عالَمُ الغَيْبِ المُخْتَصًّ بأرْوَاحِ النُّفُوسِ . والمُلْكُ : عالَمُ الشَّهادةِ من المَحْسوساتِ الطّبيعٍيّة . كذا في تعريفات المناويّ
فهذه سِتَّةُ أَوْجُهٍ في سَببِ تَسمِيةِ الشَّهِيد . وقيل : لِقيامه بشهادَةِ الحَقِّ في أَمْرِ الله حتَّى قُتِل . وقيل : لأَنّه يَشْهَدُ ما أَعدَّ اللهُ له من الكرامةِ بالقَتْلِ . أَو لأَنّه شَهِدَ المغَازِيَ أَو لأَنّه شُهِدَ له بالإيمانِ وخاتِمةِ الخَيْرِ بظاهرِ حالِه أَو لأَنّ عليه شاهِداً يَشْهَدُ بِشَهادَتِه وهو دَمُه
وهذه خَمسَةُ أَوجهٍ أُخْرَى فصار المجموع منها أَحدَ عَشَرَ وَجْهاً . وما عدا ذلك فمرجوعٌ إلى أَحدِ هؤلاء عند المتأَمِّل الصادق . قال شيخنا : وقد اختَلَفُوا في اشتقاقه هل هو من الشَّهَادة أَو من المُشَاهَدة أَو الشُّهُود أَو هو فَعِيل بمعنَى مفعول أَو بمعنى فاعل . وذكروا لكُلِّ أَوْجُهاً . ذكر أَكثر ذلك مُحَرَّراً مُهذَّباً الشيخُ أَبو القاسم السُّهيليّ في الروض الأُنُف بما لا مَزِيد عليهج : شُهَداءُ وفي الحديث : " أَرْواحُ الشّثهَداءِ في حَواصِلِ طَيْرٍ خضْرٍ تَعْلُق من وَرَقِ الجَنَّةِ " . والاسمُ : الشَّهَادةُ وقد سَبقَت الإشارةُ إلى الاختلاف فيه قريباً . واَشْهَدُ بكذا : أَحْلِفُ . قال المصنِّف في بصائِرِ ذَوِي التمييز : قولهم شَهِدْت : يقال على ضَرْبَيْنِ : أَحدهما جارٍ مَجْرَى العِلْم وبِلَفْظِه تُقام الشهادةُ يقال : أَشْهَد بكذا ولا يُرْضَى من الشاهِدِ أَن يَقول : أَعلَم بل يُحتاج أن يقول أَشْهد . والثاني يجْرِي مَجْرَى القَسَمِ فيقول : أَشْهَد بالله إِنّ زيداً مُنْطَلِقٌ . ومنهم من يقول : إِنْ قال أَشْهَدُ ولم يَقُل : بالله يكون قَسَماً ويَجْرِي عَلِمت مَجْرَاه في القَسَم فيُجَأب بجواب القسم كقوله :
" ولقد عَلِمْتُ لتَأْنِيَنَّ عَشِيَّةً وشاهَدَهُ مُشَاهدةً : عايَنَهُ كشَهِده والمُشَأهَدةُ : مَنزِلةٌ عاليَةٌ من منازِل السَّالِكينَ وأَهلِ الاستِقَامةِ وهي مُشاهَدةُ معاينةٍ تلبس نُعوتَ القُدُسِ وتخْرس أَلسنة الإِشاراتِ ومُشَاهدة جمْعٍ تجْذب إلى عَيْنِ اليَقين وليس هذا مَحلَّ إِشاراتها . وامرأَةٌ مُشْهِدٌ بغير هاءٍ : حَضَر زَوْجُها وامرأَةٌ مُغِيبةٌ : غابَ عنها زَوْجُها وهذه بالهاء : هكذا حُفِظ عن العرب لا على مذهب القياس
والتَّشَهُّدُ في الصَّلاةِ م معروف وهو قِراءَة : التَّحِيّاتُ للهِ واشتقاقُه من أَشْهَدُ أَن لا إِله إلاّ اللهُ وأَشهد أَنَّ محمَّداً عبدُه ورسُولُه وهو تَفَعُّل من الشَّهَادَةِ وهو من الأَوْضَاعِ الشّرعيّة . والشَّاهِدُ : من أَسماءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال الله عزَّ وجلّ " إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شاهِداً " أي على أُمَّتِك بالإِبْلاغِ والرِّسالة وقيل مُبَيِّناً . وقال تعالى : " وشاهِدٍ ومَشْهُودٍ " قال المفسِّرون : الشاهد : هو النبي صلى الله عليه وسلم . والشاهد : اللِّسَانُ من قولهم : لفُلانٍ شاهِدٌ حَسَنٌ أَي عِبارةٌ جَمِيلةٌ . وقال أَبو بكر في قولهم : ما لِفلان رُوَأءٌ ولا شَاهِدٌ معناه : مالَهُ مَنْظَرٌ ولا لسانٌ . والشاهِدُ : المَلَكُ قال مُجاهد : " ويَتْلوُهُ شَاهِدٌ مِنْهُ " أَي حافِظٌ مَلَكٌ قال الأَعشَى :
فلا تَحْسَبَنِّي كافراً لكَ نِعْمَةً ... عَلَى شاهِدِ يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ وقال الفراءُ : الشاهِدُ : يَوْمٌ الجُمْعَةِ ورَوَى شَمِرٌ في حديث أَبي أَيُّوبَ الأَنصاريّ : " أَنّه ذَكَرَ صَلاَةَ العَصْرِ ثم قال : ولا صَلاةَ بَعْدَها حتَّى يُرَى الشَّاهِدُ . قال : قلنا لأَبي أَيُّوبَ : ما الشَّاهِدُ ؟ قال : النَّجْمُ كأَنَّه يَشْهَدُ في الليلِ أَي يَحْضُر ويَظْهَرُ . والشَّاهِد : ما يَشْهَد على جَوْدَةِ الفَرَسِ وسَبْقِه من جَرْيِهِ فسّره ابنُ الأَعرابيِّ وأَنشد لسُوَيْدِ بنِ كُرَعَ في صِفَةِ ثَوْر :
ولو شَاءَ نَجَّاهُ فلم يَلْتَبِسْ بِهِ ... له غائِبٌ لم يَبْتَذِلْهُ وشاهِدٌ وقال غيره : شاهِدُه : بّذْلُه جَرْيَه وغائِبُه : مَصُونُ جَرْيِهِ . والشَّاهِدُ شِبْهُ مُخَاطٍ يَخْرُج مع الوَلَدِ وجمْعُه شُهُودٌ قال حُمَيْد بن ثَوْرٍ الهِلالِيّ :
فَجاءَتْ بِمِثْلِ السَّابِرِيِّ تَعَجَّبُوا ... له والثَّرَى ما جَفَّ عَنْهُ شُهُودُهَا قال ابن سِيده : الشُّهُود : الأَغراسُ التي تكون على رأْسِ الحُوَار . والشَّاهِد من الأُمورِ : السَّرِيعُ . وصَلاةُ الشاهِدِ : صَلاَةُ المَغْرِبِ قال شَمِرٌ : هو راجِعٌ إلى ما فَسَّرَه أَبو أَيُّوبَ أَنَّهُ النَّجْمُ . قال غَيره : وتُسَمَّى هذه الصّلاةُ صَلاَةَ البَصَرِ لأَنّه يُبْصَرُ في وَقْته نُجومُ السماءِ فالبَصَرُ يُدْرِكُ رُؤْيَة النَّجْمِ ولذلك قيلَ له : صلاةُ البَصَرِ وقيل في صلاة الشّاهد : إِنّها صلاةُ الفَجْرِ لأَن المُسَافِرَ يُصَلِّيها كالشَّاهِدِ لا يَقْصُرُ منها قال :
" فَصَبَّحَتْ قَبْلَ أَذانِ الأَوَّلِ
" تَيْمَاءَ والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ
" قَبْلَ صَلاَةِ الشَّاهِدِ المُسْتَعْجِلِورُوِيَ عن أَبي سَعيد الضَّرِيرِ أَنه قال : صَلاَةُ المَغْرِب تُسمَّى شاهداً لاسْتِوَاءِ المُقِيمِ والمُسَافِرِ فيها وأَنَّهَأ لا تُقْصَر . قال أَبو منصور : والقَوْلُ الأَوّلُ لأَنَّ صلاَةَ الفَجْر لا تُقْصَرُ أَيضاً ويَسْتَوِي فيها الحاضِرُ والمسافِرُ فلم تُسَمَّ شاهِداً . والمَشْهُود : يَوْمُ الجُمُعَة أَو يومُ القِيَامَةِ أَو يَوْمُ عَرَفَةَ الأَخير قاله الفرّاءُ لأَنّ الناسَ يَشْهَدُون كُلاًّ منها ويَحضُرون بها ويجمَعُون فيها . وقال بعضُ المفسِّرين : الشاهد : يَوْمُ الجُمُعةِ والمشهود : يَوْمُ القيامةِ . والشَّهْدُ : العَسَلُ ما دام لم يُعْصَر من شَمَعِه بالفتح لتميم ويُضَمُّ لأَهْل العالِيَة كما في المصباح واحدته شَهْدة وشُهْدة . وقيل : الشُّهْدة أَخَصُّ ج : شِهَأدٌ بالكسر قال أُمَيَّةُ :
إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاَءٍ ... لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ أَي من لُبابِ البُرّ . والشَّهْد : ماءٌ لبني المُصْطَلِقِ من خُزَاعَةَ نقله الصاغاني
وفي التنزيل العزيز " شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إلاّ هُوَا " سَأَلَ المُنْذريّ أحمد بن يحيى عن معناه فقال : أَي عَلِم اللهُ وكذا كلُّ ما كانَ شَهِد اللهُ في الكتاب أَو قال اللهً قاله ابن الأعرابي . وقال ابن الأنباريّ : معناه بَيَّن اللهُ أَن لا إِله إلا هُوَ . وقال أبو عبيدة : معنى شَهِدَ اللهُ : قَضَى اللهُ وحقيقَتُه : عَلِمَ اللهُ وبَيَّنَ اللهُ لأَنَّ الشاهِدَ هو العالِمُ الذِي يُبَيِّنُ ما عَلِمَه فاللهُ قد دَلَّ على تَوحيدِهِ بجميع ما خَلَقَ فَبَيَّن أَنه لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَن يُنْشِئَ شيئاً واحداً مِمَّا أَنشأَ وشَهَدت المَلاَئِكَةُ لما عاينَتْ من عَظيمِ قُدْرَتِه وشَهِد أُولو العِلْمِ بما ثَبَت عِنْدَهم وَتَبيَّن مِن خَلْقِه الذِي لا يَقْدِرُ عليه غيرهُ وقالأبو العَبَّاس : شَهِدَ اللهُ : بَيَّن اللهُ وأَظْهَرَ . وشَهِدَ الشاهِدُ عند الحاكِمِ أَي بَيَّن ما يَعْلَمُه وأَظْهَرَه . وفي قَولِ المؤذِّنِ : أَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إلاّ اللهُ وأَشهَدُ أَنَّ محمداً رسولُ الله . قال أَبو بكر بن الأنباري : أي أَعْلَمُ أن لا إِلهَ إلا اللهُ وأُبَيِّنُ أَن لا إِلهَ إلاّ اللهُ . وأَشْهَدَهُ إِمْلاَكَه : أَحْضَرَهُ وأَشْهَدَ فُلانٌ : بَلَغَ عن ثَعْلَبَ . وأَشْهَدَ اشْقَرَّ واخضَرَّ مِئْزَرُه . وأَشْهَدَ : أَمْذَى كشَهَّدَ تَشْهِيداً وهذه عن الصاغانيّ إلا أَنه قال في تَفسيره : أَكْثَرَ مَذْيَه . والمَذْيُ عُسَيلةٌ . وعن أَيب عمرو : أَشْهَدَ الغُلامُ إذا أَمْدَى وأَدرَكَ وأَشْهَدَت الجاريةُ إذا حاضَتْ وأَدْركَتْ وأَنشد :
" قامَتْ تُنَأجِي عامِراُ فأَشهَدا
" فَدَاسَها لَيْلَتَهُ حَتَّى اغْتَدَى وعن الكسائي : أُشْهِدَ الرَّجلُ مجهولاً : قُتِلَ في سبيل اللهِ شَهِيداً كاستُشْهِدَ : رُزِقَ الشَّهَادَةَ فهو مُشْهَدٌ كمُكْرَمٍ وأَنشد :
" أَنا أَقُولُ سأَمُوتُ مُشْهَدَا والمَشْهَد والمَشْهَدةُ والمَشْهُدَةُ بالفتح في الكلّ وضَمّ الهاء في الأَخير الأَخِيرَتَأن عن الفَرّاءِ في نوادره مَحْضَرُ الناس ومَجمَعُهم . ومَشَاهِدُ مكَّةَ : المواطِنُ التي يَجتمعون بها من هذا . وشُهُودُ النّاقَةِ بالضّمّ : آثَارُ مَوْضِعِ مَنْتِجها أَي المَوْضِع الذي أُنْتِجَت فيه من دَمٍ أَو سَلى وفي بعض النُّسخ : من سلًى أو دَمٍ . وكزُبَيْرٍ : الشيخ الزَّاهِدُ عُمَرُ هكذا في النُّسخ . و الصواب : عُمَيْر ابن سَعْدِ بنِ شُهَيْدِ بن عَمْرٍ أَميرُ حمصَ صاحبيٌّ وكان يقال له : نَسِيجُ وَحْدِه . وأُخته سَلاَّمةُ بنت سَعْد لها ذِكْر . وأَبو عامر أحمد بن عبدِ الملك ابنِ أحمدَ بنِ عبد المَلِك بن عمر ابن محمد بن عيسى بن شُهَيْدٍ الأَشْجَعِيّ الأَديبُ مؤلّف كتاب حانُوت العَطَّار . وُلِدَ بِقُرْطُبَة سنة 382 ووَرِث الرُّتْبَةَ والجَلالَةَ عن أَسْلافِه وتوفِّي سنة 436 ، وعلى رُخَامةِ قَبْرِه من شِعْرِهِ :
يا صاحِبي قُمْ فقَد أَطَلْنا ... أَنَحْنُ طُولَ المَدَى هُجُودُ
فقال لِي لنْ نقومَ منها ... ما دامَ مِن فَوقِنا الجَليدُتَذْكُرُ كَمْ لَيلةِ نَعِمْنا ... في ظِلِّهَأ والزَّمانُ عِيدُ
وكَمْ سُرورٍ هَمَي علينا ... سَحابُهُ بِرُّهُ يَجُود
كُلٌّ كأَنْ لم يَكُنْ تَقَضَّى ... وشُؤْمُه حاضرٌ عَتِيدُ
حَصَّلَه كاتِبٌ حَفِيط ... وضَمَّه صادِقٌ شَهِيد
يا وَيْلَنَا إِن تَنَكَّبَتْنا ... رَحْمةُ مَنْ بَطْشُهُ شَدِيدُ
يا ربِّ عَفْواً فأَنتَ مَوْلى ... قَصَّرَ في أَمْرِكَ العَبِيدُ وأَبوه أَبو مروان عبد الملك بن أَحمد بن عبد الملك بن شُهَيْد القُرْطُبِي رَوَى عن قاسم بن أَصْبَغ وغيره ومات سنة 393 . وعبدُ الملك بن مَرْوَان بن شُهَيْد أَبو الحسن القُرْطبيّ مات سنة 408 ذَكَرهما ابن بَشْكُوال
ومما يستدرك عليه : الشَّهاده اليَمينُ وبه فُسِّر قولُه تعالى : " فشَهَادهُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهادات باللهِ " . والمَشْهُود : صَلاَةُ الفَجْرِ . ويَومٌ مشهودٌ : يَحْضُره أَهلُ السماءِ والأَرضِ . والأَشْهَأد : الملائِكَةُ جمْع شاهِدٍ كناصِر وأَنصار وقيل : هم الأَنبياءُ . و " فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ " أَي مَن شَهِد منكم المِصْرَ في الشَّهْر . والشَّهَادَه : المَجْمَعُ من الناس . والمَشْهودةُ : هي المَكتوبةُ أَي يَشْهَدها الملائِكةُ ويُكْتَب أَجْرُها للمُصَلِّي . قال ابن سيده : والشاهِدُ : من الشَّهَأدة عند السُّلطان لم يُفسِّره كُراع بأَكثرَ من هذا . وتَشهَّدَ : طَلَبَ الشَّهادَةَ . ومُنْيَة شَهَادةَ : قَرْيَة بمصر . وذو الشَّهَأدَتَيْن : خُزَيمةُ ب ثابتٍ . والشاهِد بن غَأفِقِ بن عَكٍّ من الأَزْد . وشُهْدَةُ الكاتبة بالضّمّ : معروفة وبالفتح : أَبو اللَّيْث عَتِيقُ بن أَحمد الصُّوفِيّ صاحب شهْدة حَدّث بمصر عن أَحمدَ بن عَطاءٍ الرُّوذَبارِيّ وأَحمد بن حسن بن عليٍّ المصريّ عُرِف بابْن شَهْدَة من شُيوخِ الرَّشيد العَطَّار
الصَّدْع : الشَّقُّ في شيءٍ صُلْبٍ كالزُّجاجةِ والحائطِ ونَحوِهما قاله الليثُ وأنشدَ لحَسّانَ يهجو الحارث بنَ عَوْفٍ المُرِّيَّ :
وأمانَةُ المُرِّيِّ حَيْثُ لقيتَهُ ... مِثلُ الزُّجاجةِ صَدْعُها لم يُجْبَرِ وجَمعُه صُدوع قال قَيْسُ بنُ ذَريحٍ :
أيا كَبِدَاً طارَتْ صُدوعاً نَوافِذا ... ويا حَسْرَتا ماذا تَغَلْغلَ بالقلْبِ
ذهب فيه إلى أنّ كلَّ جُزءٍ منها صارَ صَدْعَاً وتَأْوِيلُ الصَّدْعِ في الزُّجاجةِ أن يَبينَ بَعْضُه من بعضٍ . الصَّدْع : الفِرقَةُ من الشيءِ كالغنَمِ ونَحوِه سُمِّيت بالمصدرِ كما قيل للمخلوقِ : خَلْقٌ وللمَحمول : حَمْلٌ ومنه حديثُ عمرَ - رَضِيَ الله عنه في صَدَقَةِ الغنَم - : ثمّ يَصْدَعُ الغنَمَ صَدْعَيْن . الصَّدْع : الرجُلُ الضَّرْب الخفيفُ اللَّحْم وقد يُحرّك كما في الصحاح وقال الكسائيُّ : رأيتُ رجلاً صَدَعَاً وهو : الرَّبْعَة القليلُ اللحم وفي حديثِ حُذَيْفةَ : فإذا صَدَعٌ من الرِّجالِ فقلتُ : مَن هذا الصَّدَع ؟ يعني : من هذا الرَّبْعَةُ في خَلْقِه رجلٌ بَيْنَ الرَّجُلَيْن وهو كالصَّدَعِ من الوعول : وَعِلٌ بَيْنَ الوَعِلَيْن . الصَّدْع : نباتُ الأرض لأنّه يَصْدَعُها أي يشقُّها فَتَنْصَدِعُ به وفي التنزيل : " والأرضِ ذاتِ الصَّدْعِ " قال ثعلبٌ : هي الأرضُ تَنْصَدِعُ بالنبات وهو مَجاز . يقال : الناسُ عليهم صَدْعٌ واحدٌ أي أَلْبٌ واحدٌ أي مُجتَمِعون بالعَداوَةِ وكذلك هم وَعْلٌ عليه وضِلَعٌ واحدٌ . قاله أبو زيدٌ . الصِّدْع بالكَسْر : الجماعةُ من الناس عن ابْن عَبَّادٍ . الصِّدْع : الشُّقَّةُ من الشيءِ اسمٌ من صَدَعَ الشيءَ صِدْعَيْن إذا شَقَّه بنِصفَيْن . الصِّدْعَة بهاءٍ : الصِّرْمَةُ من الإبل نقله الجَوْهَرِيّ وقال أبو زيد : الصِّرْمَة والقِصْلَة والحُدْوَة : ما بينَ العَشَرةِ إلى الأربعين من الإبل فإذا بَلَغَتْ سِتِّينَ فهي الصِّدعَة . قلتُ : ففي هذا إزالةُ الإبهامِ عن معنى الصِّدْعة والنَّصُّ على كَمِّيَّتِها . الصِّدْعَة : الفِرقَةُ من الغنَم نقله الجَوْهَرِيّ يقال : صَدَعْتُ الغنَمَ صِدْعَتَيْن أي فِرْقتَيْن كلُّ واحدةٍ منهما صِدْعةٌ وقيل : الصِّدْعَة : القِطعةُ من الغنَمِ إذا بَلَغَتْ ستِّين وقيل : هو القَطيعُ من الظِّباءِ والغنَم . الصِّدْعَةُ : النِّصْفُ من الشيءِ المَشقوقِ نِصفَيْن كلُّ شقٍّ منه صِدْعَةٌ كالصَّديع فيهما هكذا بضميرِ التثْنِيَة في سائرِ النسخ والصوابُ : فيها أي في الثلاثة فإنّ الصَّديعَ يُطلَقُ على الفِرقَةِ من الغنَم وعلى الصِّرْمَةِ من الإبل وعلى كلِّ شيءٍ يُشَقُّ نِصفَيْن فكلُّ شِقٍّ منه صَديعٌ والأخيرُ قد يأتي أيضاً في سِياقِ المُصَنِّف فيما بعد ولو اقتصرَ على هذا كان أَجْوَدَ وشاهِدُ الصَّديعِ - بمعنى الصِّرْمةِ من الإبلِ - قولُ المَرّارِ بنِ سعيدٍ الفَقْعَسيِّ يصفُ الإبلَ :
إذا أَقْبَلْنَ هاجِرَةً أثارَتْ ... من الأَظْلالِ إجْلاً أو صَديعا و قَوْله تَعالى : " فاصْدَعْ بما تُؤمَرُ " أي : شُقَّ جَماعاتِهم بالتوحيد قاله ابْن الأَعْرابِيّ أو معناه اجْهَرْ بما تُؤمَر من صَدَعَ بالأمر إذا جاهَرَ به . وقال مُجاهِدٌ : بالقُرآن . أو معناه : أَظْهِرْ ما تُؤمَر به ولا تَخَفْ أَحَدَاً . من الصَّديع وهو الصُّبْح قاله أبو إسحاق أو من صَدَعْتُ الشيءَ : أَظْهَرتُه وقال الفَرّاءُ : أرادَ عزّ وجلَّ فاصْدَعْ بالأمرِ الذي أَظْهَرَ دِينَك أقامَ ما مُقامَ المصدرِ أو احْكُمْ بالحَقِّ . من صَدَعَ بالحَقِّ إذا تكلَّمَ به . قيل : افْصِلْ بالأمر نقله بعضُ المُفسِّرين وقال الراغب : أي افْصِلْه قال : وهو مُستَعارٌ من صَدْعِ الأجْسام . أو اقْصِدْ بما تُؤمَر نقله ثعلبٌ عن أعرابيٍّ كان يحضُرُ مجلِسَ ابْن الأَعْرابِيّ وكان ابْن الأَعْرابِيّ ربّما يأخذُ عنه . أو افْرُقْ به بينَ الحقِّ والباطل نَقَلَه ابنُ عَرَفَةَ وهو قَوْلُ مَعْمَر وبه فُسِّر قولُ أبي ذُؤَيْبٍ يصفُ الحمارَ والأُتُن :
فَكَأَنَّهُنَّ رَبابَةٌ وكأنَّهُ ... يَسَرٌ يُفيضُ على القِداحِ ويَصْدَعُ أي يُفرِّقُ على القِداحِ أي بالقِداح وقيل : معناه : يُبيِّنُ بالحُكم ويُخبِرُ بما يَجيء وبه فُسِّرَ قولُ جَريرٍ يَمْدَحُ يَزيدَ بنَ عبدِ المَلِك :
هو الخَليفةُ فارَضَوْا ما قَضى لكُمُ ... بالحقِّ يَصْدَعُ ما في قولِه جَنَفُوقال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوضِ في تفسيرِ قَوْله تَعالى : " فاصْدَعْ بما تُؤمَر " هو من الصَّديع بمعنى الفَجر شبَّه الجهلَ بظلمَةِ الليل والقرآنُ نُورٌ فَصَدَعَ به تلكَ الظُّلمَةَ كما يَصْدَعُ الفَجرُ ظُلمَةَ الليل . وَصَدَعهُ كَمَنَعه صَدْعَاً : شَقَّه أو شَقَّه نِصفَيْن أو شقَّه ولم يَفْتَرِقْ فهي ثلاثةُ أقوالٍ . ولا يَخْفَى أنّ الثالثَ هو عَيْنُ الأوّل فهما قوْلانِ لا غير . صَدَعَ فلاناً : قَصَدَه لكَرَمِه نقله ثعلبٌ عن الأعرابيِّ الذي كان يحضرُ مجلِسَ ابْن الأَعْرابِيّ . وبه فُسِّرت الآيةُ كما تقدّم وهو مَجاز . صَدَعَ بالحقِّ : تكلَّمَ به جِهاراً مُفَرِّقاً بينه وبين الباطل وهو مَجاز وبه فُسِّرت الآية كما تقدّم وبه فسَّرَ أيضاً الخليلُ قولَ أبي ذُؤَيْبٍ السابق قال : يَصْدَعُ أي يقولُ بأعلى صَوْتِه : فازَ قِدْحُ فلان أو هذا قِدْحُ فلانٍ . صَدَعَ بالأمرِ يَصْدَعُ صَدْعَاً : أصابَ به موضِعَه وجاهَرَ به . قال أبو زيدٍ : صَدَعَ إليه صُدوعاً : مالَ . صَدَعَه عنه : صَرَفَه يقال : ما صَدَعَكَ عن هذا الأمرِ أي ما صَرَفَك كما في الصحاح وقال ابنُ فارسٍ : وناسٌ يقولون : ما صَدَغَكَ بالغَين المُعجَمة وهذا أَحْسَن وكذلك ذَكَرَه ابْن دُرَيْدٍ بالغَين المُعجَمة . قلتُ : وقد ذَكَرَه الجَوْهَرِيّ أيضاً بالغَين المُعجَمة كما سيأتي . صَدَعَ الفَلاةَ : قَطَعَها وهو مَجاز وكذلك النَّهرَ إذا شقَّه . يقال : بينهم صَدَعَاتٌ في الرأيِ والهَوى مُحرّكةً أي تفَرُّق ويقال : أَصْلِحوا ما فيكم من الصَّدَعات أي اجتمِعوا ولا تَتَفَرَّقوا . ويقال أيضاً : إنّهم على ما فيهم من الصَّدَعاتِ ألِبّاءُ كِرامٌ . وهو مَجاز . يقال : جبلٌ صادِعٌ أي ذاهِبٌ في الأرضِ طُولاً وهو مَجاز . وكذلك : سَيْلٌ صادِع كذا في النسخ وصوابُه : سَبيلٌ صادِعٌ ووادٍ صادِعٌ وهذا الطريقُ يَصْدَعُ في أرضِ كذا وكذا . قال ابْن دُرَيْدٍ : الصُّبْحُ الصّادِع : المُشرِق . قال : والمَصادِع : طرُقٌ سَهْلَةٌ في غِلَظٍ من الأرض الواحدُ مَصْدَعٌ كَمَقْعَدٍ وهو مَجاز . المَصادِع أيضاً : المَشاقِص من السِّهام وبه سُمِّيت الكِنانةُ خابِئَةَ المَصادِع الواحدُ مِصْدَعٌ كمِنبَرٍ وربما قالوا : خَطيبٌ مِصْدَعٌ كمِنبَرٍ أي بَليغٌ جَريءٌ على الكلامِ ذو بَيان كما قالوا : مِصْلَقٌ ومِسْلَقٌ ومِصقَع . والصَّدَع محرّكةً - من الأوْعالِ والظِّباءِ والحمُرِ والإبل - : الفَتِيُّ الشابُّ القويُّ وتُسَكَّنُ الدالُ ولو قال : ويُسَكَّنُ كما هو دَأْبُه في عباراتِه كان أَخْصَرَ . أو الصَّدَع بالتحريك : هو الشيءُ بينَ الشيئَيْن من أيِّ نوعٍ كان بين الطويلِ والقصير والفَتِيِّ والمُسِنِّ والسمين والمَهزول والعظيمِ والصغير وقال الجَوْهَرِيّ : الصَّدَع : الوسَطُ من الوُعولِ ليس بالعظيمِ ولا الصغير ولكنّه وَعِلٌ بين وَعِلَيْن وكذلك هو من الظِّباءِ والحُمُر لا يقال فيه إلاّ بالتحريك . قلتُ : وهو قولُ ابن السِّكِّيت وأنشدَ :
يا رُبَّ أَبّازٍ من العُفْرِ صَدَعْ ... تقَبَّضَ الذئبُ إليه واجْتَمعْ والرّجزُ لمَنظورٍ الأسَديِّ وقال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة :
يا لَيْتَني فيها جَذَعْ ... أَخُبُّ فيها وأَضَعْ
أقودُ وَطْفَاءَ الزَّمَعْ ... كأنَّها شاةٌ صَدَعْ وقال الأعشى :
قد يَتْرُكُ الدهرُ في خَلْقَاءَ راسِيَةٍ ... وَهْيَاً ويُنزِلُ منها الأَعْصَمَ الصَّدَعا وقال ابنُ الرِّقاع :
لو أَخْطَأ الموتُ شيئاً أو تخَطَّأَهُ ... لأَخْطأَ الأعْصَمَ المُستَوْعِلَ الصَّدَعاالصَّدَعُ من الحديد : صدَؤُه وسأل عُمرُ - رَضِيَ الله عنه - الأُسْقُفَ عن الخُلفاء فحدَّثَه حتى انتهى إلى نَعْتِ الرابع فقال : صدَعٌ من حديدٍ - ويُروى صدَأٌ من حديد - فقال عمرُ : وادَفْراه . قال شَمِرٌ : يريدُ كالصَّدَعِ من الوعولِ المُدمَجِ الشديدِ الخَلْق الشابِّ الصُّلْب القويّ شبَّهَه في خِفَّتِه في الحروبِ ونُهوضِه إلى مُزاوَلةِ صِعابِ الأمور - حين يُفضى الأمرُ إليه - بالوَعِل ؛ لتَوَقُّلِه في شَعَفَاتِ الجبالِ الشاهَقةِ وجعلَ الصَّدَعَ من حديدٍ ؛ مُبالغةً في وَصْفِه بالبأسِ والنجدة والصبرِ والشِّدّةِ وقد تقدّم شيءٌ من هذا البَحثِ في الهَمزَة . وكان حَمّادُ بن زَيْدٍ يقول : صَدَأٌ من حديد . قال الأَصْمَعِيّ : وهذا أَشْبَه لأنّ الصدَأَ له دَفَرٌ وهو النَّتَنُ وفي كلامِ المُصَنِّف نظَرٌ يُتَأَمَّلُ فيه . منَ المَجاز : الصَّدِيع كأمير : الصُّبح لانْصِداعِه وفي العُباب : لأنّه يَصْدَعُ الليلَ أي يَشقُّه ويُسمّى صَديعاً كما يُسمّى فَلَقَاً قال عَمْرُو بنِ مَعْدِ يَكْرِبَ رَضِيَ الله عنه :
وكم مِن غائِطٍ من دونِ سَلْمَى ... قليلِ الإنْسِ ليسَ به كَتيعُ
به السِّرْحانُ مُفتَرِشاً يَدَيْهِ ... كأنَّ بَياضَ لَبَّتِه صَديعُ الصَّديع : رُقعَةٌ جديدةٌ في ثوبٍ خَلْقٍ كأنّها صُدِعتْ أي شُقَّت قال لَبيدٌ رَضِيَ الله عنه :
دَعي اللُّؤْمَ أو بِيني كشَقِّ صَديعِ ... فقد لُمْتِ قبلَ اليومِ غيرَ مُطيعِ وكلُّ نِصفٍ من ثوبٍ أو شيءٍ يُشَقُّ نِصفَيْن فهو صَديعٌ وقيل : صَديعٌ في قولِ لَبيدٍ هو الرِّداءُ الذي شُقَّ صِدعَيْن يقال : باتَ منه كشِقِّ صَديعِ ويُضربُ في كلِّ فُرقَةٍ لا اجتِماعَ بَعْدَها ج : صُدُعٌ كُتُبٍ . الصَّديع : اللبَنُ الحَليبُ وَضَعْتَه فَبَرَدَ فَعَلَتْهُ الدُّوَايَة وسُمِّيَ صَديعاً ؛ لأنّك تَصْدَعُ الدُّوايةَ عن صَريحِ اللبَن . قال ابْن عَبَّادٍ : الصَّديع : الفَتِيُّ من الأوعال وقيل : هو المَرْبوعُ الخَلقِ أي وَعِلٌ بَيْنَ الوَعِلَيْن كالصَّدَع محرّكةً . قال : والصَّديع : ثوبٌ يُلبَسُ تحتَ الدِّرْع وهو القَميصُ بين القميصَيْن لا بالكبير ولا بالصغير . الصُّدَاع كغُرابٍ : وَجَعُ الرأس كما في الصحاح وقال الراغبُ : هو شِبهُ الانشِقاقِ في الرأسِ من الوجَع مُستَعارٌ من الصَّدْع بمعنى الشَّقِّ في الحائطِ وغيرِه وأنشدَ الصَّاغانِيّ للقُطاميِّ يصفُ ناقةً :
وسارَتْ سِيرَةً تُرْضيكَ مِنها ... يَكادُ وَشيجُها يَشْفِي الصُّدَاعا وصُدِّعَ الرجلُ بالضَّمّ تَصْدِيعاً كما في الصحاح أي أصابَه الصُّداع قال الصَّاغانِيّ : وهو الاختِيارُ ويَجوزُ في الشِّعرِ صُدِعَ كعُني فهو مَصْدُوعٌ . والمُصَدِّع كمُحدِّثٍ : سَيْفُ زُهَيْر بنِ جَذيمةَ العَبسيِّ أبي قَيْسٍ ويقال : اجتمعَ زُهَيْرُ بنُ جَذيمَةَ وخالدُ بنُ جَعْفَرٍ عندَ بعضِ ملوكِ بَني نَصْرٍ بالحِيرَة فَجَرَى بينهما فَخْرٌ فقال زُهَيْرٌ : جَدَعْتُ واللهِ رجُلاً من بَني جعفرِ بنِ كِلابٍ وأنا شابٌّ فسَمَّاني أبي مُجَدِّعاً وضَرَبْتُ بسَيفي رجلاً من بَني كلابٍ فصُدِّعَ فسُمِّي سَيْفِي مُصَدِّعاً . مُصَدِّع : ع نَقَلَه الصَّاغانِيّ . منَ المَجاز : تصَدَّعَ أي تفرَّقَ يقال : تصَدَّعَ القومُ أي تفرَّقوا . قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرة يَرْثِي أخاه مالِكاً :
وكُنّا كَنَدْمانَيْ جَذيمَةَ حِقبَةً ... من الدهرِ حتى قيل : لن يَتَصَدَّعا فلمّا تفَرَّقْنا كأنِّي ومالِكاً لطُولِ اجتِماعٍ لم نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا كاصَّدَّعَ بتشديدِ الصادِ والدال قال الله تَعالى : " يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعون " قال الزَّجَّاج : معناه يَتَفَرَّقون فيَصيرون فريقَيْن فريقٌ في الجَنّةِ وفريقٌ في السَّعير وأصلُها يَتَصَدَّعون قُلِبَتْ التاء صاداً ثمّ أُدغِمَتْ . قال ابْن عَبَّادٍ : تصَدَّعَت الأرضُ بفلانٍ إذا تغَيَّبَ فيها فارّاً . وانْصَدَعَ : انْشَقَّ كَتَصَدَّعَ وهما مُطاوِعا صَدَعَه وصدَّعَه قال سُوَيْدُ بن أبي كاهِلٍ اليَشْكُريُّ :
فبِهم يُنْكى عَدُوٌّ وبهمْ ... يُرْأَبُ الشَّعْبُ إذا الشَّعْبُ انْصَدَعْوقال ابنُ الرِّقاع :
وَنَكْبَةٍ لو رمى الرامي بها حَجَرَاً ... أصَمَّ مِن جَنْدَلِ الصّوَّانِ لانْصَدَعا
أَتَتْ عليَّ فلم أَتْرُكْ لها سَلَبي ... وما اسْتَكَنْتُ لها شَكْوَى ولا جَزَعَا . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : صدَّعَه تَصْدِيعاً : شَقَّه وصدَّعَ الفَلاةَ والنهرَ تَصْدِيعاً : شقَّهُما وَقَطَعهُما على المثَل قال لَبيدٌ :
فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيّ وصَدَّعا ... مَسْجُورَةً مُتَجاوِزاً قُلاَّمُها وقول قَيْسِ بنِ ذَريحٍ :
فلمّا بَدا مِنها الفِراقُ كما بَدا ... بظَهرِ الصَّفا الصَّلْدِ الشُّقوقُ الصَّوادِعُ يجوزُ أن يكونَ صَدَعَ في معنى تصَدَّع لغة ويجوزُ أن يكونَ على النَّسَب أي ذاتُ انْصِداعٍ وَتَصَدُّعٍ . وانْصَدَعَت الأرضُ بالنبات وَتَصَدَّعَت : انْشَقَّت . وانْصَدعَ الصُّبحُ : انْشقَّ عنه الليلُ كما يقال : انْفجرَ وانْفلقَ وانْفطرَ . والصَّديع : الثوبُ المُشَقَّق . وصَدَعَ الشيءَ : بيَّنَه وفرَّقَه . وَتَصَدَّع السَّحابُ : تقطَّع . وصَدَعَتْهم النَّوَى وصدَّعَتْهُم : فرَّقَتْهُم وهو مَجاز . والتَّصْداعُ تَفْعَالٌ من ذلك . قال قيسُ بن ذَريحٍ :
إذا افْتَلَتَتْ منك النَّوى ذا موَدَّةٍ ... حَبيباً بتَصْداعٍ من البَيْنِ ذي شَعْبِ والصَّدْع : الفَصل نَقَلَه ابن السِّكِّيت وهو مَجاز . والصادِع : القاضي بين القوم . وعليه صِدْعَةٌ من مالٍ بالكَسْر : أي قليل . والصَّديع : نحوُ السِّتِّينَ من الإبل . وقال أبو ثروان : تقول : إنّهم على ما ترى من صَدَعَاتِهم لكِرامٌ . ورجلٌ صَدَعٌ بالتحريك : ماضٍ في أَمْرِه . وقيل : في قَوْله تَعالى : " فاصْدَعْ بما تُؤْمَر " أي فرِّقِ القولَ فيهم مُجتَمِعين وفُرادى . ودليلٌ مِصْدَعٌ كمِنبَرٍ : ماضٍ لوَجهِه . وَتَصَدَّعوا عنّي : تفرَّقوا . ويقال : صَدَعَه صَدْعَ الرِّداءِ . ويقال : هو أَصْدَعُهم بالصواب في أَسْرَعِ جَوابِ . والصِّدْع بالكَسْر : المرأةُ تَصْدَعُ أَمْرَ القومِ فلا تَشْعَبُه عن ابْن عَبَّادٍ . والصَّديع : الجماعةُ من البقر . وصَدَعَ الليلَ صَدْعَاً : سَراه وهو مَجاز نقله ابنُ القَطّاع . وقال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْض : الصَّديعُ في بيتِ الشّمّاخِ : ثَوبٌ تَلْبَسُه النَّوَّاحةُ أَسْوَدُ تحتَ ثوبٍ أبيضَ وتَصْدَعُ الأَسْوَدَ عند صَدْرِها فيبدو الأَبْيَض : نقله قاسِمُ بنُ ثابِتٍ وأنشد :
كأنَّهُنَّ إذْ وَرَدْنَ لِيعا ... نَوَّاحَةٌ مُجْتابَةٌ صَديعا ولِيعٌ : اسمُ طريقٍ
السَّقْلَبَةُ أَهْمَلَه الجوهريّ . وقال ابنُ دُرَيْد : هو مَصْدَر سَقْلَبَه إِذَا صَرَعَه . والسَّقْلَبُ : اسْمٌ . وجِيلٌ من النَّاسِ وهو سَقْلَبِيٌّ ج : سَقَالِبَةٌ والمشهورُ على الأَلْسِنَة في الجِيلِ بالصَّاد . وسِقْلاَبٌ : والد المُوَفَّق يَعْقُوبَ النَّصْرَانِيِّ الطَّبِيب وجَدّ السَّدِيد أَبِي مَنُصور . ولَقَب أَبي بكر مُحمَّد بْنِ يُوسفَ بْنِ ديرويه بن سبخت الدينوريّ سكب
قَلَبَه يَقْلِبُهُ قَلْباً من بابِ ضَرَب : حَوَّلَهُ عن وَجهِهِ كأَقْلَبَهُ . وهذا عن اللِّحْيَانِيّ وهي ضعيفةُ . وقد انْقَلَبَ . وقَلَّبهُ مُضَعَّفاً
وقَلَبَه : أَصابَ قَلْبَه أَي فُؤادَهُ ومثلُهُ عبارةُ غيره يَقْلُبُه ويَقْلِبُهُ الضَّمّ عن اللِّحْيَانيّ فهو مَقْلُوبٌ . وقَلَبَ الشْيءَ : حَوَّلَه ظَهْراً لِبَطْنٍ اللامُ فيه بمعنى على ونَصَبَ ظَهْراً على البَدَل أَي : قَلَبَ ظَهْرُ الأَمْرِ عَلَى بَطنه حَتَّى عَلِمَ ما فِيه كَقلَّبَه مُضَعَّفاً . وتَقَلَّب الشَّيْءُ ظَهْراً لِبَطْنٍ كالحَيَّة تَتقلَّبُ على الرَّمْضاءِ . وقَلَبَه عن وَجْههِ : صَرفَه . وحكى اللحيانيّ : أَقْلَبَهُ قال : هي مرغوبُ عنها . وقَلَبَ الثَّوْبَ والحَدِيثَ وكُلَّ شَيْءٍ : حَوَّلَه ؛ وحكى اللِّحْيَانيُّ فيهما أَقْلَبَه والمختارُ عندَه في جميع ذلك : قَلَبْتُ والانْقِلابُ إلِى اللهِ عَزّ وجلّ : المَصِيرُ إِليه والتَّحوُّلُ . وقد قَلَبَ اللهُ فُلاناً إِليه توَفَّاه هذا كلام العربِ وقولُه كأَقْلَبَه حكاه اللِّحْيَانِيّ وقال أَبُو ثَرْوَان أَقْلَبَكُمُ اللّهُ مَقْلَبَ أَوْلِيائِهِ ومُقْلَبَ أَوْليِائِهِ فقالها بالأَلف . وقالَ الفَرَّاءُ قد سَمِعْتُ أَقْلَبَكُم اللهُ مُقْلَبَ أَولِيائِهِ وأَهْلِ طاعتِهِ . وقَلَبَ النَّخْلَةَ : نَزَعَ قَلْبَها وهو مَجازٌ وسيأتِي أَن فيه لُغَاتٍ ثلاثةً . قَلَبَتِ البُسْرَةُ تَقْلِبُ : إِذَا احْمَرَّت . عن ابْنِ سِيدَه : القَلْبُ : القُؤادُ مذكَّرُ صرّح به اللِّحْيَانُّي ؛ أَو مُضْغَةُ من الفُؤادِ مُعلَّقَةٌ بالنِّيَاطِ . ثُمَّ إِنّ الكلامَ المُصَنِّف يشُيرُ إِلى تَرادُفِهِما وعليه اقتصر الفَيُّومِيّ والجوْهرِيُّ وابْنُ فارِسٍ وغيرُهُمْ أَوْ أَنَّ القَلْبَ أَخصُّ منه أَي : من الفُؤَاد في الاستعمالِ . لأَنّه معنىً من المعاني يَتعلَّق به . ويَشهَدُ له حديثُ : " أَتَاكُم أَهْلُ اليَمَنِ هُمْ أَرَقُّ قُلُوباً وأَلْيَنُ أَفْئدَةً " ووصَفَ القُلُوبَ بالرِّقَّةِ والأَفئدَةَ باللِّينِ لأَنَّهُ أَخصُّ من الفُؤادِ ولذلك قالوا : أَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِهِ وسُوَيْدَاءَ قَلْبِه . وقيل القُلُوبُ والأَفْئدةُ قريبانِ من السَّواءِ وكَرَّرَ ذِكْرَهُمَا لاختلاف اللّفظينِ تأْكيداً . وقال بعضُهُم : سُمّىَ القَلْبُ قَلباً لِتَقَلُّبِه وأَنشد :
ما سُمِّىَ القَلْبُ إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبِه ... والرَّأْيُ يَصْرِفَ بالإِنسانِ أَطْوارَا قال الأَزهريُّ : ورأَيتُ بعضَ العربِ يُسمِّى لحمةَ القلْبِ كُلَّها شَحْمَها وحِجابَها قَلْباً وفُؤاداً . قال : ولم أَرَهُم يَفْرِقُون بينَهمَا . قال : ولا أُنْكِرُ أَنْ يكونَ القلبُ هي العَلَقَةَ السَّوْداءَ في جوفه . قال شيخُنا : وقيلَ : الفُؤَادُ وعِاءُ القَلْبِ وقيلَ : داخِلُهً : غِشاؤُهُ . انتهى . وقد يُعَبَّرُ بالقَلْبِ عن العَقْلِ قال الفَرّاءُ في قوله تَعالى : " إِنَّ في ذلكَ لذِكْرَى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ " أَي : عَقْلُ قال : وجائزُ في العربية أَنْ يقولَ : مالكَ قَلْبُ وما قَلْبُكَ مَعَكَ يقول : ما عَقْلُكَ معك . وأَيْنَ ذَهَب قَلْبُك ؟ أَي : عَقْلُك : وقال غيرُه : لمنْ كانَ لَهُ قَلْب أَي : تَفَهُّمُ وتَدَبُّرُ . وعَدَّ ابْنُ هِشَامٍ في شرحِ الكَعْبِيَّةِ من معاني القَلْبِ أَربعةً : الفُؤادَ والعَقْلَ ومَحْض أَي : خلاصة كُلِّ شْيءٍ وخِياره وفي لسان العرب : قَلْبُ كُلِّ شَيْءٍ : لُبُّه وخالِصُهُ ومَحْضُه . تقول : جئتُك بهذا الأَمرِ قَلْباً : أَي مَحضاً لا يَشُوبُه شَيْءُ . وفي الحديثِ : وإِنّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْباً وقَلْبُ القُرآنِ يس . ومن المَجاز : هو عَرَبِيُّ قَلْبُ وَعَرَبيَّةُ قَلْبَةُ وقَلْبُ : أَي خالِصُ . قال أَبو وَجْزَةَ يَصِفُ امْرَأَةً :
قَلْبُ عَقِيلَةُ أَقْوَامٍ ذَوِي حَسَبٍ ... يُرْمَى الْمَقَانِبُ عنها والأَرَاجِيلُقال سِيبَوَيْه : وقالُوا : هذا عَرَبِيُّ قَلْبُ وقَلْباً على الصِّفَة والمَصْدَر والصِّفَةُ أَكْثَرُ ؛ وفي الحديث : " كانَ عَلِىّ قُرَشِيًّا قَلْباً " أَي : خالصاً من صَمِيم قُرَيْشٍ . وقيل : أَرادَ فَهِماً فَطِناً من قوله تعالَى " لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبُ " كذا في لسان العرب وسيأْتي . القَلْبُ : مَاءُ بِحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ عندَ حاذَةَ . وأَيضاً : جَبَلُ وفي بعض النُّسَخ هنا زيادة م أَي معروف . ومن المَجَاز : وفي يَدِهَا قُلْبُ فِضَّةٍ وهو بالضَّمِّ من الأَسْوِرَةِ : ما كان قَلْداً واحِداً ويقولون : سِوارٌ قُلْبٌ . وقيل : سِوارُ المَرْأَةِ على التَّشْبِيه بقَلْبِ النَّخْلِ في بياضه . وفي الكفاية : هو السِّوارُ يكونُ من عاجٍ أَو نحوِه . وفي المِصباحِ : قُلْبُ الفِضَّة : سِوَارُ غيرُ مَلْوِىّ . وفي حديثِ ثَوْبانَ : " أَنّ فَاطِمَةَ رَضِيَ الله عنها حَلَّتِ الحَسَنَ والحُسَيْنَ رَضِيَ اللهُ عنهُما بقُلْبَيْن مِن فِضَّة " : وفي آخَرَ : " أَنَّه رأَى في يَدِ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قُلْبَيْنِ " وفي حديثها أَيضاً في قوله تَعَالى : " وَلاَ يُبْديِنَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْهَا " قالَتْ : القُلْبَ والفَتَخَةَ . من المجاز : القُلْبَ : الحَيَّةُ البَيْضَاءُ على التَّشبيهِ بالقُلْبِ من الأَسْوِرَةِ . القُلْبُ : شَحْمَةُ النَّخْلِ ولُبُّهُ وهي هَنَةٌ رَخْصَةُ بَيْضَاءُ تُؤْكَلُ وهي الجُمّار أوَ أَجْوَدُ خُوصِها أَي : النَّخْلةِ وأَشَدّه بَياضاً وهو : الخُوصُ الّذي يَلِي أَعلاها واحِدَتُه قُلْبَةٌ بضمٍّ فسكون ؛ كُلُّ ذلك قولُ أَبي حنيفةَ . وفي التّهذيب : القُلْبُ بالضَّمّ : السَّعَفُ الَّذي يَطْلُعُ من القَلْب ويُثَلَّثُ أَيْ : فِي المعنيَيْنِ الأَخيرَيْنِ أَي : وفيه ثلاثُ لُغاتٍ : قَلْبُ وقُلْبُ وقِلْبُ و ج : أَقْلاَبُ وقُلُوبُ . وقُلُوبُ الشَّجَرِ : ما رَخُصَ من أَجوافِها وعُرُوقها الّتي تقودُهَا . وفي الحديث . أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عليهما السلام كانَ يَأْكُلُ الجَرَادَ وقُلُوبَ الشَّجَرِ " يَعْنِي : الَّذِي يَنْبُتُ في وَسَطِهَا غَضًّا طَرِيًّا فكان رَخْصاً من البُقُولِ الرَّطْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَقوَى وتَصْلُبَ واحدُهَا قُلْبٌ بالضَّمِّ لِلفَرْق . وقَلْبُ النَّخْلَةِ : جُمّارُها وهي شَطْبَةُ بيضاءُ رَخْصَةُ في وَسَطِها عندَ أَعلاها كأَنَّهَا قُلْبُ فِضَّةٍ رَخْصُ طيّب يُسَمَّى قَلْباً لِبَياضِه . وعن شَمِرٍ : يقالُ : قَلْبُ وقُلْبُ لقلب النَّخلة يجمع على قِلَبَةٍ أَي : كَعِنَبَةٍ . والقُلْبَةُ بالضَّمّ : الحُمْرَةُ قالَه ابْنُ الأَعْرَابيِّ . عَرَبِيَّةُ قُلْبَةُ وهي الخَالِصَةُ النَّسَبِ ؛ وَعَرَبِيُّ قُلْبُ بالضَّمِ : خالِصُ مثلُ قَلْبِ . عن ابْنِ دُرَيْدٍ كما تقدَّمتِ الإِشارةُ إِليه وهو مجازُ . والقَليبُ : البئُرُ ما كانت . والقَلِيبُ : البِئرُ قَبْلَ أَنْ تُطْوَى فإِذا طُوِيَتْ فهي الطَّوِىُّ أَوِ العادِيَّةُ القَدِيمَةُ منها الَّتي لا يُعْلَمُ بها لا رَبٌّ ولا حافِرُ يكون في البَرَارِيِّ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ . و قيل : هي البِئرُ القَدِيمة مَطْويَّةً كانت أَو غيرَ مَطْوِيَّةٍ . وعن ابنِ شُمَيْلٍ : القَلِيبُ : اسْمُ من أَسماءِ الرَّكِيّ مَطْوِيَّة أَو غَيْرُ مَطْوِيّة ذات ماءٍ أَو غَيْرُ ذاتِ ماءٍ جَفْرُ أَو غَيْرُ جَفْرٍ . وقال شَمِرُ : القَلِيبُ اسْمُ من أَسماءِ البئرِ البَدِيءِ والعادِيَّةِ ولا تُخَصُّ بها العادِيَّةُ . قال : وسُمِّيَتْ قَليباً لأَنّه قُلِب تُرابهُا . وقال ابْنُ الأَعرابيّ القَلِيبُ : ما كان فيه عينُ وإِلاَّ فلا ج أَقْلِبَةُ قال عَنْتَرَةُ يصف جُعَلاً :
كَأَن مُؤشَّرَ العَضُدَيْنِ حَجْلاً ... هَدُوجاً بيْنَ أَقْلِبَةٍ مِلاحِ وجمع الكثيرِ قُلُبُ بضمّ الأَوَّلِ والثّانِي قال كُثَيّرُ :
وما دامَ غَيْثُ منْ تِهامَةَ طَيِّب ... بها قُلُبُ عادِيَّةٌ وكِرَارُ الكِرار : جمعُ كَرٍّ للحَسْيِ ؛ والعادِيَّةُ : القَديمةُ وقد شَبَّه العَجّاجُ بها الجِراحاتِ فقال :
" عَنْ قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرَّى مَنْ سَبَرْوقيل : الجمعُ قُلُبُ في لغة من أَنَّث وأَقْلِبَةُ وقُلْبُ أَي : بضمٍّ فسُكُونٍ جميعاً في لُغَة من ذَكَّرَ ؛ وقد قُلِبَتْ تُقْلَبُ هكذا وفي غير نُسَخٍ وفي نسختِنا تقديمُ هذا الأَخِيرِ على الثاني واقتصرَ الجَوْهَرِيُّ على الأَوَّلَيْنِ وهما من جُموعِ الكَثْرَة . وأمَاّ بسكون الَّلامِ فليس بوزْنٍ مُستَقِلٍّ بل هو مُخَفَّفُ من المضموم كما قالُوا في : رُسُلٍ بضمَّتَيْنِ ورُسْلٍ بسكونها أَشار له شيخُنا . وقال الأَمَوِيُّ : في لغةِ بَلْحَارِثِ ابْنِ كَعْبٍ : القالِبُ بالكسر : البُسْرُ الأَحمَرُ يقال منه : قَلَبَتِ البُسْرَةُ تَقِلبُ إِذا احْمَرَّتْ . وقد تقدَّم . وقال أَبو حنيفَةَ : إِذا تَغَيَّرتِ البُسْرَةُ كلُّهَا فهي القالِبُ والقالِبُ بالكَسْر : كالْمِثالِ وهو الشَّيْءُ يُفْرَغُ فيهِ الجَوَاهِرُ لِيَكُونَ مِثَالاً لِما يُصاغُ منها . وكذلك قالِبُ الخُفِّ ونحوِه دَخِيلُ وفتَحْ لاُمِه أَي في الأَخيرة أَكْثَرُ . وأَمّا القالِبُ الّذي هو البُسر فليس فيه إِلاّ الكسرُ ولا يجوز فيه غيرُهُ . قال شيخُنا : والصَّوَابُ أَنَّهُ مُعَرَّبُ وأَصلُه كالَبُ ؛ لأَنَّ هذَا الوَزْنَ ليس من أَوزان العرب كالطَّابَق ونحْوِه وإِنْ رَدَّهُ الشِّهابُ في شرح الشِّفاءِ بأنَّهُ غيرُ صحيح فإِنَّها دعوَي خاليةٌ عن الدَّليلِ وصِيغَتُهُ أُقوَى دليلٍ على أَنَّهُ غيرُ عربِيٍّ إِذْ فاعَلُ بفتح العين ليس من أَوزانِ العرَبِ ولا من استعمالاتها . انتهى
وشاةُ قالِبُ لَوْنٍ : إِذا كانت على غَيْرِ لَوْنِ أُمِّها وفي الحديث : " أَنَّ مُوسَى لَمَّا آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ شُعَيبٍ قال لِمُوسَى عليهِما الصَّلاةُ والسّلامُ : لَكَ من غَنَمِي ما جاءَت به قالِبَ لَوْنٍ . فجاءَت به كُلِّهِ قَالِبَ لَوْنٍ " تفسيرُهُ في الحديث : أَنَّها جاءَت على غيرِ أَلْوانِ أُمَّهاتِها كأَنَّ لَوْنَها قد انْقلب . وفي حديثِ عليٍّ رضيَ اللهُ عنه في صفةِ الطُّيُورِ : " فمِنْهَا مَغْموس في قالِب لَوْنٍ لا يَشُوبُه غَيْرُ لَوْنِ ما غُمِسَ فيه " . والقِلِّيب : كسِكِّيتٍ وتَنُّورٍ وسِنَّوْرٍ وقَبُولٍ وكِتابٍ : الذِّئْبُ يَمَانِيَةُ . قال شاعرُهم :
أَيا جَحْمَتَا بَكِّى على أُمِّ واهِب ... أَكِيلَةِ قِلَّوْب ببَعْضِ المَذانِبِ ذكرَه الجَوْهَرِيُّ والصَّغانيّ في كتاب له في أَسماءِ الذِّئب وأَغفله الدَّمِيرِيُّ في الحياة
ومن الأَمثال : مابِهِ أَي : العَليلِ قَلَبَةُ مُحَرَّكَةً أَي : ما به شَيْءُ لا يُسْتعملُ إِلاَّ في النَّفْي قال الفَرّاءُ : هو مأْخوذُ من القُلاَب : داءٍ يأْخُذُ الإِبلَ فِي رُؤُوسها فيَقْلِبُها إِلى فوق ؛ قال النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ :
" أَوْدَى الشَّبَابُ وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْوقد بَرِئْتُ فما بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ أَي بَرِئْتُ من داءِ الحُبّ . وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ . معناه ليست به عِلّة يُقَلَّبُ لها فيُنْظَرُ إِليه . تقولُ : ما بالبَعِير قَلَبَةُ أَي : ليس به داءُ يُقْلَب له فيُنْظَرُ إِليه . وقال الطّائيُّ : معناهُ : ما به شَيْءُ يُقْلِقُهُ فَيَتَقَلَّب من أَجْلِهِ على فِراشه . قال اللَّيْثُ : ما به قَلَبَةُ أَي لا داءَ ولا غائلةَ ولا تَعَب . وفي الحديث : " فانْطَلَق يَمْشِي ما بِهِ قَلَبَةُ " أَي : أَلَمُ وعِلّةُ : وقال الفَرّاءُ : معناه ما به عِلَّةُ يُخْشَي عليه منها وهو مأْخوذ من قَوْلِهم : قُلِبَ الرَّجُلُ إِذا أَصابَهُ وَجَعُ في قَلْبِه وليس يكاد يُفْلِتُ منه . وقال ابْن الأَعْرَابيِّ : أَصلُ ذلك في الدَّوابّ أَي : ما بِهِ داءٌ يُقْلَبُ به حافِرُهُ . قال حُمَيْدُ الأَرْقَطُ يَصِفُ فَرَساً :
ولَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ ... ولا لِحَبْلَيْهِ بها حَبارُأَي : لم يَقْلِبْ قوائمَها من عِلّة بها . وما بالمَرِيض قَلَبَةٌ : أَي عِلَّةٌ يُقَلَّبُ منها كذا في لسان العرب . وأَقْلَبَ العِنَبُ : يَبِسَ ظاهِرُهُ فَحُوِّلَ . قَلَبَ الخُبْزَ ونَحْوَهُ يَقْلِبُه قَلْباً إِذا نَضِجَ ظاهِرُهُ فَحَوَّلَه لِيَنْضَجَ باطنُه . وأَقْلَبَهَا لُغَةٌ عن اللِّحْيانيّ ضعيفةٌ . وأَقْلَبَ الخُبْزُ : حانَ له أَنْ يُقلَبَ وقَلَبْتُ الشَّيْءَ فانْقَلَبَ : أَي انْكَبَّ . وقَلَّبْتُهُ بيَدِي تَقْلِيباً . وكلام مقلوبٌ وقد قَلَبْتُهُ فانْقَلَبَ وقَلَّبْتُهُ فتَقَلَّبَ . وقَلَّبَ الأُمورَ : بَحَثَها ونظر في عَوَاقِبِها . و تَقَلَّبَ في الأُمورِ وفي البِلادِ : تَصَّرَفَ فيها كَيْلإَ شاءَ وفي التَّنْزِيل العزيز : فلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ في البِلادِ معناه . فلا يَغْرُرْكَ سَلامتُهم في تَصرُّفهِم فيها فإِنَّ عاقبةَ أَمرِهم الهلاكُ . ورَجُلٌ قُلَّبٌ : يَتَقَلَّبٌ كيفَ يَشاءُ . من المجاز : رَجُلٌ حُوَّلٌ قُلَّبٌ كلاهُما على وزن سُكَّرٍ وكذلك حُوَّلِىٌّ قُلَّبٌ بزيادة الياءِ فيهما و كذلك حُوَّلِىٌّ قُلَّبٌ بحذف الياءِ في الأَخِيرِ أَي مُحْتَالٌ بَصِيرُ بتَقْلِيبِ وفي نسخة : بتَقَلُّبِ الأُمُورِ . ورُوِىَ عن مُعاوِيَةَ لمّا احْتُضِرَ أَنَّه كان يُقَلَّبُ على فِراشِه في مَرضِه الذي مات فيه فقال : إِنَّكم لَتُقَلِّبُونَ حُوَّلاً قُلَّباً لَوْ وُقِيَ هَوْلِ المُطَّلَعِ . وفي النِّهاية : إِنْ وُقِىَ كَبَّةَ النّارِ أَي : رَجُلاً عارفاً بالأُمور قد رَكِبَ الصَّعْبَ والذَّلُولَ وقَلَّبَهُما ظَهْراً لِبَطْنٍ وكان مُحْتالاً في أُموره حَسَنَ التَّقَلُّب . وقوله تعالى " تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ والأَبْصَارُ " قال الزَّجّاجُ : معناهُ تَرْجُفُ وتَخِفّ من الجَزْعِ والخَوفِ . والمِلْقَبُ كمِنْبَرٍ : حَدِيدَةٌ تُقَلَّبُ بِها الأَرْض لأَجْلِ الزِّرَاعَةِ والمَقلوبة : الأُذُنُ نقله الصّاغانيّ . والقَلَبُ مُحَرَّكةً : انْقِلابٌ في الشَّفَةِ العُلْيَا واسْتِرْخَاءٌ وفي الصَّحِاح : انْقِلابُ الشَّفَةِ ولم يُقَيِّدْ بالعُلْيَا كما للمؤلِّف . رَجُلٌ أَقْلَبُ وَشَفَةٌ قَلْباءُ بَيِّنَةُ القَلَبِ . والقَلُوبُ كَصبُورٍ : الرجل المُتَقَلِّبُ ؛ قالَ الأَعْشَي :
أَلَمْ تَرْوَا لِلْعَجَبِ العَجِيبِ ... أَن بَنِي قِلاَبَةَ القَلُوبِ
أُنُوفُهُمْ مِلْفَخْرِ في أُسْلُوبِ ... وشَعَرُالأَسْتاهِ في الجَبُوبِوقُلُبٌ بضمَّتَيْن : مِياهٌ لِبَنِي عامرِ ابْنِ عُقَيْلٍ . وقُلَيْبٌ كَزُبَيْرٍ : ماءٌ بنَجْدٍ لربِيعةَ وجَبَلٌ لِبَنِي عامرٍ وفي نسحةٍ : هُنا زيادةُ قولِه : وقدْ يُفْتَح وضَبطَهُ الصّاغانّي كَحُمَيْرٍ في الأول . وأَبو بَطْنٍ من تَمِيم . وفي نسخة وبَنَو القُلَيْبِ : بَطْنٌ من تَمِيمٍ وهو القُلَيْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ . قلتُ : وفي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ : القُلَيْبُ بن عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ منهم : أَيْمَنُ بنُ خُرَيْمِ بْنِ الأَخْرَمِ بْنِ شَدّادِ بْنُ عَمْرو بْنِ الفَاتِكِ بنِ القُلَيْبِ الشّاعرُ الفارسُ . و القُلَيْبُ : خَرَزةٌ لِلتَّأْخِيذِ يُؤَخَّذُ بِها هذهِ عن اللِّحْيانِيِّ . وذُو القَلْبَيْنِ : لَقَبُ أَبي مَعْمَرْ جمِيلِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ الجُمَحِيّ وقيل : هو جَميلُ بْنُ أَسَدٍ الفِهْرِيُّ . كان من أَحفظِ العربِ فقيلَ له : ذُو القَلْبَيْنِ أَشار له الزَّمَخْشَرِيُّ : يُقَالُ : إِنَّهُ فيه نَزَلَتْ هذه الآية " ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ " وله ذكرٌ في إِسلامِ عُمَرَ رَضِيَ اللّه عنه كانت قُرَيْشٌ تُسَمِّيه هكذا . ورَجُلٌ قَلْبٌ بفتح فسكون وقُلْبٌ بضَمّ فسُكون : مَحْضُ النَّسَبِ خالِصُه يستوي فيه المُؤَنثُ والمُذَكَّرُ والجَمْعُ وإِن شِئتَ ثَنَّيْتَ وَجَمَعْتَ وإِن شِئتَ تَركتَه في حال التَّثْنِيَةِ والجمعِ بلفظٍ واحد وقد قدّمتُ الإِشارَةَ إِليه فيما تقدَّمَ . وأَبُو قِلابَةَ ككِتابَة : عبدُ اللّهِ بْنُ زَيْدٍ الجَرْمِىُّ تابِعيٌّ جليل ومُحَدِّثٌ مشهورٌ
والمُنْقَلَبُ : يستعملُ لِلمَصْدَرِ ولِلْمَكانِ كالمُنْصَرَف وهو مَصِيرُ العِبَادِ إِلى الآخِرَة وفي حديثِ دُُعاءِ السَّفَر : " أَعُوذُ بك من كَآبَةِ المُنْقَلَبِ أَي : الانقلابِ من السَّفَر والعَوْدِ إلى الوَطَن يعني : أنّه يعودُ إِلى بيته فيَرى ما يَحْزنُهُ : والانقلاب : الرُّجُوعُ مُطْلَقاً . والقُلاَبُ : كغُرابٍ : جَبَلٌ بدِيارِ أسَدٍ ؛ ودَاءٌ للْقَلْبِ . وعِبارَةُ اللِّحْيَانيِّ : داءٌ يأْخُذُ في القَلْب . القُلاَبُ : داءٌ لِلْبَعِيرِ فيَشتكى منه قْلبَه ويُمِيتُهُ مِنْ يَوْمِهِ وقيل : منه أُخِذَ المَثَلُ الماضي ذكرُه : ما به قَلَبةٌ يُقَالُ : بَعِيرٌ مَقلوبٌ وناقةٌ مَقلوبةٌ . قال كُرَاع : وليس في الكلام اسْمُ داءٍ اشْتُقَّ من اسم العُضْوِ إلا القُلابُ من القَلْبِ والكُبادُ من الكَبِدِ والنُّكَافُ من النَّكَفتَيْنِ وهما غُدَّتَانِ تَكْتَنِفَانِ الحُلْقُومَ من أصْلِ اللَّحْىِ . وقَدْ قُلِبَ بالضَّمّ قُلاَباً فهو مقْلُوبٌ ؛ وقيل : قَلِبَ البَعِيرُ قُلاَباً : عاجَلَتْهُ الغُدَّةُ فمات عنِ الأَصْمَعيِّ . وأَقْلَبُوا : أَصابَ إِبِلَهُمُ القُلابُ هذا الدّاءُ بعَيْنِهِ . وقُلْبَيْنُ بالضَّمّ فسكون ففتح الْمُوَحَّدَة : ة بدِمَشْقَ وقد يُكْسَرُ ثالثُهُ وهي المُوَحَّدَةُ . ومما بقي على المؤلِّف من ضروريّات المادة : قَلَب عَيْنَهُ وحِمْلاقَهُ عندَ الوَعِيدِ والغَضَب وأنشدَ :
" قالِبُ حِمْلاقَيْهِ قد كادَ يُجَنّْوفي المَثَل : " اقْلِبِي قَلاَبِ " يُضْرَبُ للرَّجُلِ يَقْلِبُ لِسانَهُ فيضَعُهُ حيثُ شَاءَ . وفي حديث عُمَرَ رَضِيَ اللّه عنه : " بَيْنَا يُكَلِّمُ إِنساناً إذا انْدَفَعَ جَرِيرٌ يُطْرِيهِ ويُطْنِبُ فأَقبلَ عليه فقال : ما تقولُ يا جَرِيرُ ؟ : وعَرف الغضبَ في وجهِه فقال : ذَكَرْتُ أَبا بكرٍ وفَضْلَهُ فقال عُمَرُ : اقْلِبْ قَلاَّبُ " . وسكت . قال ابن الأَثيرِ : هذا مَثَلٌ يُضْرَب لِمَنْ يكون منه السَّقْطَةُ فيتداركُها بأَنْ يَقْلِبها عن جِهتها ويَصْرِفَهَا إِلى غيرِ معناها يريد : اقْلِبْ يا قَلاَّب فأسْقَطَ حرفَ النِّداءِ وهو غريبٌ ؛ لأَنّه إنّما يُحْذَفُ مع الأعْلاَمِ . ومثلُه في المُسْتَقْصَى ومَجْمَعِ الأَمْثالِ لِلمَيْدَانِيِّ . ومن المَجاز : قَلَبَ المُعَلِّمُ الصِّبْيانُ : صَرَفَهم إلى بُيُوتِهم عن ثعلب . وقال غيره . أَرسلَهم ورَجَعَهُمْ إِلى منازلِهم . وأَقْلَبَهم لغةٌ ضعيفةٌ عن اللِّحْيَانيّ . على أَنّه قد قال : إنَّ كلامَ العربِ في كلِّ ذلك إِنّما هو : قَلَبْتُهُ بغيرِ أَلِفٍ : وقد تقدّمتِ الإشارةُ إليهِ . وفي حديثِ أَبي هُريْرَةَ : أَنه كان يُقَالُ لِمُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ : اقْلِبْهُمْ أي : اصْرِفْهُمْ إلى منازلهم . وفي حديث المُنْذِرِ فاقْلِبُوهُ . فقالوا : أقْلَبْناهُ يا رَسُولَ اللّهِ " قال ابْنُ الأثِيرِ : هكذا جاءَ في صحيح مسلم وصوابه : قَلَبْنَاهُ ويَأْتِي القَلْبُ بمعنى الرُّوحِ . وقَلْبُ العَقْرَبِ : مَنْزِلٌ من منازلِ القمرِ وهو كَوكبٌ نَيِّرٌ وبجانِبَيْهِ كوكبانِ . قال شيخُنا : سُمِّىَ به لأَنّه . في قلْب العقْرب . قالوا : والقُلُوبُ أَربعة : قَلْبُ العقْرب وقلْبُ الأَسَدِ وقلبُ الثَّوْرِ وهو الدَّبَرانُ وقلْبُ الحُوتِ وهو الرِّشاد ذَكرَهُ الإمامُ المَرْزُوقيُّ في كتابِ الأَمطنة والأزمنة ونقله الطِّيبِيُّ في حواشي الكَشّافِ أثناءَ يس وَنَبَّه عليهِ سَعْدِي جَلَبِي هُنَاك وأَشارَ إِليه الجَوْهَرِيُّ مختصراً انتهى . ومن المَجَازِ : قَلَبَ التّاجِرُ السِّلْعَةَ وقَلَّبَهَا : فَتَّشَ عن حَالِهَا . وقَلَبْتُ المملوكَ عندَ الشِّراءِ أَقْلِبُه قَلْباً : إذا كشفْتَهُ لتَنْظُرَ إلى عَيُوبِه . وعن أَبي زيدٍ : يُقَالُ للبلِيغ من الرِّجالِ : قد رَدَّ قالِبَ الكلامِ وقد طَبَّقَ المَفْصِلَ ووضَعَ الهِناءَ مَوَاضِعَ النُّقْب . وفي حديثٍ : كان نساءُ بني إ سرائيلَ يَلْبَسْن القَوالِبَ جمعُ قالِبٍ وهو نَعْلٌ من خَشَبٍ كالقَبْقابِ وتُكْسَرُ لامهُ وتُفْتَح . وقيل : إِنَّه مُعَرَّبٌ وفي حديث ابْنِ مسعودٍ : " كانت المرأَة'ُ تَلْبَسُ القَالِبَيْنِ تَطَاوَلُ بهما " كذا في لِسان العرب
وقَلِيبٌ كأمير : قريةٌ بمِصْرَ منها الشّيخُ عبدُ السَّلامِ القَلِيبِيُّ أَحَدُ من أَخَذَ عن أَبِي الفَتْحِ الوَاسِطِيّ وحفِيدُهُ الشَّمْسُ محمّدُ بْنُ أَحمدَ بْنِ عبد الواحدِ بْنِ عبدِ السَّلامِ كتب عنه الحافِظُ رضْوانُ العقبِيّ شيئاً من شِعْرهِ
وقَلْيُوبُ بالفتح : قريةٌ أٌخرَى بمِصْرَ تضافُ إليها الكُورَةُ . وهَضْبُ القَلِيبِ كأميرٍ بِنجْدٍ . وقُلَّبٌ كسُكَّر : وادٍ آخَرُ نَجْدِيٌّ . وبنو قِلاَبَةَ بالكسر : بطْنٌ
والقِلَّوْبُ والقِلِّيبُ كسِنَّوْرٍ وسِكِّيت : الأَسَدُ كما يُقالُ له السِّرْحانُ . نقله الصّاغانيُّ
ومَعَادِنُ القِلَبَةِ كعِنَبة : موضعٌ قُرْبَ المدينةِ نقله ابْنُ الأَثيرِ عن بعضهم : وسيأْتي في ق ب ل . والإقْلابِيَّةُ : نوعٌ من الرِّيحِ يَتضَرَّر منها أَهلُ البحر خوفاً على المَرَاكِب