الصَّدْرُ : أعلى مُقدَّمِ كُلِّ شَيءٍ وأوَّلُه حتى أنهم ليقُولُون : صَدْرُ النّهَارِ والليلِ وصَدْرُ الشِّتاءِ والصَّيْف وما أشبه ذلك ويقولون : أَخَذَ الأَمْرَ بصَدْرِه أي بأَوَّولِه والأُمورُ بصُدُورِهَا وهو مَجاز . وكُلُّ ما واجَهَكَ صَدْرٌ ومنه صَدْرُ الإنسان . من المجَاز : رَصَفْتُ صَدْرَ السَّهْمِ : الصَّدْرُ من السَّهْم : ما جَا وَ زَ مِن وَسَطِه إلى مُسْتدَقِّهِ وهو الذي يَلي النَّصْلَ إِذا رُميَ به وسُمِّيَ بذلك لأنه المُتقَدِّمُ إذا رُمِيَ . وقيل : صَدْرُ السَّهْمِ : ما فَوقَ نِصْفِه إلى المَرَاشِ وعليه اقتصر الزَّمَخْشَرِيّ . الصَّدْرُ : حَذْفُ أَلفِ فاعِلُنْ في العُروضِ لمعاقَبَتِهَا نونَ فاعِلاتُنْ قال ابنُ سِيده : هذا قولُ الخَليل وإنما حُكمه أَن يَقُولَ : الصَّدْرُ : الأَلِف . المحذُوفَةُ لمُعَاقَبَتِها نونَ فاعِلاتُنْ . الصَّدْرُ : الطائِفَةُ من الشَّيْءِ الصَّدْرُ : الرُّجُوعُ كالمَصْدَرِ صَدَرَ يَصْدُرُ بالضَّمّ ويَصدِرُ بالكَسْر صُدُوراً وصَدْراً . والسْمُ من قَولِك صَدَرْتُ عن الماءِ وعن البلادِ الصَّدَرُ بالتَّحْرِيك يقال : صَدَرَ عنه يَصْدُرُ صَدْراً ومَصْدَراً ومَزْدَراً الأخيرةُ مُضارِعَةٌ قال :
" ودَعْ ذَا الهَوَى قَبْلَ القليّ تَرْكُ ذِي الهوىمَتِينَ القُويَ خَيْرٌ من الصَّرْمِ مَزْدَرَا . ومنه طَوافُ الصَّدَرِ وهو طَوَافُ الإفَاضة . وقَدْ صَدَرَ غَيره وأصْدَرَهُ وصَدَّرَهُ والثانية أَعَلى فَصَدَرَ هو وفي التنزيل العزيزِ " حتى يَصْدُرَ الرِّعَاءُ " قال ابنُ سِيدَه : فإما أن يكون هذا على نِيَّةِ التَّعَدِّي كأنه قال : حتى يَصْدُرَ الرعاءُ إبِلَهُم ثم حذف المفعول وإما أن يكون يَصْدرُ هنا غير مُتعدٍّ لفظاً ولا معنى لأنَّهُم قالوا : صَدَرتُ عن الماءِ فلم يُعَدُّوه وفي الحديِث : " يَهْلِكُونَ مَهخْلَكاً واحداً ويَصْدُرُونَ مَصادِرَ شَتَّى " قال ابنُ الأثير : الصَّدَرُ بالتَّحْرِيك : رجُوعُ المُسَافِرِ من مَقْصِدِه والشارِبَةُ من الوِرْدِ : يَعْنَي يُخْسَف بهم جميعِهِم ثمّ يَصْدُرُونَ بعدَ الهَلَكَةِ مَصَادِرَ متفَرِّقَةً على قَدْرِ أعمالِهِم . وقال اللَّيْثُ : الصَّدَرُ : الانْصِرافُ عن الوِرْدِ وعن كُلِّ أَمْرٍ يقال : صَدَرُوا وأصْدَرْنَاهُمْ . وقال أبو عُبَيْد : صَدَرتُ عن البِلادِ وعن الماءِ صَدَراً وهو الاسمُ فإن أَردْتَ المصدَرَ جَزَمْتَ الدالَ وأنشدَ لابن مُقبلِ :
وليْلَة قد جَعَلْتُ الصُّبحَ مَوْعِدَها ... صَدْرَ المَطِيَّةِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا . قال ابنُ سِيده : وهذا عِيٌّ منه واخْتِلاطٌ . قلت : وقد وضَعَ منه بهذهِ المَقَالة في خِطبةِ كتابه المُحْكَمِ قفقال : وهل أوْحَشُ من هذه العِبارةَ ؟ أفْحَشُ من هذه الإشارةَ . وصَدْرُ الإنسانِ مُذَكَّرٌ فأما قولُ الأعشى :
وتَشْرَق بالقَوْلِ الذي قَدْ أذَعْنَته ... كما شَرِقتْ صَدْرُ القَنَاةِ من الدَّمِ فقال ابنُ سِيده : إِنما أنَّثَهُ على المعنى لأنّ صَدْرَ القَنَاةِ من القَنَاةِ وهو كقَوْلهم : ذَهَبتْ بعضُ أصابِعِه لأنهم يُؤنِّثُونَ الاسمَ المضافَ إلى المُؤَنَّثِ . والصُّدْرَةُ بالضَّمّ : الصَّدْرُ أو صُدْرَةُ الإِنْسَانِ : ما أَشْرَفَ من أعلاَه . أي أعْلَى صَدْرِه وعليه اقتصرَ الأَزْهَرِيّ قال : ومنه الصُّدْرَةُ التي تُلْبَسُ وهو ثَوبٌ م أي معروف ومن هذا قولُ الطّائِية وكانت تحتَ امرئِ القيسِ ففَفَرِكَتْه وقالت : إني ما عِلمْتُكَ إلا ثَقِيلَ الصُّدْرَةِ سريعَ الهِرَاقة بطيءَ الإفاقَةِ . وصَدَرَهُ يَصْدُرُه صَدْراً : أصابَ صَدْرَه ويقال : ضَرَبْتهُ فصَدَرْتُه أي أَصَبْتُ صَدْرَه . صُدِرَ كعُنيَ . شَكَاهُ فهو مَصْدَورٌ : يَشْكُو صَدْرَه وقال عُبيدُ اللهِ ابنُ عبدِ الله بنِ عُتْبَةَ :
" لابُدّ للمَصْدُورِ منْ أَنْ يَسْعُلاَيُريد أنّ من أُصيبَ صَدْرُه لا بدّ له أن يَسْعُلَ وذلك حينَ قيل له : حَتى متى تَقُولُ هذا الشِّعْرَ ؟ يعني أنه يَحدُث للإنسان حالٌ يتمثلُ فيه بالشِّعر وتَطِيبُ به نَفْسُه ولا يكاد يَمْتَنِعُ منه . وفي حديث الزُّهْرِيّ قيل له : " إنّ عُبَيْدَ اللهِ يقولُ الشِّعْرَ ؟ قال : ويَسْتَطيعُ المَصْدُورُ أن لا يَنْفُثَ ؟ " أي لا يَبْرق شَبَّه الشِّعَر بالنَّفْثِ لأنهما يَخرجان من الفمِ وفي حديث عَطَاءٍ قيل له : " رَجُلٌ مَصْدُرٌ يَنْهَزُ قَيحاً أحدثٌ هُو ؟ قال : لا " . يَعْنِي يَبزُقُ قَيْحاً . والأَصْدَرُ : العَظِيمُهُ أي الذي أَشْرَفَتْ صُدْرَتُه . والمُصَدَّرُ كمُعَظَّمٍ : القَوِيُّهُ الشَّدِيدُهُ ومنه حديثُ عبدِ المَلِكِ أُتِيَ بأَسِير مُصَدَّرٍ وهو العَظِيمُ الصَّدْرِ . المُصَدَّرُ من الخَيْلِ : مَنْ بَلَغَ العَرَقُ صَدْرَه وبه فسر ابنُ الأعرابيّ قولَ طُفيل الغَنَوِيّ يصف فرساً :
كأنه بَعْدَ ما صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ ... سِيدٌ تَمَطَّرَ جِنحَ اللَّيْلِ مَبْلُولُ . ورَوَاه بعدَ ما صُدِّرْنَ على مالم يسَمَّ فاعِلُه أي أصابَ العَرَقُ صُدُورَهُنّ بعد ما عَرِقَ . وقال أبو سَعيدٍ : أي هَرَقْنَ صَدراً من العَرَقِ ولم يَسْتَفْرِغْنَه . وعليه اقتصر الصاغانيّ . والأجودُ في معناه : أي بَعْدَ ما سَبَقْنَ بصُدُورِهِنّ والعَرَقُ : الصَّفُّ من الخَيْلِ كذا في اللسان . المُصَدَّرُ : الأَبْيَضُ لَبَّةِ الصَّدْرِ من الغَنَمِ والخَيْلِ . أو هو السَّوْداءُ الصَّدْرِ من النِّعاجِ وسائِرُها أبيَضُ . ونعجةٌ مُصَدَّرَةٌ قاله أبو زيد . وتَصَدرَ الفَرَسُ وصدَّرَ . كلاهما : تَقَدمَ الخَيْلَ بِصدْرِه . وقال ابنُ الأعرابيّ : المُصَدَّرُ : السلبقُ من الخَيلِ ولم يَذْكُر الصَّدْرَ وهو مَجَاز وبه فُسَّر قولُ طُفيل الغَنَوِيّ السابِق . ومن المَجَاز : المُصَدَّرُ : الغَلِيظُ الصَّدْرِ من السِّهامِ . المُصَدَّرُ : أولُ القِداحِ الغُفْلِ التي ليست لها فُرضٌ ولا أَنْصِباءُ وإنما يُثَقَّلُ بها القِداحُ كَرَاهيةَ التُّهَمَةِ هذا قول اللَّحْيَانيّ . المُصَدَّرُ : الأسَدُ والذِّئْبُ لشدَّتِهما وقُوةِ صَدْرِهما . وتَصَدَّرَ الرجلُ : نصبَ صَدْرَه في الجُلُوِس . يقال : صَدَّرَهُ فَتصَدَّرَ : جلسَ في صَدْرِ المَجْلِسِ أي أعلاه . تَصَدَّرَ الفَرَسُ : تَقَدَّمَ الخَيْلَ بصَدْرِه كصدرَ تصديراً وسيأتي للمصنف في آخر المادة : صَدَّرَ الفَرَسُ فهو كالتكرار لأن المعنى واحدٌ . وصُدُورُ الوَادي : أعليه ومَقَادِمُه كصَدَائرِهِ عن ابن الأعرابيّ وأنشد :
أَ أَنْ غَرَّدَتْ في ربَطْنِ وَاد حَمَامَةٌ ... بكيتَ ولَمْ يَعْذرْكَ في الجَهْلِ عاذِرُ
تَعَاليْنَ في عُبْرِية تَلَعَ الضُّحَى ... عَلَى فَنَنٍ قد نَعَّمَتْه الصَّدَائِرُ جَمْعُ صَدَارةٍ وصَدِيرة وهكذا في النسخ والذي في اللسان : واحدُها صادِرَةٌ وصَديِرةٌ من المَجَاز قولهم : ماله صادِرٌ ولا وَارِدٌ أي ماله شَيءٌ وقال اللَّحْيَانيّ : ماله شَيءٌ ولا قَوْمٌ . من المَجَاز : طَريقٌ صادِرٌ . أي يَصْدُرُ بأهْلِهِ عن الماءِ كما يقال : طَريقٌ وارِدٌ يَرِدُهُ بهم قال لَبيدٌ يذكرُ نا قَتَيْن :
ثمَّ أَصْدَرْنا هُما في وَاردٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ قد مَثَلْ . أراد : في طَريقٍ يُوردُ فيه ويُصْدَرُ عن الماءِ فيه والوَهْمُ : الضَّخْمُ . والصَّدَرُ مُحركةً : اليَومُ الرّابِعُ من أيامِ النَّحْرِ لأن الناسَ يَصْدُرُونَ عن مكةَ إلى أماكِنِهِمْ وفي الحديث " للمُهَاجِرِ إقاَمةُ ثَلاثٍ بعدَ الصَّدَرِ " يعني بمكةَ بعدَ أن يَقضشيَ نُسُكَه . الصَّدَرُ : اسمٌ لجَمْعِ صادرِ قال أبوُ ذُؤَيْبٍ :
بأَطْيَبَ مِنها إذَا ما النُّجُو ... مُ أعْنقْنَ مِثلَ هَوَادي الصَّدَرْوالأصْدَرَانِ : عِرْقانِ يَضْرِبانِ تَحتَ الصُّدْغَيْنِ لا يُفْرَدُ لهما واحدٌ . وفي المَثَل : جاءَ يَضْرِبُ أَصْدَرَيهِ أي جاءَ فارغاً يَعْنَي عِطْفَيْه . وروَى أبو حاتمٍ : جاءَ فلانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه و أزْدَرَيْه أي جاءَ فارِغاً قال : ولم يُدْرَ ما أصلُه : قال أبو حاتم : قال بعضهم : أصدَرَاهُ وأَزْدَرَاهُ وأَصْدَغاه . ولم يُعرفْ شيئاً منهنَّ ؟ وفي حديثِ الحَسَن " يَضْرِبُ أصْدَرَيْهِ " أي مَنْكِبَيْه ويُرْوَى أَسْدَرَيْه بالسين أيضاً . وصادِرٌ : ع وكذلك بُرقَةُ صَادِرٍ قال النّابِغَةُ :
لقَدْ قُلتُ للنَّعْمَانِ حِينَ لَقِيتُه ... يُريدُ بني حُنٍّ ببُرْقَةَ صادِرِ . صادِرَةُ بهاءٍ : اسمُ سِدْرَة معروفة . ومُصْدِرٌ كمُحْسِن : اسمُ جُمادى الأولى قال ابنُ سِيدهَ : أُرَاها عادِية . الصَّدَارُ ككتَابٍ : ثَوبٌ رَأْسُه كالمِقْنَعَةِ وأسْفَلُه يُغشى الصَّدْرَ والمنَكِبَينْ تَلبَسُه المَرأةُ قال الأَزْهَرِيّ : كانت المرأةُ الثَّكْلَى إذا فقدتْ حَمِيمَها فأَحَدَّتْ عليه لَبِسَتْ صِدَاراً من صُوقٍ وقال الرّاعي يَصفِ فَلاةً :
كأَنَّ العِرْمسَ الوَجنَاءَ فيهَا ... عجُولٌ خَرَّقَتْ عَنْهَا الصِّدَارَا . وقال ابنُ الأعْرَابيّ : المِجْوَلٌ : الصُّدْرَةُ وهي الصَّدَارُ والأصْدَة والعَربُ تقولُ القميص الصغيرِ والدَّرْعِ القَصِيرِ : الصُّدْرَةُ . وقال الأصمعيّ : يُقال لما يلي الصَّدْرَ من الدِّرْعِ : صِدَارٌ . وقال الجوهريّ : الصِّداَرُ : قَمِيصٌ صَغِيرٌ يَلي الجَسَدَ وفي المثل كُلُّ ذاتِ صِدارٍ خالَةٌ أي من حَقِّ الرجُلِ أن يَغَارَ على كُلِّ امرأة كما يَغارُ على حُرَمِه . الصِّدَارَةُ بهاءٍ : ة باليَمَامةِ لبني جَعْدَةَ . وبالفتح قَريةٌ من قُرَى اليَمنِ قاله الصّاغانيّ . من المَجاز : صدَّرَ كِتابه تَصْدِيراً وإذا جَعلَ له صَدْراً وصَدْرُ الكِتابِ : عُنْوانُه وأوله . صَدَّرَ بَعيِرَه تَصْيراً : شَدَّ حَبلاً من حِزامهِ إلى مَا ورَاءَ الكِرْكِرة وفي اللسَان : قال الليثُ : يقال : صَدَّرْ عن بَعيرِكَ وذلك إذا خَمُصَ بَطْنُه واضْطَرَبَ تَصْديُره فيُشَدّ حَبلٌ من التَّصْدِيرِ إلى ما وَرَاء الكِرْكِرَة فيَبَثُتُ التصْديرُ في مَوْضِعِه . وذلك الحَبْلُ يُقالُ له : السِّنَافُ ونقله الصاغانيّ في التكملة وسَلَّمَه . من المَجاز : صَدَّرَ الفَرَسُ تَصْدِيراً إذا بَرَزَ بِرأْسِه هكذا في سائر النُّسخ والصواب : بصَدْرِه كما في سائرِ الأُمهاتِ وسَبَقَ وفَرَسٌ مُصَدَّرٌ : سابِقٌ يتَقَدَّمُ الخَيلَ بصَدْرِه وأنشد قولَ طُفيل الغنويِّ السابقَ . وصَادَرَهُ على كذا من المالِ : طالبهُ بهِ . ومن كَلامِ كُتابِ الدَّواوين أن يُقالَ : صُودِرَ فُلانٌ العامِلُ على مال يُؤَدِّيه أي قُورِفَ على مالٍ ضَمِنَه . وصَدَرُ أو صُدَرُ كجَبَل أو زُفرَ : ة بيْتِ المقِْدسِ منها أبو عَمْرٍو لاحقُ بن الحُسَيْنِ بن عِمْرانَ ابن أبي الورْدِ الصدَريّ حَدّثَ عن المَحَامليّ وعنه الحاكم ماتَ بنواحِي خُوارَزْمَ
وصُدَارٌ كغُراب : ع قُرْبَ المدينةِ المشرَّفة على ساكنها أفضلُ الصّلاةِ والسّلام ومنه محمدُ بنُ عبْدِ اللهِ ابنِ الهادِ قلْت : هذا هو ابنُ الحَسَنِ المُثنى ويقال فيه أيضاً : الصُّرَاريّ براءَين فليُنْظَرْ . ومما يستدرك عليه : بَناتُ الصَّدْرِ : خَلَلُ عِظَامِه . وهو مجاَز . ورَجُلٌ بعيدُ الصَّدْرِ : لا يُعْطَفُ وهو على المَثَل . وصَدْرُ القدَمِ : مُقَدَّمُها ما بين أصابِعها إلى الحِمارَةِ . وصَدْرُ النَّعْلِ : ما قُدَّامُ الخُرْتِ منها . ويومٌ كصَدْرِ الرُّمْحِ : ضَيِّقٌ شَديدٌ قال ثَعْلَبٌ : هذا يَوْمٌ تُخَصُّ به الحَرْبُ قال : وأنْشَدَني ابن الأعرابيّ :
ويَوْمٍ كصَدْرِ الرُّمْحِ قِصَّرْتُ طُولَه ... بلَيْلى فلَهّانِي وما كُنْتُ لاهِياوالتَّصْديرُ : حِزَامُ الرَّحْلِ والهَوْدَجِ قال سيبويه : فأمّا قولُهُم : التَّزْديِرُ فعَلى المُضَارَعَة وليسَتْ بلُغَة . وقال الأصْمَعِيّ : وفي الرَّحْلِ حِزامُ يقالُ له التَّصْديرُ قال : والوَضينُ والبِطَانُ للقَتَبِ وأكثرُ ما يُقال الحِزامُ للسَّرْجِ . والصِّدأرُ : سِمةٌ على صَدْر البَعير . وفي المثل : ترَكْتهُ على مثْلِ ليلةِ الصَّدَرِ " أي لا شْيءَ له . والمَصْدَرُ بالفتح : مَوْضع الصُّدُورِ وهو الانصرافُ ومنه مَصادِرُ الأفْعال . وقال الليث : المَصْدّرُ : أصلُ الكلمةِ التي تَصْدرُعنها صَوادِرُ الأفعال . وفي الحديث " كانتْ له رَكْوَةٌ تُسمَّى الصادرَ " سُميت به لأنّه يُصْدَرُ عنها بالرِّي ومنه : فأصْدَرْنا ركابنا . أي صُرِفْنا رِواءً فلم نَحْتجْ إلى المُقَامِ بها للماءِ . ويُقَالُ للّذي يَبْتديءُ أمراً ثم لا يُتِمُّه : فلانٌ يُورِدُ ولا يُصْدِرُ . فإذا أتَمَّه قيل : أوْرَدَ وأصْدَرَ . ورجل مُصْدِرٌ : مُتِمٌّ لللأمورِ وهو مجاز . وصَدَروا إلى المَكانِ : صاروا إليه قاله ابن عَرَفَةَ
والصّادِرُ : المُنْصَرِفُ وتصادَرُوا . وطَعَنَه بصَدْرِ القناةِ وهو مَجَازٌ . وهو يَعرِف موارِدَ الأمورِ ومصادِرَها . وصادَرْتُ فلاناً من هذا الأمْرِ على نُجْحٍ وتَصادَرُوا على ما شاءُوا . وهؤلاءِ صُدْرَةُ القوْمِ : مُقَّدَّموهُم وصَدْرُ القوْمِ : رَئيسُهم كالمُصَدَّر ومنه : صَدْرُ الصُّدُورِ : للقائمِ بأعْباءِ المُلْكِ . والصَّدَارَةُ بالفتح : التَّقَدُّمُ . والصُّدَيْرَةُ تصغير الصُّدْرَة لما يلي الجَسَدَ من القَميصِ القَصير
نَصَرَ المَظلومَ يَنْصُرهُ نَصْرَاً ونُصوراً كقُعود ونُصْرَةً وهذه عن الزَّمَخْشَرِيّ وفي المُحكَم : والاسم النُّصْرَة : أعانه على عَدُوِّه وشَدَّ منه وشاهِدُ النُّصور قَوْلُ خِدَاشِ بنِ زُهَيْر :
فإنْ كنتَ تَشْكُو من خليل مَخانَةً ... فتلكَ الجوازي عَقْبُها ونُصورُها قال ابنُ سِيدَه : ويجوز أن يكون نُصوراً هنا جَمْعُ ناصِر كشاهد وشُهود وفي الحديث : " انْصُرْ أخاكَ ظالِماً أو مَظْلُوماً " وتفسيرُه أن يَمْنَعه من الظُّلم إن وَجَدَه ظالماً وإن كان مظلوماً أعانه على ظالمه . منَ المَجاز : نَصَرَ الغيثُ الأرضَ نَصْرَاً : غاثَها وسقاها وعَمَّها بالجَوْد وأَنْبَتها قال :
من كان أَخْطَأَهُ الرَّبيع فإنّما ... نُصِرَ الحجازُ بغَيْث عبدِ الواحِدِ
وَنَصَر الغيثُ البلدَ : إذا أعانه على الخصْب والنبات وقال ابْن الأَعْرابِيّ : النُّصْرَة : المَطْرَة التَّامَّة . وأرضٌ مَنْصُورةٌ : مَمْطُورة . وقال أبو عُبَيْد : نُصِرَت البلادُ إذا مُطِرَت فهي مَنْصُورة . وفي الحديث : " إنّ هذه السَّحابةَ تَنْصُر أرضَ بني كَعْبٍ " أي تُمطِرُهم . وَنَصَره منه نَصْرَاً ونُصرَةً : نَجَّاه وخلَّصه . وفي البصائر : ونُصرَة الله لنا ظاهِرةٌ . ونُصرَتُنا لله هو النُّصْرَة لعباده أو القيام بحفظِ حدوده وإعانةِ عهوده وامتثالِ أوامره واجتناب نواهيه قال اللهُ تعالى : " إنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكم " وهو ناصِرٌ ونُصَرٌ كصُرَد الأخير نقله الصَّاغانِيّ من قوم نُصَّارٍ وأَنْصَارٍ ونَصْرٍ الأخيرُ كصَحْب جَمْع صاحِب قال :
واللهُ سَمَّى نَصْرَكَ الأَنْصارا ... آثركَ الله به إيثارا ويُجمَع الناصرُ أيضاً على نُصور كشاهد وشُهود كما تقدّم . والنَّصِيرُ بمعنى النّاصر قال اللهُ تعالى : " نِعْمَ المَولى ونِعمَ النَّصير " والجمع أَنْصَار كشَريف وأَشْرَاف ويُجمَع الأَنْصار أناصير وهو جَمْعُ الجمع ذَكَرَه الصَّاغانِيّ وأهمله المُصنِّف وهو على شَرْطِه . الأنْصار وهم أَنْصَارُ النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلَّم من الأوسِ والخزرج ونصروا النبيَّ صلّى الله عليه وسلَّم في ساعةِ العُسرة غَلَبَتْ عليهم الصِّفة فَجَرَى مَجْرَى الأسماء وصار كأنّه اسمُ الحيّ ولذلك أُضيف إليه بلفظِ الجمع فقيل : أَنْصَاري . قالوا : رجلٌ نَصْرٌ وقومٌ نَصْرٌ فَوَصَفوا بالمصدر كرجلٍ عَدْلٍ وقومٍ عَدْلٍ عن ابْن الأَعْرابِيّ . والنُّصْرَة بالضمّ : حُسنُ المَعونة قال الله عزَّ وجلَّ : " من كان يظنُّ أنْ لنْ يَنْصُرَه الله في الدنيا والآخرة " أي لا يُظهِر محمداً صلّى الله عليه وسلَّم على من خالَفَه . وفي حديث الضيف المَحروم : " فإنّ نَصْرَهُ حقٌّ على كلِّ مُسلِم حتى يأخذ بقِرى لَيْلَتِه " . والاسْتِنْصار : استِمْدادُ النَّصْر وقد اسْتَنْصَرَه عليه : استَمَدَّه . الاسْتِنْصار : السؤال والمُستنْصِر : السائل كأنّه طالبُ النَّصْر وهو العَطاء . والتَّنَصُّر : مُعالجةُ النَّصْر وليس من باب تحَلَّم وَتَنَوَّر . وَتَنَاصروا أيضاً : تَعاونوا على النَّصْر . وَتَنَاصَروا أيضاً : نَصَرَ بَعْضُهم بعضاً . منَ المَجاز : تَنَاَصَرت الأخبارُ : صَدَّقَ بعضُها بعضاً . منَ المَجاز : مَدَّت الواديَ النَّواصِرُ هي مَجاري الماء إلى الأوْدِية جمع ناصرٍ . والناصرُ : أَعْظَمُ من التَّلْعَة يكون ميلاً ونحوَه . وقال أبو خَيْرَة : النَّواصِر من الشِّعاب : ما جاء من مكان بعيد إلى الوادي فَنَصَر السُّيول سُمِّيت ناصِرَة لأنها تجيءُ من مكان بعيد حتى تقع في مُجتَمَع الماءِ حيث انتهت لأنّ كل مَسيلٍ يضيع ماؤه فلا يقع في مُجتَمع الماءِ فهو ظالم لمائه . وقال ابنُ شُمَيْل : النَّواصِرُ مُسايلُ المياه الواحدة ناصِرَة . وقال أبو حنيفة : النَّاصرُ والنَّاصِرة : ما جاء من مكانٍ بعيد إلى الوادي فَنَصَر السُّيول . والأَنْصَر : الأَقْلَف وهو مأخوذ من مادَّة النَّصارى لأنّهم قُلْفٌ ؛ قال الصَّاغانِيّ : وفي الأحاديث التي لا طُرُقَ لها : " لا يَؤُمَّنَّكُم أَنْصَرُ ولا أَزَنُّ ولا أَفْرَعُ " . الأَزَنُّ : الحاقِنُ والأفرع : المُوَسْوِس والأَنْصَر : الأَقْلَف . وبُخْتَ نَصَّر بالتشديد معروفٌ . قال الأصمعيّ : إنّما أصله بُوخْت ومعناه ابنٌ ونَصَّر كبَقَّم : صَنَم فأُعرِب . وقد نفى سيبويه هذا البِناء . وكان وُجِد عند الصنم ولم يُعرَف له أبٌ فنُسِب إليه . وقيل : بُخْتُ نَصّر أي ابن الصَّنم وهو الذي كان خَرَبَ القُدسَ عَمَرَه اللهُ تعالى . وَنَصْرُ بنُ قُعَيْن : أبو قبيلة من بني أسد قال أوسُ بن حَجَرٍ يُخاطبُ رجلاً من بني لُبَيْنى بن سعد الأسَديّ وكان قد هَجاه :
عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً ... فما ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفخرُ
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمينُها ... وأنتَ السَّهُ السُّفلى إذا دُعِيَتْ نَصْرُ وإنشادُ الجَوْهَرِيّ لرؤبة :
إنِّي وأسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا ... لَقائلٌ يا نَصْرُ نَصْرَاً نَصْرَاغَلَط هو مسبوقٌ إليه وفي بعض النسخ : وهو مسبوق فيه فإنّ سيبويه أَنْشَده كذلك وَنَسَبه إلى رؤبة وتَبِعَه أيضاً ابنُ القَطَّاع فأنشده هكذا ولكن لم يُعيِّن القائل قال الصَّاغانِيّ : وليس لرؤبة ومع هذا هو تَصحيفٌ والرِّواية :
" يا نَضْرُ نَضْرَاً نَضْرَا بالضادِ المُعجَمة . ونَضرٌ هذا هو حاجبُ نَصْر بن سَيَّار بالصادِ المُهملة . وبعدُه :
بَلَّغك اللهُ فبلِّغْ نَصْرَا ... نَصْرَ بن سَيَّارٍ يُثِبْني وَفْرَاهذا نصّ الصَّاغانِيّ في التكملة . قال شَيْخُنا : قلت كلامُه هو الغلط بل صَحَّحوه وحَقَّقوه كما في شروح الشواهدِ البغداديّة للرَّضِي والمُغني فلا التفاتَ لما للمُصنِّف . انتهى . قلت : وهذا تحامُلٌ من شيخنا في غيرِ محلِّه مع أنّ الحقَّ هنا مع المُصنِّف وهو قَلَّد غيره في الانتقاد . وأصاب . والبيت الذي ذكرناه بعد البيتِ السابق يُبيِّن مِصْداقَ ما ذهبَ إليه كما هو الظاهر فكيف يكون قولُ شيخنا لا التفاتَ لما للمُصنِّف ؟ وَلَيْتَهُ لَمَّا أحالَ على شروح الشواهد أتى ببعضِ ما يَرْفَع الشُّبْهة ويُبِت الحقَّ لمن روى بالصاد المهملة فتأمّل . والله أعلم . وإبراهيم بن نَصَرِ بنِ عَنْبَرٍ الضَّبِّيّ السَّمَرْقَنْدِيّ عن عليّ بن خَشْرَم الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن نَصَر البِسْطاميّ مُحرَّكتَيْن محدِّثان وولَدُ الأخير أبو محمد عَبْد الله بن محمد بن عَبْد الله بن نَصَر تفقَّه على المَحامِلِيّ ببغداد وسمع من أبي نَصْرٍ الإسماعيليّ توفّي سنة 452 قاله ابن ناصر وحفيدُه أبو الفتح محمد بن محمد بن عَبْد الله حَدَّث وقريبُه الإمام أبو شجاع عمر بن أبي عَبْد الله البَلْخيّ المُتوَفَّى سنة 562 ومن ولدِ أبي عَبْد الله البِسطاميّ أيضاً الإمامُ أبو شجاع البِسطاميّ حدّث وتُوفّي سنة 405 وهو الذي حكى عنه ابنُ ناصرٍ عن جدِّه قال ابن ناصر : وسألْتُ أهلَ بِسْطام فقالوا : إنّ هذا الاسمَ يعني بفتح الصاد معروفٌ عندنا نُسمِّي به كثيراً . قلت : وقد فات المُصنِّف : القاضي عطاءُ الله بن منصور بن نَصَرٍ الإسْكندرانيّ روى عن السِّلَفيّ إجازةً وقريبه القاضي جمال الدين محمد بن إبراهيم قال الذَّهبيّ : أجاز لنا . قلت : إبراهيم هذا هو ابن علي بن منصور بن نَصَر روى عن أبي الحسن بن البَنَّاء وعنه الدِّمْياطيّ وسعيد بن نَصَرٍ الذي روى ابن عبد البَرِّ وغيرُه المَوَطَّأَ من طَريقه . قال الحافظ : هكذا رأيته مضبوطاً بفتح الصاد . وأبو المنذر نُصَيْر كزُبَيْر بن أبي نُصَيْر النَّحْوِيّ تلميذُ الكِسائيّ جالَسَه وأخذ عنه النَّحْوَ والغريب سَمِعَ منه أبو الهيثم مُؤلَّفاته في اللُّغات ورواها عنه بِهَراة قاله الأَزْهَرِيّ في مقدّمة كتاب التهذيب . قلت : وأخذ عنه أيضاً أبو بكرٍ صالحُ بن شُعَيْب القاري كما رأيته بخطّ ابنِ فارس اللغويّ في سِياق سندِه على ظَهْرِ ديوان الهُذَلِيِّين . وَنَصَرةُ محرَّكةً : ة كان فيها فيما يقال الصالحون هكذا نقله الصَّاغانِيّ . وسَمَّوا نَصيراً كأمير وناصِراً ومَنْصُوراً ونَصَّاراً كشَدَّاد ونُصَيْراً كزُبَير ونَصْرَاً بالفتح ومُنْتَصِراً . والنَّاصِرِيَّة : ة من قرى سَفاقُسَ بأفريقية ومنها أبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن بن عليّ النَّاصِرِيّ لقيه السِّلَفيّ بالإسكندريّة وبها مات . وناصِرَة : ة بطَبَرِيَّة على ثلاثةَ عشرَ مِيلاً منها قاله الصَّاغانِيّ قيل : وإليها نُسِبت النَّصارى هكذا زعموا قاله الليث . ونقل الياقوت في معجمه : وكان فيها مَوْلِد المَسيح عليه السلام ومنها اشتُقَّ اسمُ النَّصارى وكان أَهْلُها عَيَّروا مَرْيَمَ فيزعمون أنّه لا يولَد بها بِكْر إلى هذه الغاية وأنّ لهم شجرة أُتْرُجٍّ على هَيْئَة النِّساء وللأُتْرُجَّة ثَدْيَانِ وما يُشبه اليدَيْن والرِّجْلَيْن . وموضِعُ الفَرْجِ مفتوح وأنّ أمرَ هذه القرية في النساءِ والأُتْرُجّ مُستَفيضٌ عندهم لا يدفعه دافعٌ وأهلُ بيتِ المَقدِس يَأْبَون ذلك ويزعمون أنّ المسيح إنّما وُلِد في بيت لَحْم وإنما انتقلت به أمُّه إلى هذه القرية . قال ياقوت : فأمّا نَصّ الإنْجيل فإنّ فيه أنّ عيسى وُلد في بيتِ لحم وخاف عليه يوسف زَوْجُ مريمَ من دهاءِ هارودس مَلِكُ المَجوس فأُريَ في مَنامه أن احْمِلْه إلى مصر... فأقام بمصر إلى أن مات هارودس . . فقدم به القدسَ . . فأُريَ في المنام أن انْطَلِقْ به إلى الخَليل فأتاها فَسَكَنَ مدينةً تُدعى ناصِرَة . وذُكرَ في الإنْجيل يَسوع النّاصريّ كثيراً والله أعلم . قال ابنُ دُرَيْد : النَّصارى منسوبون إلى نَصْرَانة وهي مَوْضِع هذا قول الأصمعيّ وقيل : هي ة بالشام ويقال لها ناصِرَة وهي التي طَبَرِيَّة وقد تقدّم عن الليث قال غيرُه : هي نَصُوريَة بفتح النون وتخفيفالتحتيَّة كما ضبطه الصَّاغانِيّ . ويقال فيها أيضاً : نَصْرَى بالفتح ونَصْرُونة يُنسَب إليها النَّصارى . قال ابنُ سِيدَه : هذا قولُ أهلِ اللُّغَة قال : وهو ضعيفٌ إلاّ أنّ نادرَ النَّسَبِ يسَعُه أو النَّصارى جمعُ نَصْرَانٍ كالنَّدامى جمع نَدْمَان ولكنهم حذفوا إحدى الياءَيْن كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأبدلوا مكانها ألفاً كما قالوا صَحارى وهذا مذهبُ الخليلِ ونقله سيبويه . أو النَّصارى جَمْعُ نَصْرِيٍّ كمَهْرِيٍّ وإبلٍ مَهارى فهي أقوال ثلاثة . والنَّصْرانِيَّة والنَّصْرانة واحدةُ النَّصارى . وأنشد أبو إسحاق لأبي الأَخْزَر الحِمّانيّ يصف ناقتَيْن طأَطَأَتا رؤوسهُما من الإعْياء فشبَّه رَأْسَ الناقةِ برأس النَّصْرانيَّة إذا طَأْطَأته في صلاتِها : كما ضبطه الصَّاغانِيّ . ويقال فيها أيضاً : نَصْرَى بالفتح ونَصْرُونة يُنسَب إليها النَّصارى . قال ابنُ سِيدَه : هذا قولُ أهلِ اللُّغَة قال : وهو ضعيفٌ إلاّ أنّ نادرَ النَّسَبِ يسَعُه أو النَّصارى جمعُ نَصْرَانٍ كالنَّدامى جمع نَدْمَان ولكنهم حذفوا إحدى الياءَيْن كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأبدلوا مكانها ألفاً كما قالوا صَحارى وهذا مذهبُ الخليلِ ونقله سيبويه . أو النَّصارى جَمْعُ نَصْرِيٍّ كمَهْرِيٍّ وإبلٍ مَهارى فهي أقوال ثلاثة . والنَّصْرانِيَّة والنَّصْرانة واحدةُ النَّصارى . وأنشد أبو إسحاق لأبي الأَخْزَر الحِمّانيّ يصف ناقتَيْن طأَطَأَتا رؤوسهُما من الإعْياء فشبَّه رَأْسَ الناقةِ برأس النَّصْرانيَّة إذا طَأْطَأته في صلاتِها :
فكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رَأْسُها ... كما أَسْجَدَت نَصْرَانةٌ لم تَحَنَّفِ فَنَصْرانةٌ تأنيث نَصْرَانٌ ولكن لم يستعمل نصران إلاّ بياءِ النَّسَب لأنّهم قالوا : رجلٌ نَصْرَانيٌّ وامرأةٌ نَصْرَانيّة قال ابنُ برِّي : قولُه : إنّ النَّصارى جمع نَصْرَانٍ ونَصْرَانةٍ إنما يريد بذلك الأصلَ دون الاستعمال وإنما المُستَعمَل في الكلام نَصْرَانيّ ونَصْرَانيّة بياءَيْ النَّسب وإنما جاءَ نَصْرَانة في البيت على جهة الضرورة . وأَسْجَد لغةٌ في سَجَدَ . والنَّصْرانِيَّةُ أيضاً دينُهم ومُعتَقَدُهم الذي يذهبون إليه ويقال : نَصْرَانيٌّ وأَنْصَارٌ يشير به أنّ أَنْصَاراً جمع نَصْرَانيٍّ بياءِ النَّسَب كما هو في سائر النسخ هكذا والصوابُ أنَّ أَنْصَاراً جمع نَصْرَانٍ بغير ياءِ النَّسَب كما هو في اللسان والتكملة . وذكر قولَ الشاعر :
" لمَّا رأيتُ نَبَطَاً أَنْصَارابمعنى النصارى . وَتَنَصَّر الرجلُ : دخلَ في النَّصْرَانِيَّة . وفي المُحكَم : في دينِهم . ونَصَّره تَنْصِيراً : جعله نَصْرَانيَّاً ومنه الحديث : " كلُّ مَوْلُودٍ يُولَد على الفِطرَةِ حتى يكون أبواه اللذان يُهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه " وانْتَصَر الرجلُ إذا امتنعَ من ظالمِه . قال الأَزْهَرِيّ : يكون الانتِصارُ من الظالم الانتِصافَ والانتِقام . وانْتَصَر منه : انتقَم . قال اللهُ تعالى مُخبِراً عن نوحٍ عليه السلام ودعائِه إيَّاه بأن يَنْصُره على قَوْمِه : " فانْتَصِرْ فَفَتَحنا " كأنّه قال لربه : انتَقِمْ منهم . وفي البصائر : وإنّما قال انتَصِر ولم يقل : انْصُر تَنبيهاً على أنّ ما يَلْحَقُني يَلْحَقُك من حيث إنّي جئتهم بأمرِك فإذا نَصَرْتني فقد انْتَصَرْتَ لنفَسِك . انتهى . وفي الكتاب العزيز أيضاً : " وَلَمَنِ انْتَصَرَ بعدَ ظُلْمِه " وقولِه عزَّ وجلَّ : " والذين إذا أصابَهُم البَغْيُ هم يَنْتَصِرون " قال ابنُ سِيدَه : إنْ قال قائل : أهمْ مَحْمُودون على انْتِصارِهم أم لا ؟ قيل : منْ لم يُسرِف ولم يُجاوِز ما أمرَ الله به فهو محمود . واسْتَنْصَرَه عَلَيْه أي على عدَوِّه إذا سَأَلَه أن يَنْصُره عليه . والمَنْصورة مفعولة من النَّصْر في عدَّة مواضِع منها : د بالسِّنْدِ إسْلاميّة وهي قَصَبَتُها مدينةٌ كبيرةٌ كثيرةُ الخَيْرات ذات جامعٍ كبيرٍ سَوارِيه ساجٌ ولهم خليجٌ من نهرِ مِهْران . قال حمزة : وهمناباذ : مدينةٌ من مدن السِّند سَمَّوها الآن المَنْصورة . وقال المَسْعودِيّ : سُمِّيت المنصورة بمنصور بن جُمْهُور الكلْبِيّ بناها وكان خرج مخالفاً لهارون وأقام بالسِّند . وقال المُهَلَّبيّ : سُمِّيت لأنّ عمرَ بن حفص الملقّب بهزار مرْد بناها في أيام المَنصور من بني العباس . . وفي أهلها مُروءة وصَلاح ودِين وتِجارات وهي شديدةُ الحرِّ كثيرة البَقِّ بينها وبين الدَّيْبُل ستُّ مراحل وبينها وبين المُلْتان اثنتا عشرة مرحلةً ومَلِكُهم قُرَشِيٌّ يقال إنّه من وَلدِ هَبَّار بن الأَسْوَد تغَلَّب عليها هو وأجداده يتَوارَثون بها المُلْك . منها المَنصورة : د بنواحي واسِط بالبَطِيحة عمَّرها مُهَذّب الدَّولة في أيام بَهاءِ الدولة بن عَضُد الدولة وأيام القادر بالله وقد خَرِبَت ورُسومها باقية . منها المنصورة وهي اسمُ خُوارِزْم القديمة التي كانت على شَرقيّ جُيْحُون ومقابل الجُرْجانيّة مدينة خُوارزم اليوم أخذها الماءُ حتى انتقل أهلها بحيث هم اليوم . منها المنصورة : د قُربَ القَيْروان من نواحي إفريقية اسْتَحْدَثها المنصور بن القائم بن المَهْدِيّ الخارِج بالمَغْرِب سنة 337 وعمَّر أسواقها واستوطَنَها ثم صارت منزلاً لملوك بين باديس فخَرَّبها العربُ بُعَيْد سنة 442 فكانت هي فيما خربتْ هذه يقال لها المنصورِيَّة أيضاً خاصّةً بالنِّسْبَة قيل سُمِّيت بالمَنصور بنِ يوسف ابنِ زيري بن مناد جدّ بني باديس . منها المنصورة : د ببلاد الدَّيْلَم هكذا في سائر النسخ وهو غلطٌ وصوابُه : ببلاد اليمن كما حقَّقه ياقوت وغيرُه وهي بين الجَنَد ونَقيل الحمراء وكان أوّل من أسَّسَها سيف الإسلام طُغْتَكِين بن أيُّوب وأقام بها إلى أن مات بها فقال شاعره الآميّ :
أَحْسَنَتْ في فِعالِها المَنْصورَهْ ... وأقامَتْ لنا من العَدْلِ صُورَهْ
رامَ تَشْيِيدها العزيزُ فاعْطَتْ ... هُ إلى وَسْطِ قَبْرِهِ دُسْتورَهْمنها المنصورة : د بينَ القاهرة ودِمْياط أَنْشَأها الملكُ الكاملُ بن الملك العادل بن أيُّوب في حدود سنة 616 ورابط بها في وَجْهِ الفِرنج لمّا ملَكوا دِمْياط ولم يَزَلْ بها في عساكر وأعانه أخواه الأشرف والمعظّم حتى استنقذ دِمْياط في رجب سنة 618 وقد دَخَلْتُها مِراراً وهي مدينةٌ حسنةٌ ذات أسواقٍ وفَنادقَ وحَمّامات ومنها الشِّهاب المَنصوريّ الشاعر المُجوّد أحدُ الشُّهُب السبعة ومن العجب أنَّ كُلاًّ منها بناها مَلِكٌ عظيمٌ في جلالِ سلطانه وعُلُوّ شانِه وسَمَّاها المَنْصورة تَفاؤلاً بالنَّصْرِ والدَّوام فخَرِبَتْ جَميعُها وانْدَرَسَتْ وتَعَفَّت رُسومُها وانْدَحَضَت . قلت : وقد فات المُصنِّف المَنْصوريَّة وهي قرية كبيرةٌ عامرةٌ بالجِيزة من مصر وقد دخلتُها وسكَنَتْها العُرْبان . والمَنْصوريَّة : قريةٌ عامرةٌ باليمن مَسْكَن السادة بني بَحْر من بني القديميّ وقد وَردتُها مِراراً وبيتُ رِياسَتها بنو قاسم بن حَسَن بن قاسم الأكبر قيل : إنّهم من ذُرِّيَّة الحارِث بن عبد المُطَّلِب بن هاشم . وبَنو ناصرٍ وبنو نَصْرٍ : بَطْنَان الأخير هم بنو نَصْر بن مُعاوية بن هَوازن . أبو سعيد عبد الرحمن بنُ حَمْدَان النَّيْسابوريّ من طبقةِ البَرْقانيّ مشهورٌ سَمِعَ منه عبد الغَفَّار الشِّيرويّ ومحمد بن عليّ بن محمد بن نَصْرَوَيْه النَّيْسابوريّ المؤدب - النَّصْرَوِيان مُحَدِّثان - روى عن ابنِ خُزَيْمة مات سنة 379 . والنَّصْرِيُّون جماعةٌ من المُحَدِّثين منسوبون إلى الجدّ وإلى نَصْرَة محَلَّةٍ من مَحالّ بغداد الغربيّة متصلة بدارِ الشَّيْبانيّ النَّصْرِيّ وأخوه عبد الواحد شيخُ شُهْدَة حَدَّثا وعبد الباقي بن محمد الأنصاريّ والد قاضي المارسْتان وأحمد بن الحسين بن قُرَيْش النَّصْريّ مات سنة 510 وعبد المحسن بن علي الشِّيحيّ النَّصْريّ أحد الرَّحَّالة وعبد الملك بن مَواهب النَّصْرِيّ وأحمد بن عليّ بن داوود النَّصْريّ وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عيسى النَّصْريّ والإمام تَقِيّ الدين عثمان بن الصَّلاح عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي النَّصْر النَّصْريّ الشَّهْرَزُورِيّ وأبو الحسن أحمد بن محمد بن يوسف بن نَصْر النَّصْريّ الجُرْجانيّ المُؤذِّن وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن يوسف بن نصر النَّصْريّ الأصْبهانيّ السِّمْسار شيخ السِّلَفيّ مُحَدِّثون . والنُّصْرَة بالضمّ ابنُ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيُّوب له روايةٌ وسَماعٌ حدَّث ؛ ويقال له نُصْرَة الدين واسمُه إبراهيم وقد ذَكَرَه الحافظ في التَّبْصير ولم يُعيِّن اسمَه وإخوتُه ثمانيةَ عَشَرَ نَفْسَاً وكلّهم ممّن سَمِعَ الحديث وقد جمعْتُهم في كُرّاسةٍ لطيفة . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : نَصَرَ البلادَ يَنْصُرها : أتاها عن ابن الأعرابيّ . ونصَرْتُ أرضَ بني فلان : أي أَتَيْتُها قال الراعي يُخاطبُ إبلاً :
إذا دَخَلَ الشَّهرُ الحَرامُ فَوَدِّعي ... بلادَ تَميمٍ وانْصُري أَرْضَ عامرِأي اقْصِديها وائتيها قاله أبو عَمْرُو . وفي الحديث : " كلُّ المُسلِمِ عن المُسلِم مُحَرَّمٌ أَخَوَان نَصيران " أي هما أَخَوَان يَتَنَاصَران وَيَتَعاضَدان . والنَّصير فَعيلٌ بمعنى فاعل أو مفعول لأنّ كلَّ واحدٍ من المُتَناصِرَيْن ناصرٌ ومنصورٌ . وسُمِّي المطرُ نَصْرَاً ونُصْرَةً كما سُمِّي فَتْحَاً وهو مجاز . والنَّصْر : العَطاء . ووقف سائلٌ على القوم فقال : انْصُروني نَصَرَكم الله . أي أَعْطُوني أعطاكم الله . وَنَصَره يَنْصُره : أَعْطَاه وهو مجاز . والنّصائر : العَطايا . وَنَصَره اللهُ تعالى : رَزَقَه وهذه عن ابنِ القَطَّاع . والمُسْتَنْصِرُ بالله أبو جعفر المنصور باني المُسْتَنْصِرِيَّة ببغداد وجدُّه الناصِرُ لدين الله . والنَّصير الطُّوسيّ كأَمير : فيلسوف مشهور أحد أعوان هُلاكو . والنَّصير ابن الطَّبَّاخ من أئمَّةِ الشافعيَّةِ بمصر شرح التنبيه . والنصير الحَمّاميّ الشاعر المُحسِن بمصر . ونَصيرُ الدين محمودٌ الحَبَشِيّ الأَوْدِيّ المعروف بجراغ دهْلِي : أحد الأولياء المَشهورين توفِّي بدِهْلِي سنة 757 وعنه أخذ السيّد شرف الدين مَخْدُوم جهانيان ؛ ونَصّار بن حَرْبَ المِسْمَعيّ كشَدّاد عن ابن مَهْدِيّ وعنه ابن زياد النَّيْسابوريّ . ومالك بن عوف النَّصْريّ قائد هَوازن يوم حُنَيْن ثم أسلم ؛ وَطَلْحة بن عَمْرُو النَّصْريّ من أهل الصُّفَّة . ومالك بن أوسِ بن الحدثان النَّصْريّ له صُحبَة ولحفيده زُفَرَ بن رثيمة بن مالكٍ رواية ؛ وعبد الواحد بن عَبْد الله النَّصْريّ عن واثِلَة بن الأَسْقع وإسحاق بن عَبْد الله بن إسحاق النَّصْريّ الجُرْجانيّ الحَنفيّ عن دَعْلَج وطبقته . وَدَرْبُ نُصَيْرٍ كزُبَيْر ببغداد وإليه يُنسَب الإمام أبو مَنْصُور الخَيْرُونيّ كذا ذكره البِلْبيسيّ . والنَّاصِرِيَّة : مَحَلَّةٌ بمصر . والنُّصَيْرِيَّة بالتَّصغير : طائفةٌ من الزَّنادقة مشهورة يقولون بأُلوهية عليٍّ تعالى الله عُلوَّاً كبيراً . والحسن بن مُعاوية بن موسى بن نُصَيْر النُّصَيْرِيّ حدّث عن عليّ بن رَباح وجدّه موسى بن نُصَيْر هو الذي فتح بلادَ الأندلس . وبنو ناصِرَة : قَبيلةٌ بالطائف ويُذكَرون مع بجلة . والناصِرِيّة : اسمُ بِجايَة وهي مدينةٌ على ساحلِ البحر بين إفريقية والمَغرِب اخْتَطَّها النَّاصِرُ بنِ عِلْناس بن حمّاد بن زيري وهي في لِحْفِ جَبَلٍ شاهق وفي قِبْلَتِها جبالٌ بينها وبين الجزائر أربعة أيام كانت قاعدةَ مُلكِ بني حَمّاد