النَّعِيمُ
والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة كله الخَفْض والدَّعةُ والمالُ وهو ضد
البَأْساء والبُؤْسى وقوله عز وجل ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما
جاءته يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي صلى الله عليه
وسلم وقوله تعالى
النَّعِيمُ
والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة كله الخَفْض والدَّعةُ والمالُ وهو ضد
البَأْساء والبُؤْسى وقوله عز وجل ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما
جاءته يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي صلى الله عليه
وسلم وقوله تعالى ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم أي تُسْأَلون يوم القيامة عن
كل ما استمتعتم به في الدنيا وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ
وأَشُدٍّ حكاه سيبويه وقال النابغة فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ فإنَّ له
عندي يُدِيّاً وأَنْعُما والنُّعْم بالضم خلافُ البُؤْس يقال يومٌ نُعْمٌ ويومٌ
بؤُْْسٌ والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً
وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما نَعِمَ
يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ ولغة رابعة نَعِمَ يَنْعِم بالكسر فيهما وهو شاذ
والتنَعُّم الترفُّه والاسم النِّعْمة ونَعِمَ الرجل يَنْعَم نَعْمةً فهو نَعِمٌ
بيّن المَنْعَم ويجوز تَنَعَّم فهو ناعِمٌ ونَعِمَ يَنْعُم قال ابن جني نَعِمَ في
الأصل ماضي يَنْعَمُ ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من
يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُم فحدث هنالك لغةٌ ثالثة فإن قلت فكان يجب على هذا
أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة وهي
نَعُم يَنْعَم قيل منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً وليس كذلك نَعِمَ
فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم فاحتمل خِلاف مضارعِه وفَعُل لا يحتمل
مضارعُه الخلافَ فإن قلت فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ
ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل ؟ قيل هذا
طريقُه غير طريق ما قبله فإما أن يكون يَنْعِم بكسر العين جاء على ماضٍ وزنه فعَل
غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن
وَذَرَ ووَدَعَ وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ أَو يكون فَعِل في هذا
داخلاً على فَعُل أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل
وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه ونَعَّمَ أَولادَه رَفَّهَهم
والنَّعْمةُ بالفتح التَّنْعِيمُ يقال نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم وفي الحديث
كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه ؟ أي كيف أَتَنَعَّم من النَّعْمة
بالفتح وهي المسرّة والفرح والترفُّه وفي حديث أَبي مريم دخلتُ على معاوية فقال ما
أَنْعَمَنا بك ؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا وإنما يقال ذلك
لمن يُفرَح بلقائه كأنه قال ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك
ورؤيتك والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ
المُتْرَفةُ ومنه الحديث إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ قال وقوله ما
أَنْعَمَ العَيْشَ لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ تنْبُو الحوادِثُ عنه وهو مَلْمومُ إنما
هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم
هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب وإن لم يك
منه فِعْلٌ فتَفهَّمْ ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ
ومُتناعِمٌ سواء قال الأَعشى وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا كأَنه ذرى أُقْحُوانٍ
نَبْتُه مُتناعِمُ والتَّنْعيمةُ شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق ولا
تنبت إلى على ماء ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ وثوبٌ ناعِمٌ ليِّنٌ ومنه
قول بعض الوُصَّاف وعليهم الثيابُ الناعمةُ وقال ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً
ونِسْوَةً عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك والنِّعْمةُ اليدُ
البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك ونِعْمةُ الله بكسر
النون مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه
كالسَّمْع والبصَر والجمعُ منهما نِعَمٌ وأَنْعُمٌ قال ابن جني جاء ذلك على حذف
التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع ومثله كثير ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ
الإتباعُ لأَهل الحجاز وحكاه اللحياني قال وقرأَ بعضهم أَن الفُلْكَ تجرِي في
البَحْرِ بنِعَمات الله بفتح العين وكسرِها قال ويجوز بِنِعْمات الله بإسكان العين
فأَما الكسرُ
( * قوله « فأما الكسر إلخ » عبارة التهذيب فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات ومن
أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع الكسرة كسات ومن قرأ إلخ ) فعلى مَنْ جمعَ
كِسْرَةً كِسِرات ومَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات وهو أَكثر في
الكلام من نِعِمات الله بالكسر وقوله عز وجل وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً
وباطنةً
( * قوله وقوله عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم » هكذا
في الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما ) قال الجوهري والنُّعْمى كالنِّعْمة فإن
فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء والنَّعيمُ مثلُه وفلانٌ واسعُ النِّعْمةِ أي
واسعُ المالِ وقرأَ بعضهم وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً فمن قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ
ما أَنعم به عليهم قال الفراء قرأَها ابن عباس
( * قوله « قرأها ابن عباس إلخ » كذا بالأصل ) نِعَمَه وهو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد
قال شاكراً لأَنعُمِه فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن نِعَمَه جائز ومَنْ قرأَ
نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده هذا قول الزجاج وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم
بها عليه قال ابن عباس النِّعمةُ الظاهرةُ الإسلامُ والباطنةُ سَتْرُ الذنوب وقوله
تعالى وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك
قال الزجاج معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام ومعنى إنْعام النبي صلى
الله عليه وسلم عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ وقوله تعالى وأَمّا بِنِعْمةِ
ربِّك فحدِّثْ فسره ثعلب فقال اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك وقوله
تعالى ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ يقول ما أَنت بإنْعامِ الله عليك
وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون وقوله تعالى يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم
يُنْكِرونها قال الزجاج معناه يعرفون أَن أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم حقٌّ ثم
يُنْكِرون ذلك والنِّعمةُ بالكسر اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً
ونِعْمةً أُقيم الاسمُ مُقامَ الإنْعام كقولك أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً
بمعنى واحد وأَنْعَم أَفْضل وزاد وفي الحديث إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ
عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء وإنَّ أبا بكر
وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا رضي الله عنهما ويقال قد أَحْسَنْتَ إليَّ
وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ وقيل معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما
يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ ومعنى قولهم أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ
إليه نِعْمةً وتقول أَنْعَم اللهُ عليك من النِّعْمة وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك من
النُّعُومةِ وقولهُم عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم
بالكسر كما تقول كُلْ من أَكلَ يأْكلُ فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً ونَعِمَ
اللهُ بك عَيْناً ونَعَم ونَعِمَك اللهُ عَيْناً وأَنْعَم اللهُ بك عَيْناً أَقرَّ
بك عينَ من تحبّه وفي الصحاح أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه أَنشد ثعلب أَنْعَم
اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ سِلِ والحاملِ الرسالَة عَيْنا الرسولُ هنا الرسالةُ ولا
يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ فإن لم
يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ وهو عيب قال الجوهري ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً
نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً وفي حديث مطرّف لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن
الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً قال الزمخشري
الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف
والباء للتعدية والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها وقد
يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً وأَمَّا أَنْعَمَ
اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن الهمزة كافية في التعدية تقول نَعِمَ زيدٌ
عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم
فيُعدَّى بالباء قال ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا
الكلام عن الفاعل فاستعظمه تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً كما يقولون
نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً والباء للتعدية فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ
بك عيناً كذلك ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد عن ثعلب أي
يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه وزاد اللحياني ويَنْعُمُهم عيناً وزاد الأَزهري
ويُنْعمُهم وقال أَربع لغات ونُعْمةُ العين قُرَّتُها والعرب تقول نَعْمَ ونُعْمَ
عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ
ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك
وإنْعاماً بعَينِك وما أَشبهه قال سيبويه نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك
إظهارهُ وفي الحديث إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه فإن وافقَ قولٌ
عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً يتكلّم في العلم
بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه فإن
رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي
قُرَّةَ عينٍ يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك واتّباع أمرك ونَعِمَ العُودُ اخضرَّ
ونَضَرَ أنشد سيبويه واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ لا يَنْعَمُ العُودُ
حتى يَنْعَم الورَقُ
( * قوله « من لحو » في المحكم من لحق واللحق الضمر )
وقال الفرزدق وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا
يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ فمن قال الأَضيافُ بالرفع أراد تَنْعَم الأَضيافُ
عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها ومن قال تَنْعَم الأَضيافَ فمعناه تَنْعَم
هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً فحذفَ وأَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ
تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة
معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة وقيل إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان فهي لذلك لا تخاف
أن تُعْقَر ولا تُنْحَر ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت
تخاف العَقْرَ والنحر وحكى اللحياني يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني وأَنشد
عن الكسائي صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ قال
ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه والمذكر منه نَعْمٌ ويجمع أَنْعُماً
والنَّعامةُ معروفةٌ هذا الطائرُ تكون للذكر والأُنثى والجمع نَعاماتٌ ونَعائمُ
ونَعامٌ وقد يقع النَّعامُ على الواحد قال أبو كَثْوة ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ
زَوْزَأَةً لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا والنَّعامُ أَيضاً بغير هاء
الذكرُ منها الظليمُ والنعامةُ الأُنثى قال الأَزهري وجائز أَن يقال للذكر نَعامة
بالهاء وقيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ والعرب تقول
أَصَمُّ مِن نَعامةٍ وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت ويقولون أَشمُّ مِن
هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح قال الراجز أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ ويقولون
أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ ومُوقها تركُها بيضَها وحَضْنُها بيضَ
غيرها ويقولون أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من نَعامةٍ ويقال ركب فلانٌ جَناحَيْ
نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره ويقال للمُنْهزِمين أَضْحَوْا نَعاماً ومنه قول بشر
فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار فكانوا غَداةَ لَقُونا نَعامَا وتقول العرب للقوم إذا
ظَعَنوا مسرعين خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ نَعامَتُهم وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي
استَمر بهم السيرُ ويقال للعَذارَى كأنهن بَيْضُ نَعامٍ ويقال للفَرَس له ساقا
نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها ومن أَمثالهم مَن
يَجْمع بين الأَرْوَى والنَّعام ؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن
النعام السُّهولةُ فهما لا يجتمعان أَبداً ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك ما
أَنت إلا نَعامةٌ يَعْنون قوله ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً تُعاظِمُه إذا ما
قيل طِيري وإنْ قيل احْمِلي قالت فإنِّي من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور ويقولون
للذي يَرْجِع خائباً جاء كالنَّعامة لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ
تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين وفي ذلك يقول بعضهم أو
كالنَّعامةِ إذ غَدَتْ من بَيْتِها لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ فاجْتُثَّتِ
الأُذُنان منها فانْتَهَتْ هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ ومن أَمثالهم أنْتَ
كصاحبة النَّعامة وكان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ
فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ من كان
يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ
فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها
أَحْرَزَتْ ولا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق
بغير الثِّقةِ والنَّعامة الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما
القامة وهي البَكَرة فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ وقال أَبو الوليد
الكِلابي إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان قال والمعترضة عليهما هي العَجَلة
والغَرْب مُعَلَّقٌ بها قال الأزهري وتكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما
الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأرض أحدهما من هذا الجانب والآخر من
ذاك الجنب يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض
أو حجرين ضخمين وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين والنَّعامتانِ
المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة وقال اللحياني النَّعامتان الخشبتان
اللتان على زُرْنوقَي البئر الواحدة نَعامة وقيل النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر
تَقوم عليها السَّواقي والنَّعامة صخرة ناشزة في البئر والنَّعامة كلُّ بناء
كالظُّلَّة أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز وقيل كل بناء على الجبل
كالظُّلَّة والعَلَم والجمع نَعامٌ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة بِهنَّ نَعامٌ
بَناها الرجا لُ تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا
( * قوله « بناها » هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا والذي في
مادة نفض تذكيره ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك )
وروى الجوهري عجزه تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا قال والنَّفائضُ من الإبل
وقال آخر لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي
والمشهور من شعره لا ظِلَّ في رَيْدِها وشرحه ابن بري فقال النَّعامة ما نُصب من
خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة والهَزيم المتكسر وبعد هذا البيت بادَرْتُ قُلَّتَها
صَحْبي وما كَسِلوا حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق والنَّعامة الجِلْدة التي
تغطي الدماغ والنَّعامة من الفرس دماغُه والنَّعامة باطن القدم والنَّعامة الطريق
والنَّعامة جماعة القوم وشالَتْ نَعامَتُهم تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم
ودَرَسَتْ طريقتُهم وولَّوْا وقيل تَحَوَّلوا عن دارهم وقيل قَلَّ خَيْرُهم
وولَّتْ أُمورُهم قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا
فخالني دونه بل خِلْتُه دوني ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا
قد شالت نعامتهم وفي حديث ابن ذي يَزَنَ أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم
النعامة الجماعة أَي تفرقوا وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ اشْرَبْ
هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا وأَنشد
لآخر إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ
أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ
والنَّعامة الظُّلْمة والنَّعامة الجهل يقال سكَنَتْ نَعامتُه قال المَرّار
الفَقْعَسِيّ ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ نَعامتُه وأَبْغَضَ ما أَقولُ
اللحياني يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل وأَراكةٌ نَعامةٌ
طويلة وابن النعامة الطريق وقيل عِرْقٌ في الرِّجْل قال الأَزهري قال الفراء سمعته
من العرب وقيل ابن النَّعامة عَظْم الساق وقيل صدر القدم وقيل ما تحت القدم قال
عنترة فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه وابنُ النَّعامةِ عند ذلك مَرْكَبِي
فُسِّر بكل ذلك وقيل ابن النَّعامة فَرَسُه وقيل رِجْلاه قال الأزهري زعموا أَن
ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله وابن النعامة يوم ذلك مَرْكَبي
وابن النَعامة الساقي الذي يكون على البئر والنعامة الرجْل والنعامة الساق والنَّعامة
الفَيْجُ المستعجِل والنَّعامة الفَرَح والنَّعامة الإكرام والنَّعامة المحَجَّة
الواضحة قال أَبو عبيدة في قوله وابن النعامة عند ذلك مركبي قال هو اسم لشدة
الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة وإنما ذلك كقولهم به داء الظَّبْي وجاؤوا على بَكْرة
أَبيهم وليس ثم داء ولا بَكرة قال ابن بري وهذا البيت أَعني فيكون مركبكِ لِخُزَزَ
بن لَوْذان السَّدوسيّ وقبله كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ إنْ كنتِ شائلَتي
غَبُوقاً فاذْهَبي لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ
لَوْنِ الأَجْرَبِ إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ
إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي ويكون
مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ وابنُ النَّعامة يوم ذلك مَرْكَبِي وقال هكذا ذكره
ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود وقال ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان
السَّدوسي والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد قال وتروى الأبيات أَيضا لعنترة
قال والنَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا
البيت في كتابه
( * قوله « في كتابه » هو الأغاني كما بهامش الأصل ) وإن لم يكن الغرض في هذا
الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا
أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود
وأَسَروني أَنا فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا وقال ابنُ
النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف
المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس
منهزماً مولياً هارباً وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه فأَيُّ حالة أَسوأُ
من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً ؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها
وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله والنَّعَم واحد
الأَنعْام وهي المال الراعية قال ابن سيده النَّعَم الإبل والشاء يذكر ويؤنث
والنَّعْم لغة فيه عن ثعلب وأَنشد وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ وحَوْمُ
النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول والجمع أَنعامٌ وأَناعيمُ جمع الجمع قال ذو الرمة
دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ وقال
ابن الأَعرابي النعم الإبل خاصة والأَنعام الإبل والبقر والغنم وقوله تعالى
فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم قال ينظر إلى الذي
قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها قال الأَزهري دخل في النعم ههنا الإبلُ
والبقرُ والغنم وقوله عز وجل والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ
قال ثعلب لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل
ذلك وأما قول الله عز وجَل وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في
بطونه فإن الفراء قال الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم والنَّعَم تذكر وتؤنث ولذلك
قال الله عز وجل مما في بطونه وقال في موضع آخر مما في بطونها وقال الفراء النَّعَم
ذكر لا يؤَنث ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ والعرب إذا أَفردت النَّعَم
لم يريدوا بها إلا الإبل فإذا قالوا الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم قال
الله عز وجل ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله ( الآية ) ثم قال
ثمانية أَزواج أي خلق منها ثمانية أَزواج وكان الكسائي يقول في قوله تعالى نسقيكم
مما في بطونه قال أَراد في بطون ما ذكرنا ومثله قوله مِثْل الفراخ نُتِفَتْ
حَواصِلُهْ أي حواصل ما ذكرنا وقال آخر في تذكير النَّعَم في كلّ عامٍ نَعَمٌ
يَحْوونَهُ يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت
( * قوله « إذا ذكرت » الذي في التهذيب كثرت ) الأَنعام والأَناعيم والنُّعامى
بالضم على فُعالى من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها قال أَبو
ذؤيب مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ ريحا وروى
اللحياني عن أَبي صَفْوان قال هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا والنَّعامُ
والنَّعائمُ من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ أَربعة صادرٌ وأَربعة واردٌ قال
الجوهري كأنها سرير مُعْوجّ قال ابن سيده أَربعةٌ في المجرّة وتسمى الواردةَ
وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ قال الأَزهري النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر
والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ وهي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة
وهي شاميّة ويقال لها النَّعام أَنشد ثعلب باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه إلا
المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ النَّعامُ ههنا النَّعائمُ من النجوم وقد ذكر
مستوفى في ترجمة بيض ونُعاماكَ بمعنى قُصاراكَ وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ
زاد وأَنْعَم فيه بالَغ قال سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه لَيْلةً وأَنْعَمَ
أبكارُ الهُمومِ وعُونُها الضَّواحي ما بدا من جَسدِه لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ
الهموم وعُونُها وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة وأَبكار الهموم ما فجَأَك
وعُونُها ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها
وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد وفي حديث صلاة الظهر فأَبردَ بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي
أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة ومنه قولهم أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ
الفِكْرةَ فيه وقوله فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ من ذلك أَيضاً أَي لم
تُبالِغْ في الطلوع ونِعْمَ ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه
الألفُ واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام وهو مع ذلك دالٌّ على معنى
الجنس قال أَبو إسحق إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ فقد قلتَ
استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ
الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ وحكى سيبويه أَن من العرب من يقول نَعْمَ
الرجلُ في نِعْمَ كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل ولا
تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً كقولك نِعْم
الرجل زيد فهذا هو المُظهَر ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر وقال ثعلب حكايةً
عن العرب نِعْم بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً وحكى أَيضاً مررْت بقومٍ نِعْم
قوماً ونِعْمَ بهم قوماً ونَعِمُوا قوماً ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني
أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين ولا الزيدون نِعْموا رجالاً قال الأزهري إذا
كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ أَبداً وإن كانت فيه
الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً وذلك قولك نِعْم رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ
ونَصَبتَ رجلاً على التمييز ولا تَعْملُ نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ إنما تَعْمَلانِ
في اسم منكورٍ دالٍّ على جنس أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس الجوهري نِعْم
وبئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال
بمعنى الماضي فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ وفيهما أَربع لغات نَعِمَ بفتح أَوله وكسر
ثانيه ثم تقول نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول نِعْمَ
بكسر النون وسكون العين ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني وتترك الأَوَّل مفتوحاً
فتقول نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين وتقول نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم
المرأَةُ هندٌ وإن شئت قلت نِعْمتِ المرأَةُ هند فالرجل فاعلُ نِعْمَ وزيدٌ يرتفع
من وجهين أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه والثاني أن يكون خبر مبتدإِ
محذوفٍ وذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل قيل لك مَنْ هو ؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك
ذلك فقلت هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ والخبر إذا عرف المحذوف
هو زيد وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف واللام مرفوعاً
وفسّرته بقولك رجلاً لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف واللام
أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام ويراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد أو
نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا يتصل بهما الضميرُ لا تقول نِعْمَ زيدٌ
ولا الزيدون نِعْموا وإن أَدخلت على نِعْم ما قلت نِعْمَّا يَعِظكم به تجمع بين
الساكنين وإن شئت حركت العين بالكسر وإن شئت فتحت النون مع كسر العين وتقول
غَسَلْت غَسْلاً نِعِمّا تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته وقالوا
إن فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء تأْنيث
كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة وفي الحديث مَن توضَّأَ يومَ
الجمعة فبها ونِعْمَت ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل قال ابن الأثير أَي ونِعْمَت
الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي فحذف المخصوص بالمدح والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي
فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة يعني الوضوءَ يُنالُ الفضلُ وقيل هو راجع إلى
السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك قال الجوهري تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في
الوقف قال ذو الرمة أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة دَعائمَ الزَّوْرِ
نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ وقالوا نَعِم القومُ كقولك نِعْم القومُ قال طرفة ما
أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ هكذا أَنشدوه
نَعِمَ بفتم النون وكسر العين جاؤوا به على الأَصل ولم يكثر استعماله عليه وقد روي
نِعِمَ بكسرتين على الإتباع ودقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ قال
الأَزهري ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت وزِدت ويقال ناعِمْ حَبْلَك
وغيرهَ أَي أَحكمِه ويقال إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ وتَنَعَّمَه
بالمكان طلَبه ويقال أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني وأَقمتُ بها
وتَنَعَّمَ مَشَى حافياً قيل هو مشتق من النَّعامة التي هي الطريق وليس بقويّ وقال
اللحياني تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم أتاهم
مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة قال تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ
وليلةٍ فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه
حافياً خطوات وقوله تعالى إن تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي ومثلُه إنَّ الله
نِعِمّا يَعِظكم به قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا بكسر
النون وجزم العين وتشديد الميم وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا بفتح النون وكسر
العين وذكر أَبو عبيدة
( * قوله « وذكر أَبو عبيدة » هكذا في الأصل بالتاء وفي التهذيب وزاده على
البيضاوي أبو عبيد بدونها ) حديث النبي صلى عليه وسلم حين قال لعمرو بن العاص
نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح وأَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية
قال ابن الأَثير أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم وشدَّد وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ
كأَنه قال نِعْمَ شيئاً المالُ والباء زائدة مثل زيادتها في كَفَى بالله حسِبياً
حسِيباً ومنه الحديث نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح قال ابن الأثير وفي
نِعْمَ لغاتٌ أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين ثم فتح النون وكسر العين ثم كسرُهما
وقال الزجاج النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين ويقولون إن هذه
الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة وروي عن عاصم أَنه قرأَ فنِعِمَّا بكسر النون
والعين وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة والأصل في
نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات وما في تأْويل الشيء في نِعِمّا المعنى نِعْمَ
الشيءُ قال الأزهري إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل فالمعنى نِعْمَ شيئاً
وبئس شيئاً فعَل وكذلك قوله إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به معناه نِعْمَ شيئاً
يَعِظكم به والنُّعْمان الدم ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان وشقائقُ
النُّعْمانِ نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم ونُعْمانُ بنُ المنذر مَلكُ العرب نُسب
إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه قال أَبو عبيدة إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة
النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم أَبو عمرو من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ
والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ الفراء قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ
ونَعَمْتُها
( * قوله « ونعمتها » كذا بالأصل بالتخفيف وفي الصاغاني بالتشديد ) ومَصَلْتها
( * قوله « ومصلتها » كذا بالأصل والتهذيب ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد
والمصول ) أي كَنسْتها وهي المِحْوَقةُ والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ المِكْنَسة
وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ كلها مواضع قال ابن بري وقول الراعي
صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ الأَنْعَمين اسم
موضع قال ابن سيده والأَنْعمان موضعٌ قال أَبو ذؤيب وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى
الراعي صبا صبوةً بَلْ لجَّ وهو لجوجُ وزالت له بالأَنعمين حدوجُ وهما نَعْمانانِ
نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو وادي عرفة ونَعْمانُ الغَرْقَد
بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ ونَعْمانُ اسم جبل بين مكة والطائف وفي حديث ابن
جبير خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ عليه السلام بِنَعْمان
السَّحابِ نَعْمانُ جبل بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه
ونَعْمانُ بالفتح وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات قال عبد الله ابن نُمَير
الثَّقَفِيّ تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ أنْ مَشَتْ به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ
عَطرات ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ وقال خُلَيْد أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ
ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ والتَّنْعيمُ مكانٌ بين مكة والمدينة وفي التهذيب
بقرب من مكة ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير من شُعرائهم حكاه ابن الأَعرابي وناعِمٌ
ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ
( * قوله « ومنعم » هكذا ضبط في الأصل والمحكم وقال القاموس كمحدّث وضبط في الصاغاني
كمكرم وقوله « وأنعم » قال في القاموس بضم العين وضبط في المحكم بفتحها وقوله «
ونعمى » قال في القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي ) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ
وتَنْعُمُ كلهن أَسماءٌ والتَّناعِمُ بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن
عَتِيك وبَنو نَعامٍ بطنٌ ونَعامٌ موضع يقال فلانٌ من أَهل بِرْكٍ ونَعامٍ وهما
موضعان من أطراف اليَمن والنَّعامةُ فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد وفيها
يقول قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ أي
بَعْدَ حِيالٍ والنَّعامةُ أَيضاً فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى وناعِمةُ اسمُ
امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه
فأَكلته فقَتلَها فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة
ويَنْعَمُ حَيٌّ من اليمن ونَعَمْ ونَعِمْ كقولك بَلى إلا أن نَعَمْ في جواب
الواجب وهي موقوفة الآخِر لأنها حرف جاء لمعنى وفي التنزيل هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ
ربُّكم حَقّاً قالوا نَعَمْ قال الأزهري إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ
فيه قال وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً وربما ناقَضَ بَلى إذا قال ليس لك
عندي ودِيعةٌ فتقول نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ وفي حديث قتادة عن رجل من
خثْعَم قال دَفَعتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بِمِنىً فقلت أنتَ الذي
تزعُم أنك نَبيٌّ ؟ فقال نَعِمْ وكسر العين هي لغة في نَعَمْ وكسر العين وهي لغة
في نَغَمْ بالفتح التي للجواب وقد قرئَ بهما وقال أَبو عثمان النَّهْديّ أمرَنا
أميرُ المؤمنين عمرُ رضي الله عنه بأمر فقلنا نَعَمْ فقال لا تقولوا نَعَمْ وقولوا
نَعِمْ بكسر العين وقال بعضُ ولد الزبير ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلاَّ
نَعِمْ بكسر العين وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد كتبَ على سَهمٍ
نَعَمْ وعلى آخر لا وأَجالهما عند هُبَل فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد فلما قال
لِعُمر أُعْلُ هُبَلُ وقال عمر اللهُ أَعلى وأَجلُّ قال أَبو سفيان أنعَمتْ فَعالِ
عنها أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ وقول الطائي
تقول إنْ قلتُمُ لا لا مُسَلِّمةً لأَمرِكُمْ ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما قال ابن
جني لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية
لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً
ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية فيفتح للإطلاق كما حرَّك بعضُهم
لالتقاء الساكنين بالفتح فقال قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ
من النِّعْمة وذلك أن نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما
للحَمْد ولا بضِدِّها ألا ترى إلى قوله وإذا قلتَ نَعَمْ فاصْبِرْ لها بنَجاحِ
الوَعْد إنَّ الخُلْف ذَمّْ وقول الآخر أَنشده الفارسي أبى جُودُه لا البُخْلِ
واسْتَعْجَلتْ به نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله
( * قوله « لا يمنع الجوع قاتله » هكذا في الأصل والصحاح وفي المحكم الجوس قاتله
والجوس الجوع والذي في مغني اللبيب لا يمنع الجود قاتله وكتب عليه الدسوقي ما نصه
قوله لا يمنع الجود فاعل يمنع عائد على الممدوح والجود مفعول ثان وقاتله مفعول أول
ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده
لا يحرم ذلك الشخص بل يصله اه تقرير دردير )
يروى بنصب البخل وجرِّه فمن نصبه فعلى ضربين أحدهما أن يكون بدلاً من لا لأن لا
موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ والآخر أن تكون لا زائدة والوجه
الأَول أعني البدلَ أَحْسَن لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ ونَعمْ لا تزاد فكذلك ينبغي
أَن تكون لا ههنا غير زائدة والوجه الآخر على الزيادة صحيح ومَن جرَّه فقال لا
البُخْلِ فبإضافة لا إليه لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً ألا
ترى أَنه لو قال لك الإنسان لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ
فقلتَ أَنت لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً
أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين ونَعَّم الرجلَ قال
له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك
حكاه ابن جني وأَنعَم له أي قال له نعَمْ ونَعامة لَقَبُ بَيْهَسٍ والنعامةُ اسم
فرس في قول لبيد تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ
( * قوله « وتحجل والخبال » هكذا في الأصل والصحاح وفي القاموس في مادة خبل
بالموحدة وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله
تكاثر قرزل والجون فيها ... وعجلى والنعامة والخيال
فبالمثناة التحتية ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل )
وأَبو نَعامة كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ ويكنى أَبا محمد أَيضاً قال ابن بري أَبو
نَعامة كُنْيَتُه في الحرب وأَبو محمد كُنيته في السِّلم ونُعْم بالضم اسم امرأَة
معنى
في قاموس معاجم
العَمَى ذهابُ البَصَر كُلِّه وفي الأزهري من
العَيْنَيْن كِلْتَيْهِما عَمِيَ يَعْمَى عَمًى فهو أَعْمَى واعمايَ يَعْمايُ
( * وقد تشدد الياء كما في القاموس )
اعْمِياءَ وأَرادوا حَذْوَ ادْهامَّ يَدْهامُّ ادْهِيماماً فأَخْرَجُوه على لفْظٍ
صحيح وكان في ا
العَمَى ذهابُ البَصَر كُلِّه وفي الأزهري من
العَيْنَيْن كِلْتَيْهِما عَمِيَ يَعْمَى عَمًى فهو أَعْمَى واعمايَ يَعْمايُ
( * وقد تشدد الياء كما في القاموس )
اعْمِياءَ وأَرادوا حَذْوَ ادْهامَّ يَدْهامُّ ادْهِيماماً فأَخْرَجُوه على لفْظٍ
صحيح وكان في الأصل ادْهامَمَ فأَدْغَمُوا لاجْتماع المِيمَين فَلما بَنَوا
اعْمايَا على أَصل ادهامَمَ اعتمدت الياءُ الأَخيرة على فَتْحَةِ الياء الأُولى
فصارت أَلِفاً فلما اختلفا لم يكن للإدْغامِ فيها مَساغٌ كمساغِه في المِيمين
ولذلك لم يَقولوا اعمايَّ فلان غير مستعمل وتَعَمَّى في مَعْنى عَمِيَ وأَنشد
الأخْفَش صَرَفْتَ ولم نَصْرِف أَواناً وبادَرَتْ نُهاكَ دُموعُ العَيْنِ حَتَّى
تَعَمَّت وهو أَعْمَى وعَمٍ والأُنثى عَمْياء وعَمِية وأَما عَمْية فَعَلى حدِّ
فَخْذٍ في فَخِذٍ خَفَّفُوا مِيم عَمِيَة قال ابن سيده حكاه سيبويه قال الليث رجلٌ
أَعْمَى وامْرَأَةٌ عَمْياء ولا يقع هذا النَّعْتُ على العينِ الواحِدَة لأن
المعنى يَقَعُ عليهما جميعاً يقال عَمِيتْ عَيْناهُ وامرأتانِ عَمْياوانِ ونساءٌ
عَمْياواتٌ وقومٌ عُمْيٌ وتَعامى الرجلُ أَي أَرَى من نفسه ذلك وامْرَأَةٌ عَمِيةٌ
عن الصواب وعَمِيَةُ القَلْبِ على فَعِلة وقومٌ عَمُون وفيهم عَمِيَّتُهم أَي
جَهْلُهُم والنِّسْبَة إلى أَعْمَى أَعْمَويٌّ وإلى عَمٍ عَمَوِيٌّ وقال الله عز
وجل ومَن كان في هذه أَعْمَى فهُو في الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً قال الفراء
عَدَّدَ الله نِعَم الدُّنْيا على المُخاطَبين ثم قال من كان في هذه أَعْمَى
يَعْني في نِعَم الدُّنْيا التي اقْتَصَصْناها علَيكم فهو في نِعَمِ الآخرة
أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً قال والعرب إذا قالوا هو أَفْعَلُ مِنْك قالوه في كلِّ
فاعل وفعِيلٍ وما لا يُزادُ في فِعْلِه شيءٌ على ثَلاثة أَحْرُفٍ فإذا كان على
فَعْلَلْت مثل زَخْرَفْت أَو على افْعَلَلت مثل احْمَرَرْت لم يقولوا هو أَفْعَلُ
منكَ حتى يقولوا هو أَشدُّ حُمْرَةً منك وأَحسن زَخْرفةً منك قال وإنما جازَ في
العَمَى لأنه لم يُرَدْ به عَمَى العَيْنَينِ إنما أُرِيد والله أَعلم عَمَى
القَلْب فيقال فلانٌ أَعْمَى من فلان في القَلْبِ ولا يقال هو أَعْمَى منه في
العَيْن وذلك أَنه لمَّا جاء على مذهب أَحَمَر وحَمْراءَ تُرِك فيه أَفْعَلُ منه
كما تُرِكَ في كَثيرٍ قال وقد تَلْقى بعض النحويين يقولُ أُجِيزُه في الأَعْمَى
والأَعْشَى والأَعْرَج والأَزْرَق لأَنَّا قد نَقُول عَمِيَ وزَرِقَ وعَشِيَ
وعَرِجَ ولا نقول حَمِرَ ولا بَيضَ ولا صَفِرَ قال الفراء ليس بشيء إنما يُنْظر في
هذا إلى ما كان لصاحبِهِ فِعْلٌ يقلُّ أَو يكثُر فيكون أَفْعَلُ دليلاً على
قِلَّةِ الشيء وكَثْرَتِه أَلا تَرَى أَنك تقولُ فلان أَقْوَمُ من فلانٍ وأََجْمَل
لأَنَّ قيام ذا يزيدُ على قيام ذا وجَمالَهُ يزيدُ على جَمالِه ولا تقول للأَعْمَيَيْن
هذا أَعْمَى من ذا ولا لِمَيِّتَيْن هذا أَمْوتُ من ذا فإن جاء شيءٌ منه في شعر
فهو شاذٌّ كقوله أَمَّا المُلوك فأَنت اليومَ أَلأَمُهُمْ لُؤْماً وأَبْيَضُهم
سِرْبالَ طَبَّاخِ وقولهم ما أَعْماهُ إنما يُراد به ما أَعْمَى قَلْبَه لأَنَّ
ذلك ينسبُ إليه الكثيرُ الضلالِ ولا يقال في عَمَى العيونِ ما أَعْماه لأَنَّ ما
لا يَتزَيَّد لا يُتَعَجَّب منه وقال الفراء في قوله تعالى وهُوَ عَلَيْهِم عَمًى
أُولئك يُنادَوْنَ من مكانٍ بَعيدٍ قرأَها ابنُ عباس رضي الله عنه عَمٍ وقال أَبو
معاذ النحويّ من قرأَ وهُو علَيهم عَمًى فهو مصدرٌ يقا هذا الأمرُ عَمًى وهذه
الأُمورُ عَمًى لأَنه مصدر كقولك هذه الأُمور شُبْهَةٌ ورِيبةٌ قال ومن قرأَ عَمٍ
فهو نَعْتٌ تقول أَمرٌ عَمٍ وأُمورٌ عَمِيَةٌ ورجل عَمٍ في أَمرِه لا يُبْصِره
ورجل أَعْمَى في البصر وقال الكُمَيت أَلا هَلْ عَمٍ في رَأْيِه مُتَأَمِّلُ ومثله
قول زهير ولكِنَّني عَنْ عِلْمِ ما في غَدٍ عَمٍ والعامِي الذي لا يُبْصرُ طَريقَه
وأَنشد لا تَأْتِيَنِّي تَبْتَغِي لِينَ جانِبي بِرَأْسِك نَحْوي عامِيًا
مُتَعاشِيَا قال ابن سيده وأَعْماه وعَمَّاهُ صَيَّره أَعْمَى قال ساعدة بنُ
جُؤيَّة وعَمَّى علَيهِ المَوْتُ يأْتي طَريقَهُ سِنانٌ كعَسْراء العُقابِ
ومِنْهَب
( * قوله « وعمى الموت إلخ » برفع الموت فاعلاً
كما في الاصول هنا وتقدم لنا ضبطه في مادة عسر بالنصب والصواب ما هنا وقوله ويروى
وعمى عليه الموت بابي طريقه يعني عينيه إلخ هكذا في الأصل والمحكم هنا وتقدم لنا
في مادة عسر أيضاً ويروى يأبى طريقه يعني عيينة والصواب ما هنا )
يعني بالموت السنانَ فهو إذاً بدلٌ من الموت ويروى وعَمَّى عليه الموت بابَيْ
طَريقه يعني عَيْنَيْه ورجل عَمٍ إذا كان أَعْمَى القَلْبِ ورجل عَمِي القَلْب أَي
جاهلٌ والعَمَى ذهابُ نَظَرِ القَلْبِ والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصّفةِ
إلاَّ أَنه لا يُبْنَى فِعْلُه على افْعالَّ لأَنه ليس بمَحسوسٍ وإنما هو على
المَثَل وافْعالَّ إنما هو للمَحْسوس في اللَّوْنِ والعاهَةِ وقوله تعالى وما
يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصير ولا الظُّلُماتُ ولا النُّورُ ولا الظِّلُّ ولا
الحَرُورُ قال الزجاج هذا مَثَل ضَرَبه اللهُ للمؤمنين والكافرين والمعنى وما
يَسْتَوي الأَعْمَى عن الحَق وهو الكافِر والبَصِير وهو المؤمن الذي يُبْصِر
رُشْدَهُ ولا الظُّلماتُ ولا النورُ الظُّلماتُ الضلالات والنورُ الهُدَى ولا
الظلُّ ولا الحَرورُ أَي لا يَسْتَوي أَصحابُ الحَقِّ الذينَ هم في ظلٍّ من الحَقّ
ولا أَصحابُ الباطِلِ الذين هم في حَرٍّ دائمٍ وقول الشاعر وثلاثٍ بينَ اثْنَتَينِ
بها يُرْ سلُ أَعْمَى بما يَكيِدُ بَصيرَا يعني القِدْحَ وجَعَله أَعْمى لأَنه لا
بَصَرَ لَهُ وجعله بصيراً لأَنه يُصَوِّب إلى حيثُ يَقْصد به الرَّامِي وتَعامَى
أَظْهَر العَمَى يكون في العَين والقَلب وقوله تعالى ونَحشُرُه يومَ القيامة
أَعْمَى قيلٍ هو مثْلُ قوله ونحشرُ المُجْرِمِينَ يومئذٍ زُرْقًا وقيل أَعْمَى عن
حُجَّته وتأْويلُه أَنَّه لا حُجَّة له يَهْتَدي إلَيْها لأَنه ليس للناس على الله
حجةٌ بعد الرسُل وقد بَشَّر وأَنْذَر ووَعَد وأَوْعَد وروي عن مجاهد في قوله تعالى
قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وقد كُنْتُ بصيراً قال أَعْمَى عن الحُجَّة وقد
كنتُ بصيراً بها وقال نَفْطَوَيْه يقال عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه وعَمِيَ عليه
طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ لِطَرِيقه ورجلٌ عمٍ وقومٌ عَمُونَ قال وكُلَّما ذكرَ
الله جل وعز العَمَى في كتابه فَذَمَّه يريدُ عَمَى القَلْبِ قال تعالى فإنَّها لا
تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى القُلوبُ التي في الصدورِ وقوله تعالى صُمٌّ
بُكْمٌ عُمْيٌ هو على المَثَل جَعَلهم في ترك العَمَل بما يُبْصِرُون ووَعْي ما
يَسْمعُون بمنزلة المَوْتى لأَن ما بَيّن من قدرتِه وصَنعته التي يَعْجز عنها
المخلوقون دليلٌ على وحدانِيَّته والأعْمِيانِ السَّيْلُ والجَمَل الهائِجُ وقيل
السَّيْلُ والحَرِيقُ كِلاهُما عن يَعقوب قال الأَزهري والأَعْمَى الليلُ
والأَعْمَى السَّيْلُ وهما الأَبهمانِ أَيضاً بالباء للسَّيْلِ والليلِ وفي الحديث
نَعُوذُ بالله مِنَ الأَعْمَيَيْن هما السَّيْلُ والحَريق لما يُصيبُ من
يُصيبانِهِ من الحَيْرَة في أَمرِه أَو لأَنهما إذا حَدَثا ووَقَعا لا يُبْقِيان موضِعاً
ولا يَتَجَنَّبانِ شيئاً كالأَعْمَى الذي لا يَدْرِي أَينَ يَسْلك فهو يَمشِي حيث
أَدَّته رجْلُه وأَنشد ابن بري ولما رَأَيْتُك تَنْسَى الذِّمامَ ولا قَدْرَ
عِنْدَكَ للمُعْدِمِ وتَجْفُو الشَّرِيفَ إذا ما أُخِلَّ وتُدْنِي الدَّنيَّ على
الدِّرْهَمِ وَهَبْتُ إخاءَكَ للأَعْمَيَيْن وللأَثْرَمَيْنِ ولَمْ أَظْلِمِ
أُخِلَّ من الخَلَّة وهي الحاجة والأَعْمَيانِ السَّيْل والنارُ والأَثْرَمان
الدهْرُ والموتُ والعَمْيَاءُ والعَمَايَة والعُمِيَّة والعَمِيَّة كلُّه
الغَوايةُ واللَّجاجة في الباطل والعُمِّيَّةُ والعِمِّيَّةُ الكِبرُ من ذلك وفي
حديث أُم مَعْبَدٍ تَسَفَّهُوا عَمايَتَهُمْ العَمايةُ الضَّلالُ وهي فَعالَة من
العَمَى وحكى اللحياني تَرَكْتُهم في عُمِّيَّة وعِمِّيَّة وهو من العَمَى وقَتيلُ
عِمِّيَّا أَي لم يُدْرَ من قَتَلَه وفي الحديث مَنْ قاتَلَ تحتَ راية عِمِّيَّة
يَغْضَبُ لعَصَبَةٍ أَو يَنْصُرُ عَصَبَةً أَو يَدْعو إلى عَصَبَة فقُتِلَ قُتِلَ
قِتْلَةً جاهلِيَّةً هو فِعِّيلَةٌ من العَماء الضَّلالِة كالقتالِ في
العَصَبِيّةِ والأَهْواءِ وحكى بعضُهم فيها ضَمَّ العَيْن وسُئل أَحْمدُ بن
حَنْبَل عَمَّنْ قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ قال الأَمرُ الأَعْمَى للعَصَبِيَّة لا
تَسْتَبِينُ ما وجْهُه قال أَبو إسحق إنما مَعنى هذا في تَحارُبِ القَوْمِ وقتل
بعضهم بعضاً يقول مَنْ قُتِلَ فيها كان هالكاً قال أَبو زيد العِمِّيَّة الدَّعْوة
العَمْياءُ فَقَتِيلُها في النار وقال أَبو العلاء العَصَبة بنُو العَمِّ
والعَصَبيَّة أُخِذَتْ من العَصَبة وقيل العِمِّيَّة الفِتْنة وقيل الضَّلالة وقال
الراعي كما يَذُودُ أَخُو العِمِّيَّة النَّجدُ يعني صاحبَ فِتْنَةٍ ومنه حديث
الزُّبَير لئلا يموتَ مِيتَةَ عِمِّيَّةٍ أَي مِيتَةَ فِتْنَةٍ وجَهالَةٍ وفي
الحديث من قُتِلَ في عِمِّيّاً في رَمْيٍ يكون بينهم فهوخطأٌ وفي رواية في
عِمِّيَّةٍ في رِمِّيًّا تكون بينهم بالحجارة فهو خَطَأٌ العِمِّيَّا بالكسر
والتشديد والقصر فِعِّيلى من العَمَى كالرِّمِّيَّا من الرَّمْي والخِصِّيصَى من
التَّخَصُّصِ وهي مصادر والمعنى أَن يوجَدَ بينهم قَتِيلٌ يَعْمَى أَمرُه ولا
يَبِينُ قاتِلُه فحكمُه حكْمُ قتيلِ الخَطَإ تجب فيه الدِّية وفي الحديث الآخر
يَنزُو الشيطانُ بينَ الناس فيكون دَماً في عَمياء في غَير ضَغِينَة أَي في
جَهالَةٍ من غير حِقْدٍ وعَداوة والعَمْياءُ تأْنيثُ الأَعْمَى يُريدُ بها الضلالة
والجَهالة والعماية الجهالة بالشيء ومنه قوله تَجَلَّتْ عماياتُ الرِّجالِ عن
الصِّبَا وعَمايَة الجاهِلَّيةِ جَهالَتها والأعماءُ المَجاهِلُ يجوز أن يكون
واحدُها عَمىٌ وأَعْماءٌ عامِيَةٌ على المُبالَغة قال رؤبة وبَلَدٍ عَامِيةٍ
أَعْماؤهُ كأَنَّ لَوْنَ أَرْضِه سَماؤُهُ يريد ورُبَّ بَلَد وقوله عامية
أَعْماؤُه أَراد مُتَناهِية في العَمَى على حدِّ قولِهم ليلٌ لائلٌ فكأَنه قال
أَعْماؤُه عامِيَةٌ فقدَّم وأَخَّر وقلَّما يأْتون بهذا الضرب من المُبالَغ به إلا
تابعاً لِما قَبْلَه كقولهم شغْلٌ شاغلٌ وليلٌ لائلٌ لكنه اضْطُرَّ إلى ذلك فقدَّم
وأَخَّر قال الأَزهري عامِيَة دارِسة وأَعْماؤُه مَجاهِلُه بَلَدٌ مَجْهَلٌ وعَمًى
لا يُهْتدى فيه والمَعامِي الأَرَضُون المجهولة والواحدة مَعْمِيَةٌ قال ولم
أَسْمَعْ لها بواحدةٍ والمعامِي من الأَرَضين الأَغْفالُ التي ليس بها أَثَرُ عِمارَةٍ
وهي الأَعْماءُ أَيضاً وفي الحديث إنَّ لنا المَعامِيَ يُريدُ الأَراضِيَ المجهولة
الأَغْفالَ التي ليس بها أَثَرُ عِمارةٍ واحدُها مَعْمًى وهو موضِع العَمَى
كالمَجْهَلِ وأَرْضٌ عَمْياءُ وعامِيةٌ ومكانٌ أَعْمَى لا يُهْتَدَى فيه قال
وأَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي وماءٍ صَرىً عافِي الثَّنايا كأَنَّه من الأَجْنِ
أَبْوالُ المَخاضِ الضوارِبِ عَمٍ شَرَكَ الأَقْطارِ بَيْني وبَيْنَه مَرَارِيُّ
مَخْشِيّ به المَوتُ ناضِب قال ابن الأَعرابي عَمٍ شَرَك كما يقال عَمٍ طَريقاً
وعَمٍ مَسْلَكاً يُريدُ الطريقَ ليس بيّن الأَثَر وأَما الذي في حديث سلمان سُئِلَ
ما يَجِلُّ لنا من ذمّتِنا ؟ فقال من عَماك إلى هُداكَ أَي إذا ضَلَلْتَ طريقاً
أَخَذْتَ منهم رجُلاً حتى يَقِفَكَ على الطريق وإنما رَخّص سَلْمانُ في ذلك لأَنَّ
أَهلَ الذمَّة كانوا صُولِحُوا على ذلك وشُرِطَ عليهم فأَما إذا لم يُشْرَط فلا
يجوزُ إلاَّ بالأُجْرَة وقوله من ذِمَّتِنا أَي من أَهلِ ذِمَّتِنا ويقال لقيته في
عَمايَةِ الصُّبحِ أَي في ظلمته قبل أن أَتَبَيَّنَه وفي حديث أَبي ذرّ أَنه كان
يُغِيرُ على الصِّرْمِ في عَمايةِ الصُّبْحِ أَي في بقيَّة ظُلمة الليلِ ولقِيتُه
صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى أَي في أَشدَّ الهاجِرَةِ حَرّاً وذلك أَن
الظَّبْيَ إذا اشتَدَّ عليه الحرُّ طَلَبَ الكِناسَ وقد بَرَقَتْ عينُه من بياضِ
الشمسِ ولَمعانِها فيَسْدَرُ بصرُه حتى يَصُكَّ بنفسِه الكِناسَ لا يُبْصِرُه وقيل
هو أَشدُّ الهاجرة حرّاً وقيل حين كادَ الحَرُّ يُعْمِي مِن شدَّتِه ولا يقال في
البرْد وقيل حين يقومُ قائِمُ الظَّهِيرة وقيل نصف النهار في شدَّة الحرّ وقيل
عُمَيٌّ الحَرُّ بعينه وقيل عُمَيٌّ رجلٌ من عَدْوانَ كان يُفتي في الحجِّ فأَقبل
مُعْتَمِرًا ومعه ركبٌ حتى نَزَلُوا بعضَ المنازل في يومٍ شديدِ الحَرِّ فقال
عُمَيٌّ من جاءتْ عليه هذه الساعةُ من غَدٍ وهو حرامٌ لم يَقْضِ عُمْرَتَه فهو
حرامٌ إلى قابِلٍ فوثَبَ الناسُ يَضْرِبون حتى وافَوُا البيتَ وبَينهم وبَينَه من
ذلك الموضِع ليلتانِ جوادان فضُرِبَ مَثلاً وقال الأزهري هو عُمَيٌّ كأَنه تصغيرُ
أَعْمى قال وأَنشد ابن الأعرابي صَكَّ بها عَيْنَ الظَّهِيرة غائِراً عُمَيٌّ ولم
يُنْعَلْنَ إلاّ ظِلالَها وفي الحديث نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن
الصلاة نصفَ النهار إذا قام قائم الظهيرة صَكَّةَ عُمَيٌّ قال وعُمَيٍّ تصغير
أَعْمى على التَّرْخيم ولا يقال ذلك إلا في حَمارَّة القَيْظِ والإنسان إذا خَرَج
نصفَ النهارِ في أَشدّ الحرِّ لم يَتَهَيّأْ له أَن يَمْلأَ عينيه من عَين الشمس
فأَرادُوا أَنه يصيرُ كالأَعْمَى ويقال هو اسم رجلٍ من العَمالِقةِ أَغارَ على
قومٍ ظُهْراً فاسْتَأْصَلَهم فنُسِبَ الوقتُ إِليه وقولُ الشاعر يَحْسَبُه
الجاهِلُ ما كان عَمَى شَيْخاً على كُرْسِيِّهِ مُعَمَّمَا أَي إِذا نظَرَ إِليه
من بعيد فكأَنَّ العَمَى هنا البُعْد يصف وَطْبَ اللَّبن يقول إِذا رآه الجاهلُ من
بُعْدٍ ظَنَّه شيخاً معَمَّماً لبياضه والعَماءُ ممدودٌ السحابُ المُرْتَفِعُ وقيل
الكثِيفُ قال أَبو زيد هو شِبهُ الدُّخانِ يركب رُؤوس الجبال قال ابن بري شاهِدُه
قولُ حميدِ بن ثورٍ فإِذا احْزَأَلا في المُناخِ رأَيتَه كالطَّوْدِ أَفْرَدَه
العَماءُ المُمْطِرُ وقال الفرزدق ووَفْراء لم تُخْرَزْ بسَيرٍ وكِيعَة غَدَوْتُ
بها طبّاً يَدِي بِرِشائِها ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه كنَجْمِ
الثُّرَيَّا أَسْفَرَتْ من عَمائِها ويروى إِذْ بَدَتْ من عَمائها وقال ابن سيده
العَماء الغَيْمُ الكثِيفُ المُمْطِرُ وقيل هو الرقِيقُ وقيل هو الأَسودُ وقال
أَبو عبيد هو الأَبيض وقيل هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّعَ
الجِفَالِ واحدتُه عماءةٌ وفي حديث أَبي رَزين العُقَيْلي أَنه قال للنبي صلى الله
عليه وسلم أَين كان ربُّنا قبلَ أَن يخلق السمواتِ والأَرضَ ؟ قال في عَماءٍ
تَحْتَه هَواءٌ وفَوْقَه هَواءٌ قال أَبو عبيد العَماء في كلام العرب السحاب قاله
الأَصمعي وغيرُه وهو ممدودٌ وقال الحرث بن حِلِّزَة وكأَنَّ المنون تَرْدِي بنا
أَعْ صم صمٍّ يَنْجابُ عنه العَماءُ يقول هو في ارتفاعه قد بلَغ السحابَ فالسحابُ
يَنْجابُ عنه أَي ينكشف قال أَبو عبيد وإِنما تأَوَّلْنا هذا الحديث على كلام
العرب المَعْقُول عنهم ولا نَدْري كيف كان ذلك العَماءُ قال وأَما العَمَى في
البَصَر فمقصور وليس هو من هذا الحديث في شيء قال الأَزهري وقد بلَغَني عن أَبي
الهيثم ولم يعْزُه إِليه ثقةٌ أَنه قال في تفسير هذا الحديث ولفظِه إِنه كان في
عمًى مقصورٌ قال وكلُّ أَمرٍ لا تدرِكه القلوبُ بالعُقولِ فهو عَمًى قال والمعنى
أَنه كان حيث لا تدْرِكه عقولُ بني آدمَ ولا يَبْلُغُ كنهَه وصْفٌ قال الأَزهري
والقولُ عندي ما قاله أَبو عبيد أَنه العَماءُ ممدودٌ وهو السحابُ ولا يُدْرى كيف
ذلك العَماء بصفةٍ تَحْصُرُه ولا نَعْتٍ يحدُّه ويُقَوِّى هذا القولَ قولُه تعالى
هل يَنْظُرون إِلا أَن يأْتِيَهُم الله في ظُلَلٍ من الغَمام والملائكة والغَمام
معروفٌ في كلام العرب إِلا أَنَّا لا ندْري كيف الغَمامُ الذي يأْتي الله عز وجل
يومَ القيامة في ظُلَلٍ منه فنحن نُؤْمن به ولا نُكَيِّفُ صِفَتَه وكذلك سائرُ
صِفاتِ الله عز وجل وقال ابن الأَثير معنى قوله في عَمًى مقصورٌ ليسَ مَعَه شيءٌ
قال ولا بد في قوله أَين كان ربنا من مضاف محذوف كما حزف في قوله تعالى هل ينظرون
إِلا أَن يأْتيهم الله ونحوه فيكون التقدير أَين كان عرش ربّنا ويدلّ عليه قوله
تعالى وكانَ عرْشُه على الماء والعَمايَةُ والعَماءَة السحابَةُ الكثِيفة
المُطْبِقَةُ قال وقال بعضهم هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّع
الجَفْل
( * قوله « هو الذي إلخ » اعاد الضمير إلى السحاب المنويّ لا إلى السحابة )
والعربُ تقولُ أَشدُّ بردِ الشِّتاء شَمالٌ جِرْبِياء في غبِّ سَماء تحتَ ظِلِّ
عَماء قال ويقولون للقِطْعة الكَثِيفة عَماءةٌ قال وبعضٌ ينكرُ ذلك ويجعلُ العماءَ
اسْماً جامعاً وفي حديث الصَّوْم فإِنْ عُمِّيَ عَلَيكُمْ هكذا جاء في رواية قيل
هو من العَمَاء السَّحابِ الرقِيقِ أَي حالَ دونَه ما أَعْمى الأَبْصارَ عن
رُؤيَتِه وعَمَى الشيءُ عَمْياً سالَ وعَمى الماءُ يَعْمِي إِذا سالَ وهَمى
يَهْمِي مثله قال الأَزهري وأَنشد المنذري فيما أَقرأَني لأَبي العباس عن ابن
الأَعرابي وغَبْراءَ مَعْمِيٍّ بها الآلُ لم يَبِنْ بها مِنْ ثَنَايا
المَنْهَلَيْنِ طَريقُ قال عَمَى يَعْمي إِذا سالَ يقول سالَ عليها الآلُ ويقال
عمَيْتُ إِلى كذا وكذا أَعْمِي عَمَياناً وعطِشْت عَطَشاناً إِذا ذَهَبْتَ إِليه
لا تُريدُ غيره غيرَ أَنَّك تَؤُمُّه على الإِبْصار والظلْمة عَمَى يَعْمِي وعَمَى
الموجُ بالفتح يَعْمِي عَمْياً إِذا رَمى بالقَذى والزَّبَدِ ودَفَعَه وقال الليث
العَمْيُ على مِثالِ الرَّمْي رفعُ الأَمْواج القَذَى والزَّبَد في أَعالِيها
وأَنشد رَها زَبَداً يَعْمي به المَوْجُ طامِيا وعَمى البَعِيرُ بلُغامه عَمْياً
هَدَرَ فرمَى به أَيّاً كان وقيل رَمى به على هامَته وقال المؤرج رجلٌ عامٍ رامٍ
وعَماني بكذا وكذا رماني من التُّهَمَة قال وعَمى النَّبْتُ يَعْمِي واعْتَمَّ
واعْتَمى ثلاثُ لغاتٍ واعْتَمى الشيءَ اخْتاره والاسم العِمْيَة قال أَبو سعيد
اعْتَمَيْتُه اعْتِماءً أَي قَصَدته وقال غيره اعْتَمَيته اختَرْته وهو قَلب
الاعْتِيامِ وكذلك اعتَمْته والعرب تقول عَمَا واللهِ وأَمَا واللهِ وهَمَا والله
يُبْدِلون من الهمزة العينَ مرَّة والهاءَ أُخْرى ومنهم من يقول غَمَا والله
بالغين المعجمة والعَمْو الضلالُ والجمع أَعْماءٌ وعَمِيَ عليه الأَمْرُ الْتَبَس
ومنه قوله تعالى فعَمِيَتْ عليهمُ الأَنباء يومئذٍ والتَّعْمِيَةُ أَنْ تُعَمِّيَ
على الإِنْسانِ شيئاً فتُلَبِّسَه عليه تَلْبِيساً وفي حديث الهجرة لأُعَمِّيَنَّ
على مَنْ وَرائي من التَّعْمِية والإِخْفاء والتَّلْبِيسِ حتى لا يَتبعَكُما أَحدٌ
وعَمَّيتُ معنى البيت تَعْمِية ومنه المُعَمَّى من الشِّعْر وقُرئَ فعُمِّيَتْ
عليهم بالتشديد أَبو زيد تَرَكْناهُم عُمَّى إِذا أَشْرَفُوا على الموت قال
الأَزهري وقرأْت بخط أَبي الهيثم في قول الفرزدق غَلَبْتُك بالمُفَقِّئ
والمُعَمَّى وبَيْتِ المُحْتَبي والخافِقاتِ قال فَخَر الفرزدق في هذا البيت على
جرير لأَن العرب كانت إِذا كان لأَحَدهم أَلفُ بعير فقأَ عينَ بعيرٍ منها فإِذا
تمت أَلفان عَمَّاه وأَعْماه فافتخر عليه بكثرة ماله قال والخافقات الرايات ابن
الأَعرابي عَمَا يَعْمو إِذا خَضَع وذَلَّ ومنه حديث ابنِ عُمر مَثَلُ المُنافق
مَثَلُ الشاةِ بينَ الرَّبيضَيْنِ تَعْمُو مَرَّةً إِلى هذه ومَرَّةً إِلى هذه
يريد أَنها كانت تَمِيلُ إِلى هذه وإِلى هذه قال والأَعرف تَعْنُو التفسير
للهَرَويِّ في الغريبَين قال ومنه قوله تعالى مُذَبْذَبينَ بينَ ذلك والعَمَا
الطُّولُ يقال ما أَحْسَنَ عَما هذا الرجُلِ أَي طُولَه وقال أَبو العباس سأَلتُ
ابنَ الأَعرابي عنه فعَرَفه وقال الأَعْماءُ الطِّوال منَ الناسِ وعَمايَةُ جَبَلٌ
من جبال هُذَيْلٍ وعَمايَتانِ جَبَلان معروفان