الأفْقُ بالضَّمِّ وبضَمَّتَيْنِ كعُسْرِ وعسر : الناحِية ج : آفاق قال اللّه تَعالى : " وهوَ بالأفقِ الأَعْلَى " وقال عز وجلَ : " سَنرِيهِم آياتِنا في الآفاقِ وقد جَمعَ رُؤبة بينَ اللغتَيْنِ :
" ويغتَزي مِنْ بعْدِ أفْق أفُقَا
قال شيخنا : وذَكَرُوا في الأفق بالضمَ أَنه استُعمِلَ مفرَداً وجَمْعا كالفُلك كما في النهاية قلت : وبه فُسِّر بَيتُ العباس رضِي اللهُ عنهُ يمدح النبيَّ صلى الله عليه وسلم :
وأنتَ لما ولِدتَ أَشرَقَتِ ال ... أرض وضاءت بنورِكَ الأفقُ ويقال : إِنَّه إنما أَنثَ الأفُقَ ذَهاباً إلى الناحِيَةِ كما أَنِّثَ جَرِير السُّورَ في قولِه :
لما أَتَى خبرُ الزبيرِ تَضَعضَعَتْ ... سور المَدِينَة والجِبالُ الخُشَّعُ أَو الأفُقُ : ما ظَهَرَ من نَواحِي الفَلك وأَطْراف الأرْضِ . أو الأفق : مَهَبُّ الرِّياح الأرْبَعَة : الجنوبِ والشّمالِ والدَبَورِ والصِّبا . والأفق : ما بَيْن الزِّرَّينِ المقَدمَين في رُواقِ البَيتِ . وأفق البَيت من بُيوتِ الأعْراب : نَواحِيه ما دُونَ سَمْكِه . وهو أَفَقِيّ بفَتْحَتَينِ لمن كانَ من آفاق الأَرضِ حكاه أَبو نَصر كما في الصّحاح قالَ الأَزْهَرِي : وهو عَلَى غَيْرِ قِياسٍ وقالَ الجَوهَرِي : بعضُهم يَقولُ : أفُقيٌّ بضَمَّتَيْنِ وهو القِياس قالَ شيخنا : النسَبُ للفرد هو الأصلُ في القَواعِدِ وبقي قول الفقهَاء في الحَج ونحوه آفاقي هل يصِحّ قِياساً على أنصاري ونحوِه أَولا يَصِح بناءً علي أَصلِ القاعِدَةِ . والنسْبَةُ إِلى الجمعَ مُنكرَةٌ أَطالَ البحثُ فيه ابن كَمال باشا في الفَرائِدِ وأَورَدَ الوَجهيْنِ ومالَ إِلى تَصْحِيح قول الفقَهاءَ وذَهَبَ النَّوَويُّ إلى إِنْكارِ ذلِك وتَلْحِينِ الفُقَهاءَ والأول عندِي صَواب ولا سِيَّما وهُناكَ مواضِعُ تُسَمَّى أفقاً تَلْتَبِسُ النَسْبَةُ إِلَيْها واللّهُ أَعلمُ . ورَجُلٌ أَفاّقٌ كشَدّادِ : يَضْرِبُ في الآفاق : أي نَواحِي الأَرْضِ مُكْتَسِباً ومنه حَدِيثُ لُقْمانَ بنِ عادٍ : صفاّقٌ أَفاّقٌ . وفَرَس أُفُقٌ بضَمَتَيْنِ : أَي رائع يُقالُ للذَّكَرِ والأنثَى كما في الصِّحاح وأَنْشَدَ للشاّعِرِ المُرادِي هو عَمْرو بنُ قِنْعاس :
وكُنْت إِذا أَرَى زِقّاً مَرِيضاً ... يُناح على جِنازتِه بَكَيتُ
أرَجِّلُ لِمَّتِي وأَجُرُّ ذَيْلِي ... وتَحْمِلُ شكَّتِي أفُقٌ كُمَيتُ وأفِقَ الرَّجُلُ كفَرِح يأفقَ أَفَقاً : بَلَغَ النِّهايَةَ في الكَرَم كَما في الصحاح والعُبابِ أو في العِلم أَو في الفَصاحَةِ وغيرها من الخَيرِ من جَمِيع الفَضائلِ فهو آفِق على فاعلٍ ومنه قولُ الأَعشَى يَمدَح إِياسَ ى ابنَ قَبيصَة :
آفِقاً يُجْبى إِليهِ خَرجه ... كُل مما بَينَ عمانِ وملح وكذلك أفِيقٌ
وقالَ ابن بَرِّى : ذكَر ا القزَّاز أَنّ الآفِقَ فِعْله أَفَقَ يَأفِقُ أي : من حَدِّ ضَرَبَ وكذا حُكِىَ عن كُراعّ واستَدَلَّ القَزاز علَى أنَّه آفِق على زنةِ فاعِل بكونِ فِعْلِه على فعَلَ أَنشدَ أَبو زياد شاهداً على آفق بالمَدِّ لسِراج ابنِ قَرةَ الكِلابي :
وهي تصَدى لرِفَل آفِقِ ... ضخْم الحُدولِ بائِنِ المَرافِقِ وأَنشَد غَيْرُه لأَبِى النَّجْمَ :
كم بيْنَ أَبٍ ضَخْمٍ وخالٍ آفِق ... بَيْنَ المُصَلِّى والجَوادِ السّابِقِ وأَنشَدَ أَبو زَيْدٍ :
تَعْرِفُ في أَوْجُهِهَا البَشائِرِ ... آسانَ كُلِّ آفِقٍ مشاجِرِ قالَ علي بنُ حَمْزَةَ : أَفِقٍ مشاجرِ بالقصرِ لا غيرُ قال : والأبْياتُ المُتَقدِّمةُ تَشْهَدُ بفسادِ قولِه
وهي بهاءَ عن ابنِ فارِسٍ وقال غيره : لا يُقال في المُؤَنَّثِ على الَقياسِ . والآفِقُ : فَرَسٌ كان لفُقَيم بن جَرِيرِ بنِ دارِمً قال دُكَيْنُ بنُ رَجاءً الفقَيْمِيّ :
بَينَ الخُبَاسياّتِ والأَوافِقِ ... وبين آلِ ساطِعً وناعِقِ كُلُّها أَسامِي خُيُولِ فُقَيْم . وأَوفقَ فلانٌ يَأفِقُ من حَدِّ ضَرَبَ : إِذا رَكِبَ رَأسَه وذَهَب في الآفاق وفي الصِّحاحَ : أَفَقَ فُلانٌ : إِذا ذَهَب في الأَرْضِ والذي ذَكَرَه المُصَنِّفُ هو قولُ اللَّيْثِ . وأَفَقَ في العَطاءَ أفْقاً أي : فَضَّلَ وأَعْطَى بَعْضاً أَكثَرَ من بَعْضٍ نقله الجَوْهَرِي وأنشَدَ للأعْشَى يَمْدَح النُّعْمانَ :
ولا المَلِكُ النُّعْمانُ يَومَ لقِيتُه ... بنِعْمَتِه يُعْطِى القطُوطَ ويَأفِقُويُرْوَى : بغِبْطَتِه وأرادَ بالقُطُوطِ : كُتُبَ الجَوائِزِ قيل : مَعْنَى يَأفِقُ : يُفَضِّلُ وقِيلَ : يَأخُذُ من الآفاقِ . وأَفَقَ الأدِيمَ يَأفِقُه أَفْقاً : إِذَا دَبَغَه إِلىَ أنْ صارَ أَفِيقاً نَقَلَه الجَوهَريُّ . وأفَقَ : أي كَذَبَ كأفك عن ابنِ عَبّادٍ . وأَفَقَ يَأفِقُ أَفْقاً : إذا غَلَبَ عن كُراع وابنِ عَباد . وأفَقَ أفْقاً : خَتَنَ عن ابنِ عَبادٍ . وأفَقُ الطرِيق مُحَرَّكَةً : سَنَنُهُ وعن ابنِ الأعرابِيًّ : وَجهُه ج : آفاقٌ كسَبَبٍ وأسبابٍ ومنه قولُهم : قَعَدَ فلان على أَفَقِ الطَّرِيقِ . والأفيقُ كأمِيرِ : الفاضِلَةُ من الدِّلاءَ قاله أَبو عَمرو ونَصه عَلَى الدِّلاء . وأَفِيقٌ : ة بينَ حَورانَ والغَوْرِ وهو الأرْدُنُّ ومنه عَقَبَةُ أفِيقٍ ولا تَقُلْ : فِيقٍ فإنهّا عامِّيَّةٌ وهي عَقَبَةٌ طوِيلَةٌ نحوَ مِيلَيْنِ قال حَسّانُ بنُ ثابِت :
لِمَن الدّارُ أَقْفَرَتْ بمَعان ... بين أَعلى اليَرموكِ فالصَّمَّانِ
فقَفا جاسِم فدَارِ خُلَيدٍ ... فأفِيقٍ فجانِبَي تَرفُلانِ وأفَيق بلَفْظِ التصغِيرِ عليه السلام لبَنِى يَربوع قالَ أبُو دؤاد الإِيادي :
وأَرانَا بالجَزْع جَزْع أفَيْقِ ... نَتَمَشَّى كمِشيَةِ الناقلاتِ أو أفِيق : ة بنَواحي ذَمارِ وقد أغفله ياقُوتُ والصّاغانيُّ . والأفِيقُ : الجِلْدُ الذي لم يَتِم دِباغه وفي الصحاح : لم تَتِم دِباغتُه وقالَ ثَعلب : الذِي له يُدبغ . أو الأفِيقُ : الأدِيمُ دُبغَ قَبل أنْ يخرزَ نقله الجوهري عن الأصمعي أو قبل أن يشق . وقيل : هو ما يدبغ بغير القرظ والأرطي وغيرهما من أدبغة أهل نجد وقيل : هو حين يخرج من الدباغ مفروغاً منه وفيه رائحته وقيل : أول ما يكون من الجلد في الدباغ فهو منيئة ثم أفيق ثم يكون أديماً كالأفيقة والأفق ككتف وسفينة فيهما وقد جاء ذكر الأفيقة في حديث غزوان فانطلقت إلى السوق فاشتريت أفيقة أي سقاء من أدم قال ابن الأثير : أنثه على تأويل القربة والشنة قال ابن سيده : وأرى ثعلباً قد حَكَى في الأَفِيقِ الأَفِقَ مثل النبِقِ وفسرَه بالجِلْدِ الذي لم يدْبغَ قال : ولَسْتُ منه على ثِقَةٍ . ج : أَفَقٌ مُحَرَّكَةً مثل أَدِيم وأدَمٍ نقَلَه الجَوْهَرِيُّ ويُقال : أفُق بضمتَينِ وأَنْكره اللِّحْيانِيُّ وقال : لا يُقالُ في جَمعه أفُق أَلْبَتَّةَ وإنما هو الأفَقَ بالفَتْح فأَفِيق عَلَى هذا له اسْمُ جَمْع وليس له جَمْعٌ أَو المحَرَّكَةُ اسْمَ جمعٍ وليس بجَمْع لأنَّ فَعِيلاً لا يُكسَّر عَلَى فَعَل كما في المُحْكَم . وقال الأَصْمَعيُّ : جَمْعُ الأَفِيقِ : آفِقَةٌ كأَرْغِفَة في رَغِيفٍ وآدِمَةٍ في أدِيم نقَلَه الجوْهَرِيّ . والأفَقَةُ مُحَرَّكَةً : الخاصِرَةُ والجَمْعُ أَفقٌ عن ابنِ الأَعرابِيِّ كالآفِقَةِ مَمدودَةً وهذا عن ثَعْلَبٍ . وقالَ اللَّيث : الأَفَقَةُ : مَرْقَةٌ مِنْ مرْقِ الإِهاب قالَ : ومَرقُهُ : أَن يدفنْ تَحت الأَرضِ حَتَّى يُمرطَ ويَتهيَّأَ دباغُه . وقال ابنُ عَباد : الأفْقَةُ بالضمِّ : القُلفةُ . قال : ورَجُل آفَق على أَفْعَلَ : إِذا لم يُختن . والأفاقة ككُنَاسةٍ : ع ب البَحْرَينِ قُرْبَ الكُوفَةِ ذَكَرَه لَبِيد فَقالَ :
وشهِدْتُ أَنْجِيةَ الأفاقَةِ عالِياً ... كَعبِي وأَردافُ الملُوك شهودُ وأَنْشد ابنُ بَرِّي للجَعْدِي :
ونحْنُ رَهَنَّا بالأُفاقَة عامِراً ... بما كانَ في الدَّرْداءَ رَهْناً فأبْسلاً أَو هُو : إماءٌ لبَنِى يَرْبوعً قالَه المُفُضَّل وله يَوْمٌ مَعْروف قال العَوّامُ ابنُ شوذب :
قَبَحَ الإِلهُ عِصابَةً من وائل ... يومَ الأفاقَة أَسلموا بِسطاما وكانَت الأفاقَة من مَنازِلٍ أَهلِ المنذِرِ وقال ياقُوت : وربمّا صحفه قومٌ فقالُوا : الأَفاقِهُ بفتح الهَمزة وإِظْهارِ الهاء مثل جَمعَ فقِيهٍ . وأفاقٌ كغُرابٍ عليه السلام : قال عدي ابنُ زَيْدٍ العِباديّ :
سقَى بَطْنَ العَقِيقِ إِلى أُفاقِ ... فَفاثُورٍ إِلى لَبَبِ الكثِيبِ وقال نَهشلُ بنُ حَرِّى :
يجرون الفصالَ إِلى النَّدامَى ... برَوضِ الحَزنِ من كَنَفيْ أُفقِوالأَفِيقَةُ ككَنِيسَةِ : الأَفِيكَة أَو هيَ الداهِيَةُ المُنْكَرةَ . وقال الأَصْمَعِيُ . يقالُ : تَأَفقَ بنَا فلانٌ : أَي أَتانَا من أُفُقٍ قال أبو وَجْزةَ :
أَلاَ طَرَقَتْ سُعدَى فكيف تأفقت ... بنا وهي مِيسانُ اللَّيالِي كَسولها وقِيلَ : تَأَفَّقَتْ : أَلمَّتْ بِنَا وأَتَتْنَا
ومما يسْتَدرَك عليه : أَفَقَه يَأفِقُه : إِذا سَبَقَه في الفَضْلِ وكَذا أفَقَ عليهِ قال الكُمَيْتُ :
الفاتِقونَ الرّاتِقُو ... نَ الآفِقُونَ على المَعاشِرْ وأَفَقَ يأفِقُ : أَخَذَ مِن الآفاقِ . وقالَ الأصْمَعِيُ : بَعِيرٌ آفِقٌ وفَرَسٌ آفِقٌ : إِذا كانَ رائِعاً كَرِيماً والبَعِيرُ عَتِيقاً كَرِيماً . وفَرَس آفِقٌ قُوبِلَ من آفِقٍ وآفِقَة : إِذا كانَ كَرِيمَ الطَّرفيْنِ كما في الصحاح . قال ابنُ بَرِّيّ : والأفِيقُ من الإِنْسانِ ومن كُلِّ بَهِيمَةٍ : جِلْدُه قال رُؤبةُ يصِفُ سَهْماً :
" يَشْقَى بهِ صَفْحُ الفَرِيصِ والأَفَقْ وفي نَوادِرِ الأَعْرابِ : تَأَفَّقَ بهِ وتَلَفَّقَ : لَحِقَه
المَرَضُ مُحَرَّكَةً وإِنَّما لم يَضْبُطْه لشُهْرَتِهِ : إِظْلامُ الطَّبيعَةِ واضْطِرابُها بعدَ صَفائِها واعْتِدالِها كما في العباب وهو قَوْلُ ابنِ الأَعْرَابيّ . وقال ابنُ دُرَيْدٍ : المَرَضُ : السُّقمُ وهو نَقيضُ الصِّحَّةِ يكونُ للإِنسانِ والبَعيرِ وهو اسمٌ للجنسِ . قالَ سِيبَوَيْه : المَرَضُ من المصادرِ المجموعَةِ كالشَّغْلِ والعَقْلِ قالوا أَمراضٌ وأَشغالٌ وعُقُولٌ . مَرِضَ فلانٌ كفَرِحَ مَرَضاً بالتَّحْريكِ ومَرْضاً بالسُّكونِ فهو مَرِضٌ ككَتِفٍ ومَرِيضٌ ومَارِضٌ والأُنْثى مَرِيضَةٌ . وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لسلامَةَ بنِ عُبادَةَ الجَعْدِيّ شاهداً عَلَى مَارِضٍ :
يُرِينَنَا ذا اليَسَرِ القَوارِضِ ... لَيْسَ بمَهْزولٍ ولا بمَارِضِ وقال اللِّحْيانِيُّ : عُدْ فُلاناً فإِنَّه مَرِيضٌ ولا تأكُلْ هذا الطَّعامَ فإِنَّكَ مَارِضٌ إنْ أَكلتَهُ أَي تَمْرَضُ . المَرِيضِ مِراضٌ بالكَسْرِ . قالَ جَريرٌ :
" وفي المِراضِ لَنَا شَجْوٌ وتَعْذِيبُ
قُلْتُ : ويجوزُ أَنْ يكونَ جَمْعَ مَارِضٍ كصاحبٍ وصِحابٍ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : يُجمعُ المَرِيضُ عَلَى مَرْضى ومَرَاضَى مِثْلُ جَريحٍ وجَرْحى وجَرَاحَى . أَو المَرْضُ بالفَتْحِ للقَلْبِ خاصَّةً . قالَ أَبو إسحاقَ : يُقَالُ : المَرَضُ والسُّقُم في البَدَن والدِّينِ جَميعاً كما يُقَالُ : الصِّحَّة في البَدَنِ والدِّينِ جميعاً . والمَرَضُ في القلبِ يصلُحُ لكُلِّ مَا خرَجَ به الإِنسانُ عن الصِّحَّةِ والدِّينِ . وبالتَّحريك أَو كِلاهُما : الشَّكُّ والنِّفاقُ وضَعْفُ اليَقينِ وبه فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى " في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " أَي شكٌّ ونِفاقٌ . وقال أَبو عُبَيْدَةَ : أَي شكٌّ . ويُقَالُ : قلبٌ مَرِيضٌ من العَدَاوَةِ وهو النِّفاقُ . قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : وحدَّثنا أَبو حاتمٍ عن الأَصْمَعِيّ أَنَّهُ قالَ : قرأْتُ عَلَى أَبي عَمْرو بنِ العلاءِ " وفي قُلوبِهِمْ مَرَضٌ " فقالَ لي : مَرْضٌ يا غُلامُ . والمَرَضُ : الفُتورُ . قالَ ابنُ عَرَفَةَ : المَرَضُ في القَلبِ : فُتورٌ عن الحقِّ وفي الأَبدانِ : فُتورُ الأَعْضاءِ . وفي العَيْنِ : فُتورُ النَّظَرِ . والمَرَضُ : الظُّلمَةُ عن ابنِ الأَعْرَابيّ وبه فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى " فيَطْمَعَ الَّذي في قَلْبِه مَرَضٌ " أَي ظُلْمَةٌ وقيلَ : فُتورٌ عمَّا أُمرَ به ونُهِيَ عنه . ويُقَالُ : حُبُّ الزِّنا . وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيّ كما في التَّكْمِلَة وفي العُبَاب أَنشَدَ ابنُ كَيْسانَ لأَبي حَيَّةَ النُّميْريّ :
ولَيْلَةٍ مَرِضَتْ من كُلِّ ناحِيَةٍ ... فلا يُضيءُ لها نَجْمٌ ولا قَمَرُ ويُروى : فما يُحِسُّ بِها قالَ : أَي أَظلمتْ وهكذا فسَّرَهُ ثَعْلَبٌ أَيْضاً وهو مَجازٌ . وقال الرَّاعي :
وطَخْياءَ مِنْ لَيْلِ التَّمامِ مَريضَةً ... أَجَنَّ العَمَاءُ نَجْمَها فهْو مَاصِحُ
تَعَسَّفْتُها لمَّا تَلاوَمَ صُحْبَتي ... بمُشْتَبِهِ المَوْماةِ والماءُ نازِحُ وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : أَصلُ المَرَضِ النُّقْصانُ يُقَالُ : بدنٌ مَرِيضٌ أَي ناقصُ القوَّةِ . وقلبٌ مَرِيضٌ أَي ناقِصُ الدِّينِ . وأَمرَضَهُ اللهُ : جَعَلَهُ مَريضاً . وقال سِيبَوَيْه : أَمْرَضَ الرَّجُلَ : جَعَلَهُ مَريضاً . وفي الصّحاح : أَمْرَضَ الرَّجُلُ أَي قارَبَ الإِصابَةَ في رأْيِهِ . زادَ في اللّسَان : وإنْ لم يُصِبْ كلَّ الصَّوابِ . وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ قَوْلَ الشَّاعر وهو الأُقَيْشِرُ الأَسَدِيّ يمدحُ عبدَ الملكِ بنَ مروانَ وأَوَّلهُ :
رَأَيْتُ أَبا الوَليدِ غَداةَ جمْعٍ ... بِهِ شَيْبٌ وما فَقَدَ الشَّبَابَا
ولكِنْ تَحْتَ ذاكَ الشَّيْبِ حَزْمٌ ... إِذا مَا ظنَّ أَمْرَضَ أَوْ أَصابا والذي في الأَساس : ومن المَجازِ : أَمْرَضَهُ فلانٌ : قارَبَ إِصابَةَ حاجَتِهِ ؟ : ولا يَخْفَى أنَّ هذا غيرُ إِصابَةِ الرَّأْيِ وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى المُصَنِّفِ حيثُ جعل أَمْرَضَهُ في إِصابَةِ الرَّأْيِ وإِنَّما هو أَمْرَضَ الرَّجُلُ بنَفْسه كما هو نصُّ الصّحاح وغيرِه من أُمَّهاتِ اللَّغة فتأَمَّل . وأَمْرَضَ الرَّجُلُ : صارَ ذا مَرَضٍ . ويُقَالُ : أَتى فُلاناً فأَمْرَضَهُ أَي وَجَدَهُ مَريضاً . ومن المَجَازِ : التَّمْريضُ في الأُمورِ : التَّوْهينُ فيها وأَنْ لا تُحْكِمَها . وقِيل : هو التَّضْجيعُ وَقَدْ مرَّضَ في الأَمْرِ : ضَجَّعَ فيه كما في الأَساسِ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : مَرَّضَ الرَّجُلُ في كلامِهِ إِذا ضَعَّفَهُ ومَرَّضَ في الأَمْرِ إِذا لم يُبالِغْ فيه . والتَّمْريضُ : حُسْنُ القِيامِ عَلَى المَرِيضِ . قالَ سِيبَوَيْه : مرَّضَهُ تَمْريضاً : قامَ عَلَيْهِ وَوَلِيَهُ في مَرَضِه ودَاواهُ ليَزولَ مَرَضُهُ . جاءَتْ فَعَّلْتُ هُنا للسَّلْبِ وإِنْ كانتْ في أَكثرِ الأَمْرِ إنَّما تكونُ للإِثْباتِ . والتَّمْريضُ : تَذْرِيَةُ الطَّعامِ عن أَبي عَمْرو . ومن المَجَازِ : ريحٌ مَرِيضَةٌ : ساكنةٌ أَو شديدَةُ الحَرِّ أَو ضَعيفَةُ الهُبُوبِ . وشمسٌ مَرِيضَةٌ إِذا لم تكُنْ منجَلِيَةً صافيةً حَسَنةً . وأَرْضٌ مَرِيضَةٌ أَي ضعيفَةُ الحالِ وأَنْشَدَ أَبو حَنيفَةَ :تَوَائِمُ أَشْباهٌ بأَرْضٍ مَرِيضَةٍ ... يَلُذْنَ بخِذْرافِ المِتانِ وبالغَرْبِ وقيلَ معناهُ مُمْرِضة عَنَى بذلك فَسادَ هَوَائها . وَقَدْ تَكُونُ مَرِيضَةً هُنا بمَعْنَى قَفْرَةٍ أَو ساكِنَةِ الرِّيحِ شديدَةِ الحرِّ . والمَرَاضَانِ بالفَتْحِ : وادِيانِ مُلْتقاهُما واحِدٌ . قالَهُ اللَّيْثُ . أَو هُما مَوْضِعانِ أَحدهُما لسُلَيْمٍ والآخَرُ لهُذَيْلٍ . ويُقَالُ : هُما المَارِضانِ : كذا في التَّكْمِلَة . والمَرائضُ : ع وقال الأّزْهَرِيّ : المَرائضُ والمَراضانِ : مَواضِعُ في ديارِ تَميمٍ بيم كاظِمَةَ والنَّقِيرَة فيها أَحْساءٌ . وليستْ من المَرَضِ وبابِه في شيءٍ ولكنَّها مأْخوذةٌ من اسْتِراضَةِ الماءِ وهو اسْتِنْقاعُه فيها والرَّوْضَةُ مأْخوذةٌ منها وَقَدْ نبَّهَ عَلَيْهِ الصَّاغَانِيُّ أَيْضاً وتقدَّمَ للمُصنِّفِ في روض مِثْلُ ذلك وكأَنَّهُ ذَكَرَهُ هنا ثانياً تبَعاً للَّيْثِ . ومن المَجَازِ : تَمرَّضَ الرَّجُلُ تَمَرُّضاً إِذا ضعُفَ في أَمرِهِ فهو مُتَمَرِّضٌ . والمُراضُ كغُرابٍ : داءٌ للثِّمار يقَعُ فيها يُهْلِكُها وَقَدْ جاء ذِكرُهُ في حديثِ تَقَاضي الثِّمار . والمَرَاضُ كسَحَابٍ : ع أَو وادٍ وَقَدْ تَقَدَّم قَريباً عن الأّزْهَرِيّ أن حقه أن يذكر في روض وَقَدْ ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ هُنا وأعاده ثانياً فتَأَمَّلْ . وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : التَّمارُضُ : أَنْ يُري مِنْ نَفًسِهِ المَرَضَ وليسَ بِهِ . وتَمَارَضَ في أَمرِهِ : ضَعُف وهو مَجازٌ . وأَكلَ مَا لم يُوافِقْه فأَمْرَضَهُ : أَوْقَعَهُ في المَرَضِ . وبِهِ مَرْضَةٌ شَديدةٌ . ومارَضْتُ رَأْيِي فيكَ : خادَعْتُ نَفْسي وهو مَجازٌ . ورَجُلٌ مَمْروضٌ : مَرِيضٌ ومُتَمَرِّض كَذلِكَ . ومَرَّضَهُ تَمْريضاً : داواهُ ليزُولَ مَرَضَهُ عن سِيبَوَيْه وَقَدْ تَقَدَّم . ويُجْمَعُ المَرِيضُ أَيْضاً عَلَى مُرَضاءَ ككَريمٍ وكُرَماءَ . وأَمْرَضَ القومُ : مَرِضَتْ إِبِلُهُمْ . ونقَلَ الجَوْهَرِيّ عن يعقوبَ : أَمْرَضَ الرَّجُلُ : وقَعَ في مالِهِ العاهَةُ . انْتَهَى وفي الحَدِيث : " لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ " . المُمْرِضُ : من له إِبِلٌ مَرْضَى فنَهَى أَنْ يَسْقِيَ المُمْرِضُ إِبلَهُ مع إِبِلِ المُصِحِّ لا لأَجْل العدوَى ولكنْ لأنَّ الصِّحاحَ رُبَّما عَرَضَ لها مَرَضٌ فوقَعَ في نَفْسِ صاحِبها أَنَّ ذلك مِنْ قَبِيلِ العدوَى فيَفْتِنه ويُشَكِّكُه فأَمَرَ باجْتِنابِهِ والبُعْدِ عنه . وليلةٌ مَرِيضَةٌ إِذا تَغَيَّمت السَّماءُ فلا يَكُونُ فيها ضوءٌ وَقَدْ تَقَدَّم وهُو مَجَازٌ . ورأيٌ مَرِيضٌ : فيهِ انْحِرافٌ عن الصَّوَابِ وهُو مَجَازٌ . ومَرَّضَ فُلانٌ في حاجَتِي تَمْرِيضاً إِذا نَقَصَتْ حَرَكَتُهُ فيها . وعَيْنٌ مَرِيضَةٌ : فيها فُتُورٌ . وأَعْيُنٌ مِراضٌ ومَرْضَى وهُو مَجَازٌ . وأَرضٌ مَرِيضَةٌ : قَفْرَةٌ . ويُقَالُ : أَرضٌ مَرِيضَةٌ إِذا ضاقَتْ بأَهْلِها . وقيل إِذا كثُرَ بها الهَرْجُ والفِتَنُ والقَتْلُ . وهُو مَجَازٌ . قالَ أَوْسُ بن حَجَرٍ :
تَرَى الأرْضَ مِنَّا بالفَضَاءِ مَرِيضَةً ... مُعَضِّلَةً مِنَّا بجَيْشٍ عَرَمْرَمِ وقال ابنُ دُرَيْدٍ : امرأةٌ مَرِيضَةُ الأَلْحاظِ ومَرِيضَةُ النَّظَرِ أَي ضعيفَةُ النَّظَرِ . وقال أَبو عَمْرٍو إِذا دِيسَ الزَّرْعُ ولمْ يُذَرَّ بعدُ فذلِكَ المِرْضُ بالكَسْرِ كما في العُبَاب