الأمرُ معْرُوفٌ وهو ضِدُّ النَّهْيِ كالإمَارِ والإيمارِ بكسرِهما الأوَّلُ في اللِّسَان والثاني حَكَاه أهلُ الغَرِيبِ وقد أنكرَهما شيخُنا واستغربَ الأخِيرَ وقد وَجَدتُه عن أبي الحَسَنِ الأخْفَشِ قال : وأمِرَ بالكسر مالُ بني فلانٍ إيماراً : كَثُرَتْ أموالُهم ففي كلامِ المصنِّف نَظَرٌ وتأَمُّلٌ
والآمِرَةُ وهو أحدُ المصادرِ التي جاءَتْ على فاعِلَةٍ كالعافِيَةِ والعاقِبَةِ والخاتِمَةِ
أمَرَه وأمَرَه به الأخيرةُ عن كُراع وأمَرَه إيّاه على حَذف الحرف يأْمرُه أمْراً وإمَاراً
وآمَرهَ بالمدِّ هكذا في سائرِ النُّسَخِ وهو لُغةٌ في أمَرَه وقال أبو عُبَيْد : آمَرْتُه بالمدّ وأمرْتُه لغتان بمعنى كَثَّرتُه . وسيأْتي
فأْتَمَرَ أي قَبِلَ أمْرَه ويقال : ائتُمِرَ بخيرٍ كأنَّ نفسَه أمَرَتْه به فقَبِلَه
وفي الصّحاح : وائْتَمَر الأمْرَ أي امتَثَلَه قال امرؤُ القيس :
" ويَعْدُو على المَرْءِ ما يَأْتَمِرْ . وفي الأساس : وائْتَمَرْتُ ما أمرْتَنِي به : امْتَثَلْتُ
وَقَعَ أمرٌ عظيمٌ أي الحادثةُ ج أمُورٌ لا يُكَسَّر على غيرِ ذلك وفي التَّنزِيل العزيز : " ألا إلى اللهِ تَصِيرُ الأمُورُ . ويقال : أمْرُ فلانٍ مستقيمٌ وأمُورُه مستقيمةٌ
وقد وَقَعَ في مُصَنَّفات الأُصُول الفَرْقُ في الجَمْع فقالوا : الأمر إذا كان بمعنَى ضِدَّ النهي فجمعُه أوِامِرُ وإذا كان بمعنَى الشَّأْنِ فجمعُه أمُور وعليه أكثرُ الفُقَهاء وهو الجارِي في ألْسِنَة الأقوام . وحقَّق شيخُنَا في بعض الحَوَاشِي الأُصولِيَّة ما نصُّه : اختلفوا في واحدِ أمورٍ وأوامِرَ فقال الأُصوليُّون : إنّ الأمرَ بمعنى القولِ المخصَّصِ يُجمَع على أوامِرَ وبمعنَى الفِعْلِ أو الشأْن يُجمعَ على أمُورٍ ولا يُعْرَف من وافقَهم إلا الجوهريّ في قوله : أمَرَه بكذا أمْراً وجمعُه أوامِرُ وأما الأزهريُّ فإنه قال : الأمْرُ ضِدُّ النَّهْي واحدُ الأمُور . وفي المُحكَم : لا يُجمَع الأمرُ إلا على أُمور ولم يَذْكُر أحدٌ من النُّحاة أنّ فَعْلاً يُجمَع على فَوَاعِلَ أو أنَّ شيئاً من الثُّلاثِيَّاتِ يُجْمَع على فَوَاعِلَ ثم نَقَلَ شيخُنَا عن شرح البُرْهَان كلاماً ينبغي التَّأَمُّلُ فيه
وفي المِصباح : جَمْعُ الأمْرِ أوامرُ هكذا يَتكلَّم به النَّاس ومِن الأئِمَّة مَنْ يُصححِّه ويقول في تَأْوِيله : إنّ الأمْرَ مَأْمُورٌ به ثم حُوِّلَ المفعولُ إلى فاعل كما قيل أمْرٌ عارِفٌ وأصلُه معرُوفٌ وعيشةٌ راضيةٌ وأصله مَرْضِيَّة إلى غير ذلك ثم جُمِع فاعلٌ على فَوَاعِلَ فأوامِرُ جمعُ مأْمورٍ . وبعضُهُم يقول : جُمِعَ على أوامِرَ فَرْقاً بينه وبين الأمْرِ بمعْنَى الحالِ فإنه يُجمَع على فُعُول
الأمْرُ : مَصْدَرُ أَمَرَ فلانٌ علينا يَأْمُر وأمِرَ وأمُرَ مُثَلَّثَة إذا وَلِيَ قال شيخُنا : اقتصرَ في الفَصِيح على الفتْح وحَكَى ابنُ القَطّاع الضّمّ ورَوَى غيرُهم الكسرَ وأنكره جماعةٌ
قلتُ : ما ذَكَره عن الفَصِيح فإنه حَكَى ثعلبٌ عن الفَرّاء : كان ذلك إذْ أمَرَ علينا الحَجّاجُ بفتحِ الميمِ . وأما بالكسر والضّمّ فقد حكاهما غيرُ واحدٍ من الأئِمَّة قالوا : وقد أمِرَ فلانٌ بالكسر وأمُرَ بالضمّ أي : صار أمِيراً وأنشدُوا على الكسر :
" قد أمِرَ المُهَلَّبُ
" فَكَرْنِبُوا ودَوْلِبُوا
" وحيثُ شِئْتُمْ فاذْهَبُوا . والاسمُ الإمْرَةُ بالكسر وهي الإمارة ومنه حديثُ طَلْحَةَ : لعلَّكَ ساءَتْكَ إمْرَةُ ابنِ عَمِّكَ
وقولُ الجوهريِّ : مصدرٌ وَهَمٌ قال شيخُنا : وهذا ممّا لا يَنْبَغِي بمثلِه الاعتراضُ عليه : إذْ هو لعلَّه أراد كَوْنَه مَصدَراً على رَأْى مَن يقولُ في أمثاله بالمصدريَّة كما في النِّشْدَةِ وأمثالِهَا قالوا : إنه مصدرُ نَشَدَ الضَّالَّةَ أو جاءَ به على حدذْفِ مضافٍ أي اسم مصدر الإمرة بالكسر أو غير ذلك مما لا يخفَى عمَّن له إلمامٌ باصطلاحهم
يقال : له على أمْرَةٌ مُطَاعَةٌ بالفتح لا غير للمَرَّةِ الواحدِةِ منه أي من الأمْر أيْ له عليَّ أمْرَةٌ أُطِيعُه فيها ولا تَقُل : إمْرَةٌ بالكسر إنما الإمْرَةٌ من الولاية كذا في التَّهْذِيب والصّحاح وشُرُوح الفَصِيح وفي الأساس : ولكَ عليَّ أمْرَةٌ مُطاعةٌ أي أنْ تَأْمُرَنِي مَرَّةً واحِدَةً فأُطِيعَكَ
والأمِيرُ : المَلِكُ لِنَفَاذِ أمْرِه وهي أي الأُنْثَى أمِيَرةٌ بهاءٍ
قال عبدُ الله بنُ هَمّام السَّلُولِيُّ :
ولَوْ جاؤُوا بِرَمْلَةَ أو بِهِنْدٍ ... لبايَعْنَا أمِيرَةَ مُؤْمِنينا . قال شيخُنَا : وهو بناءً على ما كان في الجاهليَّة مِن تَوْلِيَةِ النِّسَاءِ وإنْ مَنَعَ الشَّرْعُ ذلك على ما تَقَرَّر بَيِّنُ الإمارةِ بالكسرِ لأنّها من الولايات وهي ملحقةٌ بالحِرَف والصَّنائع ويُفْتَحُ وهذا ممّا أنكرُوه وقالوا هو لا يُعرَف كما في الفَصِيح وشُرُوحه قاله شيخُنَا وقد ذَكَرَهما صاحبُ اللِّسَان وغيره فتَأَمَّلْ " ج أُمَراء "
الأميرُ : قائدُ الأعْمَى لأنه يَملِكُ أمرَه ومنه قول الأعشى :
إذا كانَ هادِى الفَتَى في البِلا ... دِ صَدْرَ القَنَاةِ أطاعَ الأميرَا . الأَمِيرُ : الجارُ لانْقيادِه له . الأَمِيرُ : هو المُؤامَر أي المُشَاوَر وفي الحديث : " أمِيرِي مِن الملائكةِ جِبْرِيلُ " أي صاحب أمْرِي ووَلِيِّي وكلُّ مَن فَزِعْتَ إلى مُشَاوَرَتِه ومُؤَامَرَتِه فهو أمِيرُك . الأَمِيرُ : المُؤَمَّرُ كمُعَظَّمٍ المُمَلَّكُ يقال : أمِّرَ عليه فلانٌ إذا صُيِّر أمِيراً
المُؤَمَّرُ : المُحَدَّدُ بالعَلاماتِ قيل : هو المَوْسُومُ . وسِنَانٌ مُؤَمَّرٌ : أي مُحَدَّدٌ قال ابنُ مُقْبِلٍ :
وقد كانَ فِينا مَنْ يَحُوطُ ذِمَارَنا ... ويُحْذِي الكَمِيَّ الزّاعِبِيَّ المُؤَمَّرَا . المُؤَمَّرُ : القَنَاةُ إذا جَعَلْتَ فيها سِنَاناً والعربُ تقول : أمِّرْ قَنَاتَكَ أي اجعَلْ فيها سِنَاناً
المُؤَمَّرُ : المُسَلَّطُ . وقال خالدٌ في تفسِيرِ الزّاعِبِيُّ المُؤَمَّر : إنّه هو المُسَلَّط والزّاعِبيُّ الرُّمْح الذي غذا هُزَّ تَدافَعَ كلُّه كأنّ مُؤَخَّرَه يَجْرِي في مُقَدَّمِه ومنه قيل : مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه إذا كانَ يَتَدَافَعُ حَكَاه عن الأصمعِيِّ
في التَّنزِيل العزيز : " أطِيعُوا اللهَ وأطِيعُوا الرَّسُول وأُولِي الأمْرِ منكم " . قالوا : أولُو الأمْرِ : الرُّؤَسَاءُ والعُلَماءُ وللمفسرِّين أقوالٌ فيه كثيرة
وأَمِرَ الشيْءُ كفَرِحَ أمَراً وأمَرَةً بالتَّحْرِيك فيهما : كَثُرَ وتَمَّ . وحَكَى ابنُ القَطَّاع فيه الضّمَّ أيضاً قال المصنِّفُ في البَصائر : وأمِرَ القَوْمُ كسَمِعَ : كَثُرُوا وذلك لأنّهم إذا كَثُرَوا صارُوا ذا أمْرٍ مِن حيثُ إنّه لا بُدَّ لهم مِن سائِسٍ يَسُوسُهم فهو أمِرٌ كفَرِح قال :
" أُمُّ عِيَالٍ ضَنْؤُهَا غيرُ أمِرْ . والاسمُ الإمْرُ . وزَرْعٌ أمِرٌ : كَثِيرٌ : عن اللِّحيانيّ . وقَرَأَ الحَسَنُ : " أمِرْنَا مُتْرَفِيها " على مِثَالِ عَلِمْنَا قال ابنُ سِيدَه : وعَسى أن تكونَ هذه لغةً ثالثةً وقال الأعْشَى :
طَرِفُونَ ولادُون كلَّ مُبَارَكٍ ... أمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ . ويقال : أمَرَهم اللهُ فأمِرُوا أي كَثُرُوا
يقال : أمِرَ الأمْرُ يَأْمَرُ أمْراً إذا اشتدَّ . والاسْمُ الإمْرُ بالكسر . وتقولُ : العرب : الشَّرُّ أمِرٌ
ومنه حديثُ أبي سُفْيَانَ : لقد أمِرَ أمْرُ ابنِ أبي كَبْشَةَ وارتَفَعَ شَأْنُه يعني النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم . منه حديثُ ابنِ مسعود : كُنّا نقولُ في الجاهِلِيَّةِ : قد أمِرَ بنو فلانٍ أي كَثُرُواوأمِرَ الرَّجُلُ فهو أمِرٌ : كَثُرَت ماشِيَتُه وقال أبو الحَسَن : أمِرَ بنو فلانٍ : كَثُرَتْ أموالُهم
وآمَره اللهُ بالمدِّ وأمَره كنَصَره وهذه لُغَيَّةٌ . فأمَّا قولُهُم : ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ فعلَى ما قد أُنِسَ من الإتباع ومثلُه كثيرٌ . وقال أبو عُبَيْدَ : آمَرتُه بالمدّ وأمَرتُه لغتان بمعنى كَثَّرتُه وأمِرَ هو أي كَثُرَ : فخُرِّجَ على تقديرِ قولهم : عَلِمَ فلانٌ وأعلمتُه أنا ذلك قال يعقوبُ : ولم يَقُلْه أحدٌ غيرُه أي كَشَّرَ نَسْلَه وماشِيَتَه . وفي الأساس : وقَلَّ بنو فلانٍ بعدما أمِرُوا وفي مَثَل : " مَنْ قَلَّ ذَلَّ ومَنْ أمِرَ فَلّ " وإنَّ ماله لأمِرٌ وعَهْدِي به وهو زَمِرٌ . والأمِرُ ككَتِفٍ : الرجلُ المُبَارَكُ يُقْبِلُ عليه المالُ . وامرأَةٌ أمِرَةٌ : مُبَاركةٌ على بَعْلها وكلُّه من الكَثْرَة . وعن ابن بُزُرْجَ : رجلٌ أمِرٌ وامرأَةٌ أمِرَةٌ إذا كانا مَيْمُونَيْنِ . ورَجُلٌ إمَّرٌ وإمَّرَةٌ كإمَّعٍ وإِمَّعَةٍ بالكسر ويُفْتَحَان الأُولَى مفتوحةٌ عن الفَرّاءِ : ضعيفُ الرَّأْي أحمقُ وفي اللِّسَان : رجلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ : ضعيفٌ لا رَأْيَ له وفي التَّهْذِيب : لا عَقْلَ له يُوَافِقُ كلَّ أحدٍ على ما يريد مِن أمْرِه كلِّه وفي اللِّسَان : إلا ما أَمَرْتَه به لِحُمْقِه وقال امْرُؤُ القَيْس :
وليس بِذِي رَثْيَةٍ إمَّرٍ ... إذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أصْحَبَا . ويقال : رجلٌ إمَّرٌ : لا رَأْيَ له فهو يَأْتَمِرُ لكلِّ آمِر ويُطِيعُه . قال السّاجِعُ : إذا طَلَعتِ الشِّعْرَى سَفَراً فلا تُرْسِلْ فيها إمَّرَةً ولا إمَّراً . قال شَمِرٌ : معناه لا تُرْسِلْ في الإبلِ رجلاً لا عقلَ له يُدَبِّرُها . وفي حديث آدَمَ عليه السّلام : " مَن يُطِعْ إمَّرَةً لا يَأْكُلْ ثَمَرَةً " . قال ابنُ الأثِير : هو الأحمق الضعيفُ الرَّأْي الذي يقولُ لغيرِه : مُرْنِي بأمْرِكَ أي مَنْ يُطِعْ امرأةً حمقاءَ يُحْرَمِ الخَيْرَ ومثلُه في الأساس قال : وقد يُطلَقُ الإمَّرةُ على الرَّجل والهاءُ للمبالغة يقال : رجلٌ إمَّرَةٌ وقال ثعلبٌ في قوله رجلٌ إمَّرٌ قال : شُبِّه بالجَدْي . وهما أيضاً : الصَّغِيرُ من أولادِ الضَّأْنِ أي يُطلَقان عليه وقِيل : هما الصَّغِيرَان من أولادِ المَعزِ
والعربُ تقولُ للرَّجل إذا وَصَفُوه بالإعدام : مالَه إمَّرٌ ولا إمَّرَةٌ أي ماله خَرُوفٌ ولا رِخْلٌ وقيل : ماله شيءٌ والإمَّرُ : الخَرُوفُ والإمَّرَةُ : الرِّخْلُ والخروفُ ذَكَرٌ والرِّخْلُ أُنْثَى
والأمَرَةُ محرَّكةً : الحِجَارةُ . قال أبو زُبَيْدٍ مِن قصيدة يَرْثِي فيها عُثمانَ بنَ عفّانَ رَضِيَ اللهُ عنه :
يا لَهْفَ نَفْسِيَ إنْ كان الَّذِي زَعَمُوا ... حقاً وماذا يَرُدُّ اليَومَ تَلْهِيفِي
إنْ كان عُثْمانُ أمْسَى فَوقَه أمَرٌ ... كراقِبِ العُونِ فوقَ القُنَّةِ المُوفِي . شَبَّه الأمَرَ بالفحل يَرْقُبُ عُيُونَ أُتُنهِ
قال ابنُ سِيدَه : الأمَرَةُ : العَلامَةُ . وقال غيرُه : الأمرَة : العَلَمُ الصغيرُ من أعَلام المَفَاوِزِ من حِجارةٍ وهو بفتح الهمزةِ والميم . الأمَرةُ أيضاً : الرّابِيَةُ . وقال ابنُ شُمَيل : الأمَرَةُ مثلُ المَنارةِ فوقَ الجبلِ عَرِيضٌ مثلُ البَيتِ وأعظمُ وطُولُه في السَّماءِ أربعونَ قامَة صُنِعَتْ على عهدِ عادٍ وإرَمَ وربما كان أصلُ إحداهنّ مثلَ الدّارِ وإنما هي حجارةٌ مُكوَّمةٌ بعضُها فوق بعضٍ قد أُلزِقَ ما بينها بالطِّين وأنت تَراها كأنَّهَا خِلْقَة . جَمْعُ الكُلِّ أمَرٌ
قال الفَرّاءُ : يقال : ما بها أمَرٌ أي عَلَمٌ . وقال أبو عَمْرو : الأمَرَاتُ : الأعلامُ واحدتُها أمَرَةٌ وقال غيرُه : وأمَارةٌ مثلُ أمَرَةٍ . والأمَارةُ والأمَارُ بفتحهما : المَوْعِدُ والوقْتُ المحدُودث وعَمَّ ابنُ الأعْرَابِيَّ بالأمَارِة الوَقتَ فقال : الأمَارةُ : الوَقتُ ولم يُعَيِّن أمَحدودٌ أم غيرُ محدودٍ
الأمَارُ : العَلَمُ الصغيرُ من أعلامِ المَفاوِزِ من حجارةٍ وقال حُمَيد :
بِسَوَاءٍ مَجْمَعَةٍ كأنَّ أمَارَةً ... منها إذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطِرُوكلُّ عَلامةٍ تُعَدُّ فهي أمَارةٌ وتقول : هي أمَارةُ ما بَيْنِي وبَيْنِكَ أي علامة وأنشد :
إذا طَلَعَتْ شمسُ النّهارِ فإنَّها ... أمَارةُ تَسْلِيمِي عليك فَسَلِّمِي . وقال العَجّاج :
إذ رَدَّهَا بِكَيْدِه فارْتَدَّتِ ... إلى أمَارٍ وأمارٍ مُدَّتِي . قال ابنُ بَرّيّ : وأمَارِ مُدَّتِي بالإضافة والضميرُ المرتفعُ في رَدَّها يعودُ على الله تعالَى يقول : إذْ رَدَّ اللهُ نفسِي بكَيْدِه وقوَّتِه إلى وقتِ انتهاءِ مُدَّتِي
وفي حديث ابنِ مَسْعُود : " ابْعَثوا بالهَدْىِ واجْعَلوا بَينَكم وبينَه يومَ أمَارٍ " . الأمَار والأمَارة : العَلامَة وقيل : الأمَار جمْع الأمَارِة ومنه الحديثُ الآخَرُ : " فهل للسَّفَرِ أمَارة ؟ "
وأمْرٌ إمْرٌ بالكسر : اسمٌ من أمِرَ الشَّيءُ بالكسر إذا اشتدَّ أي مُنْكَرٌ عَجِيبٌ قال الرّاجز :
قد لَقِي الأقْرَاَنُ منِّي نُكْرَا ... داهِيةً دَهْيَاءَ إدّاً إمْرَا . وفي التَّنزِيل العزيز : " لقد جِئْتَ شَيئاً إمْراً " . قال أبو إسحاق : أي جئتَ شيئاً عظيماً من المُنْكَر وقيل : الأمْر بالكسر : الأمْرُ العظيمُ الشَّنِيعُ وقيل : العَجِيب قال : ونُكْراً أقلُّ من قوله : إمْراً لأنّ تَغْرِيقَ مَنْ في السَّفِينة أنْكَرُ مِن قَتْلِ نفسٍ واحدةٍ . قال ابنُ سِيدَه : وذهبَ الكسائيُّ إلى أنّ معنى إمْراً : شيئاً داهِياً مُنكراً عَجَباً واشتقَّه مِن قولهم : أمِرَ القومُ إذا كَثُرُوا
يقال : ما بها أي بالدّارِ أمَرٌ محرّكةً وتَأْمُورٌ وهذه عن أبي زَيْد مهموز وتُؤْمُور بالضَّمِّ في الأخِير وهذه عن ابن الأعرابيّ والتاءُ زائدةٌ فيهما وبالهمز ودونَه أثبتَهما الرَّضِيُّ وغيره وزادَ : وتُؤْمُرِيٌّ أي أحَدٌ واستطردَ شيخُنا في شرح نَظْمِ الفَصِيح ألفاظاً كثيرةً من هذا القَبِيل منها : ما بها شُفْرٌ وشَفْرةٌ وطُوئِيٌّ وطاوِيٌّ وطُوَوِيٌّ وطُؤَوِيٌّ وطُؤْرِيٌّ ودُورِيٌّ ودارِيٌّ ودِبِّيجٌ وآرِمٌ وأرَمٌ وأريمٌ وإرَمِيٌّ وأيرَمِيٌّ ونُمِّيٌّ ودُعْوِيٌّ ودُبِّيٌّ وكَتِيعٌ وكُتَاعٌ ودَيّار ودَيُّورٌ وكَرّابٌ ووَابِنٌ ونافِخُ ضَرَمَةٍ ووَابرٌ وعَيْنٌ وعائِنَةٌ ولا عَريبٌ ولا صافِرٌ قال : ومعنَى هذه الحُرُوفِ كلِّهَا : أحَدٌ وحَكَى جميعَها صاحبُ كتابِ المَعَالِم والمُطَرّز في كتاب الياقوت وابنُ الأنباريّ في كتاب الزّاهر وابنُ السِّكِّيت وابنُ سيده في العَوِيص وزاد بعضُهم على بعضٍ وقد ذكر المصنِّفُ بعضاً منها في مواضعها واستجادَ فراجِعْ شَرْحَ شيخِنا في هذا المَحَل فإنه بَسَطَ وأفادَ
والائْتِمَارُ : المُشَاوَرَةُ كالمُوؤامَرَةِ والاسْتِئْمارِ والتَّأَمُّرِ على التَّفَعُّل والتَّآمُرِ على التَّفاعُلِ . وآمَرَه في أمْره ووَامرَه واستَأْمَره : شاوَرَه . وقال غيرُه : آمَرْتُه في أمْرِي مُؤامرةً إذا شاوَرْته والعامَّةُ تقول : وَامَرْته
ومن المُؤامَرِة : المُشَاورةِ في الحديث : " آمِرُوا النِّساءَ في أنْفُسِهِن " أي شاوِرُوهُنَّ في تَزْوِيجِهنَّ قال ابنُ الأثِير : ويقال فيه : وَامَرْتُه وليس بفَصِيحٍ . وفي حديث عُمر : " آمِرُوا النِّساءَ في بناتِهنَّ " وهو من جهةِ استطابَةِ انفسِهنَّ وهو أدْعَى للأُلفةِ وخَوْفاً من وُقُوعِ الوَحْشَة بينهما إذا لم يكن برضَا الأُمِّ إذ البَناتُ إلى الأُمَّهَاتِ أمْيَلُ وفي سَماع قولِهنَّ أرغبُ . وفي حديث المُتْعَة : " فآمَرَتْ نفْسَها " أي شاوَرَتْها واستأْمَرَتْهَاويقال : تأمَّرُوا على الأمْر وائْتَمَرُوا : تَمارَوْا وأجْمَعُوا آراءَهم . وفي التَّنزِيل : " إنّ المَلأَ يَأْتَمِرُونَ بكَ ليَقْتُلُوكَ " . قال أبو عُبَيْدَةَ : أي يَتَشَاوَرُون عليكَ وقال الزَّجَّاج : معنى قولِه : " يَأْتَمِرُون بكَ " : يأْمُر بعضُهم بعضاً بقتلكَ . قال أبو منصور : ائتمرَ القومُ وتآمَرُوا إذا أمَرَ بعضُهُم بعضاً كما يقال : اقْتَتَل القومُ وتَقَاتَلُوا واختَصُموا وتَخَاصَمُوا ومعنى " يَأْتَمِرُون بك " أي يُؤامِرُ بعضُهم بعضاً بقتلِكَ وفي قتلِكَ قال : وأمّا قولُه : " وائْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ " فمعناه واللهُ أعلمُ لِيأْمُرْ بعضُكم بعضاً بمعروفٍ . وقال شَمِرٌ في تفسِيرِ حديثِ عُمَرَ رضي اللهُ عنه : " الرِّجالُ ثلاثةٌ : رجلٌ غذا نَزَلَ به أمْرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَه " قال : معناه ارْتَأَى وشاوَرَ نفسَه قبلَ أنْ يُواقِعَ ما يُرِيدُ قال : ومنه قولُ الأعْشَى :
" لا يَدَّرِي المَكْذُوُب كيفَ يَأْتَمِرْ . أي كيف يَرْتَئِي رَأْياً ويُشاوِرُ نفسَه ويَعْقِدُ عليه ؟
الاْئِتمَارُ : الهَمُّ بالشيْءِ وبه فَسَّر القُتَيبيُّ قوله تعالَى : " إنّ المَلأَ يَأْتَمِرُونَ بكَ " أي يَهُمُّون بكَ وأنشد :
اعْلَمَنْ أنْ كلَّ مُؤْتَمِرٍ ... مُخْطئٌ في الرَّأْي أحْيَانَاً . قال يقولُ : مَن رَكِبَ أمْراً بغيرِ مَشُورةٍ اخطأَ أحياناً . وخَطَّأَ قولَ مَن فَسَّر قولَ النَّمِر بنِ تَوْلَب أو امْرِئ القَيس :
أحارُ بنَ عَمْروٍ فُؤَادِي خَمِرْ ... ويَعْدُو على المَرْءِ ما يَأْتَمِرْ . أي إذا ائْتَمَرَ أمْراً غيرَ رَشَدٍ عَدَا عليه فأهْلَكَه قال : كيف يَعْدُو على المرءِ ما شاوَرَ فيه والمُشَاوَرَةُ بَرَكةٌ ؟ وإنما أرادَ : يَعْدُو على المرءِ ما يَهُمُّ به من الشَّرِّ وقال أيضاً في قوله تعالَى : " وائْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ " : أي هُمُّوا به واعْتَزِمُوا عليه قال : ولو كانَ كما قال أبُو عُبَيْدَةَ في قوله تعالَى : " إنّ المَلأَ يَأْتَمِرُون بكَ " أي يَتشاوَرُونَ عليكَ لقال : يَتَأَمَّرُونَ بكَ
قال أبو منصور : وجائزٌ ان يقال : ائْتَمَر فلانٌ رَأْيَه إذا شاوَرَ عقلَه في الصَّوَاب الذي يَأْتِيه وقد يُصِيبُ الذي يَأْتَمِرُ رأْيَه مرَّةً ويُخْطِئ أُخْرَى قال : فمعنَى قولِه : " يَأْتَمِرون بكَ " : أي يُؤَامِرُ بعضُهُم بعضاً فيكَ أي في قَتْلِكَ أحْسَنُ مِن قول القُتَيْبِيِّ : إنّه بمعنى يَهُمُّون بكَ
وفي اللِّسَان : والمُؤْتَمِرُ : المُسْتَبِدُّ برَأْيِه وقيل : هو الذي يَسْبِقُ إلى القَوْلِ وقيل هو الذي يَهُمُّ بأمْرٍ يَفْعَلُه ومنه الحديثُ : " : لا يَأْتَمِرُ رَشَداً " أي لا يَأْتِي برَشَدٍ من ذاتِ نفسِه ويقال لكلِّ مَنْ فَعَل فِعْلاً مِن غيرِ مُشَاورةٍ : ائْتَمَرَ كأنَّ نفسَه أمَرتْه بشيْءٍ فَائتَمرها أي أطاعَها
يقال : أنتَ أعْلَمُ بتَأْمُورِك التَّأْمُورُ : الوِعَاءُ يريدُ أنتَ أعلمُ بما عندكَ
قيل : التَّأْمُورُ النَّفْسُ لأنها الأمّارة قال أبو زَيْدٍ : يُقَال : لقد عَلِم تَأْمُورُكَ ذلك أي قد عَلِمَتْ نفسْكُ ذلك وقال أوْسُ بنُ حَجَرٍ :
أُنْبِئْتُ أنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أوْلَجُوا ... أبْياتَهم تَأْمُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ . قال الأصمعيُّ : أي مُهْجةَ نفْسِه وكانُوا قَتَلُوه . قيل : تَأْمُورُ النَّفْسِ : حَيَاتُها
قيل : العقْلُ ومنه قولُهم : عَرَفْتُه بِتَأْمُورِي . التَّأْمُورُ : القَلْبُ نفسُه تَفْعُول مِن الأمْر ومنه قولُهم : حَرْفٌ في تَأْمُورِكَ خَيْر مِن عَشَرَةٍ في وِعَائكَ . قيل : التَّأْمُورُ : حَبَّتُه وحياتُه ودَمُه وعُلْقَتُه وبه فَسَّر بعضُهُم قولَ عَمْرو بنِ مَعْدِ يكَرِبَ : أسَد في تَأْمُورَتِهِ أي في شِدَّةِ شجاعتِه وقَلْبِه
ورُبَّمَا جُعِلَ خَمْراً ورُبَّما جُعِلَ صِبْغاً على التَّشْبِيه . أو التَّأْمُورُ الدَّمُ مطلقاً على التَّشْبِيه قالَه الأصْمَعِيُّ : وكذلك الزَّعْفَرانُ على التَّشبِيه قالَه الأصمعيُّ
التَّأْمُور : الوَلَدُ ووِعاؤُه . التَّأْمُور : وَزِيرُ المَلِكِ لنفُوذِ أمْرِه . التَّأْمُور : لَعِبُ الجَوَارِي أو الصِّبيانِ عن ثعلب . التَّأْمُور : صَوْمَعَةُ الرّاهِبِ ونامُوسُهمن المجاز : ما في الرَّكِيَّةِ تَأْمُور يُعْنَي : شَيْءٌ من الماء . قال أبو عُبَيْد : وهو قياس على قولهم : ما بالدّار تَأْمُور أي ما بها أحَدٌ وحَكَاه الفارسيُّ فيما يُهْمَزُ ولا يُهْمَزُ
التَّأْمُورُ : عِرِّيسَةُ الأسَدِ وخِيسُه عن ثعلب وهو التَّأْمُورَةُ أيضاً : ويقال : احْذَرِ الأسَد في تَأْمُورِه ومِحْرَابِه وغِيلِه . وسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطّاب رضيَ اللهُ عنه عَمْرَو بنَ مَعْدِ يكَرِبَ عن سَعْد فقال : أسَدٌ في تَأْمُورَتِه أي في عَرِينه وهي في الأصل الصَّوْمَعَةُ فاستعارَها للأسد وقيل أصلُ هذه الكلمةِ سُرْيَانِيَّة
التَّأْمُور : الخَمْرُ نفسُها على التَّشْبِيه بدَمِ القلب . التَّأْمور : الإبْرِيقُ . قال الأعْشَى يصفُ خَمَّارة :
وإذا لها تَأمُورَةٌ ... مَرْفُوعَةٌ لشَرابِهَا . ولم يَهْمِزْها
قيل : التَّأْمور : الحُقَّةُ يُجْعَل فيها الخَمْر كالتّأْمُورِة في هذه الأربعةِ وَزْنُه تَفْعُولٌ أو تَفْعُولَةٌ . قال ابنُ سِيدَه : وقَضَيْنا عليه أنَّ التّاءَ زائدةٌ في هذا كلِّه لعَدَمِ فَعْلُولٍ في كلام العرب . وهذا مَوْضِعُ ذكْرِه لا كما تَوَهَّمَ الجوهَرِيُّ وهو مذهبُ أهلِ الاشْتِقَاقِ ووَزْنُه حينئذ فاعُولٌ وفَاعُولَةٌ . وما اختارَه المصنِّفُ تَبَعاً لابن سِيدَه مالَ إليه كثيرٌ من أئِمَّة الصَّرْف
والتَّأْمُورِيُّ والتَّأْمُرِيُّ والتُّؤْمُرِيُّ بالضمّ في الأخير : الإنسانُ تقول ما رأيتُ تَأْمُرِيَّا أحسنَ من هذه المَرْأَة وقيل : إنها من ألفاظ الجَحْدِ لغة في تأْمُورِيٍّ السابق وصُوِّبَ فيها العُمُوم كما هو ظاهِرُ المُصَنِّفِ قالَه شيخُنَا
وآمِرٌ ومُؤْتَمِر آخِرُ أيامِ العَجُوزِ فالآمِر : السادس منها والمُؤْتَمِرُ السابعُ منها قال أبو شِبْلٍ الأعرابيُّ :
كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعَةٍ غُبْرِ ... بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ
وبِآمِرٍ وأخِيه مُؤْتَمِرٍ ... ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئِ الجَمْرِ . كأنَّ الأوّلَ منهما يأْمرُ الناسَ بالحَذَر والآخر يُشاوِرُهم في الظَّعْن أو المُقام . وفي التهذِيب : قال البُشْتِيّ : سُمِّيَ أحدُ أيامِ العَجُوزِ آمِراً لأنه يأمرُ الناسَ بالحَذَر منه وسُمِّيَ الآخرَ مُؤْتَمِراً . قال الأزهريُّ : وهذا خَطَأٌ وإنّما سُمِّيَ آمِراً لأنّ الناسَ يُؤامِرُ فيه بعضُهم بعضاً للظَّعْن أو المُقَام فجَعَلَ المؤتمرَ نَعْتاً لليوم والمعنى أنه يُؤْتَمرُ فيه كما يقال : ليلٌ نائمٌ : يُنَامُ فيه ويومٌ عاصفٌ : تَعْصِفُ فيه الرِّيح ومثلُه كثير ولم يَقُلْ أحدٌ ولا سُمِعَ مِن عربيٍّ : ائْتَمرتُه آي آذَنْتُه فهو باطل . والمُؤْتَمِرُ باللام ومُؤْتَمِرٌ بغيرِها : المُحَرَّم . أنشد ابنُ الأعرابي :
نحن أجَرْنَا كلَّ ذَيّالٍ قَتِرْ ... في الحَجِّ مِن قَبْلِ دَآدِى المُؤْتَمِرْ . أنشدَه ثعلب . " ج مآمِرُ ومآمِيرُ " . قال ابنُ الكُلْبيِّ : كانت عادٌ تُسَمِّى المُحَرَّم مُؤْتَمِراً وصَفَرَ نَاجِراً ورَبِيعاً الأوّلَ خَوّاناً وربيعاً الآخرَ بُصَاناً وجُمَادَى الأولى رُبَّى وجُمادَى الآخِرَة حَنِيناً ورَجَبَ الأصَمَّ وشَعبانَ عاذِلاً ورمضانَ ناتِقاً وشَوّالاً وَعِلاً وذا القَعْدَةِ ورْنَةَ وذا الحِجَّة بُرَكَ
وإمَّرَةُ كإمَّعَة : د قال عُرْوَةُ بنُ الوَرْد :
" وأهْلُكَ بينَ إمَّرَةٍ وكِيرِ . إمَّرَةُ أيضاً : جَبَلٌ قال البكريّ : إمَّرَةُ الحِمَى لغَنِيٍّ وأسَد وهي أدْنَى حِمَى ضَرِيَّة حَمَاه عُثْمَانُ لإبلِ الصَّدَقَةِ وهو اليومَ لعامرِ بنِ صَعْصَعَة وقال حبيبُ بنُ شَوْذبٍ : كان الحِمَى حِمَى ضَرِيَّةَ على عَهْد عُثْمَانَ سَرْحَ الغَنَمِ سِتَّةَ أميالٍ ثم زادَ الناسُ فيه فصارَ خَيَالٌ بإمَّرَةَ وخَيَالٌ بأسْوَدِ العَيْنِ والخَيَالُ : خُشُبٌ كانُوا يَنْصِبُونها وعليها ثِيابٌ سُودٌ لِيُعْلَمَ أنَّها حِمىً
ووادِي الأُمَيِّرِ مُصغَّراً : ع قال الرّاعِي :
وأُفْزعنَ في وادِي الأُمَيِّرَ بَعْدَما ... كَسَا البِيدَ سَافِي القَيْظَةِ المُتَناصِرُويومُ المَأْمُورِ يومٌ لبَنِي الحارثِ بنِ كَعْب على بني دارِم وإيّاه عَنَي الفَرزدقُ بقوله :
هل تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يومَ الصَّفَا ... أو تَذْكُرُون فَوَارِسَ المَأْمُورِ . في الحديث : " خَيْرُ المال مُهْرَةٌ مَأْمُورةٌ وسِكَّةٌ مَأْبُورةٌ " . قال أبو عُبَيْد : أي كثيرةُ النِّتَاجِ والنَّسْلِ والأصلُ مُؤْمَرةٌ مِن آمَرَهَا اللهُ . وقال غيرُه : إنّمَا هو مُهرةٌ مَأْمُورةٌ للازْدِوَاج والإتباع لأنّهم أتْبَعُوها مَأْبُورَةً فلما ازدوجَ اللَّفظانِ جاؤُوا بمَأْمُورةٍ على وزن مَأْبُورة كما قالت العربُ : إنِّي آتِيَهِ بالغَدَايا والعَشايَا وإنما يُجْمَع الغَداةُ غَدَوَاتٍ فجاؤُوا بالغَدايا على لفظ العَشَايا تزويجاً للفْظَينَ ولها نظائرُ . وقال الجوهريُّ : والأصلُ فيها مُؤْمَرةٌ على مُفْعَلَةٍ كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلّم : " ارْجِعْنَ مَأْزُوراتٍ غير مَأْجُوراتٍ " وإنّما هو مَوْزُوات من الوِزْر فقِيل : مَأْزُورَات على لفظ مَأْجُورات لِيَزْدَوِجَا
وقال أبو زَيْد : مُهْرَةٌ مأْمُورَةٌ هي التي كَثُرَ نَسْلُها يقولون : أمَرَ اللهُ المُهرة أي كَثَّر وَلَدَها وفيه لُغتانِ أمَرَها فهي مَأْمُورة وآمَرَها فهي مُؤْمَرَةٌ
ورَوَى مُهَاجِرٌ عن عليِّ بنِ عاصِمٍ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أي نَتُوجٌ وَلُودٌ وفي الاساس ومن المَجاز : مهرةٌ مَأْمورةٌ أي كثيرةُ النِّتَاج كأنَّهَا أُمِرَتْ به وقيل لها كُونِي نَثُوراً فكانتْ . أو لُغَيَّةٌ كما سَبَقَ أي إذا كانت من أمَرَها اللهُ فهي مَأْمُورة كنَصَر وقد تقدّم عن أبي عُبَيد وغيرِه انهما لغتانِ . يقال : تَأَمَّرَ عليهم فحَسُنَت إمْرَتُه أي تَسَلَّط
واليَأْمُورُ بالياءِ المُثَنّاة التَّحْتِيَّة كما في سائر النُّسَخ ومثلُه في التكملة عن الليث والذي في اللِّسَان وغيرِه من الأُمَّهات بالمُثنَّاةِ الفَوْقِيَّة كنَظَائِرها السابقة والأوّلُ الصَّوَابُ : دابَّةٌ بَرِّيَّةٌ لها قَرْنٌ واحِدٌ متشعِّبٌ في وسَطِ رَأْسِه قال اللَّيْث : يجْرِي على مَن قَتَلَه في الحَرَمِ والإحرام إذا صِيدَ الحُكْمُ انتهى . وقيل : هو من دَوابِّ البحرِ أو جِنْسٌ من الأوْعَالِ وهو قولُ الجاحظِ ذَكَره في باب الأوْعَال الجَبَلِيَّة والأيايل والأرْوَى وهو اسمٌ لجِنْسٍ منها بوزن اليَعْمُور
والتّآمِيرُ هي الأعْلامُ في المَفاوِزِ ليُهْتَدَي بها وهي حجارةٌ مُكَوَّمَةٌ بعضُها على بعض الواحدُ تُؤْمُورٌ بالضّمِّ عن الفَرّاءِ . وبَنُو عِيدِ بنِ الآمِرِيِّ كعامريٍّ : قبيلةٌ من حِمْيَر نُسِبَ إليه النَّجائِبُ العيدِيَّةُ وقد تقدَّم في الدّال المهملة
ومما يُستدرَك عليه : الأمِيرُ : ذو الأَمْر والأمِير : الآمِرُ قال :
والنّاسُ يَلْحَوْنَ الأمِيرَ إذَا هُمُ ... خَطِئُوا الصَّوابَ ولا يُلامُ المُرْشِدُ . ورجلٌ أمُورٌ بالمعروفِ نَهُوٌّ عن المُنْكَر
والمُؤْتَمِرُ : المُسْتَبِدُّ برأْيهِ ومنه قولُهم : أمَرْتُه فأْتَمَرَ وأبَى أنْ يَأْتَمِرَ . وأمَّرَ أمَارَةً إذا صَيَّرَ عَلَماً . والتَّأْمِيرُ : تَوْلِيَةُ الإمارةِ . وقالوا : في وَجْهِ مالِكَ تَعْرِفُ أمَرَتَه محرَّكةً وهو الذي تَعْرِفُ فيه الخيرَ مِن كلِّ شيْءٍ وأمَرَتُهُ زيادتُه وكثرَتُه . وما أحسنَ أمارَتَهم أي ما يَكْثرُون ويَكثرُ أولادُهم وعَددُهم
وعن الفَرّاءِ : الأمَرَة : الزِّيادة والنَّماءُ والبَركة قال : ووَجْهُ الأمْرِ أوّلُ ما تَراه وقال أبو الهيْثَم : تقولُ العَربُ : في وجْهِ المالِ تَعْرِفُ أمَرَتَه أي نُقصانَه قال أبو منصور : والصَّوابُ ما قال الفَرّاءُ وقال ابن بُزُرْج : قالوا : في وَجْه مالِكَ تَعرفُ أمَرَتَه أي يُمْنَه وأمَارَتَهُ مثلُه وأمْرَتُه بفَتْحٍ فسُكُونٍ
وقالوا :
يا حَبَّذَا الإمَاره ... ولَوْ عَلى الحِجَارَهْ . ومُرْنِي بمعنىَ : أشِرْ عليَّ . وفلانٌ بَعِيدٌ مِن المِئْمَرِ قَرِيبٌ مِن المِئْبَرِ وهو المَشُورَة : مفْعَلٌ مِن المُؤامَرَةِ . والمِئْبر : النَّمِيمَةُ . وفلانةُ مُطِيعةٌ لأمِيرِهَا : زَوْجِهَا
وفي الحديث . ذُكِرَ : " ذو أمَرٍ " محرَّكةً وهو موضعٌ بنَجْدٍ مِن ديار غَطَفَانَ قال مُدْرِكُ بنُ لأْيٍتَرَبَّعَتْ مُوَاسِلاً وذا أمَرْ ... فمُلْتَقَى البَطْنَيْنِ مِن حيثُ انْفَجَرْ . وكان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم خَرَجَ إليه لجَمْع مُحَارِب فهربَ القومُ منه إلى رُؤُوس الجِبال وزَعِيمُهُم دُعْثُورُ بنُ الحارثِ المُحَارِبيُّ فعَسْكَر المسلمون به
وذو أمَرّ مثلُه مشدَّداً : ماءٌ أو قريةٌ مِن الشام . والأمِيرِيَّة ومَحَلَّةُ الأمِير : قَرْيَتَانِ بمصر
تَذْيِيلٌ : قال اللهُ عزَّ وجلَّ : " وإذا أرَدْنَا أنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فيها " قال ابن منظور : أكثرُ القراءِ " أَمَرْنا " ورَوَى خارِجَةُ عن نافع : " آمَرْنَا " بالمَدّ وسائرُ أصحابِ نافعٍ رَوَوْه عنه مَقْصُوراً . ورًوِىَ عن أبي عَمْروٍ : " أمَّرْنَا " بالتَّشْدِيد وسائرُ أصحابِه رَوَوْه بتخفِيفِ المِيمِ وبالقَصْر وَرَوَى هُدْبَةُ عن حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ عن ابنِ كَثِيرٍ بالتَّشديد وسائرُ النَّاسِ رَوَوْه عنه مخفَّفاً وَرَوَى سَلَمَةُ عن الفَرّاءِ : مَنْ قرأ : " أمَرْنَا " خَفِيفَةً فَسَّرها بعضُهُم أمَرنا مُترفِيها بالطّاعة ففسقُوا فيها أن المُتْرَفَ إذ أُمِرَ بالطّاَعَة خالَفَ إلى الفِسْق قال الفَرّاءُ : وقرأَ الحَسَنُ : " آمَرنا " ورُوِيَ عنه : " أمَرنا " قال ورُوِيَ عنه انه بمعنى أكْثَرْنَا قال : ولا نرَى أنها حُفِظَتْ عَنْه لأنَّا لا نعرفُ معناها هنا ومعنى آمرنا بالمَدِّ أكثَرْنا قال : وقرأ أبو العالِيَةِ : أمَّرنا وهو موافِقٌ لتفسِيرِ ابنِ عَبّاس وذلك أنّه قال : سَلَّطْنَا رُؤَساءَهَا ففسَقُوا وقال الزَّجّاج نحواً ممّا قال الفَرّاءِ قال : ومَن قرأ : " أمَرنا " بالتَّخْفِيف فالمعنى أمِرناهم بالطّاعة ففسَقوا فإن قال قائلٌ : ألستَ تقول : أمَرْتُ زيداً فَضَرب عَمْراً والمعنى أنكَ أمَرْتَه أن يَضْربَ فهذا اللَّفْظُ لا يَدُلّ على غير الضَّرْب ومثلُه قولُه : " أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فيها " أَمَرْتُكَ فَعَصَيْتَنِي فقد عُلِمَ أنّ المَعْصِيةَ مخَالَفَةٌ الأمرِ وذلك الفِسقُ مخالفة أمْرِ اللهِ وقرأ الحَسَنُ : " أمِرْنَا مُترفيها " على مِثال عَلِمْنَا قال ابنُ سِيدَه : وعسَى أن تكون هذه لغةً ثالثةً قال الجَوهَريُّ : معناه أمَرْنَاهُم بالطّاعة فعَصَوْا قال : وقد تكونُ مِن الإمارة قال : وقد قِيل : أمِرْنا مُتْرَفِيها : كَثَّرْنَا مُترَفِيها والدليلُ على هذا قولُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم : " خيرُ المالِ سِكَّةٌ مأْبُورَةٌ أو مُهْرَةٌ مَأْمُورةٌ " أي مُكَثِّرةٌ
تَكْمِيلٌ :وإذَا أمَرْتَ مِن أَمَرَ قلتَ : مُرْ وأصلُه اؤْمُرْ فلما اجتمعتْ همزتان وكَثُرَ استعمالُ الكلمةِ حُذِفت الهمزةُ الأصليّةُ فزال السّاكنُ فاستُغْنِيَ عن الهمزةِ الزائدةِ وقد جاءَ على الأصْل وفي التَّنْزِيل العزيز : " وأْمُرْ أهْلَكَ بالصَّلاةِ " وفيه : " خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ " . وفي التَّهْذِيبِ : قال اللَّيْث : ولا يقال : أُومُرْ فلاناً ولا أُوخُذْ منه شيئاً ولا أُوْكُلْ . إنّمَا يقال : مُرْ وكُلْ وخُذْ في الابتداءِ بالأمْر استثقالاً للضَّمَّتَيْنِ فإذا تقدَّم قبلَ الكلامِ واوٌ أو فاءٌ قلتَ : وأْمُرْ فأْمُرْ كما قال عزّ وجلّ : " وأْمُرْ أَهْلَكَ بالصّلاةِ " فأمّا كُلْ مِن أكلَ يأْكُل فلا يكادُ يُدخِلُون فيه الهَمْزةَ مع الفاءِ والواوِ ويقولون : وكُلا وخُذَا وارْفَعَاه فكُلاه ولا يقولون : فَأْكُلاه قال : وهذه أحْرفٌ جاءَتْ عن العربِ نَوَادِرَ وذلك أنّ أكثرَ كلامِهَا في كلِّ فِعْلٍ أولُه همزةٌ مثل أبَلَ يَأْبِلُ وأَسَرَ يَأْسِرُ أنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ منه وكذلك أبَقَ يَأْبِقُ فإذا كان الفِعْلُ الذي أولُه همزةٌ ويفْعِلُ منه مكسوراً مَرْدُوداً إلى الأمْر قيل : إيسِرْ فلانُ إيبِقْ يا غُلامُ وكان أصْلُه إأْسِرْ بهمزتَيْن فكَرِهُوا جَمْعاً بين همزتَيْن فحَوَّلُوا إحداهما ياءً إذ كان ما قبلَها مكسوراً قال : وكان حَقُّ الأمر من أَمَرَ يَأُمُر وأخذ يأْخُذُ وأكل يأْكلُ أن يقال : أُؤمُرْ أُؤْخُذْ أُؤْكُلء بهمزتين فتُرِكَتْ الهمزةُ الثانيةُ وحُوِّلتْ واواً للضَّمَّةِ فاجتمعَ في الحَرْف ضَمَّتَان بينهما واوٌ والضَّمَّةُ مِن جنس الواو فاستَثْقلَتِ العربُ جَمْعاً بين ضَمَّتَين وواوٍ وطَرَحُوا هَمْزَه و الواوَ لأنه بَقِيَ بعد طَرْحِهِما حرفنا فقالوا : مُرْ فلاناً بكذا وكذا وخُذْ من فلانٍ وكُلْ لم يقولوا : أُكُلْ وأُخُذْ ولا أُمُرْ كما تقدّم فإنْ قيل : لِمَ رَدُّوا وأْمُرْ إلى أصلها ولم يَرُدُّوا كُلا ولا خُذَا ؟ . قيل : لسَعَةِ كلامِ العربِ ربما رَدُّوا الشيءَ إلى أصله وربما بَنَوْه على ما سَبَقَ له وربما كَتَبُوا الحرف مهموزاً وربما كَتَبُوه على ترك الهمزة وربما كَتَبُوه على الإدغام وربما كتبوه على ترك الإدغام وكلُّ ذلك جائز واسع
العربُ تقول : أَمَرْتُكَ أن تفْعَل ولِتَفْعَلَ وبأَنْ تَفْعَلَ فمَنْ قال : أمَرتُكَ بأن تفعلَ فالباءُ للإلصاق والمعنى وقع الأمْرُ بهذا الفِعل ومَن قال : أمرتُكَ أن تفعلَ فعلى حذفِ الباءِ ومَن قال : أمرتُكَ لِتَفْعَلَ فقد اخبرنا بالعِلَّة التي لها وَقَعَ الأمْرُ . والمعنى أُمِرْنا للإسلام
وقولُه عزّ وجلّ : " أَتَى أَمْرُ اللهِ فلا تَسْتَعْجِلُوه " قال الزَّجّاج : أَمْرُ اللهِ ما وَعَدَهم به مِن المُجَازاةِ على كُفْرِهم من أصنافِ العذاب والدَّلِيلُ على ذلك قولُه تعالَى : " حتَّى إذا جاءَ أمْرُنا وفارَ التَّنُّورُ " أي جاءَ ما وَعَدْناهُم به وكذلك قولُه تعالى : " أَتَاهَا أمْرُنَا لَيْلاً أو نَهَاراً فَجعَلْنَاها حًصٍيداً " وذلك أنّهم استعجَلُوا العذابَ واستَبْطَؤوا أمْرَ السَّاعَةِ فأعْلَمَ الله أنّ ذلك في قُرْبِه بمَنْزِلَةِ ما قد أَتَى كما قال عزّ وجلّ : " وما أمْرُ السّاعَةِ إلا كَلَمْحِ البَصَرِ أو هو أَقْرَبُ "
الدُّبْرُ بالضَّمّ وبِضَمَّتَيْن : نَقِيضُ القُبُلِ . الدُّبُر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ : عَقِبهُ ومُؤَخَّرُه . ومن المَجاز : جِئْتُكَ دُبُرَ الشَّهْرِ أَي آخِرَه على المَثَل . يقال : جِئْتك دُبُرَ الشَّهْر وفِيهِ أَي في دُبُره وَعَلَيْهِ أَي عَلى دُبُره والجَمْع من كُلّ ذلك أدْبَارٌ . يقال : جئتُك أدْبَارَه وفِيهَا أَي في الأَدْبار أَي آخِرَه . و الأَدْبارُ لذَوات الظِّلف والمِخْلَب : ما يَجْمَع الاسْت والحَيَاءِ . وخَصّ بعضُهُم به ذَواتِ الخُفِّ والحَيَاءِ الواحِدُ دُبُرٌ . والدُّبُر والدُّبْر : الظَّهْرُ وبه صَدَّرَ الزَّمَخْشَرِىّ في الأساس والمصنِّف في البصائر وزاد الاستدلالَ بقوله تعالى : " وَيُوَلُّوَن الدُّبُر " قال : جَعَله للجماعة كقوله تعالى : " لا يَرْتَدُّ إلَيْهِم طَرُْهُمْ " والجمعُ أَدْبَارٌ . قال الفَرّاءُ : كان هذا يوم بَدْرٍ . وقال ابن مُقْبِل :
" الكاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ
وإدْبَارُ النُّجُومِ : تَوَالِيهَا وأَدْبارُهَا أخْذُهَا إلى الغَرْب للغُرُوب آخِرَ اللَّيْل . هذه حِكايَةُ أهل اللُّغَة قال ابنٌ سِيدَه : ولا أدرِي كَيْف هذا لأَنَّ الأَدْبَارَ لا يَكُون الأَخْذَ إِذ الأَخْذُ مَصْدرٌ والأَدْبَارُ أَسماءٌ وأَدْبار السُّجُودِ وإِدبارُه : أَواخِرُ الصَّلوَاتِ . وقد قُرِئَ : وأَدْبار وإِدْبار فمَنْ قرأَ وأَدْبَار فمِن بابِ خَلْفَ ووَرَاء ومَن قَرأَ وإِدْبَار فمِن بابِ خُفُوق النَّجْم . قال ثعلب في قوله تعالى " وإِدْبَار النُّجُوم " " وأَدْبَار السُّجُود " قال الكسَائيّ : إِدبار النجوم أَن لها دُبُراً وحداً في وقت السحر وأَدْبَار السجود لأنَّ مع كل سَجْدة إِدْباراً
وفي التهذيب مَنْ قرأَ : " وأَدْبار السُّجُود " . بفتح الَألف جمع على دُبُر وأَدْبَار وهما الرَّكْعَتَان بعد المَغْرِب رُوِىَ ذلِك عن عَلِيّ بن أَبِي طالِبٍ رضي الله عَنْه . قال : وأَما قوله " وإِدبار النُّجُوم " في سورة الطُّور فهما الرَّكْعَتَان قبل الفجر قال : ويُكسرَان جميعا ويُنْصَبانِ جائزانِ . و الدُّبُر : زَاوِيَةُ البَيْتِ ومُؤَخَّرُه . والدَّبْر بالفَتْحِ : جَماعَةُ النَّحْلِ ويقال لها الثَّوْلُ والخَشْرَمُ ولا وَاحِدَ لشْيءٍ من هذا قاله الأَصمَعِيّ . روَى الأَزْهَرِيّ بسنده عن مُصعَب بن عبد الله الزُّبَيْرِيّ : الدَّبْر : الزَّنَابِيرُ ومن قال النَّحْل فقد أَخطأَ قال : والصواب ما قاله الأَصمَعِيّ . وفَسَّر أَهلُ الغَرِيبِ بهما في قصّة عاصم بن ثابتٍ الأَنصاريّ المعروف بِحَمِىِّ الدَّبْرِ أُصِيبَ يومَ أُحُدٍ فمَنَعت النَّحْلُ الكُفَّارُ منه ؛ وذلك أَن المشركين لمَّا قَتلُوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلَّطَ الله عليهم الزَّنابيرَ الكِبَارَ تَأْبِر الدَّارِعَ فارتَدَعوا عنه حتى أَخَذَه المُسْلِمُون فَدَفَنُوه وفي الحَدِيث " فأَرْسلَ اللهُ عليهم مِثْلَ الظُّلْمَةِ مِن الدَّبْرِ " قيل : النَّحْل وقيل : الزَّنابير . ولقد أَحسنَ المُصنِّف في البَصَائر حيث قال : الدَّبْر : النَّحْل والزّنابِير ونَحْوُهَما مما سِلاحُها في أَدْبَارِها . وقال شَيْخُنَا نَقْلاً عن أَهْل الاشْتِقَاق : سُمِّيَت دَبْراً لتَدْبِيرها وتَأَنُّقِها في العَمَل العَجِيب ومنه بِنَاءُ بُيوتِها ويُكْسَر فِيهمِا عن أَبي حَنِيفَة وهكذا رُوِىَ قولُ أبي ذُؤَيب الهُذَليّ :
بأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفرِدَ خِشْفُهَا ... وقد طُرِدَتْ يَوْمَيْن وهْي خَلُوجُ عَنَى شُعْبَةً فيها دَبْر
وفي حديث سُكَيْنةَ بنتِ الحُسَيْن " جاءَت إلى أُمّها وهي صغيرة تَبْكِي فقالت لها : مالَكِ ؟ فقالتْ : مَرَّت بي دُبَيْرة فلسَعَتْني بأُبَيْرة " وهي تصغير الدَّبْرة النّحلة ج أَدْبُرٌ ودُبُورٌ كفَلْس وأَفْلُسٍ وفُلُوس . قال لبيد :
بأَشْهَبَ من أَبْكارِ مُزْنِ سَحَابةٍ ... وأَرْىِ دُبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ أَراد : شارَه من النَّحْل أَي جَناه . قال ابنٌ سِيدَه : ويجوز أَن يكون جمْع دَبْرة كصَخْرَة وصُخُور ومَأْنَة ومُؤُون . والدَّبْرُ : مَشَارَاتُ المَزْرَعَةِ أَي مَجَارِي مائِها كالدِّبَارِ بالكَسْرِ واحِدُهُما بِهَاءٍ وقيل : الدِّبَار جمْع الدَّبْرة قال بِشْر بن أَبِي خَازِم :
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْر عن جُرَشِيَّةٍ ... علَى جِرْبةٍ يَعْلُو الدِّبَارَ غُرُوبُهاوقيل الدِّبَار : الكُرْدَة من المَزْرعَة الواحِدَة دِبَارَةٌ . والدِّبَاراتُ : الأَنْهَار الصِّغَار التي تَتَفَجَّر في أَرض الزَّرْع واحدتها دَبْرة قال ابنٌ سِيدَه : ولا أَعْرف كيف هذا إِلاَّ أَن يكون جمعَ دَبْرَة على دِبَار ثمّ أُلْحِق الْهاءُ للجَمْع كما قالُوا الفِحَالَة ثُمَّ جُمِع الجَمْعُ جَمْعَ السَّلاَمة . والدَّبْر أَيضاً : أَوْلادُ الجَرَادِ عن أَبي حَنِيفَة : ونصّ عبارته : صِغَار الجَرَادِ ويُكْسَرُ . والدَّبْر : خَلْفُ الشَّيْءِ ومنه : جَعَلَ فُلانٌ قَوْلَكَ دَبْرَ أُذُنِهِ أَي خَلْف أُذُنه . وفي حديث عُمَر : " كُنْتُ أَرجو أَن يَعيشَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى يَدْبُرَنا " أَي يَخْلُفنا بعد مَوْتِنَا يقال : دبَرْتُ الرَّجُلَ دَبْراً إِذَا خَلَفْتَه وبَقِيتَ بَعْدَه . والدَّبْر : المَوْتُ ومنه دَابَر الرَّجُلُ : ماتَ عن اللِّحْيَانيّ وسيأْتي . والدَّبْر : الجَبَلُ بلسانِ الحَبشة . ومِنْه حَدِيثُ النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الحَبَشةِ أَنه قال : " ما أُحِبُّ أَن لِي دَبْراً ذَهَباً وأَنِّى آذَيْتُ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِين " . قال الصَّغانِيّ : وانْتِصَاب ذَهَباً على التَّمْيِيز ومثله قولُهم : عندي راقُودٌ خَلاًّ ورِطْلٌ سَمْناً والواو في وأَنّى بمعنى مَعَ أَي ما أُحِبّ اجْتِمَاع هذَيْنِ انْتَهَى وفي رواية " دَبْراً من ذَهبٍ " . وفي أخرى : " ما أُحَبُّ أَن يكون دَبْرَى لي ذَهَباً " وهكذا فَسَّروا فهو في الأَوَّل نَكِرة وفي الثَّاني مَعْرفة . وقال الأَزْهَرِيّ : لا أَدْرِي أَعرَبِيّ هو أَم لا ؟ . و الدَّبْر : رُقَادُ كُلِّ سَاعَة وهو نحْو التَّسبيح والدَّبْر الاكْتِتابُ وفي بعض النسخ الالتتاب باللام وهو غَلَط . قال ابنٌ سِيدَه : دَبَرَ الكِتَابَ يَدْبُره دَبْراً : كَتَبَه عن كُراع . قال : والمعروف ذَبَره ولم يَقُل دَبَرَه إلاّ هو . والدَّبْر : قِطْعَةٌ تَغْلُظُ في البَحْرِ كالجَزِيرَة يَعْلوهَا الماءُ ويَنْصَبُّ عنها هكذا في النُّسَخ وهو مُوافِقٌ لِما في الأُمَّهات اللُّغَوِيَّة . وفي بعض النُّسخ : يَنضُب من النضب وكلاها صَحِيح . والدَّبْر : المَالُ الكَثِيرُ الذي لا يُحصَى كَثْرة واحدُه وجَمْعُه سَوَاءٌ ويُكْسَرُ يقال : مَالٌ دَبْر ومَالانِ دَبْر وأَمْوالٌ دَبْرٌ . قال ابنٌ سِيدَه : هذا الأَعْرف قال : وقد كُسِّر على دُبُور ومثلْه مال دَثْر . وقال الفَرّاءُ : الدَّبْرُ : الكَثِير من . الضَّيْعَة والمَالِ . يقال : رجلٌ كَثِيرُ الدَّبْرِ إِذَا كانَ فاشِيَ الضَّيْعَة ورجُل ذو دَبْرٍ : كثيرُ الضَّيْعَةِ والمال حكاه أَبو عُبَيْد عن أَبِي زَيْد . والدَّبْرُ : مُجَاوَزَةُ السَّهْمِ الهَدَفَ كالدُّبُورِ بالضَّمّ يقال : دَبَرَ السَّهْمُ الهَدَفَ يَدْبُره دَبْراً ودبُوُراً جاوَزَه وسَقَطَ وَراءَه . وقولُهم : جَعَلَ كَلاَمَكَ دَبْرَ أُذُنِه أَي خَلْفَ أُذُنه وذلِك إِذَا لم يُصْغِ إلَيْهِ ولم يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَي لم يَعْبَأْ به وتَصَامَمَ عنه وأَغْضَى عنه ولم يَلتفِتْ إليه قال الشاعر :
يَدَاهَا كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذَا مَشَتْ ... ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْن طَرُوحُوالدَّبْرَةُ : نَقِيضُ الدَّوْلِة فالدَّوْلةُ في الخَيْر والدَّبْرَة في الشَّرّ . يقال : جَعَل اللهُ عليك الدَّبْرَة . قاله الأَصمَعِيّ . قال ابنٌ سِيدَه : وهذا أَحْسَنُ ما رأَيْتُه في شَرْح الدَّبْرَةِ وقيل : الدَّبْرَةُ : العَاقِبَةُ ومنه قَولُ أبَيِ جهل : لابْنِ مَسْعودٍ وهو صَرِيعٌ جَريحٌ لِمَنِ الدَّبْرةُ ؟ فقال لِلّه ولرسُولِه يا عَدُوَّ الله . ويقال : جَعَلَ اللهُ عليهم الدَّبْرةَ أَي الهَزِيمة في القِتَالِ وهو اسْمٌ من الإِدْبَار ويُحَرَّك كما في الصّحاح وذَكَرَه أَهْلُ الغَرِيب . وعن أَبي حَنِيفةَ : الدَّبْرَةُ : البُقْعَةُ من الأَرْض تُزْرَعُ والجَمْع دِبَارٌ . ومن المَجَاز : الدِّبْرَة : بالكَسْرِ خِلاَفُ القِبْلَةِ . ويقال : مالَهُ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ أَي لَمْ يَهْتَدِ لجِهَةِ أَمْرِهِ . وقَوْلُهم : فُلانٌ مَا يَدْرِي قِبَالَ الأَمر من دبِارِه أَي أوَّلَه من آخِرِه . ليس لِهذا الأَمرِ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذَا لم يُعْرَف وَجْهُه . والدَّبَرَة : بالتَّحْرِيكِ : قَرْحَةُ الدَّابَّةِ والبَعِيرِ ج دَبَرٌ مُحَرَّكةً وأَدْبَارٌ مثل شَجَرة وشَجَر وأَشْجَار . وفي حديث ابْنِ عَبّاس " كانُوا يَقولون في الجاهليّة : إِذَا بَرَأَ الدَّبَر وَعَفَا الأَثَر " . وفسّروه بالجُرْح الذي يكون في ظَهْر الدّابّة . وقيل : هو أَن يَقْرَح خُفُّ البَعِير وقد دَبِرَ البَعِيرُ كفَرِحَ يَدَْر دَبَراً وأَدْبَرَ واقتصر أَئِمَّة الغَرِيب الأَوَّل فهو أَي البَعِيرُ دَبِرٌ ككَتِف وأَدْبَرُ والأُنثَى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ وإبِلٌ دَبْرَى . وفي المَثَل : " هَاَن عَلَى الأَمْلَسِ ما لَاقَى الدَّبِرُ " ذَكَرَه أَهلُ الأَمْثَال في كُتُبِهم وقالوا : يُضْرَبُ في سُوءِ اهْتِمَامِ الرَّجُلِ بِصَاحِبِه وهكذا فَسَّرَه شُرَّاحُ المَقَامَات . وأَدْبَرَهُ الحِمْلُ والقَتَبُ فدَبِرَ . ودَبَرَ الرَّجلُ دَبْراً : وَلَّى كأَدْبَرَ إدْبَاراً ودُبْراً وهذا عن كُرَاع . قال أَبو مَنْصُور : والصَّحيح أَن الإدْبارَ المَصْدَرُ والدُّبْر الاسْمُ . وأَدْبَرَ أَمرُ القَوْمِ وَلَّى لِفَسَادٍ وقَوْلُ الله تعالى : " ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِين " هذا حالٌ مُؤَكّدة لأنه قد عُلِم أَن مع كُلِّ تَوْلِيَة إِدباراً فقال : مُدْبِرِين مُؤَكّداً . وقال الفَرّاءُ : دَبَرَ النَّهَارُ وأَدْبَرَ لُغَتانِ وكذلك قَبَلَ وأَقْبَلَ فإِذا قالوا : أَقْبَلَ الرَّاكبُ أَو أَدْبَرَ لم يقولوا إلاّ بالأَلف . قال ابنٌ سِيدَه : وإِنَّهُمَا عندي في المعَنى لَواحِدٌ لا أُبْعِدُ أَن يَأْتِيَ في الرِّجَال ما أَتَى في الأَزْمِنَة . وقرأَ ابن عَبَّاس ومُجَاهِدٌ " واللَّيْلِ إذْ أَدْبَرَ " مَعْنَاه وَلَّى ليَذْهَب . ودَبَر بالشَّيْءِ : ذَهَبَ بِهِ . ودَبَر الرَّجُلُ : شَيَّخَ وفي الأَساس شَاخَ وهو مَجَاز وقيل ومنه قَوْلُه تعالى : " واللَّيْلِ إِذ أَدْبَر " . ودَبَرَ الحَدِيث عن فُلانٍ : حَدَّثَه عَنْه بَعْدَ مَوْتِهِ وهو يَدْبُر حَدِيثَ فُلانٍ أَي يَرْوِيه . ورَوَى الأَزْهَرِيّ بسَنَده إلى سَلاَّم بنِ مِسْكين قال : سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحدِّث عن فلانٍ يَروِيه عن أَبي الدَّرْدَاءِ يَدْبُرُه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما شَرَقَتْ شَمْسٌ قطُّ إلاّ بجَنْبِهَا مَلَكَانِ يُنادِيَان إنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقلَيْن الجِنِّ والإِنْس : أَلاَ هَلُمُّوا إلى رَبّكم فإِنَّ ما قَلَّ وكَفَي خَيْرٌ مما كَثُروا وأَلْهَى الّلهُمَّ عَجِّل لمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّل لمُمْسِك تَلَفاً " . قال شَمِرٌ : ودبَرَتْ الحَدِيث غيْرُ مَعروف وإِنما هو يُذْبُره بالذّال المُعْجَمَة أَي يُتْقِنه قال الأَزْهَرِيّ : وأَما أَبو عُبَيْد فإِن أَصحابَه رَوَوْا عنه : يَدْبُرُه كما تَرَىدَبَرَت الرِّيحُ : تَحَوَّلتَ وفي الأَسَاس : هَبَّت دَبُوراً وفي الحَدِيث . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نُصِرْت بالصَّبَا وأُهلِكَت عادٌ بالدَّبُور " وهي - أَي الدَّبور كصَبُور وفي نسخة شَيْخنا " وهو بتَذْكِير الضَّمِير وهو غَلَطٌ كما نَبَّه عليه إذ أَسماءُ الرِّيَاح كُلِّهَا مُؤَنَّثةٌ إلاَّ الإِعْصَارَ - ريِحٌ تُقَابِل الصَّبَا . والقَبَولُ : رِيحٌ تَهُبّ من نَحْو المَغْرب والصَّبَا يُقَابِلها من ناحِيَة المَشْرِق كذا في التَّهْذِيب . وقيل : سُمِّيَت بالدَّبُور لأَنَّهَا تأْتِي من دبُرُ الكَعبة ممّا يَذْهَب نحو المَشْرق وقد رَدَّه ابنُ الأَثِير وقال : ليس بشْيءٍ وقيل : هي التي تَأْتِي من خَلْفِك إِذَا وَقفْت في القِبْلَة
وقال ابنُ الأَعرابيِّ : مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطَّائرِ إلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ . وقال أَبو عَلِيّ في التّذْكِرَة : الدَّبُور : يكون اسْماً وصِفَةً فمِنَ الصِّفة قَولُ الأَعْشَى :
لها زَجَلٌ كحَفِيف الحَصَا ... دِ صادَف باللَّيْل رِيحاً دَبُورَا ومن الاسم قولُه أَنشَده سِيبَوَيْهِ لرجُل من باهِلَة :
رِيحُ الدَّبُور مع الشَّمَالِ وتارَةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائِبُ التَّهْتانِ قال : وكَونُها صِفَةً أَكثرُ . والجمع دُبُرٌ ودَبائِرُ . وفي مجمع الأمثال للمَيْدانيّ : وهي أَخْبَثُ الرِّياح يقال إنَّهَا لا تُلِقح شَجراً ولا تُنْشِيُء سَحاباً . ودُبِرَ الرّجلُ كعُنِىَ فهو مَدْبُورٌ : أصابَتْه رِيحُ الدًّبُورِ . وأَدْبَرَ : دَخَل فِيهَا وكذلِك سائِرُ الرِّيَاح . عن ابنِ الأَعرابيِّ : أَدْبَرَ الرَّجلُ إِذَا سافَر في دُبَارٍ بالضَّمّ يومِ الأَرْبَعَاءِ . كما سيأْتِي للمُصَنِّف قريباً وهو يَومُ نَحْسٍ وسُئِل مُجَاهِدٌ عن يوم النَّحْس فقال : هو الأَربعاءُ لا يَدُور في شَهْرِه
من المَجاز : قال ابنُ الأَعرابيِّ : أَدْبَرَ الرّجلُ إِذَا عَرَفَ قَبِيلَه مِنْ دَبِيرِه هكذا في النُّسَخ ونَصُّ ابنِ الأَعرابيِّ : دَبِيرَه من قَبِيله ومن أَمْثَالهم : " فُلانٌ ما يَعْرِف قَبِيلَه من دَبِيرِه " أَي ما يَدْرِي شيئاً . وقال اللَّيْث : القَبِيل : فَتْل القُطْنِ والدَّبِير : فَتْل الكَتّانِ والصُّوفِ . قال أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيّ : مَعْنَاهُ طَاعَته من مَعْصِيتَه . ونصّ عِبارته : مَعْصِيتَه من طَاعَتِه كما في بَعْض النُّسَخ أَيضاً وهو مُوافِقٌ لنَصِّ ابْنِ الأَعرابيِّ . وقال الأَصمَعِيّ : القَبِيلُ : ما أَقْبَلَ مِن الفاتِل إلى حَقْوِه والدَّبِير : ما أَدْبَر به الفاتِلُ إلى رُكْبَته . وقال المُفَضَّل : القَبِيلُ : فَوْزُ القِدَاح في القِمَار والدَّبِيرُ : خَيْبَةُ القِدَاحِ وسيُذْكَر من هذا شَيْءٌ في قبل أَن شَاءَ اللهُ تعالى وسيأْتي أَيضاً في المَادَّة قَرِيباً للمُصنِّف ويَذْكُر ما فَسَّر به الجَوْهَرِيّ ونقل هنا قَوْلَ الشّيبَانِيّ وتَرَكَ الأَقْوَالَ البقَيِة تَفَقُّنناً وتَعْمِيَةً على المُطالِع . أَدْبَرَ الرَجلُ إِذَا مَاتَ كدَابَرَ الأَخير عن اللِّحْيَانيّ وأَنْشَد لأُميَّةَ بنِ أَبي الصَّلْت :
زَعَمَ ابنُ جُدْعَانَ بنِ عَمْ ... رٍو أَنَّني يَوْماً مُدابِرْ
ومُسَافِرٌ سَفَراً بَعِي ... داً لا يَؤُوبُ له مُسَافِرْأَدْبَر إِذَا تَغَافَلَ عَنْ حاجَةِ صَدِيقِه كأَنَّه وَلَّى عنه . وأَدْبَرَ إِذَا دَبِرَ بَعِيرُهُ كما يقولون أَنْقَبُ إِذَا حَفِىَ خُفُّ بَعِيرِه وقد جُمِعَا في حَدِيث عُمَر قال لامرأَة : " أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ " أَي دَبِرَ بَعِيرُك وحَفِي وفي حَدِيث قَيْسِ بنِ عاصمِ إنّي لأُفْقِرُ " البَكْرَ الضَّرَعَ والنّابَ المُدِبرَ " قالوا : التَّي أَدْبَرَ خَيْرُهَا . أَدَبَر الرجُلُ : صَارَ له دَبْر أَي مَالٌ كَثِيرٌ . عن ابنِ الأَعرابيِّ : أَْدَبَر إِذَا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذُنِ النَّاقَةِ إِذَا نُحِرَت إلى ناحِيَة القَفَا وأَقْبَلَ إِذَا صارتْ هذه الفَتْلَةُ إلى ناحِيَةِ الوَجْهِ . من المَجاز : شَرُّ الرَّأْي الدَّبَرِيّ وهو مُحرّكةً : رَأْيٌ يَسْنَحُ أَخِيراً عنْد فَوْتِ الحَاجَةِ أَي شَرُّه إِذَا أَدْبَر الَأمرُ وفَاتَ . وقيل : الرَّأيُ الدَّبَرِيّ : الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه وكذلك الجَوَابُ الدَّبَرِيّ . من المَجاز : الدَّبرِيّ : الصّلاةُ في آخِرِ وَقْتِها . قلت : الّذي وَرَدَ في الحَدِيث : " لا يَأْتِي الصَّلاةَ إلاَّ دَبَرِيّاً " . وفي حَدِيثٍ آخَرَ : " لا يَأْتِي الصَّلاةَ إلا دَبُرْاً " يَروَى بالضَّمّ وبالفَتْح . قالوا : يقال : جاءَ فُلانٌ دَبَرِيّاً أَي أَخيراً وفُلانُ يُصَلِّي إلاَّ دَبَرِياً بالفَتْح أَي في آخِر وَقْتها وفي المحكم : أَي أخيراً رَواه أَبوعُبَيدٍ عن الأَصمَعِيّ . وتُسَكَّنُ الباءُ رُوِىَ ذِلك عن أَبي الهَيْثَم وهو مَنْصُوب على الظَّرف . ولا تَقُلْ دُبُرِياً بِضَمَّتَيْن فإنَّه مِنْ لَحْنِ المُحَدِّثِين كما في الصّحاح . وقال ابنُ الأَثِير : هو منسوبٌ إلى الدَّبْرِ آخِرِ الشْيءِ وفَتْح الباءِ من تَغْييرات النَّسب ونَصْبُه على الحَالِ من فاعلِ يَأْتِي . وعِبارة المُصَنِّف لا تَخْلو عن قَلاقَهٍ . وقَولُ المُحَدِّثين : دُبُرِيّاً أَن صَحَّت رِوِايَتُه بسَمَاعِهم من الثِّقات فلا لَحْنَ وأَمّا مِن حَيْثُ اللُّغَة فصَحِيحٌ كما عَرَفْت وفي حَدِيثٍ آخرَ مَرْفُوعٍ أَنه قال : " ثَلاثَةٌ لا يَقْبَل اللهُ لهُم صَلاَةً : رَجُلٌ أَتَى الصَّلاةَ دِبَاراً ورَجلٌ اعتَبَدَ مُحَرَّراً ورُجلٌ أَمَّ قَوماً هم له كارهون " قال الإِفْرِيقيّ راوِي هذا الحَدِيث : معنَى قوله : دِبَاراً أَي بعدَ ما يَفُوت الوَقْتُ
وفي حديثِ أَبي هُرَيْرَة : " أَن النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال : أَن للمُنافقِين عَلاماتٍ يُعْرَفُون بها تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ وطَعَامُهم نُهْبَةُ لا يَقْرَبُون المساجدَ إلاَّ هَجْراً ولا يَأْتُون الصلاةَ إلا دَبْراً مُسْتَكْبِرِين لا يَأْلَفون ولاَ يُؤْلَفُون خُشُبٌ باللَّيْل صُخُب بالنَّهَار " قال : ابن الأَعرابيِّ : قوله : " دبِاراً " في الحَدِيث الأَوّل جمع دَبْرٍ ودَبَرٍ وهو آخِر أَوقاتِ الشَّيْءِ : الصّلاِة وغَيْرِهَا . والدَّاِبرُ يقال للمُتَأَخِّرِ والتّابِع إمَّا باعْتِبَار المَكَانِ أَو بِاعْتِبَارِ الزّمَان أَو باعْتِبَار المَرْتَبَة . يقال : دَبَرَه يَدْبُره ويَدْبِره دُبُوراً إِذَا اتَّبَعه مِنْ ورائِه وتَلاَ دُبُرَه وجاءَ يَدْبُرهُم أَي يَتْبَعُهم وهو من ذلك . الدّابِر : آخِرُ كُلِّ شَيْءٍ قاله ابن بُزُرْج وبه فسُرِّ قولُهُم : قَطَع اللهُ دابِرَهم أَي آخِرَ مَنْ بَقِىَ منهم وفي الكتاب العَزِيز : " فقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الذَّيِنَ ظَلَمُوا " أَي اسُتؤصِلِ آخِرُهم وقال تَعَالى في مَوضع آخَرَ " وقضَيَنْاَ إلَيْه ذلِك الأمْرَ أَن دَابِرَ هؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِين " وفي حَدِيث الدّعَاءِ " وابْعَث عَلَْهم بأْساً تَقْطَع به دَابِرَهم أَي جَمِيعَهم حتَّى لا يَبْقَى منهم أحَدٌَ . قال الأَصمَعِيّ وغيره : الأَصْلُ . ومَعْنَى قَوْلهم : قَطَع اللهُ داِبرَه أَي أَذْهَبَ اللهُ أَصْلَه وأَنشد لوَعْلَةَ :
فِدًى لَكْمَا رِجْلَيّ أُمِّي وخَالَتِي ... غَداةَ الكُلاَبِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُأي يُقتَل القَومُ فتَذْهَب أُصُولُهم ولا يَبْقَى لهم أَثَرٌ . الدَّابِر : سَهْمٌ يَخْرُجُ من الهَدَفِ وَيْسُقط وَرَاءَه وقد دَبَرَ دُبُوراً . وفي الأَسَاس : ما بَقِيَ في الكِنَانة إلا الدَّابِرُ وهو آخِرُ السِّهَام . الدَّابِرُ : قِدْحٌ غَيْرُ فَائِز وهو خِلافُ القَابِل وصاحِبُه مُدَابِرٌ قال صَخْرُ الغَيِّ الهُذَلِيّ يَصِف ماءً وَرَدَه :
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّه ... خِيَاضَ المُدَابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا المُدَابِر : المَقْمُور في المَيْسِر . وقيل هو الِّي قُمِرَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فيُعَاوِدُ ليَقْمُرَ وقال أَبو عُبيد : المُدابِر : الذي يَضْرِب بالقِداح . الدَّابِر : البِنَاءُ فَوْقَ الحِسْيِ عن أبي زَيْد قال الشَّمَّاخ :
ولمَّا دَعَاهَا مِنْ أَبَاطِحِ وَاِسطٍ ... دَوَابِرُ لم تُضْرَبْ علَيْهَا الجَرَامِزُ الدَّابِر : رَفْرَفُ البِنَاءِ عن أَبي زَيْد . الدَّابِرَةُ بهاءٍ : آخِرُ الرَّمْلِ عن الشَّيْبَانِيّ يقال : نَزَلوا في دَابِرَةِ الرَّمْلةَِ وفي دَوابِرِ الرِّمَال وهو مَجَاز . عن ابن الأَعرابيِّ : الدَّاِبَرةُ : الهَزِيمَةُ كالدَّبْرَةِ . الدّابِرَةُ : المَشْئُومَةُ عنه أَيضاً . يقال : صَكَّ دَابِرَتَهَ هي مِنْكَ عُرْقُوبُكَ قال وَعْلَةُ
" إذ تُحَزُّ الدَّواِبرُ الدَّابِرَةُ : ضَرْبٌ من الشَّغْزَبِيَّة في الصِّرَاع . دابِرةُ الحافِرِ : مُؤَخَّرُه وقيل : ماحاذَى مَوْضِعَ الرُّسْغِ كما في الصّحاح وقيل : هي التَّي تَلِي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ وجَمْعُهَا الدَّوَابِرُ . والمَدْبُورُ : المَجْرُوحُ وقد دُبِرَ ظَهْرُه . والمَدْبُور : الكَثِيرُ المَالِ يقال : هو ذو دَبْرٍ ودِبْرٍ كما تقدَّم . والدَّبَرَانُ مُحَرَّكَةً : نَجْمٌ بَينَ الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ ويقال له التَّابِعُ والتُّوَيْبع وهو مَنْزِلٌ للقَمر سُمِّىَ دَبَرَاناً لأنَّه يَدْبُر الثُّرَيَّا أَي يَتْبَُه . وفي المُحْكَم : الدَّبَرَانُ : نَجْمٌ يَدْبُر الثُّرَيَّا لَزِمته الأَلفُ واللامُ لأَنَّهم جَعَلوه الشَّيْءَ بعَيْنه وفي الصّحاح : الدَّبَرَانُ : خَمْسَةُ كَوَاكِبَ من الثَّوْرِ يقال إنّه سَنَامُه
ورجُلٌ أُدَابِرٌ بالضَّمّ : قاطِعٌ رَحِمَه كأُبَاتِر . رجل أُدَابِرٌ : لا يَقْبَلُ قولَ أَحَدٍ ولا يَلْوِي على شْيءٍ . وقال ابنُ القَطَّاع : هو الّذِي لا يَقْبَل المَوْعِظَةَ . قال السِّيَرافِيّ : وحكَى سِيبويهِ أُدابِراً في الأَسماءِ ولم يُفْسِّره أَحَدٌ على أَنّه اسمٌ لكنّه قد قَرَنهَ بأٌُحامِرٍ وأُجارِدٍ وهما مَوْضعانِ فعَسَى أَن يكون أُدَابِرٌ مَوْضِعاً . وذَكَر الأَزْهَرِيّ أُخَايِل وهو المُخْتَالُ وهو أَحَدُ النَّظائر التِّسْعَةِ التي نَبَّهْنا عليها في جرد وبتر . في الصّحاح : الدَّبِيرُ : ما أَدْبَرَتْ به المَرْأَةُ من غَزْلِها حينَ تَفْتلُه وبه فُسِّرَ : فُلانٌ ما يَعْرِف دَبِيرَه مِن قَبِيلِه قال يَعْقُوب : القبيل : ما أَقْبلتَ به إلى صَدْرِك والدَّبِيرُ : مَا أَدْبَرْتَ به عن صَدْرِك يقال : فُلانٌ ما يَعْرِف قَبِيلاً من دَبِير . وهو مَجَاز
يقال : هو مُقَابَلٌ ومُدابَرٌ أَي مَحْضٌ مِنْ أَبَوَيْهِ كَريمُ الطَّرَفَيْن وهو مَجَاز قال الأَصمَعِيّ : وأَصلُه من الإقْبالَةِ والإدْبَارَةِ وهو شَقٌّ في الأُذُن ثم يُفْتَلُ ذلك فإنْ - وفي اللسان : فإذا - أُقْبِلَ بِهِ فَهو إِقْبَالَةٌ وإن - وفي اللِّسَان : وإذا - أُدْبِرَ بِهِ فإِدْبَارَةٌ . والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ مِن الأُذُنِ هي الإِقبالَةُ : والإِدْبَارَةُ كأَنَّهَا زَنَمَةٌ . والشّاةُ مُقَابَلَةٌ ومُدَابَرَةٌ وقد دابَرْتُها - والَّذي في اللسان : وقد أَدْبَرْتُها - وقَابَلْتُها . والّذِي عند المُصَنِّف أَصْوَبُونَاقَةٌ ذاتُ إِقْبَالَةٍ وإِدبارَةٍ وناقةٌ مُقَابَلَةٌ مُدَابَرَةٌ أَي كَريمةُ الطَّرفَيْنِ من قِبَلِ أَبِيهَا وأُمِّهَا وفي الحَدِيث " أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بمُقَابَلَةٍ أَو مُدَابَرَة " . قال الأَصمَعِيّ : المُقَابَلَة : أَن يُقْطَع من طََف أُذُنِهَا شَيْءٌ ثمّ يُتْرَك مُعَلَّقاً لا يَبِينُ كأَنَّه زَنَمةٌ ويقال لِمِثل ذلك من الإِبلِ : المُزَنَّمُ ويُسَمَّى ذلك المُعَلَّقُ : الرَّعْلَ والمُدَابَرَةُ : أَن يُفْعَل ذلك بمُؤَخَّرِ الأُذُنِ من الشّاةِ . قال الأَصمَعِيّ وكذلك أَن بان ذِلك من الأُذُن فيه مُقَابَلَة ومُدَابَرة بعد أَن كان قُطِعَ . وِدُبَارٌ كُغَرابٍ وكِتَابٍ : يَومُ الأَربعاءِ . وفي كِتَاب العَيْن للخَلِيل ابنِ أَحْمَد : ليلَتُه ورَجَّحَه بَعْضُ الأَئِمَّة عاِديَّة من أَسمائهم القديمةِ . وقال كُرَاع : جاهِلِيةَّ وأَنشد :
أُرَجِّى أَن أَعِيَش وأَنَّ يَوِمى ... بِأَوّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبَار
أَو التّالي دُبَارِ فإِن أَفُتْه ... فمُؤنْسِ أو عَرُوبَةَ أَو شِيَارِ أَوَّلٌ : الأَحَد وشِيَارٌ : السَّبْت . وكلّ منها مَذْكُور في مَوْضِعه
الدِّبَارُ : بالكَسْرِ : المُعَادَاةُ من خَلْفٍ كالمُدابَرَةِ يقال : دَابَرَ فلانٌ فُلاناً مُدَابَرةً ودبِاراً : عَادَاه وقَاطَعَه وأَعَرضَ عنه . والدِّبَارُ : السَّواِقي بَيْنَ الزُّرُوعِ واحدتها دَبْرةٌ وقد تقدّم . قال بِشْرُ بنُ أَبِي خازِم :
تَحَدَّرَ ماءُ البِئْر عن جُرَشِيَّة ... على جِرْبةٍ تَعلُو الدِّبَارَ غُرُوبُهَا وقد يُجْمَع الدِّبَار على دِبَاراتٍ وتقدّم ذِلك في أَوّل المَادّةِ . والدِّبَار : الوَقَائِعُ والهَزَائِمُ جمْعُ دَبْرة . يقال : أَوْقَعَ اللهُ بهم الدِّبَارَ وقد تقدّم أَيضاً . قال الأَصمَعِيّ : الدَّبَارُ بالفَتْحِ : الهَلاَكُ مثل الدَّمَار . وزادَ المصنِّف في البَصائر : الّذِي يَقْطَع دابِرَهم ودَبَرَ القَوْمُ يَدْبُرُون دبَاراً : هَلَكُوا ويقال : عَلَيْهِ الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذَا دَعَوْا عَلَيْه بأَن يَدْبُرَ فلا يَرْجع ومثله : عَلَيْهِ العَفَاءُ أَي الدَّرُوسُ والهَلاكُ . والتَّدْبِيرُ : النَّظَرُ في عاقِبَةِ الأَمْر أَي إلى ما يَؤُول إلِيه عاِقَبُته كالتَّدَبُّير وقيل : التَّدَبُّر التَّفكُّر أَي تَحْصِيل المَعْرِفَتَيْنِ لتَحْصِيل مَعْرِفةٍ ثالثة ويقال عَرَف الأَمرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ . قال جَرِير :
ولا تَتَّقُون الشَّرَّ حتَّى يُصِيبَكُمْ ... ولا تَعْرِفون الأَمرَ إلاَّ تَدَبُّرَا وقال أَكَثمُ بن صَيْفِيّ لبَنِيه : يا بَنِيّ لا تَتَدَبَّروا أَعْجازَ أُمُورٍ قد وَلَّتْ صُدُورُها . التَّدْبِير : عِتْقُ العَبْدِ عَنْ دُبُرٍ هو أَن يَقُول له : أنت حُرٌّ بعد مَوْتِي وهو مُدَبَّر ودَبَّرْتُ العَبْدَ إِذَا عَلَّقْتَ عِتْقَه بمَوْتِك . التَّدْبِير : رِوَايَةُ الحَدِيث ونَقْلُه عن غَيْرِك هكذا رواه أَصْحَابُ أَبِي عُبَيْد عَنْه وقد تَقَدَّم ذلك . وتَدَابَرُوا : تَعَاوَدْا وتَقاطَعُوا . وقِيلَ : لا يَكُون ذلِك إلاّ في بَنِى الأَبِ وفي الحَدِيث " لا تَدَابَرُوا ولا تَقاطَعُوا " قال أَبو عُبَيْد : التَّدَابُر : المُصَارَمَة والهِجْرَانُ مأْخُوذٌ من أَن يُوَلِّىَ الرجلُ صاحبَه دُبُرَه وقَفَاه ويُعِرضَ عنه بوَجْهه ويَهْجُرَه وأنشد :
" أَأَوْصَى أَبُو قَيْسٍ بأَنْ تَتَواَصُلواوأَوْصَى أَبُوكُم وَيْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا وقيل في معنَى الحَدِيث : لا يَذْكُرْ أَحَدُكم صاحِبَه من خَلْفِه . واسْتَدَْبَر : ضِدُّ استَقْبَلَ يقال استَدْبَرَه فَرَمَاه أَي أَتَاه من وَرائِه . واستدَبَر الأَمْرَ : رَأَى في عاقِبَتِه ما لَمْ يَرَ في صَدْرِهِ . ويقال : أَن فُلاناً لو استَقْبَلَ من أَمْرِه ما استَدْبَره لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لو عَلِمَ في بَدْءِ أَمِره ما علِمَه في آخِرِه لاسْتَرْشَدَ لأَمْره
اسَتْدَبَر : اسَتْأَثَر وأنشد أبو عُبَيْدةَ للأَعْشَى يَصِف الخَمْر :
تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسَتْدِبرٍ ... علَى الشَّرْبِ أو مُنْكِرٍ ما عُلِمْقال : أَي غير مُستَأْثِر وإِنما قيلَ للمُسْتَأْثِر مُسْتَدبِر لأَنَّه إِذَا استأْثَر بشُرْبها استَدْبَر عنهم ولم يَسْتَقْبِلهم لأَنَّه يَشرَبُها دُونَهُم ويُوَلِّى عنهم . في الكتَاب العَزِيز " أَفَلَم يَدَّبَّرُوا القَوْلَ " أَي أَلم يَتَفَهَّموا ما خُوطِبُوا به في القُرآن " وكذلك قوله تعالى " أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ " أَي أَفَلاَ يَتَفَكَّرُون فيَعتبِروا فالتَّدبُّر هو التَّفَكُّر والتَّفَهُّم وقوله تعالى " فالمُدَبِّرَاتِ أَمْراً " يَعِنى ملائِكَةً مُوَكَّلَةً بتَدْبِير أُمورٍ . ودُبَيْر كزُبَيْر : أَبو قَبِيلَة من أَسَدٍ وهو دُبَيْر بن مالِك بنِ عَمْرو بن قُعَيْن ابن الحارِث بن ثَعْلَبَة بنِ دُودَانَ بْنِ أسدٍ واسمه كَعْب وإِليه يَرْجِع كُلُّ دُبَيْريّ وفيهم كَثْرةٌ دُبَيْر : اسْمُ حِمَارٍ . دُبَيْرَةُ بِهاءٍ : ة بالبَحْرَين لبَنِي عَبْدِ القَيْس . وذَاتُ الدَّبْر بفتح فسكون : ثَنِيَّةٌ لِهُذَيْل قال ابنُ الأَعرابيِّ وقد صَحَّفه الأَصمَعِيّ فقال : ذات الدَّيْر قال أبو ذُؤَيب :
بأَسْفلِ ذاتِ الدَّبْرِ أُفرِدَ خِشْفها ... وقد طُرِدَت يَوْمَيْنِ فهْيَ خَلُوجُ ودَبْرٌ بفتح فسكون : جَبَلٌ بَينَ تَيْمَاءَ وجَبَلَىْ طَيِّئ . ودَبِيرٌ كأَمِيرٍ : ة بنَيْسَابُورَ على فَرْسَخ مِنهَا أبو عبد الله مُحَمَّد بن عبدِ اللهِ بن يُوسفَ بن خُرْشِيد الدَّبِيْرِيّ ويقال الدَّوِيرِيّ أَيضاً وذكره المُصنّف في دار وسيأْتي وهنا ذَكَره السَّمْعَانيّ وغيره رَحَل إلى بَلْخَ ومَرْو وكتَبَ عن جماعةٍ وستأْتي ترجمته . دَبِير : جَدُّ مُحَمَّد بن سُليمانَ القَطَّانِ المحدِّثِ البَصْرِيّ عن عَبدِ الرَّحمن بنِ يُونس السَّرّاج تُوفِّيَ بعد الثلاثمائة وكان ضَعِيفاً في الحَدِيث . ودَبِيرَا : ة بالعِراقِ من سَوادِه نقله الصّغانِيّ . دَبَرُ كجَبَل . ة باليَمَنِ من قُرَى صَنْعَاءَ منها أَبو يَعْقُوب إسحاقُ بن إبراهِيمَ بن عبَّادٍ المحدِّثُ راوِى كُتُب عبد الرزّاق بن هَمَّام روى عنه أبو عَوانَةَ الأَسْفَرَاينيّ الحافظ وأبو القَاسم الطَّبَرانّي وخَيْثَمَة بنُ سَلْمَان الأَطْرابُلُسّي وغَيْرُهم . والأَدْبَرُ : لقَبُ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ الكِنْدِىّ نُبِزَ به لأَن السِّلاح أَدْبَرَت ظَهَرْه وقيلَ : لأَنّه طُعِنَ مُوَلِّياً قاله أبو عَمْرو . وقال غيرُه : الأَدْبَرُ : لَقَبُ أَبِيه عَدِيٍّ وقد تقدّم الاخْتِلاف في ح ج ر فراجِعْه
الأَدْبَر أيضاً : لَقَبُ جَبَلَةَ بن قَيْسٍ الكِنْدِيّ قِيلَ إنه أَي هذا الأَخير صَحَابيّ ويقال هو جَبَلَةُ ابنُ أَبي كَرِبِ بنِ قَيْسٍ . له وِفَادَةٌ قاله أَبو موسَى . قُلْت : وهو جَدُّ هانِئِ بْنِ عَدِيِّ ابن الأَدْبر . دُبَيْرٌ كَزُبَيْر : لَقَبُ كَعْبِ ابن عَمْرِو بن قُعَيْن بن الحَارث بن ثَعْلَبَةَ بن دُودَانَ بن أَسَد الأَسَدِيِّ لأَنه دبُرِ َمن حَمْل السِّلاح وقال أَحمدُ بنُ الحباب الحِمْيَريّ النَّسّابة : حَمَلَ شيئاً فَدبَرَ ظَهْرَه . وفي الروض أَنه تَصْغِير أَدبَر على التَّرخِيم ولا يَخْفَى أنه بعَيْنه الذي تقدَّم ذِكْرُه وأَنه أَبو قَبِيلَةٍ من أَسد فلو صَرَّحَ بذلِك كان أحَسنَ كما هو ظاهرٌ . والأُدَيْبِرُ مُصَغَّراً : دُوَيْبَّة وقيل : ضَرْبٌ مِنَ الحَيَّاتِ . ويقال : لَيْسَ هُوَ من شَرْجِ فُلان ولا دَبُّوِرِهِ أَي من ضَرْبِه وزِيِّهِ وشَكْلِه . ودَبُّورِيَةُ : د قُربَ طَبَرِيَّةَ وفي التَّكْمِلَة : من قُرَى طَبَرِيَّةَ وهي بتَخْفِيف الياءِ التحتيةّ
ومما يستدرك عليه :دَابِرُالقَوْمِ : آخِرُ مَنْ يَبْقَى منهم ويَجِيئُ في آخِرِهم كالدَّابِرَة وفي الحَدِيث : " أَيُّمَا مُسْلِمٍ خَلَفَ غازِياً في دابَِته : أَي مَنْ يَبْقَى بعدَه . وعَقِبُ الرَّجُلِ : دابِرُه . ودَبَرَه : بَقِىَ بَعْدَه . ودابِرةُ الطّائر : الإِصْبَعُ الَّتي من وَراءِ رِجْله وبها يَضرِب البازِي يقال : ضَرَبَه الجارِحُ بدَابِرَتِه والجوارِحُ بدُوابِرِها والدّابِرة للدِّيك : أسَفْل ُمن الصِّيصِيَة يَطَأُ بها . وجاءَ دَبَرِيّاً أَي أخيراً والعِلْم قَبلِىّ وليس بالدَّبَرِيّ قال أبو العَبَّاس : معناه أَن العالم المُتْقِنَ يُجِيبُك سَرِيعاً والمُتَخَلِّف يقول : لي فيها نَظَرٌ : وتَبِعْتُ صاحبِي دَبَرِياً إِذَا كنتَ معه فتَخَلَّفْت عنه ثم تَبِعْتَه وأنتَ تَحْذَر أَن يَفُوتَك كذا في المحكم . والمَدْبَرَة بالفَتْح : الِإْدبار . أَنشدَ ثَعْلبٌ :
هذا يُصَادِيك إِقبَالاً بمَدْبَرَةٍ ... وذَا يُنَادِيك إدْبَاراً بإْدبارِ وأَمْسِ الدَّابِرُ : الذّاهِبُ الماضي لا يَرْجِع أَبداً . وقالوا : مَضَى أَمْسِ الدّابِرُ وأَمْسِ المُدْبِرُ وهذا من التَّطوّع المُشَام للتَّوكيد لَأن اليوم إِذَا قيل فيه أَمْسِ فمعلوم أَنَّه دَبَرَ لكنه أَكَّده بقوله : الدَّابِر قال الشاعر :
وأَبِى الَّذي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهمْ ... بصُهَابَ هامِدَةً كأَمْسِ الدَّابِرِ وقال صَخْرُ بن عَمْرِو بن الشَّرِيد السُّلَمِيّ :
ولقدْ قَتَلْتكُمُ ثُنَاءَ ومَوْحَداً ... وتَرَكْتُ مُرَّة مِثْلَ أَمسِ المُدْبِرِ ورجل خاسِرٌ دَابِرٌ إتْبَاعٌ . ويقال : خاسِرٌ دامِرٌ على البَدَل وِإن لم يَلْزم أَن يكون بَدَلاً وسيأتي . وقال الأَصمَعِيّ : المُدابِرُ : المُوَلِّى المُعْرِض عن صاحِبِه . ويقال : قَبَحَ اللهُ ما قَبَلَ منه وما دَبَرَ . والدّلْوُ بَينَ قابِلٍ ودابِرٍ : بين مَنْ يُقبِل بها إلى البِئْر ومَنْ يُدْبِر بها إلى الحَوْض . ومالَهُم من مُقْبَلٍ و مُدْبَرٍ أَي من مَذْهِب في إِقبال ولا إدبار . وأَمْرُ فُلانٍ إلى إقبالٍ وإلى إدبارٍ . وعن ابْنِ الأَعرابيِّ : دَبَرَ : رَدَّ ودَبَرَ : تأَخَّر
وقالوا : إِذَا رأَيتَ الثُّريَّا تُدْبِر فشَهْرُ نَتَاجٍ وشَهْرُ مَطَرٍ . وفلان مُسْتَدْبَرُ المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كَريم أَوّل مَجْدِهِ وآخِره وهو مَجَاز . ودَابَر رَحِمَه : قَطَعها . والمُدَابَرُ من المَناِزل خِلاُف المُقَابَلِ . وأَدْبَرَالقَوْمُ إِذَا وَلَّى أَمرُهُم إلى آخِرِه فلم يَبْقَ منهم باقِيَةٌ . ومن المَجَاز : جَعَلَه دَبْرَ أُذُنِه إِذَا أَعْرضَ عنه ووَلَّى دُبُرَه : انهزمَ . وكانت الدَّبْرةُ له : انْهزمَ قِرْنُه وكانت الدَّبْرَة عليه : انهزمَ هو وََلّوا دُبُرَهم مُنْهَزِمين ودَبَرَتْ له الرِّيحُ بعد ما قَبَلَتْ ودََر بعد إِقبال وتقول : عَصَفَت دَبُورُه وسَقَطت عَبُورُه وكلّ ذلك مَجَاز . وكَفْر دَبُّور كتنَوّر : قرَية بمصر . والدَّيْبور : موضع في شعر أبي عباد ذكره البَكْرِيّ . ودَبْرَةُ بفتح فسكون ناحيةٌ شاميّة