الأفْقُ بالضَّمِّ وبضَمَّتَيْنِ كعُسْرِ وعسر : الناحِية ج : آفاق قال اللّه تَعالى : " وهوَ بالأفقِ الأَعْلَى " وقال عز وجلَ : " سَنرِيهِم آياتِنا في الآفاقِ وقد جَمعَ رُؤبة بينَ اللغتَيْنِ :
" ويغتَزي مِنْ بعْدِ أفْق أفُقَا
قال شيخنا : وذَكَرُوا في الأفق بالضمَ أَنه استُعمِلَ مفرَداً وجَمْعا كالفُلك كما في النهاية قلت : وبه فُسِّر بَيتُ العباس رضِي اللهُ عنهُ يمدح النبيَّ صلى الله عليه وسلم :
وأنتَ لما ولِدتَ أَشرَقَتِ ال ... أرض وضاءت بنورِكَ الأفقُ ويقال : إِنَّه إنما أَنثَ الأفُقَ ذَهاباً إلى الناحِيَةِ كما أَنِّثَ جَرِير السُّورَ في قولِه :
لما أَتَى خبرُ الزبيرِ تَضَعضَعَتْ ... سور المَدِينَة والجِبالُ الخُشَّعُ أَو الأفُقُ : ما ظَهَرَ من نَواحِي الفَلك وأَطْراف الأرْضِ . أو الأفق : مَهَبُّ الرِّياح الأرْبَعَة : الجنوبِ والشّمالِ والدَبَورِ والصِّبا . والأفق : ما بَيْن الزِّرَّينِ المقَدمَين في رُواقِ البَيتِ . وأفق البَيت من بُيوتِ الأعْراب : نَواحِيه ما دُونَ سَمْكِه . وهو أَفَقِيّ بفَتْحَتَينِ لمن كانَ من آفاق الأَرضِ حكاه أَبو نَصر كما في الصّحاح قالَ الأَزْهَرِي : وهو عَلَى غَيْرِ قِياسٍ وقالَ الجَوهَرِي : بعضُهم يَقولُ : أفُقيٌّ بضَمَّتَيْنِ وهو القِياس قالَ شيخنا : النسَبُ للفرد هو الأصلُ في القَواعِدِ وبقي قول الفقهَاء في الحَج ونحوه آفاقي هل يصِحّ قِياساً على أنصاري ونحوِه أَولا يَصِح بناءً علي أَصلِ القاعِدَةِ . والنسْبَةُ إِلى الجمعَ مُنكرَةٌ أَطالَ البحثُ فيه ابن كَمال باشا في الفَرائِدِ وأَورَدَ الوَجهيْنِ ومالَ إِلى تَصْحِيح قول الفقَهاءَ وذَهَبَ النَّوَويُّ إلى إِنْكارِ ذلِك وتَلْحِينِ الفُقَهاءَ والأول عندِي صَواب ولا سِيَّما وهُناكَ مواضِعُ تُسَمَّى أفقاً تَلْتَبِسُ النَسْبَةُ إِلَيْها واللّهُ أَعلمُ . ورَجُلٌ أَفاّقٌ كشَدّادِ : يَضْرِبُ في الآفاق : أي نَواحِي الأَرْضِ مُكْتَسِباً ومنه حَدِيثُ لُقْمانَ بنِ عادٍ : صفاّقٌ أَفاّقٌ . وفَرَس أُفُقٌ بضَمَتَيْنِ : أَي رائع يُقالُ للذَّكَرِ والأنثَى كما في الصِّحاح وأَنْشَدَ للشاّعِرِ المُرادِي هو عَمْرو بنُ قِنْعاس :
وكُنْت إِذا أَرَى زِقّاً مَرِيضاً ... يُناح على جِنازتِه بَكَيتُ
أرَجِّلُ لِمَّتِي وأَجُرُّ ذَيْلِي ... وتَحْمِلُ شكَّتِي أفُقٌ كُمَيتُ وأفِقَ الرَّجُلُ كفَرِح يأفقَ أَفَقاً : بَلَغَ النِّهايَةَ في الكَرَم كَما في الصحاح والعُبابِ أو في العِلم أَو في الفَصاحَةِ وغيرها من الخَيرِ من جَمِيع الفَضائلِ فهو آفِق على فاعلٍ ومنه قولُ الأَعشَى يَمدَح إِياسَ ى ابنَ قَبيصَة :
آفِقاً يُجْبى إِليهِ خَرجه ... كُل مما بَينَ عمانِ وملح وكذلك أفِيقٌ
وقالَ ابن بَرِّى : ذكَر ا القزَّاز أَنّ الآفِقَ فِعْله أَفَقَ يَأفِقُ أي : من حَدِّ ضَرَبَ وكذا حُكِىَ عن كُراعّ واستَدَلَّ القَزاز علَى أنَّه آفِق على زنةِ فاعِل بكونِ فِعْلِه على فعَلَ أَنشدَ أَبو زياد شاهداً على آفق بالمَدِّ لسِراج ابنِ قَرةَ الكِلابي :
وهي تصَدى لرِفَل آفِقِ ... ضخْم الحُدولِ بائِنِ المَرافِقِ وأَنشَد غَيْرُه لأَبِى النَّجْمَ :
كم بيْنَ أَبٍ ضَخْمٍ وخالٍ آفِق ... بَيْنَ المُصَلِّى والجَوادِ السّابِقِ وأَنشَدَ أَبو زَيْدٍ :
تَعْرِفُ في أَوْجُهِهَا البَشائِرِ ... آسانَ كُلِّ آفِقٍ مشاجِرِ قالَ علي بنُ حَمْزَةَ : أَفِقٍ مشاجرِ بالقصرِ لا غيرُ قال : والأبْياتُ المُتَقدِّمةُ تَشْهَدُ بفسادِ قولِه
وهي بهاءَ عن ابنِ فارِسٍ وقال غيره : لا يُقال في المُؤَنَّثِ على الَقياسِ . والآفِقُ : فَرَسٌ كان لفُقَيم بن جَرِيرِ بنِ دارِمً قال دُكَيْنُ بنُ رَجاءً الفقَيْمِيّ :
بَينَ الخُبَاسياّتِ والأَوافِقِ ... وبين آلِ ساطِعً وناعِقِ كُلُّها أَسامِي خُيُولِ فُقَيْم . وأَوفقَ فلانٌ يَأفِقُ من حَدِّ ضَرَبَ : إِذا رَكِبَ رَأسَه وذَهَب في الآفاق وفي الصِّحاحَ : أَفَقَ فُلانٌ : إِذا ذَهَب في الأَرْضِ والذي ذَكَرَه المُصَنِّفُ هو قولُ اللَّيْثِ . وأَفَقَ في العَطاءَ أفْقاً أي : فَضَّلَ وأَعْطَى بَعْضاً أَكثَرَ من بَعْضٍ نقله الجَوْهَرِي وأنشَدَ للأعْشَى يَمْدَح النُّعْمانَ :
ولا المَلِكُ النُّعْمانُ يَومَ لقِيتُه ... بنِعْمَتِه يُعْطِى القطُوطَ ويَأفِقُويُرْوَى : بغِبْطَتِه وأرادَ بالقُطُوطِ : كُتُبَ الجَوائِزِ قيل : مَعْنَى يَأفِقُ : يُفَضِّلُ وقِيلَ : يَأخُذُ من الآفاقِ . وأَفَقَ الأدِيمَ يَأفِقُه أَفْقاً : إِذَا دَبَغَه إِلىَ أنْ صارَ أَفِيقاً نَقَلَه الجَوهَريُّ . وأفَقَ : أي كَذَبَ كأفك عن ابنِ عَبّادٍ . وأَفَقَ يَأفِقُ أَفْقاً : إذا غَلَبَ عن كُراع وابنِ عَباد . وأفَقَ أفْقاً : خَتَنَ عن ابنِ عَبادٍ . وأفَقُ الطرِيق مُحَرَّكَةً : سَنَنُهُ وعن ابنِ الأعرابِيًّ : وَجهُه ج : آفاقٌ كسَبَبٍ وأسبابٍ ومنه قولُهم : قَعَدَ فلان على أَفَقِ الطَّرِيقِ . والأفيقُ كأمِيرِ : الفاضِلَةُ من الدِّلاءَ قاله أَبو عَمرو ونَصه عَلَى الدِّلاء . وأَفِيقٌ : ة بينَ حَورانَ والغَوْرِ وهو الأرْدُنُّ ومنه عَقَبَةُ أفِيقٍ ولا تَقُلْ : فِيقٍ فإنهّا عامِّيَّةٌ وهي عَقَبَةٌ طوِيلَةٌ نحوَ مِيلَيْنِ قال حَسّانُ بنُ ثابِت :
لِمَن الدّارُ أَقْفَرَتْ بمَعان ... بين أَعلى اليَرموكِ فالصَّمَّانِ
فقَفا جاسِم فدَارِ خُلَيدٍ ... فأفِيقٍ فجانِبَي تَرفُلانِ وأفَيق بلَفْظِ التصغِيرِ عليه السلام لبَنِى يَربوع قالَ أبُو دؤاد الإِيادي :
وأَرانَا بالجَزْع جَزْع أفَيْقِ ... نَتَمَشَّى كمِشيَةِ الناقلاتِ أو أفِيق : ة بنَواحي ذَمارِ وقد أغفله ياقُوتُ والصّاغانيُّ . والأفِيقُ : الجِلْدُ الذي لم يَتِم دِباغه وفي الصحاح : لم تَتِم دِباغتُه وقالَ ثَعلب : الذِي له يُدبغ . أو الأفِيقُ : الأدِيمُ دُبغَ قَبل أنْ يخرزَ نقله الجوهري عن الأصمعي أو قبل أن يشق . وقيل : هو ما يدبغ بغير القرظ والأرطي وغيرهما من أدبغة أهل نجد وقيل : هو حين يخرج من الدباغ مفروغاً منه وفيه رائحته وقيل : أول ما يكون من الجلد في الدباغ فهو منيئة ثم أفيق ثم يكون أديماً كالأفيقة والأفق ككتف وسفينة فيهما وقد جاء ذكر الأفيقة في حديث غزوان فانطلقت إلى السوق فاشتريت أفيقة أي سقاء من أدم قال ابن الأثير : أنثه على تأويل القربة والشنة قال ابن سيده : وأرى ثعلباً قد حَكَى في الأَفِيقِ الأَفِقَ مثل النبِقِ وفسرَه بالجِلْدِ الذي لم يدْبغَ قال : ولَسْتُ منه على ثِقَةٍ . ج : أَفَقٌ مُحَرَّكَةً مثل أَدِيم وأدَمٍ نقَلَه الجَوْهَرِيُّ ويُقال : أفُق بضمتَينِ وأَنْكره اللِّحْيانِيُّ وقال : لا يُقالُ في جَمعه أفُق أَلْبَتَّةَ وإنما هو الأفَقَ بالفَتْح فأَفِيق عَلَى هذا له اسْمُ جَمْع وليس له جَمْعٌ أَو المحَرَّكَةُ اسْمَ جمعٍ وليس بجَمْع لأنَّ فَعِيلاً لا يُكسَّر عَلَى فَعَل كما في المُحْكَم . وقال الأَصْمَعيُّ : جَمْعُ الأَفِيقِ : آفِقَةٌ كأَرْغِفَة في رَغِيفٍ وآدِمَةٍ في أدِيم نقَلَه الجوْهَرِيّ . والأفَقَةُ مُحَرَّكَةً : الخاصِرَةُ والجَمْعُ أَفقٌ عن ابنِ الأَعرابِيِّ كالآفِقَةِ مَمدودَةً وهذا عن ثَعْلَبٍ . وقالَ اللَّيث : الأَفَقَةُ : مَرْقَةٌ مِنْ مرْقِ الإِهاب قالَ : ومَرقُهُ : أَن يدفنْ تَحت الأَرضِ حَتَّى يُمرطَ ويَتهيَّأَ دباغُه . وقال ابنُ عَباد : الأفْقَةُ بالضمِّ : القُلفةُ . قال : ورَجُل آفَق على أَفْعَلَ : إِذا لم يُختن . والأفاقة ككُنَاسةٍ : ع ب البَحْرَينِ قُرْبَ الكُوفَةِ ذَكَرَه لَبِيد فَقالَ :
وشهِدْتُ أَنْجِيةَ الأفاقَةِ عالِياً ... كَعبِي وأَردافُ الملُوك شهودُ وأَنْشد ابنُ بَرِّي للجَعْدِي :
ونحْنُ رَهَنَّا بالأُفاقَة عامِراً ... بما كانَ في الدَّرْداءَ رَهْناً فأبْسلاً أَو هُو : إماءٌ لبَنِى يَرْبوعً قالَه المُفُضَّل وله يَوْمٌ مَعْروف قال العَوّامُ ابنُ شوذب :
قَبَحَ الإِلهُ عِصابَةً من وائل ... يومَ الأفاقَة أَسلموا بِسطاما وكانَت الأفاقَة من مَنازِلٍ أَهلِ المنذِرِ وقال ياقُوت : وربمّا صحفه قومٌ فقالُوا : الأَفاقِهُ بفتح الهَمزة وإِظْهارِ الهاء مثل جَمعَ فقِيهٍ . وأفاقٌ كغُرابٍ عليه السلام : قال عدي ابنُ زَيْدٍ العِباديّ :
سقَى بَطْنَ العَقِيقِ إِلى أُفاقِ ... فَفاثُورٍ إِلى لَبَبِ الكثِيبِ وقال نَهشلُ بنُ حَرِّى :
يجرون الفصالَ إِلى النَّدامَى ... برَوضِ الحَزنِ من كَنَفيْ أُفقِوالأَفِيقَةُ ككَنِيسَةِ : الأَفِيكَة أَو هيَ الداهِيَةُ المُنْكَرةَ . وقال الأَصْمَعِيُ . يقالُ : تَأَفقَ بنَا فلانٌ : أَي أَتانَا من أُفُقٍ قال أبو وَجْزةَ :
أَلاَ طَرَقَتْ سُعدَى فكيف تأفقت ... بنا وهي مِيسانُ اللَّيالِي كَسولها وقِيلَ : تَأَفَّقَتْ : أَلمَّتْ بِنَا وأَتَتْنَا
ومما يسْتَدرَك عليه : أَفَقَه يَأفِقُه : إِذا سَبَقَه في الفَضْلِ وكَذا أفَقَ عليهِ قال الكُمَيْتُ :
الفاتِقونَ الرّاتِقُو ... نَ الآفِقُونَ على المَعاشِرْ وأَفَقَ يأفِقُ : أَخَذَ مِن الآفاقِ . وقالَ الأصْمَعِيُ : بَعِيرٌ آفِقٌ وفَرَسٌ آفِقٌ : إِذا كانَ رائِعاً كَرِيماً والبَعِيرُ عَتِيقاً كَرِيماً . وفَرَس آفِقٌ قُوبِلَ من آفِقٍ وآفِقَة : إِذا كانَ كَرِيمَ الطَّرفيْنِ كما في الصحاح . قال ابنُ بَرِّيّ : والأفِيقُ من الإِنْسانِ ومن كُلِّ بَهِيمَةٍ : جِلْدُه قال رُؤبةُ يصِفُ سَهْماً :
" يَشْقَى بهِ صَفْحُ الفَرِيصِ والأَفَقْ وفي نَوادِرِ الأَعْرابِ : تَأَفَّقَ بهِ وتَلَفَّقَ : لَحِقَه
الشُّهْرةُ بالضمّ : ظُهورُ الشَّيءْ في شُنْعةٍ حتى يَشْهَره النّاسُ هكذا في المحكم والأساس فقول شيخنا : القَيْدُ بالشُّنْعةِ غيرُ معروفٍ ولا يُعْرَفُ لغيرِ المصَنّف محلُّ تأمُّلٍ نَعمْ ذَكره الجوْهَريّ من غير قيْدٍ فقال : الشُّهْرةُ : وُضُوحُ الأمْرِ . وقد شَهَّرهُ كمنعه يشْهَرُه شَهْراً . وشَهَّرَهُ تَشْهيراً فاشْتهرَ وشَهَّرّه تَشْهيراً . واشْتهَرَه فاشْتَهَرَ أي يُسْتعْمَلُ لازماً ومُتَعَدِّياً وهو صَحيحٌ قال :
أحِبُّ هُبوُطَ الوادييْنِ وإنَّني ... لمُشْتَهَرٌ بالوادِييْنِ غَريبُ ويروى لمُشْتهِرٌ بكسر الهاء . والشَّهيرُ والمَشْهُورُ : المَعْروف المكانِ المَذْكُورُ يقال : رجلٌ شَهِيرٌ ومَشْهوُرٌ قال ثعْلبٌ : ومنه قولُ عُمَرَ بن الخَطّاب رضي الله عنه : " إذا قدِمْتُم عليْنَا شَهَرْنا أحْسَنَكُم اسْماً فإذا رَأيْناكُم شَهَرْنا أحْسَنَكُم وَجْهاً فإذا بلَوْناكُم كان الإخْتيارُ " . والشَّهِيرُ : النَّبيهُ ذكره الصاغانيّ . والشَّهْرُ : العالِمُ جَمْعُه شُهُورٌ قال أبو طالبٍ يمدحُ رسول الله صلى الله عليه وسَلم :
فإنّي واضَّوَابِحَ كلَّ يَوْمٍ ... وما يَتْلُو السَّفاسِرَةُ الشُّهُور قال الصاغانيّ : هكذا أنشده الأزهريّ لأبي طالبٍ ولم أجدْه في شعرِه . والشَّهْرُ : مِثْلُ قُلامةِ الظُّفُرِ . وفي الحديث " صُومُوا الشَّهْرَ وسِرَّه " . قال ابن الأثير : الشَّهْرُ : الهِلالُ سُميَ به لشُهْرَته وظُهوره أرادَ : صُومُوا أوّلَ الشَّهْرِ وآخِرَه وقيل : سِرُّه : وَسَطُه ومنه الحديث " إنّما الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرونَ " أي إنّ فائِدةَ ارتِقابِ الهِلالِ لَيْلةَ تِسْعٍ وعشرين : ليُعْرَفَ نَقْصٌ الشَّهْرِ قبْلَه . والشَّهْرُ : القَمَرُ سُمِّيَ به لشُهْرَته وظُهُورِه أو هو إذا ظَهَرَ ووَضَحَ وقارَبَ الكَمَال . وقال ابنُ سيده : الشَّهْرُ : العَدَدُ المعْرُوفُ من الأيامِ سميَ بذلك لأنَّهُ يُشْهَرُ بالقمرِ . وفيه علامةُ ابتدائه وانتهائه . وقال الزَّجّاج : سُميَ الشّهْرُ شَهْراً لشُهْرته وبيانه . وقال أبو العباس : إنّما سُميَ شَهْراً لشُهْرته وذلك أن النّاس يشْهَرُونَ دُخوله وخُروجه
ج أشْهُرٌ وشُهُور وقال الليْث : الشَّهْرُ والأشْهُرُ عددٌ والشُّهُورُ : جماعةٌ . وقيل : سُميَ شضهْراً باسمِ الهِلالِ إذا أهلَّ والعربُ تقول : رأيتُ الشَّهْرَ أي رأيتُ هِلاله وقال ذو الرُّمةِ : يَرَى الشَّهِرَ قبلَ الناسِ وهْو نحِيلُ وقال الله عَزّ وجلّ " الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلوماتٌ " قال الفرّاءُ : هي شوّال وذو القَعْدَةِ وعَشْرٌ من ذي الحِجَّة وإنّما جاز أن يُقال : أشْهُرٌ وإنّما هما شَهْرانِ وعَشْرُ من ثالثٍ وذلك جائِزٌ في الأوقاتِ وتقولُ العربُ : له اليَوْمَ يوْمانِ مُذْ لمْ أرَهُ إنما هو يَوْمٌ وبعضُ آخرَ قال : وليس هذا بجائز في غيرِ المَواقِيت لأنّ العربَ قد تفْعلُ الفِعْلَ في أقلِّ من الساعةِ ثم يُوقُعونه على اليومِ ويقولُون : زُرْته العامَ وإنما زار في يومٍ منه
وشَاهَرَهُ مُشاهَرَةً وشِهَاراً ككِتابٍ : اسْتأجَرَهُ للشَّهْرِ عن اللِّحْيانيّ . والمُشأهَرةُ : المُعامَلَةُ شَهْراً بشَهْرٍ كالمَعَاوَمةِ من العامِ . وأشْهَرُوا : أتى عليهم شَهْرٌ تقول العرب : أشْهَرْنا مُذْ لم نَلْتقِ أي أتى علينا شَهْرٌ قال الشاعر :
" ما زِلْتُ مُذْ أشْهَرَ السُّفّارُ أنْظُرُهُمْمِثْلَ انْتِظارِ المُضَحِّي رَاعِي الغَنَمِ
وأشْهَرْنا مُذ نَزَلْنا على هذا الماء أي اتى علينا شَهْرٌ . وأشْهَرْنا في هذا المكانِ : أقَمْنا فيه شَهْراً . وأشْهَرْنا دخَلْنا في الشَّهْرِ . وأشْهَرَت المرأةُ : دخَلَتْ في شَهْرِ ولادِها . وشَهَرَ زيدٌ سَيْفه كمَنَعَ يشْهَرُه شَهْراً أي سَلَّه . وشَهَّرَهُ تَشْهيراً : انْتضاهُ فرَفعَه على النّاسِ قال :
يا لَيْتَ شِعْري عَنْكمُ حَنيفا ... أشاهِرونَ بَعْدَنا السُّيُوفا وفي حديث عائشةَ " خَرجَ شَاهراً سيْفَه راكِباً راحِلتَه " تعني يوم الرِّدَّةِ أي مُبْرِزاً له من غِمْده . وفي حديث ابن الزُّبيْرِ : " من شَهَرَ سَيْفَه ثم وضَعه فدَمُهُ هَدَرٌ " أي من أخْرَجه من غِمْدِه للقِتالِ وأرادَ بوَضَعَه : ضربَ بع وفي الحديث " ليسَ مِنّا من شَهَرَ علينا السِّلاح " . والأشاهِرُ : بياضُ النَّرْجسِ . ويقال : أتانٌ شَهيرَةٌ وامْرأةٌ شَهيرةٌ أي عَرِيضةٌ ضَخْمَةٌ وقيل : عَرِيضةٌ واسِعةٌ . ويقال : هو لمْ يرْكب الشِّهْرية بالكسر : ضَرْبٌ من البَراذينِ وهو بين البرْذوْنِ والمُقْرِفِ من الخيلِ . وفي الأساس : بيْنَ الرِّمَكَةِ والفَرَسِ العتيقِ والجَمْعُ الشَّهارِي . وشَهْرُ بن حَوْشَبٍ الأشْعَريّ : مُحدِّثٌ مَتْرُوكٌ روى عن بِلالٍ المُؤذِّن وتَميمٍ الدّاريّ وجابرٍ وجَريرٍ وجُنْدبٍ وسَلْمانَ وأبي ذَرٍّ وأبي هُريْرَةَ وعائِشةَ رضيَ الله عنهم وعنه زُبيْرٌ الياميّ وخالدٌ الحَذّاءُ وعاصمُ بنُ بَهْدلةَ وغَيْلانُ بن جَرِيرٍ ومَطَرٌ الوَراقُ وغيرهم كذا في حاشيةِ الإكْمَال قال ابن عَديٍّ : لا يُحْتجُّ به ووثَّقَه ابن مُعِين كذا في ديوان الذَّهَبيّ . قال شيخُنا : هو المُرادُ من قولهم : خريِطَةُ شَهْرٍ مأخوذُ من قَوْلِ القَائلَ يُخاطِبُه :
لقد بَاعَ شَهْرٌ دينَهُ بِخَرِيطةٍ ... فمَنْ يَأمَنْ القُراءَ بعدكَ يا شَهْرُ قلت : القائِلُ هو القُطامِيّ الكَلْبيّ ويقال : سِنانُ بن مُكَبّل النُّمَيْريّ وكان شَهْرٌ قد وَلى على خَزَائِنِ يَزِيدَ ابن المُهَلَّبِ وبعده :
أخَذْتَ بها شَيْئاً طَفيِفاً وبِعْته ... مِن ابنِ جَريرٍ إنَّ هذا هو الغَدْرُ كذا في تاريخ أبي جعفر الطَّبَريّ . وشَهْرَانُ بنُ عِفْرس بن خلَفِ بن أفْتلَ أبو قبِيلةٍ من خَثْعَمَ وأفْتَلُ هو خَثْعَمُ منهم مالكُ بن عبدِ الله بنِ سِنانٍ الشَّهْرانيّ كان أميرَ الجُيُوشِ في زمنِ مُعاويةَ وكُسِرَ على قَبْرِه أربعون لِواءً . والمَشْهُورُ : اسمُ فَرَس ثَعْلبةَ بن شِهابٍ الجَدَليّ ونقله الصّاغانيّ . ويَوْمُ شَهُورةَ بفتح الشين وسكون الهاءِ منْ أعْظَمِ أيامِ بَني كِنانَةَ نقله الصاغانيّ . والمُشَهَّرَةُ : فَرَسُ مُهَلْهِلِ بنِ ربيعَةَ وفي التكملة هي المُشَهَّر بغير هاءٍ . وذُو المُشَهَّرةِ : أبو دُجانةَ سِمَاكُ ابن أوْس بن خرَشَةَ الخَزْرَجِيّ السَّعْديّ صحابيّ كانتْ له مُشَهَّرَةٌ إذا خرجَ بها يَخْتالُ بين الصَّفَّيْنِ لمْ يُبْقِ ولمْ يَذَرْ . ومما يستدرك عليه : الشُّهْرَةُ : الفَضيحَةُ قاله ابن الأعرابيّ . ولَبِسَ المُشَهَّرةَ : ونُهِيَ عن الشُّهْرتيْن . وصَبيُّ مُشْهِرٌ كأحْوَلَ فهو مُحْوِلٌ
ومن المجاز : أشهرت فلاناً : استخففت به وفضحته وجعلتهُ شُهرة . وشُهارٌ كغرابٍ : موضع . قال أبو صخر :
ويَوْمَ شُهارٍ قد ذكرتكِ ذِكرةً ... على دُبُرٍ مُجلٍ مِنَ العيشِ نافدِ . وشُهارةُ بالضم : حِصن عَظيمٌ باليمن ويُقال له : شُهارةُ الفَيشِ وهو من مَعاقل الأهنوم قال الشاعرِ :
وفي شُهارةَ أيامٌ تعقبها ... قَتلُ القرامطةِ الأشرارِ في أقرِ ووبرُ بنُ مُشهرٍ كمُحمدٍ : صحابيّ وضبطه الذهبيّ كمُكرمَ وحكى ابنُ الجوزيّ كمُحسنٍ بالسين المهملة . وأمُّ الأسودِ ابنةُ عليّ بنِ مُشهر لها ذِكر . ومُشهرُ بنُ العَيار العجليّ . وأبو محمدٍ عبدُ اللهِ المَوصليّ يُعرف بابنِ المُشهير حدثا . وشيخُنا العلامة المُعمر المحدث مشْهُورُ بن المُسْتَرِيحِ الحُسينيّ الأهدليّ حدثنا عن أبي الحَسَنِ عليٍّ المَرْحُوميّ الضريرِ نَزيل مُخا وعن الوَجيه عبدِ الرحمنِ بنِ محمد الذَّهَبيّ الدِّمَشقيّ وغيرهما
الطَّبَق مُحرَّكة : غِطاءُ كلّ شيء لازِمٌ عليه يُقال : وضَع الطّبَقَ على الحُبِّ وهو قِناعُه ج : أطْباقٌ وأطبِقة . الأخير غَريبٌ لم أجِدْه في أمّهات اللّغَة ولعلّ الصواب : وأطْبَقَه وطبّقَه تطْبيقاً : غطّاه فانْطَبَق وقد يُقال : لو كانَ كذا ما احْتاج الى إعادَة قوْله : وأطْبَقَه فتطبّقَ إلاّ أنْ يُقال : إنّه إنّما أعادَه ليُعْلَم أن الانْطِباق مُطاوِعُ الإطْباق والتّطْبيق والتّطبُّق مطاوع الإطْباقِ وحْدَه وفيه تأمُّلٌ . ومنه قولُهم : لو تطبّقَت السّماءُ على الأرضِ ما فعَلتُ كذا . والطّبَقُ أيضاً من كلّ شيء : ما ساوَاه والجمْع أطْباقٌ . وقولُه :
" ولَيْلَةٍ ذاتِ جَهامٍ أطْباقْ
معْناه أنّ بعضَه طبَقٌ لبَعْض أي : مُساوٍ له وجمَع لأنّه عَنَى الجِنْس وقد يجوزُ أن يكونَ من نعتِ اللّيلةِ أي : بعضُ ظُلَمِها مُساو لبعْضٍ فيكون كجُبّةِ أخلاقٍ ونحوِها . وقد طابَقَه مُطابَقة وطِباقاً : وافقَه وساواه . والطّبَقُ : وجهُ الأرضِ وهو مَجازٌ . والطّبَقُ : الذي يؤكَل عليه وفيه وأيضاً لِما توضَع عليه الفَواكِهُ كما في المُفرداتِ . ومن المَجازِ : الطَّبَق : القَرْن : من الزّمان . ومنه قولُ العبّاسِ - رضيَ اللهُ عنه - يمدحُ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم :
تُنقَل من صالَبٍ الى رَحِمٍ ... إذا مَضى عالَمٌ بدَا طَبَقُأي : إذا مضَى قَرْنٌ بَدا قرْنٌ . وقيلَ للقَرْن : طَبَق ؛ لأنّهم طبَقٌ للأرض ثم ينقَرِضون ويأتي طبَقٌ آخرُ . وقال ابنُ عرَفَة : يُقال : مَضَى طبَقٌ وجاءَ طبَق أي : مضَى عالَمٌ وجاءَ عالَمٌ . وقال ابنُ الأعرابيّ : الطَّبَقُ : الأمّة بعدَ الأمّة . أو الطَّبَق : عِشْرون سنَة والذي في كتابِ الهَجَريِّ عن ابنِ عبّاس : الطّبَقةَ : عشرونَ سنةً . والطّبَق من النّاس ومن الجَرادِ : الكَثير أو الجَماعَةُ كالطِّبْق بالكَسْر . قال الأصمعي : الطِّبْق بالكسْر : الجَماعةُ من النّآس . وقال ابنُ سِيدَه : الطَّبَق : الجماعَةُ من الناس يعدِلون جَماعةً مثلَهم . وفي الحديث : أنّ مَريَم عليها السّلام جاعَتْ فجاءَها طبَقٌ من جَراد فصادَتْ منه أي : قَطيعٌ من الجَراد . ومن المَجاز : الطَّبَق : الحال على اخْتِلافِها عن ابنِ الأعرابي . ومنه قولُه تعالى : ( لتَرْكَبُنّ طَبَقاً عن طَبَقٍ ) أي : حالاً بعد حالِ ومنزِلَةً بعد منزِلة كما في الأساس . وفي الصِّحاح حالاً عن حالٍ يوْمَ القيامةِ . قلتُ : ويقَع عن موقِع بعْدَ كَثيراً مثْل قوْلهم : ورِثَه كابِراً عن كابِرٍ أي : بعْدَ كابرٍ قالَه أبو عليّ . وقال أبو بكر : معْناه لتَركَبُنّ السّماءَ حالاً بعْدَ حالٍ ؛ لأنّها تكون في حالٍ كالمُهْلِ ثم كالفَرَسِ الوَرْدِ وفي حال كالدِّهان . قال الصاغانيّ : وإنّما قيلَ للحال : طبَقٌ ؛ لأنّها تمْلأُ القُلوبَ أو تُشارِفُ ذلِك . وقال الرّاغِب : معنى الآية : أي تَرْقَى منزِلاً عن منْزِل وذلِك إشارة الى أحوالِ الإنسانِ من ترَقّيه في أحْوال شتّى في الدُنْيا نحْو ما أشار إليهِ بقوله : ( واللهُ خلَقكُم من تُرابٍ ثمّ من نُطْفَةٍ ) وأحوال شتّى في الآخرَةِ : من النُّشورِ والبَعْثِ والحِسابِ وجوازِ الصِّراطِ الى حينِ المُسْتَقَرِّ في أحدِ الدّارينِ . ونقَل شيخُنا عن ابنِ أبي الحَديد في شرْح نهْج البلاغةِ ما نصّه : الطَّبَقُ : المشقّة ومنه : ( لتركَبُنّ طبَقاً عن طَبَق ) انتهى . قلت : هذا قد نقَله الأزْهريّ عن ابنِ عبّاس وقال : المَعْنى لتَصيرنّ الأمورُ حالاً بعدَ حالٍ في الشّدّةِ . قال : والعَربُ تقولُ : وقَع فلانٌ في بَناتِ طَبَق : إذا وقَع في الأمر الشّديد . وقرأ ابنُ كَثير والكوفيّون غيْر عاصمٍ : لتَرْكَبَنّ بفتح الباءِ أي لترْكَبَنّ يا مفحمّد طبَقاً من أطْباقِ السّماءِ نقله الزّجّاجُ والصّاغانيّ وقرأ ابنُ عبّاس وابنُ مسعود رضي الله عنهم لتِرْكَبُنّ بكسر التاءِ وهي لُغة تَميم وقَيْس وأسَد وربيعة يكْسِرون أولَ حرْفٍ من حُروفِ المُستقبل إلا أن يكونَ أولُه ياءً فإنّهم لا يَكْسِرونَها . قال ابنُ مسعود : والمَعْنى : لتَرْكَبُنّ السّماءَ حالاً بعد حالٍ وقد تقدّم ذلِك عن أبي بكر . وقال مَسْروقٌ : لتَرْكَبُنّ حالاً بعدَ حال زادَ الزّجاجُ : حتى تَصيروا الى الله من إحياءٍ وإماتة وبعْثٍ . وقرأ عُمر رضي اللهُ عنه : ليَرْكَبَنّ بالياءِ وفتح الباء وفيه وجْهان : أحدُهما : أن يكونَ المُرادُ به النّبيّ صلّى الله عليه وسلم بلَفْظِ الإخبارِ عنه . والثّاني : أن يكونَ الضّميرُ راجعاً على لفْظِ قولِه تعالَى : ( وأمّا مَنْ أوتيَ كِتابَهُ وراءَ ظهْرِه ) الى قوْله : بَصيرا على الإفرادِ . كذلك ليَرْكَبَنّ السّماءَ طَبقاً عنْ طَبَقٍ يعني هذا المذكور ليكونَ اللّفظُ واحِداً والمَعْنى الجَمْع . وقال الزّجّاجُ على قِراءَة أهْلِ المَدينةِ : لتَرْكَبُنّ طَبَقاً يعْني النّاس عامةً والتّفْسيرُ الشّدّة والجمْع أطْباقٌ . ومنه حديثُ عَمْرو بن العاص : إنّي كُنتُ على أطْباقٍ ثَلاث أي : أحْوال . والطَّبَقُ : عظْمٌ رَقيقٌ يفصِلُ بين كلّ فَقارَيْنِ قال الشاعر :
ألا ذهَبَ الخِداعُ فلا خِلاعا ... وأبْدى السّيفُ عن طبَقٍ نُخاعاومنه حديث ابنِ مسْعودٍ رضي الله عنه : وتبْقى أصْلابُ المُنافِقين طَبَقاً واحِداً أي تصيرُ الفِقَر كلها فَقْرةً واحدة نقله أبو عُبَيْد عن الأصمعي وقيلَ : الطّبَق : فَقار الصُّلبِ أجْمع وقيل : الفَقْرة حيثُ كانت . ومن المجاز : الطّبَقُ من المطَر : العامُّ نقَله الصّاغانيُّ والأصمعي وإنّما سُمّي طبَقاً لأنه غِشاءٌ للأرضِ ومنه حديث الاستِسْقاءِ : اللهمَّ اسقِنا غيْثاً مُغيثاً طبَقاً أي مالِئاً للأرضِ مغَطِّياً لها يقالُ : غيْث طبَق أي : عامّ واسِع وقال امرؤ القَيْس :
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وطَفٌ ... طبَقُ الأرضِ تحرّى وتَدُرّْ والطّبَق : ظهْرُ فرْجِ المرأة عن ابنِ عبّاد وهو مجاز . والطّبَقُ من اللّيل ومن النّهار : معظَمُهُما . يقال : مضَى طبَق من اللّيل وطبَق من النّهار أي : بَعض منهُما . وفي المُفردات : طبَق اللّيلِ والنّهارِ : ساعاتُه المُطابِقَة . ومن المجاز : هذه بِنْتُ طَبَقٍ وإحدى بَنات طَبَق وهي الدّواهِي وفي المثل : إحْدى بَناتِ طبَق وأصلُها من الحَيّاتِ وذكرَ الثّعالبيّ أنّ طبَقاً حيّةٌ صفراءُ . وقال غيره : قيل للحَيّة : أمّ طبَق وبِنت طَبقَ لتَرَحِّيها وتَحَوِّيها وأكثَرُ التَّرَحِّي للأفْعى وقيل : إنّما قيلَ للحَيّات : بَناتُ طَبَق لإطْباقِها على مَنْ تلْسَعه وقيل : لأنّ الحَوّاءَ يُمْسِكُها تحت أطْباقِ الأسْفاطِ المُجلَّدَة . وقال الزّمَخْشَريُّ : لأنّها تُشْبِه الطّبَق إذا استدارَت . وتَزعُم العَربُ أنّ بِنْت طبَقٍ : سُلَحْفاةٌ تَبيضُ تِسْعاً وتِسعين بيضَة كُلُّها سَلاحِفُ وتَبيضُ بيْضَةً تنقُفُ عن حيّةٍ وفي الصِّحاح : عن أسْوَدَ . وطَبَقَةُ مُحرَّكةً : امرأةٌ عاقِلَة تزوّج بها رجُلٌ عاقِلٌ من دُهاةِ العَرَب ولهما قِصّة ذكَرها الصاغانيُّ في العُباب . قال : قال الشّرْقيُّ بنُ القُطامِيِّ : كانَ رجُلٌ من دُهاة العرَب وعُقلائِهِم يُقال له : شَنٌّ فقال : واللهِ لأطوفَنّ حتى أجِدَ امْرأةً مِثْلي فأتزوّجَها فبينما هو في بعضِ مَسيرِه إذ رافقَه رجُلٌ في الطّريق فسألَه شنٌّ : أتَحْمِلُني أم أحمِلُك ؟ فقال له الرّجل : يا جاهِلُ أنا راكِبٌ وأنتَ راكِبٌ فكيفَ أحْمِلُك أو تحمِلُني ؟ فسكت عنه شنٌّ وسارَ حتى إذا قرُبا من القَرْيةِ إذا هما بزَرْعٍ قد استَحْصَد فقال شَنٌّ : أتُرى هذا الزّرْعَ أُكِل أم لا ؟ فقال له الرّجلُ : يا جاهلُ تَرى مُستَحصِداً فتَقول : أُكِلَ أم لا ؟ فسكتَ عنه شنّ حتى إذا دَخلا القَريةَ لقِيتْهُما جَنازة فقال شنٌّ : أتُرى صاحبَ هذا النّعْشِ حيّاً أو مَيِّتاً ؟ فقال له الرّجل : ما رأيتُ أجْهَلَ منْك ! تَرى جِنازةً تسألُ عنها : أميِّتٌ صاحِبُها أم حيّ ؟ فسكَتَ عنه شنٌّ فأرادَ مفارقَته فأبى ذلك الرّجلُ أن يتْرُكَه حتى يَسيرَ به الى منْزِله فمضَى معه وكانَ للرّجل بنْتٌ يُقالُ لها : طَبَقةُ فلمّا دخَل عليها أبوها سألَتْه عن ضَيْفِه فأخْبَرَها بمُرافقَته إيّاه وشَكا إليها جهْلَه وحدّثها بحَديثِه فقالتْ : يا أبَتِ ما هذا بجاهِلٍ . أما قولُه : أتَحْمثلُني أم أحْمِلُك ؟ فأرادَ أتُحدّثُني أ مأحدّثُك حتى نقْطَعَ طريقَنا وأما قولُه : أتُرى هذا الزّرعَ أُكِل أم لا ؟ فإنّما أرادَ هلْ باعَهُ أهلُه فأكَلوا ثمنه أم لا وأمّا قولُه في الجِنازة : فأرادَ هل ترَكَ عَقِباً يحيا بهم ذِكْرُه أم لا فخرَج الرّجُلُ فقَعَدَ مع شنٍّ فحادَثَه ساعةً ثم قال : أتُحِبُّ أن أفسِّرَ لك ما سألْتَني عنه ؟ قال : نعَم ففسّره فقال شنٌّ : ما هذا من كَلامِك فأخْبِرْني عن صاحِبِه . فقال : ابنةٌ لي فخطبَها إليه وزوّجَها له وحملَها الى أهلِه . ومنه قولُه : وافقَ شنٌّ طبَقَة وكذا : صادَفَ شنٌّ طَبَقَةَ . أو هُم قَوْم كان لهُم وِعاءُ أدَم فتشنّنَ فجعلوا له طَبَقاً فوافقَه فقِيل ذلك قالَه الأصمعي ونقله أبو عُبيْد هكذا وفسّره . أو طَبَق : قَبيلةٌ من إيادِ كانت لا تُطاقُ وكانت شَنّ لا يُقام لها فأوقَعَتْ بها شنٌّ وهو ابنُ أفصَى بن عبدِ القَيْس فانتصَفَتْ منها وأصابت فيها فضُرِبتْ مثَلاً للمُتّفِقين في الشّدّةِ وغيرها وقيل : وافق شنٌّ طَبَقَه وافقَه فاعتَنَقه قاله ابنُ الكَلبي . وقال الشّاعر :
لقِيَتْ شَنٌّ إياداً بالقَنا ... طَبَقاً وافَقَ شَنٌّ طَبقَهقال ابنُ سِيدَه : وليس الشّنُّ هُنا القِربَة لأن القِرْبَةَ لا طَبَق لها . وقيل : يُضرَبُ لكُلّ اثْنَينِ - أو أمْرَين - جمَعَتْهُما حالةٌ واحدة اتّصَفَ بها كُلٌّ منهما وقيلَ : هما حيّانِ اتّفَقوا على أمرٍ فقيلَ لهما ذلك لأنّ كلَّ واحِدٍ منهما قِيلَ له ذلِك لمّا وافقَ شكلَه ونَظيرَه . وطابَقَ بين قَميصَين : لبِسَ أحدَهما فوقَ الآخر وكذلك صافَقَ بينهما وطارَقَ . والسّمواتُ طِباقٌ ككِتاب في قوله تعالى : ( ألم تَرَوْا كيْفَ خلَقَ الله سَبْعَ سَمواتٍ طِباقاً ) سُمّيت بذلِك لمُطابَقَة بعْضِها بعْضاً أي : بعضها فوقَ بعض وقِيلَ : لأنّ بعضَها مُطْبِقٌ على بعضٍ وقيل : الطِّباقُ : مصدرُ طوبِقَت طِباقاً . وقال الزّجّاج : أي : مُطبِقٌ بعضُها علَى بعْضٍ . قال : ونَصَب طِباقاً علي وجْهَيْن أحدهما : مُطابَقةً طِباقاً والآخر : من نَعْت سَبْعٍ أي : خلَقَ سَبْعاً ذات طِباقٍ . وقال اللّيثُ : السّموات طِباقٌ بعضُها على بعضٍ وكُلُّ واحد من الطِّباق طَبَقَة ويُذَكَّر فيُقال : طَبَق . وطبّقَ الشّيءُ تَطْبيقاً : عمّ . وطبّق السّحابُ الجَوَّ : إذا غشّاه . ومنه سَحابَةٌ مُطبِّقَة . وطبّق الماءُ وجْهَ الأرْضِ : إذا غطّاه . ويُقال : هذا مطَر طبّقَ الأرضَ : إذا عمّها . والطُّبّاق كزُنّار : شجَرٌ . قال أبو حَنيفة : أخْبَرَني بعضُ أزْدِ السَّراة قال : هو نحْوُ القامَةِ يَنْبُت مُتجاوِراً لا تَكادُ تُرَى منه واحدَةٌ منفردَة وله ورقٌ طوالٌ دِقاقٌ خُضْر تتلزّجُ إذا غُمِزَتْ يُضمَدُ بها الكسرُ فيُجْبَرُ وله نَوْرٌ أصفَرُ مُجْتَمِعٌ ولا تأكلُه الإبِلُ ولكن الغَنم ومَنابِتُه الصّخْرُ مع العَرْعَر والنّحْلُ تجْرِسُه والأوعالُ أيضاً ترْعاه وأنشد :
وأشْعَثَ أنسَتْه المنيّةُ نفْسَه ... رَعى الشّثَّ والطُّبّاقَ في شاهِقٍ وعْرِ انتهى كلامُ أبي حَنيفة . وقال تأبّط شرّاً :
كأنّما حثْحَثوا حُصّاً قوادِمُه ... أو أُمَّ خِشْفٍ بذي شَثٍّ وطُبّاقِ وفي حَديثِ محمّدِ بنِ الحَنَفيّةِ - رحمه اللهُ تعالى - وذكَر رجُلاً يَلي الأمرَ بعدَ السُّفْيانيّ فقال : حَمْش الذِّراعينِ والسّاقَين مُصفَّح الرّأْس غائِر العَيْنَيْن يكون بينَ شَثٍّ وطُبّاقٍ وهما شجَرتان معْروفتان بنَواحي جِبال مَكّة . أرادَ أنّ مُقامَه أو مَخْرَجَه يكونُ بالحِجاز نافِعٌ للسّموم شُرْباً وضِماداً ومن الجَرَب والحِكّة والحُمياتِ العَتيقَة والمَغَص واليَرَقان وسُدَدِ الكَبِد شَديدُ الإسْخان . ومن المَجاز : جَمَلٌ طَباقاءُ انْطَبَق عليه فهو عاجِزٌ عن الضِّراب . ورجُلٌ طَباقاءُ مُعْجم ينطَبِق أي : ينعَجِمُ عليه الكَلامُ وينغَلِقُ وقيلَ : هو الذي لا ينْكِحُ . أو الطّباقاءُ : ثَقيلٌ يُطْبِقُ على المرْأةِ بصَدْرِه لثِقَلِه أو عَيِيٌّ ثَقيل يُطبِقُ على الطّرُوقَة أو المرأةِ بصَدْرِه لصِغَرِه قال جميلُ بنُ مَعْمَر :
طَباقاءُ لم يشْهَدْ خُصوماً ولم يُنِخْ ... قِلاصاً الى أكْوارِها حينَ تُعْكَفُ ويُرْوى : عَياياء وهُما بمَعْنىً . قال ابنُ بَرّيّ : ومثلُه قولُ الآخَر :
طَباقاءُ لم يشْهَدْ خُصوماً ولم يعِشْ ... حَميداً ولم يشْهَدْ حَلالاً ولا عِطْراوفي حَديثِ أمِّ زَرْعٍ : فقالت : زَوْجي عَياياءُ طَباقاءُ وكُلُّ داءٍ له داءٌ قال الأصمعي : الطَّباقاءُ : الأحمَقُ الفَدْم . وقال ابنُ الأعرابيّ : هو المُطْبَق عليه حُمْقاً . وقيلَ : هو الذي أُمورُه مُطبَقَة عليه أي مُغَشّاة . وقيل : هو الذي يعجِز عن الكَلامِ فتُطبَق شَفَتاه . والطّابِق كهاجَر وصاحِب هكذا حكاهُ اللِّحيانيُّ عن الكِسائيّ بكَسْر الباءِ وفتْحِها : الآجُرُّ الكَبير فارسيٌّ معرَّب تابَه كالطاباق وهذه عن الفَرّاء . وقال ثَعْلَب : الطابَق والطابِق : العُضْوُ من أعضاءِ الإنسانِ كاليَدِ والرِّجْل ونحْوِهما . وفي حَديث عليّ رضِي الله عنه : إنّما أُمر في السّارِق بقَطْعِ طابِقِه أي : يدِه . وفي حَديث عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه : أنّ غُلاماً له أبَقَ فقال : لئنْ قدَرْتُ عليه لأقْطَعَنّ منه طابِقاً يُريدُ عُضْواً . أو الطّابَِق : نِصْفُ الشّاةِ أو مِقدارُ ما يأكُل منه اثْنان أو ثَلاثة ومنه الحَديثُ : فخبَزْتُ خُبْزاً وشوَيْتُ طابَقاً من شَاة . والطّابَق بفتح الباءِ : ظرْفٌ من حَديد أو نُحاس يُطْبَخُ فيهِ فارسيّ معرَّب تابَهْ ج : طَوابِقُ وطَوابيقُ قال سيبَوَيْه : أما الّذين قالوا طَوابيق فإنّما جعلوه تَكْسيرَ فاعال وإن لم يكن في كَلامِهم كما قالوا : ملامِح . والعِمّةُ الطابِقِيّة : هي الاقْتِعاط . وقال ابنُ الأعرابيّ : جاءَ فلانٌ مُقْتَعِطاً أي جاءَ مُتَعَمِّماً طابِقيّاً وقد نُهِيَ عنها . وقال ابنُ دُرَيْد : الطِّبْقُ بالكسْرِ في بعضِ اللُغات : الدِّبْق الذي يُصادُ به ومثلُه عن ابنِ الأعرابيّ . وهو أيضاً : حمْلُ شجَر بعَيْنِه . وكُلُّ ما أُلزِق بهِ شيءٌ فهو طِبْق . والطِّبْقُ : من حَبائِلِ الطّيْرِ مثلُ الفِخاخ كالطِّبَقِ كعِنَب واحِدُهُما طِبْقَة بالكسر نقله ابنُ عبّاد . قال : والطِّبْقُ : السّاعَة من النّهار كالطِّبْقة بالكسر : يُقال : أقَمْتُ عندَه طِبْقاً من النّهار وطِبْقَة . والطَّبيق كأمِير : السّاعةُ من اللّيلِ . وفي اللِّسان : يُقال : أتانا بعدَ طِبْقٍ من اللّيْلِ وطَبيقٍ أي : بعدَ حين . وكذلك من النّهارِ ج : طُبْقٌ بالضّمِّ . وقال ابنُ عبّاد : طِبْقاً بالكَسْر وطَبِيقاً كأميرٍ أي : مَليّاً عن ابنِ عبّاد . وقال ابنُ الأعرابي : يُقال : هذا الشيءُ طِبْقُه بالكَسر والتّحريك وطِباقُه ككِتاب وأمِير أي : مُطابِقُه وكذلك وَفْقُه ووِفاقُه وطابَقُه ومُطْبِقُه وقالَبُه وقالِبُه كلُّ ذلِك بمعنىً واحد كذا في النّوادِر . ويقال : ما أطْبَقَه لكذا أي : ما أحْذَقَه عن ابنِ عبّادٍ . قال : ويقولون : طَبِقَ يَفْعَل كذا كفَرِح : في مَعنى طَفِقَ . ومن المَجازِ : طَبِقَتْ يَدُه طَبْقاً بالفتحِ ويُحرَّك فهو من حَدَّيْ نصَ وفرِحَ فهي طَبِقَة كفَرِحة : إذا لزِقَت بالجَنْب ولا تَنْبَسط . وأطْبَقه إطْباقاً : غطّاه وجعَلَه مُطْبِقاً عليه فانْطَبَق وهذا قد تقدّم له في أوّل التّركيبِ فهو تكرار . ومنه الجُنونُ المُطبِقُ كمُحْسِن الذي يُغَطِّي العَقْل وقد أطْبَق عليه الجُنون . والحُمّى المُطْبِقَة : هي الدائِمةُ التي لا تُفارِق ليْلاً ولا نَهاراً وقد أطبَقَت عليه وهو مجاز . ومن المَجازِ : أطْبَقَ القومُ علَى الأمرِ : إذا أجْمَعوا عليه . وأطبَقَت النّجومُ : كثُرتْ وظهَرَتْ كأنّها لكَثْرتِها طَبَقةٌ فوْقَ طبَقَةٍ . والحُروفُ المُطْبَقَةُ أربعة : الصّادُ الى الظّاءِ تجْمَعُها أوائل : صِلْ ضَريراً طالَ ظُلْمُه . وما سِوَى ذلِك فمَفْتوحٌ غيرُ مُطْبَقٍ . والإطْباقُ : أن ترْفَع ظهْرَ لِسانِك الى الحَنَك الأعلى مُطْبِقاً له . ولولا الإطْباقُ لصارَت الطّاءُ دالاً والصّادُ سِيناً والظّاءُ ذالاً ولخَرجَتِ الضّادُ من الكلام لأنّه ليسَ من موضِعِها شَيْءٌ غيرُها تَزولُ الضّادُ إذا عدِمَ الإطْباق البَتّة . والتّطْبيقُ في الصّلاةِ : جعْلُ اليَدَيْن بينَ الفَخِذَين في الرّكُوع وكذلك في التّشهُّد كما رَواه المُنْذِريّ عن الحَرْبيّ وكان ذلك في أوّل الأمرِ ثم نُهُوا عن ذلِك وأُمِروا بإلقام الكَفّينِ رأسَ الرّكبَتَيْن . وكان ابنُ مَسعودٍ مُستَمِراً على التّطْبيقِ لأنه لم يكُنْ علِمَ الأمرَ الآخَر . والتّطْبيقُ : إصابةُ السّيْفِ المَفْصِل حتى يَبينَ العُضوُ . قال الفَرَزْدَقُ يمْدَحُ الحجّاجَ ويشبِّهُهبالسّيف : ّيف :
وما هُو إلاّ كالحُسامِ مجَرّداً ... يُصَمِّمُ أحياناً وحِيناً يُطبِّقُ والتّصْميم : أن يمضيَ في العَظْم . ويُقال : طبّق السّيفُ : إذا وقعَ بينَ عظْمَين . والتّطبيقُ : تقريب الفَرَس في العَدْو . وقال الأصْمَعيّ : هو أن يَثِبَ البَعيرُ فتقَعَ قوائِمُه بالأرضِ معاً ومنه قولُ الرّاعي يَصِف ناقةً نَجيبةً :
حتّى إذا ما اسْتَوى طبّقَتْ ... كما طبّقَ المِسْحَلُ الأغْبَرُ يقولُ : لمّا اسْتَوى الرّاكبُ عليها طبّقَتْ . قال الأصمعي : وأحْسَنَ الرّاعي في قوله :
وهِيَّ إذا قامَ في غَرزِها ... كمِثْلِ السّفينةِ أو أوْقَر لأنّ هذا من صِفَةِ النّجائب ثم أساءَ في قولِه : طبّقَت لأنّ النّجيبةَ يُستَحَبُّ لها أن تُقدِّمَ يَداً ثم تُقدّم الأخرى فإذا طبّقَت لم تُحْمَد . قال : وهو مثلُ قوله :
" حتّى إذا ما اسْتَوى في غرزِها تثِبُ والتّطْبيقُ : تَعْميم الغَيْمِ بمطَرِه الأرضَ وقد طبّق وهذا قد تقدّم آنفاً فهو تكرار ومنه : سَحابةٌ مطَبِّقة . ومن المجاز : المُطَبِّقُ كمُحدِّث مَنْ يُصيبُ الأمورَ برأْيهِ . ومنه قولُ ابنِ عبّاس لأبي هُريرة - رضي الله عنهم - حين بلَغه فُتْياهُ في المُطلَّقة ثَلاثاً غيرَ مدْخول بها . إنّها لا تحِلُّ له حتى تنْكِح زَوْجاً غيرَه . فقال له : طبَّقْتَ . قال أبو عُبيد : أي أصَبْتَ وَجْه الفُتْيا ؛ وأصلُه إصابةُ السّيف المَفْصِل . وقيل : ويُقال للّذي يُصيبُ الحُجّة : إنّه يُطبِّقُ المَفصِل . وقال أبو زَيد : يُقالُ للبَليغ من الرِّجال : قد طبّقَ المَفْصِلَ وردّ قالَب الكَلام ووضَع الهِناءَ مواضِعَ النُّقَبِ . والمُطابَقَة : المُوافَقَة وقد طابَقَه مُطابَقة وطِباقاً . وقال الرّاغِب : المُطابَقَة : من الأسْماءِ المُتضايِفَة ؛ وهو أن يُجعَلَ الشّيءُ فوقَ آخر بقَدْره ومنه : طابَقْتُ النّعْلَ قال الشاعر :
إذا لاوَذَ الظِّلَّ القَصيرَ بخُفّه ... فكان طِباقَ الخُفِّ أو قَلَّ زائِدا ثم يُستَعْمل الطِّباقُ في الشّيءِ الذي يكونُ فوقَ الآخَر تارةً وفيما يُوافِق غيرَه تارةً كسائِرِ الأشياءِ الموضوعة لمعْنَيَيْن ثم يُستَعمَلُ في أحدِهما من دونِ الآخر كالكأسِ والرّاوِية ونحوهما . ومن المَجاز : المُطابَقة : مَشْيُ المُقَيَّد وهو مُقارَبَةُ الخَطْو . وهو مأخوذٌ من قولِهم : المُطابَقَة هو وضْعُ الفَرَس رِجْلَيْهِ موضِع يَدَيْه وهو الأحَقُّ من الخَيْلِ وكذلِك البَعير كما في الأساسِ . ومما يُسْتَدرَك عليه : تطابَق الشّيئانِ : تَساوَيا واتّفَقا . وطابَقْتُ بيْن الشّيْئَين : إذا جعَلْتَهما على حَذْوٍ واحدٍ وألزَقْتَهما . وهذا الشّيءُ مُطْبَقُه كمُكْرَم وطابَقهُ كهاجَر أي : وَفْقه عن ابنِ الأعرابي . وأصبَحَت الأرضُ طَبَقاً واحِداً : إذا تغشّى وجهُها بالماءِ . وطِباقُ الأرضِ وطِلاعُها سَواءٌ بمعنى مِلْئِها . وفي الحَديث : قُرَيْشٌ الكَتَبة الحَسَبَة مِلْحُ هذِه الأمّةِ عِلْمُ عالِمِهم طِباقُ الأرضِ كأنّه يعُمُّ الأرضَ فيكونُ طَبَقاً لها . وفي رواية : عِلْمُ عالِمِ قُريْش طَبَقُ الأرض . وفي حَديث آخر : للّه مائَةُ رَحْمَة كُلُّ رَحْمَةٍ منها كطِباقِ الأرضِ أي : تُغَشِّي الأرضَ كُلَّها . وفي حَديث أشْراطِ السّاعة : توصَلُ الأطْباقُ وتُقطَعُ الأرْحام يعنِي بالأطْباقِ البُعَداءَ والأجانِبَ . وطابَقَه علَى الأمْرِ : جامَعَهُ ومالأَه . وقيلَ : عاونَه . وطابَقَت المرْأةُ زوجَها : إذا واتَتْه . وطابَقَ على العَمَل : مارَن . وطابَقَت النّاقةُ والمرْأةُ : انْقادَت لمُريدِها . والطِّبْقُ بالكَسْرِ والمُطبَّق كمعَظَّم : شَيءٌ يُلصَق به قِشرُ اللّؤلُؤ فيَصيرُ مثلَه . وجاءَت الإبلُ طَبَقاً واحِداً بالتّحْريك أي : على خُفٍّ واحِد . ويُقال : باتَ يرْعَى طَبَقَ النّجومِ أي : حالَها في مَسيرِها وهو مَجازٌ . والطَّبَقَة : الحالُ والجَمْع الطّبَقات . والمُطْبِقاتُ : الدّواهي والشّدائِد عن أبي عَمْرو . ويُقالُ للسَّنَة الشّديدةِ : المُطبِقَةُ وهو مَجاز . قال الكُمَيتُ :
وأهلُ السّماحة في المُطبِقات ... وأهلُ السّكينة في المَحْفَلِويكون المُطبَق بمعنى المُطْبِق . وولدَتِ الغَنَمُ طَبَقاً وطَبْقاً : إذا نُتِج بعضُها بعْد بعْضٍ . وقال الأمويُّ : إذا وُلِدَتِ الغنَمُ بعضُها بعدَ بعضٍ قيلَ : قد ولّدْتُها الرُّجَيْلاءَ وولّدْتُها طَبَقاً وطَبَقةً . والطّبَقات : المَنازِل والمَراتِب . والطّبَقَة من الأرض : شِبْه المَشارَة . وقال الأصمعيّ : كلُّ مَفصِل طَبَق والجمْع أطْباقٌ . والطّبَقُ : الدَّرَكُ من أدْراكِ جهنّم أعاذَنا اللهُ منْها . وقال ابنُ الأعرابيّ : الطَّبْقُ بالفَتْح : الظُّلْم بالباطِل . وقال ابنُ شُمَيْل : يُقال : تحلَّبوا على فُلان طَباقاءَ بالمَدّ أي : تجمّعوا كُلُّهم عليه . وأطْباقُ الرّأْس : عِظامُه ؛ لتطابُقِها مع بعضِها واشْتِباكِها . وقال ابنُ عبّاد : بِئْرٌ ذاتُ طابقٍ إذا كانَت فيها حُروفٌ نادرَةٌ . قال : وكُتُبُه لي طَبَقَة أي : مُتواتِرة . والمُطْبَقُ عليه بفَتْح الباءِ : المُغْمَى عليه . وطابَقَ لي بحَقّي : إذا أذْعنَ وأقرّ . وهذا جوابٌ يُطابِقُ السّؤالَ . وأطبَقْتُ الرّحَى : إذا وضَعتَ الطّبَقَ الأعلَى على الأسْفلِ . وجَرادٌ مُطبِّقٌ : عامٌّ . وأطْبِق شَفَتيْك : أي اسكُت . وأطبَقَ الغَيمُ السّماءَ كطبَّقَها . والمُطبِقُ كمُحْسِن : سِجْنٌ تحتَ الأرضِ . وبيتٌ مُطبَقٌ : انتَهى عَروضُه في وسَط الكلمةِ . ولامِيّةُ عَبيدٍ كُلُّها مُطْبَقَة إلا بَيتاً واحِداً نقَله الزّمخْشَريّ . وأطْبَقَ الرّاكعُ : مثل طبّق . وطبّقَت الإبِلُ الطريقَ : قطعَتْه غيرَ مائِلةٍ عن القَصْدِ وهو مجاز . والإطْباقَةُ : قَرية بمِصْر من أعمالِ الغرْبِيّة