" الصُّبْح " بالضَّم " : الفَجْر أَو أَوّلُ النَّهَارِ ج أَصْباحٌ وهو الصَّبِيحة ؛ والصَّبَاح " نقيض المسَاءِ " والإِصْباحُ " بالكسر " ,المُصْبَحُ كمُكْرَم " لأَنّ المفعول مما زاد على الثلاثة كاسم المفعول . قال الله عزّ وجل : " فالِقُ الإِصْباحِ " قال الفرّاءُ : إِذا قيل : الأَمْسَاءُ والأَصْباحُ فهو جمْع المَسَاءِ والصّبْح . قال : ومِثْله الأَبْكار والإِبْكار وقال الشّاعر :
" أَفْنَى رِيَاحاً وذَوِي رِيَاحِ
" تَناسُحُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ وحكَىَ اللِّحْيَانيّ : تقول العرب إِذا تَطيَّروا من الإِنسان وغيرِه : صَبَاحُ اللهِ لا صَباحُك قال : وإِنْ شِئتَ نَصَبْتَ . " وأَصْبَحَ : دَخَل فيه " أَي الصُّبْحِ كما يقال : أَمْسَى إِذا دخل في المَسَاءِ . وفي الحديث : " أَصْبِحوا بالصُّبح فإِنه أَعظمث للأَجْر " أَي صَلُّوها عند طُلوع الصُّبحِ . وفي التَّنْزِيل " وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ " أَصْبَحَ : " بمَعْنَي صارَ " . قال شيخُنا فيه تَطْوِيلٌ لأَنّ " بمعنى " مُسْتَدْرَك كما لا يَخفَى . قال سيبويه : أَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا أَي صِرْنَا في حينِ ذاك . وأَصْبَحَ فلانٌ عالِماً : صار . " وصَبَّحهم " تَصْبيحاً : " قال لهم : عِمْ صَباحاً " وهو تَحِيَّةُ الجاهليَّة أَو قال : صَبَّحكَ اللهُ بالخَيْر . صَبَّحَهم : " أَتاهم صَبَاحاً كصَبَحهم كمَنَعَ " . قال أَبو عَدْنَان : الفَرْق بين صَبَحْنَا وصَبَّحْنَا أَنه يُقَال : صَبَّحْنا بلدَ كذا وكذا وصَبَّحْنَا فُلاناً فهذه مشدّدة ؛ وصَبَحْنَا أَهْلَهَا خَيراً أَو شَرّاً . وقال النّابغة :
وصَبَّحَه فَلْجاً فلا زَالَ كَعْبُه ... على كُلِّ مَنْ عادَى منَ النّاسِ عَالِيَا ويقال : صَبَّحه بكذا ومَسّاه بكذا كلّ ذلك جائز قال بُجَير بن زُهَير المُزَنيّ وكان أَسْلَمَ :
صَبَحْنَاهُمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ ... وسَبْعٍ من بني عُثْمَانَ وَافِي معناه أَتَيْنَاهم صَبَاحاً بأَلف رَجلٍ من بني سُلَيم . وقال الراجز :
" نَحْنُ صَبَحْنَا عامراً في دَارِها
" جُرْداً تَعَادَى طَرَفَيْ نَهَارِهَا يريد أَتَيْنَاهَا صَباحاً بخَيْل جُرْد . وقال الشَّمّاخ :
وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكَابَها ... وقِيلَ المُنَادِي : أَصبَحَ القَوْمُ أَدْلِجى
قال الأَزهريّ : يَسأَل السّائلُ عن هذا البَيت فيقول : الإِدْلاجُ : سَيرُ اللَّيل فكيف يقول : أَصبحَ القومُ وهو يأْمر بالإِدلاجِ ؟ وقد تقدّم الجواب في " دلج " فراجِعْه . صَبَحَهُم : " سَقَاهم صَبُوحاً " من لَبنٍ يَصْبَحُهم صَبْحاً وصَبَّحَهم تَصْبيحاً كذلك . " وهو " أَي الصَّبوحُ : " ما حُلِبَ من اللَّبنِ بالغَدَاةِ " أَو ما شُرِبَ بالغَدَاةِ فما دُونَ القائِلةِ . وفِعْلُك الاصْطِباحُ . الصَّبُوحُ أَيضاً : كلُّ ما أُكِلَ أَو شُرِبَ غُدْوَةً وهو خِلافُ الغَبُوقِ . والصَّبُوح : " ما أَصْبَحَ عندَهُم من شَرَابٍ " فشَرِبوه . الصَّبُوح : " النَّاقَةُ تُحْلَب صَبَاحاً " حكاه اللِّحْيَانيّ وأَبو الهَيثم . وقولُ شَيْخِنا إِنه غريبٌ محلُّ نَظرٍ . من المجاز : هذا " يومُ الصَّبَاحِ " ولَقِيتُهم غَدَاةَ الصَّبَاحِ : وهو " يَومُ الغَارَةِ " قال الأَعشى :
به تَرْعُفُ الأَلْفَ إِذْ أُرْسِلَتْ ... غَدَاةَ الصَّبَاحِ إِذَا النَّقْعُ ثارا يقول : بهذا الفَرَسِ يَتقدَّم صاحبُه الأَلْفَ من الخَيْل يَومَ الغَارَةِ . والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارَةٍ من الخَيْل تَفْجَؤُهم صَبَاحاً : يا صَبَاحَاه : يُنْذِرُونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداءِ العالي . ويُسَمُّون يومَ الغَارةِ يَومَ الصَّبَاحِ لأَنّهم أَكْثَر ما يُغِيرونَ عندَ الصَّباح . " والصُّبْحَة بالضَّمِّ : نَوْمُ الغَدَاةِ ويُفْتَح " وقد كَرِهه بعضُهم . وفي الحديث أَنه نَهَى عن الضُّبْحَة وهي النَّومُ أَوّلَ النَّهَار لأَنه وَقتُ الذِّكْرِ ثم وَقْتُ طَلَبِ الكَسْبِ . وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ أَنها قالت : " وعندَه أَقول فلا أُقَبَّح وأَرْقُد فأَتَصبَّح " . أَرادتْ أَنها مُكْفِيَّةٌ فهي تَنَام الصُّبْحَة . الصُّبْحَة : " ما تَعَلَّلْتَ به غُدْوَةً " . " وقد تَصَبَّحَ " : إِذا نام بالغَدَاةِ . وفي الحديث : " مَنْ تَصبَّحَ بسَبْعِ تَمْرَاتٍ عَجْوَة " هو تَفَعَّلَ من صَبَحْتُ القَوْمَ : إِذَا سَقَيْتهم الصَّبُوحَ وصَبَّحت التّشديد لُغة فيه . الصُّبْحَة والصَّبَحَ : " سَوَادٌ إِلى الحُمْرَةِ أَو لَوْنٌ يَضْرِب إِلى الشُّهْبَةِ " قَرِيبٌ منها " أَو إِلى الصُّهْبَةِ " وجَزَمَ السُّهَيليّ بأَن الصُّبْحةَ بياضٌ غيرُ خالصٍ . وقال اللّيث : الصَّبَح : شِدَّةُ الحُمْرَةِ في الشَّعر . " وهو أَصْبَحُ . وهي صَبْحاءُ " . وعن اللّيث : الأَصْبَح قَريبٌ من الأَصْهَب . وروَى شَمِرٌ عن أَبي نَصْرٍ قال : في الشَّعر الصُّبْحَةُ والمُلْحَة . ورجل أَصْبَحُ اللِّحْيَةِ : الّذي تَعلوا شَعرَه حُمْرَةٌ . وقال شَمِرٌ : الأَصْبَحُ : الّذي يكون في سَوادِ شَعرِهِ حُمْرةٌ . وفي حديث المُلاَعنة : " إِنْ جاءَتْ به أَصْبَحَ أَصْهَب " الأَصْبَح : الشَّديدُ حُمْرةِ الشَّعرِ . ومنه صُبْحُ النَّهارِ مُشتَقٌّ من الأَصْبَح . قال الأَزهريّ : ولَوْنُ الصُّبْح الصّادقِ يَضْرِب إِلى الحُمْرَةِ قليلاً كأَنّها لَوْنُ الشَّفَق الأَوَّلِ في أَوَّلِ اللَّيْل . " وأَتَيْنُه لِصُبْحِ خامسةٍ " بالضّم كما تَقُول : لِمُسْيِ خامسةٍ " ويُكْسَر أَي لِصَبَاحِ خَمسةِ أَيامٍ " . وحكَى سيبويه : أَتَيتُه صَبَاحَ مَسَاءَ . من العرب مَن يَبْنِيه كخَمْسَةَ عَشَرَ ومنهم من يُضيفُه إِلاّ في حَدِّ الحالِ أَو الظَّرف . " وأَتيْتُه ذَا صَبَاحٍ وذا صَبُوحٍ أَي بُكْرَةً " . قال سيبويه : " لا يُستعمل إِلاَّ ظَرْفاً " وهو ظَرْفٌ غيرٌ مُتمكِّنٍ . وقد جاءَ في لُغَةٍ لخَثْعَم " اسماً " قال أَنَسُ بنُ نُهَيْك منهم :
عزَمْتُ على إِقامةِ ذِي صَبَاحٍ ... لأَمْرٍ مَا يُسَوَّدُ مَنْ يَسُودُلم يستعمله ظَرْفاً . قال سيبويه : هي لُغَةٌ لخَثْعَم . ووَجدْت في هامش الصّحاح : البيتُ لرجُلٍ من خَثْعَم قالَهُ على لُغَته لأَنّه جَرّ ذا صباحٍ وهو ظَرْفٌ لا يَتمَكَّن والظُّرُوف الّتي لا تَتمكّن لا تُجَرُّ ولا تُرْفَع ولا يجوز ذلك إِلاّ في لغة قومٍ من خَثْعَم أَو يُضْطَرُّ إِليه شاعرٌ . يُريد : عَزَمْت على الإِقامةِ إِلو وَقْتِ الصَّباح لأَنّي وَجَدْت الرَّأْيَ والحَزْمَ يُوجبانِ ذلك . ثم قال : لشيْءٍ ما يُسَوَّد مَنْ يَسود : يقول : إِنّ الذي يُسوِّده قَومُه لا يُسوَّدُ إِلاّ لشيْءٍ من الخِصَالِ الجَمِيلةِ والأُمورِ المحمودةِ رآهَا قَومُه فيه فسَوَّدُوه من أَجْلها ؛ كذا قاله ابن السّيرافيّ . ولقيتُه ذاتَ صُبْحَةٍ وذا صَبُوح أَي حِين أَصْبَحَ وحين شَرِبَ الصَّبُوحَ . وعن ابنِ الأَعرابيّ : أَتَيتُه ذاتَ الصَّبُوحِ وذَات الغَبُوق إِذا أَتَاه غُدْوَةً وعَشِيَّةً ؛ وذَا صَبَاحٍ وذَا مَساءٍ ؛ وذَاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيْمِ أَي منذُ ثلاثة أَزْمَانٍ وأَعْوامٍ . " والأَصبَحُ : الأَسَدُ " بَيِّنُ الصَّبَحِ . ورَجُلٌ أَصْبَحُ كذلك . الأَصْبَح : " شَعرٌ يَخْلطه بياضٌ بحُمْرَةٍ خِلْقَةً " أَيّاً كانَ " وقد اصْبَاحَّ " اصْبِيحَاحاً " وصَبِحَ كفَرِحَ صَبَحاً " محرَّكةً " وصُبْحَةً بالضّمّ " . " والمُصْبَح كمُكْرَم : موضِعُ الإِصْبَاحِ ووَقْتُه " وعبارة الصّحاح : والمَصْبَح بالفتح : مَوْضِع الإِصباحِ ووَقْتُ الإِصباحِ أَيضاً قال الشاعر :
" بمَصْبَحِ الحَمْدِ وحيثُ يُمْسِي وهذا مَبنيٌّ على أَصْلِ الفِعْل قبلَ أَن يُزاد فيه ولو بُنِيَ على أَصْبَحَ لقِيلَ : مُصْبَح بضَمّ المِيم . انتهى . وفي بعض النُّسخ بعد قوله : كمُكْرَم : " وكمُذْهَب " وهو الصّواب إِن شاءَ الله تعالى . وقال الأَزهريّ : المُصْبَح : المَوضِع الّذِي يُصْبَح فيه والمُمْسي : المَكَان الّذي يُمْسَى فيه . ومنه قوله :
" قَرِيبةُ المُصْبَحِ من مُمْسَاها " والمِصْبَاح : السِّرَاح " وهو قُرْطُه الّذِي تَراه في القِنْدِيل وغيرِه . وقد يُطْلَق السِّرَاجُ على مَحلِّ الفَتِيلةِ مَجَازاً مشهوراً ؛ قاله شيخُنَا . وقال أَبو ذُؤَيب الهُذليّ :
أَمِنْك بَرْقٌ أَبيتُ اللَّيلَ أَرْقُبُه ... كأَنّهُ في عِراضِ الشّامِ مِصْبَاحُ المِصْبَاح من الإِبل : الّذِي يَبْرُك في مُعَرَّسه فلاَ يَنْهض حتّى يُصْبِحَ وإِنْ أُثِيرَ . وقيل : المِصْبَاح : " النّاقَةُ " الّتي " تُصْبِح في مَبْرَكِهَا " لا تَرْعَى " حتّى يَرْتفِعَ النّهَارُ " وهو ممّا يُسْتَحبّ من الإِبل وذلك " لقُوَّتِهَا " وسِمَنِها جَمْعُه مَصابِيحُ . أَنشد ابن السِّيد في الفَرْق :
مَصَابِيحُ لَيستْ باللَّوَاتِي يَقودُهَا ... نُجومٌ ولا بالآفلاَتِ الدَّوالِكِ المِصْباح : " السِّنَانُ العَرِيض " وأَسِنَّةٌ صَبَاحِيَّة . المِصْباح : " قَدَحٌ كَبِيرٌ " عن أَبي حنيفةَ " كالمِصْبَح كمِنْبَر " في الأَربعة . وعلى الثّاني قولُ المُزَرِّد أَخي الشّمَّاخ :
ضَرَبْتُ له بالسَّيْفِ كَوْمَاءَ مِصْبَحاً ... فشُبَّتْ عليها النّارُ فهْي عَقِيرُ" والصَّبُوحةُ : النَّاقَةُ المحْلُوبةُ بالغَداةِ كالصَّبوحِ " عن اللِّحْيَانيّ . وقد تَقَدّم ذِكْرُ الصَّبُوح آنِفاً . ولو قال هناك : كالصَّبُوحة سَلِمَ من التَّكرار . وحكى اللِّحْيَانيّ عن العرب : هذه صَبُوحِي وصَبُوحَتِي . " والصَّبَاحَةُ : الجَمالُ " هكذا فَسّره غيرُ واحدٍ من الأَئمّة وقَيّده بعضُ فقهاءِ اللُّغَة بأَنه الجَمالُ في الوَجْهِ خاصَّةً . ونقل شيخنا في عن أَبي منصور : الصَّبَاحةُ في الوَجْهِ والوَضَاءَةُ في البَشَرَة والجَمال في الأَنْف والحَلاوةُ في العيْن والمَلاحَةُ في الفَمِ والظَّرْفُ في اللّسَان والرَّشَاقَةُ في القَدّ واللَّباقة في الشَّمَائل وكَمالُ الحُسْنِ في الشَّعرِ . وقد " صَبُح ككَرُمَ " صَبَاحَةً : أَشْرَقَ وأَنارَ ؛ كذا في المصباح . " فهو صَبِيحٌ وصُبَاحٌ نقله الجوهَرِيّ عن كِسَائيّ واقتصر عليهما " وصُبّاحٌ وصَبْحانُ كشَريفٍ وغُرَابٍ ورُمّانٍ وسَكْرَانَ " وافقَ الّذِين يقولون فُعَالٌ الَّذِين يقولون فَعِيلٌ لاعْتِقَابِهما كثيراً والأُنثَى فيهما بالهاءِ والجمع صِبَاحٌ . وافقَ مُذَكَّرَه في التكسير لاتفاقهما في الوَصْفِيّة . وقال اللّيث : الصَّبِيح : الوَضِيءُ الوَجْهِ . " ورَجَلٌ صَبَحَانٌ محرَّكَةً : يُعَجِّل الصَّبُوحَ " وهو ما اصْطُبِحَ بالغَدَاةِ حارّاً . قَرِّبْ تَصْبِيحَنَا . وقَرَّبَ إِلى الضُّيُوفِ تَصَابِيحَهم " التَّصْبِيحُ الغَدَاءُ " وفي حديثِ المَبْعَثِ " أَنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يَتِيماً في حِجْرِ أَبي طالبٍ وكان يُقرَّبُ إِلى الصِّبْيَان تَصْبِيحُهم فيَخْتَلِسون ويَكُفّ " وهو " اسمٌ بُنِيَ على تَفْعِيلٍ " مثل التّرْعِيب للسَّنامِ المُنْقَطع والتَّنْبِيت اسمٌ لما يَنْبُت من الغِرَاس والتَّنْوِير اسمٌ لنَوْر الشَّجر . يقال : صُبَّتْ عليهم الأَصْبَحِيَّة . " الأَصْبَحيّ : السَّوْطُ " وهي السِّيَاطُ الأَصْبَحِيَّة " نِسْبَةٌ إِلى ذي أَصْبَحَ لمَلِكٍ من مُلوكِ اليَمنِ " من حِمْيَر ؛ قاله أَبو عُبيدَةَ . وذو أصْبَحَ هذا قِيلَ : هو الحارثُ بنُ عَوفِ بنِ زَيد ابن سَدَدِ بن زُرْعةَ وقال الن حزْم هو ذو أَصْبَحَ مالِكُ بن زَيد بن الغَوْث من وَلِد سَبَإٍ الأَصغرِ " من أَجْدَادِ " سيِّدنا " الإِمامِ " الأَقْدَمِ والهُمَامِ الأَكْرَمِ عالِمِ المدينة " مالِكِ بنِ أَنَسٍ " الفقيهِ وجَدُّه الأَقْرَبُ أَبو عامرِ بنُ عَمْرِو بن الحارِثِ ابن غَيْمَانَ الأَصبَحِيّ الحِمْيَريّ تابِعيّ . وذكر الحازميّ في كتاب النَّسب : أَن ذا أَصْبَحَ من كَهْلاَنَ وأَنّ منهم الإِمامَ مالكاً . والمشهور هو الأَوّلُ لأَنّ كَهْلانَ أَخو حِمْيَر على الصّحِيح خلافاً للجوهَريّ كما سيأْتي . " واصِطَبَحَ : أَسْرَجَ " كأَصْبَحَ ؛ وهذا من الأَساس . والشَّمعُ ممَّا يُصْطَبَح به أَي يُسْرَجُ به . اصْطَبَحَ : " شَرِبَ الصَّبُوحَ " - وصَبَحه يَصْبَحُه صَبْحاً : سقاه صَبُوحاً - " فهو مَصْطَبِحٌ " وقال قُرْط بن التَّوْأَم اليَشْكُريّ :
كانَ ابنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه ... مِن هَجْمةٍ كفَسِيلِ النَّحْلِ دُرّارِيَعْشُوه : يُطْعِمه عِشَاءً . والهَجْمةُ : القِطْعَة من الإِبل . ودُرّار : من صِفَتها . وفي الحديث : " ومالَنا صَبِيٌّ يَصْطَبِح " أَي ليس لنا لَبَنٌ بقَدْرِ ما يَشْرَبُه الصَّبيُّ بُكْرَةً من الجَدْب والقَحْطِ فَضْلاً عن الكثير اصْطَبَحَ واغْتَبَقَ وهو " صَبْحانُ " وغَبْقَانُ . ومن أَمْثَالِهم السّائِرَةِ في وَصْف الكَذّابِ قولهم : " أَكْذَبُ من الآخِذِ الصَّبْحانِ " . قال شَمِرٌ : هكذا قال ابن الأَعْرَابيّ . قال وهو الحُوَار الّذي قد شَرِبَ فَروِيَ فإِذا أَردتَ أَن تَسْتَدِرَّ به أُمَّه لم يَشرَبْ لرِيِّه دِرَّتَها . قال : ويقال أَيضاً : " أَكْذَبُ من الأَخِيذِ الصَّبْحانِ " . قال أَبو عَدنَانَ : الأَخيذُ : الأَسيرُ . والصَّبْحَانُ : الّذِي قد اصْطَبَح فَرَوِيَ . قال ابن الأَعْرَابيّ : وهو رَجلٌ كان عند قَومٍ فصَبَحوه حتى نَهَضَ عنهم شاخِصاً فأَخَذَه قَوْمٌ وقالوا : دُلَّنا على حيث كُنْت . فقال : إِنما بِتُّ بالقَقْر فبينما هم كذلك إِذ قَعَدَ يَبول . فعَلِموا أَنّه بات قَرِيباً عند قَوْمٍ . فاستدلّوا به عليهم واسْتَبَاحُوهم . والمَصْدَر الصَّبَح بالتحريك . " واسْتَصْبَحَ " بالمِصْبَح : " اسْتَسْرَجَ " به . وفي حديث جابرٍ في شُحُومِ المَيْتَة : " ويَسْتَصْبِحُ بها النّاسُ " أَي يُشْعِلون بها سُرُوجَهم . " والصُّبَاحِيَّة بالضّمّ : الأَسِنَةُ العَرِيضَةُ " . وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ قال ابن سِيدَه : لا أَدري إِلامَ نُسِبَ . " والصَّبْحَاءُ " : الوَاضِحَةُ الجَبينِ . الصَّبْحَاءُ والمُصبِّح " كمُحَدِّث : فَرَسانِ " لهم . " ودَمٌ صُبَاحِيّ بالضّمّ : شَدِيدُ الحُمْرَةِ " مأْخُوذٌ من الأَصْبحِ : الّذي تَعلو شَعرَه حُمْرَةٌ . قال أَبو زُبَيد
" عَبيطِ صُبَاحِيٍّ من الجَوْفِ أَشْقَرَا " والصُّبَاحُ " بالضّمّ " شُعْلَةُ القنْديل " " وبنو صُبَاحٍ " بالضّمّ : بُطونٌ . منها " بَطْنٌ " في عبد القَيْس وهو صُبَاحُ بن لُكَيْزِ بن أفْصَى بن عبد القَيْس أَخو شَنّ بن لُكَيْز . وبَطْنٌ في ضَبَّةَ . وبَطْنٌ في غَنِيٍّ . وبطن في عُذْرَةَ . " وذو صُبَاحٍ : ع وقَيْل مِن " أَقْيَالِ " حِمْيَر " وهو غَيْرُ " ذُو أَصْبَحَ " " وصُبَاحٌ وصُبْحٌ ماءَانِ حِيَالَ " أَي حِذَاءَ " نَمَلَى " مُحرَّكَةً . صَبَاحٌ " كسحَابٍ ابنُ الهُذَيْلِ أَخو " الإِمَامِ " زُفَر الفَقِيهِ " . صَبَاحُ " بنُ خاقَانَ كَرِيمٌ " جَوادٌ امْتَدَحه إِسحاقُ النَّديم . صُبَاحٌ " كغُراب ابنُ طَرِيفِ جاهِليّ " من بني رَبيعةَ ؛ كذا قاله أَئمّة الأَنسابِ . قال الحافظُ ابن حجَرٍ : وليس كذلك بل هو ضَبِّيّ هو صُبَاحُ بنُ طَرِيفِ ابنِ زيدِ بنِ عَمْرِو بن عامرِ بن رَبيعةَ بنِ كَعْبِ بن ثَعْلَبةَ بن سَعد بن ضَبَّةَ يُنْسَب إِليه جماعةٌ منهم عبدُ الحَارث بنُ زَيد بن صَفْوَانَ بن صُبَاحٍ وفَدَ على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم فسماه عبدَ الله . " والصَّبَحُ محركةً : بَرِيقُ الحَدِيدِ " وغيرِه . " وأُمُّ صُبْح بالضّمّ " من أَعلامِ " مَكَّة " المشرَّفَة زِيدَتْ شَرَفاً . في التّهذيبِ : والتَّصْبِيحُ على وُجُوهٍ يقال : " صَبَّحْتُ القَوْمَ المَاءَ تَصْبِيحاً " : إِذا " سَرَيْتَ بهم حتّى أَوْردَتْهُم إِيّاه " أَي الماءَ " صَباحاً " ومنه قوله :
وَصَبَّحتُهم ماءً بِفَيْفَاءَ قَفْرةٍ ... وقد حَلَّقَ النَّجْمث اليَمَانيُّ فاسْتَوَى أَرادَ سَرَيْتُ بهم حتّى انتهيتُ بهم إِلى ذلك الماءِ . وتقول : صَبَّحتُ القَومَ تَصْبِيحاً إِذا أَتَيتَهم مع الصَّبَاح . ومنه قولُ عَنْتَرةَ يَصف خَيْلاً :
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفَارَ عَوابِساً ... تَهْدِي أَوائلَهنَّ شُعْثٌ شُزَّبُأَي أَتَيْنَ الجِفَارَ صَبَاحاً يعني خَيْلاً عليها فُرْسانُها . ويقال : صَبَّحْتُ القَوْمَ إِذاسَقَيْتهم الصَّبُوحَ . انتهت عبارةُ التّهذيب . وقد تقدّم المَعنيانِ الأَخيرَانِ في أَوّل المَادّة ولم يزل دأَب المصنِّف في تَقطيعِ الكلامِ المُوجِب لِسهَام المَلامِ عَفا عَنّا وعنه المَلِك العَلاّم فإِنه لو ذَكر هذه عند أَخَواتِها كان أَمْثَلَ لطرِيقَتِه الّتي اختارها . من المَجَاز : يقال للرّجل يُنبَّهُ من سِنَةِ الغَفْلَةِ : " أَصْبِحْ " يا رَجلُ " أَي انْتَبِهْ " من غَفْلِتك " وأَبْصِرْ رُشْدَك " وما يُصْلِحُك . وقال رُؤبة
" أَصْبِحْ فَمَا مِن بَشَرٍ مَآْرُوشِ أَي بَشَرٍ مَعيب . ويُقَال للنّائم : أَصْبِحْ أَي اسْتيقِظْ . وأَصْبَحُوا : استَيْقَظُوا في جَوْف اللَّيْل ؛ كذا في الأَساس . من المجاز أَيضاً : " الحَقُّ الصَّابِحُ " وهو " البَيِّنُ " الظَّاهِرُ الّذِي لا غُبَارَ عليه . وكذَا قَوْلُهم صَبَحَني فُلانٌ الحَقَّ ومَحَضَنِيه . " وصَبْحَةُ " بالفتح : " قَلْعَةٌ بدِيار بَكْرٍ " بين آمِدَ وَمَّيَّافَارِقِينَ . ومما يستدرك عليه : قولهم : صَبَّحَك اله بخيرٍ إِذا دَعَا له . وأَتَيْتُه أُصْبُوحَةَ كلِّ يومٍ وأُمْسِيَّةَ كلِّ يومٍ . وأَصْبَحَ القَوْمُ : دَنَا وَقْتُ دُخولِهم في الصَّبَاح . وبه فُسِّر قولُ الشّمّاخ . والصَّبُوح : كلُّ ما أُكِلَ أَو شُرِبَ غُدْوةً وهو خِلافُ الغَبوقِ . وحكَى الأَزهريّ عن اللّيث : الصَّبُوحُ : الخَمْرُ وأَنشد :
ولَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى الصَّبُوحِ معي ... شَرْبٌ كِرامٌ مِن بَني رُهْمِ والصّبَائح في قَوْلِ أَبي لَيْلَى الأَعْرَابيّ : جَمْعُ صَبُوحٍ بمعنى لَبَنِ الغَدَاةِ . وصَبَحتُ فُلاناً : أَي ناوَلْتُه صَبُوحاً من لَبَنٍ أَو خَمْرٍ . ومنه قول طَرَفة :
" مَتى تَأْتِنِي أَصْبَحْكَ كأْساً رَوِيّةً أَي أَسقِكَ . وفي المَثَل : " أَعَنْ صَبُوحٍ تُرَقِّقُ " لمَنْ يُجَمْجِم ولا يُصَرِّحُ . وقد يُضْرَبُ أَيضاً لمن يُورِي عن الخَطْبِ العَظيمِ بكِنايةٍ عنه ولمن يُوجِب عليك ما لا يَجِبُ بكلامٍ يُلطِّفه . ورُوِيَ عن الشَّعْبِيّ أَن رَجلاً سأَله عن رَجل قَبَّلَ أُمَّ امرأَتِه فقال له الشَّعْبيّ : " أَعَنْ صَبُوحٍ تُرقِّق حَرُمَت عليه امرأَتُه " ظنّ الشَّعْبيّ أَنه كَنَى بتقبيله إِيّاهَا عن جِماعِها . ورُجلٌ صَبْحَانُ وامرأَةٌ صَبْحَى : شَرِبَا الصَّبُوحَ مثل سَكْرانَ وسَكْرَى . وفي مجمع الأَمثال : ونَاقَة صَبْحَى : حُلِبَ لَبنُها ذكرَه في الصّاد . انتهَى . وصَبُوحُ النّاقَةِ وصُبْحَتُها : قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُبْحاً . وصَبَحَ القَوْمَ شَرّاً : جاءَهُم به صَبَاحاً . وصَبَحَتْهم الخَيْلُ وصَبَّحَتْهم : جاءَتْهُم صُبْحاً . ويا صَبَاحَاه : يقولها المُنْذِر . وصَبَحَ الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحاً : سَقَاهَا غُدْوَةً . والصّابِحُ : الّذِي يَصْبَحُ إِبلَه الماءَ أَي يَسْقِيها صَبَاحاً . ومنه قول أَبي زُبَيْد :
" حِينَ لاحَتْ للصَّابِحِ الجَوْزاءُ وتلك السَّقْيَةُ تُسَمّيها العربُ الصُّبْحَةَ وليست بناجِعةٍ عند العَرَب . ووَقْتُ الوِرْدِ المحمود عندهم مع الضَّحاءِ الأَكبرِ . وفي حديث جَرِير : و " ولا يَحْسِر صابِحُها " أَي لا يَكِلّ ولا يَعْيَا وهو الّذي يَسْقِيها صَبَاحاً لأَنه يُورِدها ماءً ظاهراً على وجْه الأَرض . وفي الحديث : " فأَصْبِحي سِرَاجَك " أَي أَصْلِحيها . وفي حديث يحيَى بن زكريّا عليهما السّلام : " كان يَخْدُم بيت المَقْدِس نَهاراً ويُصْبِح فيه لَيْلاً " أَي يُسْرِج السِّرَاجَ . والمَصابِيح : الأقْدَاحُ الّتي يُصْطَبَح بها وأَنشد :
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابيحِ وَسْطَهَا ... لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفرَّقُ مُجْمَعُومَصَابِيحُ النُّجُومِ : أَعْلاَمُ الكَوَاكب . وفُلانٌ يَتَصَابَحُ وَيَتَحَاسَنُ . ومن المَجَاز : رأَيْت المَصَارِيحَ تَزْهَرُ في وَجْهه . وفي مَثَلٍ : " أَصْبِحْ لَيْلُ " . ومُخَاطبةث اللَّيْلِ وخِطَابُ الوَحْشِ مَجَازَانِ ؛ كذا في الأَساس . وقد سَمَّت صُبْحاً وصَبَاحاً وصُبَيحاً وصَبَّاحاً وصَبِيحاً ومَصْبَحا كقُفْلٍ وسَحَابٍ وزُبَيْرِ وكَتّانٍ وأَمِير ومَسْكَن . وأَسْوَدُ صُبْحٌ تأْكيدٌ ؛ قاله الزّمخشريّ . وصَبَاحٌ : مولَى العبّاسِ بنِ عبد المُطَّلب ؛ ذَكرَه ابنُ بَشْكَوال في الصّحَابة . وصُبَيحٌ : مولى أَبي أُحَيْحةَ تَجَهَّز لبَدْرٍ فمَرِض . وعبد الله بن صُبَيْحٍ : تابعيّ روَى عنه محمّد ابن إِسحاقَ . وصُبَيحَةُ بنُ الحارِث القُرشيّ التَّيْميّ : من مُسْلِمَةِ الفَتْح . وبنو صُبْحِ بنِ ذُهْلِ بنِ شَيبانَ قبيلةٌ . وبنو صُبْحِ بنِ ذُهْلِ بنِ مالِكِ بنِ بَكرِ بنِ سَعْدِ بنِ ضَبّةَ فَخِذٌ . وصَبَاحُ بنُ ثابتٍ القُشَيْريّ . وصُبَيْحٌ : مَولَى زَيدِ بنِ أَرْقَمَ . وصُبَيْحُ بنُ عميرَةَ . وصُبَيْحٌ مَولَى عبدِ الله بن رَبَاحٍ . وصُبَيْحُ بنُ عبدِ الله العَبْسيّ تابعيّون . وصُبَاحٌ بالضّمّ : ابنُ نَهْدِ بن زَيدٍ في قُضاعةَ وصُبَاحُ بنُ عَبِيلِ بنِ أَسْلمَ في عَنَزةَ . وصُبَاحُ بنُ لُكَيز في عبد القَيْس منهم أَبو خَيْرَةَ الصَّبَاحِيّ يأْتي للمصنّف في خ ي ر مع وَهمٍ . وصُبَاحُ بن ظَبْيَانَ في نَسبِ جَميلٍ صاحبِ بُثَيْنَةَ . وفي سَعْدِ هُذَيمٍ صُبَاحُ بنُ قَيْسِ بنِ عامرِ ابنِ هُذَيم . وصُبْحُ بنُ مَعْبَدِ بنِ عَدِيٍّ في طَيِّئِ . وصَبّاحٌ - كشدّادٍ - ابنُ محمّدِ بن صَبّاحٍ عن المُعَافَى بن سُلَيْمانَ
وَجَدَ المَطلوبَ والشيْءَ كوَعَدَ وهذَه هي اللغة المشهورة المتّفق عليها وَجِدَه مثل وَرِمَ غير مشهورة ولا تُعرَف في الدواوين كذا قاله شيخُنَا وقد وَجَدْت المصنِّفَ ذكَرَها في البصائر فقال بعد أَن ذَكَر المفتوحَ : ووَجِدَ بالكسر لُغَةٌ وأَورده الصاغانيّ في التكملة فقال : وَجِد الشّيءَ بالكسر لغة في وَجَدَه يَجِدُه ويَجُدُهُ بضمّ الجيم قالَ شيخنا : ظاهره أَنه مُضارعٌ في اللغتينِ السابِقَتينِ مع أَنه لا قائلَ به بل هاتانِ اللغتانِ في مُضارِعِ وَجَدَ الضالَّة ونَحْوها المَفْتوح فالكسر فيه على القياس لُغَةٌ لجميعِ العَرَب والضمُّ مع حذفِ الواو لُغَة لبني عامرِ بن صَعْصَعَةَ ولا نَظِيرَ لَهَا في باب المِثَال كذا في ديوان الأَدب للفَارابيّ والمصباح وزاد الفيُّوميُّ : ووَجْه سُقُوطِ الواو على هذه اللغةِ وُقوعُها في الأَصل بين ياءٍ مفتوحةٍ وكسرةٍ ثم ضُمَّت الجيم بعد سُقوط الواوِ من غير إِعادتها لعدمِ الاعتداد بالعارِض وَجْداً بفتح فسكون وجِدَةً كعِدَة ووُجْداً بالضَّمّ ووُجُوداً كقُعُود ووِجْدَاناً وإجداناً بِكَسْرِهما الأَخيرة عن ابن الأَعْرابيّ : أَدْركَه وأَنشد :
وآخَر مُلْتَاث يجُرُّ كِساءَه ... نَفَى عَنْه إِجْدَانُ الرِّقِينَ المَلاَوِيَا قال : وهذا يَدُلّ على بَدَلِ الهمزة من الواوِ المكسورةِ كما قالوا إِلْدَة في وِلْدَة . واقتصر في الفَصيح على الوِجْدَان بالكسر كما قالوا في أَنَشَد : نِشْدَان وفي كتاب الأَبنيَة لابن القطّاع : وَجَدَ مَطْلوبَه يَجِدُه وُجُوداً ويَجُدُه أَيضاً بالضمّ لُغَة عامِريّة لا نظير لَهَا في باب المِثال قال لَبِيدٌ وهو عامِرِيٌّ :
لَمْ أَرَ مِثْلَكِ يَا أُمَامَ خَلِيلاَ ... آبَى بِحَاجَتِنَا وَأَحْسَنَ قِيلاَ
لَوْ شِئْتِ قَدْ نَقَعَ الفُؤَادُ بِشَرْبَةٍ ... تَدَعُ الصَّوادِيَ لاَ يَجُدْنَ غَلِيلاَ
بِالعَذْبِ مِنْ رَضَفِ القِلاَتِ مَقِيلةً ... قَضَّ الأَباطِحِ لاَ يزالُ ظَلِيلاَوقال ابْنُ بَرّيّ : الشِّعْرُ لِجَريرٍ وليس للبيدٍ كما زعم الجوهَرِيُّ . قلت : ومثله في البصائر للمُصَنِّف وقال ابن عُدَيْس : هذه لُغَة بني عامرٍ والبيتُ للبيد وهو عامرِيٌّ وصرّحَ به الفرَّاءُ ونقله القَزَّاز في الجامع عنه وحكاها السيرافيُّ أَيضاً في كتاب الإِقناع واللِّحْيَانيُّ في نوادِرِه وكُلُّهم أَنشدوا البَيْتَ وقال الفَرَّاءُ : ولم نسمع لها بنَظِيرٍ زاد السيرَافيّ : ويُروَى : يَجِدْن بالكسر وهو القياس قال سِيبويهِ : وقد قال ناسٌ من العرب وَجَد يَجُد كأَنهم حَذَفوها مِن يَوجُدُ قال : وهذا لا يكادُ يُوجد في الكلام . قلت : ويفهم من كلام سيبويه هذا أنها لُغَة في وَجَد بجميع معانِيه كما جَزَم به شُرَّاح الكتابِ ونقلَه ابنُ هِشَامٍ اللَّخميُّ في شَرْح الفَصِيح وهو ظاهرُ كلامِ الأَكثر ومقتضَى كلام المصنّف أَنها مقصورةٌ على مَعْنَى وَجَدَ المَطلوبَ ووَجَد عليه إِذا غَضِب كما سيأْتي ووافقَه أَبو جَعفر اللَّبْلِيّ في شَرْح الفصيحِ قال شيخُنَا : وجَعلُها عامَّةً هو الصواب ويدلُّ له البيتُ الذي أَنشدُوه فإن قوله لا يَجُدْن غَلِيلا ليس بشيْءٍ مما قَيَّدوه به بل هو من الوِجْدَانِ أَو من معنَى الإِصابة كما هو ظاهر ومن الغريب ما نَقَلَه شيخُنَا في آخرِ المادّة في التنبيهات ما نَصُّه : الرابِع وقَعَ في التسهيل للشيخ ابنِ مالكٍ ما يقتضي أَن لُغَة بني عامِرٍ عامَّة في اللسان مُطْلقاً وأَنَّهُم يَضُمُّون مُضَارِعَه مُطْلَقاً من غيرِ قَيْدٍ بِوَجَدَ أَو غيرِه فيقولون وَجَد يَجُد ووَعَدَ يَعُدُ ووَلَد يَلُدُ ونَحْوها بضمّ المضارِع وهو عجيبٌ منه رحمه الله فإِن المعروف بين أَئمّة الصَّرْف وعُلماءِ العَربيَّةِ أَن هذه اللغةَ العامريَّةَ خاصَّةٌ بهذا اللفظ الذي هو وَجَدَ بل بعضُهم خَصَّ ببعضِ مَعَانِيه كما هو صَنِيعُ أَبي عُبيدٍ في المُصَنَّف واقتضاه كلامُ المُصَنِّف وذلك رَدّ شُرَّاحُ التسهيل إِطلاقَه وتَعَقَّبُوه قال أَبو حَيَّان : بنو عامرٍ إِنما رُوِيَ عنهم ضَمَّ عَيْنِ مُضَارِعِ وَجَدَ خاصَّةً فقالوا فيه يَجُدُ بالضّمّ وأَنشدوا :
" يَدَعُ الصَّوَادِيَ لاَ يَجُدْنَ غَلِيلاًعلى خلافٍ في رِوَايَةِ البيتِ فإِن السيرافيّ قال في شرح الكتاب : ويُرْوَى بالكسر وقد صرَّح الفارَابِيُّ وغيرُه بِقَصْرِ لُغَةِ بني عامرِ بن صَعْصَعَة على هذه اللفظةِ قال : وكذا جَرَى عليه أَبو الحسن بن عصفور فقال : وقد شَذَّ عن فَعَل الذي فاؤه واوٌ لفظةٌ واحدةٌ فجاءَت بالضمّ وهي وَجَد يَجُد قال وأَصْلُه يَوْجُد فحُذِفت الواو لكَون الضَّمَّة هنا شاذَّةً والأَصل الكسْر . قلت : ومثل هذا التعليل صَرَّحَ به أَبو عليٍّ الفارسيُّ قال : ويَجُد كانَ أَصلُه يَوْجُد مثل يَوْطُؤُ لكنه لما كان فِعْلٌ يُوْجَدُ فيه يَفْعِل ويَفْعُلُ كأَنَّهم توَهَّموا أَنه يَفْعُل ولما كان فِعْلٌ لا يُوجَد فيه إِلاَّ يَفْعِل لم يَصِحّ فيه هذا . وَجَدَ المالَ وغَيْرَه يَجِدُه وجْداً مثلَّثَةً وجِدَةً كعِدَةٍ : اسْتَغْنَى هذه عبارةُ المُحْكَم وفي التهذيب يقال وَجَدْتُ في المال وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْدَاناً وجِدَةً أَي صرْتُ ذا مالٍ قال : وقد يُستعمل الوِجْدَانُ في الوُجْدِ ومنه قولُ العَرَب وِجْدَانُ الرِّقِينَ يُغَطِّي أَفَنَ الأَفِينِ . قلت : وجرى ثعلبٌ في الفصيح بمثْلِ عبارةِ التهذيبِ وفي نوادِر اللِّحْيَانيِّ : وَجَدْتُ المالَ وكُلّ شيْءٍ أَجِدُه وَجْداً ووُجْداً ووِجْداً ووِجْداً ووِجْدَاناً وجِدَةً أَي صرْتُ ذا مالٍ قال : وقد يُستعمل الوِجْدَانُ في الوُجْدِ ومنه قولُ العَرَب وِجْدَانُ الرِّقِينَ يُغَطِّي أَفَنَ الأَفِينِ . قلت : وجرى ثعلبٌ في الفصيح بمثْلِ عبارةِ التهذيبِ وفي نوادِر اللِّحْيَانيِّ : وَجَدْتُ المالَ وكُلّ شيْءٍ أَجِدْه وَجْداً ووُجْداً ووِجْداً وجِدَةً قال أَبو جعفرٍ اللَّبْليُّ : وزاد اليزيديُّ في نوادِره ووُجُوداً قال : ويُقَال وَجَدَ بعد فَقْرٍ وافتقَرَ بَعْدَ وَجْدٍ . قلْت : فكلام المصنّفِ تَبَعاً لابنِ سيدَه يقتضِي أَنه يَتَعَدَّى بنفسِه . وكلام الأَزهريّ وثَعْلبٍ أَنه يتعدَّى بِفي قال شيخُنا : ولا منافاةَ بينهما لأَن المقصود وجَدْتُ إِذا كان مَفْعُولُه المالَ يكون تَصريفُه ومصَدرُه على هذا الوَضْعِ والله أَعلَم . فتأَمّل انتهى . وأَبو العباسِ اقتصرَ فِي الفصيح على قَوْلِه : وَجَدْت المالَ وُجْداً أَي بالضمّ وجِدَةً قال شُرَّاحُه : معناه : استَغْنَيْتُ وكَسَبْتُ . قلت : وزاد غيرُه وِجْدَاناً ففي اللسانِ : وتقول وَجَدْت في الغِنَى واليَسَارِ وُجْداً ووِجْدَاناً . وَجَدَ عَلَيْهِ في الغَضَب يَجِدُ ويَجُدُ بالوجهينِ هكذا قاله ابنُ سِيدَه وفي التكملة : وَجَدَ عليه يَجُدُ لُغَة في يَجِدُ واقتصر في الفصيحِ على الأَوَّل وَجْداً بفتح فسكون وجِدَةً كِعَدةٍ ومَوْجِدَةً وعليه اقتصر ثعلبٌ وذكر الثلاثةَ صاحبُ الواعِي ووِجْدَاناً ذكره اللحيانيُّ في النوادر وابنُ سِيدَه في نَصِّ عِبارته والعَجَب من المُصَنِّف كيف أَسْقَطَه مع اقتفائِه كلاَمه : غَضِبَ . وفي حديثِ الإِيمان : إِنِّي سائِلُكَ فلا تَجِدْ عَلَيَّ أَي لا تَغْضَبْ مِن سُؤَالي ومنه الحديث لم يَجِدِ الصائمُ على المُفْطِرِ وقد تَكَرَّر ذِكْرُه في الحديث اسْماً وفِعْلاً ومَصدَراً وأَنشدَ اللِّحيانيُّ قولَ صَخْرِ الغَيِّ :
كِلاَنَا رَدَّ صاَحِبَهُ بِيَأْسٍ ... وتَأْنِيبٍ وَوِجْدَانٍ شَدِيدِفهذا في الغَضَب لأَن صَخْرَ الغَيِّ أَيْأَسَ الحَمَامَةَ مِن وَلَدِهَا فَغَضِبَتْ عليه ولأَن الحمامةَ أَيأَسَتْه من وَلَدِه فغَضِبَ عليها وقال شُرَّاح الفصيحِ : وَجَدْتُ على الرَّجُلِ مَوْجِدَةً أَي غَضِبْتُ عليه وأَنا واجِدٌ عليه أَي غَضْبَانُ وحكَى القَزَّازُ في الجامِع وأَبو غالبٍ التَّيّانِيّ في المُوعب عن الفَرَّاءِ أَنه قال : سَمِعْت بعضَهم يقول : قد وَجِدَ بكسر الجيم والأَكثر فَتْحُهَا إِذا غَضِبَ وقال الزمخشريُّ عن الفراءِ : سَمِعْت فيه مَوْجَدَةً بفتح الجيم قال شيخُنَا : وهي غَرِيبَةٌ ولم يَتَعَرَّض لها ابنُ مالكٍ في الشَّواذِّ على كَثْرَةِ ما جَمَع وزادَ القَزَّازُ في الجامِع وصاحِبُ المُوعب كِلاهُمَا عن الفَرَّاءِ وُجُوداً من وَجَدَ : غَضِبَ وفي الغريب المُصَنَّف لأَبي عُبَيْد أَنه يقال : وَجَد يَجُد مِن المَوْجِدَة والوِجْدَانِ جَمِيعاً . وحكى ذلك القَزَّازُ عن الفَرَّاءِ وأَنشد البيتَ وعن السيرافيّ أَنه رَوَاه بالكَسْرِ وقال : هو القياسُ قال شيخُنَا : وإِنما كانَ القِيَاسَ لأَنه إِذا انضَمَّ الجيمُ وَجَبَ رَدُّ الواوِ كقولِهم وَجُه يَوْجُه مِن الوَجَاهة ونَحْوه . وَجَد به وَجْداً بفتح فسكون فِي الحُبِّ فَقَطْ وإِنه لَيَجِد بِفُلاَنَةَ وَجْداً شَدِيداً إِذا كانَ يَهْوَاها ويُحِبُّهَا حُبًّا شديداً وفي حديث وَفْد هَوَازِنَ قَوْلُ أَبي صُرَد ما بَطْنُها بِوَالِد ولا زَوْجُها بِوَاجِد أَي أَنه لا يُحِبُّهَا أَوردَه أَبو جَعْفَر اللبليّ وهو في النهاية وفي المحكم : وقالتْ شاعِرَةٌ مِن العرب وكَانَ تَزَوَّجَهَا رجُلٌ مِن غَيْرِ بَلَدِهَا فَعُنِّنَ عَنْهَا
" وَمَنْ يُهْدِ لِي مِنْ مَاءِ بَقْعَاءَ شَرْبَةًفَإِنَّ لَهُ مِنْ مَاءِ لِينَةَ أَرْبَعَا
لَقَدْ زَادَنَا وَجْداً بِبَقْعَاءَ أَنَّنَا ... وَجَدْنَا مَطَايَانَا بِلينَةَ ظُلَّعَا
" فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بِالرَّمْلِ أَنَّنِيبَكَيْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعَاتقول : على ما هُوَ به مِنْ مَرَارَةِ الطَّعْمِ فإِن له مِن ماءِ لِينَةَ على ما هُوَ به مِن العُذُوبَةِ أَرْبَعَ شَرَبَاتٍ لأَن بقْعَاءَ حَبِيبَةٌ إِلىَّ إِذْ هِي بَلَدي ومَوْلِدِي ولِينَةُ بَغِيضَةٌ إِليَّ لأَن الذي تَزوَّجَني مِن أَهْلِها غيرُ مَأْمُونٍ عَلَيَّ . وإِنما تلك كِنايةٌ عَنْ تَشَكِّيها لهذا الرَّجُلِ حين عُنِّن عَنْهَا . وقولُها : لقد زَادَني تقول لقد زادني حُبًّا لِبَلْدَتِي بَقْعَاءَ هذِهِ أَن هذا الرجُلَ الذي تَزَوَّجَني من أَهلِ لِينَةَ عُنِّنَ عَنِّي فكانَ كالمَطِيَّةِ الظَّالِعَةِ لا تَحْمِلُ صاحِبَها وقولها : فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ البيت تقول : هَلْ مِن رَجُلٍ يُبْلِغُ صاحِبَتَيَّ بالرَّمْلِ أَنَّ بَعْلِي ضَعُفَ عَنِّي وعُنِّنَ فأَوْحَشَني ذلك إِلى أَنْ بَكَيْتُ حَتَّى قَرِحَتْ أَجفانِي فزَالَتِ المَدَامِعُ ولم يَزُلْ ذلك الجَفْنُ الدَّامِعُ قال ابنُ سِيدَه وهذه الأَبياتُ قَرَأْتُها على أَبِي العَلاءِ صاعِدِ بنِ الحَسَن في الكِتَاب المَوْسُوم بالفُصُوصِ . وَكَذَا في الحُزْنِ ولكن بِكَسْرِ ماضِيه مُرَاده أَن وَجِدَ في الحُزْن مِثْل وَجَدَ في الحُبِّ أَي ليس له إِلاَّ مَصْدَرٌ واحِدٌ وهو الوَجْدُ وإِنما يخالفه في فِعْله ففعل الحُبِّ مفتوح وفِعْل الحُزن مَكسورٌ وهو المراد بقوله : ولكن بكسرِ قال شيخنا : والذي في النصيح وغيره من الأمهات القديمة كالصحاح والعين مُخْتَصر العينِ اقتَصَرُوا فيه على الفَتْح فقط وكلامُ المصنّف صَرِيحٌ في أَنه إِنما يُقال بالكَسْرِ فقطْ وهو غَرِيبٌ فإِن الذين حَكَوْا فيه الكَسْرَ ذَكَرُوه مع الفَتْح الذي وَقَعَتْ عليه كَلِمَةُ الجماهيرِ نَعمْ حَكَى اللِّحْيَانيُّ فيه الكسْرَ والضَّمَّ في كتابِه النوادِر فظَنَّ ابنُ سِيدَه أَن الفَتْحَ الذي هو اللغةُ المشهورةُ غير مَسمُوعٍ فيه واقتصر في المُحكمِ على ذِكْرِهما فقط دون اللغَةِ المشهورةِ في الدَّوَاوِين وهو وَهَمٌ انتهى . قلت : والذي في اللسانِ : ووَجَدَ الرَّجُلُ في الحُزْنِ وَجْداً بالفتح ووَجِدَ كِلاَهُمَا عن اللِّحيانيّ : حَزِنَ فهو مُخَالِفٌ لما نَقَلُه شَيْخُنَا عن اللِّحْيَانيِّ من الكَسْرِ والضّمِّ فليتأَمَّل ثم قال شيخُنَا : وابنُ سيده خالَفَ الجُمْهُورَ فأَسْقَطَ اللُّغَةَ المشهورَةَ والمُصَنِّف خالَف ابنَ سِيدَه الذي هو مُقْتَدَاه في هذه المادَّةِ فاقتَصَر على الكَسْرِ كأَنَّه مُرَاعاةً لِرَدِيفه الذي هو حَزِنَ وعلى كُلِّ حالٍ فهو قُصُورٌ وإِخلالٌ والكَسْر الذي ذَكَرَه قد حكاه الهَجَرِيُّ وأَنشَدَ :
فَوَاكَبِدَا مِمَّا وَجِدْتُ مِن الأَسَى ... لَدَى رَمْسِه بَيْنَ القَطِيلِ المُشَذَّبقال : وكأَنَّ كَسْر الجِيمِ مِن لُغَتِه فتحَصَّل مِن مجموعِ كَلامِهم أَنَّ وَجَدَ بمعنى حَزِن فيه ثلاثُ لُغَاتِ الفْتح الذي هو المشهور وعليه الجمهور والكسْر الذي عليه اقتصر المُصَنِّف والهَجَرِيّ وغيرُهما والضمُّ الذي حكاه اللِّحيانيّ في نَوَادِرِه ونقلَهما ابنُ سِيده في المُحْكَم مقتَصِراً عليهما . والوِجْدُ : الغِنَى ويُثَلَّث وفي المحكم اليَسَار والسَّعَةُ وفي التنزيلِ العزيز " أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ " وقد قُرِىء بالثلاث أَي في سَعَتِكم وما مَلَكْتُم وقال بعضُهم : مِن مَسَاكِنِكُم . قلت : وفي البصائر : قَرَأَ الأَعْرَجُ ونافِعٌ ويَحْيَى بن يَعْمُر وسَعيد بن جُبَير وطَاوُوس وابنُ أَبي عَبْلَة وأَبو حَيْوَةَ : مِنْ وَجْدِكُم بالفتح وقرأَ أَبو الحَسن رَوْحُ بن عبد المُؤْمن : من وِجْدِكم بالكسر والباقُون بالضَّمّ انتهى قال شيخُنَا : والضمُّ أَفْصَح عن ابنِ خَالَوَيْه قال : ومعناه : من طَاقتِكُم ووُسْعِكُم وحكَى هذا أَيضاً اللّحيانيُّ في نَوَادِرِه . الوَجْدُ بالفتح : مَنْقَعُ الماءِ عن الصاغانيِّ وإِعجام الدال لغةٌ فيه كما سيأْتي وِجَادٌ بالكسر . وأَوْجَدَه : أَغْنَاهُ . وقال اللِّحيانيُّ : أَوْجَدَه إِيَّاه : جَعَلَه يَجِدُه . أَوْجَدَ اللهُ فُلاناً مطلُوبَهُ أَي أظْفَرَهُ به . أَوْجَدَ عَلى الأَمْرِ : أَكْرَهَهُ وأَلْجَأَه وإِعجام الدَّالِ لُغَةٌ فيه . أَوْجَدَه بَعْدَ ضُعْفٍ : قَوَّاهُ كآجَدَه والذي في اللسان : وقالُوا : الحَمْدُ لِله الذي أَوْجَدَني بَعْدَ فَقْر أَي أَغْنَاني وآجَدَنِي بَعْدَ ضَعْف أَي قَوَّانِي . عن أَبي سعيدٍ : تَوَجَّدَ فلانٌ السَّهَرَ وغَيْرَه : شَكَاهُ وهم لاَ يَتَوَجَّدُونَ سَهَرَ لَيْلِهم ولا يَشْكُونَ ما مَسَّهم مِنْ مَشَقَّتِه . والوَجِيدُ : ما اسْتَوَى من الأَرْضِ وُجْدَانٌ بالضَّمّ وسيأْتي في المُعْجَمَة . ووُجِدَ الشيْءُ مِن العَدَمِ وفي بعضِ الأُمّهات : عن عَدَمٍ ومثلُه في الصَّحاح كعُنِيَ فهو مَوجودٌ : حُمَّ فهو مَحْمُومٌ ولا يُقَال : وَجَدَه اللهُ تعالى كما لا يُقَال : حَمَّه اللهُ وإِنما يقال : أَوْجَدَه اللهُ تَعَالى وأَحَمَّه قال الفَيّومِيّ : الموجود خِلافُ المَعْدُومِ وأَوْجَد اللهُ الشيْءَ من العَدَمِ فوُجِدَ فهو مَوْجُود من النَّوادِر مثْل أَجَنَّه اللهُ فجُنَّ فهو مَجْنُونٌ قال شيخُنا : وهذا البابُ من النوادرِ يُسَمِّيه أَئمّةُ الصَّرْفِ والعَربيَّةِ بابَ أَفْعَلْتُه فهو مَفْعُولٌ وقد عَقَدَ له أَبو عُبَيْدٍ بَاباً مُستقِلاًّ في كتابِه الغَرِيب المُصَنَّف وذكر فيه أَلفاظاً منها : أَحَبَّه فهو مَحْبُوبٌ . قلت : وقد سبق البَحْثُ فيه في مواضِعَ مُتَعَدِّدةٍ في ح ب ب . و س ع د و ن ب ت فراجِعْه وسيأْتي أَيضاً . ومما يستدرك عليه : الواجِدُ : الغَنِيُّ قال الشاعِر :
" الحَمْدُ للهِ الغَنِيِّ الوَاجِدِ وفي أَسماءِ الله تعالى : الواجِدُ هو الغَنِيُّ الذي لا يَفْتَقِر . وقد وَجَدَ يَجِدُ جِدَةً أَي استَغْنَى غِنًى لا فَقْرَ بَعْدَه قاله ابنُ الأَثير وفي الحديث لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرْضَهُ أَي القادِر على قَضَاءِ دَيْنِه وفي حديثٍ آخَرَ أَيُّهَا النَّاشِدُ غَيْرُك الوَاجِدُ مِنْ وَجَدَ الضَّالَّةَ يَجِدُهَا . وتَوَجَّدْتُ لِفُلانٍ : حَزِنْتُ له . واستَدْرَك شيخُنَا : الوِجَادَة بالكسر وهي في اصْطِلاح المُحَدِّثين اسمٌ لما أُخِذ من العِلْمِ مِن صَحِيفَةٍ مِن غَيْرِ سَمَاعٍ ولا إِجَازَةٍ ولا مُنَاوَلَةٍ وهو مُوَلَّدٌ غيرُ مَسموعٍ كذا في التقريبِ للنووي . والوُجُدُ بضمتين جَمْعُ واجِد كما في التَّوشيحِ وهو غَرِيبٌ وفي الجامع للقَزَّاز : يقولون : لم أَجْدِ مِن ذلك بُدًّا بسكون الجيم وكسْرِ الدال وأَنشد :
" فَوَاللهِ لَوْلاَ بُغْضُكُمْ ما سَبَبْتُكُمْولكِنَّنِي لَمْ أَجْدِ مِنْ سَبِّكُمْ بُدَّاوفي المُفْردات للراغب : وَجَدَ اللهُ : عَلِم حَيْثُمَا وقَعَ يعنِي في القُرآنِ ووافقَه على ذلك الزَّمَخْشَرِيُّ وغيرُه . وفي الأَساس وَجَدْت الضَّالَّةَ وأَوْجَدَنِيه اللهُ وهو واجِدٌ بِفُلانَةَ وعَلَيْهَا ومُتَوَجِّدٌ . وتَوَاجَدَ فُلانٌ : أَرَى مِن نَفْسِه الوَجْدَ . ووَجَدْتُ زَيْداً ذَا الحِفَاظِ : عَلِمْتُ . والإيجادُ : الإِنشاءُ من غير سَبقِ مِثَالٍ . وفي كِتَاب الأَفْعَال لابنِ القطَّاع : وأُوجِدَتِ النّاقَةُ : أُوثِقَ خَلْقُهَا تكميل وتذنيب : قال شيخنا نقلاً عن شَرْحِ الفصيح لابنِ هشامٍ اللَّخميِّ : وَجدَ له خَمْسَةُ مَعَانٍ ذَكرَ منها أَرْبَعَةً ولم يَذكر الخَامِس وهو : العِلْمُ والإِصابَةُ والغَضَب والإِيسارُ وهو الاستغْنَاءُ والاهتمام وهو الحُزْن قال : وهو في الأَوَّل مُتَعَدٍّ إِلى مفعولينِ كقوله تعالى " وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فأَغْنَى " وفي الثاني مُتَعدٍّ إِلى واحِدٍ كقولِه تعالى " وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً " . وفي الثالثِ متَعدٍّ بحرْف الجّرِّ كقولِه وَجَدْت على الرَّجُلِ إِذا غَضِبْتَ عليه . وفي الوجهين الأَخِيرَين لا يَتَعَدَّى كقولِك : وَجَدْت في المالِ أَي أَيْسَرْت ووَجَدْتُ في الحُزْن أَي اغْتَمَمْتُ . قال شيخُنَا : وبقيَ عليه : وَجَدَ به إِذَا أَحَبَّه وَجْداً كما مَرَّ عن المُصنِّف وقد استدرَكه الفِهْرِيُّ وغيرُه على أَبي العَبَّاسِ في شَرْحِ الفصيحِ ثم إِن وَجَدَ بمعنى عَلِمَ الذي قال اللّخميّ إِنه بَقِيَ على صاحبِ الفصيح لم يَذْكُر له مِثَالاً وكأَنّه قَصَدَ وَجَدَ التي هي أُخْتُ ظَنَّ ولذلك قال يَتَعَدَّى لِمَفْعُولينِ فيبقى وَجَدَ بمعنَى عَلِم الذي يتعدَّى لمفعولٍ واحِدٍ ذكرَه جمَاعَةٌ وقَرِيبٌ من ذلك كلامُ الحَلاَلِ في هَمْعِ الهَوَامِعِ وَجَدَ بمعنَى عَلِمَ يتعَدَّى لمفعولينِ ومَصْدَرُه وِجْدَانٌ عن الأَخْفَش ووُجُود عن السيرافيّ وبمعنى أَصَابَ يتعدَّى لواحِدٍ ومَصْدرُه وِجْدَانٌ وبمعنى اسْتَغْنَى أَو حَزِنَ أَو غَضِب لازِمَةٌ ومصدر الأَوَّل الوَجُدْ مثلّثة والثاني الوَجْدُ بالفتح والثالث المَوْجِدَة . فقلت : وأَحْضَرُ من هذا قولُ ابنِ القَطّاعِ في الأَفعال : وَجَدْتُ الشيْءَ وِجْدَاناً بعد ذَهَابِه وفي الغِنَى بَعْدَ الفَقْرِ جِدَةً وفي الغَضَب مَوْجِدَةً وفي الحُزْن وَجْداً حَزِنَ . وقال المُصَنّف في البصائرِ نقلاً عن أَبي القاسم الأَصبهانيّ . الوُجُودُ أَضْرُبٌ وُجُودٌ بِإِحْدى الحَوَاسِّ الخَمْسِ نحو وَجَدْتُ زَيْداً وَوَجَدْتُ طَعْمَه ورائحتَه وصَوتَه وخُشُونَتَه ووجُودٌ بِقُوَّةِ الشَّهْوَةِ نحو وَجَدْتُ الشبع ووجوده أيده الغضب كوجود الحَرْبِ والسَّخَطِ ووُجُودٌ بالعَقْل أَو بِوسَاطَة العَقْلِ كمَعْرِفَة الله تعالى ومَعْرِفَة النُّبُوَّةِ . وما نُسِب إِلى الله تعالى مِن الوُجُود فبمَعْنَى العِلْمِ المُجَرَّدِ إِذ كان اللهُ تعالَى مُنَزَّهاً عن الوَصْفِ بالجَوَارِحِ والآلاتِ نحو قولِه تَعالى " وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ " وكذا المعدوم يقال على ضِدّ هذه الأَوْجُهِ . ويَعبَّر عن التَمَكُّنِ من الشيءِ بالوُجُودِ نحو " فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " أَي حَيْثُ رَأَيْتُمُوهُم وقوله تعالى " إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ " وقوله " وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ للشَّمْسِ " وقوله " وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ " ووجود بالبصيرة وكذا قوله " وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا " وقوله " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا " أَي إِن لم تَقْدِروا على الماءِوقال بعضهم : المَوْجُودَات ثلاثةُ أَضْرُبٍ : مَوْجُودٌ لا مَبْدَأَ له ولا مُنْتَهى وليس ذلك إِلاَّ البارِىَءَ تَعالَى ومَوْجُودٌ له مَبْدَأٌ ومُنْتَهَىً كالجَوَاهِرِ الدُّنْيَوِيَّة وموجودٌ له مَبْدَأٌ وليس له مُنْتَهَى كالنَّاسِ في النّشْأَةِ الآخِرةِ انتهى . قال شيْخنا في آخِر هذه المادة ما نصُّه : وهذا آخِرُ الجزءِ الذي بخطّ المُصَنّف وفي أَوّل الذي بَعْدَه : الواحد وفي آخر هذا الجزءِ عَقِبَ قَوله : وإِنما يقال أَوجَدَه اللهُ بخط المُصَنّف رَحمه الله تعالى ما نَصُّه : هذا آخِرُ الجُزءِ الأَوَّل من نُسْخَةِ المُصَنِّف الثانِيَة مِن كِتَابِ القَامُوسِ المُحِيط والقَابُوس الوَسِيط في جَمْعِ لُغَاتِ العَرب التي ذَهَبَتْ شَماطِيطَ فَرغَ منه مُؤَلِّفه مُحمد بن يَعْقُوب بن مُحمّد الفَيْرُوزاباديّ في ذِي الحِجَّة سنةَ ثمانٍ وسِتّينَ وسَبْعِمَائةٍ . انتهى من خطّه وانتهى كلام شَيْخِنَا . قلت : وهو آخِر الجزءِ الثاني من الشَّرْحِ وبه يَكْمُل رُبْعُ الكِتَابِ ما عدَا الكلامَ على الخُطْبَة وعلى الله التيسيرُ والتَّسْهِيل في تمامه وإِكماله على الوَجْهِ الأَتَمِّ إِنّه بكُلّ شيْءٍ قدير وبكُلِّ فَضْل جَدير عَلَّقَه بِيَدِه الفَانيَةِ الفَقيرُ إِلى مولاه عَزَّ شَأْنُه مُحمّد مُرْتَضَى الحُسَيني الزَّبيدِيُّ عُفِيَ عَنه تَحرِيراً في التاسع من ليلة الاثنين المبارك عاشِر شهرِ ذِي القِعْدَةِ الحَرَامِ من شهور سنة 1181 خُتِمَتْ بِخَيْرٍ وذلك بِوكالة الصَّاغَةِ بمصر . قال مُؤَلِّفه : بلَغ عِرَاضُهُ على التَّكْمِلَة للصاغانيّ في مَجالِسَ آخِرُها يوم الاثنين حادِي عَشَرَ جُمَادَى سنة 1192 ، وكتبه مُؤَلِّفه محمد مرتضى غَفَر له بمَنِّه