العَلُّ والعَلَُ مُحرّكةً : الشَّرْبَةُ الثانيةُ أو الشُّربُ بعد الشُّربِ تِباعاً يقال : عَلَلٌ بعد نَهَلٍ عَلَّ بنَفسِه يَعِلُّ ويَعُلُّ من حَدَّي ضَرَبَ ونَصَرَ يتعدَّى ولا يتعدَّى يقال : عَلَّت الإبلُ تَعِلُّ وتَعُلُّ : إذا شَرِبَت الشَّرْبَةَ الثانية . وقال ابْن الأَعْرابِيّ : عَلَّ الرجلُ يَعِلُّ من المرض . وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ من عَلَلِ الشَّراب قال ابنُ بَرّي : وقد يُستعمَلُ العَلَلُ والنَّهَلُ في الرِّضاعِ كما يُستعمَلُ في الوِرْدِ قال ابنُ مُقبِلٍ :
غَزالُ خَلاءٍ تصَدَّى لهُ ... فتُرْضِعُه دِرَّةً أو عُلالا واستعملَهُما بعضُ الأغفالِ في الدُّعاءِ والصلاة فقال :
" ثمّ انْثَنى من بعدِ ذا فصَلَّى
" على النبيِّ نهَلاً وعَلاّ وعَلَّه يَعِلُّه ويَعُلُّه من حَدَّيْ ضَرَبَ ونَصَرَ عَلاًّ وعَلَلاً وَأَعَلَّه إعْلالاً : سقاه السَّقْيَةَ الثانية قال الأَصْمَعِيّ : إذا وَرَدَتِ الإبلُ الماءَ فالسَّقيَةُ الأُولى النَّهَلُ والثانيةُ العَلَل . وأعَلُّوا : عَلَّتْ إبلُهم أي شَرِبَت العَلَلَ . هذا طعامٌ قد عُلَّ منه أي أُكِلَ منه عن كُراع . وَتَعَلَّلَ بالأمرِ أي تَشاغَل أو تعلَّلَ به : تلَهَّى وَتَجَزَّأَ كما في الصِّحاح كاعْتَلَّ قال :
" فاسْتقبلَت لَيْلَةَ خِمْسٍ حَنّانْ
" تَعْتَلُّ فيه برَجيعِ العِيدانْ أي أنّها تَشاغَلُ بالرَّجيعِ الذي هو الجِرَّة تُخرِجُها وتمضَغُها . تعَلَّلَ بالمرأةِ : تلَهّى بها ومنه سُمِّي العَلُّ للذي يزورُهُنَّ . تعَلَّلَت المرأةُ من نِفاسِها : أي خَرَجَتْ منه وطَهُرَتْ وحَلَّ وَطْؤُها كتعالَّت وتُخَفَّف اللامُ أيضاً . وعلَّلَه بطعامٍ وغيرِه كالحديثِ ونَحوِه تَعْلِيلاً : شَغَلَه به كما تُعَلِّلُ المرأةُ صَبيَّها بشيءٍ من المَرَقِ ونحوِه ليَجزأَ به عن اللبَن قال جَريرٌ :
تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنيها ... بأنْفاسٍ منَ الشَّبِمِ القَرَاحِ
والتَّعِلَّةُ بفتحٍ فكسرٍ فتشديدِ لامٍ مفتوحة والعَلَّةُ بالفَتْح والعُلالَةُ بالضَّمّ : ما يتعَلَّلُ به الصبيُّ ليَسكُتَ وفي حديثِ أبي حَثْمَةَ - يصفُ التَّمرَ - : تَعِلَّةُ الصبيِّ وِقرَى الضَّيفِ . والعُلالَةُ أيضاً والعُراكَةُ والدُّلاكَة : ما حُلِبَ بعدَ الفَيقَةِ الأولى هكذا في النسخ ونصُّ ابْن الأَعْرابِيّ : ما حَلَبْتَ قبلَ الفَيقَةِ الأولى وقبلَ أنْ تجتمِعَ الفَيقَةُ الثانيةُ وفي الصِّحاح : هي الحَلبَةُ بين الحَلبتَيْن . أيضاً بقِيَّةُ اللبَنِ في الضَّرْعِ وغيرِه من بقيَّةِ السَّيْرِ وجَريِ الفرَسِ ويقال لأوّلِ جَرْيِ الفرَسِ بُداهَةٌ وللذي يكونُ بعدَه عُلالَةٌ قال الأعشى :
إلاّ بُداهَةَ أو عُلا ... لَةَ سابِحٍ نَهْدِ الجُزارَهْ العُلالَةُ أيضاً : بقيَّةُ كلِّ شيءٍ كعُلالَةِ الشاةِ لبقيَّةِ لَحْمِها . وعُلالَةُ الشيخِ : بقيّةُ قُوَّتِه وكلُّ ذلك مَجازٌ . العُلالَةُ أيضاً : أن تُحلَبَ الناقةُ أوّلَ النهارِ ووسَطَه وآخِرَه والوُسْطى هي العُلالَةُ وقد يُدعى كلُّهُنَّ عُلالَةً وقيل : العُلالَةُ : اللبَنُ بعدَ حَلْبِ الدِّرَّةِ تُنزِلُه الناقةُ قال :
" أَحْمِلُ أمِّي وهيَ الحَمّالَهْ
" تُرْضِعُني الدِّرَّةَ والعُلالَهْ
" ولا يُجازَى والِدٌ فَعالَهْ وقد عالَّتِ الناقةُ هكذا في النسخ وصوابُه : وقد عالَلتُ الناقةَ كما هو نصُّ اللِّحيانيِّ والاسمُ العِلال ككِتابٍ : حَلَبْتُها صَباحاً ونِصفَ النهارِ قال الأَزْهَرِيّ : العِلال : الحَلبُ بعدَ الحَلبِ قبل اسْتيجابِ الضَّرْعِ للحَلبِ بكثرةِ اللبَن وقال بعضُ الأعراب :
العَنْزُ تَعْلَمُ أنِّي لا أُكَرِّمُها ... عن العِلالِ ولا عن قِدْرِ أضيافي والعَلُّ : من يزورُ النساءَ كثيراً وَيَتَعلَّلُ بهنَّ أي يَتَلَهَّى . أيضاً التيسُ الضخمُ العظيم عن ابنُ سِيدَه قال :
" وَعَلْهَباً من التُّيوسِ عَلاّ أيضاً : القُرادُ الضخمُ والجمعُ عِلالٌ قيل : هو القُرادُ المَهزولِ كما في الصِّحاح وقيل : هو الصغيرُ الجِسمِ منه فهو ضِدٌّ . العَلُّ أيضاً : الرجلُ الكبيرُ المُسِنُّ الصغيرُ الجُثَّةِ كما في الصِّحاح وقيل : هو النحيفُ الضعيفُ يُشَبَّه بالقُراد فيقال : كأنّه عَلٌّ قيل : هو الرَّقيقُ كذا في النسخ والصوابُ الدَّقيقُ الجِسمِ المُسِنُّ من كلِّ شيءٍ كما في المُحكَمِ قال المُتنَخِّلُ الهُذَليُّ :
ليسَ بعَلٍّ كبيرٍ لا شَبابَ له ... لكنْ أُثَيْلَةُ صافي الوَجهِ مُقْتَبَلُ أي مُستَأْنَفُ الشَّباب . قال ابْن دُرَيْدٍ : العَلُّ : من تقَبَّضَ جِلدُه من مرَضٍ . والعَلَّةُ : الضَّرَّة ومنه بَنو العَلاّتِ وهم بَنو أمَّهاتٍ شَتَّى من رجلٍ واحدٍ سُمِّيت بذلك لأنّ التي تزوَّجَها على أُولى قد كانت قَبْلَها ناهِلٌ ثمّ عَلَّ من هذه ووقعَ في الصِّحاح والعُباب : لأنّ الذي وقال ابنُ برّي : وإنّما سُمِّيت عَلَّةً لأنّها تُعَلُّ بعد صاحِبَتِها من العَلَلِ ويقال : هما أَخَوَانِ من عَلَّةٍ وهما ابنا علة وهم من علات وهم إخوة من علة وعلات كل هذا من كلامهم ونحن أخوان من علة وهما أخوانِ من ضَرَّتَيْن ولم يقولوا : من ضَرَّةٍ وقال ابنُ شُمَيْلٍ : هم بَنو عَلَّةٍ وأولادُ عَلَّةٍ وأنشد :
وهمْ لمُقِلِّ المالِ أولادُ عَلَّةٍ ... وإنْ كان مَحْضَاً في العُمومَةِ مُخْوِلاوفي الحديث : " الأنبياءُ أولادُ عَلاّتٍ " . معناه أنّهم لأمَّهاتٍ مُختلفةٍ ودِينُهم واحدٌ كذا في التهذيب وفي النِّهاية : أرادَ أنّ إيمانَهم واحدٌ وشَرائِعَهم مُختلِفة وقال ابنُ بَرّي : يقال لبَني الضَّرائر : بَنو عَلاّتٍ ولبَني الأمِّ الواحدةِ بَنو أمٍّ ويصيرُ هذا اللفظُ يُستعمَلُ للجماعةِ المُتَّفِقين وأبناءُ عَلاّتٍ يُستعمَلُ في الجماعةِ المُختَلِفين . والعِلَّة بالكَسْر معنى يَحُلُّ بالمحَلِّ فَيَتَغيَّرُ به حالُ المحَلُّ ومنه سُمِّي المرضُ عِلَّةً ؛ لأنّ بحِلولِه يتغيَّرُ الحالُ من القُوَّةِ إلى الضَّعفِ قاله المُناوي في التَّوقيف . عَلَّ الرجلُ يَعِلُّ بالكَسْر عَلاًّ فهو عَليلٌ واعْتلَّ اعْتِلالاً وأعَلَّه الله تَعالى أي أصابَه بعِلَّةٍ فهو مُعَلٌّ وعَليلٌ ولا تقُلْ مَعْلُول . وفي المُحكَم : واستعملَ أبو إسحاقَ لَفْظَ المَعْلولِ في المُتقارِبِ من العَروضِ فقال : وإذا كان بناءُ المُتقارِبِ على فَعُولُنْ فلا بُدَّ من أن يبقى فيه سببٌ غيرُ مَعْلُولٍ وكذلك استعمله في المضارع فقال : أُخِّرَ المضارعُ في الدائرةِ الرابعةِ لأنّه وإن كان في أوَّلِه وَتِدٌ فهو مَعْلُولُ الأوّل وليس في أوّلِ الدائرةِ بيتٌ مَعْلُولُ الأوّل وأُرى هذا إنّما هو على طرحِ الزائدِ كأنّه جاءَ على عُلَّ وإن لم يُلفظْ به وإلاّ فلا وجهَ له والمُتكَلِّمون يقولونها ويستعملونها في مثلِ هذا كثيراً قال : بالجُملةِ فلستُ منه على ثِقةٍ ولا على ثَلَجٍ لأنّ المعروفَ إنّما هو أعَلَّه اللهُ فهو مُعَلٌّ إلاّ أن يكونَ على ما ذهبَ إليه سيبويه من قولِهم : مَجْنُونٌ ومَسْلُولٌ من أنّه جاءَ على جَنَنْتُه وسَلَلْتُه وإن لم يُستعمَلا في الكلامِ استُغني عنهما بأَفْعَلْتُ قال : وإذا قالوا : جُنَّ وسُلَّ فإنّما يقولون جُعِلَ فيه الجُنونُ والسُّلُّ كما قالوا : حُزِنَ وسُلَّ . العِلَّةُ أيضاً : الحَدَثُ يَشْغَلُ صاحِبَه عن وَجْهِه كما في الصِّحاح والعُباب وفي المُحكَم : عن حاجَتِه كأنّ تلك العِلَّةَ صارت شُغْلاً ثانياً مَنَعَه عن شُغلِه الأوّل . وفي حديثِ عاصِم بن ثابتٍ : ما عِلَّتي وأنا جَلْدٌ نابِلٌ أي ما عُذري في تركِ الجِهادِ ومعي أُهْيَةُ القتال فَوَضَعَ العِلَّةَ موضعَ العُذْر ومنه المثَل : لا تَعْدَمُ خَرْقَاءُ عِلَّةً . يقال هذا لكلِّ مُعتَذِرٍ مُقتَدرٍ أي لكلِّ من يَعْتَلُّ ويَعْتَذرُ وهو يَقْدِر . وقد اعْتلَّ الرجلُ عِلَّةً صعبةً . وهذه عِلَّتُه أي سببُه وفي المُحكَم : وهذا عِلَّةٌ لهذا أي سببٌ له وفي حديثِ عائشةَ : فكانَ عبدُ الرحمنِ يضربُ رِجْلِي بِعِلَّةِ الراحِلَة . أي بسَبَبِها يُظهرُ أنّه يضربُ جَنْبَ البعيرِ برِجلِه وإنّما يضربُ رِجلي . وعِلَّةُ بن غَنْم بن سعدِ بن زيدٍ : بَطنٌ في قُضاعَةَ أحدُ رِجالاتِ العربِ وقولُهم : على عِلاّتِه بالكَسْر أي على كلِّ حالٍ قال زُهَيْرٌ :
إنَّ البخيلَ مَلومٌ حيثُ كانَ ول ... كنَّ الجَوادَ على عِلاَّتِهِ هَرِمُ وقال المَرَّارُ :
قد بَلَوْناهُ على عِلاّتِهِ ... وعلى المَيْسورِ منه والضُّمُرْوالمُعَلِّل كمُحَدِّثٍ : دافِعُ جابي الخَراجِ بالعِلَلِ كما في المُحكَم . أيضاً : من يسقي مرّةً بعد مرّةٍ كما في الصِّحاح . أيضاً من يجني الثمَرَ مرّةً بعدَ مرّةٍ كما في الصِّحاح . مُعَلَّلٌ : يومٌ من أيّامِ العَجوزِ السبعةِ التي تكون في آخِرِ الشتاءِ ؛ لأنّه يُعَلِّلُ الناسَ بشيءٍ من تخفيفِ البَردِ وهي : صِنٌّ وصِنْبَرٌ وَوَبْرٌ ومُعَلَّلٌ ومُطْفِئُ الجَمرِ وآمِرٌ ومُؤْتَمِرٌ وقيل : إنّما هو مُحَلَّلٌ وقد تقدّم ذلك مِراراً . وعَلَّ هذا هو الأصلُ ويُزادُ في أوّلِها لامٌ تَوْكِيداً هكذا قاله بعضُ النَّحْوِيِّين وأمّا سيبويه فَجَعَلهُما حرفاً واحداً غيرَ مَزيدٍ : كَلِمَةُ طَمَعٍ وإشْفاقٍ ومعناه التوقُّعُ لمَرْجُوٍّ أو مَخُوفٍ وهو حَرْفٌ مثلُ إنَّ وَلَيْتَ وكأنَّ ولكنَّ إلاّ أنّها تعملُ عَمَلَ الفِعل لشَبَهِهِنَّ له فتنصِبُ الاسمَ وترفعُ الخبرَ كما تعملُ كانَ وأخواتُها من الأفعال وبعضُهم يخفِضُ ما بعدَها فيقول : لعلَّ زيدٍ قائِمٌ وعَلَّ زيدٍ قائِمٌ سَمِعَه أبو زيدٍ من بَني عُقَيْلٍ وفيه لغاتٌ تُذكرُ في لعل قريباً . واليَعْلول : الغَديرُ الأبيضُ المُطَّرِد نقله الصَّاغانِيّ عن الأَصْمَعِيّ وقال السُّهَيْليُّ في الرَّوْضِ : اليَعاليل : الغُدْران واحدُها يَعْلُولٌ ؛ لأنّه يَعُلُّ الأرضَ بمائِه . اليَعاليل : الحَبَابُ أي حَبابُ الماءِ واحدُه يَعْلُولٌ كما في المُحكَم . يقال : اليَعاليل : نُفَّاخاتٌ تكون فوق الماءِ كما في الصِّحاح زادَ غيرُه : من وَقْعِ المطَرِ وأنشدَ الصَّاغانِيّ لكَعبِ بن زُهَيْرٍ رَضِيَ الله تَعالى عنه :
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَهُ ... من صَوْبِ سارِيَةٍ يَعاليلُ ويُروى تَجْلُو وروى الأَصْمَعِيّ من نَوْءِ سارِيَةٍ قال البغداديُّ في شرحِه - على قصيدةِ كعبٍ بعد نَقْلِه هذا القولَ - : فعلى هذا يكون على حذفِ مُضافٍ أي بيضٌ ذاتُ يَعاليل . اليَعْلول : السَّحابُ ونصُّ السُّهَيليُّ في الرَّوض : اليَعاليل : السَّحاب وزادَ ابنُ سِيدَه : المُطَّرِد وقال غيرُه : السَّحابُ الأبيض وقال نِفْطَوَيْهِ في شرحِ البيت : بيضٌ يَعاليل : يعني سحائِبَ بِيضاً ولم يَزِدْ على هذا قال أبو العبّاسِ الأَحْوَلُ - في شرحِ القصيدةِ - : اليَعاليل : سحابٌ بيضٌ لم يعرفْ لها أبو عُبَيْدةَ واحداً وقد قال بعضُ الأعراب : واحدُها يَعْلُولٌ وقال الشارِحُ البغداديُّ : وبيضٌ : فاعِلُ أَفْرَطَه وَوَصَفها بالبَياضِ لتكونَ أكثرَ ماءً يقال : بَيَّضْتُ الإناءَ إذا ملأْتَه من الماء وقال الجَوْهَرِيّ : اليَعاليل : سَحائبُ بعضُها فوقَ بعضٍ الواحدُ يَعْلُولٌ وأنشدَ للكُمَيْت :
كأنَّ جُماناً واهِيَ السِّلْكِ فَوْقَهُ ... كما انْهَلَّ من بِيضٍ يعاليلَ تَسْكُبُأو القِطعةُ البَيضاءُ منه أي من السَّحابِ كما في المُحكَم . قال أبو عُبَيْدة : اليَعْلول : المطرُ بعدَ المطرِ والجمعُ : اليَعاليل . اليَعْلول من الصِّبْغِ : ما عُلَّ مرّةً بعد أُخرى يقال : صِبْغٌ يَعْلُولٌ كما في العُباب . وقال عبدُ اللطيف البغداديُّ : ثوبٌ يَعْلُولٌ : إذا صُبِغَ وأُعيدَ مرّةً أُخرى . والبَعيرُ ذو السَّنامَيْنِ يَعْلُولٌ وقِرْعَوْسٌ وعُصْفورِيٌّ عن ابْن الأَعْرابِيّ . والعُلْعُل كهُدْهُدٍ وعليه اقتصرَ الجَوْهَرِيّ زادَ كُراع : مثل فَدْفَدٍ ونقله ابنُ فارسٍ أيضاً : اسم الذَّكَر جميعاً أو هو إذا أَنْعَظَ قال ابنُ خالَوَيْه : العُلْعُل : الجُرْدانُ إذا أَنْعَظَ أو ما إذا أَنْعَظَ لم يَشْتَدَّ . أيضاً : القُنْبُرُ الذَّكَرُ كالعَلْعالِ ووقع في بعضِ نسخِ الصِّحاح : العَلْعَل : الذكَرُ من القَنافِذ وعنه نقلَ صاحبُ اللِّسان والصحيح : من القَنابِر كما في نُسختِنا بخطِّ ياقوت . أيضاً : الرَّهابَةُ التي تُشرِفُ على البَطنِ من العَظمِ كأنّه لسانٌ كما في الصِّحاح وقيل : هو رأسُ الرَّهابَةِ من الفرَسِ وقيل : طرَفُ الضِّلَعِ الذي يُشرِفُ على الرَّهابَة وهي طرَفُ المَعِدَة والجمعُ عُلُلٌ وعُلٌّ وعِلٌّ وفتحَ ابنُ فارسٍ عينَ الأخيرَتَيْن . العُلْعول كَسُرْسورٍ : الشرُّ الدائم والاضطرابُ والقتال عن الفَرّاءِ يقال : إنّه لفي عُلْعولِ شَرٍّ وزُلْزولِ شَرٍّ أي في قتالٍ واضطراب قال أبو حِزامٍ العُكْليُّ :
أيُّها النَّأْنَأُ المُسافِهُ في العُلْ ... عولِ أنْ لاغَفَ الوَرَى الجُعْسوسا وتَعِلَّة : اسمُ رجُلٍ قال :
أَلْبَانُ إبْلِ تَعِلَّةَ بنِ مُسافِرٍ ... ما دامَ يَمْلِكُها علَيَّ حَرامُ وعَلْ عَلْ : زجرٌ للغنَمِ عن يعقوب زادَ في العُباب : والإبل . قال أبو عمروٍ : العَليلَة : المرأةُ المُطَيَّبَةُ طِيباً بعدَ طِيب قال : وهو من قَوْلِ امرئِ القَيسِ :
" ولا تُبْعِديني من جَناكِ المُعَلَّلِفيمن رواه بالفَتْح أي المُطَيَّبِ مرّةً بعد أُخرى . والعِلِّيَّة بكسرتَيْن واللامُ والياءُ مُشدَّدتانِ وتُضمُّ العَينُ أي مع كسرِ اللامِ المُشدَّدةِ : الغُرفةُ ج : العَلالِيُّ . يقال هو من عِلِّيَّةِ قَوْمِه وعُلِّيَّتِهم بالكَسْر والضمِّ وعليتهم بالكسر وعليهم وعليهم بالكسر والضم وتشديدِ اللامَيْن وحذفِ التاءِ يصفُه بالعُلَوِّ والرِّفْعة . قَوْله تَعالى : " كَلاّ إنّ كتابَ الأبرارِ لفي عِلِّيِّينَ " قيل : الواحدُ عِلِّيٌّ كسِكِّينٍ وعِلِّيَّةٌ بزيادةِ الهاء وعُلِّيَّةٌ بضمِّ العين قيل : هو مكانٌ في السماءِ السابعةِ تَصْعَدُ إليه أرواحُ المؤمنين وقيل : هو اسمُ أَشْرَفِ الجِنان كما أنّ سِجِّيناً اسمُ شرِّ مواضعِ النِّيران وقيل : بل ذلك على الحقيقةِ اسمُ سُكّانِها وهذا أقربُ في العربيّةِ ؛ إذ كان هذا الجمعُ يَخْتَصُّ بالناطِقينَ أو جمعٌ بلا واحدٍ وسيُعادُ في المُعْتَلِّ أيضاً . والعَلْعَلان : شجرٌ كبيرٌ ورَقُه مثلُ ورَقِ القُرْمِ . وَتَعَلْعَلَ : اضطربَ واسْترخى . وعللان محركة : ماء بحسمى وَعَلْعال : جبلٌ بالشام كما في العُباب . وامرأةٌ عَلاّنةٌ : جاهِلَةٌ : وهو عَلاّنٌ قال أبو سعيدٍ يقال : أنا عَلاّنٌ بأرضِ كذا وكذا أي جاهلٌ وامرأةٌ عَلاّنَةٌ أي جاهلةٌ قال : وهي لغةٌ مَعْرُوفةٌ قال الأَزْهَرِيّ : لا أعرفُ هذا الحرفَ ولا أدري من رواه عن أبي سعيدٍ . عُلَيْلٌ كزُبَيْرٍ : اسمٌ منهم والدُ القُطبِ أبي الحسَنِ عليٍّ المَدفونِ بساحِلِ أَرْسُوفَ ويقال فيه : عُلَيْمٌ بالميم أيضاً . والحسنُ بنُ عُلَيْلٍ العنَزِيُّ الإخْباريُّ عن أبي نَصْرٍ التَّمّار وابنُ أخيه أحمدُ بنُ يَزيدَ بنِ عُلَيْلٍ من شيوخِ ابنِ خُزَيْمةَ وولَدُه عُلَيْلُ بنُ أحمد روى عن حَرْمَلةَ وغيره . وعَلَّ الضارِبُ المَضروب : إذا تابَعَ عليه الضَّرْبَ نقله الجَوْهَرِيّ وهو مَجاز ومنه حديثُ عَطاءٍ أو النَّخَعيِّ : رجلٌ ضَرَبَ بالعَصا رَجُلاً فَقَتَله قال : إذا عَلَّه ضَرْبَاً ففيه القَوَدُ أي إذا تابعَ عليه الضَّربَ من عِلَلِ الشُّرب . وفي المثَل : عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ . إذا عَرَضَ عليك الطعامَ وأنتَ مُستَغنٍ عنه بمعنى قول العامّة : عَرْضٌ سابِريٌّ : أي لم يُبالِغ ؛ لأنّ العالَّةَ لا يُعرَضُ عليها الشُّربُ عَرْضَاً مُبالَغةً فيه كالعَرْضِ على الناهِلَةِ نقله الجَوْهَرِيّ . وأَعْلَلْتُ الإبلَ إذا أَصْدَرْتَها قبلَ رِبِّها كذا نصُّ الصِّحاح وروى أبو عُبَيْدٍ عن الأَصْمَعِيّ : أَعْلَلْتُ الإبلَ فهي عالَّةٌ : إذا أَصْدَرْتَها ولم تُرْوِها أو هي بالغَيْنِ وَنَسَبه الجَوْهَرِيّ إلى بعضِ أئمّةِ الاشتِقاق قال : وكأنّه من الغُلَّةِ وهو العطَش وقال : والأوّلُ هو المَسموع وروى الأَزْهَرِيّ عن نُصَيْرٍ الرازِيّ قال : صَدَرَتْ الإبلُ غالَّةً وغَوالَّ وقد أَغْلَلْتُها من الغُلَّةِ والغَليل وهو حرارةُ العطَش وأما أَعْلَلْتُ الإبلَ وعَلَلْتُها فهما ضِدَّا أَغْلَلْتُها ؛ لأنّه معناهما أن تسقيها الشَّرْبَةَ الثانيةَ ثمّ تُصدرَها رِواءً وإذا عَلَّتْ فقد رَوِيَتْ . واعْتَلَّه اعْتِلالاً : اعْتاقَه عن أمرٍ . أو اعْتلَّه : إذا تجَنَّى عليه . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : عَلَلْتُ الإبلَ مثلُ أَعْلَلْتُ نقله الأَزْهَرِيّ وإبلٌ عَلَّى : عَوالُّ حكاه ابْن الأَعْرابِيّ وأنشدَ لعاهانَ بنِ كعبٍ :
تَبُكُّ الحَوضَ عَلاَّها وَنَهْلاً ... ودونَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ تَسْكُنُ إليه فيُنيمُها ورواه ابنُ جِنِّي : عَلاّها وَنَهْلا أرادَ وَنَهْلاها فحذفَ واكتفى بإضافةِ عَلاّها عن إضافةِ نَهْلاها . وفي حديثِ عليٍّ رضي الله تَعالى عنه : من جَزيلِ عَطائِكَ المَعْلول يريد أنّ عَطاءَ اللهِ مُضاعَفٌ يَعُلُّ به عِبادَه مرّةً بعد أُخرى ومنه قولُ كعبٍ :
" كأنَّه مَنْهَلٌ بالرّاحِ مَعْلُولُ والعلَلُ - مُحَرَّكَةً - من الطعامِ : ما أُكِلَ منه عن كُراع . والعَلُول كصَبُورٍ : ما يُعَلَّلُ به المريضُ من الطعامِ الخفيف والجمعُ عُلُلٌ بضمتَيْن . وتعالَلْتُ نفسي وَتَلَوَّمْتُها بمعنىً . وتعالَلْتُ الناقةَ : إذا استخرجْتَ ما عندها من السَّيرِ قال :
" وقد تَعالَلْتُ ذَميلَ العَنْسِ" بالسَّوْطِ في دَيْمُومَةٍ كالتُّرْسِ والمُعَلِّل كمُحَدِّثٍ : الذي يُعَلِّلُ مُتَرَشِّفَه بالرِّيق وبه فُسِّر أيضاً قولُ امرئِ القَيس :
" ... من جَناكِ المُعَلَّلِ فيمن رواه بالكَسْر . وقال ابْن الأَعْرابِيّ : المُعَلِّل : المُعينُ بالبِرِّ بعدَ البِرِّ . وحروفُ العِلَّةِ والاعْتِلال : الألِفُ والواو والياء سُمِّيت بذلك لأنّها للِينِها وَمَوْتِها . والعَلُّ : الذي لا خَيْرَ عنده قال الشَّنْفَرى :
وَلَسْتُ بعَلٍّ شَرُّهُ دونَ خَيْرِه ... أَلَفَّ إذا ما رُعتَه اهْتاجَ أَعْزَلُ واليَعْلول : الأَفْيَلُ من الإبل كما في العُباب . وقال أبو السَّمْحِ الطائيُّ : اليَعاليل : الجبالُ المُرتفِعةُ نقله أبو العبّاسِ الأَحْوَلُ في شرحِ الكَعبِيَّة زادَ السُّهَيْليُّ : ينحدِرُ الماءُ من أعلاها . وقال أبو عمروٍ : اليَعاليل : التي شربت مرة بعد أخرى لا واحدَ لها وقال غيرُه : هي التي تَهْمِي مرّةً بعد مرّةٍ واحدُها يَعْلُولٌ وهو يَفْعُولٌ وقيل : اليَعاليل : المُفرِطَةُ في البَياض . وهو يَتَعَالُّ ناقتَه : يَحْلُبُ عُلالَتَها والصبيُّ يَتَعَالُّ ثَدْيَ أمِّه . ويقال في المَجهول : هو فلانُ ابنُ عَلاَّنَ . والشمسُ محمد بن أحمدَ بنِ عَلاّنَ البَكْريُّ المَكِّيُّ سَمِعَ منه شيوخُ مَشايِخنا . وعَلُّ بنُ شُرَحْبيل : بطنٌ من قُضاعَة . وعُلالَة كثُمامَة : جَدُّ أحمد بن نصرِ بن عليِّ بن نصرٍ الطَّحَّانِ البغداديِّ ثِقةٌ عن أبي بكرِ بن سليم النجار . وعَلاّن : لقَبُ جماعةٍ من المُحدِّثين منهم : عليُّ بن عبدِ الرحمن بن محمد بن المُغيرَةِ المَخزوميُّ البَصريُّ . وعَلاّنُ أبو الحسَنِ عليُّ بن الحسنِ بنِ عبدِ الصَّمَدِ الطَّيالِسيُّ البغداديّ . وعَلاّنُ بن أحمدَ بن سُلَيْمان المِصريُّ المُعَدِّل . وعَلاّنُ بن إبراهيمَ بنِ عَبْد الله البغداديُّ وغيرُهم . وأبو سعدٍ محمد بن الحُسين بن عَبْد الله بن أبي عَلاّنَةَ : مُحدِّثٌ بغداديٌّ
النَّفْسُ : الرُّوحُ وسَيَأْتِي الكلامُ عليها قَريباً . وقال أَبو إِسحَاقَ : النَّفْسُ في كلامِ العَرَبِ يَجْرِي على ضَرْبَيْن : أَحَدُهما قولُك : خَرَجَتْ نَفْسُه أَي رُوحُه والضَّرْبُ الثانِي : مَعْنَى النَّفْسِ فيه جُملةُ الشْيءِ وحقِيقتُه كما سَيَأْتِي في كَلاَمِ المصنِّف وعلى الأَوّلِ قالَ أَبو خِراشٍ :
نَجَا سالِمٌ والنفْسُ مِنْهُ بشِدْقِهِ ... ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرَاً
أَي بِجَفْنِ سَيْفٍ ومِئْزَرٍ كذا في الصّحاحِ قال الصّاغَانِيُّ : ولم أَجِدْه في شِعْر أَبي خِراشٍ . قلتُ : قال ابنُ بَرِّيّ : إعْتَبَرْتُه في أَشْعَارِ هُذَيْلٍ فوَجَدْتُه لحُذَيفَةَ بنِ أَنَسٍ وليسَ لأَبِي خِراشٍ والمَعْنَى : لم يَنْجُ سالِمٌ إِلاّ بجَفْنِ سَيْفه ومِئْزَرِه وانْتِصَابُ الجَفْنِ على الإسْتِثْنَاءِ المنْقَطِع أَي لم يَنْجُ سالمٌ إِلاّ جَفْنَ سَيْفٍ وجَفْنُ السَّيْفِ مُنْقَطِعٌ منه . ومِن المجاز : النَّفْسُ : الدَّمُ يقال : سالَتْ نَفْسُه كما في الصّحاحِ وفي الأَسَاس : دَفَق نَفْسَه أَي دَمَه . وفي الحَدِيث : ما لا نَفْسَ لَهُ وَقَع في أُصُولِ الصّحاحِ : ما لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ فإِنّه لا يُنَجِّسُ المَاءَ إِذا مَاتَ فيه . قلت : وهذا الِّذي في الصّحاحِ مُخَالِفٌ لِمَا في كُتُبِ الحَدَيثِ وفي رَوَايَةِ أُخْرَى : مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سائِلَةٌ ورُويَ عن النَّخَعِيّ أَنّه قال : كُلُّ شّيْءٍ له نَفْسٌ سائِلَةٌ فماتَ في الإِنَاءِ فإِنّه يُنَجِّسُه وفي النِّهَايَةِ عنه : كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فإِنه لا يُنَجِّسُ الماءَ إِذا سَقَطَ فيه أَي دَمٌ سائِلٌ ولذَا قالَ بعضُ مَن كَتَبَ على الصِّحّاحِ : هذا الحَدِيثُ لم يَثْبُتْ قال ابنُ بَرِّيّ : وإِنّمّا شاهِدُه قولُ السَّمَوْأَلِ :
تَسِيلُ عَلى حَدِّ الظُّبَاةِ نُفُوسُنَا ... ولَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّباة تَسِيلُ قال وإِنّمَا سُمِّيَ الدَّمُ نَفْساً لأَنّ النَّفْسَ تَخْرُج بخُرُوجِه . والنَّفْسُ : الجَسَدُ وهو مَجَازٌ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ يُحَرِّضُ عَمْرو بنَ هِنْدٍ عَلى بَنِي حَنِيفَةَ وهم قَتَلَةُ أَبيه المُنْذِر بنِ ماءِ السماءِ يومَ عَيْنِ أَبَاغٍ ويزْعُم أَن عَمْروَ بن شَمِرَ الحَنَفِيّ قَتَله :
نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا ... أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِفَلَبِئْسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمْروٍ رَهْطَهُ شَمِرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ والتامُورُ : الدّمُ أَي حَمَلُوا دَمَه إِلى أَبْيَاتِهِم . والنَّفْسٌ : العَيْنُ التي تُصِيبُ المَعِينَ وهو مَجَازٌ . ويُقَال : نَفَسْتُه بنَفْسٍ أَي أَصّبْتُه بِعَيْنٍ وأَصابَتْ فُلاناً نَفْسٌ أَي عَيْنٌ وفي الحَديث عن أَنَسٍ رَفَعَهُ : أَنَّه نَهَى عَنِ الرُّقْيَةِ إِلاّ فِي النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنِّفْسِ أَي العَيْنِ والجَمْعُ أَنْفُسٌ ومنه الحديث : أَنه مَسَح بَطْنَ رافِعٍ فأَلْقَى شَحْمَةً خَضْرَاءَ فقال : إِنه كانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ يريدِ عُيُونَهُم . ورَجُلٌ نافِسٌ : عائِنٌ وهو مَنْفُوسٌ : مَعْيُونُ . والنَّفْسُ : العِنْدُ وشَاهِدُه قولُه تعالَى حِكَايَةً عن عِيسَى عَليه وعلى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ " أَي تَعْلَمُ ما عِنْدِي ولا أَعْلَمُ ما عِنْدَكَ ولكن يَتَعَيَّن أَنْ تَكُونَ الظَّرفِيَّةُ حِينَئذٍ ظرفيَّةَ مَكَانَةٍ لا مَكَانٍ أَو حَقِيقَتي وحَقِيقَتَكَ قال ابنُ سِيْدَه : أَي لا أَعْلَمُ ما حَقِيقَتُك ولا ما عِنْدَك عِلْمُه فالتَّأْوِيلُ : تَعْلَمُ ما أَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ ما تَعْلَمُ والأَجْوَدُ في ذِلك قولُ ابنِ الأَنْبَارِيّ : إِنَّ النَّفْسَ هنا الغَيْبُ أَي تَعْلَمُ غَيْبي لأَنَّ النَّفْسَ لمّا كانتْ غائِبَةً أُوقِعَتْ على الغَيْبِ ويَشْهدُ بصِحَّتِه قولُه في آخرِ الآيَة " إِنَّك أَنْت عَلاَّمُ الغُيُوبِ " كأَنّه قال : تعْلمُ غيْبِي يا عَلاَّم الغُيُوبِ . وقال أَبو إِسْحاق : وقدْ يُطْلَقُ ويُرَادُ به جُمْلةُ الشَّيْءِ وحَقِيقتُه يُقال : قَتلَ فُلانٌ نَفْسَه وأَهْلكَ نَفْسَه : أَي أَوْقَعَ الهَلاَكَ بذَاتِه كُلِّهَا وحَقِيقَتِه . قلتُ : ومنه أَيضاً ما حكاهُ سِيبُوَيْهِ من قَولِهِمْ : نَزَلْتُ بَنَفْسِ الجبَلِ ونَفْسُ الجَبَلِ مُقَابِلِي . والنَّفْسُ : عَيْنُ الشَّيْءِ وكُنْهُه وجَوْهَرُه يُؤَكَّدُ به يُقَالُ : جَاءَنِي المَلِكُ بِنَفْسِه ورأَيْتُ فلاناً نَفْسَه . وقَوْله تَعَالى : " الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِهَا " رُوِيَ عنِ ابنِ عَبّاس رضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قالَ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ العَقْلِ الذي يكونُ به التَّمْيِيزُ والأَخْرى نَفْسُ الرُّوحِ الَّذي به الحَيَاةُ . وقال ابن الأَنباريّ : من اللُّغَويِّينَ مَن سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ وقَالَ : هما شَيْءٌ وَاحِدٌ إِلاّ أَن النفْسَ مؤنثَةٌ والرُّوحَ مُذكَّرَةٌ وقال غيرُهُ : الرُّوحُ الّذي به الحَيَاةُ والنَّفْسُ : التي بها العَقْلُ فإِذا نامَ النائمُ قَبَضَ اللهُ نَفْسَه ولم يَقْبِضْ رُوحَه ولا تُقْبَضُ الرُّوحَ إِلاّ عنَدِ المَوْت قال : وسُمِّيَت النَّفْسُ نَفْساً لتَوَلُّد النَّفْس منها وإتّصَاله بها كما سَمَّوَا الرُّوحَ رُوحاً لأَنَّ الرُّوْحَ مَوجُودٌ به . وقالَ الزَّجَّاجُ : لكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ : إِحْدَاهُمَا نَفْسُ التِّمْييز وهي الّتي تُفَارِقُه إِذا نامَ فلا يَعْقِلُ بهَايَتَوَفَّاهَا الله تَعَالَى والأُخْرَى : نَفْسُ الحَيَاة وإِذَا زَالَت زالَ مَعَهَا النَّفِسُ والنَّائمَ يَتَنَفَّسُ قال : وهذا الفَرْقُ بينَ تَوفِّي نَفْسِ النائِم في النَّوْم وتَوَفِّي نَفْسِ الحَيِّ . قال : ونَفْسُ الحَيَاة هي الرُّوحُ وحَرَكَةُ الإِنْسَان ونُمُوُّه يكون به . وقال السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : كَثُرت الأَقَاويلُ في النَّفْس والرُّوح هل هُمَا وَاحِدٌ ؟ أَو النَّفْسُ غيرُ الرُّوح ؟ وتَعَلَّقَ قومٌ بظَوَاهرَ من الأَحاديثِ تدُلُّ على أَنَّ الرُّوحَ هي النَّفْسُ كقول بلالٍ أَخَذَ بِنَفْسِك مع قولهِ صَلَّى الله عليه وسَلَّم : " إِنّ الله قَبضَ أَرْوَاحَنا " وقولِه تعالَى : : الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ " والمَقْبُوضُ هو الرُّوحُ ولم يَفَرِّقُوا بَيْنَ القَبْضِ والتَّوَفِّي وأَلْفَاظُ الحَدِيثِ مُحْتَملَةُ التَّأْويلِ ومَجَازَاتُ العَرَبِ وإتِّسَاعاتُها كَثِرَةٌ : والحَقُّ أَنَّ بَيْنَهما فَرْقاً ولو كانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنىً وَاحِدْ كاللَّيْثِ والأَسَدِ لَصَحَّ وُقُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهما مكانَ صاحِبِه كقوله تعالى : " ونَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوِحِي " ولم يَقْلْ : مِن نَفْسِي . وقوله : " تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي " ولم يَقُلْ : ما فِي رُوحي . ولا يَحْسُنُ هذا القَولُ أَيضاً مِن غيرِ عِيسَى عليه السَّلامُ . " ويَقُولُونَ في أَنْفُسهمْ " ولاَ يَحْسَن في الكلام : يَقُولُون في أَرْوَاحهم . وقال : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ " ولم يقَل : أَنْ تَقُولَ رُوحٌ ولا يَقُولُه أَيْضاً عَرَبيٌّ فَأَيْنَ الفَرَقُ إِذا كَانَ النَّفْسُ والروَّحُ بمَعْنىً وَاحدٍ ؟ وإِنّمَا الفَرْقُ بينَهما بالإعْتبَارَاتِ ويَدُلُّ لذلك ما رَوَاهُ ابنُ عَبْد البَرِّ في التَّمْهِدِ الحَديث : إِن اللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وجَعَلَ فِيه نَفْساً ورُوحاً فمن الرُّوحِ عَفَافُه وفَهْمُه وحِلْمُه وسَخاؤُه ووَفَاؤُه ومِن النَّفْسِ شَهْوَتُه وطَيْشُه وسَفَهُه وغَضَبُه فلا يُقَالُ في النَّفْسِ هي الرُّوحَ عَلى الإِطْلاق حَتَّى يُقَيَّدَ ولا يُقَال في الرُّوحِ هي النَّفْسُ إِلاّ كما يُقَالُ في المَنِيِّ هو الإِنْسَانُ أَو كما يُقَالُ للمَاءِ المُغَذِّي لِلكَرْمَةِ هو الخَمْرُ أَو الخَلُّ على معنَى أَنه سيُضَافُ إِليه أَوصَافٌ يُسَمَّى بها خَلاًّ أَو خَمْراً فتَقَيُّدُ الأَلْفَاظِ هو مَعْنَى الكلامِ وتَنْزِيلُ كُلِّ لَفْظٍ في مَوْضِعه هو مَعْنَى البَلاغةِ إِلى آخِر ما ذَكرُه . وهو نَفِيسٌ جداً وقد نَقَلْتُه بالإخْتصَار في هذا المَوْضع لأَنّ التَّطْويِلَ كَلَّتْ منه الهِمَمُ لاسَّيمَا في زَماننا هذا . والنَّفْسُ : قَدْرُ دَبْغَةٍ وعَلَيْه اقتصر الجَوْهَرِيُّ وزاد غيرُه : أَو دَبْغَتَيْن . والَّدِبْغَةُ بكسر الدال وفتحها ممَّا يُدْبَغُ به الأَديمُ من قَرَظٍ وغيره يُقَال : هَبْ لي نَفْساً مِن دِبَاغٍ قال الشَّاعِرُ :
" أَتَجْعَلُ النَّفْسَ الَّتِي تُدِيرُ
" فِي جِلْدِ شاةٍ ثُمَّ لا تَسِيرُ قال الجَوْهَرِيُّ : قال الأَصْمَعِيُّ : بَعثَت امرأَةٌ مِن العربِ بِنْتاً لها إِلى جارَتِهَا فقالت لها : تقولُ لك أُمِّي : أَعْطِينِي نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بِه مَنِيئَتي فإِنِّي أَفِدَةٌ . أَي مُسْتَعْجِلَةٌ لا أَتفرَّغُ لإتِّخاذِ الدِّباغِ مِن السُّرْعَةِ . انتَهَى . أَرَادَتْ : قَدْرَ دَبْغَة أَو دَبْغَتَيْن من القَرَظ الّذِي يُدْبَغُ به . المَنِيئَةُ : المَدْبَغَةُ وهي الجُلُودُ الّتِي تُجْعَلُ في الدِّباغ . وقيل : النَّفْسُ مِن الدِّباغِ : مِلْءُ الكَفِّ والجَمْعُ : أَنْفُسٌ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ بِهِ ... عَلَى المَاءِ إِحْدَى اليّعْمَلاتِ العَرامِسِيَعْنِي الوَطْبَ مِن اللبَنِ الذِي طُبَخَ بهذا القَدْرِ مِن الدِّبَاغِ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : النَّفْسُ : العَظَمَةُ والكِبْرُ والنَّفْسُ : العِزَّةُ . والنَّفْسُ : الأَنْفَةُ . والنَّفْسُ : العَيْبُ هكذا في النُّسخِ بالعَيْنِ المُهْمَلَة وصَوَابُه بالغَيْنِ المُعْجَمَةُ وبه فَسَّر ابْنُ الأَنْبَارِيّ قوله تعالَى : " تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي " الآيَةَ وسَبَقَ الكلامُ عليه . والنَّفْسُ : الإِرادَةُ . والنَّفْسُ : العُقُوبَةُ قيل : ومنه قولُه تَعَالَى : " وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ " أَي عُقُوبَتَه وقال غيرُه : أَي يُحَذِّرُكم إِيّاه . وقد تَحَصَّل مِن كلامِ المصنِّف رحمَه الله تعالى خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنىً للنَّفْسِ وهي : الرُّوح 1 ، والدَّمُ 2 ، والجَسَدُ 3 ، والعَيْنُ 4 ، والعِنْدُ 5 ، والحَقِيقَةُ 6 ، وعَيْنُ الشَّيْءِ 7 ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ 8 ، والعَظَمَةُ 9 ، والعِزَّةُ 10 ، والهِمَّةُ 11 ، والأَنَفَةُ 12 ، والغَيْبُ 13 ، والإِرادَةُ 14 ، والعُقُوبةُ 15 ، ذَكر منها الجَوْهَرِيُّ : الأَوّلَ والثّانِي والثالثَ والرّابِعَ والسابِعَ والثامنَ وما زدْناه على المُصَنِّف رحِمَه الله فسيأْتي ذِكْرُه فيما اسْتُدْرِك عليه . وجَمْعُ الكُلِّ : أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ . والنَّفَسُ بالتَّحْرِيك : وَاحِدُ الأَنْفَاسِ وهو خُرُوجُ الرِّيحِ من الأَنْفِ والفَمِ ويُرَادُ به السَّعَةُ يُقَال : أَنتَ في نَفَسٍ مِن أَمْرِك أَي سَعَةٍ قاله الجَوْهَرِيُّ وهو مَجازٌ وقال اللِّحْيَانِيُّ : إِنَّ في الماءِ نَفَساً لِي ولَكَ وأَي مُتَّسَعاً وفَضْلاً . ويُقَال : بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ نَفَسٌ أَي مُتَّسَعٌ . والنَّفَسُ أَيضاً : الفُسْحَةُ فِي الأَمْرِ يقال : إعْمَلْ وأَنْتَ في نَفَسٍ أَي فُسْحَةٍ وسَعَةٍ قَبْلَ الهَرَمِ والأَمْرَاضِ والحَوَادِثِ والآفاتِ . وفِي الصّحاح : النَّفَسُ : الجَرْعَةُ يُقَال : اكْرَعْ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ أَي جُرْعَةً أَو جُرْعَتَيْنِ ولا تَزِدْ عليه . والجَمْع : أَنْفَاسٌ كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ قال جَرِيرٌ :
تُعَلِّلُ وَهْيَ ساغِبَةٌ بَنِيهَا ... بأَنْفَاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِإنتَهَى . قال مُحَمدُ بن المُكَرّم : وفي هذا القَوْل نَظَرٌ . وذلك لأَن النَّفسَ الوَاحدَ يَجْرَع فيه الإِنْسَان عِدَّةَ جُرَعٍ يَزيدُ ويَنْقصُ علَى مقْدَار طُولِ نَفَسِ الشّارب وقَصِره حتّى إِنّا نَرَى الإِنْسَانَ يَشربُ الإِنَاءِ الكَبِيرَ في نَفَسٍ وَاحِدٍ على عِدَّةِ جُرَعٍ . ويُقَال : فُلانٌ شَرِبَ الإِنَاءَ كُلَّه عَلَى نَفَسٍ وَاحدٍ . والله تَعَالَى أَعْلَم . وعن ابن الأَعْرَابِيِّ : النَّفَسُ الرِّيّ وسيأْتي أَيْضاً قريباً . والنَّفَسُ : الطَّويل من الكَلام وقد تَنَفَّسَ . ومنه حديث عَمّارٍ : لقد أَبْلَغْتَ وأَوْجَزْتَ فلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ أَي أَطَلْت . وأَصْله : أَنَّ المَتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ إستأْنَفَ القَوْل وسَهُلَت عليه الإِطالَة . وقال أَبُو زَيْدٍ : كَتَبْت كِتَاباً نَفَساً أَي طِويلاً . وفي قَوْله صلَّى الله تعالَى عليه وسلم : ولاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ الوَاو زائدة وليست في لَفْظ الحَديث فإِنَّهَا منْ نَفَسِ الرحْمن . وكذا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : " أَجِدُ نَفَسَ رَبِّكمْ " وفي رِوايَة : نَفَسَ الرَّحْمن وفي أَخرَى : إِنّي لأَجدُ منْ قِبَل اليَمَن قَال الأَزْهَريُّ : النَّفَسُ في هذين الحَديثَيْن : اسْمٌ وُضَعَ مَوْضِعَ المَصْدَر الحَقيقيِّ مِن نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفيساً ونَفَساً أَي فَرَّجَ عنه الهَمَّ تَفْريجاً كأَنَّه قال : تَنْفيسَ رَبِّكم من قِبَل اليَمَنِ . وإِنَّ الرِّيحَ مِن تَنْفِيسِ الرَّحْمنِ بها عن المَكْرُوبِينَ فالتَّفْرِيج : مَصْدّرٌ حقيقيّيٌّ والفَرَجُ اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المصدرِ والمَعْنَى : أَنَّهَا أَي الرِّيحُ تُفَرِّجُ الكَرْبَ وتُنْشِيءُ السَّحابَ وتَنْشُرُ الغَيْثَ وتُذْهِبُ الجَدْبَ قال القُتَيْبِيُّ : هَجَمْتُ على وَادٍ خَصِيبٍ وأَهْلُه مُصْفَرَّةٌ أَلوَانُهُم فسأَلْتُهُم عن ذلك فقال شيخٌ منهم : ليسَ لنا رِيحٌ . وقولُه في الحَدِيثِ : مِن قِبَل اليَمَن المُرَادُ واللهُ أَعْلَمُ : مَا تَيَسَّر له صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ منْ أَهْل المَدينَةِ المُشَرَّفَة وهَم يَمَانُونَ يَعْني الأَنْصارَ وهم من الأَزْد والأَزْدُ من اليَمَن من النُّصْرَةِ والإِيواءِ له والتَّأْييد له برِجَالهم وهو مُسْتَعَارٌ من نَفَس الهَوَاءِ الَّذي يُرَدِّدُه المُتَنَفِّسُ إِلى الجَوْف فيُبَرِّدُ من حَرَارتِه ويُعَدِّلُها أَو من نَفَسَ الرِّيح الّذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِحُ إِليه ويُنَفِّس عنه أَو من نَفَس الرَّوْضة وهو طِيبُ رَوائحها فيَنْفَرجُ به عنه . ويقال : شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ : فيه سَعَةٌ ورِيٌّ قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ وقد تقدَّم للمصنِّف ذِكْرُ مَعْنَى السَّعِةِ والرِّيِّ فلو ذَكَرَ هذا القولَ هناك كانَ أَصابَ ولعلَّه أَعادَه ليُطَابقَ مع الكَلام الّذي يَذْكُرُه بَعْدُ وهو قوله : ومِن المَجازِ : يقال شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ أَي كَرِيه الطِّعْمِ آجِنٌ مُتَغَيِّرٌ إِذا ذاقَه ذائِقٌ لم يَتَنَفَّسْ فِيه وإِنَّمَا هي الشَّرْبَةُ الأُولَى قَدْرَ مَا يُمْسِك رَمَقَه ثُمَّ لا يَعُودُ له قال الرَّاعِي ويُرْوَي لأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيَ :
وشَرْبَةٍ مِنْ شَرَابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ ... في كَوْكَبٍ مِن نُجُومِ القَيْظِ وَهّاج
سَقَيْتُهَا صَادِيَاً تَهْوِي مَسامِعُهُ ... قدْ ظَنَّ أَنْ لَيْسَ مِن أَصْحَابِهِ نَاجِي أَي في وَقْتِ كَوْكَبٍ ويُرْوَي : في صَرَّةٍ . والنَّافِسُ : الخَامِسُ مِن سَهَام المَيْسِرِ قال اللِّحْيَانِيُّ : وفيه خَمْسَةُ فُرُوضٍ وله غُنْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِن فازِ وعَلَيْه غُرْمُ خَمْسَةِ أَنْصِبَاءَ إِنْ لم يَفُزْ ويُقَالُ : هُو الرابِعُ وهذا القَوْلُ مَذْكورٌ في الصّحاح والعَجَبُ من المُصَنِّفِ في تَرْكِه . وشَيءٌ نَفِيسٌ ومَنْفُوسٌ ومُنْفِسٌ كمُخْرِجٍ إِذا كانَ يُتَنَافَسُ فيه ويُرْغَبُ إِليه لِخَطَرِه قال جَرِيرٌ :
" لَوْ لَمْ تُرِدْ قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍمِمَّا يُخَالِطُ حَبَّ القَلْبِ مَنْفُوسِ المُطَّرَف : المُسْتَطْرَف . وقال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ رضي الله تَعالَى عنه :لا تَجْزَعِي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... فَإِذَا هَلَكْتُ فعِنْدَ ذلِكَ فاجْزَعِيوقد نَفُسَ ككَرُمَ نَفَاسَةً بالفَتْحِ ونِفَاساً بالكَسْرِ ونَفَساً بالتَّحْرِيك ونُفُوساً بالضّمّ . والنَّفِيسُ : المالُ الكَثِيرُ الّذِي له قَدْرٌ وخَطَرٌ كالمُنْفِسِ قالَه اللِّحْيَانِيُّ وفي الصّحاحِ : يُقَال : لفُلانٍ مُنْفِيٌ ونَفِيسٌ أَي مالٌ كَثِيرٌ . وفي بعض النُّسَخ : مُنْفِسٌ نَفِيسٌ بغير واوٍ . ونَفِسَ به كفَرِحَ عَن فُلانٍ : ضَنَّ عَلَيْه وبه ومنه قَوْلَه تَعَالَى " ومَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسه " والمَصْدَرُ : النَّفَاسَةُ والنَّفَاسِيَةُ الأَخيرَةُ نادرَةٌ . ونَفِسَ عَلَيْه بخَيْرٍ قَليلٍ : حَسَدَ ومنه الحَديثُ : لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ فما نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ . ونَفِسَ عَلَيْه الشَّيْءَ نَفَاسَةً : ضَنَّ به ولم يَرَهُ يَسْتَأْهِلُه أَي أَهْلاً لَهُ ولم تَطِبْ نَفْسُه أَنْ يَصِلَ إِليه . ومِن المَجَازِ : النِّفَاسُ بالكَسْر : وِلاَدَةُ المَرْأَة وفي الصّحاحِ وِلاَدُ المَرْأَةِ مَأْخُوذٌ مِن النَّفْسِ بمَعْنَى الدَّمِ فإِذا وَضَعَتْ فيهي نُفَسَاءُ كالثُّؤَبَاءِ ونَفْسَاءُ بالفَتْح مِثَالُ حَسْنَاءُ ويُحَرِّكُ وقَال ثَعْلِبٌ : النُّفَساءُ : الوَالِدَةُ والحَامِلُ والحَائِضُ و ج نُفَاسٌ ونُفُسٌ كجِيَادٍ ورُخَالٍ نَادِراً أَي بالضّمّ ومِثْل كُتُبٍ بضَمَّتَيْن ومِثْل كُتْبٍ بضمٍّ فسُكُون . ويُجْمَعُ أَيضاً على نفساءَ ونُفَسَاوَاتٍ وامْرَأَتَانِ نُفَسَاوَانِ أَبْدَلُوا من هَمْزَة التّأْنِيثِ وَاواً قال الجَوْهريُّ : ولَيْسَ في الكَلامِ فُعَلاءُ يُجْمَع على فِعَالٍ بالكَسْرِ غَيْرَ نُفَسَاءَ وعُشَراءَ انتهى . وليس لهم فُعَلاَءُ يُجْمَع عَلى فُعَال أَي بالضَّمّ غَيْرَهَا أَي غيرَ النُّفَسَاءِ ولذا حُكِمَ عليه بالنُّدْرَة . وقد نُفِسَتِ المَرْأَةُ كسَمِعَ وعُنِيَ نَفَساً ونَفَاسَةً ونِفَاساً أَي وَلَدَتْ وقال أَبو حَاتِمٍ : ويُقَال : نُفِسَتْ على لم يُسَمَّ فاعِلُه . وحَكَى ثَعْلَبٌ : نُفِسَتْ وَلَداً على فِعْل المَفْعُول والوَالَدُ مُنْفُوسٌ ومنه الحَدِيث : مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ أَي مَوْلُودةٍ وفي حَدِيث ابنِ المُسَيِّبِ : لا يَرِثُ المَنْفُوسُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخاً أَي حَتّى يُسْمَعَ له صَوْتٌ ومنه قَوْلُهم : وَرِثَ فُلانٌ هذا قبل أَن يُنْفَسَ فُلانٌ أَي قبلَ أَن يُولَدَ . ونُفِسَتِ المَرْأَةَ إِذا حَاضَتْ رُوِيَ بالوَجْهَيْن ولكِن الكَسْر فيه أَكْثَرُ وأَمّا قولُ الأَزْهَرِيّ : فأَمّا الحَيْضُ فلا يُقَال فيه إِلاّ نَفِسَتْ بالفَتْح : فالمُرَاد به فَتْحُ النُّونِ لا فَتْحُ العَيْنِ في لماضِي . ونَفِيسُ بنُ مُحَمِّدٍ مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ وقَصْرُه علَى مِيلَيْنِ مِن المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ على ساكنِها أَفْضَلُ الصّلاةِ والسلامِ وقد قدَّمْنا ذِكْرَه في القُصُور . ويقال : لَكَ في هذا الأَمْرِ نُفْسَةٌ بالضّمّ أَي مُهْلَةٌ ومُتَّسَعٌ . ونُفُوسَةُ بالفَتْح : جِبَالٌ بالمَغْرِبِ بَعْدَ إِفريقِيَّةَ عاليةٌ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ في اَقلَّ من ذلِك أَهْلُهَا إِباضِيَّةٌ وطُولُ هذا الجَبَلِ مَسِيرةُ سِتَّةِ أَيامٍ من الشَّرْقِ إِلى الغَربِ وبينَه وبينَ طَرَابُلُسَ ثلاثَةُ أَيّامٍ وإِلى القَيْروَانِ سِتَّةُ أَيّامٍ وفي هذا الجَبلِ نَخْلٌ وزَيْتُونٌ وفَوَاكِهُ وإفْتَتَح عَمْرُو ابن العاصِ رضيَ الله تعالى عنه نَفُوسَةَ وكانُوا نَصَارَى . نَقَلَه ياقُوت . وأَنْفَسهُ الشَّيْءُ : أَعْجَبَهُ بنَفْسَه ورَغَّبَه فيها وقال ابنُ القَطّاعِ : صار نَفِيساً عِنْدَه ومنه حَدِيثُ إِسماعِيلَ عليه السّلاَمُ : أَنَّهُ تَعَلَّم العَرَبَيَّةَ وأَنْفَسَهُم . وأَنْفَسَه في الأَمْرِ : رَغَّبَهُ فيه . ويُقَالُ منه : مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفِسٌ كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ : أَي نَفِيسٌ وقيلَ : كَثِيرٌ وقيل : خَطيرٌ وعَمَّه اللِّحْيَانِيُّ فقال : كُلُّ شيْءٍ له خَطَرٌ فهو نَفِيسٌ ومُنْفِسٌ . ومِن المَجَازِ : تَنَفَّسَ الصُّبْحُ أَي تَبَلَّجَ وامتدَّ حتى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى " والصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ " قال :إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ : إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً . وقال مَجَاهِدٌ : إذا تنفس إذا اطلع وقال الأخفش إِذا أَضاءَ وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه . ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ونَفَّسَها هَو : صَدَّعَها عن كُرَاع وإِنّمَا يَتَنَفَّسُ منْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ وهو خَيْرُ القِسِيِّ وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَتَنّفَّسُ ويُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ . وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ وهو مَكْرُوهٌ . وتَنفَّسَ أَيضاً : شَرِبَ من الإِناءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس فأَبَانَهُ عن فِيهِ في كّلِّ نَفَسٍ فهو ضِدٌّ وفي الحَدِيث : أَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً وفي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنه نَهَى عَنِ التَّنّفُّسِ في الإِناءِ قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بَعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ فذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ . ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةً ونِفَاساً إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم كتَنَافَسَ والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَةُ في الشَّيْءِ الإِنْفرَادُ به وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه وقولُه عَزّ وجلّ " وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ " أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ وممَّا يُسْتَدْرَك عليه : قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : " فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفِسِكُمْ " قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : " ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمنَاتُ بأَنْفُسِهمْ خَيْراً " أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم . والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه رُوحُه وجَسَدُه كقولهم : عنْدي ثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ وكقوله تَعَالَى : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْب الله " قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنّمَا اتُّسِعَ في النَّفْس وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة لغَلَبةِ أَوصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يَسَمَّى نفْساً وطَرَأَ عليه هذا الإسْمُ بسَبَبِ الجَسَدِ كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب إخْتلافِ أَنواع الشَّجَر من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ وغير ذلك . إنتهى . وقال اللِّحْيَانيُّ : العَرَبُ تقولُ : رأَيتُ نَفْساً وَاحِدَةً فتُؤنِّثُ وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنُفُسٍ ذَكَّرُوا وكذلك جميعُ العَدَد قال : وقد يكونُ التَّذِكيرُ في الواحِدِ والإثْنَيْنِ والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عنِ الكِسَائِيّ وقال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ يَذكِّرُونَه لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُم يَرِيدُون به الإِنْسَانَ ألا ترى أنهم يقولون : نفس وَاحِدٌ فلا يُدخِلون الهاءَ قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رَؤْبَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ على تَأْنِيثِ النَّفْسِ كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ للعَيْنِ مِن النّاسِ وكما قالُوا ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ وقال الحُطَيْئَةُ :ثَلاَثَةُ أَنْفُسِ وثَلاَثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ جارَ الزَّمَانُ علَى عِيَالِي وقَولُه تعَالَى : " الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " يَعْنَي آدَم وزوجها يعني حَوَّاءَ عليهِمَا السلام . ويقال : ما رأَيتُ ثَمَّ نَفْساً أَي أَحَداً . ونَفَسُ السَّاعَةِ بالتَّحْرِيك : آخِرُ الزَّمَانِ عن كُراع . والمُتّنَفِّسُ : ذو النَّفَسُ ورَجُلٌ ذو نَفس أَي خُلُقٍ . وثَوْبٌ ذو نَفسٍ أَي جَلَدٍ وقُوَّةٍ . والنَّفُوسُ كصَبُورٍ والنَّفْسَانِيُّ : العَيُونُ الحَسُودُ المُتّعَيِّنُ لأَموالِ النَّاسِ لِيُصِيبَها وهو مَجَازٌ وما أَنْفَسَهُ أَي ما أَشَدَّ عَيْنَه هذهِ عن اللِّحْيَانِيّ وما هذا النَّفَسُ ؟ أَي الحَسَدُ وهو مَجَازٌ . والنَّفَسُ : الفَرَجُ مِن الكَرْبِ ونَفَّسَ عنه : فَرَّج عنه ووَسَّع عليه ورَفَّه له وكُلُّ تَرَوُّحٍ بَيْنَ شَرْبَتَيْن : نَفَسٌ . والتَّنَفُّسُ : إستِمْدادُ النَّفَسِ وقد تَنَفَّسَ الرجُلُ وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ . وكُلُّ ذِي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ودَوَابُّ الماءِ لا رِئَاتِ لَهَا . ودَارُكَ أَنْفَسُ مِن دَارِي أَي أَوْسَعُ وهذا الثَّوبُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَعْرَضُ وأَطْوَلُ وأَمْثَلُ . وهذا المكانُ أَنْفَسُ مِن هذا أَي أَبْعَدُ وأَوسَعُ . وتَنَفَّس في الكلامِ : أَطالَ وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ : زادَ ماؤُها . وزِدْنِي نَفَساً في أَجَلِي أَي طَوِّلِ الأَجَلَ . عن اللِّحْيَانِيّ وعنه أَيضاً : تَنَفَّسَ النَّهَارُ : إنتصَفَ وتَنَفَّس أَيضاً : بعد . وتَنَفَّسَ العَمْرُ مِنْه إِمّا تَرَاخَى وتَبَاعَدَ وإِمّا إتَّسَع . وجَادَتْ عينْه عَبْرَةً أَنْفَاساً أي ساعةً بَعْدَ ساعةٍ . وشيءٌ نافِسٌ : رَفُعَ وصارَ مَرْغُوباً فيه وكذلِكَ رجُلٌ نافِسٌ ونَفِيس والجَمْع : نِفَاس . وأَنْفَسَ الشَّيْءُ : صار نَفِيساً . وهذا أَنْفَسُ مالِي أَي أَحَبُّه وأَكْرَمُه عِنْدِي وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفَاساً . ونَفَّسَنِي فيه : رَغَّبَني عن ابنِ الأَعْرَابِيّ وأَنْشَدَ :
بأَحْسَنَ مِنْه يَوْمَ أَصْبَحَ غادِياً ... ونَفَّسَنِي فِيه الحِمَامُ المَعَجَّلُ قلت : هو لأُحَيْحَةَ بنِ الجُلاحِ يَرْثِي ابْناً له أَو أَخاً له وقد مَرَّ ذِكْرُه في هبرز . ومالٌ نَفِيسٌ : مَضْنُونٌ بِه . وَبلَّغَكَ اللهُ أَنْفَسَ الأَعْمَارِ . وفي عُمُرِه تَنَفُّسٌ ومَتَنَفَّسٌ . وغائِطٌ مُتَنَفِّسٌ : بَعِيدٌ وهو مَجَازٌ . ويُجْمَعُ النُّفسَاءُ أَيضاً علَى نُفَّاسٍ ونُفَّسٍ كرُمّانٍ وسُكَّرٍ الأَخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيّ . وتَنَفَّسَ الرجُلُ : خَرَجَ مِن تَحْتِه رِيحٌ وهو على الكِنَايَةِ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : نَفَّسَ قَوْسَه إِذا حَطَّ وَتَرَهَا وتَنَفَّسَ القِدْحُ كالقَوْسِ وهو مَجازٌ . وأَنْفٌ مُتَنَفِّسٌ : أَفْطَسَ وهو مَجازٌ . وفُلانٌ يُؤامِرُ نَفْسَيْهِ : إِذا اتَّجَه له رَأْيَانِ وهو مَجازٌ قالَه الزَّمَخْشَرِيُّ . قلتُ : وبَيَانُه أَنَّ العَرَبَ قد تَجعلُ النَّفْسَ الّتي يكونُ بها التَّمْيِيزُ نَفْسَيْن وذلِكَ أَنَّ النَّفْسَ قد تَأْمُره بالشَّيْءِ أَو تَنْهَاه عنه وذلِكَ عندَ الإِقْدامٍ على أَمْرٍ مَكْرُوه فجَعَلُوا الّتِي تَأْمُره نَفْساً والّتِي تَنْهَاه كأَنَّهَا نَفْسٌ أُخْرَى وعلى ذلك قولُ الشاعِرِ :
يُؤامِرُ نَفْسَيْه وفي العَيْش فُسْحَةٌ ... أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبانَ أَمْ لاَ يَطُورُها وأَبُو زُرْعَةَ محمّدُ بنُ نُفَيْسٍ المَصيصِيُّ كزُبَيْرٍ كتَبَ عنه أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ بحَلَبَ . وأَمّ القاسِمِ نَفِيسَةُ الحَسَنِيَّةُ صاحِبةُ المَشْهَدِ بمِصْرَ معروفةٌ وإِليها نَسِبَت الخِطَّةُ . وبنُو النَّفِيسِ كأَمِيرٍ : بَطْنٌ من العَلَويِّينَ بالمَشْهَدِ . ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرّزَّاقِ بنِ نَفِيسٍ الدِّمَشْقِيُّ سَمِع علَى الزَّيْنِ العِراقِيّ ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : نُفْيَاسُ بالضّمّ : قَرْيَةٌ بَشَرقِيَّة مِصْرَ ونُفْيُوسُ : أُخْرَى مِن السَّمَنُّودِيَّةِ
وعَدَه الأَمْرَ مُتَعدِّياً بنفسه ووعَدَه بِهِ . مُتَعدِّياً بالباءِ وهو رأْيُ كَثيرٍ وقيل : الباءُ زائدةٌ ومَنَع جَماعَةٌ دُخُولَها مع الثلاثيِّ قالوا : وإِنما تكون مع الرُّباعيّ يَعِدُ عِدَةً بالكسر وهو القياس في كُلِّ مِثَالٍ ورُبَّمَا فُتِح كسَعَةٍ ووَعْداً وهو من المصادر المَجْموعة قالوا الوُعُودُ حكاها ابنُ جِنِّى وقوله تعالى " مَتَى هذا الوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " أَي إِنجاز هذا الوَعْد أَرُونَا ذلك . وفي التهذيب : الوَعْدُ والعِدَةُ يَكُونَانِ مَصْدَراً واسْماً فأَمَّا العِدَةُ فتُجْمَع عِدَات والوَعْد لا يُجْمَع وقال الفراءُ وَعَدْتُ عِدَةً ويَحذِفون الهاءِ إِذا أَضَافُوا وأَنشد :
" إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فَانْجَرَدُواوأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمْرِ الذِي وَعَدُوا
وقال ابن الأَنبارِيّ وغيرُه : الفَرَّاءُ يقول : عِدَةٌ وعِدىً قال : ويُكْتَب بالياءِ . وفي الصّحاح والعِدَةُ : الوَعْدُ والهاءُ عِوَضٌ من الواو ويُجْمَع على عِدَاتٍ ولا يُجْمَع الوَعْد والنِّسْبَةُ إِلى عِدَةٍ عِدِيٌّ وإِلى زِنَةٍ زِنِىٌّ فلا تَرُدُّ الواوَ كما تَرُدُّهَا في شِيَةٍ . والفراءُ يقول عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كما يقال شِيَوِيٌّ . قلت : وقوله : ولا يُجْمَع إِلاَّ ما شَذَّ كالأَشْغَالِ والحُلُومِ كما قاله سيبويهِ وغيرُه ومَوْعِداً ومَوْعِدَةً قال شيخُنَا : هو أَيضاً مِن المَقِيس في باب المِثَالِ فيقال فيه مَفْعِلَة بفتح الميم وكسر العين وما جَاءَ بالفَتْح فهو على خِلافِ القِياسِ كمَوْحَد ومما مَعَه من الأَلفاظ التي جاءَ بها الجوهريُّ وذكَرَها ابنُ مالِكٍ وغيرُه من أَئمَّةِ الصرْفِ وهنا للجوهريِّ مباحثُ وقواعِدُ صَرْفِيَّة أَغفلَها المُصنَّفُ لعدَمِ إِلْمامه بذلك الفَنِّ . قلْتُ : وسَنَسُوقُ عِبَارَةَ الجَوْهَرِيِّ وسَببَ عُدولِ المُصَنِّف عنها قريباً . وفي لسان العرب : ويَكُون المَوْعِدُ مصدرَ وَعَدْتُه ويكون المَوْعِد وَقْتاً لِلْعِدَةِ والمَوْعِدَةُ أَيضاً اسمٌ لِلْعِدَةِ والمِيعادُ لا يكون إِلاَّ وَقْتاً أَو مَوْضِعاً والوَعْدُ مصدَرٌ حَقيقيٌّ والعِدَة اسمٌ يُوضَع مَوضِعَ المَصْدَر وكذلك المَوْعِدَةُ قال الله عزّ و جَلّ " إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ " وفي الصّحاح : وكذلك المَوْعِدُ لأَن ما كَانَ فاءُ الفِعُل منه وَاواً أَو ياءً ثم سَقَطَتَا في المُسْتَقْبَلِ نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ فإِن المَفْعِلُ منه مَكْسُورٌ في الاسمِ والمَصدرِ جميعاً ولا تُبَالِ أَمنصوباً كانَ يَفْعل منه أَو مَكْسوراً بَعْدَ أَن تكون الواوُ منه ذاهِبةً إِلاَّ أَحرُفاً جاءَتْ نَوَادِرَ قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ وفلانٌ ابن مَوْرَقٍ ومَوْكَلٌ اسمُ رجُلٍ أَو مَوْضِعٍ ومَوْهَبٌ اسمُ رجُلٍ وَمَوْزَنٌ مَوْضِع هذا سَمَاعٌ والقِيَاس فيه الكَسْرُ فإِن كانت الواوُ مِنْ يَفْعَلُ منه ثابِتَةً نحو يَوْجَل ويَوْجَعُ ويَوْسَنُ ففيه الوَجْهَان فإن أَردَت به المَكَانَ والاسمَ كَسَرْتَه وإِن أَردت به المَصْدَرَ نَصَبْتَه فقُلت مَوْجِلٌ ومَوْجَلٌ ومَوْجِعٌ ومَوْجَعٌ فإِن كان مع ذلك مُعْتَلَّ الآخِر فالمَفْعَل منه منصوبٌ وذهَبَت الواوُ في يَفعل أَو ثَبَتَتْ كقولِك المَوْلَى والمَوْفَى والمَوْعَى من يَلِي ويَفِي ويَعِي قال الإِمام أَبو مُحَمَّد ابن بَرِّيٍّ : قوله في استثنائه : إِلاّ أَحْرُفاً جاءَتَ نَوَادِرَ قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ . قال : مَوْحَدَ ليس من هذا الباب وإِنما هو مَعْدُولٌ عن واحِدٍ فيمتَنِع من الصَّرْف للعَدْلِ والصِّفَةِ كأْحَادِ مثلُه مَثْنَى وثُنَاءَ ومَثْلَث وثُلاَث ومَرْبَع ورُبَاع قال : سيبويهِ : مَوْحَد فتَحوه لأَنّه ليس بمصْدَرٍ ولا مكانٍ وإِنما هو مَعدولٌ عن واحِدٍ كما أَنّ عُمَرَ معدُولٌ عن عامِرٍ انتهى . قلت : ولمَّا كان الأَمْرُ فيه ما ذَكَرَه ابنُ بَرِّيٍّ وأَن بَعْضَ ما استثْنَاهُ مُنَاقَشٌ فيه ومَرْدُودٌ عليه لم يَلْتَفِتْ إِليه المُصنِّف وزَعَم شيخُنَا سامحه اللهُ تعالى أَنه لِجَهْلِه بالقَوَاعِد الصَّرْفِيَّة وهو تَحَامُلٌ منه عَجِيبٌ وَمَوْعُوداً ومَوْعُودَةً قال ابنُ سِيدضه : هو من المصادر التي جاءَت على مَفْعُولٍ ومَفْعولَةٍ كالمَحْلُوف والمَرْجُوعِ والمَصْدُوقَة والمَكْذُوبَةِ قال ابنُ جِنِّى : ومما جاءَ مِن المصادِر مجْمُوعاً مُعْمَلاً قولُهم :
" مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بِيَثْرِبِقال شيخنا : ووُرُود مَفْعُولٍ مَصْدَراً من الثلاثيّ الجُمْهُورُ حَصَرْوه في السَّمَاعِ وَقَصْروه على الوارِد وأَبو الخَطَّابِ الأَخفشُ الكبيرُ في جَمَاعَةٍ قاسُوه في الثُّلاثيٍّ كما قاس الكل اسْمَ مَفعولٍ مَصْدَراً في غيرِ الثلاثيِّ على ما عُرِف في الصَّرْف . وَعَدَه خَيْراً وشَرًّا فَيُنْصَبَانِ على المفعوليَّة المُطلقَة وقيل على إِسقَاط الجَارِّ والصوابُ الأَوّل كما حَقَّقَه شيخُنَا وعبارَة الفَصِيح : وَعَدْت الرجُلَ خيراً وشَرًّا . قال شُرَّاحُه : أَي مَنَّيْتَه بهما قال الله تعالى في الخيرِ : " وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وأَجْراً عَظِيماً " ومثلُه كَثِيرٌ وقال في الشَّرِّ " قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الذينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ المَصِيرُ " وأَنْشَدُوا :
إِذَا وَعَدَتْ شَرّاً أَتَى قَبْلَ وَقَتِه ... وَإِنْ وَعَدَتْ خَيْراً أَرَاثَ وعَتَّمَا قلت : وصَرَّح الزمخشريّ في الأَساس بأَن قولَهم وَعَدْتُه شَرًّا وكذا قول الله تعالى " الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ " من المَجاز فَإِذا أُسْقِطَا أَي الخير والشَّرّ قِيلَ في الخَيْرِ وَعَدَ بلا أَلف وفي الشَّرِّ أَوْعَدَ بالأَلف قاله المُطرّز وحكاه القُتَيْبِيّ عن الفرَّاءِ وقال اللَّبْلِيّ في شَرْح الفَصِيح : وهذا هو المَشْهُورُ عند أَئِمَّةِ اللغَةِ . وفي التهذيب : كلامُ العَرَب : وَعَدْتُ الرجُلَ خَيْراً ووعَدْتُه شَرًّا وأَوْعَدْتُه خَيْراً وأَوْعَدْتُه شَرًّا فإِذا لم يَذْكُرُوا الخَيْرَ قالُوا وَعَدْتُه ولم يُدْخِلُوا أَلِفاً وإِذا لم يَذْكروا الشّرَّ قَالُوا أَوْعَدْتُه ولم يُسْقِطُوا الأَلف وأَنْشَدَ لِعَامِرِ بنِ الطفَيْل :
وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُهُ ... لأَخْلِفُ إِيعَادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي وقالوا : أَوْعَدَ الخَيْرَ حكاه ابنُ سِيدَه عن ابنِ الأَعرابِيِّ وهو نادِرٌ وأَنشد :
يَبْسُطُنِي مَرَّةً ويُوعِدُنِي ... فَضْلاً طَرِيفاً إِلى أَيَادِيه وأَوْعَدَه بالشَّرِّ أَي إِذا أَخَلوا الباءَ لم يكن إِلاَّ في الشَّرِّ كقولك : أَوْعَدْتُه بالضَّرْبِ وعبارةُ الفَصِيحِ : فإِذا أَدْخَلْتَ الباءَ قُلْتَ : أَوْعَدْتُه بِكَذا وكَذَا تَعْنِي مِن الوَعِيد قال شُرَّاحُه : معناه أَنهم إِذا أَدْخَلوا الباءَ أَتَوْا بالأَلفِ مَعَهَا فقالوا أَوْعَدْتُه : بِكَذَا ولا تَدْخُلُ البَاءُ في وَعَدَ بغيرِ أَلِفٍ فلا تَقُلْ وَعَدْتُه بِخَيْرٍ وبِشَرًّ وعلى هذا القولِ أَكثَرُ أَهلِ اللغةِ . قلت : وفي المحكم : وفي الخَيْرِ الوَعْدُ والعِدَةُ وفي الشرِّ الإِيعادُ والوَعِيدُ فإِذا قالوا أَوْعَدْتُه بالشّر أَثبتُوا الأَلِفَ مع الباءَ وأَنْشَد لبْعضِ الرُّجَّازِ :
" أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ والأَدَاهِمِ
" رِجْلِي وَرِجْلِي شَثْنَةُ المَنَاسِمِ قال الجوهريُّ : تقديرهُ أَوْعَدَني بالسِّجْنِ وأَوْعَدَ رِجْلِي بالأَدَاهِم ورِجْلي شَثْنَةٌ أَي قَوِيَّة على القَيْدِ . قلت وحكَى ابنُ القُوطِيَّة وَعَدْتُهُ خَيْراً وشَرًّا وبِخَيْر وبِشَرٍّ فعلى هذا لا تَخْتَصُّ الباءُ بأَوْعَدَ بل تكون مَعَهَا ومع وَعَدَ فتقول : أَوْعَدْته بِشرٍّ ووعَدْته بِخَيْرٍ ولكن الأَكْثَر ما مَرَّ . وحكى قُطْرُب في كِتاب فَعَلْت وأَفعلْت : وَعَدْت الرَّجُلَ خَيْراً وأَوْعَدْته خَيْراً ووَعَدْتُه شَرًّا وأَوْعَدْتُه شَرًّا . والمِيعَادُ : وَقْتُه ومَوْضِعُه وكذا المُواعَدَةُ يكون وقتاً ومَوْضِعاً قال الجوهَرِيُّ وكذلك المَوْعِدُ أَي يكون وَقْتاً ومَوْضِعاً . وفي الأَساس : وهذا الوَقْتُ والمَكَانُ مِيعَادُهم ومَوْعِدُهُم . وتَوَاعَدُوا واتَّعَدُوا بمعنىً واحدٍ أَو الأُولَى في الخَيْرِ والثانِيةُ في الشَّرِّ وهذا الفَرْقُ هو المَشْهورُ الذي عليه الجُمهُورُ ففي اللّسَانِ : اتَّعَدْت الرَّجُلَ إِذا أَوْعَدْتَه قال الأَعْشى :
" فَإِنْ تَتَّعِدْنِي أَتَّعِدْكَ بِمِثْلِهَاوقال أَبو الهيثم : أَوْعَدْت الرجُلَ أُوعِدُه إِيعَاداً وتَوَعَّدْتُه تَوَعُّداً . واتَّعَدْت اتِّعَاداً ووَاعَدَه الوَقْتَ والمَوْضِعَ . وواعَدَه فَوَعَدَ : كَانَ أَكْثَرَ وَعْداً مِنه وقال أَبو مُعاذٍ وَاعَدْتُ زَيْداً إِذا وَعَدَك وَوَعَدْتَه ووَعَدْتُ زَيْداً إِذا كان الوَعْدُ منك خاصَّةً . ومن المَجاز فَرَسٌ وَاعِدٌ : يَعِدُكَ جَرْياً بعْدَ جَرْيٍ وعبارَةُ الأَساسِ : يَعِدُ الجَرْيَ . ومن المَجاز أَيضاً سَحَابٌ واعِدٌ كأَنَّهُ وَعَدَ بالمَطَرِ ومن المَجاز أَيضاً يَوْمٌ واعِدٌ : يَعِدُ بالحَرِّ وكذا عَامٌ واعِدٌ أَو يَوْمٌ واعِدٌ : يَعِدُك بالبَرْدِ أَوَّلُه ويقال : يَوْمُنَا يَعِدُ بَرْداً ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ أَوَّلُه بِحَرٍّ أَو بَرْدٍ كذا في اللسان . ومن المَجاز أَيضاً : أَرْضٌ واعِدَةٌ : رُجِيَ خَيْرُهَا مِن النَّبْتِ قال الأَصمعيُّ : مَرَرْتُ بأَرْضِ بني فُلانٍ غِبَّ مَطَرٍ وَقَعَ بها فرأَيْتُهَا وَاعِدَةً إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وتَمَامُ نَبْتِها في أَوَّلِ ما يَظْهَرُ النَّبْتُ قال سُوَيْدُ بن كُرَاع :
رَعَى غَيْرَ مَذْعُورٍ بِهِنَّ ورَاقَهُ ... لُعَاعٌ تَهَادَاهُ الدَّكَادِكُ وَاعِدُ واشتدّ الوَعِيدُ وهو التَّهْدِيد وقد أَوْعَدَه وقال يَعقُوبُ عن الفَرَّاءِ : وفي الخَيْرِ الوَعْدُ والعِدَةُ وفي الشَّرّ الإِيعادُ والوَعِيدُ وحكاه أَيضاً صاحِبُ المُوعب قال : قالوا : الجَنَّةُ لِمَن خَافَ وِعِيدَ اللهِ كسروا الواو . ومن المَجاز : الوَعِيدُ : هَدِيرُ الفَحْلِ إِذا هَمَّ أَن يَصُولَ . وفي الحديث " دَخَلَ حَائِطاً مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ فإِذا فيه جَمَلاَنِ يَصْرِفَانِ ويُوعِدَانِ " ن أَي يَهْدِرَانِ وقد أَوْعَدَ يُوعِدُ إِيعاداً . والتَّوَعُّد : التَّهْدُّد كالإِيعادِ وقد أَوْعَدَه وتَوَعَّدَهُ . وقال أَبو الهيثم : أَوْعَدْتُ الرجُلَ أُوعِدُه إِيعَاداً وتَوَعَّدْتُه تَوَعُّداً واتَّعَدْت اتِّعَاداً ونقلَ ابنُ مَنْظُورٍ عن الزَّجَّاجِ أَنَّ العَامَّة تُخْطِىءُ وتقول أَوْعَدَنِي فُلاَنٌ مَوْعِداً أَقِفُ عَلَيْه . والتِّعَادُ : قَبُولُ العِدَةِ وأَصلُه الاوتِعَادُ قَلَبُوا الوَاوَ تَاءً وأَدْغَمُوا وناسٌ يَقُولون ائْتَعَد يَأْتَعِد ائْتِعَاداً فهو مُؤْتَعِدٌ بالهَمْز كما قالوا يَأْتَسِرُ في ائْتِسارِ الجَزُورِ قال ابنُ بَرِّيٍّ : صَوَابُه ابتَعَدَ يَاتَعِدُ فهو مُوتَعِدٌ من غير همزٍ وكذلك ايتَسَرَ يَاتَسِرُ فهو مُوتَسِرٌ بغير هَمْزٍ وكذلك ذَكَرَه سِيبويهِ وأَصْحَابُه يُعِلُّونَه على حَرَكَةِ ما قَبْلَ الحَرْفِ المُعْتَلِّ فيجعَلُونَه يَاءً إِن انْكَسَرَ مَا قَبْلَها وأَلِفاً إِن انفتح ما قَبلهَا وواوا إِن انضمّ ما قَبْلَها قال ولا يَجُوز بالهمز لأَنه لا أَصْلَ له في باب الوَعْد واليسْرِ وعلى ذلك نَصَّ سِيبويهِ وجميعُ النحويِّينَ البصرِيِّينَ كذا في اللسان . ومما يستدرك عليه : المَوْعِدُ : العَهْدُ وبه فسّرَ مُجَاهِدٌ قولَه تعالى " مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا " وكذلك قوله " فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي " قال : عَهْدِي . ويقال للدّابَّة والماشِيَةِ إِذا رُجِىَ خَيْرُهَا وإِقْبَالُها : واعِدٌ وهو مَجازٌ . ويقال : هذا غُلامٌ تَعِدُ مَخايِلُه كَرَماً وشِيَمُه تَعِدُ جَلَداً وصَرَامَةً وهو مَجَازٌ وقال بعضُهم : فُلان يَتَّعِدُ إِذا وَثِقَ بِعِدَتِك وقال :
" إِنِّي ائْتَمَمَتُ أَبَا الصَّبَّاحِ فَاتَّعِدِيوَاسْتَبْشِرِي بِنَوَالٍ غَيْرِ مَنْزُورِ وَاليَوْمِ المَوْعُودِ يومِ القيامة كقوله تعالى " مِيقَاتِ يَوْمِ مَعْلُومٍ " وفي الأَمْثَال العِدَةُ عَطِيَّةٌ أَي تُعِدُّ لَها أو يَقْبُح إِخْلاَفُهَا كاستِرْجَاعِ العَطِيَّةِ وقولهم : وَعَدَه عِدَةَ الثُّرَيَّا بالقَمَرِ لأَنهما يَلْتَقِيَانِ في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً قاله الميدانيُّ . والطَّائِفَةُ الوَعِيدِيَّةُ فِرْقَةٌ من الخَوَارِج أَفْرَاطوا في الوَعِيدِ فقالوا بِخُلودِ الفُسَّاق في النَّارتذييل : قال الله تعالى : " وإِذ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً " قرأَ أَبو عُمْرٍو : وَعَدْنَا . بغيرِ أَلفٍ وقرأَ ابنُ كَثِيرٍ ونَافِعٌ وابنُ عامِرٍ وعاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسَائيُّ : واعَدْنَا بالأَلِف قال أَبو إِسحَاقَ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِن أَهلِ اللغةِ وإِذ وَعَدْنَا بغير أَلفٍ وقالوا : إِنما اخْتَرْنَا هذا لأَن المُوَاعَدَة إِنما تَكُونُ مِن الآدمِيّينَ فاختارُوا وَعَدْنَا وقالَوا : دليلنا قولُ الله تعالى " إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ " وما أَشبَهَه قال : وهذا الذي ذَكَرُوه ليس مِثْلَ هذا . وأَمّا وَاعَدْنَا هذا فَجيِّدٌ لأَن الطَّاعَةَ في القَبُولِ بمَنْزِلةِ المُوَاعَدَةِ فهو من الله َعْدٌ ومِن مُوسى قَبُولٌ واتِّبَاعٌ فَجَرَى مَجْرَى المُواعَدَة وقد أَشارَ له في التهذيبِ والمُحكم ونُقِل مثلُ ذلك عن ثَعْلَبٍ . تكميل : قالوا : إِذا وَعَد خَيْراً فلم يَفْعَلْه قالوا : أخْلَفَ فُلانٌ وهو العَيْبُ الفاحِش وإِذا أَوْعَدَ ولم يَفْعَلُ فذلك عندهم العَفْوُ والكَرَمُ ولا يُسَمُّون هذا خُلْفاً فإِن فَعَلَ فهو حَقُّه قال ثَعْلبٌ : ما رَأَيْنَا أَحَداً إِلاَّ وقولُه إن الله جلَّ وَعَلاَ إِذا وَعَدَ وَفَى وإِذا أَوْعَدَ عَفَا وله أَن يُعَذِّب . قاله المُطرّز في الياقوت وحَكَى صاحبُ المُوعب عن أَبي عمرِو بنِ العَلاَءِ أَنه قال لعَمْرِو بن عُبَيْدٍ إِنّك جاهِلٌ بلُغةٍ العَرَب إِنهم لا يَعُدُّونَ العَافِيَ مُخْلِفاً إِنما يَعُدُّون مَن وَعَدَ خَيْراً فلم يَفْعَلْ مُخْلِفاً ولا يَعُدُّونَ مَن وَعَدَ شَرًّا فعَفَا مُخْلِفاً أَمَا سَمِعْت قولَ الشاعرِ :
" وَلاَ يَرْهَبُ المَوْلَى ولاَ العَبْدُ صَوْلَتِيوَلاَ اخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ